مؤلف جماعي شارك فيه مجموعة من الباحثين المميزين ضمن مبادرة دعم الشباب الباحثيين لتأليف كتب جماعية برعاية “المركز الديمقراطي العربي” ألمانيا – برلين
نسخة “pdf”-
دور الثقافة الاستراتيجية في توجيه السياسة الصينية تجاه دول المغرب العربي 2001 2017
الطبعة الأولى “2018″ –من كتاب: –
دور الثقافة الاستراتيجية في توجيه السياسة الصينية تجاه دول المغرب العربي 2001-2017
جميع حقوق الطبع محفوظة: للمركز الديمقراطي العربي ولا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو اي جزء منه أو تخزينه في نطاق إستعادة المعلومات أو نقله بأي شكل من الأشكال، دون إذن مسبق خطي من الناشر .
مقدمة:
إن الملاحظ للشأن العالمي لا يجد عناء في معرفة أن موضوع الصين ، أصبح محل اهتمام الكثير من الدوائر الأكاديمية وغير أكاديمية، فكثرت الدراسات حول هذه القوة الصاعدة ومستقبلها وذلك على كافة المستويات، نظرا لما حققته هاته الأخيرة من معدلات نمو كبيرة وعلى جميع المستويات. وإذا ما أخذنا الاقتصاد الصيني فإننا نلاحظ بوضوح مدى ارتفاع الدخل القومي الخام للصين، ويعتبر الاقتصاد الصيني ثالث اقتصاد عالمي بعد الاقتصاد الأمريكي الاتحاد الأوربي.
تعتبر الصين من بين أكبر الدول مساحة، فمساحتها تساوي مساحة الدول الأوربية مجتمعة، وتقدر مساحة أراضيها ب9.56 مليون كيلو متر مربع أي ما يعادل7 في المئة من مجموع مساحة العالم، وعدد سكانها يفوق 1،37 مليار نسمة فهي تشكل ربع سكان العالم أي 19 بالمئة من مجموع سكان العالم، والصين إضافة إلى ذلك قوة دبلوماسية ونووية وجيوشها في تحديث مستمر. كما أن الاقتصاد الصيني يسير بنحو جيد وسريع.
وبمختلف معايير القوة، للصين مكانة هامة في موازين وتراتيب القوة العالمية، لكن رغم ذلك فإن الصين تبقي دولة قوية بالمفهوم التقليدي للقوة ورغم غناها بالمواد الأولية وضخامة الأرقام التي يوصف بها الاقتصاد الصيني إلا أن الفرد الصيني يعيش الفقر في غالب الأحيان، لذلك فليس بالغريب أن نجد الصين توجه سياستها الخارجية نحو الاهتمام بالجانب الاقتصادي. يعتبر الاقتصاد الصيني قوي وضخم استطاعت الصين أن توجه قدراتها الاقتصادية نحو بناء اقتصاد صيني داخلي وهذا ما جعل الصين خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين في مواجهة حقيقية تتمثل في ضرورة بسط نفوذها على العالم الثالث كي تظهر بمظهر القوة العظمى التي لها نفوذ في العالم.
وباعتبار أن هدف الصين الوصول إلى قوة عظمى في العالم، كان لزاما عليها أن تؤمن كل المصادر التي تحتاجها في صعودها هذا الذي أصبح يسير بخطى واسعة نحو هدفه، فكان أن اتجهت الصين نحو العالم الخارجي بعد ما قامت بتأمين إقليمها، ونظرا لكون هاته المصادر قليلة في العالم ونذكر منها المغرب العربي هاته المنطقة التي أصبحت مطمعا للقوى العظمى نظرا لثرواتها ومكانتها جيو-إستراتيجية، وبالتالي صوبت الصين أنظارها نحو المغرب العربي، ليصبح هذا الأخير ضمن أولويات سياستها الخارجية.
إلا أن التحليل النظري للسياسة الصينية في العالم عامة و إتجاه دول المغرب العربي خاصة ، يفرض علينا اللجوء لنظريات العلاقات الدولية لتفسير السلوك الخارجي للصين، لكن هذه النظريات تحلل من إفتراض أن سلوك صانع القرار عقلانية هدفها تعظيم المكاسب و التقليل من المخاسر، وفي حقيقة الأمر هناك الكثير من السلوكيات لصانع القرار الصيني على المستوي الخارجي ليست عقلانية مثل المنهجي السلمي ضمن نظام دولي صراعي بالأساس ، كذلك ما تفسير الدعم اللامحدود لدول العالم الثالث و منها المغرب العربي و كذا موضوع الهبات و المساعدات الاقتصادية بدون مشروطية سياسية…، فكل هاته السلوكات التي لا تمت للعقلانية بصلة لا يمكن تفسيرها بنظريات العلاقات الدولية التي تفترض عقلانية سلوك صانع القرار ، و بتالي لابد من إقتراب أو خط تفكير مغاير لفهم هذا الموضوع و هذا النهج في التفكير يركز على ما يعرف بالثقافة الإستراتيجية للصين و دورها في توجيه السلوك الخارجي لها إتجاه دول المغرب العربي و من بين الأسئلة المهمة في هذا الصدد هل ستسمر الصين في منهجها السلمي ام لا ؟ ، و هذا يدخل ضمن نقاش كبير وهام في العلاقات الدولية .
رابط المصدر: