السياسة الخارجية الأمريكية تجاه أفريقيا السودان أنموذجا

تقديم :-

بداء الاهتمام الأمريكي يتزايد تجاه السودان بعد انقلاب 17 نوفمبر 1958م على يد الرئيس الأسبق إبراهيم عبود، وكانت السياسة الأمريكية في ذلك الوقت تقوم على مبدأ الاعتماد على الأنظمة العسكرية، والتي تعتبر من وجهة نظرها حليفاً استراتيجياً يمكن التعامل معه بسهولة. فقبلت حكومة عبود المعونة الأمريكية الذي زار الولايات المتحدة حيث وجد الترحيب، ولكن بعد ثورة أكتوبر تدهورت العلاقة مع الولايات المتحدة حتى قطعت نهائياً بعد حرب 1967م.

في بدايات انقلاب مايو 1969م وحتى 1971م كانت علاقات النظام مع الإدارة الأمريكية سيئة بسبب انحياز النظام للمعسكر الشرقي، واعترافه بألمانيا الشرقية، وتبنيه لسياسات المصادرة والتأميم، وانحيازه للتيار العربي الاشتراكي المعادي للرأسمالية والامبريالية، ولكن بعد فشل المحاولة الانقلابية الشيوعية 1971م غيّر النظام توجهه نحو الولايات المتحدة فعاود الأمريكان اهتمامهم بالسودان، حيث عززت الولايات المتحدة في هذه الفترة من وجودها السياسي والأمني والاقتصادي في السودان.

وقد حصل السودان أوانها على دعم أمريكي كان الأكبر في أفريقيا جنوب الصحراء، وكان من نتائج توطيد هذه العلاقات دخول شركة شيفرون الأمريكية للاستثمار في مجال النفط في السودان، إضافة إلى تدفق المعونات الأمريكية وصندوق النقد الدولي على السودان في تلك الفترة. وظلت العلاقات السودانية الأمريكية جيدة في عهد النميري رغم مقتل السفير الأمريكي ونائبه بالخرطوم 1973م على يد جماعة أيلول الأسود، وعلى الرغم من غياب الديمقراطية التعددية، وانتشار انتهاكات حقوق الإنسان، وهذا يدلل على أن كل ذلك لم يكن من محددات العلاقة. ووصلت العلاقات السودانية-الأمريكية أوج تحسنها حينما شارك الرئيس نميري في عملية نقل اليهود الفلاشا إلى إسرائيل، كما زادت المعونات الاقتصادية للسودان إلى أكثر من أربعمائة مليون دولار في عام 1985م، بينما بلغت المعونات العسكرية خلال ثلاث سنوات ما بين (1982 -1985م) أكثر من ثلاثمائة مليون دولار.

وقع السودان تحت طائلة حظر اقتصادي وتجاري أمريكي منذ 1997م لعلاقته المزعومة بشبكات الإرهاب، وظل على قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب مدة طويلة، وكانت أول حزمة من العقوبات حدت من التجارة والاستثمار الأمريكيين مع السودان، وجمدت أرصدة الحكومة السودانية في البنوك الأمريكية، وفي 2006م فرضت أوامر تنفيذية حزمة إضافية من العقوبات بسبب النزاع في دارفور.

تركز هذه الدراسة على النمط العام الذى يميز السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا قبل بداية الحرب الباردة، والذي اتسم بالعزلة، وكف الأيدي عن التدخل في الشئون الداخلية للقارة، والوقوف الأمريكي الصامت والسلبي تجاه مؤتمر برلين عامي 1884م – 1885م، والذي تم بمقتضاه تقسيم أفريقيا بين القوى الاستعمارية الأوروبية، ويبدو أن نية  الولايات المتحدة في التدخل في شؤون الدول الأفريقية بات واضحا في سياستها مع السودان، الذي انتهى بتقسيمه لدولتين هشتين خاضعتين للسياسة والهيمنة الأمريكية.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M