سياسة العراق المائية في ضل أزمة الجفاف والاستراتيجية التفاوض مع تركيا

 

الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا

محمد شريف شناوه العبودي

 

المقدمة …

عند الحديث عن ملف المياه في جمهورية العراق يمكن أن نصنفه واحداً من أخطر التحديات والمعوقات الاستراتيجية التي تواجه الدولة العراقية منذ تأسيسها الى القرن الحادي والعشرين . يعتمد العراق اعتمادا كلي و شبه كامل على نهري دجلة والفرات وروافدهما منذ الأزل ، التي تنبع من خارج أراضيه، مما يجعله عرضة لتقلبات سياسات دول المنبع الأصلي ولا سيما جمهورية تركيا . ومع تزايد معدلات الجفاف والتغير المناخي الذي اجتاح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، باتت مسألة سياسات الأمن المائية التي تمثل تهديداً مباشراً للأمن الغذائي والاجتماعي والاقتصادي لهذه الدول حيث تعتبر أزمة حقيقية يمكن الحديث عنها بأنها أزمة كبيرة وتحتاج الى مفاوضات جادة دبلوماسية عالية تتبعها الدولة  التي تعاني من شح المياه .

 

مشكلة البحث :

فإن جمهورية العراق يعاني من تراجع خطير وكبير في موارده المائية بسبب الفشل الذريع وضعف أداء وزارة الخارجية العراقية في إدارة التفاوض مع الجانب التركي – الإيراني حيث مما سهل للجانب التركي تنفيذ المشاريع كبيره و الضخمة مثل سد إليسو العملاق – ومشروع GAP إضافة إلى السياسات المائية الإيرانية قامت بإجراءات مماثلة لتأمين سياسة الأمن القومية المائي حيث قامت بتحويل مجاري بعض الأنهار المشتركة مع الجانب العراقي التي كانت تسد حاجات الفعلية لبعض المدن داخل الدولة العراقية . حيث أن هذا التراجع في السياسة العراق الخارجية وضعف المفاوض العراقي بسبب غياب عنصر المواطنة وانتشار البيروقراطية في مفاصل الدولة والمحاصصة المقيتة التي أدت إلى انخفاض حاد في مناسيب المياه و صول الى مرحلة الجفاف ، وتفاقم ملوحة التربة، وهجرة السكان من الأرياف، وارتفاع معدلات البطالة والفقر في أغلب المدن بسبب عدم تأمين الأمر الغذائي الاستراتيجي للبلد واتجاه بشكل عام الى الاستيراد الدولي لسد نقص المحاصيل الاستراتيجية الذي حصل في الآونة الخيرة لدى الجمهورية العراقية .

 

أهمية البحث :

  • تسليط الضوء على خطورة الجفاف المائي وتأثيره على الأمن القومي .
  • تحليل آليات التفاوض جمهورية العراقية مع جمهورية تركيا وتحديد مكامن الضعف الذي حصل نتيجة غياب السيادة الوطنية العراقية .
  • تقديم مقترحات عملية لتحسين إدارة الملف المائي بين الجانبين العراقي والتركي وتعزيز الموقف التفاوضي.

 

 

 

مراجعة الأدبيات :

تشير الدراسات الأكاديمية والعلمية تحليلية إلى أن تركيا تعتبر نهري دجلة والفرات أنهاراً عابرة للحدود وليست دولية اي بمعنى انها انهار مملوكة لجمهورية التركية ، مما يمنحها حرية أكبر وأكثر طلاقة في استغلال المياه وفق مفهوم “السيادة المطلقة”. بينما يستند العراق إلى مبدأ “الاستخدام المنصف والمعقول” المنصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية لعام 1997 التي يعتبرها بأنها انهار دولية يجب نتقاسمها وفق المصالح المشتركة بين الجانب التركي والسوري والعراقي .

 

السياسية التحليلية لواقع المائي :

انخفاض الإيرادات المائية : تراجع واردات دجلة بنسبة تصل إلى 50% خلال مواسم ملء السدود التركية مما فاقم أزمة داخل العمق العراقي وتسبب بجفاف حاد .

 

التغير المناخي العالمي : ارتفاع درجات الحرارة بأكثر من 1.5 درجة مئوية في العقدين الأخيرين من القرآن الواحد والعشرين وزيادة معدلات التبخر ساهم في زيادة القصوى معدلات الجفاف .

الإدارة السياسية المائية : الاعتماد على طرق ري تقليدية القديمة التي تستهلك أكثر من 70% من الموارد المائية.

الآثار الاجتماعية نتيجة الجفاف : هجرة عشرات الآلاف من المزارعين، وزيادة الاعتماد على استيراد الغذاء من الدول الخارجية .

 

استراتيجيات الأساسية لوزارة الخارجية من أجل التفاوض مع تركيا :

  • المسار الدبلوماسي المباشر: تكثيف اللقاءات الرسمية وتوقيع بروتوكولات ملزمة لتقاسم المياه الدولية باشتراك الأمم المتحدة والضغط الدولي على الجانب التركي وانهاء هيمنتها وأيدولوجيتها التي تعتبرها انهار مملوكة لها .

 

  • المسار الفني التفاوضي : تبادل البيانات الهيدرولوجية وتأسيس غرفة عمليات مشتركة لإدارة الأزمات بين الجانبين التركي والعراقي .

 

  • المسار الاقتصادي : ربط ملف المياه الدولية بالتجارة والطاقة كورقة ضغط تفاوضية من قبل الجانب العراقي على الجانب التركي من أجل اخضاعه للجانب العراقي وفق مبدأ العدالة .

 

  • المسار القانوني: الاستناد إلى القوانين الدولية وتدويل القضية في حال فشل المفاوضات الثنائية بين الطرفين التركي والعراقي وتقديم مذكرات للجانب الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية من أجل الضغط على الجانب التركي .

 

  • المسار الإقليمي الدولي : تنسيق المواقف مع جمهورية سوريا جمهورية إيران لتشكيل جبهة دولية تفاوضية موحدة بين هذه الأطراف من أجل ضمان الحصة المائية الكاملة لجمهورية العراق .

 

الحلول المقترحة الاحتواء الازمة المائية :

  • الاستثمار في مشاريع عملاقة و كبيرة مثل حصاد مياه الأمطار وتبطين القنوات المائية.

 

  • اعتماد أنظمة ري حديثة لتقليل الهدر الذي المائي داخل جمهورية العراق من ووضع سياسية استرشاديه لحث الشعب على تأمين الجانب المائي من خلال تقليل الإسراف المائي عن طريق رقابة للدولة واجهزتها.

 

  • إنشاء مجلس وطني مستقل وحر للمياه يضم خبراء في القانون الدولي والدبلوماسية والموارد المائية.

 

  • تعزيز الشفافية ونشر بيانات الجفاف لتعبئة الدعم المحلي والدولي.

 

  • تنويع مصادر السياسة المائية عبر مشاريع التحلية والتصفية ومعالجة مياه الصرف الصحي داخل الدولة من خلال المشاريع الاستراتيجية التي تتبناها الدولة من أجل تأمين الجانب الأمن القومي العراقي المتمثل بالسياسة المائية .

المقصود بـ السياسية المائية العراقية يمكن تفسيرها بأنها السياسة التي تتبناها الدولة العراقية في إدارة مواردها المائية داخلياً وخارجيا من أجل تأمين جانب الحياة للشعب وتعتبر من ضمن الأمن القومي العراقي لتامين سلامة وصول المياه لتوفير الغذاء الازم للشعب ، وكيفية تعاملها مع الدول المجاورة تركيا – وسوريا – إيران التي تشاركنا الأنهار والمسطحات المائية الدولية ، بالإضافة إلى ذلك الاستراتيجية في مواجهة التحديات المتعلقة بندرة المياه، التغير المناخي الذي حصل في الآونة الأخيرة وزيادة الطلب على المياه لتأمين الجانب الحياة .

 

 

يمكن تصنيفها بعدة عوامل استراتيجية :

  • الخلفية الجغرافية والمائية لجمهورية العراق

فإن جمهورية العراق يعتمد بشكل مباشر وشبه كامل على نهري دجلة والفرات وروافدهما منذ َ الازل التي تنبع من خارج أراضيه تركيا، إيران، سوريا حيث تعتبر انهار دولية وفق اتفاقية الأمم المتحدة الصادرة عام 1997

فإن جمهورية العراق يعتمد على أكثر من 70% من الموارد المائية التي تأتي من خارج حدوده، مما يجعل الأمن المائي العراقي مرهوناً بالسياسات المائية لدول الجوار مما يسكب وسيلة ضغط قصوى للجانب العراقي .

هناك تراجع واضح وكبير في الإيرادات المائية بسبب بناء السدود والمشاريع المائية الضخمة في تركيا وإيران مما فاقم الوضع داخل العراق وارتفاع نسبة الجفاف .

 

 

 

 

  • أهداف السياسة المائية :

ضمان الأمن المائي الدولي : تأمين كميات كافية من المياه للشرب التي تعتبر شريان الحياة للشعب العراقي والزراعة والصناعة داخل الدولة .

إدارة الموارد بكفاءة عالية : تقليل الهدر المائي عبر تحديث شبكات الري واستخدام تقنيات حديثة وفق نطاق العالمي من خلال اتباع سياسة الترشيد .

التفاوض الدبلوماسي العراقي : من أجل التوصل إلى اتفاقيات ملزمة مع دول الجوار لتقاسم المياه عدالة وأكثر شفافية وانهاء الايدلوجية المملوكية الأنهار الدراسة .

مواجهة التغير المناخي الحاد الذي حصل في القرن الواحد والعشرين : وضع خطط كبيره للتأقلم مع موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة التي اجتاحت اغلب مناطق العالم بسبب العوامل الجيولوجية .

 

  • التحديات الرئيسية التي تواجه الدولة العراقية :

 

  • التلوث المائي بسبب التصريف الصناعي والزراعي غير المعالج مما ساهم في تفشي أمراض الكلى وانتشار الأمراض والبكتريا داخل الدولة العراقية .
  • الهدر الزراعي نتيجة الاعتماد على طرق ري تقليدية والكلاسيكية القديمة التي تستهلك أكثر من 70% من الموارد المائية .
  • النمو السكاني المتزايد بسبب عدم وضع سياسات واضحة من قبل الدولة لتحديد النسب الذي يزيد الضغط على المياه.
  • الفساد داخل الدولة العراقية وضعف مؤسساتها والمحاصصة الإدارة مما يعطل تنفيذ الاستراتيجيات والخطط التي يرسمها أصحاب الاختصاص .

 

 

 

 

الرؤية المستقبلية حول سياسة المائية :

 

  • التحول من إدارة الأزمات إلى إدارة استراتيجية مستدامة.
  • تشجيع الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في مشاريع معالجة وتحلية المياه مما يضمن سلامة الصحية للشعب العراقي .
  • بناء دبلوماسية مائية قوية مستقلة من النخب والكفاءات بعيدة عن المصالح الحزبية الضيقة تمثل العراق بفاعلية في المحافل الدولية الإقليمية من أجل ضمان سلامة تأمين المياه لأنها تمثل شريان رئيسي للشعوب والأمم.

 

 

 

الخاتمة :

إن معالجة أزمة الجفاف المائي في جمهورية العراق تتطلب رؤية استراتيجية مستقلة و شاملة تجمع بين عنصر الدبلوماسية الفعالة، والإصلاح النظام السياسي الداخلي والاستثمار في البنية التحتية المائية التي لازال جمهورية العراق يفتقر لها سبب الفساد الأحزاب السياسية التي تعطل بناء مشاريع استراتيجية كبيرة وكذلك إن بناء موقف تفاوضي الدبلوماسي القوي مع الجانب تركي يستلزم توحيد القرار السياسي الداخلي الذي لازال يعاني من الفشل الذريع وعدم توحيد الخطابات الداخلية منا ساهم هذا الجانب الى ضعف السيادة الوطنية ، واستخدام كل الأدوات المتاحة من القانون الدولي إلى الضغط الاقتصادي، لضمان حصة مائية عادلة ومستدامة للأجيال القادمة تربط بين الجانب التركي والسوري والايراني من أجل سلامة تأمين من أهم العناصر الضرورية والمهمة للحياة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصادر

  • مركز الأبحاث الأمن القومي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية حول أزمة العراق المائية
  • سياسة المائية التركية اتجاه العراقي عام2020
  • مركز الدراسات الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • Blue Peace Middle East
  • مركز الدراسات الإقليمية – جامعة بغداد
  • تقرير بحثي حول سبل تجنب الحروب المائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • مركز السلام للدراسات EPIC
  • المركز العربي للمياه

 

 

وردنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M