تقديم : –
لا خلاف في أن الأمن الغذائي من أهم ركائز الدول والشعوب ،فهو المحدد الأساسي للنمو والتطور ، وهو كذلك ركيزة من ركائز التنمية المستدامة ، ومن المعلوم أن الدول العربية لها ما يؤهلها للوصول للاكتفاء الذاتي علي أقل تقدير ، فالقرن الواحد والعشرون هو قرن السرعة وقرن الأزمات المتتالية ، لذلك كان لزاما علي الدول العربية مجارات واقعها وتنمية مهاراتها التكنولوجية لمعاصرة جميع التغيرات الآنية والمستقبلية ، فمفهوم الأمن توسع كما أن مفهوم التهديد أصبح أكثر مرونة ، مما أوجب الاعتماد علي البدائل المرنة والاستراتيجيات بعيدة المدي ،كما يعد أيضا الذكاء الاصطناعي نمطا جديدا من مخرجات العولمة فهو يسهل علي البشرية الخوارزميات المعقدة ويعطيها سيناريوهات مستقبلية من خلال المعادلات المشفرة والمعقدة فيه ،فكان لزاما علي الدول العربية مجارات هذه التكنولوجيا والاعتماد عليها لتحقيق الاكتفاء الغذائي علي الأقل والتطلع الي الرهانات المستقبلية ،لأن الأمن الغذائي العربي ينخرط الآن ضمن ما يعرف بالجغرافيا السياسية للدول العربية التي تحوي في مجملها جميع المقدرات المادية والمعنوية للوصول إلي أمن غذائي مركب يحوي جميع الدول في الألفية القادمة .
كما يعتبر عامل الأمن الغذائي مؤشرا أساسيا للنشاط الحيوي للمجتمعات، وضمانه على المستوى العالمي يعتمد على الالتزام بتنفيذ المعاهدات الدولية، إلى جانب العديد من العوامل المتباينة الأخرى – والتي لا تقل أهمية عن هذا الجانب – فقد أشار “مونكومبو سواميناثان” “Munkumbu Swaminathan“ إلى بعد آخر مساعد على تجسيد هذا الهدف الإستراتيجي والمتعلق بإنشاء فريق الخبراء رفيع المستوى كخطوة مهمة يمكن أن تساهم في بناء تحالف بين الفواعل الساعية للقضاء على الجوع وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي للشعوب والمجتمعات، حيث توفر تقارير فريق الخبراء الرفيع المستوى نقطة انطلاق مشتركة لتحقيق تماسك السياسات في لجنة الأمن الغذائي العالمي، ويسعى فريق HLPE في تقاريره إلى تقديم لمحة شاملة عن المواضيع التي اختارتها لجنة الأمن الغذائي العالمي، بالاعتماد على أحدث نتائج البحوث ومع مراعاة أشكال المعرفة المختلفة.
ومع ذلك فهناك عوامل معقدة ومترابطة تعيق الجهود الدولية الرامية إلى القضاء على الجوع وتحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة (القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة)، بدءاً من الجانب الاقتصادي وحتى البيئي، كما ويتطلب تقييم آفاق القضاء على الجوع فهمًا دقيقا للأمن الغذائي يتجاوز القضايا التنموية أو الإنسانية، ليشمل الروابط مع الجغرافيا السياسية التي تتقاطع مع مجالات كالموارد الطبيعية، والتجارة، والنزاعات المسلحة، وتغير المناخ، حيث تؤدي الأحادية ونهج المحصلة الصفرية تجاه الأمن إلى إعاقة الجهود الرامية إلى القضاء على الجوع وتقويض الأطر التي تحكم تلك الجهود، وعلى هذا الأساس يسلط هذه العمل الضوء على إعطاء الجغرافيا السياسية مكانة أكثر بروزًا في النقاش حول الأمن الغذائي، مع تحديد تأثيرها عبر مجموعة من المجالات التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي، بما في ذلك معطيات متغير الذكاء الاصطناعي.
- وعليه يتجلي مشكل دراستنا هذه حول مدى تناسق الجغرافيا السياسية للأمن الغذائي العربي مع التكنولوجيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي وكيفية التحكم في أنماطه لتسهيل الوصول إلي أمن غذائي عربي ؟ سليم جداي . حورية قصعة