تعد فكرة التأمين نوعاً من أنواع الاحتياط والحذر من حوادث المستقبل، إذ تعمل على تفادي الخسائر المادية والمالية المتوقعة التي تحدث بسبب الكوارث المستقبلية التي لا يستطيع الأفراد دفعها أو تحملها أو تحديد مقدارها والنتائج المترتبة عليها. وقد تعددت فروع التأمين تبعاً لأنواع الحوادث والإخطار المتوقع حدوثها، مثل: التأمين على حياة الإنسان ضد حوادث المستقبل، أو التوقف عن العمل الذي يشمل أفراداً أو مشاريع اقتصادية، أو حماية المستأمنين ضد إخطار المسؤولية المدنية، وتأمين الممتلكات، والتأمين على المحاصيل الزراعية، وغيرها من أنواع التأمين الأخرى التي تختلف بحسب طبيعة الإخطار المختلفة.
يؤدي التأمين دوراً هاماً في النشاط الاقتصادي والاجتماعي، إذ يعد من أهم الأوعية الادخارية وأكبرها لأي اقتصاد من خلال جمع الأقساط وفوائضها ورؤوس الأموال المتجمعة والاحتياطيات، وادخارها، ومن ثم استثمارها في مختلف المجالات والأنشطة الاقتصادية. وبالنتيجة النهائية، يحقق التأمين الغرض الأهم وهو التنمية الاقتصادية المستدامة. وتتم عملية التأمين من خلال شركات التأمين التي تشكل أهمية كبيرة في النشاط الاقتصادي، كونها من المؤسسات المالية الكبيرة التي تسعى إلى تحقيق الرفاهية الاقتصادية، فضلاً عن تقديم الخدمات الاجتماعية للأفراد من خلال حمايتهم وتأمينهم من الإخطار المختلفة التي يتعرضون لها.
يعتمد العراق بشكل كبير جداً على الريع النفطي (اقتصاد ريعي بامتياز)، الأمر الذي انعكس على ضعف بقية القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى، ومنها قطاع التأمين، إذ يشكل الحلقة الأضعف في تفكير الاقتصاديين العراقيين، ولم يحظَ بأهمية لا قبل عام 2003 ولا بعده، واقتصرت مساهماتهم على ملاحظات وإشارات عابرة. بل تم تعميق عدم الاهتمام بهذا القطاع الهام بسبب ضعف وجود قطاع خاص حقيقي يعمل على زيادة إنتاجية القطاعات غير النفطية، فضلاً عن الدور الضعيف لمؤسسة التأمين والثقافة المرتبطة بها في الحياة العامة والمجال المالي.
إن قطاع التأمين العراقي يستحق اهتماماً خاصاً، نظراً للدور الإنتاجي الذي يؤديه في التعويض عن الأضرار والخسائر المادية التي تلحق بالأفراد والعوائل والشركات على أنواعها (المشاريع الاستثمارية)، والدور الاستثماري من خلال تجميع أقساط التأمين.
وفي ظل السياق أعلاه، تظهر المشكلات في قطاع التأمين العراقي – مع التركيز على تأمين الحرائق – في اتجاهين:
1- حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرائق (2020–2024)
2- ضعف التغطية التأمينية والتي تتمثل بنسبة المشاريع الخاصة المؤمنة ضد الحريق التي بلغت أقل من (12%)، وعدم إلزامية التأمين من قبل الحكومة أو البلديات (الجهات المختصة)، وعدم تفعيل شركات التأمين الحكومية بالشكل الكافي مثل (شركة التأمين العراقية) فضلا عن محدودية الانتشار والتأثير لشركات التأمين الخاصة.
ومن هنا تنبع أهمية هذه الورقة، التي تهدف إلى تقييم واقع نظام التأمينات الاقتصادية في العراق، وتشخيص ثغرات التأمين على القطاع الخاص في مواجهة الحرائق، وتقديم مقترحات عملية لتطوير نظام تأميني فاعل ومستدام، يدعم صُنّاع القرار بتوصيات قابلة للتنفيذ لحماية الاقتصاد الوطني.