آليات حوكمة العمل في المجالس البلدية وتحديث الادارة المحلية في المملكة الاردنية الهاشمية (دراسة تحليلية)

ملخص
 هدفت الدراسة الى بيان مدى مساهمة الحوكمة في البعد الإداري والبعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي للتنمية المحلية، وبيان آليات الوصول إلى نموذج للإدارة المحلية الحديثة في الأردن والذي ينسجم مع الرؤية الملكية للتحديث، واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي وتم استخدام هذا المنهج في الوقوف على اليات حوكمة العمل البلدي وتحديث الادارة المحلية في المملكة الاردنية الهاشمية، وخلصت الدراسة أن الحوكمة تساهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، من خلال وضع آليات واضحة للمساءلة والرقابة، وتحديد مسؤوليات واضحة لجميع الأطراف المعنية، وتعزز الحوكمة مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، من خلال توفير قنوات اتصال فعالة، والاستماع إلى آراء ومقترحات المجتمع المحلي، وإشراكه في وضع الخطط والبرامج البلدية، في ضوء نتائج الدراسة فأنها توصي بتشجيع الالتزام بتطبيق أبعاد الحوكمة المؤسسية المتمثلة بـ(المشاركة في صنع القرار، المساءلة، العدالة، تطبيق القانون) في البلديات الأردنية من خلال حث القيادات الإدارية فيها، على تحفيز العاملين على تطبيق أبعاد الحوكمة، وينبغي أن تُركز جهود بناء الكفاءة والقدرات على إضفاء الطابع المهني على الإدارة البلدية، وكذلك المسؤولين المنتخبين، لتحقيق التفويض الدستوري بتقديم خدمات فعّالة وكفؤة واقتصادية للمجتمعات التي يخدمها المجلس البلدي لضمان ملاءمة محتوى التدريب لنوع البلدية المحدد، وطبيعة الوظائف التي تؤديها، والظروف والأوضاع الخاصة بالمقاطعة التي تعمل فيها البلدية.

الكلمات المفتاحية: آليات، الحوكمة، العمل البلدي، التحديث، الادارة المحلية، المملكة الاردنية الهاشمية.

 

  1. المقدمة:

تحقق الإدارة المحلية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للوحدات المحلية بشكل خاص وللمجتمع بشكل عام، إذ أنها تعتبر أداة هامة لتحقيق التنمية في حالة إدارة عملية التنمية بشكل صحيح، وهذا ما تحتاج إليه المجتمعات في الدول النامية؛ فالتطورات الحديثة عملت على تغيير دور الإدارة المحلية، فبدلاً من كونها مجرد متلقى لتعليمات ومؤشرات مركزية للتنمية تحولت إلى شريك في التنمية وإدارتها كشريك فاعل، وليس مجرد تابع يلعب دور الممثل المساعد في عملية التنمية، وظهر مفهوم التنمية المحلية بعد ازدياد الاهتمام بالمجتمعات المحلية لكونها وسيلة لتحقيق التنمية الشاملة على المستوى المحلي، فالجهود الذاتية والمشاركة الشعبية لا تقل أهمية عن الجهود الحكومية في تحقيق التنمية عبر مساهمة السكان في وضع وتنفيذ مشروعات التنمية، مما يستوجب تضافر الجهود المحلية الذاتية والجهود الحكومية لتحسين نوعية الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية للمجتمعات المحلية وإدماجها في التنمية.

والحوكمة المؤسسية في المنظمات هي الممارسات الرشيدة لسلطات الإدارة، من خلال الارتكاز على القوانين والمعايير والقواعد المنضبطة التي تحدد العلاقة بين إدارة المنظمة من ناحية، وأصحاب المصالح أو الأطراف المرتبطة بالمنظمة من ناحية أخرى، وقد وردت تعريفات عدة للحوكمة ومنها “ذلك النظام الذي يتم من خلاله إدارة وتوجيه وتنظيم ومراقبة المؤسسات أو الإجراءات التي توجه وتدير المنظمات وتراقب أداءها بحيث تضمن الوصول إلى تحقيق رسالته وأهدافها” (Danzer, 2019)، وتعد الحوكمة المؤسسية أحد الوسائل المهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية ورفاه المجتمع، وإرساء قيم الديمقراطية والعدالة، والمساواة في الفرص والشفافية والإفصاح، التي تضمن نزاهة المعاملات، من خلال تعزيز سيادة القانون، ورسم الحدود الفاصلة بين المصالح الخاصة والعامة (Elamer, Ntim, Abdou, Zalata and Elmagrhi, 2019). وقد أسهمت الأزمات المالية في زيادة السعي لتطبيق الحوكمة المؤسسية بقواعدها؛ بهدف الحد من الآثار السلبية التي تنتج عن الفصل بين ملكية المنظمة وإدارتها (2019Da Silva).

ظهرت الحوكمة المؤسسية، نتيجة الحاجة الماسة لإيجاد تطويرات وإصلاحات في الأداء المؤسسي في مؤسسات القطاع العام، وممارسات جديدة لابد للمؤسسات من الأخذ بها من أجل تطويرها وتكيفها مع المستجدات البيئية، حيث ركزت الحوكمة المؤسسية على إحداث طفرة في طبيعة الأداء بجميع جوانبه المؤسسية (Hiteva & Watson, 2019)، وإحكام الرقابة على ذلك الأداء من خلال أسس متعددة أهمها: الشفافية والمحاسبة والمسؤولية واللامركزية، لضمان ترشيد الأداء بشكل صحيح يتلاءم مع تحقيق الفاعلية المؤسسية، وتتعامل الحوكمة مع كافة أقسام المؤسسة، بما فيها الموارد البشرية الذي يتم تقييمه من خلال مخرجات الأداء والمهام والمسؤوليات التي يقوم بها ضمن إطار محدد من الضوابط (Torcel-Pagnon, et al.,2019)، لذا يأتي دور الحوكمة المؤسسية، كي تساهم في تعزيز كل ما يحقق لهذا الأداء الأوجه المناسبة التي تحفزه نحو الأداء السليم الفعّال، وتطوير ذلك الأداء وفق ضوابط وأسس الحوكمة، وخاصة المتعلقة بالشفافية والمسؤولية والمحاسبة واللامركزية وتفويض الصلاحيات التي تؤثر بشكل إيجابي على الأداء (عبد الوهاب، 2011).

تهدف رؤية التحديث الإداري في الأردن في البلديات إلى تطوير عمل البلديات ورفع كفاءتها من خلال مجموعة من الإجراءات والتحسينات المستمرة، ويشمل ذلك تحديث التشريعات، وتطوير الهياكل التنظيمية، وتعزيز الحوكمة، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وزيادة مشاركة المجتمع في القرارات البلدية، وعليه جاءت الدراسة لتبحث في آليات حوكمة العمل في المجالس البلدية وتحديث الادارة المحلية في المملكة الاردنية الهاشمية.

1.1 مشكلة الدراسة: لتعظيم نجاح الحكم الرشيد، يجب على البلدية دمج مبادئ مثل المساءلة والاستجابة والاعتراف بأن الحكم الرشيد لا يقتصر فقط على تلبية متطلبات الامتثال للتشريعات واللوائح ومدونات الممارسات بل يشمل العمليات الإدارية والفنية في البلدية كافة، وقد ركزت الحوكمة المؤسسية على جهود التنمية في الأردن على تمكين المجتمعات المحلية، وذلك من خلال تشجيع مشاركة أفراد المجتمعات المحلية وزيادة التركيز على التنمية بدافع من المجتمع المحلي على نطاق أوسع (Krishna, 2003)، وأن تبني الحكومات لمبادئ الحوكمة أداة لتحقيق التنمية ومحاربة الفقر والسيطرة على الفساد، لذا يتطلب تضافر كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية حشد طاقات المجتمع لاستثمار ما لديها من موارد الاستثمار الأمثل لتحقيق استدامة التنمية المستهدفة (قوال، 2022). ولأن الإدارة المحلية يفترض أن تکون نابعة من الشعب فهي وحدها التي تستطيع تأکيد وحدة المجتمع واستثارة الرأي العام المحلي للاهتمام بالتنمية وإشراك المواطنين في الوصول إليها، فالمساهمة الشعبية هي روح الإدارة المحلية، والمحور الذي ترتكز عليه، ولقد أصبح من الأمور المؤکدة أن علي الإدارة المحلية أن تلعب دروًا أساسيـًا في عملية التنمية الشاملة والمستدامة، من هنا تكمن مشكلة الدراسة في الإجابة عن التساؤل التالي: ما آليات حوكمة العمل البلدي التي تسهم في تحديث الادارة المحلية في الأردن في توجهات الدولة الأردنية نحو تحديث وتطوير عملياتها كمحور أساسي في خطط التحديث السياسي والاقتصادي والإداري في الأردن؟

1-2 أهمية الدراسة: تبرز أهمية الدراسة من خلال الآتي:

  • الأهمية النظرية (العلمية): تتضح الأهمية العلمية للدراسة من أهمية آليات حوكمة العمل البلدي التي تسهم في تحديث الإدارة المحلية، لذلك تحاول الدراسة إغناء الجانب النظري وتحقيق فائدة للدارسين والباحثين، ويمكن اعتبار نتائج الدراسة ذات أهمية للباحثين كونها ستشكل مرجعاً لهم في هذا الموضوع، وحسب حدود علم الباحث فإن الدراسة الحالية من الدراسات العربية القليلة التي تناولت هذا الموضوع، مما قد يشكل إضافة جديدة للمكتبة العربية.
  • الأهمية التطبيقية (العملية): تنبثق الأهمية العملية للدراسة من حيث تركيزها على تطبيق حوكمة الإدارة المحلية، وستكون نتائج وتوصيات الدراسة موجه لصانعي القرار في وزارة الإدارة المحلية والبلديات لتطوير أعمالها المستقبلية، كما تكمن الأهمية العملية في الآتي: استفادة الباحثين مما ستسفر عنه الدراسة من نتائج، وقد

1-3 أهداف الدراسة: تهدف الدراسة الى:

  • التعريف بالحوكمة الرشيدة في عمل المجالس المحلية.
  • بيان مدى مساهمة الحوكمة في البعد الإداري للتنمية المحلية في الأردن.
  • بيان مدى مساهمة الحوكمة في البعد الاقتصادي للتنمية المحلية في الأردن.
  • بيان مدى مساهمة الحوكمة في البعد الاجتماعي للتنمية المحلية في الأردن.
  • بيان آليات الوصول إلى نموذج للإدارة المحلية الحديثة في الأردن.
  • اقتراح حلول واستراتيجيات لتحسين تطبيق الحوكمة في عمل المجالس المحلية في الأردن.

1-4 أسئلة الدراسة: تسعى الدراسة للإجابة عن التساؤلات التالية:

  • ما مدى مساهمة الحوكمة في البعد الإداري للتنمية المحلية في الأردن؟
  • ما مدى مساهمة الحوكمة في البعد الاقتصادي للتنمية المحلية في الأردن؟
  • ما مدى مساهمة الحوكمة في البعد الاجتماعي للتنمية المحلية في الأردن؟
  • ما آليات الوصول إلى نموذج للإدارة المحلية الحديثة في الأردن؟
  • ما الحلول الاستراتيجيات لتحسين تطبيق الحوكمة في عمل المجالس المحلية في الأردن؟

1-5 مصطلحات الدراسة:

  • الحوكمة المؤسسية: هي “النظام الذي يتم من خلاله توجيه وإدارة المؤسسات، وتحدد من خلاله الحقوق والمسؤوليات بين مختلف الأطراف، في إطار مجموعة من القوانين والإجراءات التي تضمن المساءلة والرقابة والشفافية والنزاهة والمشاركة للأطراف كافة، وذلك من أجل إقامة التوازن بين الأهداف الاقتصادية، والاجتماعية، والجماعية، والفردية” (Ghadban, 2015).
  • الإدارة المحلية: هي “أحد أساليب التنظيم الإداري للدولة، ويتم خلالها توزيع الوظائف الإدارية بين كل من الحكومة المركزية وبين هيئات محلية منتخبة او مصلحية وتتمتع بالاستقلال الإداري والمالي” (الشرعة، 2022: 4).
  • البلدية: هي “مؤسسة أهلية تتمتع بالشخصية المعنوية ذات استقلال إداري ومالي، ولها الحق في تملك الأموال المنقولة والاموال غير المنقولة، ولها بهذه الصفة أن تقاضي وأن تنيب أو توكل عنها محام في الاجراءات القضائية، وبإمكانها ان تحدث وتعين وتلغي حدود منطقتها وسلطاتها ووظائفها” (قانون الادارة المحلية رقم (22) لسنه 2021).
  • التحديث: يعرفه بأنه “عملية جوهرها إدخال تحولات شاملة في المجتمعات المتخلفة وإحلال الأنماط التكنولوجية والتنظيمات الاجتماعية المميزة للمجتمعات الغربية المستقرة سياسياً والمتقدمة اقتصادياً (غربي، 2003: 40).

1-6 منهجية الدراسة: اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي ويستخدم هذا المنهج في دراسة الحالة المراد البحث فيها للاطلاع على الظاهرة السياسية المعنية وتحديد إطارها العام من خلال تجميع المعلومات عن خصائصها وجزيئاتها بصورة كمية أو كيفية (بركات، 1984: 20)، وتم استخدام هذا المنهج في الوقوف على اليات حوكمة العمل البلدي وتحديث الادارة المحلية في المملكة الاردنية الهاشمية.

1-7 الدراسات السابقة: من أهم الدراسات التي تناولت موضوع الدراسة ما يلي:

1-7-1 الدراسات العربية:

دراسة المومني (2024)، هدفت الدراسة إلى تحديد مستوى تطبيق مبادئ الحوكمة في المجالس البلدية الأردنية، والتعرف إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية في مستوى تطبيق مبادئ الحوكمة بين المجالس البلدية تعزى للمتغيرات الديمغرافية لعينة الدراسة، وتكون مجتمع الدراسة من العاملين في المجالس البلدية ضمن المستويات الإدارية في محافظات الزرقاء، إربد، جرش وعجلون، وتكونت عينة من (307) عاملاً في المجالس البلدية ضمن المستويات الإدارية، وأظهرت نتائج الدراسة أن المجالس البلدية تطبق مبادئ الحوكمة بمستوى متوسط، ووجود أثر ذو دلالة إحصائية لكل من (مبدأ الحفاظ على حقوق الموظفين ومعاملتهم معاملة عادلة- مبدأ الحفاظ على حقوق أصحاب المصالح -مبدأ تحديد الصلاحيات والمسؤوليات وتوضيح اللوائح والنظم الصادرة عنها- مبدأ توفير متطلبات وشروط الشفافية والإفصاح بالنسبة للمعلومات التي تنشرها للآخرين- مبدأ الوفاء بالالتزامات والمسؤوليات الاجتماعية تجاه المجتمع والبيئة) على مستوى تطبيق الحوكمة في البلديات.

دراسة قوقزة (2023)، هدفت الدراسة على التعرف على مفهوم الحوكمة وما هي متطلباتها وأهدافها في بلديات المملكة الأردنية الهاشمية، وكذلك معرفة الأثر الناتج عن أثر تطبيق نظام الحوكمة في تحقيق التنمية المحلية، ومن أجل تحقيق أهداف الدراسة تم استخدام المنهج الوصفي لملائمته مع اهداف الدراسة، وتوصلت الدراسة إلى أن هدف لتطبيق الحوكمة هي تحقيق التنمية الاقتصادية وتخصيص الموارد والكفاءة في استغلالها، ومن أثار الحوكمة تحقيق التنمية الاقتصادية وتنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل.

دراسة شحاتة (2023)، هدفت الدراسة إلى تحديد واقع استخدام الحوكمة بوحدات الإدارة المحلية من خلال عدة أبعاد للحوكمة والمتمثلة في: (المساءلة, والشفافية, والمشاركة, والمساواة, والفعالية, والنزاهة), وبيان دور وحدات الإدارة المحلية في تحقيق التنمية المحلية على المستوى المادي والمعنوي وتحديد المعوقات التي تواجه استخدام الحوكمة بوحدات الإدارة المحلية في تحقيق التنمية المحلية, وتوصلت الدراسة إلى أن مستوى استخدام الحوكمة بوحدات الإدارة المحلية ككل مرتفعاً خاصة فيما يتعلق باستخدام المساءلة والنزاهة والشفافية والمساواة والتي جاء استخدامهم بمستوى مرتفع، وجاء مستوى استخدام الفعالية والمشاركة بمستوى متوسط, وأن مستوى دور وحدات الإدارة المحلية في تحقيق التنمية المحلية ككل جاء مرتفع خاصة فيما يتعلق بالبعد المادي يليه البعد المعنوي للتنمية المحلية, وأن مستوى المعوقات التي تواجه استخدام الحوكمة بوحدات الإدارة المحلية في تحقيق التنمية المحلية متوسط وجاء في مقدمتها الافتقار إلى استراتيجية طويلة المدى والاعتماد على التخطيط قصير المدى.

دراسة بوخالفة، سيساوي (2021) هدفت الدراسة إلى بيان أهمية الإدارة المحلية بنظام الحكم الداخلي ودورها الفعال في تحقيق التنمية المحلية وجب العمل على تحسينها المستمر ومدى مساهمة الحوكمة في النهوض بالإدارة المحلية بالجزائر عن طريق دراسة ميدانية على إحدى الإدارات المحلية، وخلصت الدراسة إلى أن الإدارة المحلية تسعى إلى تفعيل دورها بالتنمية المحلية والشاملة على السواء، وتوصلت إلى عدم وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين حوكمة الإدارة المحلية والتنمية المحلية إضافة لكون مستوى الحوكمة بالبلدية ميدان الدراسة جاء مرتفع وكذلك مستوى التنمية بها.

1-7-2 الدراسات الأجنبية:

دراسة (Moila, 2023) تناول الدراسة مدينة جوهانسبرغ كدراسة حالة لتقييم الحوكمة الرشيدة والقيادة الرشيدة كمحفزات لتقديم خدمات عالية الجودة، وأُجريت مقابلات مع قادة منتخبين وبيروقراطيين ونقابيين بلديين وقادة مجتمعيين، بالإضافة إلى سكان، وخلصت الدراسة إلى أن استخدام السلطة تشكل عقد اجتماعي لتسهيل القيادة المسؤولة والرشيدة، واستخدم قادة البلديات هذا العقد لتقويض الحوكمة الرشيدة التي كان من شأنها أن تحقق المساءلة والسلوك الأخلاقي المتوقع منهم من قبل السكان الذين يمثلونهم في المجلس لتأكيد ملاءمة تطبيق نظرية العقد الاجتماعي، فقادة البلديات لم يلتزموا بمبادئ الحوكمة الرشيدة والقيادة الرشيدة، إذ لم يتشاوروا مع السكان المحليين أو يستمعوا إليهم أو يحافظوا على علاقات جيدة معهم بانتظام، مما قوّض قدرتهم على تعزيز الديمقراطية على المستوى المحلي.

دراسة Swianiewicz, 2020))، هدفت إلى بيان استخدام أساليب الحوكمة المحلية في الخبرة الأوروبية، والاتجاهات العالمية المعاصرة المتعلقة بالحوكمة المحلية والتي يمكن الاستفادة منها من الخبرة الأوروبية، وتوصلت الدراسة إلى أن درجة اللامركزية ومستوى الحوكمة المحلية يرتبطان إيجابياً بمستوى التنمية، فكلما تم إضفاء الطابع المحلي على أهداف وغايات التنمية المستدامة، كلما زاد احتمال تحقيقها، وأنه مع ارتفاع معدلات النمو السكاني والتحضر في البلدان النامية، ومع ميلها نحو أن تكون أكثر مركزية من نظيراتها المتقدمة، كلما قلت فرصة الدول النامية في تحقيق التنمية المحلية، وأن إصلاح أنظمة الحكم المحلي في البلدان النامية، يعد شرطاً أساسياً لتحقيق أهداف التنمية المحلية المستدامة.

دراسة (2019Daiser,) بينت الدراسة أن هناك نقص في الدراسات التجريبية السليمة المتعلقة بعوامل النجاح التي تأخذ في الاعتبار مهمة البلدية المتمثلة في خلق قيمة عامة، بالإضافة إلى التدابير الاستراتيجية الموجهة نحو المستقبل والتي يمكن من خلالها توجيه الشركات المملوكة للبلديات من منظور بلدي، وخلصت الدراسة إلى أن عوامل النجاح الاستراتيجي التي تؤثر على النجاح المتصور للشركات المملوكة للبلديات باستخدام نمذجة المعادلات الهيكلية وتحليل الردود إلى أن ثلاثة عوامل (الرؤية المشتركة والتنسيق الاستراتيجي ووضوح الهدف) تُظهر تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا على النجاح المتصور للشركات المملوكة للبلديات.

دراسة Tschudin, Trithart, 2018))، هدفت إلى بيان أن تطبيق الحوكمة المحلية يسهم في الحفاظ على السلام الاجتماعي المحلي، من خلال تقديم الخدمات وتعزيز التنمية المستدامة بشكل أكثر فعالية وكفاءة، وذلك من خلال إعطاء المواطنين صوتاً بطريقة تمثيلية وشاملة، ومن خلال رعاية الإرادة السياسية لحل الصراع والحفاظ على السلام الاجتماعي المحلي، وأن دعم الحوكمة المحلية لا ينفصل عن دعم التنمية الاجتماعية المحلية، وذلك من خلال تحسين تقديم الخدمات على المستوى المحلي والتوازن التنموي المحلي، وأن السلام لن يكون مستداماً إذا لم ينتفع المواطن المحلي في حياته اليومية من تطبيق مبادئ الحوكمة المحلية، بما يدعم جذور انتمائه المحلي.

دراسة Bello, Dola, 2014))، هدفت لبيان الأبعاد الإدارية للتنمية المحلية، وأوضحت القيود الإدارية التي قد تعترض تطبيق الحوكمة المحلية، وأكدت من خلال دراسة بعض التجارب أنه على الرغم من القيود الإدارية المرتبطة بالحوكمة المحلية، إلا أنه يمكن لمؤسسات الحوكمة المحلية أن تحقق الكثير فيما يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأشارت لضرورة تحسين القدرات الإدارية المحلية، إذا ما رغبت الدولة للتحول نحو الحوكمة المحلية رشيدة.

1-7-3 تتميز الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة بما يلي: ركزت بعض الدراسات السابقة على موضوع حوكمة البلديات ومنها دراسة المومني (2024) التي هدفت الى بيان مستوى تطبيق مبادئ الحوكمة في المجالس البلدية الأردنية، ودراسة قوقزة (2023) التي هدفت للتعرف على مفهوم الحوكمة وما هي متطلباتها وأهدافها في بلديات المملكة الأردنية الهاشمية، ودراسة شحاتة (2023) التي هدفت إلى تحديد واقع استخدام الحوكمة بوحدات الإدارة المحلية من خلال عدة أبعاد للحوكمة والمتمثلة في: (المساءلة, والشفافية, والمشاركة, والمساواة, والفعالية, والنزاهة), ودراسة بوخالفة، سيساوي، (2021) التي هدفت إلى بيان أهمية الإدارة المحلية بنظام الحكم الداخلي ودورها الفعال في تحقيق التنمية المحلية، ودراسة Tschudin, Trithart, 2018))، التي هدفت إلى بيان أن تطبيق الحوكمة المحلية يسهم في الحفاظ على السلام الاجتماعي المحلي، من خلال تقديم الخدمات وتعزيز التنمية المستدامة بشكل أكثر فعالية وكفاءة، ودراسة Swianiewicz, 2020))، التي هدفت إلى بيان استخدام أساليب الحوكمة المحلية في الخبرة الأوروبية، ودراسة Bello, Dola, 2014))، التي هدفت لبيان الأبعاد الإدارية للتنمية المحلية، ودراسة (Moila, 2023) حيث تناولت الدراسة مدينة جوهانسبرغ كدراسة حالة لتقييم الحوكمة الرشيدة والقيادة الرشيدة كمحفزات لتقديم خدمات عالية الجودة، ودراسة (2019Daiser,) حيث بينت الدراسة أن هناك نقص في الدراسات التجريبية السليمة المتعلقة بعوامل النجاح التي تأخذ في الاعتبار مهمة البلدية المتمثلة في خلق قيمة عامة، فيما تتميز الدراسة الحالية بكونها تتناول بيان مدى مساهمة الحوكمة في البعد الإداري والبعد الاقتصادي للتنمية المحلية، والبعد الاجتماعي للتنمية المحلية، بيان آليات الوصول إلى نموذج للإدارة المحلية الحديثة في الأردن والذي ينسجم مع الرؤية الملكية للتحديث، واقتراح حلول استراتيجيات لتحسين تطبيق الحوكمة في عمل المجالس المحلية، لذا تعد الدراسة الحالية من الدراسات الحديثة التي تربط بين آليات حوكمة العمل البلدي وتحديث الإدارة المحلية في الأردن.

2 – الحوكمة الرشيدة في عمل المجالس البلدية

يشير مصطلح الحوكمة المحلية الرشيدة إلى الإدارة الفعالة والمسؤولة للمنطقة المحلية، بما يضمن تقديم الخدمات العامة بكفاءة وشفافية، بمشاركة المواطنين، ويشمل ذلك مجموعة من العمليات والتفاعلات بين الحكومات المحلية والقطاع الخاص والمجتمع المدني وأفراد المجتمع، حيث يعملون جميعًا معًا لتلبية الاحتياجات المحلية وتعزيز التنمية المستدامة(Elamer, Ntim, Abdou, Zalata and Elmagrhi,2019).

تتعدد تعريفات الحوكمة المؤسسية، فقد عرفت على أنها “مدخل إداري يتعلق بخلق القيمة خلال عمليات المؤسسة، ومشاركة الأطراف ذات المصالح في هذه العملية، بأسلوب فعّال يمتاز بالكفاءة، مع وجود الرقابة اللازمة، والمحافظة على المساواة في تقسيم القيمة الناتجة” (Once and cavus,2019)، وأشار كل من (2015Tofana,) و(2013salehnezhad,)، على أن الحوكمة المؤسسية “عبارة عن مجموعة من الإجراءات والسياسات التي تطبقها المنظمات، وذلك من أجل حماية أهداف المنظمة، ويتم تطبيقها من خلال القوانين، والمعايير الأخلاقية، وكفاءة العقود”، وعُرّفت الحوكمة بأنها “الأداء السليم وقبول الجمهور لها بالطريقة التي تمارس بها السلطة إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية لبلد ما لأجل التنمية” (World Bank, 2020:5).

لقد تعددت مفاهيم الحوكمة إلى الحاكمية والحكم الرشيد (Governance)، وأن مفهوم “الحكم” هو أوسع من مفهوم “الحكومة”، لأنه يشمل إضافة إلى ما تقوم به أجهزة الدولة الرسمية من أعمال إلى جانب ممارسات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وجميع المؤسسات غير الرسمية، وقد اعتمدت كثير من منظمات الأمم المتحدة تعريف “الحكم” بأنه إدارة ممارسة السلطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على كل المستويات المركزية واللامركزية، والإقليمية والمحلية، أما مفهوم “صالح” أو “رشيد” رُبِطا بالحكم، فإنهما استخدما حديثًا (أي ليس أبعد من عقدين الزمان)، وذلك في عملية تقويم ممارسة السلطات في الدول، من حيث إدارة شؤون المجتمعات باتجاه تطويرها وتنميتها وتقدمها، وهكذا عُرّف “الحكم الصالح” أو “الحكم الرشيد” بأنه “ذلك الحكم الذي تنهجه قيادات سياسية شرعية، أي منتخبة بصورة نزيهة وحرة تشكل في سياق عملها، كوادر إدارية ملتزمة بتطوير موارد المجتمع، وتحرص على تحسين نوعية حياة المواطنين ورفاهيتها، وذلك في تبادل الثقة والرضا بينها وبين الرعية على أساس قيام شراكة فيما بينهما” (مشاقبة، والمعتصم بالله، 2010 :54).

تجمع الحوكمة الرشيدة بين أربعة محاور عمل أساسية هي: إدارة فعّالة للقطاع العام، ومساءلة الدولة والإدارة، والشفافية، وتوفير المعلومات بفعالية، وتقديم هذه المبادئ على أنها مجرد آليات تقنية تهدف إلى تحسين ظروف التنمية الاقتصادية، وإن لتطبيق هذه التدابير تداعيات قوية على هيكل السلطة السياسية، إذ إن هناك مجموعات في أعلى الهرم الحكومي استفادت سابقًا من الفساد، وغياب المساءلة والشفافية، أو من الهياكل الزبائنية، فإن تاريخ وثقافة كل بلد هما ما لا يأخذ في الاعتبار بشكل مناسب، انطلاقًا من افتراض “أن المسؤولين عن التغيير في الدولة المتلقية يتصرفون بعقلانية، إن هذه الظروف السياسية والثقافية الخاصة بكل بلد، وتداعياتها على العملية السياسية، هي التي تُولّد المقاومة وتُعيق التنفيذ الناجح لإصلاحات الحوكمة الرشيدة” (Nanda, 2006: 271).

يتجلى البعد السياسي للحوكمة الرشيدة عند النظر في مختلف استخدامات المفهوم في سياسات التنمية كمعيار لبدء علاقات المعونة، أو لقطعها، أو لتغيير مضمونها، كهدف لتعزيز مؤسسات الدولة، والممارسات الديمقراطية، أو إشراك منظمات المجتمع المدني لتعزيز التنمية الاقتصادية والقضاء على الفقر، لذا فإن الحوكمة الرشيدة أصبحت معيارًا إضافيًا لشروط المعونة الإنمائية، بالإضافة إلى الشروط المالية والاقتصادية التقليدية، لأنها أصبحت هدفًا إنمائيًا ومجال عمل للمعونة الإنمائية نفسها(Hoebink, 2006: 133)

وتستمد الإدارة المحلية ضرورة وجودها وحتميتها من الدور الفعال الذي تلعبه في حياة أفراد المجتمع ومالها من تأثير واضح علي حياة المواطن، حيث يتمثل الدور الرئيسي للإدارة المحلية في العمل علي تحقيق أهداف الدولة والمجتمع بما يتوافق واستثمار منهج الحوکمة من حيث الوسائل والأساليب المتبعة، وکذلك من حيث نوعية الخدمة والهدف المراد تحقيقه، فإن الإدارة المحلية تختلف عن غيرها من حيث تطبيق نمط الإدارة المناسب لها، بهدف تطوير وتقديم الخدمات العامة لجميع أفراد المجتمع بواسطة توفير الإمكانيات البشرية المؤهلة، لذا تتضمن الحوكمة الرشيدة والتحديث في عمل المجالس المحلية تعزيز الشفافية والمساءلة والكفاءة في الحوكمة المحلية من خلال استخدام التكنولوجيا وأفضل الممارسات لاستفادة من الأدوات الرقمية، وتعزيز المشاركة المجتمعية، وتحسين الكفاءة التشغيلية لخدمة الجمهور بشكل أفضل.

ومن الجوانب الرئيسية للحوكمة الرشيدة في المجالس المحلية الشفافية والمساءلة لضمان عمليات صنع قرار مفتوحة، وتوفير الوصول إلى المعلومات، ومحاسبة المسؤولين عن أفعالهم، كما تساعد الكفاءة والفعالية في تبسيط العمليات، وتحسين تخصيص الموارد، واستخدام التكنولوجيا لتحسين تقديم الخدمات، مما يسهم في تعزيز المشاركة الهادفة في عمليات صنع القرار والاستجابة لاحتياجات المجتمع المحلي، ووضع معايير أخلاقية للموظفين والتمسك بها، وضمان النزاهة في جميع أنشطة المجلس البلدي، لذا تعد الشفافية أحد أهم عناصر الإدارة الجيدة في الحكم، وكلما كانت الشفافية موجودة وواضحة كان الحكم جيداً والاستقرار متحققاً؛ لأن الشفافية تعني المكاشفة بين الحكومة والشعب عبر ممثلي الشعب في البرلمان ومؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات وجمعيات والصحافة كسلطة رابعة، وتكمن أهمية الشفافية في الدور الذي تلعبه في تحسين مخرجات القطاع العام في ظل غياب مؤشرات واضحة ومباشرة لأدائها على عكس منظمات القطاع الخاص، والتي يعد الربح والقدرة التنافسية في السوق مؤشرين مباشرين وأكثر وضوحاً عن مستوى الأداء، وتشكل الشفافية أداة لضمان ديمقراطية الإدارة العامة وآلية لضبط العمل الإداري وتوجيهه الوجهة السليمة؛ لتحقيق الفاعلية القصوى والكفاءة الأفضل للإدارة، وغيابها يؤدي إلى انتشار الفساد وظهور الكثير من حالات التدخل الإداري (بلهاشمي، 2019).

وتعد المساءلة أحد أهم أدوات الرقابة الادارية في إطار مكافحة الفساد ومعياراً ضابطاً للأداء في عمل المجالس البلدية، وأداة تقويمية للأشخاص عندما تتم محاسبتهم من قبل الهيئات المخولة بذلك من أجل الحد من الانحرافات الإدارية والمالية، وقد تطورت آليات مساءلة العاملين وأصحاب القرار حول الوفاء بواجباتهم بخصوص تقديم الخدمات والتعامل مع الجمهور والمحافظة على قيم الوظيفة (كالحيادية والعدالة) وتعتبر المساءلة لضمان العدالة والنزاهة. وهي تمثل أحد أهم أركان المسؤولية، فقبل المطالبة بالمساءلة، يجب أن تكون الصلاحيات والمسؤوليات الممنوحة للشخص محددة ومعروفة بشكل واضح؛ ليمارس ذلك الشخص عمله، ثم يحق لأصحاب المصالح بعد ذلك مساءلته عما قام به (Mukul, 2017).

من خلال ما سبق، تبرز أهمية المساءلة بالنسبة للنسق القيمي العام من حيث ارتباطها بقيم الشفافية والديمقراطية والتمكين، وذلك من خلال السعي الدؤوب إلى تحقيق جودة الخدمات العامة، وتحسين مستوى كفاءة وفاعلية الإدارة العامة، وتحقيق الالتزام بتنفيذ السياسات العامة على نحو صحيح، كما أن المساءلة هي سبب مباشر في ضرورة وجود معايير يحتكم لها عند تقييم الأداء، وهي وسيلة لضبط السلوك؛ لأنها تؤدي إلى استعداد العاملين إلى تحمل مسؤولياتهم نحو نتائج أعمالهم، وهي مهمة أيضا بالنسبة لأي منظمة سواء كانت عامة أو خاصة من كونها وسيلة لتحسين المناخ العام للمنظمة، حيث تعمل على توفير بيئة إدارية تسودها الثقة بين جميع الأطراف من رؤساء ومرؤوسين، وإن كل موظف يجب أن يُمنح السلطات والصلاحيات التي تمكنه من أداء مهامه الوظيفية على أكمل وجه، وهو بذلك يعتبر مسؤولاً مسؤولية كاملة عن أداء تلك المهام، وهنا لا بد من توازن السلطة والمسؤولية، وتعتبر المساءلة الأداة التي تضمن ذلك التوازن من خلال إخضاع القائمين على ممارسة السلطة للمساءلة بحكم مسؤوليتهم عن أداء تلك السلطات بناء على ما حددته القوانين والأنظمة والتعليمات المنظمة لتلك الوظيفة من حيث الواجبات والمسؤوليات والإجراءات التأديبية، مما يمكّن من اكتشاف أي خلل أو انحراف في مستوى أداء الموظف العام ومحاسبته على ذلك.

3- مساهمة الحوكمة في البعد الإداري والاقتصادي والاجتماعي للتنمية المحلية والتحديث في الأردن

تبرز مساهمة الحوكمة في البعد الإداري والاقتصادي والاجتماعي للتنمية المحلية من خلال ما يلي:

3-1 مساهمة الحوكمة في البعد الإداري للتنمية المحلية والتحديث الإداري في الأردن:

المبدأ الرئيس في توزيع الاختصاصات بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية هو أن تقوم السلطات المحلية باستغلال الموارد المحلية وتخطيط وتنظيم وإدارة الانشطة المحلية، حيث انها قادرة على تفهم الاحتياجات المحلية من انشطة اقتصادية وصحة وتعليم واسكان وخدمات بصورة أكبر من الحكومة المركزية، أما الأنشطة ذات الصبغة الوطنية مثل الأمن والعلاقات الخارجية فتسند إلى الحكومة المركزية، وفي الواقع السياسي لا يتم توزيع الاختصاصات تبعاً للمبدأ السابق فقط بل تتدخل عوامل أخرى مثل عوامل تحديد حجم الوحدات المحلية، ويمكن تحديد اختصاصات الإدارة المحلية بإحدى طريقتين (الزعبي، 1989):

  1. يتم توزيع الاختصاصات كقاعدة عامة: تقوم المجالس المحلية بأداء أي اختصاصات لا يحرمها القانون، بحيث يترك للمجلس تحديد المهام والموضوعات التي تدخل في مجال اختصاصاته التي لا تتعارض مع اختصاصات الحكومة المركزية، وهذا الاسلوب يطبق في دول مثل مصر وفرنسا.
  2. ويمكن أن ينص الدستور أو القانون المنظم للمحليات على تحديد الاختصاصات لكل مستوى من السلطات المحلية، بحيث لا يمكن لأي سلطة أن تتجاوز الاختصاصات المحددة بنص القانون، ويطبق هذا الاسلوب في المملكة المتحدة، حيث يتم تحديد الاختصاصات حسب الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإدارية لكل مجلس محلي على حدة، وليس لكل المجالس، ويمكن للبرلمان تحديد اختصاصات (بعضها اختيارية أو مشروطة) لكل منطقة كانت تعتبر اختصاصات قومية أو حرمانها من اختصاصات معينة أو قد يفوض القانون لوزير معين تقرير كيفية ممارسة المجالس

لبعض الاختصاصات وقد ينص القانون على مشاركة الحكومة المركزية للسلطات المحلية في تنفيذ بعض المشروعات بل أن الموظف المحلي التابع لمجالس محلية يقوم في كثير من الاحيان بتنفيذ تلك المشروعات المشتركة.

من أهم فوائد الحوكمة الرشيدة زيادة ثقة الجمهور من خلال الشفافية والمساءلة التي تؤدي إلى زيادة ثقة الجمهور في الحكومة المحلية، وتحسين تقديم الخدمات بكفاءة وفعالية، كما يمكن للحوكمة الرشيدة جذب الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة المحلية، مما يساعد على تقديم الخدمات العامة الفعالة لسكان المناطق المحلية، مما يجعلها أكثر مرونة في مواجهة التحديات، ومن منظور هرمي، تُعتبر الإدارة البلدية الأقرب إلى المواطنين، مما يُمكّنها من فهم احتياجاتهم وتلبيتها بشكل أفضل، فالإدارة البلدية الكفؤة ركيزة أساسية لاستقرار الدولة الأردنية من خلال مراعاة مصالح جميع سكانها (Buley, Bondaletov, Makushkin, Bondaletova, Kozyrev, 2016: 221).

كما أن للمجالس البلدية دورًا أساسيًا في تعزيز الاستدامة والتنمية المستدامة في المجتمعات المحلية، وبصفتها جهات فاعلة رئيسية في إدارة الموارد وتقديم الخدمات العامة، وتقع على عاتقها مسؤولية تبني سياسات وممارسات تُوازن بين الاحتياجات الحالية والمستقبلية، وتضمن حماية البيئة، والرعاية الاجتماعية، والتقدم الاقتصادي على نحو عادل (Peña, Sánchez, Sancan, 2022: 123)، مما يعكس مستوى النجاح الذي تحققه المجالس المحلية بين أفعالها والنتائج المتحققة، طالما وُجدت قيمة عامة ملموسة تُحقق فوائد للمجتمع، وتُحسّن الرفاه وجودة الحياة، وتُعزز التقدم من خلال أبعاد أساسية تُشكل جزءًا أساسيًا من تقييم الأداء (Alarcón, Salvador, Pérez, Alarcón, Salvador, Pérez, 2020: 413)، ومن خلال استخدام أبعاد عامة، تُنشئ المجالس المحلية مؤشراتها الخاصة لقياس أدائها، سعيًا منها لتعزيز فعالية الحكومة.

إن تحليل الإدارة وتشخيصها والسعي إلى تحسينها يؤثر بشكل مباشر على كيفية تطور العمليات الإدارية الداخلية للبلديات، وهو الدافع وراء تطورها، وبالمثل تُسهم المعلومات الموثقة وأنظمة الرقابة والإجراءات الناتجة عنها في التحسين الإداري، مما يوفر لصانعي القرار في البلدية معيارًا أقوى لاتخاذ الإجراءات، ويمكن للعوامل الخارجية، مثل التضخم والأزمات الصحية والتحديات الاقتصادية التي تواجه الدولة الأردنية، أن تؤثر بشكل كبير على إدارة البلديات، ومن الضروري أن تكون الحكومات المحلية مستعدة للتكيف مع هذه الديناميكيات الخارجية من خلال تنفيذ استراتيجيات مرنة للحفاظ على الاستقرار والتنمية المستدامة في مجتمعاتها (Pulgar-Sánchez, Rivera-Poma, 2022: 7).

تتطلب التحديات المعاصرة التي تواجه البلديات في الأردن إدارة بلدية دقيقة وفعّالة، وأن عدم وضوح الكفاءات الأساسية، ومراحل الإدارة المناسبة، والأبعاد ذات الصلة في المجال البلدي، قد يشكل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق الاستدامة، ومن الضروري تحديد هذه العناصر الأساسية وفهمها فهمًا شاملًا لتوجيه السياسات والممارسات والبرامج التي تُعزز التنمية المستدامة في المجتمعات المحلية بفعالية، مما يضمن تقدمًا متماسكًا ودائمًا فيما يتعلق بعمل المجالس البلدية، حول معايير ومؤشرات علامة الاستدامة للخدمات العامة المحلية، فالحكومات المحلية نظرًا لقربها من المواطنين تتقدم مستويات في دمج مبادئ الاستدامة في عملياتها واستراتيجياتها، وتساعد على تقييم الأداء المستدام لخدماتها العامة والتواصل بشأنه، ويمكن أن يلهم هذا النهج ويدعم مستويات أخرى من الحكومة، بما في ذلك الإدارات العامة المركزية والإقليمية، في اعتماد علامات الاستدامة وتحسين مناهج الأداء الخاصة بها (Domingues, Moreno Pires, Caeiro, Ramos, 2015: 454).

فالدراسة التي أجراها فينتون وجوستافسون (Fenton, Gustafsson, 2017) حول حوكمة الاستدامة الحضرية في البلديات، سلطت الضوء على التحديات والفرص التي تؤثر على العمل المحلي، وأكدت على أن أهداف التنمية المستدامة تتطلب حوكمة متعددة المستويات تعزز الإجراءات على مختلف المستويات وتشمل قطاعات متعددة، مما يؤكد على أهمية العمل المحلي الذي يعود بالنفع على المصالح العالمية والمحلية، ويدعم البلديات من خلال إظهار كيفية دمج أهداف التنمية المستدامة في استراتيجياتها وسياساتها وممارساتها.

وتتجسد الحوكمة المحلية في الأداة الإجرائية والتنظيمية المسؤولة عن تنفيذ خطط التنمية وتحقيق أهدافها الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية على المستوى المحلي(Sebudubudu, 2010: 249-262)، ويسهم نظام العمل المحلي القائم على فكر الحوكمة في تحقيق فاعلية الوظيفية الإدارية وتقديم الخدمات ذات الطابع المحلي عبر هيئات محلية مستقلة، وتتفرغ الحكومة المركزية بجهازها الإداري المركزي عن مباشرة تقديم الخدمات بنفسها، وأن تتولى المهمة الرقابية على الأداء المحلي، كما يعمل اسناد إدارة المصالح المحلية لأجهزة محلية متعددة على تنوع الأساليب الإدارية المتبعة في إدارة تلك المصالح، بما يتلاءم وحاجات كل إقليم، والاهتمام بالنتائج أكثر من الاهتمام بالشكل الإداري المتبع في إدارة تلك المصالح، وذلك بترك سلطة اتخاذ القرار لمواطني الوحدات المحلية (بطيخ، 2007: 240-241).

كما يعمل النظام المحلي القائم على فكر الحوكمة المحلية على سهولة القيام بالإصلاح الإداري، وذلك بما يتيحه النظام المحلي من تجربة نظم إدارية وتجارب تنموية حديثة على مستوى ضيق كالقرية أو المدينة مثلاً، فإذا ثبت نجاح هذه النظم أمكن تعميمها على مستوى الدولة ككل، وإن ثبت العكس، فإن العدول عنها يعد أمراً ميسوراً، إلى جانب محدودية الأضرار الناجمة عن الفشل، وتتجسد أهم الاشكاليات التي تواجه تطبيق الحوكمة المحلية من الناحية الإدارية، في كيفية احداث التنسيق والتكامل بين الأطراف والفاعلين المتعددين المشتركين في عمليات التنمية المحلية (Bello, Dola, 2014)، مما يستلزم الأمر خلق كيانات إدارية قوية وقادرة على تحقيق الانسجام والتنسيق بين الكيانات والوحدات التي تعمل على المستوى المحلي، بما يسهم في تعزيز مسيرة التحديث السياسي والإداري والاقتصادي في الأردن.

3-2 مساهمة الحوكمة في البعد الاقتصادي للتنمية المحلية:

تعتبر خطة تنمية البلديات هي الخطة الرئيسية التي ستوجه مدينة معينة نحو النمو والتطور، كما وتعد خطة ذات رؤية واستراتيجية وطويلة الأجل، مما يشكل أساس الإجراءات والقرارات التي سيتم اتخاذها لحماية وتحسين جودة حياة السكان الحاليين والمستقبليين، ويتم تطوير هذه الخطط بحسب قانون التخطيط المجتمعي، بهدف وضع السياسات والمقترحات التي ستوجه وتدعم التنمية الهيكلة للمدينة من التنمية الاجتماعية والاقتصادية والمادية والمنظور البيئي، وتحدد الخطة سياسات المجلس طويلة الأجل بهدف توجيه جميع استخدامات الأراضي المستقبلية داخل حدود المدينة، وتمت صياغته ليكون قادراً على التكيف لتغيير الظروف بمرور الوقت، وقد يكون من الضروري إجراء تعديلات دورية تأخذ في الاعتبار التغييرات التي تحدث في المجتمع وتعتمد هذه التغييرات على اللجان الاستشارية للتخطيط المسؤولة عن التحديث والتطوير في البلدية، وتسلط الخطط التطويرية الضوء على العديد من القضايا الرئيسية المتعلقة بالتنمية فهو الأساس الذي

ترتكز عليه مبادرات التنمية خلال فترة التنفيذ (10) سنوات، ويضمن الاستمرارية والاتساق لمجموعة واسعة من الأنشطة (Samathi, Likhitthammarot, Suphattanakul, 2021).

تناولت العديد من الأدبيات موضوع العلاقة بين الحوكمة المحلية والتنمية الاقتصادية ومعالجة الفقر، ومنها دراسة (Bonfiglioli, 2003) ودراسة (Nasser, Donsimoni, 2012) ودراسة (Earle, Scott, 2010)، ولقد اتفقت تلك الدراسات على وجود علاقة بين ارتفاع معدلات التنمية وتطبيق مبادئ الحوكمة المحلية الرشيدة، كما ربطت بعض تلك الدراسات بين الحوكمة المحلية واللامركزية وأوضحت مدى ارتباطها بزيادة معدلات التنمية المحلية، وذلك من خلال ما تسهم به الحوكمة المحلية من تلافي ما قد تؤدى إليه المركزية من ظلم حينما تعطي الأولوية لمرافق العاصمة أو لمرافق المدن الكبرى على حساب المرافق المحلية، مع أن المستفيدين من هذه المرافق ممولين للضرائب شأنهم شأن سكان العاصمة والمدن الكبرى، كما تعمل الحوكمة المحلية بمنطلقاتها الفكرية على تحسين عمليات الانفاق على الخدمات الأكثر ارتباطاً بالفقراء، بالإضافة لما تحققه من كفاءة تخصيص الموارد، بما تحققه من ربط السلع والخدمات بتفضيلات المواطنين وباحتياجاتهم (Mira, Hammadache, 2017:107).

أن البلدان التي تطبق مبادئ الحوكمة بشكل جيد، تتمتع في الأغلب بمعدلات نمو اقتصادي أعلى مقارنة بتلك التي تطبق مبادئ الحوكمة بشكل ضعيف، وذلك لأن تطبيق الحوكمة المحلية الرشيدة يعتمد بالأساس على حسن سير القواعد التنظيمية التي تحكم أنشطة الأعمال والثقة فيها وفى عدالة حكومتها، بالإضافة لما تعتمد عليه أنظمة الحوكمة المحلية من وجود إرشادات وسياسات اقتصادية محلية تتسم بالوضوح، بالإضافة إلى وجود إجراءات واضحة، وشفافة، وفعالة تعمل بموجبها الشركات، وكذا بيروقراطية حكومية كفئة تنظم العمل، في ظل وجود سلطة قضائية مستقلة ومؤسسات حكومية فاعلة، فإن سوء حالة الإدارة يمثل حالة من عدم اليقين، فالحكم الرشيد يلعب دوراً في تحفيز أي مبادرة إنمائية (Chukwudi, Jarbandhan, 2016: 23-28).

وقد منح المشرع الأردني المجالس البلدية صلاحيات تنموية في سياق المادة (15) من قانون الإدارة المحلية رقم (22) لسنة 2021، والمتمثلة بإقرار مشاريع الخطط الاستثمارية، وإقامة الأبنية اللازمة وتأجيرها ورهنها وبيعها، واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة وتحديد بدلات استثمارها، وإزالة أية عوائق أمام الاستثمار، وتوفير البيئة الاستثمارية وتشجيع المنافسة في ممارسة الأنشطة الاقتصادية عن طريق تبسيط الإجراءات، وفي سبيل تمكين المجالس البلدية من تنفيذ اختصاصاتها الاستثمارية على الوجه الأمثل، فقد أقر المشرع الأردني في المادة (23) من قانون الإدارة المحلية رقم (22) لسنة 2021 بإنشاء لجنة الاستثمار في كل بلدية، تتكون من رئيس البلدية رئيساً لها، وعضوية كل من مدير البلدية ومدير دائرة الاستثمار ومدير الدائرة القانونية ومدير وحدة التنمية في البلدية، بحيث توكل إليها مهام دراسة آلية إدارة أملاك البلدية غير المنقولة بالشكل الذي يتناسب مع عمل البلدية وبما يخدم المصلحة العامة، والنظر في مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص، ورفع تنسيباتها إلى المجلس البلدي لاتخاذ القرارات اللازمة بشأنها، كما منح المشرع الأردني للبلديات الإعفاءات والتسهيلات التي تتمتع به الوزارات والدوائر الرسمية في الأردن (المادة (23) من قانون الإدارة المحلية).

يرى الباحث فإن هذه التسهيلات والإعفاءات لها أثر إيجابي على تمكين البلديات من القيام بدورها الاستثماري على أكمل وجه، من خلال تمكينها من الاستفادة من الإعفاءات الضريبية والرسوم على مدخلات الاستثمار، وهو ما من شأنه ترشيد النفقات المترتبة على استيراد مدخلات الاستثمار من معدات وآلات تشغيلية وغيرها من المواد الأولية اللازمة للمشاريع الاستثمارية التي تنوي البلدية القيام بها، وإن أهمية منح المجالس البلدية لصلاحيات استثمارية، تأتي في سياق تعزيز النشاط الاستثماري في حدود مناطق البلدية والذي بدوره يعزز من رفع مستويات الإنتاج المحلي وتنشيط الحركة الاقتصادية وتمكن البلدية من التصدي للتحديات التي قد تواجهها في القيام بدورها على أكمل وجه.

3-3 مساهمة الحوكمة في البعد الاجتماعي للتنمية المحلية والتحديث في الأردن:

الهيئات المحلية من أهم الجهات المسؤولة بشكل مباشر عن وضع الخطط التنموية اللازمة لخدمة المجتمع المحلي وتحديد احتياجاته ومن ثم العمل على تلبيتها، وتعمل المجالس البلدية على جذب المستثمرين للاستفادة من المزايا التنافسية ضمن نطاق عمل المجالس البلدية بهدف إقامة المشاريع الاستثمارية، بما يؤدي إلى زيادة فرص تحقيق التنمية المحلية، وتعتبر الخطط التنموية محور أساسي في تطوير وتنمية المناطق الخاضعة للبلدية، التي يتم تطويرها وتحديثها بشكل دوري، وفقاً للمستجدات التي تحدث في المجتمع المحلي، وذلك بهدف وضع السياسات التي تعزز مشاريع التنمية في مناطق البلدية سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو البيئي، أو على مستوى البنية التحتية أو التخطيط العمراني، وأقر المشرع الأردني بمنح المجالس البلدية صلاحيات تنموية وفق ما نصت عليه المادة (15) من قانون الإدارة المحلية رقم (22) لسنة 2021 في مجال إقرار مشاريع الخطط التنموية واحتياجاتهم وتحديد الأولويات، وإقرار البرامج المعدة لتحقيق التنمية المستدامة وإدارة جميع الخدمات والمرافق والمشاريع البلدية المرتبطة بها، وأن الصلاحيات التنموية التي منحها القانون الأردني للبلديات كانت محددة وفق نص المادة (15) وهو ما يتعارض مع مبدأ الاستقلال التام لعمل المجالس البلدية، علماً أن المشاريع التي يتم إقرارها من قبل المجلس البلدي يتم رفعها إلى المجلس التنفيذي لإقرارها، وللهيئات المحلية دور هام وملحوظ في تنمية الجانب الاجتماعي لأفراد الإقليم الواحد، حيث أن جوهر هذا الجانب هو العنصر الإنساني، والتأكيد على قواعد مشاركة الفرد في إعداد وتنفيذ البرامج الرامية للنهوض به وخلق الثقة في فعالية برامج التنمية الاجتماعية.

تلعب الحوكمة المحلية دوراً هاماً في تحقيق التنمية الاجتماعية عبر تعزيز الشعور بالانتماء إلى مجتمع محلي متميز، حيث إن نظام الحوكمة المحلية، الذي يتشكل من مجالس محلية تعمل على اشباع حاجات المواطنين المحليين، ويعد بمثابة تدريبات سلوكية لهم تدفعهم لزيادة ارتباطهم بواقعهم الإقليمي، وتزيد من اقتناعهم بمردود مجهوداتهم التطوعية، ويعمل على تلافى العزلة التي تتسم بها الوحدات الكبيرة والتي تضم مجتمعات غير متجانسة، والتي يضيع فيها الإحساس بالانتماء إليه (Al Bassam, 2013:3)، كما تعمل الحوكمة المحلية على تسهيل تطبيق مبدأ المشاركة الشعبية في الشؤون المحلية، حيث أن المشاركة الشعبية بالأساس هي عملية احساس بضرورة المساهمة في تنمية المجتمع وتطويره، والاقتناع بضرورة البذل والعطاء، وتعميق الثقة بالإنسان وبالقيم الإنسانية، من خلال التركيز على قيم المواطنين الذين يشكلون الأجهزة المحلية ويمنحونها أفراده التي تعبر بها عن مشاعرهم وعن رغبتهم في اشباع حاجاتهم المادية والروحية، حيث تقوم الحوكمة المحلية من الناحية الاجتماعية على الجوار، بمعني الصلة بين أعضاء المجتمع المحلي كجيران، والمشاركة في اشباع الحاجات المجتمعي

وتحقيق العدالة الاجتماعية، وذلك عن طريق عدالة توزيع الأعباء المالية والعدالة بين مختلف المواطنين في الريف والحضر (Adetoye, Omilusi, 2016: 110).

4- آليات الوصول إلى نموذج للإدارة المحلية الحديثة في الأردن:

يركز التحديث الإداري في عمل المجالس البلدية على تحسين الكفاءة والشفافية وإشراك المواطنين من خلال استراتيجيات متنوعة، فيما يلي الجوانب الرئيسية للتحديث الإداري للمجالس البلدية:

  • التحول الرقمي واعتماد التكنولوجيا: استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، ومبادرات المدن الذكية، وتحليلات البيانات الضخمة التي تحسن الخدمات الحضرية، وإدارة الموارد، فمن خلال منصات الحوكمة الإلكترونية وتنفيذ بوابات إلكترونية يتم الوصول إلى المعلومات، وتقديم الطلبات، والتواصل مع المجلس في إدارة الوثائق الرقمية وتبسيط العمليات الداخلية من خلال رقمنة السجلات لاتخاذ القرارات القائمة على البيانات والاستفادة من تحليلات البيانات لفهم احتياجات المواطنين، وتحسين تخصيص الموارد، وتحسين تقديم الخدمات (الحميدات، آل خطاب، الطورة، 2022 :61).
  • تبسيط العمليات وزيادة كفاءتها: أتمتة المهام والعمليات تقليل الجهد اليدوي ووقت المعالجة، مما يحسن التواصل والتعاون من خلال استخدام منصات التواصل لتعزيز التواصل الداخلي والخارجي، فتطبيق أنظمة لتتبع وتقييم أداء موظفي البلدية وخدماتها من خلال اعتماد برمجيات مالية حديثة تبسيط عمليات إعداد الميزانيات والمحاسبة وإعداد التقارير (الجهني، 2022 : 41).
  • تعزيز الحوكمة والمساءلة: من خلال تعزيز الشفافية ومشاركة المواطنين يتم تطبيق آليات محاسبة مسؤولي البلدية، وتوفير فرص التدريب والتطوير لموظفي البلدية لتعزيز مهاراتهم ومعارفهم وإنشاء قنوات للمواطنين لتقديم ملاحظاتهم حول الخدمات والسياسات البلدية لتنفيذ برامج تعزيز المشاركة المجتمعية في الحوكمة المحلية.
  • الإطار التشريعي والتنظيمي: من خلال مراجعة وتحديث القوانين واللوائح تنفيذ سياسات وإجراءات تعزز مبادئ الحوكمة الرشيدة لضمان تكامل أنظمة الحكم المحلي مع خطط التنمية الوطنية، ويمكن للمجالس البلدية تحديث عملياتها الإدارية، وتحسين تقديم الخدمات، وتعزيز الشفافية والمساءلة، لتلبية احتياجات مواطنيها بشكل أفضل (الزيادات، 2025).

تمثلت الرؤية الملكية بضرورة القيام بإصلاحات تشمل المنظومة السياسية بمكوناتها المختلفة، وجاء التكليف الملكي السامي بهذا الشأن، وتحملت اللجنة مسؤولية مراجعةِ جميع التجارب المحلية السابقة في مجال اللامركزية الإدارية على مستوى المحافظة، بنجاحاتها المشهودة وإخفاقاتها المؤسفة، واستناداً إلى الخبرات الوطنية التي استعانت بها والتجارب الدولية المماثلة التي درستها، تم الوصول إلى نموذج للإدارة المحلية ينسجم مع الرؤية الملكية، وتضافرت جهود الطاقات الوطنية في السلطات التنفيذية والتشريعية والمؤسسات الأهلية، معتمدة على توضيح دقيق لمراحل خريطة الطريق للوصول لنموذج للإدارة المحلية، بدءاً من المجالس المحلية والبلديات، والهياكل الأكثر التصاقاً بالمواطنين وإدراكاً لاحتياجاتهم، مرورًا بالمحافظات والمجالس التنفيذية، فالملك عبدالله الثاني أول من دعا إليها منذ عام 2005، لكونها الوحيدة القادرة، إذا ما توفرت لها مقومات الاستقلال الاقتصادي، على القيام بمهام التنمية المحلية بمتطلباتها كافة (الجهني، 2022 : 43).

لقد التزمت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسيات التي تم تشكيلها في عام 2021 خلال مراحل عملها، وفي النتائج التي توصلت إليها، بإطار التكليف السامي وتوجيهات دولة رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، واهتمت بتفصيل ملامح نموذج الإدارة المحلية، وباحترام تام لنطاق عمل الحكومة ومجلس النواب اللذين كانا يناقشان مشروع قانون البلديات واللامركزية لسنة 2021، فركزت اللجنة جهودها على وضع مبادئ عامة وواضحة لنموذج الإدارة المحلية، تضمنت مشاركة شعبية واسعة في صياغة هذا النموذج ومواكبته، مع الاهتمام بتوضيح فلسفة وآليات العمل الخاصة به ويكتمل عمل اللجنة، وضحت دور الهياكل الإدارية القائمة والمنتظرة، والتغييرات المطلوب إحداثها على مستوى القوانين والتشريعات لتسهيل ممارسة هذه الهياكل لأدوارها واختصاصاتها المطلوبة، والإطار الزمني المتدرج للانتقال من مرحلة إلى أخرى على مدى ثلاث دورات انتخابية، وصولاً إلى التفعيل الكامل لعمل النموذج المنشود بأقصى طاقته، بعد أن تكون أطُر هذه الهياكل قد تمرست في عملها، وأتقنت القيام بالمهام المنوطة بها (اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، 2022).

وهناك ثلاثة مستويات للعمل على المستوى المحلي، يمكن تلخيصها على الشكل التالي (الحميدات، آل خطاب، الطورة، 2022 :63):

  1. أعمال الخدمات: التي يحتاجها المواطن، وتؤثر بشكل دائم ومباشر في حياته اليومية، وتحدد درجة رضاه عن جودتها، وأمثلة ذلك كثيرة ومتعددة، وتشمل خدمات النظافة، والطرق، والماء والكهرباء، والمواصلات.
  2. المهام الإدارية والمالية: هي المهام المنوطة عادةً بالدولة، ومع النمو السكاني وتعدد المراكز الحضرية، تبرز الحاجة إلى إدارتها على المستوى المحلي لا المركزي، من أجل تقريب هذه الخدمات من المواطنين، وتوفير عناء التنقل إلى العاصمة ومراكز المحافظات للحصول عليها، وقد سهلت التكنولوجيا إنجاز معظم هذه الخدمات، كما في خدمات الأحوال المدنية، والتراخيص، والتوثيق والشهادات، والشؤون القانونية.
  3. البرامج التنموية: هي المهام التي لا يتضح أثرُها إلا على المدى المتوسط أو البعيد، ويظهر انعكاسها على جودة الحياة اليومية للمواطنين بشكل غير مباشر، فهذه البرامج من اختصاصات الإدارة المركزية، رغم أن الظروف المعقدة دفعت العديد من دول العالم إلى نقل المسؤولية عن هذه المجالات إلى هياكل الإدارة المحلية، أو على الأقل مشاركتها، ومن أبرز هذه المجالات: البنية التحتية، ونظام التعليم والصحة، والأنشطة الاقتصادية، والضرائب، وغيرها من المجالات التي تتطلب استثمارات ضخمة، وفاعلين متعددين، وبرامج تنفذ على مدى سنوات، إن لم يكن عقوداً.

والأردن بتجاربه المتنوعة لم يغِبْ عن فكر أصحاب القرار فيه أهمية الإدارة المحلية، ودورها في تنفيذ السياسات العامة الأردنية الأمر الذي يمكن نُظُم الإدارة المحلية (المجالس المحلية والبلديات) من الاضطلاع بالمهام السابقة، وبخاصة على المستوى الخدمي، وهذا ما مُورِس على مدى أكثر من قرن بدرجات متفاوتة من التوفيق، إلا أن تعقد المجتمعات، وتعدد الفاعلين، وتزايد الاحتياجات، ومحدودية الموارد، وعوامل أخرى كثيرة، تحتم الانتقال إلى مستوى آخر من الإدارة المحلية، لا تكتفي أطُره وهياكله بالمسؤولية عن شؤون الخدمات، وإن بدأتْ بها، وإنما تتدرج بشكل مدروس وصولاً إلى تحمل مسؤولية الشؤون الإدارية والتنموية، وفقاً لتقاسُم مضبوط للمهام ما بين المركز والأقاليم، ويمكن توزيع المهام على المستويات الإدارية المحلية المنتخبة على الشكل التالي (الجهني، 2022 :45):

  1. المجالس المحلية: هي الأكثر تماساً بالمواطنين وإدراكاً لاحتياجاتهم، وتُعد الخلية الأساسية للإدارة المحلية، التي يمكن أن تضطلع بأدوار مهمة على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، اقتراحاً وتنفيذاً، لذا يجب على المجالس البلدية أن تمثل المواطنين، ويجسد مفهوم المشاركة الشعبية، وأن تُنقل لها صلاحيات الخدمات المناسبة، التي يمكن أن تزيد من منسوب الرضا لدى المواطنين، إضافة إلى تشجيع عملية التفاعل الأفقي بين المجالس المحلية داخل كل بلدية، وتعزيز روح المبادرة والتعاون والمشاريع المشتركة في ما بينها (الحميدات، آل خطاب، الطورة، 2022 :65).
  2. المجالس البلدية: تعد المجالس البلدية المسؤول عن الخدمات التنموية ذات العلاقة بحياة المواطنين اليومية، لا سيما أنها تتمتع بصلاحيات أعلى من المجالس المحلية، وتتوسع مع تزايد خبرة أعضائها، واكتسابها ثقة مجالس المحافظات إن التوسع في المهام الخدمية والتنموية للمجالس البلدية، يجب أن يقود في النهاية إلى مسؤوليتها شبه الكاملة عن هذه المهام، وضمان استدامة قيامها بهذا الدور، وضرورة أن تشمل مساهمتها الفعالة والناجعة طيفاً واسعاً من الخدمات الإدارية، بحكم قربها من المواطنين ومعرفتها بالأولويات والاحتياجات الفعلية لهم (البرغوثي، 2016 :5).
  3. مجالس المحافظات: هي الهيئات العليا للإدارة المحلية، وتهتم بالبرامج التنموية والخدمية والإدارية، يفترض أن تتكامل هذه المجالس مع المجالس البلدية، وتُشركها في وضع البرامج الخدمية والتنموية والاستثمارية الخاصة بالمحافظة، وتراقب أداءها لمهامها الخدمية والإدارية المشتركة، وتنسق إدارة المهام اللامركزية مع هياكل الحكم المحلي المستجدة، هذا يوجب استحداث هيكل جامع لعدد من المحافظات على نطاقٍ إقليمي، بما يسهل عملية الإشراف على عمل مجالس المحافظات، ويتيح للسلطة المركزية نقل المزيد من سلطاتها الإدارية ومهامها الخدمية والتنموية إلى هذه الهياكل المستحدثة (الحميدات، آل خطاب، الطورة، 2022 :66).
  4. مجالس الأقاليم: تتمتع بالكثير من صلاحيات السلطة التنفيذية المركزية، وبما يجعل هذه الأقاليم قادرة على إدارة شؤون التنمية المحلية بنجاعة واحتراف، والإشراف على تحصيل الضرائب على المستوى المحلي وصرفها بطريقة تلبي احتياجات المواطنين، بناءً على برامج تشاركية ساهمت في صياغتها باقي الهياكل المحلية (الخوالدة، 2018 :482).

لقد أظهرت التجارب السابقة، أن أحد أهم أسباب الفشل في إدارة ملف اللامركزية الإدارية، على مستوى المحافظات، أنها لم تُراعِ ضرورة أن تتمتع المحافظات بمقومات اللامركزية الاقتصادية، بسبب اعتماد المعايير الجغرافية أساساً في تقسيمها، كما أن التجارب العالمية تؤكد أن نجاح التنمية المحلية، يتطلب أن تناط هذه المهام بوحدات إدارية كبيرة تمتلك مؤهلات استقلالها الاقتصادي، وميزات تنافسية تجاه الوحدات الإدارية الأخرى، وتستطيع التكامل مع باقي هذه الوحدات وترجمةً لهذه المتطلبات في ظل التفاوت الكبير بين المحافظات الحالية في مساحاتها ومواردها البشرية والطبيعية (الجهني، 2022: 55).

أن لعملية تحديث القطاع العام في الأردن الأثر الكبير في إبراز تطور الأردن ومجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، فقد وضعت الرؤية الوطنية لتحديث القطاع العام (33) هدفاً استراتيجياً تسعى إلى تحقيقها على ثلاث مراحل، بحيث تبني كل مرحلة على إنجازات سابقتها بشكلٍ تراكمي، وقد تضمن البرنامج التنفيذي لتحديث القطاع العام للأعوام (2022-2025)، وضع (206) إجراءات ومبادرات سيتم تنفيذها خلال المرحلة

الأولى من خارطة الطريق، على أن يتم إجراء تقييم شامل للبرنامج ورصد الإنجازات المتحققة والدروس المستفادة من المبادرات ليصار إلى تطوير المرحلة الثانية من البرنامج للأعوام (2026-2029)، ويلي ذلك العمل على إجراء تقييم شامل للمرحلة الثانية للبرنامج في نهاية 2029، من أجل تصميم المرحلة الثالثة منه جنباً إلى جنب مع تحديد المبادرات المناسبة لها خلال الأعوام (2030-2033).

وحرصت اللجنة الملكية لإصلاح القطاع الحكومي على اعتماد مبدأ التدرج عبر مراحل انتقالية للوصول إلى النموذج الوطني للإدارة المحلية، لتقود في النهاية إلى الوصول إلى حكم محلي رشيد، القادر على الاضطلاع بمهام التنمية المحلية والخدمات باستقلال وفعالية، بناء على برامج اختارها المواطنون عبر انتخابات حرة ونزيهة، في تناغم وتكامل للأدوار بين مختلف الهياكل والأقاليم من جهة، والإدارة المركزية من جهة أخرى وتتلخص أهم توصيات المرحلة الأولى لخطة التدرج في تطبيق النموذج المنشود للإدارة المحلية في بناء قدرات الهياكل المنتخبة والمدينة في المحافظات والبلديات، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة بما يلبي طموحات المواطنين وتطلعاتهم، كما اهتمت اللجنة بتعزيز دور الشباب والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك من خلال تخفيض سن الترشح ليصبح (22) سنة بدلاً من (25) سنة، وزيادة نسبة المقاعد المخصصة للمرأة لتصبح (30%) على الأقل، إضافة إلى تخصيص مقعد للأشخاص ذوي الإعاقة في الهياكل المنتخبة على مستوى المحافظات والبلديات، أما المرحلة الثانية، فسيتم خلالها استحداث مجالس للأقاليم، لتصبح هذه المجالس هي الهيئات العليا المنتخبة للإدارة المحلية في مراحلها الأخيرة، ويقصد بها مرحلة الحكم المحلي على مستوى السلطة التنفيذية (تنموياً وخدمياً) (اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، 2022).

كما حرصت اللجنة على تقديم عدد من التوصيات تتصل باللامركزية المالية، والتي من شأنها تعزيز الاستقلال المالي والإداري للمؤسسات الحكومية، مثل إفراد فصل خاص لموازنة كل محافظة في قانون الموازنة العامة، ونقل الصلاحيات الإدارية والمالية إلى المحافظات لتصبح مسؤولة عن إعداد موازناتها وتنفيذها، إضافة إلى إنشاء حساب خاص مجالس المحافظات لبنك تنمية المدن والقرى، تنقل إليه مخصصات موازنات المحافظات مباشرة بعد إقرار قانون الموازنة العامة، وذلك للحيلولة دون علم صرف مخصصات موازنات المحافظات بكاملها من خلال حجز جزء منها أو تخفيضها من قبل مجلس الوزراء، وبما يضمن عملية تدوير المبالغ المتبقية من الموازنة السنوية عند انتهاء السنة المالية للعام التالي، وفي ضوء ذلك، أوصت اللجنة الملكية ب(31) توصية تهدف من خلالها الوصول إلى لا مركزية فعّالة على المستويات (الإداري، الخدمي، المالي)، بالإضافة إلى الوصول إلى حكم محلي قادر على الاضطلاع بمهام التنمية المحلية والخدمات بشكل مستقل، ومن أهم هذه التوصيات:

  1. الإبقاء على مستويات المجالس المنتخبة (المجلس المحلي، البلدي، ومجلس المحافظة) بالإضافة إلى اتخاذ تدابير متدرجة لاستحداث مجالس الأقاليم بعد ثلاث دورات انتخابية على أبعد تقدير.
  2. استبدال الانتخاب المباشر لرئيس البلدية بانتخاب أعضاء المجلس البلدي ليقوم الأعضاء بانتخاب رئيس لهم.
  3. تضمين القانون نصاً لتشكيل لجنة المرأة ولجنة الشباب ضمن اللجان المنبثقة عن مجالس الإدارة المحلية المنتخبة.
  4. تخفيض سن الترشح من (25 عاماً إلى 22 عاماً).
  5. تضمين قضايا المرأة والأشخاص ذوي الإعاقة في برامج التدريب وبناء القدرات وتوفير التدابير التيسيرية في مرافق الإدارة المحلية لتسهيل وصول ومشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.

وأقر مجلس الوزراء في 6 آذار 2024 أول سياسة حضرية وطنية للأردن، التي تم تطويرها من قبل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية، ويأتي هذا الإقرار بناءً على توصية لجنة الخدمات والبنى التحتية والشؤون الاجتماعية، وتنسيب اللجنة التوجيهية المشكلة وذلك ضمن إطار المشروع الاقليمي “السياسات الحضرية الوطنية المستدامة والشاملة والقائمة على الأدلة في دول عربية مختارة” الذي تم تنفيذه في اربعة دول عربية، وتمثل السياسة الحضرية الوطنية للأردن نهجاً استباقياً نحو إنشاء سياسات وطنية شاملة تهدف إلى تعزيز التنمية الحضرية بطريقة مستدامة بيئياً، ومزدهرة اقتصادياً، وشاملة اجتماعياً، وقادرة على التكيف في المدن والأحياء، وبالإضافة إلى أنها تعمل كإطار توجيهي لتطوير التنمية الحضرية الوطنية، وتُعتبر السياسة الحضرية الوطنية حاضنة أعمال لكافة الخطط القطاعية على مستوى الوزارات والهيئات والمؤسسات والمناطق ذات الأحكام الخاصة مثل أمانة عمان الكبرى، سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وسلطة إقليم البتراء التنموي السياحي، وسلطة وادي الأردن، وكافة الشركاء المعنيين بهذه السياسة مثل الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات المانحة وغيرها من القطاعات المُنظمة أو المُشغلة لهذه القطاعات كافة، وتتماشى السياسة الحضرية الوطنية الأردنية مع التوصيات الواردة في رؤية التحديث الاقتصادي، وخريطة طريق تحديث الإدارة العامة، ووثيقة اللجنة الملكية لتحديث النظام السياسي (الأمم المتحدة، 2024).

قامت الحكومة الأردنية بحل المجالس البلدية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمّان الكبرى تمهيدًا لمرحلة جديدة من إصلاح وتحديث الإدارة المحلية، وتُعد هذه الخطوة، التي دخلت حيز التنفيذ في 7 تموز 2025، جزءًا من استراتيجية أوسع نطاقًا لتحسين الخدمات العامة، وتعزيز الشفافية، وترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة، وتم تشكيل لجان بلدية مؤقتة لضمان استمرار تقديم الخدمات حتى إجراء انتخابات جديدة (الزيادات، 2025).

مما سبق تبين أن توصيات اللجنة الملكية لتحديث منظومة الإدارة المحلية ركزت على ضرورة إعادة استحداث برامج لتطوير عمل المجالس المحلية، بعد أن تم إلغاؤها بموجب قانون الإدارة المحلية الجديد، الذي نشر في الجريدة الرسمية نهاية أيلول عام 2021، كما ركزت التوصيات، التي صدرت في شهر تشرين الأول عام 2021، على أهمية توسيع الصلاحيات الإدارية للمجالس البلدية، والذي كانت تدعو إليه البلديات منذ سنوات، والذي يترافق مع تزايد خبرة أعضاء هذه المجالس (الهياكل المنتخبة)، واكتسابها ثقة مجالس المحافظات، ويهدف التحديث السياسي لقطاع الإدارة المحلية، إلى تعزيز الحكم المحلي وتعزيز دور المجالس المحلية وتمكينها من اتخاذ القرارات، وتنفيذ السياسات التي تعكس تطلعات المجتمع وتلبي احتياجاته الحالية والمستقبلية.

تُعد الحوكمة البلدية الفعالة أمرًا بالغ الأهمية لمواجهة التحديات التي تواجه المجالس المحلية وتحسين جودة حياة سكانها، ويتطلب ذلك مزيجًا من القيادة الرشيدة والإدارة الفعّالة والمشاركة المجتمعية الفعّالة، وتشمل المجالات الرئيسية للتحسين اتخاذ قرارات شفافة وخاضعة للمساءلة، ومشاركة المواطنين، والاستفادة من التكنولوجيا لتحقيق حوكمة أكثر ذكاءً، ومن التحديات الرئيسية في الحوكمة البلدية انعدام الشفافية والمساءلة، فعندما يفتقر المواطنون إلى إمكانية الوصول إلى المعلومات حول كيفية اتخاذ القرارات وكيفية إنفاق الأموال العامة، فإن ذلك يُضعف الثقة في الحكومة المحلية، وتكافح العديد من البلديات لإشراك المواطنين بشكل هادف في عمليات صنع القرار، مما يؤدي إلى انقطاع التواصل بين السكان

وحكومتهم المحلية، لذا تحتاج البلديات إلى التكيف مع التوسع الحضري السريع، والتقدم التكنولوجي، وتوقعات المواطنين المتغيرة.

ومن الجوانب الرئيسية للحوكمة الرشيدة في عمل المجالس المحلية اتخاذ القرارات الفعّالة الذي ينبغي أن تستند إلى الأدلة والتخطيط الاستراتيجي، وضمان الاتساق في كيفية اتخاذها، وتُعدّ الصراحة في العمليات، وقنوات الاتصال الواضحة، ووصول الجمهور إلى المعلومات، عوامل أساسية لبناء الثقة ومساءلة المجلس لذا يحتاج أعضاء المجالس والموظفين إلى تدريب وتطوير مستمرين لتعزيز مهاراتهم ومعارفهم، بما يضمن قدرتهم على أداء واجباتهم بفعالية والتكيف مع الظروف المتغيرة، و يتعين على المجالس المحلية إدارة الأموال العامة بمسؤولية، وضمان تخصيص الموارد بكفاءة وفعالية لتلبية احتياجات المجتمع في إطار القانون، وضمان قانونية أعمالها وصونها لحقوق المواطنين.

  • تعزيز هياكل الحوكمة: من خلال تنفيذ عمليات صنع قرار شفافة وخاضعة للمساءلة، وتحديد خطوط سلطة واضحة، وضمان تأهيل المسؤولين المنتخبين للقيادة الفعالة.
  • تعزيز مشاركة المواطنين: من خلال إنشاء منصات لملاحظات المواطنين، وإشراك السكان في التخطيط وصنع القرار، وتعزيز ثقافة التواصل المفتوح.
  • الاستفادة من التكنولوجيا: من خلال استخدام الأدوات الرقمية لتحسين تقديم الخدمات، وتعزيز الشفافية، وتبسيط العمليات الداخلية.
  • الاستثمار في رأس المال البشري: من خلال استقطاب الكفاءات المؤهلة والاحتفاظ بها، وتوفير فرص التدريب والتطوير، وتعزيز ثقافة التحسين المستمر.
  • تعزيز التعاون: من خلال تشجيع الشراكات بين مختلف الإدارات، والتعاون مع البلديات الأخرى، والتفاعل مع منظمات المجتمع المحلي.
  • وضع رؤية استراتيجية: من خلال وضع خطة طويلة المدى تُحدد أهداف البلدية وأولوياتها واستراتيجياتها لتحقيقها.
  • إعطاء الأولوية للاستدامة: من خلال دمج الاعتبارات البيئية في التخطيط وصنع القرار.
  • تعزيز الممارسات المستدامة: من خلال معالجة آثار تغير المناخ.

بمواجهة هذه التحديات وتطبيق هذه الحلول، يمكن للبلديات بناء حكومة أكثر فعالية وشفافية واستجابة، تُلبّي احتياجات مواطنيها وتُسهم في ازدهار المجتمع.

5- الخلاصة:

تعتبر الإدارة المحلية أساساً هاماً في نجاح نظام الحكم الوطنية، وتقوم بدور كبير وفعال في التنمية وتتميز بأنها إدارة قريبة من المواطنين كون لها تواصل مباشر مع حاجاتهم, وأن قربها من المواطنين جعلها أقدر على إدراك الحاجات اليومية لهم, وأصبح من الأمور المهمة أن الإدارة المحلية يجب أن تلعب دوراً اساسياً في عملية التنمية الشاملة التي لا توجد دولة إلا ويدفعها الطموح أن تعزز مسيرة التنمية، وإدارة التنمية تسهم في الإدارات المحلية المؤهلة لخطوة أساسية في تحقيق أهداف التنمية المحلية, وعليه فبناء نظام متطور للإدارة المحلية لا يأتي بمجرد إصدار قوانين أو مراسيم خاصة بها, بل لا بد من الانسجام بين ما تقدمه القوانين وبين ظروف ومقتضيات التطور المستمرة لكي تواكبها، ولتعميق الديمقراطية المحلية، ينبغي على أعضاء المجالس المحلية العمل على إشراك المواطنين في العملية الديمقراطية، وتشجيعهم على المشاركة في صنع القرار، وضمان معالجة شواغلهم. كما يجب عليهم تعزيز الشفافية والانفتاح في الحكومة المحلية، وبناء الثقة بين المواطنين والمسؤولين، وترسيخ ثقافة المساءلة، مما يُسهم في بناء مجتمعات قوية وحيوية وشاملة. لأعضاء المجالس المحلية دورٌ بالغ الأهمية في تعزيز رفاهية المجتمعات المحلية، وتعزيز الديمقراطية المحلية من خلال ضمان استجابة المجالس ومسؤوليتها وتمثيلها. عندما يُمنح أعضاء المجالس، وخاصةً أعضاء مجالس الأحياء، صلاحية استخدام هياكلهم وآلياتهم الرقابية بفعالية لرصد وتقييم أداء البلديات، ستتحسن شفافية الحوكمة البلدية، وهذا من شأنه بناء الثقة والشرعية، مما قد يُعزز مشاركة المجتمعات المحلية في العمليات البلدية.

6- النتائج:

خلصت الدراسة الى النتائج التالية:

  • تساهم الحوكمة في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، من خلال وضع آليات واضحة للمساءلة والرقابة، وتحديد مسؤوليات واضحة لجميع الأطراف المعنية.
  • تعمل الحوكمة على تعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة في العمل البلدي، من خلال توفير معلومات واضحة ودقيقة حول الميزانيات والمشاريع والقرارات، مما يساهم في بناء الثقة بين البلدية والمجتمع المحلي.
  • تعزز الحوكمة مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، من خلال توفير قنوات اتصال فعالة، والاستماع إلى آراء ومقترحات المجتمع المحلي، وإشراكه في وضع الخطط والبرامج البلدية.
  • تضمن الحوكمة إدارة الموارد المالية والبشرية بكفاءة وفعالية، من خلال وضع آليات واضحة للاستخدام الأمثل للموارد، وتحديد أولويات الإنفاق، ومكافحة الهدر والفساد.
  • تعمل الحوكمة على تفعيل دور المجالس البلدية في خدمة المجتمع، وتعزيز دورها في الرقابة والمتابعة، وتفعيل مشاركتها في وضع الخطط والبرامج التنموية.

7- التوصيات:

في ضوء نتائج الدراسة فأنها توصي بما يلي:

  • تشجيع الالتزام بتطبيق أبعاد الحوكمة المؤسسية المتمثلة بـ(المشاركة في صنع القرار، المساءلة، العدالة، تطبيق القانون) في البلديات الأردنية من خلال حث القيادات الإدارية فيها، على تحفيز العاملين على تطبيق أبعاد الحوكمة.
  • يجب توفير الآلات والمعدات اللازمة لتقديم الخدمات البلدية للمجتمعات المحلية. إذ لا يمكن تقديم خدمات بلدية فعّالة دون توافر الآلات والمعدات اللازمة. ويجب صيانة البنية التحتية باستمرار، وتخصيص ميزانية للصيانة الدورية.
  • وفيما يتعلق بنقص الآلات والمعدات، توصي الدراسة بأن تكون البلدية قادرة على استخدام الآلات والمعدات الموجودة لديها بالفعل وتكون قادرة على خدمتها وصيانتها حتى لا تسبب لها مشاكل.
  • ينبغي تقييم أداء مسؤولي البلديات بناءً على سرعة استجابتهم لاستفسارات المجتمعات المحلية. كما يمكن تطبيق حوافز مالية كشكل من أشكال تحفيز المحسنين، وتوجيه جهودهم نحو تعزيز الحوكمة الرشيدة.
  • هناك حاجة إلى برامج بناء القدرات المركزة لتعزيز كفاءات أعضاء المجالس البلدية في أداء دورهم الرقابي وبالتالي تعميق الديمقراطية في المجال المحلي للحكومة.
  • ينبغي أن تُركز جهود بناء الكفاءة والقدرات على إضفاء الطابع المهني على الإدارة البلدية، وكذلك المسؤولين المنتخبين، لتحقيق التفويض الدستوري بتقديم خدمات فعّالة وكفؤة واقتصادية للمجتمعات التي يخدمها المجلس البلدي لضمان ملاءمة محتوى التدريب لنوع البلدية المحدد، وطبيعة الوظائف التي تؤديها، والظروف والأوضاع الخاصة بالمقاطعة التي تعمل فيها البلدية.
  • من الضروري اتخاذ تدابير عقابية واضحة ضد البلديات التي تتجاهل التزاماتها بإشراك المجتمعات المحلية بسبب نقص المهارات والخبرات، ولمواكبة التطورات داخل المجتمع المحلي، يتعين على كل بلدية إعادة تدريب وتأهيل المسؤولين لمواكبة التغيرات الديموغرافية في مجتمعاتها.
  • إلغاء آلية انتخاب رئيس البلدية بشكل منفصل ويتم انتخاب رئيس البلدية من بين أعضاء المجلس المنتخبين ، ولمدة اربع سنوات وفق مبدأ الدورات البرلمانية .
  • اعتماد مبدأ التناوب في منصب نائب الرئيس إذا كان الرئيس رجلًا، تكون النائبة امرأة، والعكس صحيح.
  • اشتراط الشهادة الجامعية الأولى على الأقل لرؤساء البلديات، واشتراط شهادة الثانوية العامة (ناجح) كحد أدنى لعضوية المجلس البلدي.

تهدف هذه التوصيات إلى تعزيز الكفاءة، دعم تمثيل المرأة، وتمكين الشباب.

المصادر والمراجع

باللغة العربية:

  • البرغوثي، بلال (2016). النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد، الائتلاف عمان: النزاهة والمساءلة (أمان).
  • بركات، نظام (1984). مبادى العلوم السياسية، الرياض: دار الكرمل للنشر والتوزيع.
  • الزعبي، خالد (1989)، التمويل المحلي للوحدات الادارية المحلية، عمان: شركة الشرق الاوسط للطباعة والنشر.
  • غربي، علي، (2003). تنمية المجتمع من التحديث إلى العولمة، القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع.
  • مشاقبة، أمين، والمعتصم بالله، علوي (2010). الإصلاح السياسي والحكم الرشيد، عمان: مطبعة السفير.

المقالات:

  • الأمم المتحدة (2024). اقرار اول سياسة وطنية حضرية في الأردن التي تم تطويرها من قبل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بالشراكة مع وزارة الإدارة المحلية، متاح على الرابط: https://jordan.un.org/
  • بطيخ، رمضان (2007). مفهوم الإدارة المحلية ودورها في التنمية الشاملة، ندوة دور الحكومات المركزية في التنمية المجتمعية، والمنعقدة في القاهرة- جمهورية مصر العربية.
  • بلهاشمي، جهيزة (2019). المسؤولية الاجتماعية للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ودورها في تحقيق عملية التنمية في إطار الالتزام بمعايير الشفافية والمساءلة- دراسة نظرية تحليلية، مجلة الحوكمة المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة، 1 (1)، 71-89.
  • بوخالفة، رشيد، سيساوي، فضيلة (2021) حوكمة الإدارة المحلية كآلية من آليات تحقيق التنمية المحلية، دفاتر السياسة والقانون، جامعة قاصدي مرباح ورقلة كلية الحقوق و العلوم السياسية، 13 (1)، 433-446.
  • الجهني، دعاء (2022). التطبيقات التأسيسية لإلدارة المحلية في المملكة الأردنية الهاشمية، المجلة العربية للنشر العلمي، العدد (47)، 20-57.
  • الحميدات، عبد الله، آل خطاب، خضر، الطورة، جاد (2022). المستحدث في التنظيم القانوني لتشكيل مجالس المحافظات وفق قانون الإدارة المحلية الأردني رقم (22) لسنة 2021، المجلة الأردنية في القانون والعلوم السياسية، 14 (3)، 50-73.
  • الخوالدة، صالح (2018). الحكم المحلي في الأردن: مجالس المحافظات في ظل قانون اللامركزية رقم (49) لسنة 2015، مجلة العلوم القانونية والسياسية، 9 (3)، 468-491.
  • الزيادات، أنور (2025). الحكومة الأردنية تحلّ المجالس البلدية ومجالس المحافظات وأمانة عمّان، متاح على الرابط: https://www.alaraby.co.uk/
  • شحاتة، نورا (2023). الحوكمة بوحدات الإدارة المحلية ودورها في تحقيق التنمية المحلية، مجلة كلية الخدمة الاجتماعية للدراسات والبحوث الاجتماعية- جامعة الفيوم، 31 (1)، 51-100.
  • الشرعة، رزان (2022). التحديات التي تواجه الإدارة المحلية في الأردن من وجهة نظر موظفيها، دراسة ميدانية، المجلة العربية للنشر العلمي، العدد (43)، 1-26.
  • عبد الوهاب، ياسر (2011). مبادئ وآليات الحوكمة ودورها في تحسين أداء العمل بالتطبيق على الغرف الصناعية المصرية: دراسة ميدانية، مجلة النهضة، 1(12)، 20-45.
  • قانون الادارة المحلية رقم (22) لسنه 2021.
  • اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية (2022). متاح على الرابط: https://tahdeeth.jo/
  • المومني، علاء (2024). تحديد مستوى تطبيق مبادئ الحوكمة في المجالس البلدية الأردنية: دراسة تحليلية، مجلة اتحاد الجامعات العربية للبحوث في التعليم العالي، 44 (3)، 399 – 425.

 

لفتح هذه المجلة

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M