- نُظِرَ إلى القمة السنوية لمنظمة شنغهاي للتعاون، التي استضافتها هذا العام مدينة تيانجين الصينية، بوصفها مناسبة مثالية أظهرت فيها الصين للعالم توافقَ خليط غير متجانس من الدول حول قيادة رؤية بيجين للنظام الجديد ودعمها له.
- مثَّل تقديم الصين دعوة لقادة الدول الحليفة لواشنطن لحضور العرض العسكري الضخم الذي أقامته في 3 سبتمبر، تأكيداً لرغبتها في تبنّي مسافة من روسيا وكوريا الشمالية، وتموضعها بصفتها قوة عظمى جامعة تقوم سياساتها الخارجية على الحوار والدبلوماسية والشراكة مع جميع الأطراف.
- يُتوقع أن تبني الصين على عُمْق علاقاتها مع روسيا، وتحسُّن العلاقات مع الهند، لإعادة تشكيل المؤسسات التعددية التي تحظى فيها بالنفوذ الأكبر، وعلى رأسها منظمة شنغهاي للتعاون وبريكس بلس، باتجاه تسريع نشر رؤيتها للنظام العالمي القائم على التعددية القطبية وزيادة نفوذ دول الجنوب العالمي.
في يومي 31 أغسطس و1 سبتمبر، عُقِدَت القمة السنوية لمنظمة شنغهاي للتعاون، في مدينة تيانجين الصينية. وإلى جانب الأعضاء العشرة، حضر القمة 16 من الدول المراقبة وشريكة الحوار، ما جعلها أكبر قمة للمنظمة على الإطلاق. وفي 3 سبتمبر، أقامت الصين عرضاً عسكرياً كبيراً لإحياء الذكرى الثمانين لانتصار حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد الاحتلال الياباني والحرب العالمية الثانية، وهو الاسم الذي يستخدمه الحزب الشيوعي الصيني للإشارة إلى المقاومة الصينية ضد اليابان.
تحلل هذه الورقة دلالات الحدثين والحضور ومستوى التمثيل، وأهم مخرجات قمة تيانجين، والتوقعات المستقبلية للتداعيات على النظام العالمي في سياق تنافس الصين الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.
مركز ثقل عالمي جديد آخذٌ في التشكُّل
في هذا العام صُمِّمَت قمة شنغهاي لإعادة تشكيل المنظور العالمي لقوة الصين وقدرتها على بناء نظام عالمي جديد يتحدى النظام القائم بقيادة الولايات المتحدة. فقد حرص الرئيس شي جينبنغ على تصميم البروتوكول الدبلوماسي بحيث يظهره قريباً من الزعيمين الروسي فلاديمير بوتين والهندي ناريندا مودي بشكل ودي. وقد كان ذلك رسالة إلى الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين والآسيويين. وبما أن ميثاق تأسيس المنظمة ينص على السعي “لبناء نظام عالمي سياسي واقتصادي جديد”، فإن قمة تيانجين كانت بمثابة المناسبة المثالية التي تُظهر بيجين فيها للعالم توافقَ خليط غير متجانس من الدول حول قيادة رؤية الصين للنظام الجديد ودعمها له. وقد استغل شي القمة أيضاً لعقد 15 قمة ثنائية مع زعماء الدول المشاركة، أهمها الهند مستغلاً العلاقات الباردة بين نيوديلهي وواشنطن بسبب فرض الرئيس دونالد ترمب رسوماً جمركية بنسبة 50% على الصادرات الهندية للسوق الأمريكي.
فيما يتعلق بأهم مخرجات القمة، قررت الدول المجتمعة إنشاء بنك للتنمية تابع لمنظمة شنغهاي للتعاون، يهدف إلى تمويل مشاريع البنية التحتية والبرامج الاقتصادية في الدول الأعضاء. وأعلنت الصين أيضاً عن إنشاء ست منصات جديدة للتعاون مع منظمة شنغهاي، ممَّا يعزز قيادة الصين الفعلية للمنظمة. ستركز هذه المنصات على قطاعات الطاقة، والصناعة الخضراء، والاقتصاد الرقمي، والابتكار التكنولوجي، والتعليم العالي، والتعليم المهني والتقني.
ويمكن عَدُّ هاتين الخطوتين بداية ابتعاد المنظمة عن الطبيعة الأمنية التي ميزتها منذ إنشائها عام 1996، باتجاه تبني طابع اقتصادي يركز على اتفاقات الاستثمار والتجارة والتمويل. وأحد أهم محفزات ذلك نهاية معارضة روسيا لإنشاء البنك طول العقد الماضي بسبب التنافس مع الصين على تقديم التمويل لدول وسط آسيا عبر مؤسسات تعددية تحظى فيها روسيا، وليس الصين، بالنفوذ الأكبر، وهو ما يترجم الاعتماد الروسي المتزايد على بيجين. إلى جانب ذلك، دفعت العقوبات الغربية وتراجع صادرات الغاز الروسية لأوروبا بسبب حرب أوكرانيا موسكو إلى عَدِّ إنشاء البنك فرصة اقتصادية بديلة. وثمة سبب آخر يتمثل في صعوبة بناء التوافق بين الدول الأعضاء حول القضايا الأمنية والجيوسياسية العالمية. وقد كانت قمة تيانجين استثناء في هذا المسار. فعلى سبيل المثال، دان “إعلان تيانجين” الصادر عن القمة “الضربات العسكرية التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة” على إيران، واصفاً إياها بـ”الأعمال العدوانية”، وبـ”التعدي” على سيادة إيران. ووصف البيان هجوم إسرائيل على الدوحة بأنه “غير مقبول”. وكان لافتاً موافقة الهند على هذه الإدانات (مُقارنة بتبنيها مسافة من بيان القمة السابقة الذي “أدان بقوة” الضربات الإسرائيلية ضد إيران)، في انعكاس لتراجع علاقاتها بواشنطن.
بالتزامن، أعلن الرئيس شي عن مبادرة الحوكمة العالمية. وهذه المبادرة هي الرابعة من “المبادرات العالمية” التي أطلقها شي، إلى جانب مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية. وتنص ورقة المفهوم الخاصة بالمبادرة الجديدة على أنها صُمِّمت “لتعالج العجز في الحوكمة العالمية”. وتركز الورقة على مبادئ محددة: المساواة في السيادة، وسيادة القانون الدولي، والتعددية، والنهج الذي يركز على الإنسان، والتعاون العملي.
ودعا شي منظمة شنغهاي للتعاون إلى “تكثيف الجهود وممارسة دور قيادي وتقديم مثال يُحتذى به في تنفيذ مبادرة الحوكمة العالمية”. وأشاد بقدرة المنظمة على “أن تصبح حافزاً لتطوير نظام الحوكمة العالمية وإصلاحه”. لكن، كما المبادرات السابقة، لم يقدم تفسيراً وافياً لبنودها أو أهدافها، واكتفى بوصفها مستخدماً مفاهيم أيديولوجية. وفيما يتعلق بالمبادرات الثلاث السابقة، استغرق شرح أبعادها وتفسيرها وقتاً بعد طرحها، وهو ما يتوقع أن يحدث مع هذه المبادرة.
وبمعنى أدق، تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز التعددية، وهي الدلالة الظاهرة من اختيار منظمة شنغهاي للتعاون لطرحها، وليس إحدى مؤسسات الأمم المتحدة كما حدث عند تقديم مبادرة التنمية العالمية في 2021. وعلى رغم تأكيد شي على ضرورة “الحفاظ بقوة على مكانة وسلطة الأمم المتحدة”، يُفهم من تبني منظمة شنغهاي للتعاون بوصفها منصةً لإطلاق المبادرة الجديدة سعي بيجين لتعزيز المؤسسات التعددية التي تتمتع فيها بنفوذ أكبر وتُعبّر عن المبادئ والمفاهيم والأهداف الصينية في سياق الحوكمة والنظام العالميين، وهو ما سينتقص بالضرورة من مركزية الأمم المتحدة في تحركات السياسة الخارجية الصينية مستقبلاً. ويمكن فهم ذلك بأنه أول تحرك صيني مباشر يستهدف النظام الليبرالي العالمي القائم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وكان توظيف تاريخ الانتصار في الحرب العالمية الثانية واضحاً في خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون، حيث ركز وزير الخارجية وانغ يي على دور منظمة شنغهاي للتعاون باعتبارها “صوتاً عادلاً للدفاع عن إنجازات النصر في الحرب العالمية الثانية”. وصممت هذه الرسائل من قبل الصين لكسب شرعية للحزب الشيوعي في الحكم ممتدة من المقاومة ضد الاحتلال الياباني، إلى جانب شرعية للدولة على الساحة العالمية بوصفها طرفاً وازناً في المعسكر المنتصر في الحرب، ومقاومة للسردية التي تحصر الانتصار في قيادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبريطانيا وفرنسا فقط.
الصين ليست قوة عظمى اقتصادية فقط، بل عسكرية أيضاً
بعد انتهاء قمة منظمة شنغهاي، عقد الرئيسان الصيني والروسي قمة تم التوقيع في خلالها على 22 اتفاقية تعاون ثنائي في مجالات الطيران، والزراعة، والذكاء الاصطناعي، والتعليم، والطاقة، والصحة، والإعلام، والبحث العلمي. لكن الاتفاق الأهم الذي خرج عن الاجتماع حدث في خلال قمة ثلاثية ضمَّت الرئيس المنغولي أوخنا خوريلسوخ، حيث وقّع الزعماء الثلاثة “مذكرة تفاهم ملزمة قانوناً” بشأن خط أنابيب الغاز “قوة سيبيريا 2” وخط أنابيب النقل “سويوز فوستوك”، اللذين سيسمحان لروسيا بتصدير الغاز إلى الصين عبر منغوليا.
وسبقت هذه التفاعلات الدبلوماسية المهمة العرض العسكري الصيني الضخم في 3 سبتمبر لإحياء الذكرى الثمانين لانتصار “حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني” و”الحرب العالمية ضد الفاشية”، وهما المسميان للمقاومة الصينية ضد اليابان والحرب العالمية الثانية في أبجديات الحزب الشيوعي الصيني. وهذا هو العرض العسكري الكبير الثاني الذي يقام للاحتفال بهذه المناسبة بعد العرض الأول الذي أقيم في 2015، أي أن الصين باتت تنظم هذا العرض بهذا الحجم الكبير كل عشرة أعوام بانتظام. وتضمن العرض إظهار جميع جوانب القوة العسكرية الصينية في الجو والبر والبحر والفضاء، وكانت التكنولوجيا العسكرية المتقدمة طاغية على أفرع جيش التحرير الشعبي كافة.
واستعادت الصين خطاب المقاومة ضد اليابان في خلال العرض العسكري. ولا يشكل هذا الخطاب في الوقت الحاضر أساساً لتعزيز الشعور القومي في الصين. بدلاً من ذلك، يؤسس هذا الشعور بشكل متزايد على تهديدين معاصرين: الانفصال، في إشارة إلى تايوان، وسياسة الاحتواء الأمريكية. وكانت الرسائل إلى تايبيه وواشنطن جلية في أثناء العرض العسكري.
وكان لافتاً أيضاً تشكيل الضيوف في خلال العرض، الذي حضره 26 زعيماً أجنبياً، بمن فيهم بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. وكان العرض المناسبة الأولى على الإطلاق التي يحضر فيها شي وبوتين وكيم محفلاً تعددياً في وقت واحد، والمرة الأولى على الإطلاق لكيم.
وغادر مودي الصين قبل العرض، لإرسال رسالة بأن نيوديلهي أرادت التأكيد على أنها لم تتبن تحولاً باتجاه الصين أو أنها تدعم تعزيز قوتها العسكرية. وكان واضحاً أيضاً رفض أو تخفيض مستوى الحضور من غالبية الدول الأوروبية والآسيوية الحليفة للولايات المتحدة مقارنة بعرض عام 2015، في مقابل رفع مستوى الحضور من غالبية دول الجنوب العالمي، خصوصاً في آسيا. فعلى سبيل المثال أرسلت دول منظمة آسيان قادة الدول باستثناء تايلاند والفلبين.
وبشكلٍ خاص، أرادت الصين إخراج بوتين وكيم من العزلة الدولية، في استجابة لرغبة كيم إعادة العلاقات مع الصين إلى مستواها ما قبل كوفيد-19 وحرب أوكرانيا والشراكة الاستراتيجية مع روسيا التي تنظر لها بيجين بريبة (ضمن جهود كوريا الشمالية للتموضع بصفتها قوة نووية معترف بها وطرفاً مكافئاً للقوى الكبرى المشاركة). وكانت هذه هي المرة الأولى التي يزور فيه كيم الصين منذ عام 2019.
وبناءً على الفاعليات المحيطة بكلٍّ من قمة تيانجين والعرض العسكري في بيجين، يمكن القول إن الرسالة النهائية التي أرادت أن ترسلها الصين هي تحوُّلها بالفعل إلى قوة عظمى، ليس فقط بسبب اقتصادها الضخم وشراكاتها التجارية والاستثمارية والتمويلية، ولكن لأن القوة الاقتصادية كانت مقترنة بالقوة العسكرية والتفوق التكنولوجي والشرعية السياسية ونظام تحالفات/شراكات صاعِد، خصوصاً مع دول الجنوب العالمي، والصين في القلب منه.
سدّ الثغرات في المستقبل
يُفهَم من قمة تيانجين أن الصين باتت تُقدِّم منظمة شنغهاي للتعاون باعتبارها جزءاً من نظام عالمي جديد. وعند اقتران هذه المنظمة، في المنظور الصيني، مع مبادرات أخرى ذات طابع عالمي، يظهر أن مبادرة الحزام والطريق ومجموعة البريكس يُشكّلان معاً الإطار العالمي الشامل، بينما تعمل منظمة شنغهاي للتعاون ضمنه باعتبارها منظمة إقليمية.
لكن الطريق لا يبدو مُمهَّداً كما ترغب بيجين. فالأعضاء التسعة، إلى جانب الدول الـ17 التي تتمتع بصفة الدول المراقبة أو “شريك حوار”، لا تدعم كلها الأجندة الصينية. فعلى سبيل المثال، كان لافتاً رفض مودي حضور العرض العسكري الذي يُنظَر له في طوكيو باعتباره مُعادياً لليابان، بينما كان يزور الصين بعد زيارة استغرقت يومين لليابان. وكان واضحاً أيضاً أن حضور مودي القمة يهدف لتعزيز موقعه التفاوضي مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بمفاوضات الرسوم.
ولا يزال التحالف العسكري بين روسيا وكوريا الشمالية يُلقي بظلاله على علاقات بيجين ببيونغ يانغ. إضافة إلى ذلك، فإن أي محاولة لعوة كيم للتفاوض مع ترمب حول الملف النووي دون أخذ مخاوف بيجين في الحسبان قد تشكل انتكاسة في العلاقات الثنائية قائمة على فرض الأمر الواقع على الصين.
وبالمقابل، أرادت بيجين أيضاً توسيع خياراتها وتجنُّب إرسال رسالة للعالم بأنها في اصطفاف مع سياسات روسيا وكوريا الشمالية المعادية للغرب. وقد عكس تقديم الصين دعوة لقادة الدول الحليفة لواشنطن لحضور العرض العسكري في حد ذاته تأكيداً لرغبتها في تبنّي مسافة من موسكو وبيونغ يانغ وتموضعها بصفتها قوة عظمى جامعة تقوم سياساتها الخارجية على الحوار والدبلوماسية والشراكة مع جميع الأطراف. أحد محفزات ذلك أيضاً إدراك القيادة الصينية أن غالبية الدول الأعضاء والمراقِبة وشريكة الحوار لا ترغب في رؤية منظمة شنغهاي للتعاون، ومبادرات تعاونها مع الصين بشكل عام، تتحوَّل لمنصات عدائية ضد القوى الغربية.
وعلى المديين القريب والمتوسط، يُتوقع أن تبني الصين على عمق علاقاتها مع روسيا، وتحسُّن العلاقات مع الهند، لإعادة تشكيل المؤسسات التعددية التي تحظى فيها بالنفوذ الأكبر، وعلى رأسها منظمة شنغهاي للتعاون وبريكس بلس، باتجاه تسريع نشر رؤيتها للنظام العالمي القائم على التعددية القطبية وزيادة نفوذ دول الجنوب العالمي. قد يشمل ذلك توسيع عضوية المنظمتين وتعزيز هيكلهما المؤسسي وصلاحيتهما وزيادة تمويلهما. وسيمتد ذلك إلى تعزيز الشراكة الثنائية بين موسكو وبيجين حول القضايا العالمية الملحة في الأمم المتحدة، خصوصاً فيما يتعلق بنسق التصويت في مجلس الأمن.
ويُرجح أيضاً أن تأخذ قضايا التنمية الاقتصادية والتكنولوجية حيزاً متقدماً على قائمة أولويات هذه المنظمات، وعلى حساب القضايا الأمنية والجيوسياسية (باستثناء مكافحة الإرهاب والتهريب والمناورات العسكرية المشتركة). يعزز ذلك انسحاب الولايات المتحدة الفعلي من دعم مجالات التنمية في دول الجنوب العالمي، وهو ما يخلق فرصة أمام المنظمات التعددية بقيادة الصين لتعزيز نفوذها في هذه المجالات. لكن لن يتوقف الأمر عند الدول النامية فحسب، بل ستسعى الصين بشكل خاص إلى تعزيز روابطها الاقتصادية والتجارية مع شركاء الولايات المتحدة التقليديين في أوروبا وآسيا، مُستغلةً حملة الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترمب على هذه الدول. وقد يتطلب هذا التقارب قيام بيجين بمعالجة مخاوف هذه الدول إزاء القضايا الأكثر حساسية بالنسبة لها، على رأسها الحرب في أوكرانيا وملف كوريا الشمالية النووي وخفض التصعيد في بحر الصين الجنوبي. يعزز ذلك أيضاً الترجيحات بتبني الصين مواقف تقف على مسافة من سياسات روسيا وكوريا الشمالية المعادية للغرب.
ويُرجح أيضاً أن تُصدِر الصين وثيقة توضيحية شارحة لأهم مبادئ مبادرة الحوكمة العالمي (على غرار المبادرات السابقة)، وتوظيفها بوصفها قوة دافعة لتحركاتها الدبلوماسية في الجنوب العالمي خلال العام المقبل. وستُركِّز هذه التحركات على الأرجح على تقويض السرديات الداعمة للنظام الليبرالي، وفي المقابل ترويج المفاهيم الأساسية التي جاءت في ورقة المفهوم لمبادرة الحوكمة العالمية، وهي مبادئ تحظى بتوافق واسع بين هذه الدول.
خلاصة واستنتاجات
قد تكون قمة تيانجين والعرض العسكري الذي تلاها أكبر تجمُّع لزعماء وممثلي الدول حضر في وقت واحد في الصين في خلال السنوات الأخيرة. والأهم أنه، قطعاً، أهم تجمُّع من حيث التمثيل الدبلوماسي والجغرافي للدول المشاركة. لكن على رغم هذه الأهمية، لا يزال من المبكر تفسير هذين الحدثين باعتبارهما تحدياً كبيراً للنظام الغربي أو تحالفاً متماسكاً بقيادة الصين، إذ لا يبدو أن هذا الهدف المحدِّد الأساسي للأجندة الصينية نفسها بعد.
مع ذلك فإن انعقاد قمم منظمة شنغهاي للتعاون بانتظام، واستعداد عدد أكبر من دول الجنوب العالمي للانضمام والحضور، قد يخلق تدريجياً مركز ثقل بديلاً للغرب، بغض النظر عن النتائج الملموسة من هذه القمم. وهو ما يُرجح أن تأخذه القوى الغربية على محمل الجد بمرور الوقت.