الإمارات وإيطاليا: تعميق الشراكة الاستراتيجية في ظل مشهد دولي مضطرب

  • عزَّزت الإمارات العربية المتحدة وإيطاليا شراكتهما الاستراتيجية الشاملة من طريق اتفاقية استثمارية تاريخية بقيمة 40 مليار دولار أمريكي. ويمثل هذا التعاون علامة فارقة تاريخية في مسار علاقاتهما الثنائية.
  • تُدرِك الإمارات وإيطاليا أن لديهما مزايا ونقاط قوة يمكن أن تُشكِّل مجالاً للاستفادة والتعلم في ما بينهما، وتبادُل المصالح على هذا الأساس، وبالتالي تعميق الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين.
  • من القضايا والملفات التي تشترك الإمارات وإيطاليا في الحرص على التعاون والتنسيق فيها: أمن الطاقة، والفضاء، والتعاون الدفاعي، والتجارة، والاستثمارات، والثقافة، والأمن الغذائي، والتكنولوجيا المتقدمة، ومواجهة التغير المناخي، والتحديات الجيوسياسية الإقليمية.
  • في ظل تشتُّت المشهد الدولي واضطراب النظام الاقتصادي العالمي، يستمر التوجُّه الإماراتي الواقعي في توسيع دوائر الشركاء الدوليين، ومن بينهم إيطاليا، الذين يتعاونون مع الإمارات على تحقيق أهدافها الوطنية والتنموية بمساراتها المتعددة.

 

مثَّلَت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، حفظه الله، إلى إيطاليا، قبل أيام، مثَّلت مبادرة استراتيجية بنّاءة لتعميق الشراكة بين البلدين الصديقين، وبما يخدم مصالحهما الوطنية.

 

ففي الرابع والعشرين من فبراير 2025، عززت الإمارات العربية المتحدة وإيطاليا شراكتهما الاستراتيجية الشاملة من طريق اتفاقية استثمارية تاريخية بقيمة 40 مليار دولار أمريكي. ويمثل هذا التعاون علامة فارقة تاريخية في مسار علاقاتهما الثنائية.

 

وبالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، تُمثِّل هذه الاتفاقية خطوة حاسمة في جهودها لتنويع اقتصادها إلى ما هو أبعد من النفط وتعزيز الشراكات العالمية. ومن طريق توجيه الأموال إلى قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والترابط الرقمي والمعادن النادرة والتصنيع المتقدم والطاقة المتجددة، تهدف دولة الإمارات العربية المتحدة إلى وضع نفسها قائداً عالمياً في مجال الابتكار والتنمية المستدامة. وعلاوة على ذلك، تعمل هذه الاتفاقية على تعزيز التحالفات الدولية لدولة الإمارات، وخاصة داخل أوروبا.

 

إن تعزيز العلاقات مع إيطاليا لا يَفتحُ أسواقًا جديدة للشركات الإماراتية فحسب، بل يُعزز أيضًا التعاون في الصناعات المتطورة، بما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل لدولة الإمارات العربية المتحدة.

 

مثَّلت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد إلى إيطاليا مبادرة استراتيجية بنّاءة لتعميق الشراكة بين البلدين الصديقين (فرانس برس)

 

مجالات واسعة للتعاون بعد إعادة الزخم للعلاقات

كانت زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، إلى الإمارات، في مارس 2023، خطوة فعّالة في إعادة زخم العلاقات المميزة بين البلدين؛ بعد سوء تفاهم على خلفية الحرب في اليمن. لقد تم رفع العلاقات بين الإمارات وإيطاليا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.

 

وثمة مجموعة من القضايا والملفات التي يشترك البلدان في الحرص على التعاون والتنسيق فيها، من قبيل أمن الطاقة والفضاء والتجارة والاستثمارات والثقافة والتعاون الدفاعي والأمن الغذائي والتكنولوجيا المتقدمة ومواجهة التغير المناخي، وغير ذلك. كما أن هناك مجالات جيوسياسية من مصلحة البلدين توثيق التفاهُم والتعاون فيها؛ سواء في السياق الإقليمي أو الدولي.

 

ثمَّة مساحة توافق مشتركة بين روما وأبوظبي على أن الحوار وتغليب الحلول الدبلوماسية والتعاون هو السبيل لمعالجة مختلف الأزمات

 

وتُمثِّل مسألة تمكين الاستقرار والتنمية في منطقة شمال أفريقيا، وخاصة في ليبيا وتونس، جزءاً من هذه الاهتمامات، مثلما هو الأمر في الملف السوري بعد مجيء إدارة سورية جديدة أعقبت سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024. هذا يعني مجالاً واسعاً للتعاون بين الإمارات وإيطاليا ودول أخرى في أمن البحر المتوسط، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، وبذل الجهود الممكنة الهادفة إلى تخفيف حالة الاضطراب التي نراها في المشهدين الدولي والإقليمي. ولهذا من المهم تحفيز الدبلوماسية للبحث عن مقاربات واقعية وأكثر فاعلية واستدامة.

 

وثمَّة مساحة توافق مشتركة بين روما وأبوظبي على أن الحوار وتغليب الحلول الدبلوماسية والتعاون هو السبيل لمعالجة مختلف الأزمات والملفات.

 

لدى كلٍّ من الإمارات وإيطاليا مزايا ونقاط قوة يمكن أن تُشكِّل مجالاً للاستفادة والتعلم في ما بينهما (وام)

 

تبادُل المزايا والخبرات

لدى كل من الإمارات وإيطاليا مزايا ونقاط قوة يمكن أن تُشكِّل مجالاً للاستفادة والتعلم في ما بينهما، وتبادل المصالح على هذا الأساس، وبالتالي تعميق الشراكة الاستراتيجية.

 

وبوصفها اقتصاداً واعداً في مجموعة السبع، يمكن لروما أن تُقدِّم كثيراً من الفرص لاستراتيجية الإمارات، التي تعد ثاني أكبر اقتصادي عربي، في تنويع اقتصادها. وفي المقابل، يمكن للإمارات أن تكون مفيدة، على سبيل المثال، في تبادل الخبرة في التنظيم القانوني لقطاع الفضاء، وهو قطاع واعد لدى البلدين.

 

تتيح شراكة الإمارات مع إيطاليا وصولاً أفضل للسوق الأوروبية، وربما المساعدة في تمهيد الطريق لاتفاقية تجارة حرّة بين الإمارات وأوروبا

 

في السَّابق، وقَّعت الدولتين اتفاقيتين مهمتين في قطاع الفضاء، حيث انضمت إيطاليا إلى مهمة راشد روفر 3 ومهمة الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات، ما يعكس طموحات البلدين لدفع حدود الابتكار التكنولوجي.

 

وتتيح شراكة الإمارات مع إيطاليا وصولاً أفضل للسوق الأوروبية، وربما المساعدة في تمهيد الطريق لاتفاقية تجارة حرّة بين الإمارات وأوروبا، هي مجال طموح منذ سنوات.

 

في ظل تشتُّت المشهد الدولي واضطرابه، يستمر التوجُّه الإماراتي الواقعي في توسيع دوائر الشركاء الدوليين، ومنهم إيطاليا (شترستوك)

 

احتواء اضطراب المشهد الدولي عبر توسيع الشراكات

وفي ظل تشتُّت المشهد الدولي واضطراب النظام الاقتصادي العالمي، يستمر التوجُّه الإماراتي الواقعي في توسيع دوائر الشركاء، ومنهم إيطاليا، الذين يتعاونون مع الإمارات على تحقيق أهداف ملحة، من بينها:

  1. بناء سلاسل إمداد أكثر مرونة.
  2. دعم التجارة والاندماج البناء في السوق العالمية.
  3. تنويع محفظة الاستثمارات مع التركيز على صناعات المستقبل والاستدامة.
  4. خلق بدائل لتقليص تأثير الضغوط والتصدعات الجيوسياسية على الخطط والطموحات والمشروعات الاقتصادية الكبيرة؛ مثل “إيميك”.
  5. إدارة تحديات أمن الطاقة العالمي، بمفهومه الشامل الذي يضم الاستدامة والوفرة في آن معاً.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M