ملخّص:
يهدف هذا البحث إلى رصد دور مجلس الأمن في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار العالميّين، وذلك بالنظر لما يتمتّح به من صلاحيّة الإحالة بموجب نطام روما الأساسي. وتأتي أهميّة هذا الإجراء في أنّه يعمل على إلغاء الفواصل ما بين اختصاص القضاء الوطني الجنائي صاحب الأولويّة في حيازة الاختصاص في المتابعة والمقاضاة، والقضاء الدولي الجنائي صاحب الاختصاص التكميلي، وبخاصّة ما ينتج عن ذلك من تنازع محتمل في من يثبت له مبدأ الاختصاص في ظلّ وجود مبدأ السيادة الوطنيّة، والولاية القضائيّة العالميّة، ويثبتها للمحكمة الجنائيّة الدوليّة لتصبح صاحبة الاختصاص الوحيد في إجراء المحاكمة.
وقد اعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي، حيث تناول شرحًا لمفهوم الإحالة، وما يمكن أنْ يؤدّيَه من وظيفة في توسيع دائرة الملاحقة للمجرمين الدوليّين، حتى لو كانوا يتبعون لدولة غير طرف في معاهدة روما، وما يمكن أنْ ينشأ عن ذلك من تجاذبات سياسيّة وقانونيّة في ظلّ الهيمنة السياسيّة التي يرزح تحت وطأتها مجلس الأمن، وما ينتج عنه من تسييس متعمّد، وازدواجيّة في المعايير كتعبير صارخ لإقصاء العدالة العالميّة وتقييدها.
وكان من نتائج هذا البحث أنّ السلطة الممنوحة لمجلس الأمن بخصوص الإحالة فيها كثير من المحاذير التي يمكن أنْ تفضي إلى قرارات غير موضوعيّة، مرهونة بحكم التأثير المصلحي، والضغط السياسي، وهذا يشكّل مسًّا بجوهر العدالة، وقد يفسح المجال أمام إفلات المجرمين من المحاسبة، وعدم توقيع العقوبة المناسبة عليهم.