مسار «تركيا بلا إرهاب» يتحوَّل إلى مصالحة مع «العمال الكردستاني» وليس الأكراد

  • تمضي أنقرة في خطواتها العملية لتنفيذ خطة “تركيا بلا إرهاب” التي تهدف لإيجاد المخرج القانوني والدستوري لتخلي حزب العمال الكردستاني عن السلاح وحلّ نفسه بالتفاهم مع الدولة التركية، حيث بدأت في الانعقاد جلسات لجنة برلمانية بهذا الشأن مهمتها وضع توصيات للبرلمان بالتعديلات القانونية والدستورية لتحقيق هذه الخطة.
  • لا يخرج المسار الحالي لحل القضية الكردية في تركيا عن “مصالحة” بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني فقط، دون تقديم حل ديمقراطي حقيقي لحقوق الأكراد في تركيا، خصوصاً بعد تنازل أوجلان عن مطالب حزبه بالفدرالية أو الحكم الذاتي. 
  • يُرجَّح أن تنجح اللجنة البرلمانية في إعداد التوصيات التي تُرضي حزب العمال الكردستاني وزعيمه أوجلان، وأن تُقرَّ برلمانياً مع تقديم أوجلان زعيماً سياسياً وحليفاً للسلطة في أنقرة، وقد تُسهم خطوة كهذه في تسريع الحوار بين أنقرة و”قسد” في شمال سورية، مع أن نجاح حوار كهذا قد لا يكون مضموناً.

 

بدأت تركيا أولى خطواتها العملية من أجل تنفيذ خطة «تركيا بلا إرهاب» التي تهدف لإيجاد المخرج القانوني والدستوري لتخلي حزب العمال الكردستاني عن السلاح وحلّ نفسه بالتفاهم والاتفاق مع الدولة التركية، وهي الخطة التي دعا إليها دولت باهشلي زعيم حزب الحركة القومية في أكتوبر الماضي ودعمها زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان وباركها الرئيس رجب طيب أردوغان، وذلك من طريق انعقاد أولى جلسات لجنة برلمانية بهذا الشأن في 5 أغسطس الجاري مهمتها وضع توصيات للبرلمان بهذا الشأن فيما يتعلق بالتعديلات القانونية والدستورية لتحقيق هذه الخطة وهذا المسار. ومع هذه الخطوة بدأت تتكشف ملامح أوضح لهذه الخطة التي ما زالت حتى الآن بعيدة عن الشفافية والأهداف الحقيقية التي اتفقت عليها الدولة التركية مع أوجلان وحزبه.

 

تركيب اللجنة وأهدافها وموقف المعارضة

في شهر مايو  الماضي اقترح دولت باهشلي زعيم حزب الحركة القومية إنشاء لجنة برلمانية للإشراف على عملية «تركيا بلا إرهاب» بهدف إشراك المعارضة في هذا المسار، واعتبار المشروع مشروعاً وطنياً وليس خطة حكومية، والحصول على مشروعية القرارات التي ستُتخَذ بشأن إصدار عفو عن عناصر حزب العمال الكردستاني أو الافراج عن زعيمه عبدالله أوجلان، وهي قرارات قد تواجه معارضة شعبية، لا تريد الحكومة أن تتوجه ضدها وحدها.

 

وفي البداية أبدى حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة تردُّدَه في الانضمام إلى هذه اللجنة، خشية أن يكون الهدف المطلوب من مشاركته هو إضفاء الشرعية دون أن يكون له تأثير في قراراتها، لذا طالب زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال أن تُتخَذ قرارات اللجنة بأغلبية ثلثي الأعضاء، ووافق رئيس البرلمان نعمان كورطولمش على هذا الشرط، مما أدى إلى انضمام حزب الشعب الجمهوري إلى اللجنة. لكن تركيب اللجنة المكونة من 51 برلمانياً يكشف أن هذا الشرط ما كان سوى حجة لتسويغ الانضمام ليس أكثر، إذ إن أعضاء حزب الشعب الجمهوري في هذه اللجنة لا يزيد عددهم عن 10، مقابل 21 من حزب العدالة والتنمية الحاكم و4 من شريكه حزب الحركة القومية، و4 من حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب الكردي، ممَّا يعني إمكانية وصول التحالف الحاكم إلى أغلبية ثلثي الأصوات -31 صوتاً- في حال اتفاق التحالف الحاكم مع الأكراد وثلاثة نواب آخرين من الأحزاب الصغيرة المشاركة في اللجنة. وعليه يبدو أن هناك مساومات أو مفاوضات جرت بين حزب الشعب الجمهوري المعارض والحكومة لقبول الانضمام إلى اللجنة مقابل -على الأغلب- الإفراج عن عدد من رؤساء البلدية التابعين للحزب المعارض والذين تجري محاكمتهم بتهم فساد، لكن من غير المتوقع أن يكون رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مشمولاً بهذا الاتفاق المفترض.

 

اللجنة البرلمانية لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني تعقد جلسات استماع حول عملية السلام الداخلي (البرلمان التركي)

 

وقد نشرت صحيفة “تركيا”، المحسوبة على الحكومة، في عددها الصادر 6 أغسطس، أن مهمة هذه اللجنة هي تقديم توصيات إلى البرلمان لإصدار قوانين عفو شامل عن عناصر حزب العمال الكردستاني، والإفراج عن عبدالله أوجلان والسماح له بالعمل السياسي لتشكيل حزب سياسي جديد، وتعديل عدد من مواد الدستور وعلى رأسها المادة 66 التي تتعلق بتعريف المواطنة في تركيا لتغيير التعريف القائم حالياً بأن “جميع المواطنين في الجمهورية التركية أتراك”. في المقابل، فإن أي طلب للمعارضة في هذه اللجنة بشأن الإفراج عن السجناء السياسيين الآخرين سيصطدم -على الأغلب- برفض التحالف الحاكم الذي يتمتع بـ 25 عضواً في هذه اللجنة، ويستحيل وصول المعارضة بأي طلب لها إلى نسبة الثلثين مع هذا التوزيع للأعضاء.

 

وأعلن أوزغور أوزال، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، أن حزبه سيرفض أي طلب للجنة لتغيير أي مادة في الدستور تتعلق بهوية الجمهورية التركية العلمانية أو تركيبتها بوصفها دولة قومية. ومن المفترض أن تُنهي هذه اللجنة أعمالها في خلال هذا الصيف، وأن تُقدِّم تقريرها وتوصياتها للبرلمان الذي سيعقد دورته الجديدة في أول أكتوبر المقبل، من أجل سنّ هذه التوصيات وإقرارها قانونياً ودستورياً.

 

هل يمكن حل القضية الكردية خارج إطار الديمقراطية؟ 

اتفقت اللجنة البرلمانية في أول اجتماعاتها على تغيير اسمها إلى “لجنة التضامن الشعبي والديمقراطية” بطلب من أعضاء المعارضة، الذين يسعون إلى طلب توسيع الحريات والديمقراطية في تركيا بالتوازي مع حل القضية الكردية، وفي هذا الإطار قال أوزغور أوزال زعيم حزب الشعب الجمهوري “إنه لا يمكن أن نفكر بإصدار عفو عن إرهابيين حملوا السلاح ضد الدولة وقتلوا أبناءها، وأن نستثني من هذا العفو المساجين السياسيين الذين لم يحملوا السلاح وسجناء الرأي”. لكن لا يبدو أن خطة التحالف الحاكم ستقبل بهذا المسار، والدليل -حتى الآن على الأقل- هو بقاء الزعيم الكردي السابق صلاح الدين دميرطاش في السجن، ورفض المحكمة إخلاء سبيله على رغم وجود قرار من المحكمة الدستورية، أعلى مرجع قضائي في تركيا، بإخلاء سبيله والإفراج عنه منذ أكثر من 3 سنوات. إذ يمثل دميرطاش بتاريخه السياسي المعروف وقربه من الشباب تحدياً للمشروع الذي يعمل عليه الرئيس أردوغان وأوجلان، حيث يدعو دميرطاش إلى حل القضية الكردية عبر توسيع الديمقراطية وترك المطالب القومية والفئوية.

 

وعليه، فإن المسار الحالي لحل القضية الكردية في تركيا لا يخرج عن “مصالحة” بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني فقط، دون تقديم حل ديمقراطي حقيقي لحقوق الأكراد في تركيا، خصوصاً بعد تنازل أوجلان عن مطالب حزبه بالفدرالية أو الحكم الذاتي، وتركيز مطالب أوجلان وحزبه على إصدار عفو عن عناصر الحزب وعنه، والسماح لتحوُّل حزب العمال الكردستاني إلى حزب سياسي فاعل بقيادة أوجلان في تركيا فقط حتى الآن. وهي مصالحة اقتضتها التغييرات الحاصلة في سورية مع سقوط نظام بشار الأسد، أي أن دوافع هذه المصالحة خارجية صرف وليست داخلية. كما أن توسيع حريات الرأي والديمقراطية والشفافية تتعارض مع سياسات التحالف الحاكم حالياً، ولن تساعده على البقاء في الحكم مستقبلاً، خصوصاً مع سياسات التحالف الحاكم القائمة على سجن المعارضين بتهم مختلفة والاستعانة بالتعتيم الإعلامي ضد المعارضة، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي السيء الذي تعاني منه تركيا والذي تتحمل مسؤوليته الحكومة حالياً. ولذا، فإنّ من المنطقي النظر إلى ما يحدث على أنه مشروع “سياسة خارجية وأمنية” أكثر من كونه مشروعاً لتوسيع الديمقراطية والحريات لحل القضية الكردية. وبشكل مباشر فإن الأمر مشروع مصالحة بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني من أجل مصلحة مشتركة يجري العمل عليها في المنطقة، وخصوصاً في سورية والعراق.

 

المسار الحالي لحل القضية الكردية في تركيا لا يخرج عن “مصالحة” بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني فقط (شترستوك)

 

مستقبل مشروع المصالحة الكردية وسورية 

أمام التحدي الذي تمثله التطورات في سورية، فإن تركيا ملزمة بوضع أكثر من خطة سياسية لمواجهة أكثر من سيناريو محتمل في سورية، فعلى الرغم من أن الأولوية للسوريين وتركيا والدول العربية هي بقاء سورية دولة قومية موحدة، فإنّ اضطراب الأوضاع فيها، وهوية الإدارة الانتقالية، والدفع القوي من إسرائيل لتقسيم سورية، كلها عوامل تجعل سيناريو التقسيم احتمالاً لا يمكن تجاهله، لذا فإن تطوير أنقرة علاقاتها مع الأكراد في سورية -عبر جسر أكراد تركيا وحزب العمال الكردستاني- يُعد استراتيجية مهمة لأنقرة سواء بقيت سورية موحدة أو صارت للتقسيم. ومن هنا تأتي أيضاً إشارات بعض المسؤولين الأتراك لمخاطبة عواطف مختلف الطوائف في سورية.

 

ونُسِب في يوليو الماضي لزعيم حزب الحركة القومية دولت باهشلي، قوله “إنه يجب أن يتغير الدستور في تركيا ليكون الرئيس تركياً وله نائبان كردي وعلوي”. وعلى الرغم ممَّا أثاره هذا التصريح من سجال ورفض في الأوساط السياسية لما يشكله من تهديد مباشر لتركيبة تركيا القومية، فإنّ حزب الحركة القومية وزعيمه باهشلي لم ينفيا هذا التصريح ولم يقدما أي توضيح بشأنه. في المقابل صرَّح الرئيس رجب طيب أردوغان بأنه يسعى إلى تشكيل تحالف كردي تركي عربي، وهو أيضاً التصريح الذي أثار تساؤلات عدة، خصوصاً أن العنصر العربي في تركيا غير مؤثر بل غير موجود على عكس المكونين الكردي والعلوي اللذين يتمتعان بتمثيل سياسي غبر مباشر وجمعيات ثقافية وحقوقية. ولهذا عَدَّ كثيرون أن التصريح لا يخص تركيا والداخل التركي فقط وإنما العرب والأكراد في سورية أيضاً، وهو ما ينسجم مع القول بأن مشروع “المصالحة الكردي” مشروع سياسة خارجية، خصوصاً أنه في حال تمت هذه المصالحة، وأقر البرلمان التركي رؤية باهشلي، فإن تركيا ربما تذهب إلى انتخابات جديدة بعد عام وفق نظام جديد، يهدف إلى أن يكون الرئيس فيه رجب طيب أردوغان ونائبه الكردي عبدالله أوجلان، وهذا يعني ظهور أوجلان بصفته زعيماً كردياً، وذراعاً للدولة التركية يمكنه أن يتواصل مع أكراد المنطقة، وخصوصاً أكراد سورية الذين يدينون بالولاء له ولحزبه، وبينهم قوات سورية الديمقراطية. وهو سيناريو مهم، يسمح بحصول المصالحة بين تركيا و”قسد” وتوسيع نفوذ تركيا إلى شمال سورية، تنفيذاً لرؤية أوجلان الذي دعا إلى تحالف تركي كردي في المنطقة ضد “التهديدات الإسرائيلية”.

 

المصالحة الكردية وتقاسم النفوذ في سورية مع إسرائيل 

لم تُسفِر اللقاءات التركية الإسرائيلية في باكو عن أي تفاهمات حول تقاسم النفوذ في سورية، أو على الأقل منع أي صدام عسكري بين الطرفين، بعد قصف إسرائيل لقواعد عسكرية سورية كانت تركيا تستكشفها بهدف إقامة قواعد عسكرية لها فيها. ويبدو من خلال هذه الخطوات الإسرائيلية أن تل أبيب رسمت خطاً أحمر لتركيا في سورية، يحد نفوذها الفعلي على الأرض بشمال سورية فقط. لذلك من مصلحة تركيا المصالحة مع “قسد” وتوسيع نفوذها في شرق الفرات، أو على الأقل الوصول إلى تفاهمات مع “قسد” تمنع وصول النفوذ الإسرائيلي إلى مناطقه. وهو أمر يمكن تحقيقه -ولو نظرياً- من طريق استخدام عبدالله أوجلان في صورة زعيم كردي إقليمي، ومسؤول مهم في الدولة التركية، يستطيع الحوار بشكل أكبر مع “قسد” وأكراد سورية وتعزيز الثقة بينهم وبين تركيا. وأشار المرصد السوري نقلاً عن مسؤولين أكراد في سورية إلى وجود تيار كردي مهم يفكر بالتقارب مع تركيا في حال فشلت مفاوضات “قسد” مع دمشق، بل وطلب الانضمام إلى الدولة التركية. وقد يكون هذا الخبر بالون اختبار، إلا أن أحداً في “قسد” لم ينفه حتى الآن.

 

وإذا كان التفكير بتغيير خرائط المنطقة وتقسيم سورية صعباً حالياً، فإن مدَّ النفوذ التركي إلى شرق الفرات على غرار ما حصل سابقاً بين أنقرة وأربيل في كردستان العراق مُمكنٌ في حال مضى مسار المصالحة الكردية في تركيا دون عراقيل، بل قد يكون هدفاً سياساً وأمنياً استراتيجياً لتركيا التي تدرك أنه في حال ذهبت سورية إلى التقسيم، نتيجة سوء إدارة الحكومة السورية الحالية ودفع تل أبيب لدعم هذا التوجه، فإن تركيا لن تستطيع منع هذا المسار، وسيكون الخيار الأفضل لها حينها الحصول على حصة من أي تقسيم للنفوذ في سورية سواء كان سياسياً أو جغرافياً. ومن هنا يمكن فهم الرهان التركي على عبدالله أوجلان بذاته وشخصه وكيل المديح له في الفترة الأخيرة من قبل زعيم حزب الحركة القومية دولت باهشلي.

 

لا يزال كثير من الأتراك يعتقدون بأن صفقة حل حزب العمال الكردستاني والعفو عن زعيمه ومسلحيه، أمر لا يمكن القبول به (أ.ف.ب)

 

خلاصة واستنتاجات

على الرغم من العمل سياسياً وبرلمانياً في تركيا من أجل ما يسمى “بالمصالحة الكردية”، فإنَّ الحقيقة هي أن هناك مصالحة محدودة وواضحة المعالم بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني فقط دون حل جذري للقضية الكردية كما يتوقع الأكراد، وهدفها سياسي خارجي في غالبه، يهدف لتوسيع نفوذ تركيا سياسياً في شمال سورية في حال بقيت موحدة، وعسكرياً وربما جغرافياً في حال ذهبت للتقسيم، وذلك من طريق تحوُّل زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان إلى ذراع للدولة التركية في سورية مستقبلاً.

 

والاحتمال الراجح حتى الآن أن تنجح اللجنة البرلمانية في إعداد التوصيات التي تُرضي حزب العمال الكردستاني وزعيمه أوجلان، وأن يتم إقرارها في البرلمان مع تقديم أوجلان بوصفه زعيماً سياسياً وحليفاً للسلطة في أنقرة، وهو ما سيكون له رد فعل سياسي رافض من قبل بعض التيارات الشعبية، لكن سيتم التغطية على ذلك ربما بالحديث عن “خطورة الوضع في شمال سورية وتهديده لأمن تركيا، وحاجة أنقرة لأوجلان والأكراد لمساعدتها”، وهو ما من شأنه تسريع الحوار بين أنقرة و”قسد”، بل وأن تسعى أنقرة من طريق أوجلان لإقناع قسد بقطع علاقاتها مع إسرائيل والانضمام إلى الجيش السوري والإبقاء على سورية موحدة.

 

مع ذلك، يظل هناك احتمال أن ينسحب حزب الشعب الجمهوري المعارض من اللجنة بسبب ضغط شعبي يرفض قرارات الإفراج عن أوجلان والعفو عن مسلحي حزب العمال الكردستاني. لكن الانسحاب، حتى لو حصل، فإنّه لن يؤثر في عمل اللجنة بأغلبية الأعضاء من التحالف الحاكم وأحزاب المعارضة الصغيرة والحزب الكردي، لإصدار التوصيات اللازمة، وإن بشكل يخرج عن الإجماع.

 

والأهم هو احتمال فشل الحوار بين تركيا وقوات سورية الديمقراطية بسبب تفضيل “قسد” الرهان على واشنطن وتل أبيب في دعمها، واحتمال دخول “قسد” في حرب مع قوات الإدارة الانتقالية في دمشق، وهذه كلها احتمالات تُعرقِل “مسار الحل” المنشود في تركيا، وهنا قد تدفع المصلحة السياسية الرئيس أردوغان للانقلاب على هذه المصالحة، التي في هذه الظروف لا تجلب له أي منفعة سياسية داخلية أو خارجية إذا ما اتضح أنه لا سلطة لعبدالله أوجلان على “قسد” وأكراد سورية، إذ إن الشارع التركي ما زال يعتقد بأن صفقة حل حزب العمال الكردستاني والعفو عن زعيمه ومسلحيه، مقابل عودتهم للعمل السياسي في البرلمان التركي، أمر لا يمكن القبول به، خصوصاً أن الحكومات التركية المتعاقبة رفضت هذه الفكرة من أساسها.

 

وفي حال تحقَّق الاحتمال الأول، بتحوُّل أوجلان إلى زعيم سياسي في تركيا في منصب رفيع، فإن هذا سيؤثر في علاقات أنقرة مع إقليم كردستان العراق، خصوصاً أن أوجلان وحزبه مقرب من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والسليمانية، وهذا سيؤثر في مناخ الاستثمار الأجنبي في أربيل. بل إنه من المحتمل أن يسعى الاتحاد الوطني الكردستاني إلى السيطرة على الإقليم بدعم تركي إيراني.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M