كوفيد 19: الوجه الاخر للصراع الأمريكي الصيني

دلال العكيلي

تتواصل الحرب الكلامية والاتهامات المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين بسبب تفشي فيروس كورونا فقد أغضب الرئيس الأمريكي الصينيين بعد تسمية الوباء باسم “الفيروس الصيني” واعتباره أنهم لم يبلغوا الولايات المتحدة ولم يشاركوها معلومات مهمة حول الوباء من جهتها، أشارت الصين إلى أنها أبلغت واشنطن بالفيروس منذ 3 كانون الثاني/يناير، لكن الولايات المتحدة لم تحذر مواطنيها إلا بعد مرور 12 يوما.

في أوج انتشار وباء في العالم، جازف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإثارة أزمة دبلوماسية مع منظمة الصحة العالمية التي تشكل نواة التصدي للمرض ومع أن انتقادات وجهت إلى توقيته، يلقى اتهام الهيئة الدولية بالانحياز للصين صدى في الولايات المتحدة، في البداية عكست تصريحات للعديد من “صقور” الجمهوريين هذا الموقف، إذ يأخذون على هذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة أنها ساعدت الصين على “إخفاء” خطورة الوباء عندما ظهر في نهاية 2019.

وبعضهم، مثل السناتورين ماركو روبيو وتيد كروز يطالبون حتى بإقالة تيدروس أدهانوم غيبريسوس المدير العام للمنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا لها، بينما تذكر دوائر قريبة من ترامب بأنه كان عضوا في الحزب الشيوعي الإثيوبي، وهذا ما يجعله في نظرهم وبلا أدنى شك حليفا للصين، وفجر ترامب الموقف في تغريدة له وكتب “منظمة الصحة العالمية أخطأت فعلا”، قبل أن ينتقد مواقفها “المؤيدة جدا للصين”، وأن يهدد بتعليق المساهمة الأميركية في الوكالة الدولية، وهذا التهديد إن نفذ، ستكون له عواقب خطيرة، وكان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو مهد لذلك بتأكيده أن الولايات المتحدة كانت العام الماضي أكبر مساهم في منظمة الصحة العالمية، بأكثر من 400 مليون دولار، مشيرا إلى أنه “مبلغ أكبر بعشر مرات من مساهمة الصين”.

“شريكة” بكين

كما يحدث في أغلب الأحيان مع الملياردير الجمهوري، لم يكن الهجوم واضحا بقدر ما كان عنيفا، لكن في واشنطن، لا يخفون المآخذ على منظمة الصحة العالمية ومديرها وهي الانحياز بدون تحليل نقدي إلى المعلومات التي تقدمها الصين، وخصوصا التأكيد السابق لأوانه لغياب الأدلة على انتقال فيروس كورونا المستجد بين البشر، والعامل المشدد لهذه الانتقادات هو التهنئة التي وجهها تيدروس إلى السلطات الصينية على “شفافيتها”.

وشعر ترامب شخصيا بالاستياء من انتقادات المنظمة للقرار الذي اتخذه في نهاية كانون الثاني/يناير بمنع دخول المسافرين القادمين من الصين إلى الولايات المتحدة، وهو إجراء عبر الرئيس الأميركي عن اعتزازه به مؤكدا أنه أبطأ وصول الفيروس، وقال جون بولتون المستشار السابق لترامب والذي يلخص عادة أفكار المعسكر السيادي، إن كل ذلك يجعل من منظمة الصحة العالمية “شريكة في العملية الفاضحة المتمثلة بإخفاء كوفيد-19 من قبل الصين” وترى إدارة ترامب أن هذا الإخفاء أدى إلى موت آلاف الأشخاص.

هل من المجدي فتح هذه الجبهة الجديدة بينما ما زال كسب “الحرب” على الوباء بعيدا؟ دعا مدير المنظمة إلى الامتناع عن “تسييس الفيروس”، ودعمه الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش الذي رأى أنه “ليس الوقت المناسب” لتوجيه انتقادات لمنظمة “أساسية”، أما الجانب الأوروبي، فيرى أن الوقت الآن للتعبئة والتعاون، قبل استخلاص الدروس في وقت لاحق.

وسيلة ضغط

في الولايات المتحدة، يشتبه معارضو قطب العقارات السابق بأنه يريد التبرؤ من تقلباته عندما قلل من خطورة الوباء، ومواصلة حملته على المؤسسات الدولية، ويعتبر معسكر المحافظين أيضا أنه من غير المناسب قطع تمويل المنظمة في أوج أزمة لكنه يرحب بالموقف الذي تبنته الإدارة، ورأى النائب الجمهوري كريس سميث أن دونالد ترامب يستخدم تهديد تعليق المساهمة كوسيلة ضغط لتوافق الوكالة الدولية على إجراء تحقيق حول بدايات انتشار الوباء.

وقال لوكالة فرانس برس إن “سكان العالم يستحقون منظمة عالمية للصحة تتسم بشفافية مطلقة” واضاف أن “الناس يموتون في دائرتي وفي الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها بسبب ما نرى أنه أمر تمت إدارته بشكل سيء جدا، إذا أردنا قول ذلك بأكبر قدر من الدبلوماسية”، ويؤكد عدد من المراقبين أن المنظمة لم تكن نموذجية دائما.

ويرى جي ستيفن موريسون من المجموعة الفكرية مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بأن المنظمة تستحق “بعض الانتقادات” لأنها رحبت بطريقة “مبالغ فيها” بتحرك الصين وتأخرت في إعلان حالة الطوارئ الصحية العالمية، أما إليزابيث أيكونومي من مركز مجلس العلاقات الخارجية الفكري، فقالت إن “قيام تايوان بواحد من أفضل التحركات العالمية ضد كوفيد-19 وعدم تمكنها مع ذلك من الحصول على تقارير منظمة الصحة العالمية (…) فقط لأن بكين لا تريد ذلك” لا يؤدي سوى إلى تزايد الانتقادات الأميركية.

وفي الواقع، مهاجمة منظمة الصحة العالمية هي أيضا طريقة أخرى لإدارة ترامب لمتابعة هجومها على الصين مع أن البلدين أعلنا هدنة في حربهما الكلامية، وفي حديثه عن الأخطاء المفترضة لمنظمة الصحة العالمية، يتساءل كريس سميث حول ما إذا كان الأمر “نقص في الأهلية” أو “شيء آخر”، موضحا أنه “مع الحكومة الصينية الأمر مختلف في أغلب الأحيان لأن الحقيقة هي الضحية الأولى دائما”.

بومبيو: الوقت ليس مناسبا لمحاسبة الصين

قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن من السابق لأوانه الحديث عن العواقب بالنسبة للصين بشأن ما يعتقد مسؤولون أمريكيون أنه تقاعس من بكين في الإبلاغ عن حجم أزمة كورونا داخل أراضيها، وقال بومبيو خلال إفادة صحفية بالبيت الأبيض مع الرئيس دونالد ترامب، إن الولايات المتحدة أجلت 50 ألف أمريكي تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء العالم بسبب عمليات الإغلاق العامة المرتبطة بالفيروس وأضاف أنه لا يزال هناك آلاف آخرون ينتظرون العودة، وعندما سئل عن العواقب للصين قال بومبيو “هذا ليس وقت العقاب لكنه لا يزال وقت الوضوح والشفافية”، ولم تبلغ الصين سوى عن ثلاثة آلاف حالة وفاة بسبب الفيروس الذي نشأ في مدينة ووهان وهو رقم يشكك فيه ترامب ومسؤولون آخرون نظرا لأعداد المتوفين المرتفعة في دول أخرى.

تعليق دفع المساهمة الأميركية في منظمة الصحة العالمية

هدّد رئيس الولايات المتّحدة دونالد ترامب بتعليق دفع المساهمة الماليّة الأميركية في منظّمة الصحّة العالمية، مندّداً بطريقة إدارة المنظّمة الأممية لوباء كوفيد-19، وقال ترامب خلال مؤتمره الصحافي اليومي في البيت الأبيض حول تطوّرات الوباء في الولايات المتّحدة “سنعلّق (دفع) الأموال المخصّصة لمنظّمة الصحّة العالمية”، من دون مزيد من التفاصيل، غير أنّ الرئيس الأميركي ما لبث بعد دقائق من ذلك أن تراجع عن هذا الإعلان بقوله إنّه لم يقرّر تعليق الدفع بل يعتزم فقط درس هذه الإمكانية.

وقال “أنا لا أقول إنّني سأفعل ذلك، بل سندرس هذه الإمكانية”، وأضاف أنّ منظّمة الصحّة العالمية “تبدو منحازة للغاية نحو الصين هذا أمر غير صائب”، والولايات المتّحدة هي أكبر مساهم في تمويل منظمة الصحة العالمية، وكان ترامب شنّ هجوماً حادّاً على المنظمة الأممية صباح الثلاثاء إذ كتب في تغريدة على تويتر أنّ “منظّمة الصحّة العالمية أخفقت حقاً. (…) الغريب أنّها مموّلة بشكل كبير من الولايات المتحدة لكنّ تركيزها منصبّ على الصين”، وأتى هجوم الرئيس الأميركي على المنظّمة الأممية في الوقت الذي تخطّت فيه حصيلة وفيات كوفيد-19 في الولايات المتحدة 11 ألفاً في حين بلغ عدد المصابين بالوباء في هذا البلد أكثر من 385 ألف مصاب.

واشنطن تحذر بكين من “استغلال” كوفيد-19 لتعزيز نفوذها في بحر الصين

حذّرت الولايات المتحدة الصين من استغلال وباء كوفيد-19 لتعزيز نفوذها في بحر الصين الجنوبي بعدما أعلنت فيتنام أن بكين أغرقت سفينة صيد، وفي ظل تركيز العالم على مكافحة كوفيد-19، كثّفت الصين إقامة ما وصفتها بمحطات أبحاث ونشرت طائرات عسكرية خاصة في البحر المتنازع عليه، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية الأميركية، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس في بيان “نحضّ جمهورية الصين الشعبية على التركيز على دعم الجهود الدولية لمكافحة الوباء العالمي والتوقف عن استغلال انشغال الدول الأخرى أو ضعفها لتوسيع نطاق مطالباتها في بحر الصين الجنوبي”.

وأعلنت فيتنام أنها قدمت مذكرة احتجاج بحق بكين بعدما “عرقلت وصدمت وأغرقت” سفينة فيتنامية على متنها ثمانية صيادين قرب جزر باراسيل، ودعت فيتنام، التي تطالب على غرار الصين وتايوان بالسيادة على جزر باراسيل، في بيان صدر عن وزارة خارجيتها بكين إلى تعويض الصيادين واتّخاذ إجراءات “نأديبية صارمة” بحق عناصرها المسؤولين عن الحادثة ومنع تكرارها مستقبلا، من جهتها، أعربت الولايات المتحدة عن “قلقها البالغ” حيال الحادثة، وأفادت أورتاغوس “هذه الحادثة هي الأخيرة ضمن سلسلة أعمال قامت بها جمهورية الصين الشعبية للتأكيد على مطالبات بحرية غير مشروعة والإضرار بجيرانها في جنوب شرق آسيا في بحر الصين الجنوبي”.

وشككت الولايات المتحدة، التي تشهد علاقتها مع فيتنام تطورا ملحوظا، في حقوق بكين في بحر الصين الجنوبي، الذي يعد بين الممرات المائية الأكثر ازدحاما في العالم ويضم موارد طاقة كبيرة، واتّهمت الصين الشهر الماضي الولايات المتحدة بـ”الاستفزاز” بعدما قالت إن المدمرة “يو إس إس ماك كامبل” أبحرت على مقربة من جزر باراسيل دون إذنها، وارتفع منسوب التوتر بشدة خلال السنوات الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة التي انتقدت طريقة تعامل بكين مع وباء كوفيد-19 الذي أصاب الآن أكثر من مليون شخص حول العالم.

الصين تعلن استعدادها لمساعدة الولايات المتحدة في مواجهة كورونا

أعربت حكومة الصين عن استعدادها للتعاون مع نظيرتها الأمريكية في جهود مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وذلك خلال اتصال هاتفي جمع وزير الصحة الصيني ما شياو ويي، بوزير الصحة الأمريكي أليكس عازر، وبحسب بيان لجنة الصحة الوطنية في الصين، فإن الوزير الصيني أكد أن بلاده تعاملت بـ”انفتاح وشفافية ومسؤولية” في مكافحة تفشي فيروس كورونا، مضيفًا أن بكين مستعدة لتبادل خبراتها مع الولايات المتحدة، من جانبه أشاد وزير الصحة الأمريكي، بجهود بكين، وما حققته من نجاح في احتواء انتشار الفيروس، معربًا عن قبوله للتعاون الصيني في مكافحة المرض في بلاده، وفقًا لبيان لجنة الصحة الوطنية الصينية.

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أجرى اتصالًا هاتفيًا بنظيره الصيني، قبل أيام، للتباحث حول جهود مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد، على الرغم من السجالات بين البلدين، على خلفية تصريحات الرئيس الأمريكي التي ألقى فيها باللوم على بكين في انتشار الفيروس، مستخدما مصطلح “الفيروس الصيني” في الإشارة إلى فيروس كوفيد 19، وتجاوزت أعداد الإصابات بفيروس كورونا في الولايات المتحدة نظيرتها في الصين، حيث سجلت واشنطن أكثر من 160 ألف إصابة في كامل الولايات الأمريكية، فيما انحسرت أعداد الإصابات بالمرض في الصين، وسط أنباء عن تخفيف بكين من إجراءاتها لمواجهة الوباء.

وبدأ انتشار فيروس كورونا المستجد في مدينة ووهان عاصمة إقليم هوبي الصيني بسوق للحيوانات البرية في ديسمبر كانون الأول الماضي 2019، وأعلنت منظمة الصحة العالمية وصول تفشي الفيروس إلى مستوى الجائحة في 11 مارس آذار الجاري 2020.

الصينيون أسكتوا الأطباء

كانت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية مورغن أورتاغوس أشارت إلى أن “يوم 3 كانون الثاني/يناير، أمرت السلطات الصينية بتدمير عينات فيروس كوفيد-19، وأسكتت أطباء ووهان وحجبت مخاوف الرأي العام على الإنترنت” وأضافت أورتاغوس “المتحدثة الرسمية محقة: إنه تسلسل يجب على العالم تحليله”، أما وزير الخارجية مايك بومبيو فاعتبر أن “الحكومة الصينية كانت على علم بالمخاطر، لقد حددتها، كانت أول من يعلم، وأضاعت وقتا ثمينا في البداية، ما سمح لآلاف الناس بمغادرة ووهان والذهاب إلى مناطق على غرار إيطاليا التي تعاني الآن أشد معاناة”، وأضاف بومبيو “لم يقم الحزب الشيوعي الصيني بما يتوجب عليه والآن صار عدد لا يحصى من الناس مهددين”، وعقبت المتحدثة باسم الخارجية الصينية قائلة “توقف عن الافتراء” وأكدت هوا شونينغ أن خبراء منظمة الصحة العالمية اعتبروا أن جهود الصين “سمحت بتجنب مئات آلاف حالات العدوى”.

الجيش الأمريكي أدخل الفيروس

وكان تشاو ليجيان المسؤول في وزارة الخارجية الصينية قد أعلن في تغريدات له عبر موقع تويتر أن الجيش الأمريكي قد يكون أدخل فيروس كورونا المستجد القاتل إلى الصين، من دون أن يقدم أي دليل يدعم اتهاماته، وجاءت هذه التصريحات، لتكرر نظريات مؤامرة مماثلة تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي الصينية وتوجه الاتهام للولايات المتحدة فيما يتعلق بالوباء، وفي تغريدته نشر تشاو تسجيل فيديو لرئيس المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها خلال شهادة أمام الكونغرس قال فيها إنه تمّ تشخيص سبب وفاة بعض الأمريكيين الذين كان يعتقد أنهم توفوا بالإنفلونزا، بأنه كوفيد-19.

ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قنغ شوانغ التعليق على التصريحات تشاو ليجيان. وسُئل قنغ مرارا عن تعليقات تشاو لي جيان الخميس لكنه اكتفى بقول إن المجتمع الدولي لديه أفكار مختلفة حول أصل الفيروس الذي أصاب أكثر من 100 ألف شخص على مستوى العالم.

واشنطن خفضت عدد العاملين في الصين

علمت رويترز إن الإدارة الأمريكية خفضت عدد العاملين من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الأراضي الصينية في إطار خطة أكبر لتقليص أعداد خبراء الصحة والعلوم الذين يعملون بتمويل أمريكي في الصين وذلك في الفترة التي سبقت انتشار فيروس كورون، وقد تمت أغلب التخفيضات في مكتب المراكز الأمريكية في العاصمة الصينية على مدار العامين الأخيرين وفقا لما ورد في وثائق متاحة للكافة اطلعت عليها رويترز ولما ورد في مقابلات مع أربعة مسؤولين على دراية بهذا التخفيض.

وتقدم المراكز التي تتخذ من أتلانتا مقرا لها وتعد أبرز وكالة أمريكية مسؤولة عن مكافحة الأمراض مساعدات صحية عامة للدول في مختلف أنحاء العالم وتعمل معها لمنع انتشار الأمراض المعدية على المستوى العالمي. وللمراكز وجود في الصين منذ 30 عاما، وأوضحت الوثائق أن عدد العاملين من المراكز في الصين انكمش إلى حوالي 14 موظفا انخفاضا من حوالي 47 فردا منذ تولى الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير كانون الثاني 2017.

وقال المسؤولون الأربعة الذين اشترطوا إخفاء هوياتهم إن من بين من شملهم قرار الخفض متخصصين في الأوبئة ومهنيين آخرين في مجال الصحة، وتبين الوثائق التي اطلعت عليها رويترز تفاصيل أعداد الموظفين الأمريكيين والصينيين الذين كانوا يعملون هناك وهذه الوثائق نشرتها المراكز على الإنترنت، من ناحية أخرى أغلقت في عهد ترامب مكاتب بكين لكل من المؤسسة الوطنية للعلوم والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهي الوكالة المسؤولة عن المساعدات الأمريكية في أنحاء العالم وكان لها دور في مساعدة الصين في مراقبة انتشار الأمراض والتصدي لها.

وقبل إغلاق المكتبين كان يعمل في كل منهما مسؤول أمريكي وبالإضافة إلى ذلك نقلت وزارة الزراعة الأمريكية في 2018 مدير برنامج مراقبة الأمراض الحيوانية من الصين، وأبعدت قرارات خفض العاملين من الوكالات الأمريكية خبراء الصحة والعلماء وغيرهم من المهنيين الذين كان بمقدورهم مساعدة الصين في التصدي مبكرا لفيروس كورونا المستجد وتزويد الحكومة الأمريكية بالمزيد من المعلومات وفقا لما قاله المسؤولون الأربعة الذين حاورتهم رويترز.

وفي فبراير شباط الماضي انتقدت إدارة ترامب الصين واتهمتها بفرض رقابة على المعلومات عن المرض ومنع الخبراء الأمريكيين من دخول البلاد لتقديم المساعدة، وقال مسؤول شهد سحب الأفراد الأمريكيين من الصين “لا بد من التفكير في احتمال أن التخفيضات التي أجريناها رجحت إمكانية وقوع هذه الكارثة أو زادت من صعوبة التصدي لها” وامتنع البيت الأبيض عن التعليق على أسئلة رويترز فيما يتعلق بسحب الأمريكيين من الصين.

ولم يصل رويترز رد من مراكز مكافحة الأمراض على الأسئلة التفصيلية التي طرحتها عن تخفيضات العاملين. وأصرت المراكز على أن مستويات العاملين لم تمثل إعاقة للجهود الأمريكية للتصدي للفيروس، وأبدى بعض خبراء الصحة تشككهم في أن زيادة عدد العاملين من المراكز داخل الصين يمكن أن تحدث فرقا في الحد من انتشار المرض.

وقال سكوت مكناب خبير الأوبئة السابق في المراكز والذي يعمل الآن أستاذا باحثا بجامعة إيموري “المشكلة كانت الصين وليس عدم وجود أفراد من مراكز مكافحة الأمراض لنا في الصين” وأشار إلى أن الرقابة التي فرضتها الصين هي السبب الرئيسي في انتشار الوباء الذي تشير أحدث البيانات إلى أنه أصاب 435470 شخصا بالفيروس وتسبب في وفاة 19598 فردا، وامتنعت السفارة الصينية في واشنطن عن التعليق، وقال روبرت مارجيتا المتحدث باسم المؤسسة الوطنية للعلوم إن المؤسسة أغلقت كل مكاتبها الخارجية في 2018 وإنها تعتزم “إيفاد فرق في مهام قصيرة الأمد في مختلف أنحاء العالم بحثا عن سبل لزيادة التعاون الدولي”.

وقال متحدث باسم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إن قرار إغلاق مكتب بكين “يعود إلى تراجع كبير في إمكانية التواصل مع مسؤولي الحكومة الصينية وكذلك إلى موقف الوكالة أن النموذج الصيني للتنمية لا يتفق مع القيم والمصالح الأمريكية” وكانت رويترز قد نشرت تقريرا عن التغييرات في العاملين بالصين من مراكز مكافحة الأمراض وكشفت رويترز أن إدارة ترامب ألغت منصب الخبير الأمريكي الذي كان يتولى تدريب خبراء الأوبئة الصينيين الذين يتم إرسالهم إلى بؤرة أي وباء للمساعدة في تتبعه وتقصي الحقائق واحتوائه، وفي لقاء مع الصحفيين انتقد ترامب تقرير رويترز ووصفه بأنه “خطأ مئة في المئة” غير أن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها اعترفت بأنه تم إلغاء هذا المنصب. وقالت إن القرار اتخذ بسبب “القدرة التقنية الممتازة” لدى الصين وإن إلغاء المنصب لم يعرقل الجهد الأمريكي للتصدي لكورونا.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/reports/22895

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M