عند الحديث عن أيّ نظامٍ ديمقراطي، لا بدّ من الحديث عن مبدأي الشرعية والمشروعية لهذا النظام، لاسيما في الأنظمة الديمقراطية الناشئة، التي تنشأ في البلدان التي عانت من صراعٍ طويلٍ من أجل التحوّل الديمقراطي. وبعد عام 2003، دخل العراق طوراً سياسياً جديداً تمثّل بتبنّي النظام الديمقراطي كإطارٍ حاكمٍ للدولة والمجتمع، بديلاً عن الاستبداد المركزي الذي هيمن لعقود. وقد اعتُمدت آليات دستورية وانتخابية، وتأسست مؤسسات جديدة قيل إنها تمثّل إرادة الشعب وتُبنى على الشرعية الديمقراطية.
لكن، بعد مرور أكثر من عقدين، تواجه الديمقراطية العراقية والنظام الديمقراطي أسئلةً جوهريةً تتعلق بمصداقيتها وجدواها، أبرزها: هل ما زال النظام الديمقراطي في العراق يتمتع بشرعيته السياسية والمجتمعية؟ وهل بقي محافظاً على مشروعيته القانونية والدستورية؟ أم أنّ هناك تصدّعاً في الأسس قد يُهدد بانهياره أو تحوّله إلى شكلٍ فارغٍ من المضمون؟
هذا المقال يستعرض الفرق بين الشرعية والمشروعية، ويتناول مظاهر الأزمة في النظام العراقي، ليبحث ما إذا كان هذا النظام قد بدأ فعلاً يفقد أركانه الجوهرية.