إدارة شركة بحجم “إنفيديا” ليس بالأمر السهل بل إنه معقد منذ تأسيسها وحتى أصبحت في صدارة صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي ومن بين أكثر الشركات قيمة في العالم.
والنجاح في ذلك يرجع لمديرها التنفيذي والشريك المؤسس “جينسن هوانج” الذي اتبع أسلوب قيادة فريدًا وحيلًا إدارية منذ الأيام الأولى من تأسيس الشركة في وادي السيليكون، والتي ربما تفيد كافة المديرين.
شارك “هوانج” في تأسيس الشركة في مطعم “ديني” في كاليفورنيا عام 1993 عندما كان عمره 30 عامًا، ونجح في إدارتها حتى أصبحت من بين السبعة العظماء وهو مصطلح يصف شركات “أمازون” و”ألفابت” و”آبل” و”ميتا” و”مايكروسوفت” و”تسلا” و”إنفيديا” نظرًا لتأثيرها على وول ستريت.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
القيمة السوقية التي اكتسبتها الشركات الأمريكية الكبرى هذا العام (حتى السادس من ديسمبر) |
|
الشركة |
القيمة المضافة |
إنفيديا |
2.27 |
آبل |
0.68 |
مايكروسوفت |
0.50 |
أمازون |
0.82 |
ألفابت |
0.39 |
ميتا |
0.67 |
تسلا |
0.46 |
بيركشاير هاثاواي |
0.24 |
أسلوب قيادة فريد
من بين أهم الأمور التي يتبعها هو الانتباه المستمر لما يتحدث عنه ويفكر فيه الموظفين على كافة مستويات العمل، والانتباه أيضًا للأفكار التي يطرحونها، حتى تتمكن الشركة من مواكبة الابتكارات التكنولوجية الناشئة.
يستيقظ الملياردير في الساعة السادسة صباحًا يوميًا ويبدأ يومه بممارسة الرياضة قبل العمل لمدة 14 ساعة تقريبًا، وغالبًا ما يتناول الطعام في مطبخ الشركة للتواصل مع الموظفين وتشجيعهم على اللجوء إليه إذا احتاجوا للدعم.
وعلى الرغم من ثروته الهائلة البالغة حوالي 118 مليار دولار، فإنه شغوف بالعمل إذ صرح خلال حدث في مايو: العمل شيء رائع، أعمل قدر استطاعتي، أعمل سبعة أيام في الأسبوع، عندما لا أعمل، أفكر في العمل، كما يعمل من لحظة استيقاظه حتى نومه.
وعلى الرغم من بيئة العمل سريعة التطور والضاغطة بصورة مكثفة في الشركة، فإن أسلوب قيادة “هوانج” فريد ومختلف.
في صباح كل يوم يتصفح “هوانج” – البالغ من العمر 61 عامًا – بريده الإلكتروني، وأوضح أنه لديه في المتوسط 50 تقريرًا مباشرًا يوميًا، و”لا توجد مهمة واحدة لا أعرف عنها شيئًا”.
استراتيجية ذكية وفعالة
من أبرز الحيل الإدارية التي يستخدمها لإدارة شركته على مر السنين هي طلب إرسال رسائل عن “أهم 5 أشياء” “Top-5 Things” للسماح للموظفين بالتعبير عن أفكارهم، والتي تضم أمورًا يعملون عليها، وأشياء يفكرون بها، وأمورًا يلاحظونها في زوايا أعمالهم.
وكان يفعل ذلك حتى قبل أن تتجاوز قيمة شركته الناشئة تريليون دولار من خلال بيع الرقائق التي تدعم طفرة الذكاء الاصطناعي، وأصبحت تلك الوسيلة طريقته المفضلة لتنظيم الكيان بأكمله.
وقدم “تي كيم” الكاتب لدى “بارونز” كتاب “The Nvidia Way” الذي يلقي نظرة خاطفة خلف الستار على واحدة من أكثر الشركات تميزًا في العالم حاليًا، وأسلوب إدارة “هوانج” الذي لا يشبه أي شيء آخر بين الشركات الأمريكية.
ووصف الكتاب رسائل البريد الإلكتروني التي يتلقاها “هوانج” يوميًا بأنها طريقته في بقاء أطراف الشركة متواصلة ومتحركة في نفس الاتجاه، وهو جزء من نهج إدارة “هوانج” الذي يصفه “كيم” بأنه لا يشبه أي شيء آخر في الشركات الأمريكية.
وحسب مقال نشرته “وول ستريت جورنال” حول الكتاب، فإن هدف “هوانج” في طلب واستيعاب عشرات من “T5T” اليومية هو الحصول على “معلومات من حافة” “إنفيديا”.
و”T5T” ليست مخصصة لتكون بمثابة تقارير تقدم للموظفين أو مبررًا لنشاطهم على مدار الساعة في الشركة، لكنها تبرز ما يفكر فيه أو يتجادل فيه أو يتكهن به 30 ألف موظف لدى “إنفيديا”.
وبالفعل بين الحين والآخر، ساعدت مدخلات تلك الرسائل من الموظفين في تحديد متطلبات المعالجة التي قد تحتاجها هذه الأنظمة، وسمحت لـ “هوانج” ببدء العمل لتطوير الرقائق المتطورة، لأنه يستغل الأفكار الواعدة التي يتم تمريرها، ما يمنح “إنفيديا” المزيد من الفرص لتعزيز مكانتها.
وتسمح له بالوصول إلى الأفكار التي قد لا تصل إليه أبدًا بخلاف ذلك، والسماح بالتبادلات المباشرة بدلاً من التسلسل الإداري الهرمي.
وتكون تلك الرسائل عادة موجزة وتركز على أي أفكار تشغل الموظفين، ما يسمح لـ “هوانج” بقياس التغييرات الجارية داخل الشركة وتهدئة أي مخاوف لدى الموظفين.
ويكتب الموظفون تلك الرسائل وهم على علم بأن “هوانج” يتلقى مئات الرسائل المماثلة يوميًا، لأنه يقرأ بالفعل أغلبها إن لم يكن كلها ويرد عليها في الأغلب.
عبقرية هوانج
لكن ليست هذه الطريقة الوحيدة أو حيلته الإدارية لقيادة الشركة الكبرى، إذ يفضل أيضًا العمل في غرفة الاجتماعات بدلاً من العمل في المكاتب المنعزلة.
ويميل لاستيعاب العصف الذهني الجماعي على السبورة البيضاء، ويحب متابعة الأفكار والمشاريع، ويتجنب عقد الاجتماعات غير الضرورية ويعطي الأولوية للكفاءة على عمليات التدقيق الروتينية.
كما أنه لا يعقد اجتماعات فردية لأنها تحرم مجموعات كاملة من الأشخاص من التعلم، وأوضح في حديث سابق: كل ما أقوله تقريبًا، أقوله للجميع في نفس الوقت، وأضاف أن التعلم من أخطاء الآخرين هي أفضل طريقة للتعلم.
وكشف في حديث سابق بجامعة “ستانفورد” عن نفوره من اللقاءات المتكررة حتى مع 55 من مرؤوسيه المباشرين، لأن الاجتماعات المتكررة تفسد جدول أعماله وتعوق قدرة الفريق على معالجة التحديات والعمل بشكل فعال والحفاظ على الشفافية.
وحسبما ذكرت “نيويوركر” في العام الماضي، فإن “هوانج” يرسل لموظفيه مئات الرسائل عبر البريد الإلكتروني يوميًا، وكثير منها لا يزيد على بضع كلمات، ويتوقع من الموظفين التواصل بطريقة موجزة بنفس القدر.
ما دفع “إيلون ماسك” للإشادة بأسلوب القيادة الذي يتبناه “هوانج” وكيف أنه صمم “إنفيديا” لتكون منظمة بأقل قدر من التسلسل الهرمي.