يأخذ حلف شمال الأطلسي”الناتو” والدول الأعضاء داخلة التهديدات الروسية باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية ضد أوكرانيا على محمل الجد، وتحذر الاستخبارات الغربية من أن احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية التكتيكية أصبح “مرتفع للغاية”. وتعد أولويات حلف الناتو منذ بدء الأزمة الأوكرانية هو تجنب المواجهة المباشرة مع روسيا خوفاً من أن يواجه الحلف أزمة كبيرة تتسبب في حرب أوسع وشاملة.
قدرات حلف شمال الأطلسي “الناتو” النووية
لا يمتلك حلف شمال الأطلسي “الناتو” كمنظمة أي أسلحة نووية، ولا تزال الأسلحة النووية تحت سيطرة ثلاث دول أعضاء فقط ، هي: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا. تُعد الولايات المتحدة أكبر قوة نووية داخل حلف الناتو بحوالي (5800) رأس نووي، ويُعتقد أن فرنسا تمتلك (300) رأس حربي، والمملكة المتحدة قرابة (215) رأساً.
تمتلك خمس دول أخرى نحو (100) قنبلة نووية بفضل اتفاقية مشاركة الأسلحة النووية الأمريكية في أوروبا، الدول الخمس هي: تركيا بقاعدة “إنجرليك” الجوية، وألمانيا بقاعدة “بوشل” الجوية، وإيطاليا بقاعدة “أفيانو – قاعدة غيدي” الجويتين، وبلجيكا قاعدة “كلاين بروغل” الجوية، وهولندا قاعدة “فولكل” الجوية. فيما يكتنف الأمر الغموض، حيث تحافظ الدول الأعضاء داخل حلف الناتو على السرية التامة عندما يتعلق الأمر بترسانتها النووية عبر السياسة الحالية المعروفة باسم “الغموض المحسوب”.
يشار إلى أن هناك دول أوروبية تحظى بما يُعرف بـ “مظلة الولايات المتحدة النووية” التي تقوم على افتراض بأن أي عدو لن يجرؤ على مهاجمة دول الناتو بأسلحة نووية لأنه يتعين عليه توقع هجوم نووي مضاد من واشنطن، وبدون هذه المظلة فلن تتمكن دول أوروبية من صد أي هجوم نووي عسكري. أمن دولي ـ العقيدة النووية الروسية والسيناريوهات المحتملة في أوكرانيا
العقيدة النووية لحلف شمال الأطلسي “الناتو”
يعتمد حلف الناتو على الأسلحة النووية التي تنشرها الولايات المتحدة في أوروبا، وكذلك على القدرات والبنية التحتية التي يوفرها الحلفاء المعنيون، ولن تتأثر عقيدة الردع النووي للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بالتوترات المتزايدة بين واشنطن وموسكو. لا يزال مبدأ الدفاع الجماعي في المادة الخامسة أمراً صارماً في مجال القدرات العسكرية، حيث يحدد ذلك المادة الخامسة “مبدأ الدفاع الجماعي” في المعاهدة التأسيسية لحلف الناتو والتي تنص على أن “الهجوم على حليف واحد يعتبر هجوماً على كل الحلفاء”.
تبني حلف الناتو مبدأ “عدم البدء باستخدام” السلاح النووي، وتعهدت واشنطن بالامتناع عن استخدام الأسلحة النووية ضد الدول غير الحائزة عليها، لكنها لم تستبعد المبادرة باستخدامها في حالات وظروف لم تحددها. ولن تهدد أو تستخدم تلك الأسلحة تحت أي ظرف من الظروف ضد الأطراف في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية والملتزمة بعدم الانتشار النووي”.
تقول الدكتورة “باتريشيا لويس” مديرة برنامج الأمن الدولي بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) في 3 مارس 2022 إنه إذا ما قررت روسيا مهاجمة أوكرانيا بأسلحة نووية، فمن المرجح أن ترد دول الناتو على أساس أن تأثير الأسلحة النووية سوف يعبر الحدود، ويؤثر على الدول المحيطة بأوكرانيا. ويمكن أن يرد الناتو باستخدام الأسلحة التقليدية ضد المواقع الاستراتيجية الروسية، أو بالمثل باستخدام الأسلحة النووية، حيث هناك عدة خيارات متاحة له. وتقول” لويس” فإن كل تلك السيناريوهات تعني الانجرار إلى حرب كبرى مع روسيا ، لذلك فإن ميزة اتخاذ قرار بالعدول عن الانتقام بالأسلحة النووية. الإرهاب النووي ـ زابوريجيا، تحذيرات من كارثة نووية
ردود فعل حلف شمال الأطلسي “الناتو” للتهديدات الروسية النووية
أجرى حلف الناتو نهاية شهر أكتوبر 2022 مناورات تحت مسمى عملية “Steadfast Noon ستيدفاست نون” أو الظهيرة الثابتة بمشاركة جيوش أربعة عشر دولة من الدول الأعضاء في الحلف. المناورات سلسلة من التمارين الحربية والتي تهدف لاختبار مدى الجاهزية والقدرات النووية للدول الأعضاء لأي ضربة نووية محتملة تتضمن المناورات اختبار قدرات الطائرات المقاتلة على حمل رؤوس حربية نووية.
هدد “جوزيب بوريل” مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي بـ “القضاء” على الجيش الروسي في حال استخدم بوتين أسلحة نووية ضد أوكرانيا في 14 أكتوبر 2022. وأكد “بوريل” أن “بوتين يقول إنه لا يخادع.. الناس الذين يدعمون أوكرانيا والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء والولايات المتحدة وحلف الناتو، هم بدورهم لا يخادعون”. وتابع بوريل: “أي هجوم نووي ضد أوكرانيا سيولد ردا ليس ردا نوويا بل رد قوي عسكري من شأنه أن يقضي على الجيش الروسي”.
حذر “ينس ستولتنبرغ” الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) روسيا من “عواقب وخيمة” في حال شنت هجوماً نووياً على أوكرانيا، مضيفاً “لن نتحدث عن الطريقة التي سنرد بها بالضبط، لكن هذا بالطبع سيغير طبيعة النزاع بشكل جذري”. وأكد أن “أي استخدام لأسلحة نووية أصغر سيكون أمراً خطيراً جداً”، مضيفا أن “الهدف الرئيسي للردع النووي للناتو هو إرساء السلام وردع العدوان ومنع الإكراه ضد حلفاء الناتو”. وأوضح أن “الظروف التي قد يضطر فيها الناتو لاستخدام أسلحة نووية، بعيدة جداً”.
السيناريوهات المحتملة لمواجهة أي ضربة روسية محتملة
تمتلك الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الإمكانيات السياسية والنووية والأسلحة التقليدية غير النووية لشن هجوم مضاد على أي هجوم روسي نووي، والذي من شأنه أن يمنع موسكو من شن هجوم بالأسلحة النووية التكتيكية على الأراضي الأوكرانية وفيما يلي أبرز السيناريوهات المحتملة :
السيناريو الأول الرد “الغير النووي” : تستعد الدول الأعضاء داخل حلف الناتو بوضع خطط لمنع الفوضى وتقييم السيناريوهات المحتملة للتهديدات الروسية النووية وتفعيل حالة الطوارئ في حالة استخدام روسيا للسلاح النووي في أوكرانيا. ومن المتوقع أن يكون السيناريو الأقرب للحدوث أن يكون الرد “غير نووي” بسبب أن أوكرانيا ليست عضوا فيه وبالتالي غير مشمولة بالمادة (5) مبدأ “الدفاع الجماعي” داخل حلف الناتو.
يدعو العديد من الدول الأعضاء داخل حلف شمال الأطلسي إلى النظر في إستراتيجية واشنطن وحلف الناتو لاستخدام السلاح النووي. فأصبح من المحتمل أن يستخدم حلف الناتو الأسلحة التقليدية ضد المواقع الذي أطلق منها السلاح النووي الروسي أو تزويد أوكرانيا بالأسلحة للقيام بذلك. وهذا لتجنب المزيد من التصعيد لا سيما أن أي رد نووي مباشر ضد روسيا من شأنه أن يزيد من احتمالية نشوب حرب أوسع وشاملة.
السيناريو الثاني الرد “النووي”: في ظل مطاولة حرب أوكرانيا لصالحها تزداد مخاوف حلف الناتو من سيناريوهات تهدد الأمن الدولي في حال استخدام روسيا لأسلحتها النووية، وهذا قد يؤدي بالطبيعة إلى رد حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية بشن هجوم نووي بالمثل على روسيا، والذي من شأنه تعزيز ثقة الحلفاء ويخدم فكرة حظر استخدام الأسلحة النووية مستقبلاً.
السيناريو الثالث عزل موسكو سياسياً واقتصادياً: لا تزال نوعية التحذيرات الأمريكية حول الرد الأميركي في حالة استخدام روسيا للسلاح النووي ضد أوكرانيا غامضاً بشكل متعمد أو غير متعمد، وهو ما يعرف في عالم الردع النووي بـ “الغموض الاستراتيجي” . كما أن هناك تواصل سري بين الولايات المتحدة روسيا حول العواقب الوخيمة التي ستتبع عند استخدام السلاح النووي، وتمتلك الدول الغربية ورقة سياسية لعزل موسكو سياسياً واقتصادياً على المستوى الدولي. الإرهاب النووي ـ أوكرانيا، سيناريوهات خطيرة ومحتملة ـ ملف
قراءة مستقبلية
يوجد العديد من الاستجابات التي يمكن لحلف الناتو اعتمادها في حالة استخدام أسلحة الدمار الشامل الروسية منها إعادة تقييم ما إذا كان على الحلف أن ينشر صواريخ نووية أرضية في أوروبا والتي تؤدي بالضرورة إلى اندلاع صراع نووي متصاعد.
تشير المناورات التي يجريها حلف الناتو على الأراضي البلجيكية لموسكو إلى أن استخدام أسلحة الدمار الشامل في أوكرانيا لن يؤدي مستقبلا إلى مشاركة أمريكية أكبر فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى تحرك أوروبي واسع النطاق.
بات من المحتمل لأن تكون الأراضي البلجيكية هدفا روسيا محتملا في حالة نشوب صراع نووي مع الناتو خاصة بعد المناورات التي يجريها حلف شمال الأطلسي “الناتو” على الأراضي البلجيكية بالإضافة إلى أن مقر الناتو والمؤسسات الرئيسة للاتحاد الأوروبي تقع في بروكسل.
الهوامش
Opération «Steadfast Noon»: l’OTAN va procéder à des exercices nucléaires
https://bit.ly/3fZIooA
West makes plans to avoid panic if Russia uses nuclear bomb in Ukraine
https://bit.ly/3Vw1a7y
Why NATO Needs to Plan for Nuclear War
https://bit.ly/3CXgbYH
بعد تهديدات بوتين.. ما مدى قدرة أوروبا على مواجهة هجوم نووي؟
https://bit.ly/3MyUMIo
بعد التهديد النووي الروسي.. قاذفات B-52 تقوم بدوريات في أوروبا
https://bit.ly/3g9FCxk
الناتو يعلن عن مناورات لاختبار القدرات النووية
https://bit.ly/3MB9UFb
نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
.
رابط المصدر: