المفاوضات بالنار: عملية احتلال مدينة غزة واتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس

  • يستعد الجيش الإسرائيلي لاحتلال مدينة غزة، وفق خطة عملية “عربات جدعون 2”. وبسبب التحديات التي تواجهها العملية، وعدم اقتناع الجيش بها، فهو سيميل إلى تحركات بطيئة وتدريجية على أمل التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس.
  •  لم ترد حكومة نتنياهو بشكل رسمي على موافقة “حماس” على المقترح المصري-القطري الذي يتوافق مع مقترح ويتكوف، ويبدو أن نتنياهو يرغب في مزيد من الضغط على “حماس” لتقديم تنازلات تحقق الشروط الخمسة التي طرحها سابقاً. 
  • في الوقت الراهن، لدى نتنياهو خيارين رئيسين: طرح فكرة الاتفاق الشامل على أساس الشروط الإسرائيلية لوقف الحرب، أو الانخراط في مباحثات حول المقترح المصري-القطري لكسب المزيد من التنازلات من “حماس”.
  • قد توافق الحكومة الإسرائيلية على الانخراط في مباحثات حول المقترح المصري-القطري، ولكنها ستعرض فكرة الاتفاق الشامل مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك يُتوقع ألا ينجح المقترح المصري-القطري في هذه المرحلة.

 

بدأ الجيش الإسرائيلي التحضيرات لعملية احتلال مدينة غزة، ضمن خطة أوسع لاحتلال القطاع بالكامل، وذلك تنفيذاً لقرار المجلس الوزاري المصغر في 8 أغسطس 2025. وفي المقابل، تتصاعد حركة الاحتجاج في الشارع الإسرائيلي ضد استمرار الحرب، والتي تُوجت بإضراب جزئي ومئات المظاهرات في 17 أغسطس. في حين جاءت موافقة حركة حماس على المقترح المصري-القطري لوقف إطلاق النار لتفتح المجال لمسار سياسي جديد، وبخاصة أن المقترح شبيه إلى حد كبير بمقترح ويتكوف الذي وافقت عليه إسرائيل سابقاً.

 

تتناول الورقة التحضيرات الإسرائيلية للعملية العسكرية لاحتلال مدينة غزة، والخيارات السياسية والعسكرية أمام الحكومة الإسرائيلية بعد موافقة حماس على المقترح المصري-القطري.

 

“عربات جدعون 2”: خطة الجيش الإسرائيلي لاحتلال مدينة غزة

تشمل خطة الجيش الإسرائيلي لاحتلال مدينة غزة، تهجير السكان إلى الجنوب من خلال ممرات آمنة، مع توفير الاحتياجات الإنسانية من خلال مؤسسات دولية وبناء مستشفيات ميدانية، وذلك لتفادي النقد الدولي ضد تهجير مليون فلسطيني من المدينة. ويُخطط الجيش لاحتلال المدينة بواسطة ستة فرق عسكرية، وقد تستمر العملية حتى العام 2026، وسيتم في خلالها استدعاء 120 ألف من جنود الاحتياط على عدة دفعات: 60 ألفاً في سبتمبر، و60 ألفاً آخرين في نوفمبر، كما ستُمدَّد خدمة الاحتياط الفاعلين الآن شهراً إضافياً. ويلي ذلك مرحلة ثانية تشمل احتلال مخيمات اللاجئين وسط القطاع التي دمرت إسرائيل أجزاء واسعة منها.

 

تُشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أنه بقي لدى حركة حماس كتيبتان، واحدة في مدينة غزة، والثانية في الوسط، وتهدف العملية إلى القضاء على هاتين الكتيبتين وتدمير ما يُطلق عليه الجيش “الأنفاق الاستراتيجية“. وعَدَّ وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الذي صادق على خطة الجيش في 19 أغسطس، أن مدينة غزة بعد العملية لن تكون تلك المدينة التي نعرفها بعد العملية. وكجزء من التحضيرات للعملية، فتحت الحكومة للمرة الخامسة موازنة الدولة من أجل تمويل العملية العسكرية، وأقرّت تخصيص 30 مليار شيكل (9 مليارات دولار) للعملية العسكرية، ما يعني رفع العجز المالي في الميزانية إلى 5.2%.

أطلق الجيش اسم “عربات جدعون 2” على العملية لاحتلال مدينة غزة، ويمكن القول إن العملية الثانية تجيئ بعد فشل العملية الأولى في هزيمة “حماس” وتحرير المحتجزين الإسرائيليين، على الرغم من سيطرة الجيش على 75% من مساحة قطاع غزة وتهجير كثير من سكان الشمال والوسط إلى الجنوب. وتُعد أهداف العملية الثانية أوسع، فهي -وفق نتنياهو- تسعى إلى تدمير حركة حماس نهائياً، وتحرير المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات، وتجريد القطاع من السلاح، وفرض السيطرة الأمنية على القطاع، وإنشاء إدارة مدنية غير تابعة لحماس أو السلطة الفلسطينية.

 

يُخطط الجيش الإسرائيلي لاحتلال مدينة غزة بواسطة ستة فرق عسكرية، وقد تستمر العملية حتى العام 2026 (أرشيفية/أ.ف.ب)

 

الخلاف بين المستويين السياسي والعسكري وتحديات العملية العسكرية

بدأ الخلاف بين الجيش والحكومة يظهر في أعقاب فشل مباحثات الدوحة الأخيرة، إذ عَدَّ الجيش أن عملية “عربات جدعون” حققت أهدافها العسكرية، وكان على الحكومة الذهاب إلى صفقة سياسية في أعقاب نجاحها. بيد أن الحكومة أعلنت عن سياستها لاحتلال قطاع غزة، وفرض سيطرة أمنية على القطاع، وتهجير سكان المدينة إلى جنوب القطاع من أجل عزل مقاتلي حماس والقضاء على ما تبقى من قدرات حماس العسكرية والحكومية في المدينة. وعَدَّ نتنياهو أن احتلال آخر معقلَين لحماس في مدينة غزة ومخيمات الوسط سيحسم الحرب ويحقق الانتصار فيها. وفي هذا السياق، برز الخلاف الأساسي بين الجيش والحكومة، لاسيّما الجناح اليميني المتطرف حول حجم العملية العسكرية، ففي الوقت الذي طالب فيه اليمين المتطرف بعملية واسعة وغير تدريجية لاحتلال القطاع وتهجير السكان وإنهاء أي مسار سياسي، طالب الجيش بعملية تدريجية ومدة زمنية طويلة نسبياً للتحضير لها، وذلك في محاولة لإعطاء فرصة لمسار سياسي للتوصل إلى اتفاق قبل بدء العملية العسكرية.

 

ويأتي تحفُّظ الجيش عن شن عملية واسعة وسريعة من إدراكه لمشكلة الاحتياط، فقد وعد الجيش بحصر الخدمة العسكرية السنوية لمدة 75 يوماً فقط، لذلك ينوي الاعتماد على القوات النظامية وليس الاحتياط، ومع ذلك سيستدعي الجيش عشرات الآلاف من الاحتياط إلى جانب 75 ألف جندي احتياط موجودين الآن في الجيش. يُدرك الجيش أن الفرص لتحرير المحتجزين الإسرائيليين أحياء في إطار العملية العسكرية ضئيل جداً، وبناء على ذلك يشير المحلل العسكري يوسي يهوشوع إلى أن إسرائيل تقترب من لحظة حسم استراتيجي، والذي يلزمها الدمج بين السيطرة على منطقة سكانية والدخول إلى الأنفاق، وأن النجاح هذه المرة لا يقاس بإنجازات تكتيكية على الأرض، وإنما بالقدرة على إدارة عملية تدريجية تضع في حسبانها حدود القوة البشرية، ومعاناة السكان، والثمن الباهظ في ملف المحتجزين الإسرائيليين.

 

وعلى الرغم من الخلاف العسكري-السياسي فإنه يمكن القول إن الحكومة استطاعت إخضاع الجيش ورئيس أركانه إيال زامير فيما يتعلق بالعملية العسكرية، وأن ما استطاع الجيش تحقيقه هو الحصول على الموافقة على عملية تدريجية وطويلة لاحتلال مدينة غزة.

 

وتواجه العملية العسكرية الجديدة مجموعة من التحديات، من أهمها:

 

أولاً، تعميق الشرخ الاجتماعي الداخلي في إسرائيل، فالحكومة الإسرائيلية تنفذ العملية من دون أن يكون لها تأييد واسع في المجتمع الإسرائيلي، إذ إن أغلب الإسرائيليين يعارضون استمرار الحرب ويطالبون بوقفها، ليس بسبب الكارثة الإنسانية للسكان الفلسطينيين، وإنما للأثمان العالية لها، والتي تتمثل في الخسائر في صفوف الجيش من جهة، واحتمال مقتل الأسرى الإسرائيليين الأحياء، وحالة الإرهاق من خدمة الاحتياط وعدم تجنيد اليهود المتدينين (الحريديم) للجيش؛ وكلها عوامل جعلت أغلب الإسرائيليين يعارضون استمرار الحرب. وقد تدفع العملية إلى تصعيد الاحتجاج عبر توسيع الإضرابات في القطاعات الخدماتية والاقتصادية والتي بدأت في الإضراب الجزئي في 17 أغسطس، وبخاصة إذا بدأ الجيش يتكبد خسائر كبيرة بسبب العملية أو أدت إلى موت محتجزين إسرائيليين.

 

ثانياً، التكاليف الاقتصادية للحرب أصبحت عالية، وهي تؤثر في الاقتصاد الإسرائيلي وفي أوضاع الناس الحياتية. فالحكومة اضطرت لفتح إطار الميزانية للمرة الخامسة من أجل تمويل العملية العسكرية، وخصصت مبلغ 30 مليار شيكل لتمويل العملية العسكرية، مما دفعها إلى عمل تقليص في موازنة الوزارات الأخرى. ولا تنحصر التداعيات الاقتصادية على التقليصات في قطاعات مهمة ورفع العجز المالي فحسب، بل تشمل أيضاً تمدُّد المقاطعة الدولية لإسرائيل بسبب استمرار الحرب، فعلى سبيل المثال أعلن صندوق الاستثمار النرويجي عن بيع استثماراته في 61 شركة إسرائيلية، فضلاً عن بداية مقاطعة غربية لقطاعات أخرى في إسرائيل مثل الجامعات، وتراجع الاستثمار في قطاع الهايتك.

 

ثالثاً، تعريض حياة المحتجزين الإسرائيليين للخطر، فالعملية في مدينة غزة سوف تهدد حياة الأسرى، إذ تشير المعلومات لدى الأجهزة الأمنية في إسرائيل إلى أن الأسرى يوجدون في المناطق التي لم يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي حتى الآن. وتعرُّض حياة المحتجزين الأحياء للخطر يشكل عبئاً على الجيش من الناحية العسكرية، وعلى الحكومة من الناحية السياسية، كما أنه سوف يعد نقطة تحول في الاحتجاج الشعبي في إسرائيل.

 

رابعاً، التكاليف الدولية للعملية العسكرية ستكون باهظة وكبيرة على إسرائيل، فاحتلال مدينة غزة التي يسكنها حالياً أكثر من مليون فلسطيني وتهجيرهم نحو الجنوب، سيؤدي إلى مقتلة كبيرة في صفوف المدنيين، فضلاً عن تعمُّق الكارثة الإنسانية، مما سيزيد في عزل إسرائيل دولياً، وفرض عقوبات جديدة عليها، وانطلاق هبة شعبية دولية جديدة تكون أكبر مما سبقت قد تدفع الدول إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل.

 

خامساً، يواجه الجيش تحدي وقوع خسائر كبيرة في صفوفه، وقد قُتل في خلال عملية عربات جدعون الأولى نحو 40 جندياً، مع أن العملية لم تشكل تحدياً عسكرياً كبيراً للجيش، في حين أن عربات جدعون الثانية ستكون أكثر تعقيداً من الناحية العسكرية، وفي معقل لحركة حماس وضمن بيئة حضرية، مما يعرض الجنود الإسرائيليين لمخاطر أكبر ويوقع بهم عدداً كبيراً من القتلى، وهو ما سيؤدي إلى تآكل ما تبقى من تأييد لهذه العملية، وفرض المزيد من الضغط السياسي على الحكومة، لاسيّما أن هناك شبه إجماع ضمن التقديرات العسكرية على أن هذه المرحلة من الحرب عبثية ولا تخدم سوى أهداف أيديولوجية وسياسية.

 

موافقة حماس على المقترح المصري-القطري القريب من مقترح ويتكوف، أربكت حسابات نتنياهو (أ.ف.ب)

 

موافقة “حماس” على المقترح المصري-القطري تُربِك نتنياهو

أعلن الوسيطان القطري والمصري في 17 أغسطس عن موافقة حركة حماس على مقترح لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وأشارت الخارجية القطرية إلى أن المقترح الحالي قريب بنسبة 98% من مقترح ويتكوف الذي وافقت عليه إسرائيل في السابق. يشمل المقترح هدنة لستين يوماً، وإطلاق سراح نصف المحتجزين الأحياء وعددهم عشرة و18 جثة، مقابل إطلاق سراح 200 أسير فلسطيني (140 من أصحاب المؤبدات، و60 من أصحاب الأحكام العالية)، وألف معتقل من غزة اعتقلتهم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر، وإعادة تموضع الجيش الإسرائيلي في منطقة عازلة تتراوح مساحتها بين 1000 و1200 متر، ودخول المساعدات الإنسانية من خلال المنظمات الدولية.

 

بدا أن موافقة حماس على المقترح المصري-القطري القريب من مقترح ويتكوف، الذي وافقت عليه إسرائيل أصلاً، أربكت حسابات نتنياهو. فجاء التعقيب الأولي من الحكومة الإسرائيلية على موافقة حماس بالقول إن الضغط العسكري والتهديد باحتلال مدينة غزة هو ما دفع حماس إلى الموافقة على المقترح المصري-القطري. ومع امتناع تل أبيب عن الرد الرسمي على المقترح المصري-القطري، أعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي أن إسرائيل تفضل اتفاقاً شاملاً يشمل الشروط الإسرائيلية الخمسة، ومنها إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات دفعة واحدة. كما كان رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، قد أخبر القطريين في خلال لقاء معهم في باريس، بعد يومين من موافقة “حماس” على المقترح، أن إسرائيل تريد صفقة يتم فيها الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين. في حين أن الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش قد هددا نتنياهو بأنه إذا وافق على الصفقة وأوقف الحرب فإنهما سوف ينسحبان من الحكومة، بل إن الوزيرة عن قائمة الصهيونية الدينية أوريت ستروك صرَّحت أنها ستصوت مع استمرار الحرب حتى لو أدى ذلك إلى موت المحتجزين الإسرائيليين.

 

وفي موقف يبدو أنه مُنسَّق مع تل أبيب، امتنعت واشنطن عن التعقيب رسمياً على موافقة حماس على المقترح المصري-القطري، في حين تشير مصادر إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أخبر الوسطاء أن هناك فرصة أخيرة للتوصل إلى اتفاق، والتي تتمثل في قبول حركة حماس بنزع سلاحها وتقديم تنازلات كبيرة وإلا فإن إسرائيل ستنفذ العملية العسكرية في قطاع غزة. وفي خضم التحضير للعملية العسكرية لاحتلال مدينة غزة، صرَّح ترمب أن عودة المحتجزين ستكون بعد تدمير حركة حماس، وعَدَّ البيت الأبيض أن موافقة “حماس” على المقترح المصري-القطري جاءت بسبب هذا التصريح، وأن الولايات المتحدة لا تزال تدرس المقترح وموافقة “حماس” عليه.

 

التفاوض بالنار

بعد عدة أيام من تجاهل مقترح الوسيطين المصري والقطري الذي قبلته حركة حماس، أعلن نتنياهو، عقب اجتماع شارك فيه كبار مسؤولي المؤسسة الأمنية وأعضاء المجلس الوزاري المصغّر في مقر فرقة غزة بالجيش الإسرائيلي في 21 أغسطس، أنه “أمر بالبدء فوراً بمفاوضات لإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين وإنهاء الحرب وفق الشروط المقبولة لإسرائيل”، مُضيفاً أنه ” في الوقت نفسه وافق على خطط الجيش للسيطرة على مدينة غزة وهزيمة حماس”.

 

يتضح من تصريحات نتنياهو أنه يرغب في مواصلة الحرب على قطاع غزة، وأن حديثه عن التفاوض ما هو إلا مراوغة لتخفيف الضغطَين الداخلي والخارجي عليه. ويعتمد نتنياهو في هذا التوجه على الموقف الأمريكي الذي يمنحه حرية القرار بشأن غزة، وضغط اليمين على نتنياهو لتنفيذ العملية العسكرية واحتلال قطاع غزة بالكامل، والتخوف من خروج قوائم اليمين المتطرف من الحكومة.

 

وفي حال استُؤنفت المفاوضات، بالتوازي مع العملية العسكرية الإسرائيلية، فستكون بمنزلة مفاوضات تحت النار، ووفقها سيكون أمام الحكومة الإسرائيلية خياران:

 

الخيار الأول: الإصرار على الاتفاق الشامل

وهذا يعني أن إسرائيل سترفض المقترح الحالي وتشترط الانخراط في مباحثات حول اتفاق شامل على أساس الشروط الإسرائيلية لوقف الحرب (نزع سلاح “حماس” وقطاع غزة، وفرض سيطرة أمنية إسرائيلية على القطاع، وتحرير جميع المحتجزين، وإقامة حكم محلي لا يشمل “حماس” والسلطة الفلسطينية). يعد هذا الخيار مفضلاً لدى نتنياهو لكونه يحقق أهداف الحرب ويُرضي اليمين الإسرائيلي، ما يعني استمرار حكومته، كما أن من المتوقع أن تدعم إدارة ترمب الخيار إذا ذهبت له إسرائيل. والعقبة الرئيسة أمام هذا الخيار هو أنه سترفضه حماس قطعياً لأنه يعني إعلان الاستسلام، كما أنه لن يكون مقبولاً من السلطة الفلسطينية لأنه يعني إبعادها عن حكم غزة، إلى جانب الأطراف العربية المؤثرة، وبخاصة مصر.

 

السيطرة على 75% من قطاع غزة رفعَ سقف اليمين الإسرائيلي ليطالب باستمرار العملية العسكرية لاحتلال كل القطاع (شترستوك)

 

الخيار الثاني: تعديل المقترح المصري-القطري

ينطلق هذا الخيار من أن المقترح الحالي قريب للاقتراح الذي وافقت عليه إسرائيل في السابق، ويمنح إسرائيل فرصة لاستعادة نصف المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات، وتموضع الجيش في مناطق مريحة من الناحية العسكرية والأمنية، وعليه ستسعى حكومة نتنياهو إلى كسب المزيد من التنازلات من حماس، كأن تفرج الحركة عن جميع المحتجزين دفعة واحدة. يُساهم هذا الخيار في تخفيف حدة الضغط الدولي على إسرائيل، فضلاً عن الضغط الداخلي. وتكمُن مشكلة نتنياهو في هذا الخيار أنه يرى أن أوانه قد فات بسبب رفع سقف وعوده، وإقرار المجلس الوزاري شروط إسرائيل لوقف الحرب، وثقته بتحقيق الحسم العسكري في هذه المرحلة من الحرب، فضلاً عن إدراكه أن الموافقة على هدنة تعني أن إسرائيل لن تستطيع بعدها استئناف الحرب ولن تستطع فرض جميع شروطها المتعلقة بوقف الحرب، فضلاً عن معارضة اليمين لهذا الخيار في هذه المرحلة.

 

استنتاجات

ترى الحكومة الإسرائيلية أن رد حماس جاء متأخراً، وأن الوقت قد انتهى بالنسبة للصفقات الجزئية، وذلك على الرغم من أن نتنياهو كان صاحب مبدأ الصفقات الجزئية، ولكن السيطرة على 75% من القطاع من طريق عملية “عربات جدعون” رفعَ سقف اليمين الإسرائيلي ليطالب باستمرار العملية لاحتلال كل القطاع، وتحقيق أهداف الحرب عسكرياً حتى لو كان على حساب موت المحتجزين الإسرائيليين.

 

قد توافق حكومة نتنياهو على الدخول في مباحثات حول المقترح المصري-القطري لكسب المزيد من التنازلات من حركة حماس، ولكنها على الأرجح ستعرض فكرة الاتفاق الشامل مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من أجل الزعم أنها لم تفوت أي فرصة للتوصل إلى اتفاق قبل تنفيذ العملية العسكرية، وسوف تطرح التوصل إلى اتفاق شامل يتم عبره الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين بشروط إسرائيل أقلها نزع سلاح “حماس” وفرض سيطرة أمنية إسرائيلية على القطاع؛ لذلك يُعتقد أنه من الصعوبة نجاح المقترح المصري-القطري في هذه المرحلة.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M