ملخص :
تناول البحث دراسة العوائق الثقافية والاجتماعية التي تعترض سبيل اندماج المهاجرين في المجتمعات المضيفة وتصنيفها، وهو موضوع يكتسب أهميةً متزايدةً في ظلّ تصاعد حركة الهجرة العالميّة، وتعدّد الخلفيّات الثّقافيّة واللغويّة والدّينيّة للمهاجرين. وينطلق البحث من فرضيّة أساسيّة مفادها أنّ التّفاعل بين المهاجر والمجتمع المُستقبِل لا يتمّ دائماً في ظروفٍ متوازنة، بل تحكمه مجموعةٌ من التّحدّيات النّفسيّة والاجتماعيّة واللغويّة.
ويعرض البحث مفهوم الصّدمة الثّقافيّة كأحد المحاور الأوليّة في تجربة الهجرة، بوصفها حالة من التوتر وعدم التّوازن النّفسيّ والإدراكيّ ينجم عن الاصطدام المفاجئ بقيم وسلوكيات حياة جديدة. كما يناقش البحث أثر اللغة بوصفها أداةَ تواصلٍ أساسيّة، وإحدى العوامل المؤثّرة في زيادة المسافة الاجتماعية أو تقليصها، إلى جانب أنماط عمليّة التثاقف التي تُعَدُّ من العناصر الحاسمة في تشكيل الهُوية الثقافيّة، وقد تكون عاملاً محفزاً للاندماج أو سبباً للعزلة.
وقد فصّل البحث في مفهوم التثاقف، الذي يفترض تفاعلاً متبادلاً بين المهاجر والمجتمع المضيف، ويحلّله من خلال أنماط مختلفة (الاندماج، والتهميش، والانصهار، والانعزال)، مستنداً إلى نماذج نظرية ومقاربة لغوية اجتماعية. ويُبرز البحث أهميّة صيغ التلطّف (التّهذيب التّداولي) في التّواصل بين الثّقافات، ودورها في تسهيل التّفاعل وتجاوز التّوترات المحتملة.
وخلص البحث إلى أنّ العوائق الثّقافيّة والاجتماعيّة لا ترتبط فقط بالمهاجر، بل بالمجتمع المستقبل كذلك، وأنّ نجاح الاندماج يتطلّب وعياً متبادلاً، وسياسات اندماجٍ عادلة، وتعليماً لغويّاً حسّاساً للبعد الثّقافيّ، مع ضرورة تجاوز القوالب النّمطيّة، وتفسيرها وتحليلها، وتفعيل دور المؤسّسات التّعليميّة والإعلاميّة في تعزيز ثقافة التّفاهم والانفتاح.
لفتح هذه المجلة