«ممر ترمب للسلام» يُضاعِف الهواجس الإيرانية في جنوب القوقاز

  • ترى إيران في مشروع “ممر ترمب للسلام”، الذي أنشئ بموجب اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا، الذي رعته الإدارة الأمريكية، تغييباً لها من ملف إقليمي مُحاذٍ لحدودها، كما تضمن الاتفاق/المشروع تفاصيل عَدَّها صانع القرار الإيراني تهديداً للمصالح الاستراتيجية لبلاده.
  • في حين كانت إيران تعول على أداء دور مركزي في خريطة الممرّات الدولية عبر الممر الشمالي الجنوبي، بفضل ارتباطها البري بروسيا عبر أراضي الحليف الأرميني، فإن ممرّ زنغزور (أو ممر ترمب) سيقضي على هذه الآمال، من طريق قطع هذا الارتباط البرّي.
  • مع أن بعض المسؤولين الإيرانيين حاولوا التقليل من أهمية الاتفاق الذي أبرمته باكو ويريفان برعاية واشنطن، إلا أنّ مراكز التحليل الإيرانية، تكاد تُجمِعُ على التداعيات الاستراتيجية لممر ترمب، وسط تلميحٍ من مراكز مؤثرة، بضرورة التصدّي لهذا المشروع سواءً بمساعد روسيا أو من دونها.

 

تفاعَلت الأوساط الرسمية الإيرانية بشكلٍ كبير مع اتفاق السلام الذي أبرم في 8 أغسطس الجاري بين أذربيجان وأرمينيا، في البيت الأبيض، بوساطة أمريكية. وكانت النخب السياسية في إيران قد أظهرت طيلة الأعوام الفائتة انشغالاً كبيراً بالهاجس الذي عَدَّتهُ ملفّاً استراتيجيّاً يعني التنازل عنه/فيه خطوةً في سياق الاختناق الاستراتيجي للبلاد. ويعودُ جزءٌ من هذا التفاعُل الإيراني إلى ما يعنيه الاتفاق بين جانبي هذا الصّراع من تراجُعٍ في النُّفوذ الإيراني في المنطقة التي تعدّها إيران جزءاً من مجالها الحيويّ، خاصّةً وأنّ الاتفاق الأذري-الأرمني جرى من دون التنسيق المسبق مع طهران. لكنّ اهتمام الإيرانيين بالأمر كان له أسبابٌ أكثر أهميّة، منها: ما تمخّض عن هذا الاتفاق عمليّاً، وهو قرار إنشاء “ممَرّ زنغزور” الذي انشغل به الإيرانيون على مدى أكثر من عقدٍ من الزمن؛ فالاتفاق تضمّن حلولاً جديدةً لتنفيذ هذا الممرّ الذي كان موضعَ خلافٍ بين باكو ويريفان، بحيث تنقله من مرتبة الممرّ الإقليمي إلى الممرّ الدولي؛ إذ ستقوم بتشغيله شركات أمريكية لمدّة 99 عاماً، ويتحوّل بموجب هذه التعديلات ليصبح اسمه “مر ترمب”. وتقولُ التقارير إنّ الممرّ سيجلبُ منافعَ وأرباحاً كبيرة لكُلٍّ من: أذربيجان، وأرمينيا، والولايات المتحدة، كما يتضمّن منافعَ للاتحاد الأوروبي على صعيد الشّحن والطاقة، بينما سينعكسُ تنفيذُ الممرّ سلباً على كُلٍّ من: إيران وروسيا، سواءً على الصعيد التجاري، أو على صعيد التّداعيات الاستراتيجيّة والجيوسياسية.

 

اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان، الذي رعته إدارة ترمب مؤخراً، عمَّق الهواجس الإيرانية تجاه منطقة جنوب القوقاز (وكالات)

 

تعمُّق الهواجس الإيرانية في جنوب القوقاز 

أظهرت مراكز صنع القرار الاستراتيجي في إيران على مرّ الأعوام الفائتة انشغالاً كبيراً بهاجس جنوب القوقاز؛ إذ تحوّلت المنطقة إلى بؤرة تنافسٍ أمنيّ/استراتيجي يقضّ مضجع طهران. ومنذُ انهيار الاتحاد السوفياتي، وانبثاق الجمهوريات الجديدة على الحدود الشمالية الغربية لإيران، كانت طهران تنظر إلى المنطقة باعتبارها مجالاً ثقافيّاً وسياسيّاً إيرانيّاً تقليديّاً. لكن في خلال العقد الفائت تزايدت أهمية هذه المنطقة في المنظور الإيراني، وذلك لعدة أسباب، يختلط فيها السياسي بالاقتصادي:

 

فمن جهة أولى، شغل التقارب المتزايد بين إسرائيل وأذربيجان بال صانع القرار الإيراني الذي عدَّ ذلك التقارب خطوةً في سياق استراتيجية إسرائيليّة تستهدفُ خنق إيران، وفتح جبهات إسرائيلية على مقربة من حدودها.

 

ومن جهة ثانية، راقبت طهران بقلقٍ بالغ، تحوّل باكو إلى محطة رئيسة ضمن مشروع التوسع الإقليمي التركي الذي تتوجس طهران منه خوفاً، وتعدّه المنافس الإقليمي الأبرز. وتتبنّى طهران مشروعاً إقليميّاً مُنافساً للمشروع التركي يمتدُّ بين القوقاز وآسيا الوسطى.

 

ومن جهةٍ ثالثةٍ، تحوّلت أرمينيا في عصر الممّرات الدوليّة التي ترى طهران أنها ستشكّل لبنة الاقتصاد الدولي في العصر القادم، من مجرّد دولة صغيرة جارة، إلى محطة جوهرية لربط إيران بروسيا، في سياق الممرّ الشّمالي – الجنوبي الذي يتيح لها إمكانية النشاط المكثف في تحالف اقتصادي إلى جانب الهند وروسيا، فضلاً عن أنَّه يُمثِّل الرابط البري الوحيد بينها وبين الجغرافيا الأوروبية.

 

ومن جهة رابعة، ثمة احتمال متزايد – تدعمه رغبة أذربيجان – بأن تتحول المنطقة إلى رقعة وجود لحلف الناتو الذي تعدّه طهران تهديداً استراتيجياً لها ولحليفها الروسي.

 

ومن منطلق هذه الأهمية المتزايدة باطّراد، صدرت في الفترة الماضية مواقف عن مراكز صنع القرار الإيرانية من مختلف المستويات، تضمّنت وجوهاً في الحكومة الإيرانية، وشخصيات مدنية وعسكرية مُقرَّبة من القائد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، أكدَّت رفض طهران الواضح لمحاولات إنشاء “ممرّ زنغزور”، ووجود حلف الناتو أو إسرائيل على الحدود الشمالية الغربية لإيران. وما اقتصر الأمر على المواقف السياسية والإعلامية، وإنما أظهرت إيران انشغالها بالهاجس من طريق مناورات عسكرية، عُدَّت عرضاً للسلاح لإعادة الأمور إلى نصابها أو منْع تحولها إلى حالة تتعارض مع المصالح الاستراتيجية الإيرانية.

 

شكل 1: ممر زنغزور بين أذربيجان وأرمينيا كما يبدو على الخريطة

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط. 

 

ممرّ ترمب القوقازي: مشروعٌ يتجاوز البُعد الإقليمي إلى الدولي

كانت طهران تحت وطأة الانشغال بالهاجس القوقازي مُتعدّد الأطراف تترقّبُ حلّاً يتضمّن مراعاة مصالحها، ومصالح حليفها الروسي، ويأخذ في الاعتبار مخاوفها. لكنّ المشروع الذي أُقِرَّ بوساطة أمريكية رأت فيه طهران تغييباً لها من ملف إقليمي مُحاذٍ لحدودها، كما تضمن تفاصيل عَدَّها صانع القرار الإيراني تهديداً للمصالح الاستراتيجية لبلاده. واستناداً إلى هذه القراءة، أكَّد وزير الخارجية الأسبق ومستشار القائد الإيراني الأعلى للشؤون الخارجية علي أكبر ولايتي أن إيران ستحوْلُ دون تطبيق ممرّ ترمب، سواءً بمساعد روسيا أو من دونها، بينما أكَّد المستشار السياسي للحرس الثوري، العميد يد الله جواني، أن الرئيسَيْن الآذري والأرميني، سيدفعان ثمناً غالياً لقاءَ هذه الخطوة، وأن الثلاثي الإيراني الروسي الهندي لن يقف مكتوف الأيدي حيال هذه “المؤامرة”.

 

وثمة منطلقات أساسيّة يمكنُ من طريقها تفسير موقف طهران التصعيدي الحادّ حيال الاتفاق الذي أخرج اللعبة في جنوب القوقاز من قبضة إيران بشكل نهائي:

 

  • فمن الناحية الاقتصادية؛ فيما تؤكد الأرقام الصادرة عن مراكز التحليل الدولية أن الممرّ الذي يبلغ طوله 43 كيلومتراً، ويُقلِّص زمن بلوغ البضائع بين الصين وأوروبا بنسبة 30%، ويساعد أوروبا على الحصول على مصادر الغاز من أذربيجان، فإنه يفعل العكس بالنسبة لإيران. ففي حين كانت إيران تعول على أداء دور مركزي في خريطة الممرّات الدوليّة عبر الممرّ الشمالي الجنوبي، بفضل ارتباطها البري بروسيا عبر أراضي الحليف الأرميني، فإن ممرّ زنغزور سيقضي على هذه الآمال، من طريق قطع هذا الارتباط البرّي. ويعني ذلك من بين كل ما يعني، حرمان إيران من إيرادات تُقدِّرها مراكز إيرانية بنحو 20 مليار دولار سنويّاً، تنجم عن دورها في شحن 30 مليون طن من البضائع سنوياً، عبر الممرّ الشمالي الجنوبي. هذا فضلاً عن التداعيات الجيو-اقتصادية لتغييب إيران من الممرّات الدوليّة نتيجة القضاء على فرص استكمال الممرّ الشمالي الجنوبي.

 

  • من الناحية الجيوسياسية، ترى إيران في المخطط الذي جرى برعاية أمريكية، خطوة تؤدي إلى تحويل منطقة جنوب القوقاز إلى بؤرة أمنية ساخنة، ذات تداعيات استراتيجية، حيث ستُكرِّس بشكل أو بآخر وجود إسرائيل على مقربة من حدود إيران، لا من طريق التحالف بين تل أبيب وبين باكو فحسب، وإنما عبر إنشاء قواعد عسكرية إسرائيلية على مقربة من حدود إيران. ويكتسب ذلك أهمية إذا أُخِذَ بالحسبان أنّ طهران روَّجت أنباء عن استخدام الطيران الإسرائيلي الأراضي الأذربيجانية لشنّ بعض الهجمات على إيران. وفي السيّاق ذاته، ترى طهران أنّ انخراط الجارتين في مشروعٍ برعاية الولايات المتحدة، يعني خطوةً جوهريّةً في سبيل تكريس حضور حلف الناتو على مقربة من حدود إيران الشمالية. وبينما تُظهر المواقف الصادرة عن القائد الإيراني الأعلى علي خامنئي أن هذه النقطة تشكل موطن القلق الأكبر لدى العقل السياسي الإيراني، فإن النقطة ذاتها، هي التي تدفع صانع القرار في إيران إلى الاعتقاد بأنّ الحليف الروسي سيساعد طهران في التّصدي لهذا المشروع، ومحاولة إجهاضه.

 

  • إضافة إلى ذلك، ترى طهران أن “ممرّ زنغزور” الذي حوِّل اسمه إلى “ممرّ ترمب للسّلام والازدهار الدوليين” يفتح الباب على مصراعيه أمام تركيا، لمُمارسة مشروعها للتّوسُّع الإقليمي في سياق ما يطلق عليه “مشروع العالم الطوراني”، وهو مشروعٌ نظرت إليه مراكز صنع القرار في إيران، بوصفه مشروعَ توسُّعٍ إقليميّ، بديلٍ عن المشروع الإقليمي الإيراني أو مُناهِض له. وفي إطار هذا المشروع، تطمح تركيا إلى أن يمنحها الممرّ ارتباطاً واسعاً بالعالم الطوراني في آسيا الوسطى، من طريق الأراضي الأذريّة، بعد أنْ كانت إيران تستخدم الورقة الأرمينيّة للحؤول دون تطبيق هذا المشروع الذي تنظر إليه بوصفه تحدياً استراتيجيّاً، يؤدي إلى تقليص الهيمنة الإيرانية الهشّة، لا في القوقاز فحسب، وإنّما في آسيا الوسطى. وإلى ذلك، تخشى إيران أنْ يؤدّي تطبيق المشروع الطوراني الذي تتبنّاه تركيا، وتنخرط فيه باكو بقوة، إلى تعزيز المدّ القومي التّركي لدى الأقليّة الأذرية التي تسكن المحافظات الشمالية الغربية في إيران. وفي حين تُظهر التفاصيل أنّ الجاليات الأذرية في إيران مستعدةٌ تماماً للانخراط في هذا المدّ القومي، فإنّ ثمّة مؤشرات على أنّ كُلَّا من باكو وأنقرة، تنظُران إلى الموضوع باعتباره ورقةَ ضغطٍ على إيران، لمُعالجة تصرُّفاتها الإقليميّة على المديين المتوسّط والبعيد.

 

تلك هي المنطلقات التي تقفُ خلفَ ردود الفعل الهيسترية التي بدرت عن مراكز صنع القرار السيادي في إيران. وبينما تُحاول الحكومة الإيرانية برئاسة مسعود بزشكيان، أنْ تُقلّل من أهميّة الاتفاق الذي أبرمته باكو ويريفان برعاية واشنطن، مُؤكِّدةً أنّه لا يؤدّي إلى تغييرٍ جوهريٍّ في الخريطة السياسية، ولا في الحسابات الجيو-استراتيجية، وأنّ ما يجري في الواقع، هو أقلّ أهميّةً بكثيرٍ من ذلك الذي يجري التّرويج له في الإعلام؛ فيما يُؤكّد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أيضاً من جهته، أنّ الطرفين أخذا بالحسبان الهواجس الإيرانية، فإنّ مراكز التحليل الإيرانية، تكادُ تُجمِعُ على التّداعيات الاستراتيجية للمخطط الجديد على كل المستويات: الاقتصادية والاستراتيجية والعسكرية، وسط تلميحٍ من مراكز مؤثرة، بضرورة التصدّي لهذا المشروع الذي لا يعني إلّا الخسارة لإيران.

 

سارع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى زيارة أرمينيا عقب الإعلان عن توقيع اتفاق السلام بين يريفان وباكو برعاية واشنطن (وكالات)

 

السيناريوهات المحتملة

تؤكد المؤسسات المقربة من الدولة العميقة في إيران بوضوح، أنها تُعارض تطبيق هذا مشروع “ممرّ ترمب للسلام”، وأنّها سوف تسعى إلى إجهاضه بكل ما أوتيت من قوّة، مُبينةً أنَّه مشروعٌ محكومٌ بالفشل بحكم الظروف الإقليميّة المُعقدة، وبحكم تعارضه مع المصالح الاستراتيجية، والاقتصادية لكلٍّ من إيران وروسيا والهند. وفي المقابل، تتعامل مؤسسة الحكومة الإيرانية مع المشروع من منطلق الأمر الواقع، وتحاول التأقلم مع الوضع الجديد الناشئ الذي ستخرج بموجبه منطقة جنوب القوقاز من مجال نفوذ إيران الإقليمي، وتلوّح المصادر الحكوميّة بأن على إيران التعامل مع واقع جديد، تُحاذي فيه إسرائيل وحلف الناتو والولايات المتحدة حدود إيران الشمالية. وبين هذا وذلك، هناك احتمالات أو سيناريوهات عدة، يمكن تصوُّرها للممرّ القديم/الجديد الذي بلوره اتفاق واشنطن، ويُباركه الرئيس ترمب:

 

السيناريو/الاحتمال الأول: إخفاق مشروع ممرّ زنغزور أو “ممرّ ترمب”، وتعذُّر تطبيقه. يفترضُ هذا السيناريو/الاحتمال أنْ يتمّ إجهاض المشروع بفعل معارضة القوى الإقليمية، وألا تستطيع الولايات المتحدة تطبيقه، على أن يستمرّ الواقع التنافسي الساخن في جنوب القوقاز، وتكون محاولة ترمب إحدى محاولات عدّة، لم تنجح على مرّ الزمن لمعالجة هذه العُقدة. ويمكنُ أن تُحال أسباب فشل المشروع إلى عدة نقاط، من أهمها: تعارضها مع مصالح كل من روسيا التي تعد منطقة القوقاز منطقة نفوذها التقليدي، وتعول على الممرّ الشمالي الجنوبي الذي يتعارض مع ممرّ ترمب، وإيران التي ترى المشروع مدخلاً لتكريس حضور الولايات المتحدة وإسرائيل بمحاذاة حدودها، وتراه محاولة للتصدي لطموحاتها بالوجود ضمن مشاريع الممرّات الدولية، كما أنه لا يحظى بمباركة الصين والهند باعتبارهما قوتين اقتصاديتين صاعدتين. وستكون نتيجة هذا السيناريو، استمرار الحالة الراهنة في منطقة جنوب القوقاز إلى أن تجد حلولاً توافقيّة تُرضي أهمّ الأطراف المتأثرة.

 

السيناريو/الاحتمال الثاني: تفعيل “ممرّ ترمب” على أرض الواقع بصورة تتعارض مع المصالح الإيرانية. يفترض هذا السيناريو نجاح المبادرة التي أطلقها ترمب في رأب الصدع بين أرمينيا وأذربيجان نهائيّاً، على أنْ يكون من نتائجها تفعيل “ممرّ ترمب” في صورته المعلنة، والتي تتعارض بقوة مع المصالح الإيرانية. ويعني ذلك خطوة أخرى في سبيل تغييب إيران من مشاريع النقل الدولية التي تُشكّل بؤرة الاقتصاد الدولي في المرحلة المقبلة. كما يعني ذلك، بداية نهاية النفوذ الإيراني في منطقة جنوب القوقاز، وانقطاع الاتصال البري الأمثل بين إيران والأراضي الأوروبية، كما يعني على صعيد مُتّصل، انحسار الأمل في تحوُّل إيران إلى مُصدّرٍ للغاز إلى الاتحاد الأوروبي، وخسارة في النفوذ الإقليمي على حساب الغريم التركي، وتحول منطقة جنوب القوقاز إلى رقعة ساخنة، تهدد الأمن القومي الإيراني. وهذا هو السيناريو الأسوأ من وجهة نظر إيرانية؛ ومن المفترض تبعاً لذلك أن يُحركها نحو التصدي للمشروع، ومحاولة إيجاد طرقٍ لإجهاضه، سواء بالتعاون مع روسيا، أو بشكل منفرد.

 

السيناريو/الاحتمال الثالث: إجراء تعديل على المشروع، يُخفف الهواجس الإيرانية؛ وهو سيناريو وسطي متفائل، يفترض أن تجهد الحكومة الإيرانية من طريق مفاوضاتها مع الأطراف المعنية بالمشروع في أن تجد طرق حلّ تقحمها في مشروع “ممرّ زنغزور”، بما يضمن مصالحها إلى حدٍّ كافٍ. وهذا هو السيناريو الذي تطمح الحكومة الإيرانية إلى تطبيقه، وقد تمثَّل في مواقف صادرة عن كل من الرئيس الإيراني ووزير خارجيته والمتحدث باسم الحكومة. ومن المفترض وفق هذا السيناريو أن تجد الأطراف المشاركة في الاتفاق، سُبلاً تحوْلُ دون تحوُّل المشروع إلى ملف خلافي، وتستخرج منه نسخة تعاونية، تؤمن مصالح مختلف الأطراف، بما فيها طهران، من طريق آلياتٍ لتشارك المصالح والتنسيق الاقتصادي، بحيث يتحوّل المشروع إلى ماكنة لصهر إيران في الاقتصاد الإقليمي، وإنْ كانت تقوده الولايات المتحدة وتركيا.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M