مقاربات السياسة الخارجية السعودية ضمن رؤية 2030 في ظل تغيرات البيئة الإقليمية والدولية

تقديم : –

تنتمي المملكة العربية السعودية جغرافياً وثقافياً إلى نطاق جيوسياسي هام يتمثل بالخليج العربي، كما تعدّ قوة فاعلة على مستوى الشرق الأوسط، هذه المنطقة التي تعدّ دائمة التحرك والتفاعل مع متغيرات النظام الدولي، ولما كانت المملكة العربية السعودية إحدى أكبر وأهم دول الشرق الأوسط، والسياسات التي تتبعها تنعكس على تفاعلات المنطقة سواء أكانت تعاونية أم صراعية، فإن دراسة سياستها الخارجية تكتسب أهمية كبيرة، سواء أكانت السياسة المتبعة تجاه القوى الكبرى في النظام الدولي، أم على مستوى الإقليم، خاصةً وأن هذه السياسة خضعت لكثير من المراجعة مع تولي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد، وبدء السعودية بتنفيذ مشروع رؤية 2030، الذي انعكس بشكل واضح على توجهات السياسة الخارجية.

هذه الرؤية الجديدة فرضت تغييرات ملحوظة في السياسة الخارجية، فقد أصبحت السعودية تتبنى سياسات أكثر واقعية وبراغماتية، تركز على تحقيق المصلحة الوطنية كأولوية، ورغم الضغوط والتنافس بين القوى العالمية والانقسامات التي تشهدها الساحة الدولية، تحافظ المملكة على موقف حيادي مع جميع الأطراف، مما يكسبها احترام الجميع ويساهم في تحقيق مصالحها.

لعل أبرز ما مثّل تأثير مشروع الرؤية في توجّه المملكة إلى تنويع شراكاتها الدولية، هو التوجه شرقاً نحو روسيا والصين، وعدم الاكتفاء بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية، أما على مستوى الإقليم فقد تبنت المملكة سياسةً تعاونية، عبر سعيها الحثيث إلى تبريد الأزمات المشتعلة منذ سنوات في المنطقة، بغية تهيئة الظروف الملائمة للتنمية والازدهار الاقتصادي والاجتماعي، ويمكن القول في هذا السياق أن السلوك السعودي يعبر عن النضج الواقعي، الذي يجري عندما تدرك الدول أن أمنها مرتبط بأمن الدول الأخرى، فمع التسليم بوجود نزعة لدى الدول للتركيز على مصالحها الأمنية المحدودة والضيقة، فإنه يسود اعتقاد متزايد بين الدول الأكثر نضوجاً في النظام الدولي بأن هناك أسباباً أمنية وجيهة لأخذ مصالح جيرانها بالاعتبار عند رسم سياساتها الخاصة، وهذا ما دفع بالمملكة إلى تخفيف التصعيد في اليمن، والاتجاه من ثم نحو المصالحة مع القوى البارزة في المنطقة كتركيا وإيران.

تسعى المملكة العربية السعودية إلى اتباع نهج جديد يحقق مصالحها الوطنية من خلال تعزيز دورها الإقليمي عبر استراتيجية “صفر مشاكل” والتعاون مع القوى العالمية الكبرى مثل روسيا والصين والولايات المتحدة، كما تسعى إلى تثبيت موقعها القيادي في المنظمات الدولية والإقليمية والتقارب مع خصومها السياسيين، مثل إيران.

إلى جانب ذلك، تهدف المملكة إلى تنويع اقتصادها الذي يعتمد بشكل كبير على النفط، من خلال تشجيع الاستثمارات ورؤوس الأموال والمشاريع الريادية، وتعزيز جميع القطاعات الإنتاجية، يتجلى هذا الطموح في رؤية 2030 التي تعكس آمال التحول الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M