كانت البرتغال في أوج امتدادها الاستعماري من أغنى دول العالم، مستفيدة من ثروات مستعمراتها المنتشرة في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية.
إلا أن هذا الغنى لم يُستثمر في تطوير الصناعة المحلية، مما أدى إلى تراجعها الاقتصادي تدريجيًا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، لتصبح إحدى أفقر دول أوروبا الغربية.
ومع ثورة القرن العشرين، سعت البرتغال إلى إعادة بناء اقتصادها، فاتجهت نحو أوروبا وانضمت إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية عام 1986، مما حفز نموها الاقتصادي.
واليوم، تعتمد البرتغال بشكل أساسي على قطاع الخدمات، بينما يأتي التصنيع في المرتبة الثانية، وتقل مساهمة الزراعة عن 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
نظرة على أهم القطاعات الاقتصادية في البرتغال |
|
الزراعة، والغابات ومصايد الأسماك
|
– تواجه الزراعة البرتغالية تحديات عديدة، من أبرزها انخفاض الإنتاجية بسبب قلة الاستثمار والتكنولوجيا الحديثة وتجزئة الملكيات الزراعية.
– وعلى الرغم من ذلك، تتمتع البرتغال بسمعة عالمية في إنتاج بعض المنتجات الزراعية، مثل الطماطم.
– وتغطي الأراضي الزراعية ثلث مساحة البلاد، وتتركز بشكل رئيسي في الشمال.
– يُذكر أن القطاع الزراعي شهد تحولات كبيرة عبر التاريخ، حيث انتقل من نظام التعاونيات، إلى الملكية الخاصة.
– تغطي الغابات نحو ثلثي مساحة البلاد، وتعد البرتغال من أكبر منتجي الفلين في العالم. كما أن صناعة اللب والورق تلعب دورًا محوريًا في الاقتصاد.
– أما قطاع صيد الأسماك، الذي استفاد من الخط الساحلي الطويل، فينتج أصنافًا متنوعة مثل السردين والماكريل وسمك القد، لكنه تراجع في الثمانينيات بسبب المنافسة الدولية والأسطول القديم.
– وبفضل دعم الاتحاد الأوروبي، شهد القطاع انتعاشًا ملحوظًا في التسعينيات.
|
الصناعة: من التأميم إلى الخصخصة
|
– تتركز الصناعة البرتغالية بشكل رئيسي في مدينتي لشبونة وبورتو، حيث تهيمن الصناعات الثقيلة مثل تكرير النفط والبتروكيماويات وتوليد الكهرباء.
– أما المناطق الشمالية فتشتهر بصناعاتها الخفيفة مثل الأزياء والأثاث. وفي أعقاب الثورة البرتغالية عام 1974، شهدت الصناعة فترة من التأميم، سرعان ما عُقبت بمرحلة من الخصخصة في الثمانينيات، مما جذب استثمارات أجنبية، خاصة في القطاعات التكنولوجية المتقدمة.
|
التمويل: التحول نحو اليورو
|
– انتقلت البرتغال إلى مرحلة جديدة من تاريخها الاقتصادي باعتمادها عملة اليورو عام 1999 بعد استيفائها لشروط الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لتحل محل عملتها الوطنية الإسكودو.
– وقد شهد قطاع البنوك والتأمين تحولاً جذريًا بعد إلغاء سياسة التأميم التي اتبعتها في السبعينيات، مما أدى إلى تحديث الأسواق المالية واندماج بورصة لشبونة مع بورصة يورونيكست الأوروبية.
|
التجارة: شراكات قوية مع أوروبا
|
– تتمتع البرتغال بالرغم من صغر حجمها، بتجارة خارجية نشطة، حيث تتجاوز وارداتها صادراتها.
– وتشمل الواردات البرتغالية مجموعة واسعة من السلع، مثل الأغذية والمشروبات والنفط الخام والآلات.
– أما الصادرات فتتنوع بين السيارات ومكونات النقل والمنسوجات والمنتجات الغذائية مثل الفلين.
– وتركز التجارة البرتغالية بشكل كبير على دول الاتحاد الأوروبي، خاصة إسبانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة.
– وعلى الرغم من تراجع التجارة مع المستعمرات البرتغالية السابقة في أفريقيا، فإنها تشهد نموًا ملحوظًا مع أمريكا اللاتينية، لا سيما البرازيل.
ويعود ذلك إلى العلاقات التاريخية والاقتصادية الوثيقة بين البلدين.
|
قطاع النقل والموانئ والنقل البحري
|
– حققت البرتغال قفزات نوعية في قطاع النقل بفضل استثمارات ضخمة.
– فقد شهدت شبكة الطرق تطويرًا ملحوظًا، حيث تربط شبكة الطرق السريعة الحديثة بين المدن الكبرى مثل لشبونة وبورتو والغارف، فضلاً عن ربطها بالمدن الإسبانية المجاورة.
– يعد جسر فاسكو دا جاما، الذي يمتد على طول 17.2 كيلومترًا فوق نهر تاجوس، وجسر 25 أبريل من أبرز المعالم الهندسية التي تعكس هذا التطور. – أما قطاع السكك الحديدية، فقد شهد تحديثًا شاملًا بقيادة شركة ريدي فيروفياريا ناسيونال، حيث توسع مترو لشبونة وشبكة القطارات الخفيفة في بورتو لتغطي مناطق أوسع.
– تتمتع البرتغال بشبكة نقل متكاملة تغطي مختلف مناطق البلاد. فمطار بورتيلا في لشبونة هو البوابة الجوية الرئيسية، بينما تخدم مطارات أخرى المناطق الشمالية والجنوبية والجزرية.
– وتلعب شركة الطيران الوطنية “TAP Air Portugal” دورًا حيويًا في ربط هذه المناطق بعضها ببعض وبقية العالم.
– وعلى صعيد النقل البحري، تمتلك البرتغال موانئ رئيسية تقع على طول ساحلها، مثل موانئ لشبونة وليكسويس وسيتوبال، والتي تستخدم في التجارة الخارجية وتلعب دورًا هامًا في الاقتصاد.
|
قطاع الخدمات والسياحة |
– يشكّل قطاع الخدمات عصب الاقتصاد البرتغالي، حيث يساهم بأكثر من ثلاثة أخماس ناتجه الإجمالي.
– شهد القطاع السياحي نموًا ملحوظًا، حيث تستقطب البرتغال ملايين الزوار سنويًا.
– وتعتبر لشبونة والغارف ووادي دورو من أهم الوجهات السياحية التي تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم، ولا سيما من فرنسا وألمانيا وإسبانيا والمملكة المتحدة.
|
التحول الرقمي والاتصالات
|
– شهد قطاع الاتصالات في البرتغال قفزة نوعية خلال العقدين الأخيرين، حيث كان انتشار الهواتف الثابتة بطيئًا، لكن الهواتف المحمولة عوضت ذلك بسرعة.
– بحلول نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبح لدى البرتغال 1.4 اشتراك في الهاتف المحمول للشخص الواحد، مما جعلها من بين الدول الأوروبية الرائدة في هذا المجال.
– تبنَّت البرتغال إصلاحات شاملة في قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية، ما أدى إلى تحرير السوق وخصخصة العديد من الشركات العامة.
– ورغم ذلك، كان استخدام الإنترنت والكمبيوتر الشخصي في البداية أقل من المتوسط الأوروبي، لكن مع مرور الوقت، ازدادت نسبة استخدام الإنترنت، خاصة مع تطور التكنولوجيا وشبكات الألياف البصرية.
|
سوق العمل وشيخوخة السكان
|
– إلى جانب الدين العام، يواجه سوق العمل في البرتغال تحديات هيكلية تتعلق بارتفاع معدل البطالة بين الشباب.
– على الرغم من انخفاض معدل البطالة بشكل عام في السنوات الأخيرة، فإن نسبة البطالة بين الشباب تظل مرتفعة مقارنة مع باقي دول الاتحاد الأوروبي. كما أن سوق العمل يعاني من فجوات في المهارات، مما يتطلب زيادة الاستثمار في التعليم والتدريب المهني لتحسين تكافؤ الفرص.
– من جهة أخرى، يعاني الاقتصاد البرتغالي من شيخوخة السكان، حيث يتزايد عدد كبار السن بالمقارنة مع الشباب.
– يضغط هذا الوضع على نظام الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، ويزيد من الحاجة إلى سياسات تدعم القوى العاملة الشبابية وتساعد في تحقيق التوازن بين الأجيال.
|
الخلاصة
– واجهت البرتغال تحديات اقتصادية كبيرة خلال السنوات الماضية، إلا أنها تمكنت من التغلب عليها بفضل الإصلاحات الهيكلية والدعم الدولي.
– وقد تحولت من اقتصاد قائم على الزراعة والصناعة التقليدية إلى اقتصاد متنوع يعتمد على الخدمات والسياحة.
– وتستغل البرتغال الآن موقعها الجغرافي المتميز ومواردها الطبيعية والبشرية لتعزيز نموها الاقتصادي، مع التركيز على القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.