اختلف الفقه القانوني الدستوري حول التكييف القانوني لممارسة الانتخاب (تصويتاً وترشيحاً)، ونتيجة لذلك ظهرت ثلاثة اتجاهات: الاتجاه الأول يعدّ الانتخاب حقاً شخصياً لكل المواطنين، وذلك وفقاً لنظرية سيادة الشعب. ووفقاً لتلك النظرية يمكن تجزئة السيادة بين أفراد الشعب، وكل فردٍ مخوّلٌ في ممارسة الجزء الذي يملكه، فلا يجوز حرمان أيّ مواطن من ممارسة هذا الحق أو تقييد ممارسته، وهو حقٌّ اختياري لا يُلزم صاحب الحق على مباشرته.
أما الاتجاه الثاني فيعدّ الانتخاب واجباً ووظيفة، وذلك وفقاً لنظرية سيادة الأمة، التي تعدّ السيادة وحدةً واحدة لا يمكن تجزئتها، وتعبر عنها الأمة كمجموع وليس كأفرادٍ بشكلٍ انفرادي، وتضع على عاتق الناخبين واجب اختيار أكفأ الأشخاص لممارسة شؤون السلطة. ولذلك لا يُكلَّف بتلك الوظيفة إلا من تتوافر فيهم أهليةٌ معينة وصلاحيةٌ في التمييز بشأن اختيار الحكّام. ووفقاً لهذا الاتجاه يجوز الأخذ بنظام الاقتراع المقيّد، ويجب أن ينفذ المواطن تلك الوظيفة بوصفها واجباً في ضوء تحقيق المصالح العامة وليس الشخصية.
وهناك اتجاهٌ ثالث يحاول المزج بين الاتجاهين، أي اعتبار الانتخابات حقاً ووظيفة، ويبدو أن الاتجاه الأخير هو الأكثر اهتماماً في تشكيل هيئة ناخبين من ذوي الوعي والدراية في اختيار الحكّام المؤهّلين للتمثيل السياسي. إلا أنه تاريخياً اتُّخذ ذلك كمبرّرٍ لحرمان أفراد الفئات الفقيرة والنساء من ممارسة حقّ الاقتراع والترشيح، في مقابل الإعلاء من الدور والمكانة السياسية للفئات الأرستقراطية الحاكمة.