- بعد عامين على هجوم 7 أكتوبر وحرب غزة، وبدلاً من التوجّه نحو معالجة المخاوف المشروعة التي أدت إلى تزايد عزلة إسرائيل، طلب نتنياهو من بلاده الاستعداد لمستقبل من العزلة الاقتصادية المتزايدة، وحثّها على أن تصبح “إسبرطة عظمى” في الشرق الأوسط.
- الطرح المستقبلي الذي رسمه نتنياهو لإسرائيل، أيْ أن تكون مجتمعاً أكثر عسكرة مع اكتفاء ذاتي جزئي، أثار ردود فعل عنيفة بين الإسرائيليين؛ الذين يزداد قلقهم من احتمال السير على خطاه نحو دولة منبوذة، ومجتمع مُنهَك.
- على الرغم من كلام نتنياهو عن دولة/هوية مكتفية، فإنه في العامين الماضيين، ومنذ 7 أكتوبر 2023، ظهر مدى وحجم اعتماد إسرائيل المتزايد والنوعي واللامحدود على الولايات المتحدة، وليس العكس.
- على وقع حرب غزة الدامية، وهجوم إسرائيل على قطر، أعادت دول الخليج ترتيب رؤيتها للمشاريع والرؤى المتناقضة بخصوص مستقبل الشرق الأوسط، إذ تبيَّن لها أن مساعيها لخفض التصعيد والتنويع الاقتصادي ستظل مُعرقلةً بسبب الإجراءات الإسرائيلية المستمرة.
- يتعيَّن على إدارة الرئيس ترمب ممارسة نفوذها لإعادة خيار حل الدولتين إلى طاولة البحث الجاد؛ لأن البديل هو مزيد من الفوضى والعنف ومعاناة المدنيين وإضعاف ما تبقى من معايير دولية، والذهاب نحو مزيد من عسكرة العلاقات الدولية.
يُغطي النقاش عن التحولات الاستراتيجية النوعية التي أصابت المنطقة بعد عامين على أحداث 7 أكتوبر 2023 على النقاش عن جدل الإسرائيليين المستمر حول أسئلة الهُوية الكبرى: من نحن؟ وماذا نريد؟ وأيُّ علاقة لنا مع الآخر والعالم، القريب والبعيد؟
في السادس عشر من سبتمبر 2025، وقبل ساعات من شنّ هجوم بري على مدينة غزة، واستباقاً لتزايُد اعترافات دول العالم بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين، طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من بلاده الاستعداد لمستقبل من العزلة الاقتصادية المتزايدة، وحثّها على أن تصبح “إسبرطة عظمى” (Super-Sparta) في الشرق الأوسط. وقد ظهر بعض ملامح عزلة إسرائيل الدولية بسبب الحرب الدموية في غزة، مثلاً، من خلال انسحابات عشرات المندوبين والوفود اللافتة للنظر لدى إلقاء نتنياهو خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
إنّ المستقبل الذي رسمه رئيس الوزراء لإسرائيل، أيْ مجتمع أكثر عسكرة، مع اكتفاء ذاتي جزئي – أو دولة مكتفية ذاتياً اقتصادياً – مع خيارات تجارية محدودة واعتماد متزايد على الإنتاج الدفاعي المحلي، أثار ردود فعل عنيفة بين الإسرائيليين؛ الذين يزداد قلقهم من احتمال السير على خطاه نحو دولة منبوذة. ومستشهداً بما وصفه بالعداء الأوروبي المتزايد، وتأثير الأقليات المسلمة المتشددة على السياسة الخارجية الأوروبية، وما وصفه بحملات التضليل الممولة على وسائل التواصل الاجتماعي، جادل نتنياهو بأن إسرائيل تواجه عزلةً دوليةً متزايدةً. وحَلُّ نتنياهو هو: الاستعداد لواقعٍ اقتصاديٍّ واستراتيجيٍّ جديد.
في العصور القديمة، حارب بضع مئات من الإسبرطيين الجيش الفارسي الأقوى بكثير. لكن، كما كتب الكاتب المخضرم بن كاسبيت في صحيفة معاريف، فإن “المشكلة هي أن إسبرطة أُبيدت“! وعطفاً على ذلك، فقد نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن أرنون بار ديفيد، رئيس أكبر اتحاد نقابي في إسرائيل (الهستدروت)، قوله في اجتماع نقابي الشهر الماضي: “لا أريد أن نكون إسبرطة. نحن نستحق السلام. المجتمع الإسرائيلي مُنهَك، ومكانتنا في العالم سيئة للغاية”.
في خضم هذا الجدل، يذهب أحد كُتَّاب الرأي في صحيفة “جيروزاليم بوست” إلى تأكيد أنّ الصدمة تكمُن في أنّ “مسار نتنياهو، كما عبّر عنه في ذلك الخطاب حول “إسبرطة العظمى”، هو مسار صراع مستمر، وإجبار إسرائيل على استخدام سيفها إلى أجل غير مسمى”.
لقد ارتبط عهد نتنياهو، الأطول في إسرائيل بصفته رئيسَ وزراءٍ، ارتباطاً كلياً بالسؤال عن الهُوية اليهودية ومصير إسرائيل في الشرق الأوسط ونظرتها للأقلية العربية داخل إسرائيل، وللجار الفلسطيني الذي يبحث عن دولة قابلة للحياة. يُصمم نتنياهو على دفن الدولة الفلسطينية، هو يرى ذلك منذ سنوات، وحتى بعد موافقته على خطة ترمب الأخيرة. ليس الأمر مرتبطاً بالسابع من أكتوبر، فقد عمل نتنياهو طيلة حياته السياسية على عزل إسرائيل في قلعة بعيداً عن محيطها. في 2016، مثلاً، دعا نتنياهو إلى “إحاطة إسرائيل بأسوار أمنية لحماية أنفسنا في الشرق الأوسط الحالي والمتوقع”.
إن ذلك كله يطرح السؤال الكبير التالي، خصوصاً بعد عامين من حرب دموية في غزة: من يريد الإسرائيليون أن يكونوا بعد 7 أكتوبر؟ وفي طرحهما لهذا الاستفهام الجوهري، يشرح دونيل هارتمان ويوسي كلاين هاليفي تداعيات تبني استراتيجية انعزالية، طارحين مزيداً من الأسئلة من قبيل: هل كان مجرد خطاب تحفيزي ذاك الذي تحدث فيه نتنياهو عن “إسبرطة العظمى”؟، أم أنه دفنٌ لـ”أمة الشركات الناشئة” والتحوّل نحو “أمة إسبرطة”؟ وما الذي ترمز إليه إسبرطة حقاً، ولماذا يشعر حتى الناخبون اليمينيون بالقلق؟ مع استطلاعات رأي جديدة تُظهر أن 78% من الإسرائيليين يُفضّلون الدبلوماسية على الحصار الدائم. ويصل المحللان إلى واحد من أهم الأسئلة: هل يُمكن أن تتصاعد حركة هُوية إسرائيلية جديدة رداً على ذلك؟
أثر نتنياهو
واقع الحال أنه على مدى العقود الثلاثة الماضية التي حكم فيها نتنياهو معظم المشهد الإسرائيلي، لم تنفكُّ النخبُ الفكرية والإعلامية في إسرائيل، تُثير الجدل حول تحولات الهُوية الإسرائيلية في مجتمعٍ متباين الثقافات والميول والاتجاهات. وعلى رغم مرور أكثر من قرن على الفكرة الصهيونية، فإنّ “بوتقة الانصهار” الصهيونية، كما كانت تقول صحف مثل “هآرتس”، لم تُفلح في القضاء، مثلاً، على الفروق الطبقية والثقافية بين الأشكناز (من أصل أوروبي شرقي) والسفارديم (المعروفين في إسرائيل باسم المزراحيم)، الذين قدموا من دول عربية مثل العراق والمغرب وتونس واليمن. وفي قراءته تلك التحولات، نشر الكاتب ألوف بن مقالاً مطولاً في عدد صيف 2016 من “فورين أفيرز”، بعنوان “نهاية إسرائيل القديمة: كيف حوّل نتنياهو الأمة”، لفت فيه إلى أنّ المجتمع الإسرائيلي بدأ منذ فترة بالانقسام على خطوطٍ قَبَليَّة، وأن نتنياهو، ينتعش في ظلّ هذه القَبَليِّة التي تخدم هدف حياته، باستبدال النخبة التقليدية في إسرائيل بنخبة أخرى تتماشى مع فلسفته الأقل اعتدالاً وتسامحاً، بخاصة بعدما تحوّل من مُحافظٍ يخشى المخاطرة إلى متطرف يميني يرى أن الديموقراطية مرادفة لحكم الغالبية المنفلت، وينفد صبرُه حيال القيود التي تمثلها المراجعات القضائية أو حماية الأقليات أو التغطيات الإعلامية الناقدة له ولسياساته.
وينبّه ألوف بن إلى أنّ جذور هذه التحولات في سياقها الأوسع، وضمنها صعود التعصب القومي والديني وخفوت القيم الليبرالية في إسرائيل، تسبق نتنياهو (المستبدّ) في الحقيقة، إذْ إن مؤسس الدولة بن غوريون، مثلاً، أخفق في تقدير قوة الدين التي اعتقد أنها ستتلاشى عند مواجهتها الحداثة العلمانية، لذلك سمح لليهود الأرثوذكس بالحفاظ على استقلالهم التعليمي في الدولة الجديدة، وبالتالي ضمان خلق أجيال من الناخبين المتدينين في المستقبل (ممن يتنامون في شكل كبير ومقلق). ومع أهمية هذا الاستدراك، فإن الواقع أنّ عهد نتنياهو يتميّز أساساً بمحاولة تقليص الاعتماد على الغرب ومناكفته، والسعي على المستوى العسكري الى تطوير منظومات محلية هجومية متطورة لحماية إسرائيل تتفوق على تلك التي تقدمها الولايات المتحدة لها، حيث تتبرم النخبة الحاكمة في “إسرائيل نتنياهو” من غلبة الطابع الدفاعي عليها.
لكن، وعلى الرغم من كلام نتنياهو عن دولة/هوية مكتفية، فإنه في العامين الماضيين، ومنذ 7 أكتوبر 2023، ظهر مدى وحجم اعتماد إسرائيل المتزايد والنوعي واللامحدود على الولايات المتحدة، وليس العكس. وفي مقابلة قديمة في عام 1996 مع الكاتب آري شافيت من صحيفة “هآرتس”، حذَّر نتنياهو من محاولات نزع الشرعية عنه “من جانب نخبة النظام القديم”، مُشيراً إلى أنّ “المشكلة تكمن في أن الهيكل الفكري للمجتمع الإسرائيلي غير متوازن”، مُتعهداً بتشكيل مؤسسات جديدة أكثر محافظة لإعادة كتابة سرد الرواية الوطنية.
ومنذ عام 2007، اتكأ نتنياهو على صحيفة “إسرائيل اليوم” (Israel Hayom) لتقوم ببعض تلك المهمة. وتمّ في تلك الحقبة، وكذلك عقب موجة “الربيع العربي”، ضخُّ مزيدٍ من الدماء في “وعي الهوية المغلق” والأكثر انكفاء على الذات وتركيزاً على صراع البقاء. وقد أصابت هذه الموجة، وفق ألوف بن، الناخبين الإسرائيليين بالذعر، إذْ قالوا لأنفسهم: “إذا كان هذا ما يستطيع العرب فعله لبعضهم بعضاً، فتخيّل ماذا سيفعلون بنا إذا ما أتحنا لهم الفرصة”!. هذا الوعي الهوياتي المذعور استغله نتنياهو دائماً، وكلنا يتذكر نشْرَه في انتخابات الكنيست 2015 شريطاً مصوَّراً يدّعي فيه أن “الناخبين العرب (داخل إسرائيل) يتوجهون إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة، وأن المنظمات غير الحكومية اليسارية تستخدم الحافلات لنقلهم”، وظهر أنّ هذه المعلومات غير صحيحة، لكنها ضربتْ على وترِ قلقِ الناخبين اليهود ليفوز حزب الليكود بالانتخابات حينذاك.
وفي خلال العامين الأخيرين، استغل نتنياهو وائتلافه الحكومي اليميني المتطرف صدمة 7 أكتوبر 2023 لتعميق “وعي الهوية المغلق”، وصوّر هجوم حماس بوصفه “خطراً وتهديداً وجودياً”.
في المقابل، وعلى وقع حرب غزة الدامية، خصوصاً بعد هجوم الدوحة الشهر الماضي (حتى مع اعتذار نتنياهو لقطر بضغط من ترمب بعد ثلاثة أسابيع على الهجوم)، أعادت دول الخليج ترتيب رؤيتها للمشاريع والرؤى المتناقضة بخصوص مستقبل الشرق الأوسط. لقد بدا أن “جهود الخليج في خفض التصعيد والتنويع الاقتصادي ستظل مُعرقلةً بسبب الإجراءات الإسرائيلية المستمرة، في حين من غير المرجح أن تُؤدي الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية التي اتبعها نتنياهو بعد 7 أكتوبر إلى ترسيخها قوة لا تُنازع في المنطقة. بل من المرجح أن تنزلق المنطقة إلى مزيدٍ من الفوضى – شرقٌ أوسطٌ هوبزيٌّ بلا حواجز أو ضوابط”.
ولا شك في أن طروحات “إسبرطة العظمى” تُعمّق هذه الفوضى، وتضع مزيداً من العراقيل أمام التعافي الإقليمي والتهدئة. وكثير من الإسرائيليين ينظرون إلى هذه الطروحات بوصفها “خطاباً عن الأمس، وليس خطاباً عن الغد”. بل يقرأ المؤرخ الإسرائيلي إيراد مالكين (Irad Malkin)، الحائز جائزة إسرائيل للتاريخ لعام 2014، والأستاذ الفخري في جامعة تل أبيب، وعضو هيئة تدريس الزائر في جامعة أكسفورد، طروحات نتنياهو على أنها “سوء فهم صارخ للتاريخ وتوقع مُقلق لمستقبل إسرائيل. لا يُشير هذا التشبيه إلى القوة، بل إلى انعدام الأمن. وإذا أُخِذ على محمل الجد، فإنه يُخاطر بتوجيه إسرائيل نحو المصير نفسه الذي حلَّ بأسبرطة الأصلية: تآكل الدولة والمجتمع، وفي النهاية، الهزيمة العسكرية… وعلى النقيض من ذلك، تَركت أثينا، على الرغم من هزيمتها في الحرب، إرثاً من الأفكار والمؤسسات والثقافة التي شكلت [جانباً أساسياً من] الحضارة الغربية”.
الخليج وتغيّر مصادر التهديد
لعقودٍ، عرّفت دول الخليج الأمن الإقليمي من منظور إيران، خوفاً من برنامجها النووي، ورعايتها لميليشيات ما يسمى “محور المقاومة”، وقدرتها على ضرب ما وراء الحدود. أما اليوم، فقد أعادت حملات إسرائيل غير المنضبطة في غزة، وتصعيد العمليات في الضفة الغربية، والتصعيد المستمر في لبنان وسورية وقطر، صياغة هذا الحوار. تستنتج الدول العربية أن إسرائيل تُمثل الآن أكبر تهديد للاستقرار في المنطقة. بيد أن هذا لا يُسوّغ سلوك طهران؛ فدورها في تأجيج الصراعات في العراق ولبنان وسورية واليمن لا يمكن إنكاره. لكن اعتداءات إيران أصبحت مألوفة ومتوقعة للغاية، وربما يكون تقدير نفوذها في المنطقة مبالغاً فيه. في المقابل، ازدادت تصرفات إسرائيل جرأةً على حساب الأعراف التي افترض القادة العرب أنها لا تزال تحكم منطقتهم.
من جانب آخر، وبعد أن كانت الدول العربية حاجزاً جغرافياً وسكانياً بين إيران وإسرائيل، فإن التحولات الجيوسياسية في المنطقة على مدى السنوات الماضية، وخصوصاً بعد 7 أكتوبر 2023، ومن خلال المواجهات العسكرية المباشرة الأولى بين طهران وتل أبيب، تضع الدول الخليجية والعربية في مرمى أي مواجهة عسكرية محتملة بين إيران وإسرائيل، أو أيّ قرار منفرد من أيٍّ من الطرفين بالإقدام على أي عمل عسكري هجومي أو دفاعي ضد الآخر، بعد أن انتهت مرحلة الاكتفاء بحروب الظل والوكلاء بين الخصمين الإقليميين، وتمّ كسر استراتيجية “الصمت الاستراتيجي” الإيرانية (ليس بالضروري نهايتها).
الخلاصة والاستنتاجات
لقد تزايد تقبُّل إسرائيل للمخاطر بعد 7 أكتوبر 2023: من استراتيجية “جز العشب” (Mowing the Grass) إلى العمل على إحراق جذور التهديدات الحقيقية والمتصورة بالنسبة لإسرائيل، ومن الاحتواء إلى سياسة استباقية هجومية عدائية جريئة ليس فيها خطوط حمراء. كما بدا أن الاتفاقيات الإبراهيمية، على رغم أهميتها الاستراتيجية بالنسبة لإسرائيل، فإن أولوية إسرائيل الآن هي ضمان أمنها بشروطها الجديدة والمتصورة التي تشكّلت بعد 7 أكتوبر، وفي ظل الدعم الأمريكي شبه المطلق لأولويات إسرائيل؛ التي تقدّمت على مدى العامين الماضيين على أولوية توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية.
بعد عامين على هجوم 7 أكتوبر وحرب غزة، وبدلاً من التوجّه نحو معالجة المخاوف المشروعة التي أدت إلى تزايد عزلة إسرائيل – المخاوف بشأن التوسع الاستيطاني ومخططات ضم الضفة الغربية، وسوء معاملة المدنيين الفلسطينيين وسياسات التجويع الممنهجة، واستمرار الحرب الكارثية في غزة وعدم احترام سيادة الدول- اختار نتنياهو انعزاليةً متحديةً.
وبرغم كل الصعوبات والمعوقات المتعددة، فإن الإدارة الأمريكية مدعوة لممارسة نفوذها لإعادة خيار حل الدولتين إلى طاولة البحث الجاد؛ لأن البديل هو مزيد من الفوضى والعنف ومعاناة المدنيين وإضعاف ما تبقى من معايير دولية، والذهاب نحو مزيد من عسكرة العلاقات الدولية. وقد لفت الخبير الأمريكي المخضرم، ريتشارد هاس، إلى إن ما تبقى من فرصة ضئيلة لتحقيق تقدم نحو اتفاق دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين – اتفاق يخدم مصالح الطرفين – آخذ في التلاشي بسرعة. وأكد هاس أن عدم قيام دولة فلسطينية مستقلة كجزء من سلام إقليمي متكامل يعني إن إسرائيل سوف تبقى دائماً في حالة حرب. وشدد هاس على أن حل الدولتين يقترب من نهايته، وأن مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل تقضي “بقيام دولة فلسطينية قبل أن تختفي هذه الإمكانية إلى الأبد. حرفياً إما الآن أو أبداً”.
ويبقى السؤال الحقيقي: هل سيُطالب الناخبون الإسرائيليون (في إطار إجراء تعديلات على سردية الهُوية وتحوُّلاتها) بالبديل الأفضل، وهو إعادة الالتزام بعملية السلام، ووقف التوسع الاستيطاني، والتفاعل البنّاء مع الجانب الفلسطيني وحقوقه الإنسانية والسياسية؟