غزو تايوان في التخطيط الاستراتيجي الصيني: الدروس المستفادة من الحرب بين إيران وإسرائيل

  • قدَّمت الهجمات الإسرائيلية على المواقع النووية والعسكرية الإيرانية مثالاً على الكفاءة العملياتية لحرب متعددة المجالات عبر مستوى عالٍ من التنسيق بين الطائرات الشبحية والعمل الاستخباراتي والتعطيل السيبراني والحرب النفسية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة.
  • من بين الدروس المُستَقاة صينياً من الحرب الإسرائيلية-الإيرانية: الأهمية القصوى لفاعلية غرفة القيادة المشتركة القائمة على التنسيق بين جميع أفرع القوات المسلحة وجبهاتها؛ وأهمية تحقيق التفوق الجوي في وقت مبكر من المعركة؛ وأهمية التفوق في الحرب الهجينة التي تشمل المجالات القتالية والسيبرانية والاستخباراتية والنفسية.
  • أثبتت الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، أيضاً، أهمية الصواريخ الباليستية وصواريخ الكروز في تنفيذ استهدافات دقيقة مساندة للجهد الحربي الرئيس في خلال المعركة. وكذلك، الأهمية القصوى للأقمار الصناعية المخصصة لعمليات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.
  • على رغم ذلك، ثمة تحديات قد تُعرقِل تطبيق الجيش الصيني بعض الدروس المستقاة من الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، تتعلق بنطاق المعركة وتعدد الأسلحة والمجالات وقوة العدو ومستوى التدخل الخارجي من قبل الحلفاء إلى جانب قرب المسافة الجغرافية.

 

تركت الحرب الإسرائيلية/الأمريكية القصيرة على إيران، في يونيو الماضي، دوراً للمخططين العسكريين في جميع دول العالم حول تطور العمليات العسكرية ومدى اندماجها في صورة عمليات متعددة المجالات، وأهمية التكنولوجيا والأسلحة غير التقليدية، إلى جانب أهمية التحالفات.

 

وفي الصين، يركز المتخصصون على أي تحركات عسكرية تقوم بها القوات الأمريكية خصوصاً في أي مكان في العالم، استناداً إلى العقيدة القائمة على حتمية التدخل الأمريكي المباشر لإسناد تايوان في أي حرب مستقبلية مع الصين.

 

تُحلِّل هذه الورقة أهم هذه الدروس، وتُفنِّد تلك التي قد يستخلصها المخططون العسكريون الصينيون والتحديات التي قد تواجه تنفيذها حصراً، دون التطرق إلى جميع التحديات التي قد تُعرقل غزواً صينياً واسعاً لتايوان.

 

سياقات عملية عسكرية صينية ضد تايوان

ينبغي، أولاً، الإشارة إلى أن الاعتقاد بأن مشاركة الولايات المتحدة في الهجمات على برنامج إيران النووي كان بمثابة إشارة تحذيرية إلى الصين بشأن تايوان، ينطوي على قدرٍ من المبالغة. ويرجع ذلك إلى أن الصراع في مضيق تايوان يختلف جوهرياً عن الحرب الأمريكية/الإسرائيلية على إيران في عدة جوانب أساسية، أهمها أن العملية العسكرية ضد إيران كانت عملية دقيقة وجراحية وقصيرة المدى، بينما أي حملة عسكرية ضد تايوان ستكون غزواً شاملاً وأوسع نطاقاً، من حيث الأسلحة وعدد الجبهات وأفرع جيش التحرير الشعبي المشاركة فيه. إضافة إلى ذلك، فإن موازين القوى بين إسرائيل وإيران تختلف جذرياً عن موازين القوى بين الصين وتايوان، إلى جانب أن السياق الدولي مختلف تماماً ومدة القتال المتوقعة لا تتسق إطلاقاً مع المواجهة الخاطفة والمحدودة مع إيران.

 

مع ذلك، قد تكون ثمة دروس مستفادة من الجانب الصيني على المستوى العسكري من هذه الحرب، ولو على نطاق ضيق. ولفهم طبيعة هذه الدروس، تُركِّز الورقة على سيناريو غزو تايوان، تاركةً سيناريوهات عدة أخرى أهمها التوقف عند فرض حصار على الجزيرة، أو تنفيذ حجر على الصادرات والواردات إلى تايوان، أو استمرار الوضع القائم على الضغط العسكري ما تحت مستوى الحرب.

 

في هذا السيناريو، تُنفِّذ الصين غزواً بحرياً لتايوان، مصحوباً بهجمات جوية (تشمل الطائرات والصواريخ) تستهدف مواقع القيادة والسيطرة، والاتصالات، والمراكز السياسية الرئيسة في تايوان، تمهيداً لشن هجوم برمائي على عدة شواطئ تقع في الساحلين الشمالي والغربي للجزيرة.

 

تسعى الصين، في المرحلة الأولى، إلى تحقيق تفوق جوي قبل محاولة تأمين رؤوس جسور لإنزال القوات على الجزيرة الرئيسة. وتعتمد القوات الصينية في ذلك على استخدام السفن المدنية لتعزيز قدراتها على نقل الجنود والمعدات عبر المضيق. ولنجاح عملية الإنزال، سيكون على أسطول جيش التحرير الشعبي اتخاذ مواقع حظر في أنحاء مضيق تايوان، وفرض طوق بحري على الجزيرة لمنع وصول أي دعم خارجي، ولإحباط أي محاولات اختراق من قبل القوات التايوانية. وستقوم القوات الجوية الصينية بإسناد البحرية في فرض الحصار الجوي على الجزيرة، ومنع أي تعزيزات أو إمدادات جوية قد تقدمها أطراف خارجية، على رأسها الولايات المتحدة، لتايوان.

 

وما يُرجِّح كفة احتمال الصين تنفيذ عملية برمائية في تايوان، أن هذا النوع من العمليات على رأس العمليات الخمس الأهم في العقيدة الدفاعية الصينية والتي تشمل أيضاً العمليات المضادة للإنزال، وحصار الجزر، والهجوم المضاد على منطقة حدودية، وعمليات مكافحة الغارات الجوية. وقد ضُمِّنَت هذه العمليات في العقيدة الدفاعية الصينية المنشورة لأول مرة في نوفمبر 2020 تحت مسمى “المبادئ التوجيهية للعمليات المشتركة لجيش التحرير الشعبي”.

 

تجهز القيادة الصينية جيشها للقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق ضد تايوان بحلول عام 2027 (فرانس برس)

 

الدروس المستفادة

قدَّمت الهجمات الإسرائيلية على المواقع النووية والعسكرية الإيرانية مثالاً على الكفاءة العملياتية لحرب متعددة المجالات عبر مستوى عالٍ من التنسيق بين الطائرات الشبحية والعمل الاستخباراتي والتعطيل السيبراني والحرب النفسية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة. إلى جانب ذلك، أظهرت الولايات المتحدة قدرة على نشر قدراتها الاستراتيجية، وعلى رأسها طائرات التزود بالوقود في الجو وقاذفات “بي 2” والطائرات المقاتلة ومنظومات الدفاع الجوي، وإدخالها في معركة بعيدة جغرافياً وفي وقت وجيز. ولا شك أن المخططين العسكريين الصينيين ونظرائهم حول العالم حاولوا استخلاص بعض الدروس التي قد تساعد ضمن عملية عسكرية أوسع نطاقاً لضمّ تايوان.

 

وأبرز الدروس والاستنتاجات التي قد يركز عليها المتخصصون الصينيون، هي التالي:

 

  • الأهمية القصوى لفاعلية غرفة القيادة المشتركة القائمة على التنسيق بين جميع أفرع وجبهات القوات المسلحة (العمليات متعددة المجالات).
  • أهمية تحقيق التفوق الجوي في وقت مبكر من المعركة، وهو ما نجحت إسرائيل في الوصول إليه.
  • التفوق في العمل الاستخباراتي والمستوى العالي من اختراق الطبقة السياسية والعسكرية الإيرانية، وقدرة إسرائيل على تنفيذ ضربات دقيقة أدت لاغتيالات واسعة في صفوف القيادة الإيرانية.
  • تفوُّق إسرائيل في الحرب الهجينة التي تشمل المجالات القتالية والسيبرانية والاستخباراتية والنفسية على إيران، وهو ما ساعدها في زعزعة الثقة وتشويش القرارات على المستويين العسكري والسياسي في إيران، إلى جانب انتشار الشكوك والقلق بين المواطنين.
  • الأهمية الإستراتيجية لتحالف إسرائيل مع الولايات المتحدة. وقد ساعدت القوات الأمريكية نظيرتها الإسرائيلية في كل مراحل المعركة، من جمع المعلومات الاستخباراتية والتزود بالوقود في الجو وإسقاط صواريخ إيرانية قبل الوصول للمجال الجوي الإسرائيلي، إلى التدخل المباشر لاستهداف مفاعلات أصفهان ونطنز وفوردو، وهو ما منح إسرائيل اليد العليا عسكرياً.

 

وفقاً لهذه الاستنتاجات، ومع الأخذ في الاعتبار الاختلاف في الأبعاد الميدانية والعملياتية واللوجستية ونطاق المعركة، فإنّ الصين ليس لديها خيارات سوى تحقيق التفوق الجوي في المعركة عبر تدمير الدفاعات الجوية التايوانية بطريقة تسمح لها بتحقيق السيطرة الجوية التامة والحرية العملياتية لطائراتها المقاتلة. ستساعد هذه السيطرة الجوية الصين في عرقلة وصول أي مساعدات من أطراف خارجية (الولايات المتحدة وحلفائها) أيضاً.

 

إلى جانب التفوق الجوي، أظهرت إيران قدرة على توظيف طائرات الدرون بطريقة تسمح لها بإغراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية واستنزاف منظومات مكلفة لمواجهة أهداف منخفضة الكلفة. والصين لاعب عالمي رئيس بالفعل في صناعة الدرون، التي يتوقع أن تؤدي دوراً مركزياً في استنزاف الدفاعات التايوانية والأمريكية واليابانية في حالة الحرب.

 

وأثبتت الحرب الإسرائيلية – الإيرانية أيضاً، الأهمية المتصاعدة للصواريخ الباليستية وصواريخ الكروز في تنفيذ استهدافات دقيقة على المديين المتوسط والبعيد بوصفها عمليات مساندة للجهد الحربي الرئيس في خلال المعركة. وتؤدي الصواريخ، بكل أنواعها واستخداماتها المتعددة، دوراً أساسياً في التخطيط الصيني لحملة عسكرية ضد تايوان.

 

ففي أغسطس 2022، وبعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي آنذاك، نانسي بيلوسي، أطلقت قوة الصواريخ التابعة لجيش التحرير الشعبي عدة صواريخ من طراز “دي اف 15” حول تايوان، وحلَّقت فوق تايبيه، وسقطت في المياه الإقليمية لليابان في بحر الصين الشرقي. وفي أبريل 2023، قال الجيش الصيني إنّه حاكى ضربات على “أهداف رئيسة” في تايوان، ونشر رسماً متحركاً يُظهر ضربات من وحدات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز المتمركزة في البر الرئيس على المدن التايوانية. ونشرت قيادة المسرح الشرقي في الجيش مقطعاً ثلاثي الأبعاد يُحاكي إطلاق صواريخ على تايوان في خلال مناورات “السيف المشترك A” التي نُفِّذت في مايو 2024.

 

خريطة نشرتها القيادة الشرقية لجيش التحرير الشعبي الصيني في 14 أكتوبر 2024، تُظهر مناطق عمليات مناورات “السيف المشترك 2024ب” حول جزيرة تايوان

 

وقد أثبتت الحرب كذلك الأهمية القصوى للأقمار الصناعية المخصصة للعمليات المعروفة اختصاراً بـ”أي اس أر” (الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع). جاءت أهم استخدامات الأقمار الصناعية في تحديد الأهداف داخل إيران بدقة للمقاتلات الإسرائيلية/الامريكية، وتوجيه الصواريخ الباليستية الإيرانية بدقة نحو أهدافها داخل إسرائيل (نظام بايدو الصيني).

 

وتربط الصين منظومة الأقمار الصناعية المتخصصة في عمليات “أي اس أر” بالصواريخ الموجهة (الباليستية وكروز) بمساعدة الأقمار الصناعية التي يمكنها استقبال احداثيات الهدف المحدثة بواسطة “نظام الاتصالات عبر الأقمار الصناعية”. ووفق تقديرات وزارة الدفاع الأمريكية، تُغطي هذه القدرات الصاروخية الصينية نطاقاً يمتد من بحر الفلبين إلى ما هو أبعد من جزيرة غوام الأمريكية، وشمال المحيط الهندي، والخليج، وحتى شرق البحر المتوسط. وفي حال تدمير الأقمار الصناعية، تملك الصين منظومة صواريخ كوايجو للطوارئ التي تسمح لها بإطلاق أقمار تجسس صغيرة في مدار أرضي منخفض باستخدام منصات إطلاق محمولة لإجراء عمليات استطلاع أو استبدال الاتصالات المفقودة وقت المعركة والاستمرار في تحديد الأهداف.

 

وأكدت الاستهدافات الامريكية الدقيقة في خلال حرب الخليج الأولى الدور المحوري للصواريخ الموجهة وقدرات “أي اس أر” المتقدمة في الاستهداف وتقييم الأضرار، وهو ما شكَّل الاهتمام الصيني الكبير بإنشاء قوة صواريخ كبيرة لاحقاً. وقد ظهرت فاعلية هذه المنظومة في دقة الاستهداف الإسرائيلية/الأمريكية في خلال الحرب مع إيران. على العكس، كانت استنتاجات المحللين الصينيين للاستهدافات الروسية باستخدام صواريخ موجهة دقيقة ضد أوكرانيا هو أنها تتسبب في مستوى تدمير وفاعلية محدودين نسبياً. وينطبق ذلك أيضاً على فاعلية استهدافات القدرات الصاروخية الإيرانية في الحرب مع إسرائيل. وقد لفت استهداف إيران لقاعدة العديد في قطر النظر للمخاوف الأمريكية القائمة بالفعل حول إمكانية قيام الصين بشن ضربات استباقية واسعة النطاق في بداية أي صراع إقليمي باستخدام صواريخ تقليدية، تستهدف في المقام الأول القواعد العسكرية الأمريكية والمراكز اللوجستية الحيوية الأمريكية المنتشرة في دول أخرى في المنطقة.

 

لكن الفرق بين متطلبات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية وسيناريو الحرب في خليج تايوان هو تنوّع أهداف القوة الصاروخية الصينية التي لن تشمل فقط تدمير أهداف حساسة على جزيرة تايوان (بطريقة مشابهة للاستهدافات الإيرانية لإسرائيل)، لكن أيضاً قد تؤدي الصواريخ المضادة للسفن دوراً مركزياً في استهداف حاملات الطائرات والقطع البحرية التايوانية وتلك المساندة لها، وهو ما لم يشكل محوراً أساسياً في خلال الحرب على إيران.

 

وستكون الصين منشغلة أيضاً بنشر منظومات الدفاع الجوي بطريقة استراتيجية ليس الهدف منها الدفاع ضد هجمات متوقعة من القوات الجوية والصاروخية التايوانية فحسب، ولكن الأهم القدرات الأمريكية، كالقاذفات طويلة المدى التي يمكنها العمل من الأراضي الأمريكية مباشرة (“بي 2” في الحرب على إيران)، وقدرات منع الوصول الأمريكية عبر الصواريخ متوسطة المدى التي كانت محظورة سابقاً بموجب معاهدة “القوات النووية متوسطة المدى”، التي انسحبت الولايات المتحدة منها عام 2019.

 

ويجب الأخذ في الاعتبار عند تقييم هذه الدروس أن الصين متقدمة للغاية في غالبية هذه القدرات العسكرية، التي سرّعت بناء إمكاناتها فيها منذ الإصلاحات الشاملة التي طالت جيش التحرير الشعبي منذ عام 2015. أحد أهم هذه الإصلاحات التحول نحو تعزيز فاعلية العمليات المشتركة في جيش التحرير الشعبي، خصوصاً بعد إصدار الكتاب الأبيض في 2019 تحت عنوان “الدفاع الوطني الصيني في العصر الجديد” الذي جعل العمليات المشتركة محور السياسات الدفاعية الصينية. وستُعزز دراسة طرق إدارة المعارك العسكرية المعاصرة، من أوكرانيا إلى غزة إلى الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، التركيز الصيني على ما يسمى في بيجين التحول باتجاه “الحروب المحلية القائمة على المعلومات” (دمج التكنولوجيا وأنظمة المعلومات في جميع العمليات العسكرية).

 

وعلى رغم ذلك، ثمة تحديات قد تُعرقِل تطبيق بعض هذه الدروس، خصوصاً تلك المُستَقاة من الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، تتعلق بنطاق المعركة وتعدد الأسلحة والمجالات وقوة العدو ومستوى التدخل الخارجي من قبل الحلفاء إلى جانب قرب المسافة الجغرافية.

 

أي محاولة صينية لغزو تايوان ستعتمد على تنفيذ عملية إنزال برمائية واسعة النطاق (شترستوك)

 

أهداف عسكرية صعبة

قد لا تتوقف العملية العسكرية ضد تايوان على استهدافات جوية دقيقة كما الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، بل ستعتمد على تنفيذ عملية إنزال برمائية واسعة النطاق (قد تتخطى بكثير حجم عملية الإنزال في نورماندي لتحرير فرنسا في خلال الحرب العالمية الثانية، وفقاً لتقديرات عسكرية). وعمليات الإنزال البرمائي هي أحد أصعب العمليات العسكرية في العالم، إذ ستحتاج الصين التنفيذ في ظل ظروف جوية هادئة عبر المضيق (وهو وضع نادر نسبياً نظراً لسيطرة الرياح الموسمية على المضيق وقوتها في معظم أشهر السنة)، وإلى حشد تجهيزات وقوات ضخمة على شواطئها وهو ما يمنح تايوان والولايات المتحدة فرصة لرصدها، وصولاً إلى حشد العدد الكافي من السفن العسكرية والمدنية اللازمة لتنفيذ هذه العملية الضخمة، واستغراق عبور قوات كبيرة المضيق أسابيع أو شهوراً، ومقاومة القوات التايوانية التي قد تُكبِّد القوات الصينية خسائر كبيرة إذا ما نجحت عملية الإنزال.

 

وفيما يلي التحديات التي قد تواجه التطبيق العملياتي لأي دروس مُستَقاة من النجاحات (والإخفاقات) في خلال الحرب الإسرائيلية – الإيرانية التي قد تشغل المخططين العسكريين الصينيين:

 

  • فشل منظومات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، والقاذفات والمقاتلات وطائرات الدرون، والهجمات السيبرانية على أنظمة الاتصالات والطاقة، والصواريخ أرض-جو بعيدة المدى في تحقيق التفوق الجوي الصيني. وقد يتحول هذا التحدي إلى واقع في حال فشل القوات الجوية الصينية في عمليات الاستهداف الدقيق وتدمير منظومات الدفاع الجوي التايوانية، أو نجاح قوات الدفاع الجوي والقوات الجوية التايوانية في إحباط عمليات القوات الصينية، أو نجاح الولايات المتحدة في تدمير المجموعة الكبيرة من صواريخ سام بعيدة المدى، والرادارات، وأجهزة الاستشعار، وأنظمة تكامل البيانات المخصصة للدفاع الجوي على طول الساحل الصيني. وقد ظهرت تداعيات التراجع في منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية وتراجع مخزون الصواريخ والذخيرة، ما أدى إلى تمكن الصواريخ الإيرانية من ضرب عدة مدن ومواقع إسرائيلية وتحقيق خسائر عالية نسبياً. واستنتج من ذلك أن قدرات الدفاع الجوي الإسرائيلية قد لا تتحمل معركة طويلة المدى تؤدي الصواريخ فيها الدور المركزي بصفتها سلاحاً هجومياً.

 

  • فشل ما يعرف في جيش التحرير الشعبي بـ”حملة التدخل المضاد” المصممة خصيصاً لمنع الولايات المتحدة من اسناد القوات التايوانية. قد يكون ذلك بسبب قدرة الولايات المتحدة على تدمير الأقمار الصناعية ومنصات توجيه الصواريخ وتحديد والكشف عن الأهداف بهدف تعطيل قوة الصواريخ الصينية الهائلة، من طريق شنّ حرب فضائية عبر إطلاق صواريخ مضادة للأقمار الصناعية وفشل الجيش الصيني في الدفاع عنها.

 

  • قدرة الولايات المتحدة على حشد تحالف من شركائها في منطقة الإندو-باسيفيك للمشاركة بشكل مباشر في المعركة والمساعدة في النواحي اللوجستية عبر توفير مخازن كبيرة للأسلحة والمعدات وفقاً لخطة سد فجوة الذخيرة في المنطقة التي يقودها وزير الدفاع بيتر هيغسيث. وقد أظهر التحالفُ العسكري بين الولايات المتحدة وإسرائيل في خلال الضربات على إيران مستوىً عالياً من التنسيق واندماج قيادة العمليات المشتركة ومنظومات الأسلحة والعمل الاستخباراتي والهجمات السيبرانية والدفاعات الجوية، وهو ما يُفسِح المجال أمام عمليات عسكرية مشتركة مع حلفاء واشنطن الآسيويين. ويربط الرئيس دونالد ترمب “مشاركة العبء” العسكري من قبل الحلفاء بمبدأ “أمريكا أولاً” بوصفه عقيدة سياسية في التعامل مع الشركاء الخارجيين.

 

  • دعم قوى معارضة داخلية لاستغلال الحرب وزعزعة استقرار النظام الصيني عبر البدء باستهداف قادته السياسيين والعسكريين، على غرار الاغتيالات التي طالت قادة كبار في الجيش والحرس الثوري الإيرانيين، ومحاولة الاغتيال ضد الرئيس ورئيس البرلمان ومسؤولين آخرين في إيران كُشِفَ عنها لاحقاً. وقد ترتفع مخاطر انفصال أقاليم مثل التبت وشينجيانغ بينما تتحدى الحركة الديمقراطية في هونغ كونغ النظام بشكل مباشر. وستزيد المخاطر المتصلة بهذا السيناريو إذا ما فشلت العملية العسكرية. وسيكون لذلك تداعيات طويلة المدى على شرعية النظام الصيني واستقراره وموقعه في النظام العالمي.

 

الاستنتاجات

من المؤكد أن المحللين العسكريين الصينيين استخلصوا دروساً من الحرب الإسرائيلية/الأمريكية على إيران قد تتسبب في إدخال تعديلات على خطط غزو تايوان أو تطوير بعض الأسلحة أو جوانب المعركة لكي تتسق بشكل أكبر مع مفاعيل الحروب الحديثة، خصوصاً فيما يتصل بدمج التكنولوجيا والمنصات العسكرية غير التقليدية. لكن، أظهرَ تتبع عملية التطوير الشاملة التي طالت القوات المسلحة الصينية منذ عام 2015، أن جيش التحرير الشعبي يتفوق في غالبية الجوانب والمبادئ العملياتية التي أظهرت فيها إسرائيل وإيران تفوقاً على بعضهما البعض، وهو ما سيُشكِّل تحدياً كبيراً بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها. وسيتوقف ذلك على رؤية القيادة الصينية لمدى جاهزية الجيش للقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق ضد تايوان بحلول عام 2027 (الموعد المحدد لوصول الجيش لهذه الجاهزية)، وقدرة الولايات المتحدة وتايوان على وضع الخطط المناسبة والمبتكرة لإحباط الأهداف الصينية.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M