المستخلص :
إن هذا البحث يسلط الضوء أولاً على الظروف التي قد تساهم فيها وسائل الإعلام في خلق والحفاظ على جو من شأنه أن يثبط ممارسات الفساد. وثانياً، استناداً إلى تحليل محتوى 320 مقالاً إخبارياً على الإنترنت. فالإعلام العراقي لا يروج لإطار موضوعي، أي مناقشة هادفة لأسباب الفساد وعواقبه وعلاجاته. وهناك تطابق ضئيل للغاية بين كيفية مناقشة الفساد في البرلمان، حيث تسود الأطر الموضوعية، وكيفية الإبلاغ عنه في وسائل الإعلام. وعلاوة على ذلك، لا تروج وسائل الإعلام لنقاش تعددي. وعلى الرغم من أن الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، مثل المنظمات غير الحكومية، مهمة لتوليد الضغط العام ضد ممارسات الفساد، فإن النتائج تظهر أن هذه المجموعات تمر دون أن يلاحظها أحد عملياً في المناقشات العامة. وتظهر النتائج أيضا أن الديناميكيات التي يمكن أن تساعد في الحد من الفساد موجودة في المقالات الإخبارية لوكالة الأنباء، في تلك المنشورة في الصحف ذات التوجهات السياسية المختلفة.
الفساد ظاهرة منهجية وموضوعية. إنه جانب هيكلي وقضية رئيسية لها تأثير سلبي ومستمر ليس فقط على الاقتصاد ولكن أيضًا على حسن سير المؤسسات وحياة المواطنين الأفراد، فهو يضعف النظام ككل، مما يؤدي إلى تدهور المجتمع بأكمله وإهانته. في هذا السياق، يعد دور وسائل الإعلام حاسمًا في تعزيز الحكم الرشيد والسيطرة على الفساد. ترفع وسائل الإعلام الوعي العام حول أسباب الفساد وعواقبه والعلاجات الممكنة له، كما تحقق في حوادث الفساد من خلال الإبلاغ عنها. تعتمد فعالية وسائل الإعلام على الوصول إلى المعلومات وحرية التعبير وعلى كادر مهني وأخلاقي من الصحفيين الاستقصائيين. وبالتالي، يؤدي المجتمع المدني ووسائل الإعلام دورًا حيويًا في خلق والحفاظ على جو في الحياة العامة يثبط الاحتيال والفساد، ويمكن تعريفهما بالفعل باعتبارهما العنصرين الأكثر أهمية في القضاء على الفساد المنهجي في المؤسسات العامة. الهدف من هذا البحث هو تحليل كيفية قيام المنظمات الإعلامية بالتحقيق في حالات الفساد السياسي والإبلاغ عنها، وكيف تشكل هذه التغطية تصورات الجمهور للفساد. لقد تم اختيار هذا الموضوع لسببين رئيسيين: من ناحية، الأهمية القصوى والواضحة للموضوع؛ ومن ناحية أخرى، الرغبة في فهم الظاهرة بعمق، من أجل تطوير استراتيجيات فعالة لمكافحتها.