فرص تعزيز الوصول إلى الأموال المكتنزة من خلال سوق العراق للأوراق المالية

تتباين التقديرات التي تخمّن حجم الأموال خارج النظام المصرفي، سواء من خلال التعاملات غير المصرفية أو الأموال المكتنزة في المنازل، وتشير في معظمها إلى نسبة مرتفعة قد تصل إلى 90% من مجمل السيولة المالية، أو ما يقارب 20 تريليون دينار عراقي. ولذلك غالباً ما تواجه الإدارات الاقتصادية عقبات أمام تأمين دورة دخل متكاملة لا توجد فيها تسربات. في حقيقة الأمر، ووفقاً للمبادئ الاقتصادية، فإن المضاعف المالي (Monetary Multiplier) للنفقات الحكومية لا يُعد ذا أثر يُذكر، بمعنى أن التوسع في النفقات الحكومية لا يقود إلى تعزيز دورة الدخل المحلي بسبب التهرب المالي. على أي حال، تبدو الأمور أكثر قتامة فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية للعراق، خصوصاً إذا ما اتجهت الأمور نحو حسم الحرب الروسية – الأوكرانية وعودة سوق الطاقة الأوروبي إلى وضعه الطبيعي، بما يعني خفض الطلب على نفط البصرة لصالح التوجه نحو سوق الطاقة الأوروبي التقليدي في روسيا وأوكرانيا وأوروبا الشرقية.

وبالعودة إلى موضوع استدراج الأموال المكتنزة كإحدى الأدوات التي تحدّ من عمق أزمة السيولة المالية التي يعاني منها النظام المالي العراقي، فإن حجم الأموال المكتنزة خارج الجهاز المصرفي يُعدّ أحد التحديات البنيوية أمام تعبئة المدخرات وتوجيهها نحو الاستثمار، بسبب اللجوء إلى التعبئة والتخزين خارج النظام المصرفي. وهذا الأمر يشكّل عقبة، كما أشرنا، أمام فاعلية السياسة النقدية والمضاعف المالي للنفقات الحكومية.

من بين الأوجه الكابحة للاكتناز الحدّ من قدرة القطاع المالي على تمويل مشاريع الإعمار والتنمية ودمج رأس المال الفردي في دورة الاستثمار والتنمية. هذا يدفع إلى التفكير في الأدوات التي يمكن أن تجذب تلك الأموال إلى النظام المالي الرسمي. صحيح أن من بين الأدوات الأساسية النظام المصرفي الذي يُخضع كل الأموال لتوجهات السياسة المالية تبعاً للأدوار التي تقوم بها المصارف، وهذا الأمر يمهّد لتعزيز دور الدخل. ولكن، إلى جانب هذه الأداة المهمة، هناك أدوات جاذبة أخرى، وهي سوق الأسهم والسندات أو ما يُصطلح عليه سوق العراق للأوراق المالية. وعليه، يتعزز دور سوق العراق للأوراق المالية من خلال تعزيز التكامل بين سوق الأوراق المالية والبنوك والحكومة والإعلام، خاصة أن الاستثمار بدل الاكتناز هو مفتاح تحريك الاقتصاد وزيادة فرص العمل. إذ يستطيع سوق العراق للأوراق المالية أن يلعب دوراً مباشراً في تشجيع الأفراد على توظيف أموالهم بدلاً من اكتنازها، من خلال الجمع بين سياسات جاذبة للاستثمار وأدوات مالية متنوعة تمنح الأفراد بدائل آمنة ومربحة.

إن الهدف من هذه الورقة هو البحث في سياسات سوق العراق للأوراق المالية المتبعة واللازمة لاستقطاب الأموال المكتنزة خارج الجهاز المصرفي وتطويرها لخدمة النظامين الاقتصادي والمالي في العراق، باعتبارها أداة لتحفيز الوصول إلى تلك الأموال بما يمتلكه السوق من أدوات قادرة على استقطابها، إذا ما تم تطويره ليصبح قناة استثمارية آمنة وشفافة وجاذبة لرؤوس الأموال.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M