أثر ثورتي 25 يناير و 30 يونيوعلى العلاقات المصرية التركية 2011 – 2021

إعداد: مريم هشام السيد السيد  , شيماء ابراهيم محمد سلام – إشراف: د. منى هاني – كلية الاقتصاد و العلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر

 

المقدمة:

إن العلاقات الدولية لا تتميز بالثبات والاستقرار في معظم الأحوال ، ولكن تتقلب من حين إلى آخر بين السلام والعداء باختلاف الظروف والمعطيات ، ونظرًا لأن أحداث الفوضى التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط أدت إلى وضع العديد من العلاقات قيد الاختبار؛ ففي تلك الدراسة سنتناول طبيعة العلاقات المصرية التركية في ظل المتغيرات الداخلية التي طرأت على مصر نتيجة قيام ثورتي 25 يناير و30 يونيو؛ فعلى ما يبدو و بعد الإطلاع على تاريخ العلاقات المصرية التركية نجد أن العلاقات بين مصر وتركيا كانت منذ القدم ومازالت حتى الآن بين المد والجزر، فهي متقلبة بين الود في بعض الأحيان والتوتر في أحيان أخرى ، فمن ناحية العلاقات الودية يربط مصر بتركيا علاقات دينية وثقافية وتاريخية قوية ، أما بالنسبة لفترات التوتر بين البلدين فهي عديدة و لها جذور تاريخية تعود إلى عهد محمد علي ، و بالعودة إلى التغيرات الداخلية في مصر و تأثيرها على العلاقات المصرية التركية يمكن القول أن تركيا منذ الحرب الباردة بدأت في البحث عن دور إقليمي فاعل في المنطقة و خاصة بعد تولي حزب العدالة و التنمية للسلطة في عام 2002، فبدأ زعماء الحزب في محاولة توسيع الدور التركي في منطقة الشرق الأوسط و محاولة مد العلاقات مع دول الجوار و من أبرز تلك الدول هي مصر، و التي تقوم هي الأخرى بدور فعال في منطقة الشرق الأوسط نظرًا لمركزية موقعها و سرعة تأثر الدول المحيطة بالأحداث الجارية فيها ، و قد مرت العلاقات المصرية التركية بمراحل عديدة ، إذ كانت ودية في بعض الأحيان كفترة ما بعد ثورة 25 يناير، و من ثم شهدت تحولًا كبيراً بعد عزل الرئيس محمد مرسي من منصبه بعد قيام ثورة 30، و يمثل ذلك تحول تركيا من واحدة من أكبر مؤيدي مصر إلى واحدة من خصوم مصر الرئيسيين ، و تأسيسًا على ما تقدم، فإنه يمكن القول أن العلاقات المصرية التركية تختلف من فترة لأخرى طبقًا للتغيرات الداخلية الحادثة في كلا الدولتين ، مما يعني تأثر العلاقات بين الدولتين بالعناصر الداخلية و نظراً للمصالح السياسية و الاقتصادية المتبادلة بينهما[1].

المشكلة البحثية:

تتمثل المشكلة البحثية في بحث ودراسة العوامل المؤثرة على شكل العلاقات بين البلدين، حيث أن طبيعة العلاقات المصرية التركية يغلب عليها الطابع المميز لمسار غالبية العلاقات الدولية، ذلك المسار الذي يتراوح ما بين التقارب والتباعد على مدار التاريخ، و فيما يخص العلاقات المصرية التركية فإن علاقاتهما مرت بموجات من الصعود والهبوط ارتباطًا بتوجهات القيادة السياسية في الدولتين من ناحية ، و بالإرتباطات الدولية و الإقليمية لكل طرف من ناحية أخرى، و بطبيعة القضايا و المشكلات الخلافية بينهما من ناحية ثالثة ، فيذكر أن هناك ميراثًا تاريخيًا من الخلافات بين البلدين، منها: الخلافات بين محمد علي والدولة العثمانية ، المشاكل في عهد الرئيس المصري جمال عبدالناصر، ومن ثم تدهور العلاقات بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، و قد ظهرت آثارها بشكل واضح بعدما ازداد الوضع سوءًا بعد قيام ثورة 30 يونيو 2013، إلا أن تركيا الآن قد بدأت تعيد حساباتها مرة أخرى وعلى ما يبدو أنها تريد العمل حاليًا على توطيد العلاقة مع مصر مرة أخرى، ومن خلال العرض السابق يتضح أن المشكلة البحثية تتمحور حول كيف أثرت المتغيرات الداخلية في مصر على العلاقات المصرية التركية ، ومن هنا يتمثل السؤال البحثي الرئيسي كالتالي: كيف أثرت ثورتي 25 يناير 2011 و 30 يونيو 2013 على العلاقات المصرية التركية في الفترة من عام 2011 إلى 2021 ؟

و من السؤال الرئيسي ينبثق عدد من الأسئلة الفرعية:-

الأسئلة الفرعية:

*ما هي الجذور التاريخية للعلاقات المصرية التركية؟

*ما الأسباب التي أدت لتقارب مصري تركي بعد عام 2011؟

*ما الأسباب التي كانت وراء توتر العلاقات المصرية التركية بعد عام 2013؟

*ما الدوافع التي قادت تركيا إلى التقارب مع مصر من جديد؟

أهداف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلى ما يلي:

  • التعرف على الجذور التاريخية للعلاقات المصرية التركية.
  • التعرف على طبيعة العلاقات المصرية التركية في الفترة بين 2011 و 2021 في ضوء الفرص المتاحة أمام كلًا من تركيا و مصر.
  • بيان أهم التحديات التي تواجه مصر و تركيا خلال محاولاتهم في الحفاظ على ودية العلاقات.

أهمية الدراسة:

    الأهمية العلمية “نظرية”:

تتمثل الأهمية العلمية لتلك الدراسة في أنها تقع ضمن نطاق العلاقات الدولية ، فهي تفيد الباحث في العلاقات الدولية في معرفة النمط الذي تسير عليه خارطة العلاقات الدولية بين الصراع والتعاون، و محاولة تحليل خصائص العلاقات المصرية التركية و البحث في مدى التشابه و الاختلاف بينها و بين مختلف العلاقات الدولية الأخرى.

 الأهمية العملية التطبيقية:

تتمثل الأهمية العملية للدراسة في التأثير العملي الذي تحدثه العلاقات المصرية التركية سواء في حالات التوتر أو التعاون بين البلدين على المستويين الإقليمي والدولي، فكلتاهما تؤثر بشكل كبير في النظام الدولي، ولذلك وجب النظر في تطور العلاقات بينهما على مر السنين، وتطرح الدراسة أسباب العداء المصري التركي من عام 2013 وحتى وقت قريب ومن ثم أسباب التقارب التركي المفاجئ ونتائجه ومنها العلاقات الاقتصادية والتي تمثل الأمل الوحيد لفتح قنوات التواصل بين الإدارة المصرية والتركية ، أيضاُ تطبيق نتائج الدراسة يساعد مصر في التفرغ لملف سد النهضة كما يمثل ملف المعارضة المصرية  و مطلب إغلاقها أولوية لدي النظام المصري نظراً لما تمثله هذه من صدع في النظام في ظل تحريضها الدائم على التظاهرات وهو ما يؤثر على استقرار البلاد ، وكذلك الأزمة في شرق المتوسط وما تشهده من عدم قدرة بعض الدول على استغلال مواردها بالكامل نتيجة النزاع على الحدود البحرية فإن التوصل إلى اتفاقيات جماعية في ظل التقارب سينعكس إيجابياً على استقرار المنطقة وقدرة الدول علي تحقيق الاستغلال الأمثل لمواردها ، و غيرها من الملفات التي ستكون مصر قادرة على الالتفات لها في ظل استقرار علاقتها مع تركيا[2].

نطاق الدراسة:

التحديد الزماني:

– بداية الدراسة وهي عام 2011 حيث يشير ذلك العام إلى ثورة 25 يناير المصرية و تأثيرها على مسار العلاقات المصرية التركية من خلال وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم و هي الفترة التي كانت فيها تركيا من أكبر مؤيدي مصر، مروراً بعام 2013 و قيام ثورة 30 يونيو و شهدت تلك الفترة التدهور الأكبر للعلاقات المصرية التركية بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي والسبب في ذلك هو الدعم التركي للرئيس السابق محمد مرسي وعدد من رموز المعارضة المصرية وعلى رأسها جماعة الإخوان والتي تعتبرها مصر تنظيماً إرهابياً.

– تم تحديد عام 2021 ليكون زمن نهاية الدراسة ، و حددت الدراسة ذلك العام لأنه العام الذي بدأت فيه تركيا بإعادة حساباتها و محاولة التقارب مع مصر من جديد.

التحديد المكاني:

تم اختيار الدراسة لتكون عن مصر وتركيا لما لهم من أهمية الآن على الصعيد الإقليمي و العالمي ، فمصر دولة افريقية كبرى ذات موقع جغرافي استراتيجي مؤثر وتاريخ زاخر بالأحداث ، و تركيا قوة  إقليمية صاعدة بالإضافة لزيادة العلاقات التعاونية بينهم وقضايا الخلاف وخاصة لاشتداد الأزمات والصدامات بين البلدين في القضايا السابقة وتطور العلاقات بشكل يدعو للتفاؤل وإعادة المياه لمجاريها مرة أخرى.

الدراسات السابقة:  

وسوف نتبع الأدبيات والدراسات السابقة التي أهتمت بدراسة العلاقات المصرية التركية من خلال ثلالث إتجاهات:-

*الإتجاه الأول: العلاقات المصرية التركية فيما بعد ثورة 25 يناير:

*حامد أوغلو “ خلاف طويل الأمد …. مستقبل العلاقات التركية المصرية في ظل حكم أردوغان”

تشير الدراسة إلى تاريخ طويل من العلاقات المصرية التركية منذ إعلان الجمهورية المصرية، وتهدف إلى التركيز على فترة ما بعد ثورة 25 يناير، شهدت فترة ما بعد ثورة يناير ازدهار في العلاقات المصرية التركية، فتزايدت الزيارات السياسية بين البلدين وعند وصول الرئيس السابق محمد مرسي للحكم كان هناك احتفاء كبير بحزب الحرية والعدالة لدى حزب العدالة والتنمية بتركيا حتى تدهورت العلاقات بعد قيام ثورة 30 يونيو 2013 فأصبح ذلك العام الأسوأ في تاريخ العلاقات المصرية التركية، وفي شهر نوفمبر من نفس العام طردت مصر السفير التركي واتهمت تركيا بالتدخل في شئون البلاد الداخلية، وفي عام 2014 ومع انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي غضب أردوغان كثيرًا بعد الإعتراف بالحكومة الجديدة بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي[3].

*سونر جاغايتاي، مارك سيفرز “ اللعبة الكبرى بين تركيا ومصر في الشرق الأوسط”

تهدف الدراسة إلى تناول الفوضى التي حدثت في الشرق الأوسط و أثرت بشكل كبير في العلاقات الدولية ومن أهمها العلاقات المصرية التركية فبعد تنحي الرئيس حسني مبارك 2011 أصبحت تركيا من أكبر المؤيدين الإقليميين لمصر حتى عام 2013 , و بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، غيرت حينها تركيا من مسارها تماما وسرعان ما أصبح الخصام بين البلدين من الخصومات الرئيسية في المشرق العربي، فبدأت تركيا تطالب مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على السيسي، ومارست مصر ضغطاً ضد ترشيح تركيا للحصول على مقعد مجلس الأمن وازدادت العلاقات تدهورًا بعد قرار شن هجمات على تنظيم داعش الذي يهدد الأمن القومي المصري؛ فقد يؤدي التنافس الإقليمي من تركيا ومصر إلى تفاقم الحرب في ليبيا مما يهدد أمن المنطقة و يدخلها في حالة من الفوضى، ما هو لب الخلاف بين تركيا ومصر؟ كانت تركيا في مقدمة الدول الرافضة للإطاحة بالرئيس المصري السابق، محمد مرسي، على يد الجيش بعد مظاهرات حاشدة مطالبة بعزله، إذ وصف أردوغان “الذي كان رئيسا للوزراء آنذاك”، عزل مرسي بأنه انقلاب غير مقبول، وخرجت الأمور عن مسارها، إذ استدعت تركيا السفير التركي في القاهرة في أعقاب فض اعتصام رابعة، وردت القاهرة بسحب سفيرها من تركيا، كانت تركيا داعمًا للمعارضة المصرية وفتحت لهم ساحة إعلامية كبيرة للبث من اسطنبول، ورحب أردوغان باستقبال قيادات الإخوان المسلمين والتي كانت السلطات المصرية قد اعتبرتها حركة إرهابية، كذلك تُعدْ أزمة الغاز في الشرق الأوسط وترسيم الحدود البرية والبحرية والاقتصادية من أخطر الملفات في العلاقات بالجانب التركي، و أخيراً أزمة الملف الليبي والذي يشكل تهديد للأمن القومي المصري وكان أيضاً من أبرز الملفات التي أدت لتدهور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، و انتقدت الدراسة تدخل تركيا في الشئون الداخلية لمصر، وكان هذا التدخل هو أساس توتر العلاقة في عام 2013، وتقلب موقف تركيا اتجاه مصر بين الدعم بعد تولي الإخوان المسلمين وبين التحول لأكبر المعارضين لها بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي يوجب على مصر عدم اعطاء تركيا الثقة الكاملة ولا حتى التمادي في العلاقات السياسية ذلك الذي لا يؤتمن والذي ينبأ باحتمال وجود نوايا سيئة تجاه مصر، و توصلت الدراسة إلى أن الأفضل لمصر هو التركيز على المصالح الاقتصادية وعدم التمادي السياسي مع تركيا[4] .

*رولا مرتضى، ” الاستراتيجية التركية في الشرق الأوسط منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة”   

هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على الاستراتيجية التي اتبعها حزب العدالة والتنمية في تركيا بعد وصوله للسلطة فيما يخص الدور التركي في الشرق الأوسط، استخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي الذى يستند على بيان الحقائق المتعلقة بهذه الاستراتيجية، وقد توصلت الدراسة إلى نتائج عديدة أبرزها: أن السياسة الخارجية التركية تتخوف من النظام العربي الرسمي التي اتبعته الدول العربية في العديد من القضايا ومن أبرزها القضية الفلسطينية، وخاصة مع تعارض النظام العربي مع السياسة التركية في العديد من الملفات ومنها الدور الإيراني حيث طمحت الأنظمة العربية أن يكون الدور التركي عنصر توازن في مواجهة النفوذ الإيراني وهو أمر لم يحدث، كما أن تركيا كانت دولة غير متدخلة وتدعو إلى الإنكفاء على الداخل ولكن مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم بدأت تلعب دور في الشرق الأوسط ولكن هذا الدور لم يسر في اتجاه إيجابي دائمًا وقد تواجه تركيا صعوبة تدفعها إلى الإرتباك في العديد من الملفات، كما أن المنطقة العربية لا تخلو من التأثيرات الخارجية والإقليمية كالولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل و إيران وهى القوى التي تواجهها تركيا منذ اختيارها للعب دور في المنطقة العربية وتلك القوى الخارجية لن تفسح المجال لقوة جديدة كتركيا، مع العلم أن كل قوة تتحفظ أو تعارض الدور التركي الجديد من زاوية مختلفة عن الأخرى[5] .

*عصام ملكاوي “تركيا والخيارات الاستراتيجية المتاحة”   

هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على الأبعاد الاستراتيجية المتاحة للدور التركي في منطقة الشرق الأوسط، اعتمدت الدراسة على المنهج التحليلي الذى يستند على الوسائل الرئيسية لبيان الأبعاد الاستراتيجية التركية المتاحة للدور التركي في هذا المجال، وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج ابرزها، قدرة تركيا على بناء تحالفات في السياق الإقليمي و الدولي يزيد من قيمتها ومكانتها الإقليمية و الدولية حتى و إن بدت هذه التحالفات متعارضة ومتناقضة أو لا يمكن الجمع بينهم خاصة في البيئة السياسية في منطقة الشرق الأوسط، تسعى تركيا لتوسيع علاقاتها مع مختلف الأطراف والمحاور الإقليمية و الدولية و ترى أن تلك العلاقات لن تؤثر على دورها مع الأطراف البديلة؛ فانضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي لن يؤثر على دورها في الشرق الأوسط وعلاقاتها من الدول العربية لا تعنى قطع الروابط مع ايران واسرائيل كذلك فإن تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية لن يؤثر في سعيها للتعاون مع روسيا [6].

*خالد سليمان خالد “العلاقات التركية – المصرية بعد أحداث التغيير العربي وآفاقها المستقبلية”

 يهدف هذا البحث إلى التعرف على طبيعة العلاقات المصرية التركية منذ عام 2011 وما نتج عن هذه العلاقة من دوافع و أحداث تعرضت لها الأنظمة السياسية العربية، لذلك تناول البحث دراسة وتحليل العلاقات التركية المصرية وفقا للمراحل التي مرت بها بعد أحداث التغيير العربي حيث يوجد العديد من المراحل التي مرت بها هذه العلاقة وكانت أول مرحلة في عهد حكم المجلس العسكري، أما المرحلة الثانية كانت في عهد الرئيس محمد مرسى، و أخيراً المرحلة الثالثة تتمثل في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتوصلت هذه الدراسة إلى عدة استنتاجات منها، تأييد تركيا لثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ ووقفت بجانب المتظاهرين وذلك للوقوف ضد مصر وتنظيم علاقاتها مع المجلس العسكري ومن ثم وصول حركة الإخوان وحدوث زيارات متبادلة بين الطرفين وتطوير العلاقات بينهم، أما بالنسبة لمستقبل هذه العلاقات ستكون العلاقات بيهم متأثرة بالسنوات الماضية إلا أن العلاقات بينهم ستعود خلال الخمس سنوات القادمة إلى سابق عهدها خاصةً أن حجم التبادل التجاري بينهم أكثر من خمس مليار دولار[7] .

  • التعقيب: تشابهت الدراسات التي تقع ضمن الإتجاه الأول في تناولها العلاقات المصرية التركية بعد ثورة 25 يناير و كيف شهدت تلك الفترة ازدهار العلاقات المصرية التركية و ذلك من خلال اعتمادهم بشكل أساسي على المنهج الوصفي دون التحليلي، حيث اكتفت الدراسات ببحث و وصف أهم المعالم التي تميز تلك الفترة، و قد اختلفت تلك الدراسات فيما بينها في الزاوية التي تناولت عبرها تلك الفترة؛ فالبعض تناول تلك الفترة بالتركيز على زاوية الإخوان المسلمين في مصر، و البعض الآخر تناولها من زاوية حزب العدالة و التنمية التركي.

*الإتجاه الثاني: العلاقات المصرية التركية بعد ثورة 30 يونيو 2013:

* Tucci Natalie، The Dimensions of the Turkish Role in the Middle” “East  (أبعاد الدور التركي في الشرق الأوسط):     

تهدف الدراسة إلى معرفة ما هي أبعاد الدور التركي في الشرق الأوسط و قد استخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي و الذي يقوم على بيان الحقائق المتعلقة بهذه الأبعاد، و قد أبرزت تلك الدراسة عدة نتائج أبرزها أن السياسة الخارجية لتركيا دائمًا ما تجذب الإنتباه في الفترة الأخيرة، سواء دورها تجاه الإتحاد الأوروبي أو الشرق الأوسط أو الولايات المتحدة الأمريكية وقد مرت السياسة التركية بمرحلة تحول حيث كان لها تأثير على نشاط تركيا في منطقة الشرق الأوسط وكانت المؤسسة التركية العلمانية تتجاهل الشرق الأوسط ولكن أعادت تركيا اكتشاف هذه المنطقة بعد ذلك ولكن كان نشاطها محدودًا وكان يتم في إطار السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من أن الدور التركي في منطقة الشرق الأوسط كان متزايدًا في تسعينيات القرن الماضي، ولكن هناك العديد من التغييرات التي طرأت على هذا الدور حيث في التسعينيات كانت تركز على تحسين علاقاتها في الشرق الأوسط وعلى تطوير علاقاتها العسكرية بإسرائيل وشاركت في فرض العقوبات الغربية ضد العراق ولكن طرأ تغييرات على هذه العلاقات حيث تسعى تركيا الآن إلى تطوير علاقاتها مع جميع الأطراف في المنطقة بهدف دعم السلام والتكامل الإقليمي، ولتحقيق هذا الهدف قامت تركيا بلعب دور الوسيط بين إسرائيل وسوريا وحركة حماس واسرائيل، كذلك فقد تدخلت بين الفرق المختلفة في لبنان و العراق، و بين الولايات المتحدة الأمريكية و إيران، و فيما يخص ذلك السياق جاءت الاتفاقيات رفيعة المستوى لمجلس التعاون الاستراتيجي و التي أبرمتها تركيا مع كلًا من سوريا و العراق عام 2009، كذلك الإتفاق الذي عقدته تركيا مع حكومات لبنان و سوريا و الأردن لإقامة مناطق تجارة و سياحة حرة بين هذه الدول في عام 2010 [8].

*محمد عبدالقادر “حزبا العدالة و مستقبل العلاقات المصرية التركية”

تهدف الدراسة إلى التوصل إلى أوجه الشبه بين حزبا العدالة (حزب الحرية و العدالة في مصر و حزب العدالة و التنمية في تركيا)، و توصلت الدراسة إلى أن التشابه يتخطى كونه تشابه بين حزبي السلطة، كما تتناول الدراسة السياقات المصاحبة لعملية الصعود للسلطة في كلا الحزبين، و توصلت الدراسة من خلال بحث تلك السياقات إلى صعوبة موقف حزب الحرية و العدالة في مصر عن نظيره التركي الذي تمكن من الوصول للسلطة بسهولة و استطاع الدخول في أكثر من ملف شائك، لذلك على النظير المصري أن يستفيد من تجربة حزب العدالة و التنمية ليقدم نموذجًا ناجحًا على غراره، و تنبأت الدراسة أنه بوجود حزبا العدالة على رأس السلطة سواء في مصر أو تركيا سوف يمثل ذلك احتمالية تطور العلاقات المصرية التركية خلال السنوات القادمة[9].

*علي جلال معوض “نتائج الانتخابات الرئاسية التركية و مستقبل العلاقات المصرية التركية”

تهدف الدراسة إلى تناول تأثير الانتخابات الرئاسية التركية على مستقبل العلاقات المصرية التركية، و قد توصلت الدراسة إلى نتائج منها أن نتائج الانتخابات الرئاسية التركية كانت وصول رجب طيب أردوغان إلى السلطة و بدء مرحلة جديدة في تركيا،  أيضًا و قد توصلت الدراسة إلى أنه على الرغم من كون الانتخابات مناسبة داخلية إلا أنه سيكون لها تأثير على العلاقات الخارجية لتركيا، و بما أن تركيا بدأت مرحلة جديدة من الاهتمام بالقضايا الإقليمية فسوف تكون أولى الدول تأثراً بالمرحلة الجديدة في تركيا هي مصر، أيضا و قد رسمت الدراسة عدة مسارات من المتوقع حدوث أياً منها كبديل للانتخابات التركية و هي كالتالي: مسار يتنبأ باتجاه السياسة الخارجية التركية اتجاهاً إيجابياً، و مسار يرى أن حدة الصراع سوف تستمر، و مسار أخير يرى تصاعد التوترات المصرية التركية بوصول أردوغان إلى الحكم[10].

*عصام عبدالمنعم البدري، و شروق احمد عيسى “التقارب المصري التركي و انعكاسه على القضايا الإقليمية”

تهدف تلك الدراسة إلى تحليل العلاقات المصرية التركية بداية من تناول تاريخ العلاقات المصرية التركية من عام 2000 حتى عام 2021 أي منذ عهد الرئيس الأسبق مبارك و حتى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، و توصلت الدراسة إلى عدة نتائج منها أن العلاقات المصرية التركية دائما لم تسر على خط مستقيم فهي علاقات قوية في بعض الأحيان و ضعيفة معرضة للانهيار في أحيان أخرى، كذلك توصلت الدراسة إلى أن فترة ما بعد 25 يناير 2011 و وصول الإخوان المسلمين إلى قمة السلطة كان هو عصر ازدهار العلاقات المصرية التركية و مع إبعادهم عن السلطة انهارت تلك العلاقات و بدأت تأخذ منحى جديد، و لكن أيضا تناولت الدراسة إمكانية التقارب المصري التركي في الوقت الحالي و خاصة من خلال العلاقات الاقتصادية التي ستكون سبباً رئيسياً في عودة العلاقات مرة أخرى و كيف سيكون تأثير ذلك على القضايا الإقليمية المحيطة بالمنطقة و منها (قضية ليبيا) و قضية (غاز شرق المتوسط) [11].

*نيبال عز الدين، دراسة بعنوان: “أثر التحولات الثورية على السياسة الخارجية التركية تجاه مصر ( ٢٠١١- ٢٠١٥ )”

تسعى هذه الدراسة إلى تحديد أي الإتجاهين الرئيسيين لتفسير تأثير المتغيرات الثورية (٢٥ يناير ٢٠١١ و ٣٠ يونيو ٢٠١٣) على السياسة الخارجية التركية تجاه مصر حيث كانت أنقرة في الثورة الأولى داعمة للثورة أما في الثورة الثانية كانت مناهضة لها ، وتوصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج منها، أن التحولات والتغييرات الناتجة عن الثورات سوف تؤدى إلى عدم الاستقرار والتوتر في العلاقات بين الدول بصورة سوف تؤدى إلى اندلاع الحروب والتورط في صراعات مسلحة، كما أن السلوك التركي كان يتسم بالحذر في تعامله مع الملفات الخارجية المتعلقة بمصر خاصة في أواخر حكم الرئيس حسنى مبارك [12].

  • التعقيب: في الإتجاه الثاني كانت الدراسات أكثر اعتمادا على المنهج التحليلي، حيث أنها لم تكتفي بوصف فترة ما بعد ثورة 30 يونيو فقط و إنما قام البعض منها بمحاولة تحليل السلوك التركي تجاه مصر و وضع تفسيرات له، و كذلك محاولة وضع تنبؤات لكيف ستكون العلاقات المصرية التركية في المستقبل، و هل يستمر التوتر أم أن العلاقات المصرية التركية على وشك أن تجد طريقها نحو الاستقرار.

*الاتجاه الثالث: بداية التقارب المصري التركي:

*عصام عبدالمنعم البدري ، عبدالله أحمد السيد ، شروق أحمد عيسي ، ” التقارب المصري التركي وانعكاسه على القضايا الإقليمية:

تتمحور هذه الدراسة حول التقارب المصري التركي و انعكاسه على القضايا الإقليمية ففي الفترة الأخيرة نجد تغير ملحوظ في السياسة الخارجية التركية وتراجع عنف الخطاب السياسي التركي تجاه دول المنطقة وخاصة مصر، فأعادت تركيا الإتصال بالملك السعودي من بعد حادثة مقتل ( خاشقجي )، أما بالنسبة إلى مصر فبعد عام 2017 بدأت محاولات إعادة المياه لمجاريها وبدأت العلاقات تتخذ مجرى آخر يهدف للتعاون وعودة العلاقات الاقتصادية مع مصر وذلك بعد تضرر رجال الأعمال الأتراك من قطع العلاقات الاقتصادية مع مصر وخسارة السوق المصري، ولكن مع توقيع تركيا لإتفاق عسكري مع قطر، رأت مصر وغيرها من الدول الخليجية أن هذا الاتفاق يهدد أمن منطقة الخليج فازدادت الأزمة تعقيدًا مرة أخرى، كذلك شهدت الأونة الأخيرة حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن الرئيس السيسي والدعوة لإعادة ترميم العلاقات مع مصر بعد انقطاع ثمان سنوات ولكن حتى الآن لم نشهد إجراء رسمي أو عقد قمة دبلوماسية تجمع الطرفين فمازال هناك مباحثات واتصالات بين الطرفين، وتطرح الدراسة عدة أسئلة أهمها ما الذي يدفع بتركيا إلى ترميم العلاقات مع مصر من جديد ؟ وكيف يمكن لمصر الاستفادة من عودة العلاقات مع تركيا مرة اخرى [13]؟

*عبداللطيف حجازي ، “دوافع تغير السياسة الخارجية التركية نحو التهدئة”

تتحدث الدراسة عن سياسات تركيا في فترة من أواخر عام 2010 والتي أدت إلى قطيعة دبلوماسية في بعض الحالات كما الحال مع مصر وسوريا وغيرهما، غير أنه منذ أواخر عام 2020 شهدت السياسة الخارجية لتركيا تغيرًا باتجاه التهدئة والسعي لإصلاح العلاقات مع العديد من الدول، فاتخذت تركيا خطوات هادفة إلى إصلاح علاقاتها مع دول المنطقة وبعض القوى الأوروبية والولايات المتحدة ، كما بدأت تركيا في إعادة الاتصال مع مصر، فصرح وزير الخارجية التركي أن مصر وتركيا تجريان اتصالات على مستوى المخابرات ووزارة الخارجية مؤكدًا بدء الاتصالات على المستوى الدبلوماسي، وأقدمت أنقرة على خطوة مبدئية باتجاه تخفيف التوتر مع القاهرة فطالبت القنوات التابعة للإخوان التي تبث من اسطنبول بتعديل خطابها بدلا من توجيه الإساءات إلى الدولة المصرية وتثير الرأي العام الداخلي في مصر ضد القيادة السياسية [14].

*أميرة اسماعيل محمد، “العلاقات المصرية التركية في عهد الرئيس السيسي( ٢٠١٣- ٢٠١٩)”

تهدف هذه الدراسة إلى التركيز على العلاقات المصرية التركية في عهد الرئيس السيسي و التي كان لها تداعيات عديدة على الجانبين حيث تعتبر العلاقات المصرية التركية قديمة قدم التاريخ ولكن هذه العلاقات شهدت تحولًا كبيرًا بعد تنحى الرئيس حسنى مبارك من الحكم، ومع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام ٢٠٠٢ بقيادة رجب أردوغان شهدت العلاقات بين الدولتين تطورًا وذلك لإدراك تركيا أهمية موقع مصر الاستراتيجي ودورها في منطقة الشرق الأوسط، توصلت هذه الدراسة إلى عدة استنتاجات منها، أنه على الرغم من توتر العلاقات السياسية بين البلدين إلا أن العلاقات الاقتصادية لم تتأثر بذلك واستمرار المصالح المتبادلة بينهم والرغبة في تحقيق التقدم الاقتصادي لكل منهما، وعلى الرغم من موقف تركيا المتشدد تجاه المصريين المسافرين إلى تركيا إلا أن لمناطق الصناعية الحرة المصرية جاذبة للاستثمار التركي [15].

* أسماء حجازي، “المغازلة التركية للقاهرة تعود من جديد ” أبعاد وأهداف ”

يهدف المقال إلى البحث في السبب الرئيسي الذي دفع تركيا للتصالح مع مصر، و قد توصل المقال إلى أن تصالح تركيا مع مصر يعود إلى أسباب منها ما هو معلن و منها غير معلن، أيضا توصلت الدراسة إلى أن قضية غاز شرق المتوسط كان من أبرز الأسباب المعلنة و التي أدت إلى التصالح التركي المصري، أما فيما يخص الأسباب الغير معلنة فكانت رغبة الرئيس التركي أردوغان في كسر العزلة التي تعيشها تركيا في الشرق الأوسط و أوروبا، و توصلت المقالة لعدد من الشروط التي من المتوقع أن تضعها مصر مقابل التصالح مع تركيا مرة أخرى و كانت غالبية الشروط المتوقعة خاصة بمسألة غاز شرق المتوسط[16].

*علي حسين علي، “الدور الوظيفي للسياسة الخارجية التركية على الصعيدين الإقليمي و الدولي (2002-2019 م)”

تهدف الدراسة إلى معرفة الدور الوظيفي الذي تقوم به السياسة الخارجية التركية، و استخدمت الدراسة المنهج الوصفي لوصف طبيعة السياسة الخارجية في الفترة من 2002 حتى 2019 ميلاديًا، و قد توصلت الدراسة إلى نتائج أهمها أن التحولات على المستوى الدولي دفع تركيا للتحول و التجديد في أدوار سياستها الخارجية، كذلك فقد اتجهت تركيا نحو بناء علاقات جديدة بعيداً عن المحور الغربي، مما يعني اتجاهها نحو المنطقة الإقليمية لها، و قد توصلت أيضا الدراسة إلى أن مستويات التقارب التركي في تلك الفترة كانت غالبيتها مع دول منافسة للغرب[17].

  • التعقيب: في الإتجاه الثالث اختلفت الدراسات في تناولها للدور المصري و الدور التركي في فترة التقارب من جديد، فبعضها ركز على الجانب التركي بشكل رئيسي، و ما هي أبعاد ذلك الجانب و دوافعه نحو التقارب من جديد، و البعض الآخر ركز على الجانب المصري و كيف كانت ردة فعله حول رغبة تركيا في التقارب مع مصر من جديد بعد فترة من توتر العلاقات، و لكن الجدير بالذكر أن جميع تلك الدراسات أكدت على أهمية العلاقات الاقتصادية بين مصر و تركيا و كيف أنها تعد السبيل الوحيد لاستقرار العلاقات من جديد.
  • و في هذه الدراسة سوف نحاول تعويض أوجه القصور التي واجهتها الدراسات السابقة، و ذلك عن طريق تناول مسار العلاقات المصرية التركية من عام 2011 إلى عام 2021 بالتفصيل من خلال الجانبين، سواء الجانب المصري أو الجانب التركي، أي أن تلك الدراسة لا تتناول جانب واحد من العلاقات، و هو ما يجعل وصف الأحداث واقعي و يبتعد عن الإنحياز لأحد الجانبين، و هي أيضا دراسة شاملة لأبرز الأحداث خلال تلك الفترة لتكون فيما بعد مصدر يمكن الإكتفاء به وحده عند البحث عن كيف بدت العلاقات المصرية التركية في تلك الفترة.

الإطار النظري:

من أكثر النظريات ارتباطاً بالعلاقات الدولية والتي تعبر عن أوضاعه هي النظرية الواقعية الجديدة ومن أهم مقولات النظرية أن الطبيعة البشرية خيرة وقادرة على التعاون، وهناك تناسق بين المصالح القومية ولهذا فإن المدرسة الواقعية تحلل ما هو قائم بالفعل في العلاقات الدولية وتحديدًا سياسة القوة والحرب والنزاعات ولم تهدف كما فعلت المثالية إلى تقديم مقترحات و أفكار حول ما يجب أن تكون عليه العلاقات الدولية، وتعتبر هذه المدرسة الدولة القومية هي الفاعل الأساسي والوحيد في العلاقات الدولية، أما ما دون الدول من الفاعلين قد أعطتهم أهمية ثانوية لأن مادام العالم مكون من مجموعة من الدول وتلك الدول تتفاعل , لذلك الدول هي الفاعل الأساسي والوحيد في العلاقات الدولية حتى يتحول العالم إلى مجتمعات متفاعلة وليست حكومات متفاعلة، وهذه الدول هي فاعل عاقل ورشيد قادرة على اتخاذ القرارات التي تخدم مصالحها، ولا توجد سلطة أعلى من سلطة الدولة، النظام الدولي فوضوي تعتمد فيه الدول على قدراتها، فالعالم هو ساحة صراع وحرب ولا توجد سلطة عُليا تحمي الأمن الدولي ولا توجد دولة تحكم العالم أجمع، ونتيجة لغياب المؤسسات و الإجراءات لحل النزاعات في العلاقات الدولية فإن كل دولة تعتمد على ذاتها وقوتها الذاتية للحفاظ على أمنها كما قد تلجأ الدول للدخول في تحالفات لدعم قدراتها، كذلك ركزت المدرسة الواقعية على مفهوم المصلحة، وأن كل دولة تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة وأن هناك تضارب في المصالح إلى درجة تقود إلى الحرب، ويمكن تفسير الاستمرار في السياسات الخارجية للدول رغم تبدل الزعامات السياسية أو تغير اللغة الأيدولوجية المسيطرة والقيم السائدة وذلك بسبب وجود مجموعة من المصالح الأساسية لكل دولة تمثل مصالح عليا الدولة وهذه المصالح ثابتة وقد تتغير الوسائل لخدمة هذه الغاية فتكون سلمية أو حربية ولكن الغاية نفسها لا تتغير، وأعلى مصلحة لأي دولة هي حفظ البقاء القومي والأمن القومي، والقضايا الأمنية والعسكرية طبقاً للمدرسة الواقعية هي الأكثر أهمية فهي تمثل الأهمية الكبرى بينما القضايا الأخرى الاقتصادية والاجتماعية هي أهمية دنيا[18].

النظرية الواقعية هي أساس لتلك الدراسة فهي تركز على مفهوم المصلحة وهو بالفعل المفهوم الحاكم للعلاقات المصرية التركية، كما ركزت على مفهوم القوة العسكرية وكان ذلك أيضاً موضع خلاف بين مصر وتركيا عندما أرادت تركيا استخدام قوتها العسكرية لشن هجمات في ليبيا مما يؤدي إلى تهديد الأمن القومي لمصر .

الإطار المفاهيمي:

هناك بعض المفاهيم المرتبطة بالعلاقات الدولية والتي يجب وضع تعريف واضح لها قبل استخدامها في الدراسة، ومن المعروف أن تحرير المفاهيم من أهم المبادئ اللازمة لتكون الدراسة واضحة ولمنع حدوث أي خلط في استخدام المفاهيم أو إيصال معني خاطئ في الذهن، وفي حالة دراسة العلاقات المصرية التركية فإن المفاهيم المرتبطة بالدراسة هي كالتالي:

أ.المصلحة الوطنية:-

ظهر مفهوم المصلحة الوطنية في الثلاثينات من القرن الماضي، ويتخذ مفهوم المصلحة الوطنية مضامين مختلفة وفقًا للسياق الذي يطرح فيه ولا يوجد اتفاق حول ما تعنيه المصلحة الوطنية ليس فقط بين السياسيين وصانعي القرار داخل الدولة الواحدة ، ولكن بين أدبيات العلاقات الدولية أيضا، وتعود جذور المصلحة الوطنية إلي كتابات ميكافيللى ومنها كتابه “الأمير” حول العلاقة بين الولايات الإيطالية في القرن السادس عشر، وبعد صلح وستفاليا 1648 شاع استخدام مفهوم المصلحة الوطنية بين الدول الأوروبية لتبرير سياستها الخارجية وسلوكها على الصعيد الدولي، كما تم استخدام المصطلح على نطاق واسع أيضًا من جانب الولايات المتحدة منذ إعلان قيامها، وقد ظهرت تعريفات عديدة لمفهوم المصلحة الوطنية ومنها:

  • تعريف مورجانثو:- يرى أن المصلحة الوطنية هي القوة وهذا المفهوم لا يفترض عالم يسوده السلام ولا يفترض أيضا حتمية الحرب وانما يفترض صراع مستمر وسلوك دبلوماسي فعال يقلص التهديد بالحرب إلى الحد الأدنى من خلال توافق المصلحة الوطنية .
  • تعريف جيمس روزيناو:- استخدم المصطلح في إطارين، إطار التحليل السياسي والذي اعتبر المصلحة الوطنية هي أداة تحليلية وتصف السلوك السياسي للدولة، أما الاتجاه الثاني وهو توجيه السلوك السياسي للدولة هو أداة لتبرير الإقلاع عن سياسة ما أو تدشين سياسة ما.
  • تعريف جوزيف ناي:- هي مجموعة المصالح التي تمثل قاسم مشارك لمواطني الدولة في علاقتها مع الدول الأخرى، وهي أعم وأشمل من المصلحة الخاصة وتحاول جميع الجماعات بالداخل ربط المصلحة الخاصة بالمصلحة الوطنية وهذا المفهوم اشمل من مجرد حماية الدولة من التهديدات الجيوسياسية وإنما يشمل جانب الأمن، والرفاهية الاقتصادية ، والهوية، والقيم الوطنية.
  • تعريف جوزيف فرانكل:- يرى أن المصلحة الوطنية تتضمن ثلاث مجموعات من المصالح استراتيجية عسكرية، وسياسية تضمن الحفاظ على العقيدة السياسية والحفاظ على الهوية الوطنية، واقتصادية تضمن رفاهية المواطنين، وميز بين نوعين من المصالح الوطنية وهما المصالح العليا أو الملهمة والتي تتميز بأنها مصالح استراتيجية بعيدة المدى لها جذور في التاريخ ، وعليها أن تهتم بها وتدافع عنها وتطالب بالتمسك بيها، أما المصالح العملية تتميز بأنها مصالح قابلة للتنفيذ ويمكن تحقيقها في مدة قصيرة وتمثل الاهتمام الأساسي للحكومة والحزب الحاكم وتستهدف مشكلات قائمة.
  • وميز فرانكل بين المصلحة الوطنية والتي ترتبط بالسياسة الخارجية وتعبر عن مصالح الدولة على الصعيد الخارجي، أما المصلحة العامة هي مصلحة جموع المواطنين على الصعيد الداخلي منها الدخل القومي والارتقاء بمستوى المعيشة.

ومن هنا يمكن تعريف المصلحة الوطنية أنها الإطار العام الحاكم لسياسة الدولة الخارجية والموجه الأساسي لها، وهناك مجموعة من المؤشرات التي تدل على مفهوم المصلحة الوطنية ومنها، أولا مؤشر الأمن والذى يتضمن تأمين حدود الدولة وحمايتها من التهديدات الداخلية والخارجية وتحقيق الأمن والاستقرار للجميع، ثانيا مؤشر الرفاهية الاقتصادية والذي تعنى تحقيق نموا اقتصادي وتنمية لمختلف قطاعات المجتمع من خلال الارتقاء بمستوى المعيشة وزيادة الدخل القومي والقضاء على الفقر والتهميش، ثالثا الحفاظ على الهوية والقيم الوطنية فأصبح الحفاظ على الهوية الثقافية والخصوصية واحترام العادات والتقاليد أحد المحاور الرئيسية للمصلحة الوطنية، ويختلف ترتيب هذه المحاور من حيث الأهمية من دولة لأخرى ومن وقت لآخر[19].

ب.الإعتماد المتبادل:

الإعتماد المتبادل هو سمة هيكلية أساسية للنظام الدولي، على الرغم من أن الغموض موجود حول المفهوم واستخدامه، فإن الاعتماد المتبادل هو أمر أساسي لشرح طبيعة وديناميكيات العلاقات الدولية التي يتم تصورها على نطاق أوسع،  يتضمن الاعتماد المتبادل الروابط بين الجهات الفاعلة وأنظمة العلاقات المتبادلة بين الجهات الفاعلة، فإن الاعتماد المتبادل يعني أكثر من مجرد ترابط بسيط، فهو يستلزم علاقة يرتبط فيها طرفان أو أكثر في نظام عمل بطريقة تؤثر التغييرات في أحد الأطراف بطريقة ذات مغزى على تحقيق الإحتياجات والقيم أو النتائج المرجوة للآخرين، بعبارة أخرى فإن تلبية احتياجات وقيم كل طرف تتوقف إلى حد ما على سلوك الآخرين، يلعب الإعتماد المتبادل أيضًا دورًا مهمًا في نظرية الأنظمة العالمية لإيمانويل والنشتاين، بالإضافة إلى مفهوم التبعية وثيق الصلة، وقد ظهرت تعريفات عديدة لمفهوم الإعتماد المتبادل ومنها :

  • تعريف جوزيف ناي:- ” موقف من التأثير المتبادل أو الإعتماد على الآخرين وبينهم “.
  • تعريف ناي وكيوهين:- تعريفا آخر للإعتماد المتبادل ” ( الفارق في الدرجة والكثافة ) حيث يقولان بأنه ” انخفاض أهمية وقيمـة العلاقـات الأمنية والعسكرية مقابل ارتفاع وتيرة وأهمية العلاقات الإقتصادية والإجتماعية المتعددة في الربط بين دول العالم.
  • تعريف نادية محمود مصطفى:- الإعتماد المتبادل ” ظاهرة قومية معقدة تتضمن أنماطا تفاعليـة متعـددة الأبعاد ومتعددة القطاعات بين الدول، ينتج عنها درجة عالية من حساسية التفاعلات بين أعضاء النظام للتغيرات التـي تقع في إطار أحدهم، كما ينتج عنها درجة عالية من عرضة هؤلاء أو قابليتهم للتأثر بالقوى والأحداث الخارجية، ومـن ثم يتوقف عليها مدى قدرتهم على مواجهة أو عدم مواجهة أعباء وتكلفة هذه التأثيرات الخارجية “

يشير أنصار الإعتماد المتبادل إلى مجموعة من الخصائص ليؤشروا بها على الوجـود الفعلي لظـاهرة الإعتماد المتبادل وتنامي دورها في العلاقات الدولية، فمن الناحية النظرية يستندون إلى مجموعة من المعايير يحكمـون من خلالها على وجود الظاهرة من عدمه، وهذه المعايير تتمثل في : 1 – حجم المعاملات التي تتم بين الفاعلين الرئيسيين في النظام الدولي .

2 – درجة حساسية الفاعلين الدوليين .

3 – قابلية الفاعلين للتأثر بالعوامل الخارجية .

4 – توافر أطر مؤسسية للتفاعل بين الوحدات الدولية[20] .

الإقتراب ( المنهج):  

تم إعداد هذه الدراسة بالاعتماد على منهج صنع القرار:

يعرف صنع القرار عادة بأنه عملية أو سلسلة من الأنشطة التي تتضمن مراحل التعرف على المشكلة، والبحث عن المعلومات، وتعريف البدائل واختيار جهة فاعلة لواحد من بديلين أو أكثر، هي مجموعة القواعد والخطوات التي يتبعها المشاركون في عملية اتخاذ القرار من أجل اختيار معين بهدف حل مشكلة محددة، أي هي تلك الأسس الرسمية وغير الرسمية التي يتم بواسطتها تقييم الاختيارات المتاحة والعمل على إحداث توافق فيما بينها، ونظرية صنع القرار هي نظرية لكيفية تصرف الأفراد العقلانيين بما يتفق مع التفضيلات المرتبة تحت المجازفة وعدم اليقين، يستخدم مجموعة من البديهيات حول كيفية تصرف الأفراد العقلانيين والتي تم تحديها على نطاق واسع على أساس تجريبي ونظري، وقدم هذا التعريف مؤلف مقال نشر في قاموس أكسفورد المختصر للسياسة، و يؤكد المؤلف على عقلانية الأفراد وفي نفس الوقت كيف يجب أن يتصرفوا.

لذلك يمكننا القول أن إتخاذ القرار يدل على صياغة السياسة العامة لإدارة المنظمة التي قد تكون منظمة تجارية أو منظمة إدارية، النقطة التي يجب ملاحظتها هي أن طبيعة وتنفيذ عملية صنع القرار لا تكون مختلفة في كلا المكانين ولكن يبقى أن أهمية صنع القرار في كل حالة تبقى كما هي، وخلاصة القول، فإن اتخاذ القرار يعني اختيار وتطبيق الاختيار العقلاني لإدارة المنظمات الخاصة أو التجارية أو الحكومية بطريقة فعالة.

 ومن أهم مقولات نظرية صنع القرار ما يلي:

1- السياسة في النهاية هي عملية صنع قرارات، وعملية صنع القرار هي أهم جوانب الدراسة السياسية.

2- بالرغم من أن الدولة هي الوحدة الأساسية في العلاقات الدولية، إلا أن أفعالها يقوم بها من يتحلون بأسمائها.

3- من الصعب تحديد صانعي القرار لأنهم قد لا يكونون مسئولين صغار في الشأن الداخلي.

تطبيق اقتراب صنع القرار على العلاقات المصرية التركية:

اقتراب صنع القرار وثيق الصلة بموضوع العلاقات المصرية التركية، فتدهور العلاقات احيانًا بين البلدين وعودتها طيبة مرة أخرى هو شيء قائم على القرارات التي تتخذها كلًا من مصر تركيا تجاه الدولة الأخرى؛ فبداية الأزمة كانت اتخاذ تركيا لقرار دعم الإخوان المسلمين وهي على علم تام أن جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة معارضة للحكومة المصرية وكانت حينها على مقدار من الوعي بأن ذلك سوف يؤدي لتوتر العلاقات وكان لتركيا خيار آخر وهو عدم التدخل في الشئون المصرية والاكتفاء بالحفاظ على العلاقات الودية مع مصر ولكنها استبعدت ذلك البديل، وقرار مصر باستمرار العلاقات التجارية مع تركيا بالرغم من موقفها السياسي تجاه مصر حيث وضعت العلاقات الدبلوماسية جانبًا والتفتت للمصالح الاقتصادية، وفي النهاية أدركت تركيا موقفها السيء تجاه مصر واتخاذها قرار محاولة إعادة العلاقات مرة أخرى، فعملية اتخاذ القرارات السياسية هي متصلة بالعلاقات الدولية والفاعلين السياسيين اتصال وثيق[21].

تقسيم الدراسة:

الفصل الأول: الجذور التاريخية للعلاقات المصرية التركية

  • المبحث الأول: الأتراك و مصر قبل الحكم العثماني
  • المبحث الثاني: الحكم العثماني لمصر
  • المبحث الثالث: مصر و تركيا في فترة ما بعد الحكم العثماني

الفصل الثاني: تأثير ثورتي 25 يناير و 30 يونيو على العلاقات المصرية التركية

  • المبحث الأول: أثر ثورة 25 يناير 2011 على العلاقات المصرية التركية
  • المبحث الثاني: أثر ثورة 30 يونيو 2013 على العلاقات المصرية التركية

الفصل الثالث: بداية التقارب المصري التركي

  • التقارب المصري التركي في عام 2021
  • محاولات التقارب بعد عام 2021

الفصل الأول: الجذور التاريخية للعلاقات المصرية التركية

المبحث الأول: الأتراك و مصر قبل الحكم العثماني

المبحث الثاني: الحكم العثماني لمصر

المبحث الثالث: مصر و تركيا في فترة ما بعد الحكم العثماني

تمهيد:-

يربط مصر بتركيا علاقة عميقة حكم بها الجغرافيا و التاريخ، فإن تلك العلاقة تتميز بأنها علاقة متأصلة الجذور و متعددة الأبعاد؛ فمن حيث جغرافيا البلدين فكلاهما يقع على ساحل البحر المتوسط  و قد ساعد ذلك الموقع على زيادة احتياج البلدين لإقامة العلاقات فيما بينهما و سعـت كلًا منهما لمحاولة مد سلطانها للدولة الأخرى، و أما من حيث التاريخ فإن العلاقات المصرية التركية نشأت من قبل أن يدخل الأتراك الأناضول في أواخر العصر العباسي، و الجدير بالذكر أنه منذ تلك الفترة و حتى الوقت الحالي تمر العلاقات المصرية التركية بكثير من المراحل المختلفة و التي كان لها دورها في التأثير على مدى التعاون أو الصراع بينهما.

و بشكل آخر يمكن القول أن الجغرافيا قد التقت بالتاريخ عندما أصبح الأتراك هم شعب الأناضول و أسياد القسطنطينية و أزالوا الإمبراطورية البيزنطية (و التي كانت مصر واحدة من أملاكها و كانت القسطنطينية هي عاصمتها)، بعد ذلك بفترة أصبحت مصر واحدة من ولايات الدولة العثمانية، و ظلت مصر واقعة تحت حكم العثمانيين حتى تفككت تلك العلاقة على يد الإحتلال الأجنبي، إلا أن علاقة الدولتين بقيت تحت ظل الأخوة الإسلامية.

  • و يسرد هذا الفصل الجذور التاريخية للعلاقات المصرية التركية من خلال ثلاث مباحث:
  1. الأتراك و مصر قبل الحكم العثماني
  2. الحكم العثماني لمصر
  3. مصر و تركيا في فترة ما بعد الحكم العثماني

المبحث الأول: الأتراك و مصر قبل الحكم العثماني

فتح المسلمون مصر عام 20 من الهجرة في عهد الخليفة عمر ابن الخطاب؛ ذلك الفتح الإسلامي الذي رفع الإضطهاد البيزنطي عن أهل مصر و ساس مصر خير سياسة، و بذلك دخلت مصر الإسلام دخولا كاملا حتى نسيت لغاتها السابقة و أصبحت لا تعرف سوى اللغة العربية، و بفتح مصر حقق المسلمون أهدافًا كثيرة منها ما هو عسكري بقطع الطريق على الروم فلا يستطيعون العودة إلى الشام، و اقتصاديًا بأن مواردها الإقتصادية أصبحت تصب في خزينة الدولة الإسلامية، و أمنياً من خلال ترحيب أهل مصر بالفاتحين و مساعدتهم في مواجهة الرومان، و بذلك أصبحت مصر محط رحال العديد من الدعاة و الحجاج في رحلاتهم ذهابًا و عودة، و قد استقر أمر مصر تحت ولاية الدولة الأموية حتى أن آخر حكام الأمويين “مروان بن محمد” قُتل في مصر، و بعد ذلك وقعت مصر تحت ولاية الدولة العباسية و التي صارت مصر بالنسبة لها كما كانت بالنسبة للدولة الأموية؛ ولاية واسعة الرزق، نادرة المنازعات و التمردات[22].

في أواخر العصر العباسي الأول بدأت الدولة العباسية تجري تغييرًا خطيرًا في أنظمتها، ذلك التغيير كان من خلال الإعتماد على العنصر التركي في مهمات العسكر و الحرب بدلًا من العنصر الفارسي الذي مثل قاعدة الدولة منذ نشأتها، و من هؤلاء الأتراك من صارت إليه أمور مصر يولي عليها الولاة و هو في عاصمة الخلافة، و من ثم انقطع إشراف الأتراك على مصر في عهد “المتوكل على الله” و الذي كان له سياسة لتحجيم النفوذ التركي في بلاط الخلافة، إلا أنه لم يستطع الإستمرار في سياسته و أعاد مرة أخرى إدخال العنصر التركي في النظام، و لكن سرعان ما عصفت الإضطرابات بالخلافة العباسية و لعل أبرز تلك الإضطرابات كان استغلال أحمد ابن طولون ضعف الدولة العباسية و إعلان مصر دولة مستقلة و هي “الدولة الطولونية” و بعد اقل من ربع قرن تعرضت الدولة العباسية لإضطراب آخر و هو “الدولة الإخشيدية” في مصر، و التي تزعمها القائد التركي محمد بن طغج الإخشيد، و لكن كانت أقوى ضربة وُجهت للخلافة العباسية هي انتزاع العبيديون مصر من الخلافة العباسية و بناء عاصمة جديدة هي “القاهرة”، و في عهد العبيديون مثَل الأتراك عنصرا هاما في النخبة الحاكمة في هذه الدولة.

عادت مصر تحت السيادة الإسمية للخلافة العباسية بعد صراع بين الحملات الصليبية التي بدأت في عهد العبيديون و بين الزنكيين (و هم سلالة تركية زعيمها عماد الدين زنكي)، و ذلك بعد أن استطاع نور الدين زنكي أن يسبق إلى مصر قادته العسكريين الأيوبيين، لكن ما لبث أن مات نور الدين زنكي و هو صغير مما أدى لحدوث العديد من الإضطرابات و بدأ عهد الدولة الأيوبية في مصر التي استمرت نحو 90 عاما، و لكن من جديد أصبح العنصر التركي من المماليك المقاتلين هم العنصر الأقوى، فتغلبوا على الدولة الأيوبية و بنوا دولة لأنفسهم، و من الجدير بالذكر أن دولة المماليك انقسمت إلى حقبتين و هما: ( المماليك البحرية و هم في العموم أتراك، و المماليك البرجية و هم بالعموم شراكسة)، و قد كانت مصر خلال حكم المماليك تعيش العصر الإسلامي الذهبي، فلقد تولى المماليك حكم البلاد و هي تعاني تهديد الصليبيين و المغول ثم تركوها و هم سادة البحر المتوسط، إلا أن حال دولة المماليك كسائر الدول الأخرى تشهد فترات إزدهار و قوة و فترات ضعف و تفكك، حيث تعرضت دولة المماليك للضعف و من ثم ورثهم العثمانيون في حكم الشام و مصر[23].

المبحث الثاني: الحكم العثماني لمصر

وقعت مصر تحت الحكم العثمانى منذ عام 1517 حتى 1922 أي ما يقرب من أربعة قرون، فكان من الناحية الظاهرية أن مصر كانت تحت الحكم العثمانى في هذه الفترة إلا أنه في الواقع كان المماليك هم المسئولين عن شئون الحكم وذلك مع ضعف الدولة العثمانية إلا أنهم لم يخلعوا السلطان العثماني ثم جاءت فترة ولاية محمد على باشا وأبنائه والتى عرفت بفترة “الحكم العلوي” وكان يحكم مصر بشكل مستقل عن السلطان العثماني ثم بعد ذلك الإحتلال الإنجليزى لمصر الذى استمر حتى نهاية الدولة العثمانية. ومن هنا فإن مصر لم تكن تابعة مباشرة للدولة العثمانية طوال الأربعة قرون بل كانت تابعة اسمياً للدولة العثمانية[24].

إن شمول الدولة العثمانية لمصر كان يمثل نقطة تحول الدولة العثمانية إلى قوي عظمى حيث كانت مصر في ذلك الوقت ذات صله اقتصادية وسياسية وانتعاش تجارى وعاصمة الخلافة العباسية والحجاز وغيرها، كذلك فقد أثرت الدولة العثمانية أيضا في التطور الاقتصادي والعلمي لمصر نتيجة إهتمامها بالعلم والتجارة في البلاد التى تحكمها كما أنها وظفت الدين لتعزيز وجودها في مصر والعمل على الترويج للدولة العثمانية في المجتمع المصرى مما جعل مصر تدين بالولاء للدولة العثمانية.

لم تكن العلاقات بين المماليك والعثمانيين على وتيرة واحدة فقد مرت العلاقات بمجموعة من العوامل التى أدت إلى الفتح العثماني لمصر ومن بين هذه الأسباب الأزمة الاقتصادية التى مر بها المماليك بعد اكتشاف البرتغاليين لطريق رأس الرجاء الصالح ثم بعد ذلك وصل البرتغاليين إلى البحر الأحمر وتمكنوا من هزيمة المماليك عسكريًا وقد وصل الأمر إلى تهديد البرتغاليين للحرمين الشريفين واحتمال وقوع حملة صليبية على مكة والمدينة فقد أدت هذه العوامل إلى التقارب بين المماليك والعثمانيين وقيام العثمانيين بدعم المماليك ولكن ما لبث أن تحول هذا التقارب إلى خلاف بين المماليك والعثمانيين وتضررت العلاقات العثمانية المملوكية بقيام العديد من المعارك بينهم في عهد “الأشرف قايتباي” و”بايزيد الثانى” ثم جاء “قنصوه الغورى” الذى جدد الصراع، وتزامن مع ذلك تأسيس الدولة الصفوية على يد “الشاه إسماعيل” الذى كان يدعم “أحمد بن بايزيد” ضد أخيه، وفي هذه الأثناء كانت العداوة بين العثمانيين والمماليك بسبب قيام السلطان سليم بغلق تجارة الرقيق أمام المماليك مما أدى إلى ضعف “قنصوه الغورى” وعدم قدرته على مواجهة الغارات الصليبية على البحر المتوسط كما أنه دخل في معركة مع العثمانيين وهى مرج دابق الذى انتهت بإنتصار العثمانيين وانفتحت الشام أمام العثمانيين، ثم حاول “طومان باي” بعد “قنصوه الغوري” في مصر أن يواجه العثمانيين مرة أخرى ولكن تم هزيمته ولذلك أصبحت مصر جزء من الدولة العثمانية.

الصورة الشائعة في الأوساط العلمية المصرية حول فترة الحكم العثماني أن هذه الفترة هي فترة مظلمة في التاريخ المصري إلا أن العقود الأخيرة شهدت تحولات لتصحيح الصورة السائدة، حيث تمت ترجمة العديد من المؤلفات التركية عن الحقبة العثمانية إلى اللغة العربية، و اهتمام الباحثين المتخصصين في التاريخ العثماني بإظهار الأعمال الوثائقية التى تناولت صورة افضل للدولة العثمانية.

بعد وفاة السلطان سليم استطاع ابنه سليمان وريث العرش العثماني إخماد حركه التمرد الموجودة في مصر والشام وإعاده ترسيخ الأمن فيهما، وكان لزيارة “ابراهيم باشا” الصدر الأعظم في الدولة العثمانية أثر كبير في تغير الأمور حيث تعتبر هذه الفترة هي بداية الفترة الطيبة في حكم الدولة العثمانية، و تحول ولاء المماليك الي الدولة العثمانية التي ابقت علي النظام الادارى السائد في حينها ، وكانت السلطة العثمانية في مصر تحكم عن طريق الوسطاء من الفلاحين المصرين فكانت التجارة فى هذه الفترة  تمر بفترة قوة، وكذلك العلم حيث كان علماء الازهر هم ملجأ الناس فى تلك الفترة، وهم المعبرين عن وجه السلطة، فكان لهم مكانة اجتماعية رفيعة[25].

انضمام مصر إلى جانب الحجاز والشام إلي الدولة العثمانية كان يمثل إضافة قوية للدولة العثمانية وإعلانها القوة الاسلامية العظمي، إلي جانب تلك الإضافة الإقتصادية والسياسية بوجود الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى مما أدي الي إزدهار التجاري آن ذاك، ما سبق كان يمكن تصنيفه مرحلة القوة للدولة العثمانية، إلا أن الدولة العثمانية مرت بمرحلة ضعف خلالها سلاطين الدولة العثمانية، و نتيجة لذلك قوي سلطان المماليك حتي اصبحوا هم الحكام الفعليين لمصر، نتيجة لضعف السلاطين العثمانيين وقوة المماليك ظهرت محاولات قوية للإستقلال أبرزها عندما قام “علي بك الكبير” بمحاولة الاستقلال عن الدولة العثمانية، استطاع علي بك الكبير السيطرة على مصر كما حاول السيطرة على الشام والحجاز والتوسع على حساب الدولة العثمانية واستعان بذلك بروس إلا أنه فشل بسبب خيانة المماليك بقيادة “محمد بك أبو الدهب”، في هذه الفترة أصبحت الحامية العثمانية تابعة للمماليك، بل وصار الوالى العثماني لا يملك أي نفوذ ولا أي مكانة في الحكم، فأصبحت مصر تحت حكم العثمانيين صورياً وحكم المماليك فعلياً حتي أن المماليك كان لديهم القدرة على عزل الوالي دون أدني سبب واستمر الوضع حتي مجئ الحملة الفرنسية[26].

المبحث الثالث: مصر و تركيا في فترة ما بعد الحكم العثماني

يمكن تقسيم فترة العلاقات المصرية التركية منذ إنتهاء الحكم العثماني لمصر إلى ثورة 25 يناير 2011 إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: الإحتلال الفرنسي و الإحتلال الإنجليزي لمصر

ضعفت الدولة العثمانية وضعف سلاطين العثمانيون حتي أصبح حكم مصر منقسم بين “ابراهيم بيك” و”مراد بيك”، اثنين من المماليك استطاعوا فرض انفسهم على الدولة العثمانية، وانهمكوا فى نهب الثروات والصراعات الداخلية، ففي عام ١٧٩٨ وصل نابليون نحو البحر إلي مصر وداخلها بعدما استطاع تدمير الجيش المملوكي على سواحل الاسكندرية، و في النهاية استطاع نابليون دخول مصر وهو الأمر الذي شكل صدمة للمسلمين، كان احتلال نابليون لمصر هو الأول في تاريخ مصر، اول احتلال لها من دولة غير مسلمة، وهو امر لم يحدث حتى في الحروب الصليبية ، كان هذا دليل على حالة الضعف التى وصلت إليها الدولة العثمانية حيث أصبح حلفاؤها يهاجمون قلب الدولة العثمانية، لم يكتف الفرنسيون بمصر بل استغل نابليون وجوده في مصر وجهز جيشه وسار إلي الشام واستطاع نابليون انتزاع جزء كبير منها لكن لم يستطع نابليون فتح عكا بسبب مساعدة بريطانيا التى تعد هي أكبر الخاسرين من وجود فرنسا في مصر والشام ، استطاعت الدولة العثمانية إجراء تحالفات مع بريطانيا والروس ضد فرنسا في الوقت الذي اضطر فيه نابليون بالعودة إلى فرنسا لسوء الأوضاع فيها، الأمر الذي جعله يتخلي عن الشام، ونجح التحالف في إخراج فرنسا من مصر بعد أن قدمت مصر الآلاف من سكانها للمقاومة، بهذا فشلت المخططات الفرنسية لإقامة دولة حديثة تابعة لفرنسا في مصر وعادت مصر تابعة مرة آخرى لسيطرة الدولة العثمانية[27].

اضطربت احوال مصر بعد خروج الفرنسيين نتيجة الصراعات التي كان سببها طمع الحكام والولاه ومن تبقى من المماليك، و كانت فرنسا تحاول الدخول من الباب الخلفي لإحتلال مصر حيث كلف نابليون القنصل في مصر على البحث بين القادة العثمانيين عن من يستطيع إقامة علاقات وثيقة معه، وقع اختيار القنصل على القائد العثماني الواعد “محمد علي” الذي ارتبط معه بعلاقات وثيقة،   بعض المصادر تشير إلى أن الروس رأوا في محمد علي أنه عميل للدولة الفرنسية، و منذ اللحظة الأولى لتولي محمد علي حكم مصر استطاع إظهار مدى قوته حيث استطاع القضاء على الدولة الوهابية في شبه الجزيرة، وأرسل بعض قواته الى اليونان، كان يتطلع محمد علي بهذا أن يكون الرجل القوي في الدولة العثمانية إلا أنه لم يكن يرى في بلاط السلطان العثماني إلا كزراع قوي تابع للدولة العثمانية.

لم يلبث محمد علي طويلًا حتى شن حربًا على السودان ليضعها تحت حكمه، ثم جهز جيشه واستطاع ضم الشام بعدما تغلب على القوات العثمانية هناك وتوغل نحو الاناضول حتى كان قريبًا من القسطنطينية نفسها، تدخلت القوى العظمى لإيقاف زحف محمد علي بعدما أبرموا إتفاقية لندن التي كانت بمثابة غروب شمس محمد علي، لم يلبث محمد علي طويلًا حتى عزل من منصبه وتولى ابنه وقائد جيوشه ابراهيم باشا منصبه، يمكن القول ان خلال فترة محمد علي حدث انفصال بين مصر والعثمانيين انفصالاً كاملاً ولم تكن التبعية إلا تبعية اسمية تلك التبعية التي اختلفت عن تبعية المماليك الذين استطاعوا الإستقلال بالأمور السياسية فقط، أما محمد علي فقد استطاع الاستقلال سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا.

تتابع أبناء محمد علي حكم مصر والشام حتى وصل إلى عهد الخديوي اسماعيل الذي عزل بضغط اجنبي وبقرار عثماني، و تولى ابنه الخديوي توفيق حكم مصر والتي ظهر في عهده التدخل الأجنبي في مصر ومع قيام ثورة عرابي لمنع التدخل الاجنبي في مصر، بعث الخديوي توفيق إلى بريطانيا لمساندته ضد الشعب المصري نزلت القوات الإنجليزية إلى مصر واستطاعت هزيمة عرابي وإخماد ثورته في اللحظة الاخيرة.

كان نزول القوات الانجليزية إلى مصر بحجة حماية عرش الخديوي، ولم يتم إعلان أن مصر تحت سيطرة بريطانيا إلا أثناء الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا وفرنسا ضد الدولة العثمانية، رغم هذا أخذت العلاقات بين مصر والدولة العثمانية تسير على نحو جيد حيث تمسكت المقاومة الشعبية بتبعية مصر للدولة العثمانية اسميًا، ظهر ذلك في موقف السلطان العثماني “عبد الحميد الثاني” والحزب الوطني بقيادة “مصطفى كامل” في قضية طابا والعقبة الذي كان يساند السلطان مصر في إستعادة حقه مما أدى إلى إنزعاج التابعين لبريطانيا فى الحكومة المصرية مما أدى إلى اشتعال أزمة بينهم وبين مصطفى كامل والسلطان العثماني، لم يلبث الأمر طويلاً على استمرار العلاقات بين المقاومة المصرية ضد بريطانيا والدولة على نفس المنوال حيث كانت تزداد الأمور تعقيداً في القسطنطينية حتى أصبحت القضية المصرية شبه منسية، في نفس الوقت كان الإحتلال الإنجليزي يقوم بترسيخ مبادئه وتحجيم الصحافة وحبس المقاومون ضد احتلاله[28].

المرحلة الثانية: من 1922 إلى 1970

استقلت مصر عن الإحتلال الإنجليزى استقلال شكلي عام 1922، وكان هذا الاستقلال يمثل انقطاع تام لمصر عند الدولة العثمانية، في الفترة قبل عام 1952 لم تكن القضايا التي تشغل السياسة المصرية تلتقي مع الآخر التركي؛ ففي مصر كانت الفترة الليبرالية مستمرة لمدة ثلاثين عاما وقضيتها الأساسية كانت التحرر من الإحتلال الإنجليزى ومن ثم بدأت تدخل علي الخط مشكلة اسرائيل، في الوقت الذي كان فيه “مصطفى كمال أتاتورك” يعتبره الكثير من المفكرين هو صانع تركيا الحديثة، وذلك عن طريق أخذ تركيا إلى طريق المدنية والتقدم من خلال اتباع الغرب، في تلك الفترة كانت القضية الاساسية في تركيا هي ” صناعة الجمهورية ” أو ” القومية العلمانية “، فكانت تميل تركيا إلي خلع يدها من كل إرث عثماني، لذلك لم تكن هناك حدود مشتركة بين البلدين في تلك الفترة.

بداية من عام 1952 طغي على المشهد المصري حقبة القومية العربية والذي قادها “جمال عبد الناصر”، وقد غطت القومية العربية علي القومية التركية بشكل كبير، وخاصة في الوقت الذي سعت فيه تركيا لإقامة علاقات مع اسرائيل التي كانت العدو الأول للوجدان العربي، كذلك فقد كانت كلاً من مصر وتركيا بلدين رئيسيين من حيث الثقل والموقع الجعرافي في الحرب الباردة بين الإتحاد السوفيتي وأمريكا، فقد كانت تركيا من مؤيدي الاتحاد السوفيتى على الرغم من أنها تقع في أخطر منطقة نفوذ أوروبي ضد المعسكر الشيوعي، كذلك كانت مصر من قادة تصفية الإستعمار القديم، وقد بدأت الحرب مؤيدة لأمريكا ولكنها اضطرت بعد وقت إلى أن تصير ضمن النفوذ السوفيتي.

ما سبق لا يمنع من وجود محاولات لإنشاء العلاقات بين مصر وتركيا وكان ذلك عن طريق محاولات بسيطة، منها تخفيض تركيا لتمثيلها الدبلوماسى مع اسرائيل أثناء العدوان الثلاثى على مصر 1956، وذلك في عهد “عدنان مندريس”، ولكن سرعان ما انتكس هذا التغير عندما توترت العلاقات السورية التركية مما دفع سوريا للوحدة مع مصر، فتلك الحدود الملتهبة بين سوريا وتركيا دفعت تركيا لإرسال قواتها إلي الحدود السورية وكادت أن تكون حربًا، وبعد ذلك تعرضت تركيا للإنقلاب العسكرى علي مندريس وإعدامه في 1961، في الوقت الذي كانت فيه مصر تعاني من الهزائم المتتالية أمام اسرائيل، لذلك لم يفكر طرف منهما في إعادة إنشاء العلاقات [29].

المرحلة الثالثة: من 1970 إلي 2011

خلال عهد الرئيس السادات كان الوضع في تركيا و مصر يسمح بإقامة العلاقات من جديد؛ فكانت هناك العديد من الفرص التي كان من المتاح استغلالها، فمن جهة مصر كانت قد ابتعدت عن المعسكر الشيوعي و دخلت في المعسكر الأمريكي و أنشأت مصر علاقات مع إسرائيل و خسرت بعض علاقاتها مع العرب، و من جهة تركيا فإن النفط كان قد تم إكتشافه في العديد من البلدان العربية، و كانت كلا البلدين تشهدان بزوغ التيارات الإسلامية بداخلهما مما يمهد الطريق لإنشاء علاقات جيدة بين البلدين، إلا أن ذلك لم يحدث بسبب المشكلات الداخلية التي لم تسمح لكلا الطرفين بالتفكير في عودة العلاقات المصرية التركية من جديد، و تمثلت تلك المشكلات الداخلية في محاولة السادات الوصول إلى معاهدة سلام و معالجة الوضع الداخلي و الإقليمي خلال عقد السبعينات، و من جهة أخرى كان أيضا عقد السبعينات مضطرب في تركيا، فكان “سليمان ديميريل” في مواجهة مع اليسار التركي و معارك الشوارع و الطلاب و التي تم اختتامها لقيام إنقلاب عسكري في تركيا و اغتيال السادات في نفس العام 1981[30].

في فترة الرئيس حسني مبارك استمر الوضع من حيث عدم تفكير مصر و تركيا في إنشاء علاقات جديدة فيما بينهم، فلم يمكن الرئيس حسني مبارك ذو رؤى تؤهله للتفكير في إنشاء علاقات مع تركيا، و على الجانب الآخر كانت تركيا تعاني من العديد من المعارك السياسية و الحكومات الإئتلافية التي كانت تنهار سريعًا مما يمنع التفكير في استراتيجيات إنشاء العلاقات، كذلك فإن فترة الإستقلال التي عاشتها تركيا في عهد “تورجت أوزال” قد واجهت عقبة عالمية تمثلت في سقوط الإتحاد السوڤييتي و سقوط الشيوعية مما جعل تركيا تواجه العديد من التحديات الضخمة لم يكن من السهل معها الإلتفات لإقامة علاقات مع مصر، و ظل أوزال يواجه تلك التحديات و يحاول التأقلم معها في ظل تجاهل أوروبا له كأن مهمتها التي قامت بها خلال الحرب الباردة لم تكن، حتى مات في عام (1993 م) و عادت تركيا من جديد لعهد الحكومات الائتلافية، و من الجدير بالذكر أنه في الشهور المعدودة التي قضاها “نجم الدين اربكان” في حكم تركيا كان قد حاول الإقتراب من مصر ضمن مشروعه لتحالف الدول الإسلامية: تركيا، باكستان، مصر، بنجلاديش، ماليزيا، أندونيسيا، نيجيريا ، و كما يبدو فإن مصر هي الدولة العربية الوحيدة في ذلك التحالف، و لكن ذلك المشروع لم يُكتب له النجاح، فكما ذُكر سابقًا، قضى نجم الدين أربكان شهور معدودة في الحكم قبل أن يُطاح به عن طريق إنقلاب عسكري ناعم في عام (1997 م)[31].

من أبرز التحولات التي شهدتها السياسة الخارجية التركية كانت عند طريق حزب العدالة و التنمية الذي جاء بسياسات جديدة كان أهمها العودة إلى الشرق و إعادة العلاقات التركية العربية و الإسلامية، و قد ساعد تشكيل الحزب المنفرد بالحكومة على بقاء الحزب و عدم تعرضه لفخ الحكومات الائتلافية، في عام (2007م) نجح الحزب في التخطيط لزيارة للرئيس حسني مبارك إلى أنقرة و كانت حول التعاون في مجال الطاقة و الأمن الإقليمي، و في تلك الفترة أقامت مصر و تركيا العديد من الإتفاقيات التجارية إلا أن العلاقة لم تتطور لتشمل التعاون السياسي[32].

أصبح التوسع التركي في الشرق الأوسط يثير المخاوف المصرية، و خاصة أن الجذور الإسلامية لحزب العدالة و التنمية كانت تسير على تيار ما يحاول تحجيم أنشطته الرئيس حسني مبارك حيث كان الإخوان المسلمين هم المعارضة الأقوى التي يواجهها النظام المصري، و لم يكن ملف الإخوان المسلمين هو الملف الوحيد الذي يثير المخاوف المصرية، فكانت هناك أيضا القضية الفلسطينية و التي شكّلت أزمة مكتومة بين مصر و تركيا، فقد حرصت تركيا على التأكيد أنها ليست بديلاً لأحد ولا تحاول التدخل في مساحة نفوذ أحد، و لكنها تحاول دعم و مساندة مصر و الجامعة العربية فيما يخص القضية الفلسطينية، كذلك فإن تركيا تفخر بأنها كانت طرفاً وسيطاً بين معسكري “الإعتدال” و “الممانعة” في ذلك الوقت، و كانت أبرز التصريحات في ذلك الوقت تشير إلى أن تركيا لا تحاول لعب دور سياسي و إنما تحاول المساعدة في حل المشكلات، لذلك كانت السياسة المصرية تجاه تركيا باطنها العديد من المخاوف تجاه الدور التركي في الشرق الأوسط و ظاهرها اللامبالاة[33].

الفصل الثاني: تأثير ثورتي 25 يناير و 30 يونيو على العلاقات المصرية التركية

المبحث الأول: أثر ثورة 25 يناير 2011 على العلاقات المصرية التركية

المبحث الثاني: أثر ثورة 30 يونيو 2013 على العلاقات المصرية التركية

تمهيد:-

تشهد مصر على مدار تاريخها الطويل العديد من الثورات والإنقلابات التي تأثرت بها البلاد والشعب المصري، ومن أبرز هذه الثورات: ثورة 1919: وقعت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ثورة 1952: قام بها ضباط الجيش المصري بقيادة جمال عبد الناصر، وقد تم الإطاحة بالملك فاروق وإعلان الجمهورية، وتم إجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة في البلاد، ثورة 2011: وقعت في إطار ما عرف بـ “الربيع العربي”، حيث خرج المصريون في مظاهرات حاشدة للمطالبة بإسقاط نظام حسني مبارك، وتم إجراء انتخابات ديمقراطية لاختيار الرئيس الجديد، إلا أن البلاد شهدت اضطرابات سياسية واقتصادية وأمنية في السنوات التي تلتها، و أخيرا ثورة 30 يونيو 2013 وقعت بعد أن خرج المصريون في مظاهرات حاشدة للمطالبة بإسقاط الرئيس محمد مرسي، وتم إعلان رئاسة عدلي منصور لمصر، وتشكيل حكومة انتقالية لإجراء انتخابات جديدة.

وتعد هذه الثورات محطات مهمة في تاريخ مصر وشهدت تغييرات كبيرة سواء داخل البلاد أو خارجها عن طريق علاقاتها الخارجية. و في هذا الفصل يتم التركيز على النتائج المترتبة على كلا من ثورة 25 يناير 2011 و 30 يونيو 2013 التي انعكست على السياسة الخارجية لمصر و خاصة تجاه تركيا، و كيف كانت التغيرات السياسية في مصر ذات أثر على مدى التقارب أو التباعد بين البلدين.

  • و ينقسم ذلك الفصل إلى مبحثين:

المبحث الأول: أثر ثورة 25 يناير 2011 على العلاقات المصرية التركية

المبحث الثاني: أثر ثورة 30 يونيو 2013 على العلاقات المصرية التركية

المبحث الأول: أثر ثورة 25 يناير 2011 على العلاقات المصرية التركية

ثورة 25 يناير 2011 كانت حركة احتجاجية شعبية في مصر، تهدف إلى إسقاط النظام الحاكم بقيادة الرئيس حسني مبارك الذي حكم البلاد لمدة 30 عامًا، بدأت الحركة الاحتجاجية في 25 يناير 2011 وتواصلت حتى 11 فبراير 2011، حيث تم إجبار مبارك على الإستقالة، تسبب الفساد والقمع وانتهاكات حقوق الإنسان والفقر والبطالة وارتفاع أسعار الغذاء والوقود والمنتجات الأساسية في زعزعة ثقة المواطنين في النظام الحاكم، ودفعتهم إلى النزول إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء البلاد، بدأت المظاهرات بشكل سلمي في البداية، ولكن بعد فترة وجيزة تحولت إلى أعمال عنف واشتباكات مع قوات الأمن، استخدمت الشرطة والجيش القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل العديد من المتظاهرين وإصابة آلاف الآخرين، لكن تحركات المتظاهرين والضغوط الدولية ودعم الإعلام المحلي والدولي، جعلت من الصعب على النظام الحاكم الصمود في وجه هذه الحركة الشعبية الواسعة النطاق. وبعد 18 يومًا من المظاهرات، أعلن الرئيس مبارك استقالته وتسليم السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ثورة 25 يناير 2011 كانت حركة شعبية ملحمية، جمعت بين الثوار والشباب والعمال والمزارعين والمثقفين والفنانين والنساء، وكانت تهدف إلى إنهاء عقود من الاستبداد والفساد والقمع والاستغلال والفقر، كما أنها أثرت على مصر والمنطقة بشكل كبير، فقد كانت الثورة مفتاحًا لبدء مرحلة جديدة في تاريخ مصر، وهي مرحلة التحول الديمقراطي، ولكن مع الوقت بدأت التحولات السياسية والاقتصادية تواجه تحديات كبيرة، مما أدى إلى حدوث صراعات سياسية واجتماعية متزايدة في البلاد، تمتلك الثورة العديد من النجاحات والإنجازات، فقد تم إسقاط نظام الحكم السابق وتحرير المجتمع المصري من رهان الخوف والقمع، كما تم القضاء على الفساد والاستبداد والانتهاكات الحقوقية التي كانت ممارسة من قبل النظام السابق[34].

الفترة التي أعقبت ثورات الربيع العربي في 2011 شهدت تغيرات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط و التي ألقت بظلالها على العلاقات المصرية التركية لما تتمتع به الدولتين من أهمية تاريخية و جيوسياسية و ثقل دولي و إقليمي، واجهت السياسة الخارجية التركية تحديات كبيرة نتيجة التطورات التي صاحبت إندلاع الربيع العربي في 2011 خاصة و أنها وضعت الدبلوماسية التركية بين اختيارين أولهم مساندة الجماهير التي انتفضت لإسقاط أنظمتها السياسية و محاولة إرساء الديموقراطية، و إما الحفاظ على تحالفاتها و علاقاتها الوثيقة مع هذه الأنظمة من ناحية أخرى، و قد شكل ذلك تحديا كبيرا لمبدأ السياسة الخارجية التركية الأساسي و هو عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخري[35].

على الرغم من التذبذب الذي شهده الموقف التركي تجاه الثورة التونسية و الليبية إلا أن الحال كان مختلف فيما يتعلق بالثورة المصرية، فقد ظهر لتركي موقفًا واضحًا تجاه الثورة المصرية منذ اندلاعها، و قد ظهر ذلك بوضوح من خلال التصريحات الرسمية للمسئولين الأتراك خلال الفترة من 25 يناير حتى 11 فبراير، كان أبرزها الخطاب الشهير الذي وجهه أردوغان لحسني مبارك في الأيام الأولى للثورة المصرية يطالبه بالإستماع لرغبة شعبه، كما أضاف أردوغان أن التمسك بالسلطة ضد رغبة الشعب عملا غير عاقل ولا أخلاقي، و أكد أن الديموقراطية لا تأتي بالراديكالية و الفوضى، كل ذلك في الوقت الذي كانت فيه ردود الأفعال الدولية تتسم الحذر فيما يخص الثورة المصرية، و ذلك ما يؤكد أن العلاقات بين مصر و تركيا قبل ثورة 25 يناير كان باطنها التوتر خاصة مع تزايد الدور التركي في الشرق الأوسط و الإنتقادات التي وجهتها تركيا لمصر فيها يتعلق بقضية غزة[36].

الموقف الذي اتخذته تركيا أعلن صراحة انحياز تركيا إلى صف الثوار المصريين، و قد تم تأكيد ذلك الموقف من خلال زيارة الرئيس التركي في ذلك الوقت “عبدالله جول” في 3 مارس 2011 و ذلك في مقر السفارة التركية في القاهرة، و كان أول رئيس يزور مصر بعد شهر من تنحي مبارك، و في تلك الزيارة التقى عبدالله جول بالمشير حسين طنطاوي (رئيس المجلس العسكري الحاكم في الفترة الإنتقالية)، و أكد الرئيس التركي على دعم تركيا للإقتصاد المصري حتى يعبر المرحلة الإنتقالية من خلال دعم السياحة، و تحدث جول عن التجربة التركية المشابهة للتجربة المصرية في التحول للديموقراطية، و أكد على ضرورة الإنتقال السلمي للسلطة من خلال انتخابات حرة و نزيهة،و قبل نهاية العام تحديدا في 12 سبتمبر 2011 قام أردوغان بزيارة لمصر بصحبة 208 رجال أعمال أتراك، و قد التقى بالمشير طنطاوي و شيخ الأزهر وسط ترحيب شعبي كبير، و جاءت هذه الزيارة في إطار محاولة أردوغان تعزيز شخصيته الإقليمية و تعزيز مكانة تركيا كنموذج نحو الديموقراطية، موضحا أن تركيا تدعم الثورات العربية و تساندها للوصول إلى أهدافها، و في شهر ديسمبر من نفس العام جرت مناورات بحرية مشتركة بين القوات البحرية المصرية و القوات البحرية التركية، و استمرت لعدة أيام داخل ميناء إكساز الحربي و المياه الإقليمية التركية بمشاركة العشرات من القطع البحرية المصرية و التركية[37].

في 16 و17 يونيو 2012 جرت الانتخابات الرئاسية التي تمثلت نتائجها في فوز محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين بفارق بسيط منافسه أحمد شفيق، رئيس الوزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. وتولى مرسي منصب الرئاسة في مرحلة تسودها الفوضى والاضطرابات وكانت البلاد تواجه مستقبلا غامضاً، في الوقت الذي كانت فيه تركيا في ظل حزب العدالة و التنمية، لذلك وجد كلا الطرفين في الآخر سنده الأقوى و أمله المنشود، كان وصول محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين للحكم يفتح الطريق أمام تركيا لتكوين خريطة جديدة في الشرق الأوسط، فطمحت تركيا في أن تمثل إلى جانب مصر ثقلًا إقليميًا غير مسبوق منذ مائة عام على الأقل، و كان الإخوان المسلمين في حاجه أكبر لتركيا، فلقد كان نموذج أردوغان ملهمًا لقطاعات الحركات الإسلامية المختلفة في العالم العربي، و يمكن إعتبار أن النموذج التركي هو النموذج المطلوب الذي أحب الإخوان المسلمين تنفيذه منذ اليوم الأول لحكمهم، فكان مرسي متشوقاً لتجربة تثبت وجهة نظر الإخوان في أن الإصلاح ممكن من خلال الدخول في العملية السياسية، كذلك فإن فترة حكم الإخوان لمصر كانت في أجواء إقليمية معادية للثورات فقد عاني الإخوان من إيجاد حليف لهم، فكيف إذا كان الحليف بقوة تركيا وأهميتها في الشرق الأوسط…..

  • خلال التركيز على دراسة العلاقات المصرية التركية في ظل حكم الإخوان المسلمين لمصر، لابد من تناول مختلف جوانب تلك العلاقة التي باتت في أفضل أحوالها في تلك الفترة، و بشكل خاص التالي:-

أ.العلاقات السياسية:

إن العلاقات السياسة بين تركيا ومصر باتت أفضل من سابقتها، بمعنى أنه في ظل حكم حزب العدالة والتنميـة كـان هناك نقلة نوعية في العلاقات فيما بين البلدين، فتخلل هذه العلاقات زيارات متبادلة بين البلدين، منها زيارة الرئيس التركي عبد الله جول إلى مصر بعد قيام الحراك الشعبي المصري في عام 2011 ؛ وذلك في سبتمبر 2011، وناقش فيها سبل دعم التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري بين البلدين في ظل الظروف التي شهدتها مصر، والتداعيات والأحداث المتلاحقة لعدد من دول المنطقة، وتعزيز الشراكة المصرية التركية في العديد من المجالات، وأكد أيضا حرص بلاده على تقديم الدعم القوى لمصر خلال المرحلة الانتقالية، وزيادة أفاق التعاون معها في ظل الصداقة المتميزة التي تجمع الشعبين الشقيقين، ومثل هذه الزيارات المتبادلة بين البلدين تؤكد أن العلاقات ليست وليدة اللحظة، إنما هي علاقات تاريخية عريقة، وإن حدثت تغيرات داخلية أو إقليمية أدت إلى توتر واختلاف في وجهات النظر من الطرفين، لكنها لم تصل إلى حد القطيعة، وخاصة من الناحية الاقتصادية لوجود علاقات اقتصادية قوية فيما بينهم، و قد جاء الإعتداء الإسرائيلي على غزة خريف عام 2012، ليضفي مزيداً من فرص التقارب التركي المصري على المستوى الإقليمي، لا سيما مع التغير اللافت في الموقف المصري إزاء ذلك الاعتداء، تحت قيادة الرئاسة الجديدة ( الرئيس محمد مرسي ) عنه في ظل حكم الرئيس السابق حسني مبارك[38].

ب.العلاقات الاقتصادية :

تطورت علاقات تركيا الاقتصادية مع الدول العربية في مطلع القرن الحادي والعشرين، لا سيما في مجالات نقل الغاز الطبيعي، وإنشاء شبكة ناقلة للكهرباء ضمت تركيا وسوريا والأردن ومصر، فجسد وصول حزب العدالة والتنمية ” إلى السلطة في تركيا، لحظة تاريخية تبلورت فيها قطاعات واسعة من طبقة رجال الأعمال الجدد من المستوى المتوسط والصغير لهم مصلحة مادية في الانفتاح على الشرق الأوسط لتسويق منتجاتهم ذات الميزة النسبية المتدنية في الغرب.

زادت الاستثمارات التركية في مصر زيادة واضحة، حيث بلغ عدد شركات المستثمرين الأتراك العاملة في مصر 290 شركة في أواخر عام 2009، وتجاوبًا من الحكومة المصرية مع هذه العلاقات الاقتصادية المتعمقة يوما بعد يوم، فقد خصصت للمستثمرين الأتراك منطقة صناعية خاصة عند المنتدى الاقتصادي المصري – التركي في 2011، بحضور نحو 500 مـن رجـال الأعمال المصريين والأتراك لبحـث تفعيل علاقات التعاون الاقتصادي في مختلف المجالات، وتدشين مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي، وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن رغبته في زيادة حجم التبادل التجاري إلى خمسة مليارات دولار خلال عامين، علي أن تصل إلي 10 مليارات دولار خلال أربع سنوات، موضحاً أن الجانبين سيعملان معاً على تحقيق هذا الهدف الكبير من خلال إزالة كل المعوقات التي يواجهها رجال الأعمال من كلا الجانبين، بلغت صادرات مصر لتركيا خلال عام 2011، نحو 1.4 مليار دولار لتحقق زيادة نسبتها 50 % عن عام 2010، بينما سجلت واردات مصر من تركيا نحو 2.7 مليار دولار خلال عام 2011، أيضا  التقى المهندس محمود بلبع وزير الكهرباء والطاقة المصري في  2012  حسن عوني بوصطالي سفير تركيا لدى القاهرة ووفد رجال الأعمال الأتراك المرافق له، لمناقشة سبل دعم التعاون الثنائي المصري التركي في مجالات الكهرباء والطاقة ، وأتفق الطرفان على تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين للتعاون في تنمية استخدام الطاقات المتجددة من خلال تبادل الخبرات والمعلومات، ودعم الاستثمار في مجالات الكهرباء[39].

و أعلنت تركيا استعدادها لمساعدة مصر فنيًا في التعامل مع السوق الأوروبية المشتركة، مع تقديم الخبرة التركية لمصر في هذا المجال، تشكيل لجنة فنية تضم الجانب المصري والتركي لتدرس أوجه التعاون في مجال التبادل التجاري بين البلدين، وتحديد الاحتياجات المتبادلة بين البلدين، ودراسة كيفية زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر، وكان مسار مصر منذ عام 2005 اقتصاديًا مع تركيا في تصاعد بلغ قمته في عام 2010، مع زيارة وزير التجارة التركي نيهات أورجون، وشملت 100 من رجال الأعمال الأتراك، و قد كانت بورصتا مصر وتركيا على وشك توقيع  اتفاق ربط وكان مقررًا تنشيئه رسميا في عام 2012، إلا أن الأوضاع السياسية في البلدين أدت إلى تجميد المشروع [40].

ج.العلاقات العسكرية:

كان هناك علاقات عسكرية مشتركة خلال هذه الفترة مثل: مناورات ( بحر الصداقة ) و التي بدأت في عهد الرئيس مبارك عام 2009، وتم تجديدها في عهد الرئيس محمد مرسي عام 2013، حيث أقيمت فعاليات التدريب البحري المشترك ( بحر الصداقة عام 2011 )، والذي نفذته القوات البحرية المصرية بالتعاون مع نظيرتها التركية، واستمرت لعدة أيام داخل ميناء اكساز الحربي والمياه الإقليمية التركية، و قد شارك في التدريب عشرات القطع البحرية من الجانبين المصري والتركي من طرز مختلفة، بالإضافة إلى عناصر الصاعقة البحرية  التي نفذت أكثر من 23 نشاطًا وبياناً ومهمة قتالية تمثل مختلف مهام القوات البحرية سلماً وحرباً ، وتنفيذ معركة تصادمية بين القوات، بالإضافة إلى التدريب على تنظيم جميع أنواع الدفاعات بالبحر والتصدي للتشكيلات المعادية، والرماية بالذخيرة الحية تحت نشاط العدو الجوي والكيماوي والإلكتروني، ذلك وحضر إحدى المراحل الرئيسية للمناورة قائد القوات البحرية المصرية وقائد القوات البحرية التركية، وعدد من قادة القوات البحرية من الجانبين، واكد قائد القوات البحرية حال مراحل المناورة البحرية المصرية التركية  أن رجال القوات البحرية المصرية بما يملكونه من تدريب راق، و وحدات وأسلحة بحرية حديثة يمارسون مهامهم بكل حزم لحماية سواحل مصر ومياهها الإقليمية، ومشاركة أجهزة الدولة المختلفة في تحقيق التنمية الشاملة في تأمين جميع موانئ مصر ضد أية أعمال عدائية خارجية وداخلية، وتم الإتفاق على أن هذه التدريبات المشتركة تتم بشكل دوري بين مصر وتركيا، وفقًا لعلاقات التعاون العسكري بين البلدين.

د.العلاقات السياحية :

تعد تركيا إحدى أبرز الدول المنافسة لمصر سياحيًا، ورغم هذا قوبلت دعوة رئيس وزراء تركيا بضرورة إقامة تعاون مشترك في قطاع السياحة بين البلدين بترحاب كبير من جانب الخبراء ومستثمري القطاع، والذين أكدوا على أهمية هذا التعاون في لأسباب عديدة، أهمها الاستفادة من التقدم والتطور التركي في هذا القطاع، خاصة في مجالات التنشيط السياحي، وتقديم الخدمات إلى جانب التكنولوجيا المتمثلة في أعمال البنية التحتية، ويأتي علي رأسها المطارات، بالإضافة إلى حرص القائمين على القطاع في مصر على استغلال أي فرصة من شأنها عودة القطاع لسابق عهده، ما يعني عودة الحياة من جديد للاقتصاد القومي، والذي تسهم السياحة فيه بما يعادل 12 % من الدخل القومي، والسبيل لهذا قد يكون التعاون مع دولة رائدة في هذا المجال حتى وان كانت منافسة لها، حيث من السهل أن تتحول هذه المنافسة إلى مجالات مشتركة للتعاون بشرط أن يكون هذا التعاون قائماً على الاستفادة المتبادلة والمتوازنة، وتم الاتفاق بين الطرفين على تفعيل بروتوكول للتعاون السياحي المشترك بين  مصر وتركيا، فيما يتعلق بالتنمية السياحية، وطرح برامج سياحية مشتركة لزيارة البلدين في رحلة واحدة إلى الأسواق البعيدة لكل من أستراليا والولايات المتحدة واليابان، و قد قامت الحكومة المصرية بتسهيل إجراءات الحصول على تأشيرة الدخول لعدة دول، وعلى رأسها تركيا، حيث أعلنت المستشارة السياحية لمصر في تركيا أن السياح القادمين من تركيا سواء كانوا فرادي أو على شكل مجموعات سياحية، أصبح بإمكانهم الحصول على التأشيرة بمجرد دخولهم مطار القاهرة [41].

  • و ذلك الجانب من العلاقات المصرية التركية في ظل سيطرة الإخوان المسلمين على حكم مصر هو ما يفسر تلقيب بعض الباحثين لتلك الفترة بأنها الفترة الذهبية للعلاقات المصرية التركية.

المبحث الثاني: أثر ثورة 30 يونيو 2013 على العلاقات المصرية التركية

في عام ٢٠١٣ زاد الخلاف بين جماعة الإخوان وبين جميع فئات الشعب الغير منتمين لجماعة الإخوان كما زادت مشاكل الجماعة مع مؤسسات الدولة والقضاء والإعلام والشرطة والجيش، ومع زيادة المشاكل التي عاني منها أفراد الشعب المصري من انقطاع الكهرباء وانقطاع الماء لفترات طويلة ومشاكل أنابيب الغاز وغيرها من الخدمات، ازدادت الفجوة بين جماعة الإخوان وباقى الشعب المصري الأمر الذي ظهر بوضوح في توقيعات حركة التمرد في جميع انحاء مصر، ردت الجماعات الإسلامية على حركة التمرد بجمع توقيعات لحركة اخرى سميت تجرد، للرد على حركة تمرد لكن ظهر الفارق بين الحركتين في تفوق حركة تمرد فى التوقيعات التي جمعتها، بعد ما تفوقت حركه تمرد على حركه تجرد بدأت جماعة الإخوان في توجية الإتهامات إلي الجيش المصري على أنه طرف في المعادلة، تحدث قائد الجيش عبد الفتاح السيسي في ذلك الوقت على أن هناك أطراف تحاول إدخال الجيش المصري في السياسة وهو أمر مرفوض، بعد طلب فئات الشعب من الجيش النزول استلام السلطة من الإخوان تحدث عبد الفتاح السيسي بالنيابة عن الجيش في عهد المناسبات العسكرية أن هذا يعني انقلاب وان الانقلاب يعود بمصر الى 100 عام للخلف، يوم 30 يونيو تجمع عدد كبير من معارضي مرسي في ذكرى توليه الحكم مطالبين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة رافضين لحكم الإخوان المسلمين،  فيما خرج مؤيدين جماعة الإخوان في أماكن مختلفه أبرزها رابعة العدوية و النهضة، أما في القاهرة قامت حركة تمرد بإظهار التوقيعات التي حصلت عليها مطالبة بعزل محمد مرسي من منصبه، استمرت التوترات في البلاد إلي يوم 3 يوليو حيث اجتمع مسؤول القوات المسلحة المتمثلة في “عبد الفتاح السيسي”  مع قوة شعبية ودينية وسياسية لبحث الحالة العامة في مصر ليخرج ببيان يعلن فيه تعطيل الدستور عام 2012 مع تشكيل لجنة لمراجعة الدستور، تسليم السلطة إلي المحكمة الدستورية العليا الأمر الذي يعني عزل محمد مرسي من منصبه ودعوة المحكمة الدستورية العليا الى ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتشكيل حكومة وطنية كفء لإدارة البلاد.

تمثلت أسباب ثورة المصريين على حكومة الإخوان والغضب منهم الذي ظهر في الشارع المصري بشكل عام في عده نقاط اهمها محاولة جماعة الإخوان السيطرة على مؤسسات الدولة وأخونة المؤسسات الأمر الذي رفضه كافة فئات الشعب المصري، لم تخلو مصر في فترة حكم الإخوان من المشاكل وظهر ذلك في المشاكل الدبلوماسية وبناء السد الأثيوبي والأزمات الأقتصادية والعجز في الأنابيب والبنزين والماء والكهرباء، بالإضافة إلى سوء حالة الأمن تحت حكم مرسى و قتل 16 من حرس الحدود في سيناء واختطاف 7 من أفراد الأمن المصريين أدت الأسباب السابقة الى سحب الثقة من حكومة الأخوان وعزل الرئيس السابق محمد مرسي من منصبه.

  • السياسة الخارجية لتركيا تجاه الشرق الأوسط مبنية في الأساس على حلم الخلافة العثمانية الذي عاد من جديد إلى ذهن الرئيس التركي أردوغان، لذلك أولا سيتم شرح ما المقصود بحلم الخلافة العثمانية:-

حلم الخلافة العثمانية

حلم أردوغان في الخلافة ينبع من نظرة مثالية إلى روعة الإمبراطورية العثمانية وقدرتها الواسعة على التأثير على الديناميكيات السياسية في أوروبا وأسيا، لذلك يريد استعادة مجد الإمبراطورية العثمانية السابقة لتحقيق نفوذ سياسي أكبر ليس فقط في الدولة التركية، ولكن أيضًا في البلدان والأقاليم التي كانت في السابق جزءاً من الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط وأوروبا، وتظهر رغبة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في إقامة الخلافة التركية بشكل واضح في خطاباته والخرائط التي تشمل تركيا الجديدة والتي تضمن أجزاء من شمال سوريا حتى اللاذقية، ومنطقة الموصل في العراق، وتمتد إلى ما وراء حدود الجزء الأوروبي من تركيا عبر مضيق البوسفور، إلى أجزاء من بلغاريا[42].

لم يكتفي الرئيس التركي اردوغان بالخطابات ونشر الخرائط التي تتضمن أجزاء جديده كانت تحت إمارة الدولة العثمانية، و لكن بدأ في العمل على أرض الواقع حيث اصبحت مليشياته في شمال سوريا تعمل جنباً إلى جانب، تلك المليشيات التي تعمل بالوكالة عنه ضد نظام الرئيس بشار الأسد، بينما تقاتل أيضاً الأكراد المشتبة في أنهم يساعدون حركة حزب العمال الكردستاني التركية التي تسعى إلى الحكم الذاتي بحجة الحرب على حزب العمال الكردستاني، غزت القوات التركية شمال العراق وأعلنت أنها منطقة خاضعة لنفوذها، واستطاعت القوات التركية تدريب التركمان العراقيين ليكونوا مقاتلين بالوكالة لها في المستقبل، يدعم الرئيس التركي أيضاً الجماعات الإرهابية والمتطرفة في جميع أنحاء المنطقة؛ فعلاقات أردوغان المشبوهة والغامضة مع العديد من المنظمات الإرهابية مثل حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني وحزب الله وهيئة تحرير الشام وتنظيم داعش و تلك الجماعات  تتماشى مع سياسة اردوغان مع السياسات الاقليمية للجماعات المتطرفة التي تدعي الإسلام وترى في اردوغان خليفة لهم ويظهر ذلك في تحويل عدد كبير من الكنائس ودور العبادة المسيحية إلى مساجد، النظر إلى تركيا أثناء تولي اردوغان الحكم عام 2003 كانت تركيا دولة علمانية وحديثة الى حد كبير لكن بعد مرور 17 عاما على حكمه اصبحت تركيا مختلفة اختلافاً كلياً عن توليه الحكم لها.

هناك دائما كلام يقال أن حلم رجب طيب اردوغان هو إحياء الخلافة العثمانية مرة اخرى، الإ أن هناك بعض المؤيدين لاردوغان الذين يزعمون أن هذا كلام معارضي أردوغان وليس حقيقة، خلال ثورات الربيع العربي اتحد اردوغان مع جماعة الإخوان المسلمين الذين يعتبرون هم  اكثر فصيل سياسي مهووس بحلم الخلافة، ورغم انتهاء حكم الإخوان في مصر الإ ان تركيا تعد قبلة للمعارضين المصريين منذ عام 2013 بسبب موقفها من النظام المصري الجديد آنذاك، ما بين إعلاميين وأعضاء أحزاب سياسية، وبالطبع أفراد جماعة الإخوان المسلمين لهذا اعتمد اردوغان أن في خطته لحلم الامبراطورية العثمانية على تمكين حركات الإسلام السياسي لإستغلالهم الدين وشعبيتهم الإسلامية التي يملكونها حيث قام بالدعم المالي والسياسي لهم للحصول على ما يتمناه بتكلفة أرخص من تكلفة الحرب عن طريق السيطرة على أنظمة الحكم في الدول التي قامت فيها الثورات الربيع العربي[43].

كان اردوغان اكثر الداعمين لاستمرار حكم الاخوان المسلمين في مصر وكان يؤيد استمرار الرئيس السابق محمد مرسي في حكم مصر وكان ضد ثورة 2013 ووصف الثورة المصرية انقلاب على الرئيس وعلى الحكم الإسلامي، وبدأت تركيا في التصريحات أن إعلان الجيش توليه حكم البلاد وتبادل الإتهامات حيث قال أردوغان إن إسرائيل تتحمل مسؤولية دعم الحراك الذي أدى إلى عزل مرسي.

جاءت هذه التصريحات علي لسان رجب طيب أردوغان في اجتماعه مع قادة محليين في حزب العدالة والتنمية، قال خلاله أردوغان أن “لديه توثيقا” يثبت صحة هذا الإتهام، لكنه لم يذكر أبداً طبيعة هذا التوثيق، وكانت تصريحات أردوغان بمثابة شرارة التي أدت الى نشوب الخلاف بين مصر وأنقرة حيث قام اردوغان بسحب السفير التركي من مصر ورغم أنه أعاده في نفس السنة إلا أن مصر قالت أن التواجد الدبلوماسي التركي لن يساهم في عودة العلاقات بين مصر وتركيا، ومع استمرار تدهور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قامت مصر باستدعاء السفير التركي وأعلنت أنه غير مرغوب فيه في مصر مما يعني مغادرة البلاد هو نفس الشيء الذي قامت تركيا بفعله مما أدى إلى حدوث قطيعة دبلوماسية بين البلدين .

ولكن الخلاف السياسي وتدهور العلاقات من 2013 لعام 2020 بين البلدين سياسيا لم يمنع البلدين من الإتفاق الاقتصادي حيث ان رغم الاختلاف بين البلدين الى أن التبادل التجاري بينهما لم يسبق له مثيل وتعد أنقرة اكبر وجهة للصادرات المصرية وخامس أكبر مصدر الواردات المصرية، ومصر تعد رابع أكبر مستورد للبضائع التركية، هذه هي ارقام عام 2020 وهو عام الذروة في الصراع، وفي عام 2014 أعلنت أنقرة عن استقبالها لجماعة الاخوان المسلمين في نفس الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة المصرية جماعة الاخوان جماعة ارهابية، ويظهر تدفق المعارضين للحكم في مصر إلى أنقرة عندما حدث الضغط الخليجي على قطر بسبب استقبالها لثلاثة من المعارضين المصريين، بعد خضوع قطر وترحيله كانت الوجهة الى أنقرة، وكان هذا المناخ المعارض سبب في خلق مجموعة من القنوات التي تهتم بمعارضة النظام المصري تحت اي سبب، و مع حدوث التقلبات الاخيرة هناك تخوفات من جانب المعارضين أن يتم ترحيلهم الى مصر.

واستمرارا لحلم الخلافة ربطت علاقة قوية بين أردوغان وحماس في فلسطين الذي تستخدم تركيا في أمور تمويلها، كما حدث تقارب كبير بين تركيا وقطر التي أتاحت له قاعدتين عسكريتين في الخليج ، أما في منطقة المغرب العربي دعم أردوغان حزب النهضة التونسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، في ليبيا فقد عقد أردوغان العديد من الإتفاقيات مع رئيس حكومة الوفاق، استطاع أردوغان أن يوسع من نفوذ تركيا الخارجي بشكل كبير[44].

  • و كان هناك عدد من القضايا التي شغلت العلاقات المصرية التركية في تلك الفترة و زادت من توتر العلاقات و تدهورها، و يمكن الحديث عن تلك القضايا بداخل تقسيم أهم جوانب العلاقات المصرية التركية في تلك الفترة كالتالي:

أ.العلاقات الاقتصادية:

أزمة تقسيم الغاز في الشرق الأوسط ….لأعوام من التوتر بين أنقرة ومصر لم يلن فيها قلب أحدهم على الآخر إلا بعد عجز أنقرة من التنقيب في الجرف القاري لجيرانيها اليونان وقبرص، لم تجد أنقرة غير مغازلة مصر بعد أن جربت التصعيد والحرب الاعلامية.

منذ عام 2009 وصل حجم الاكتشافات فى شرق المتوسط الى قرابة 2100 مليار متر مكعب، الأمر الذى يجعل من التنافس على حقول الغاز أمرًا استراتيجيًا، عام 2010 أجريت هيئة البحث الجيولوجي الامريكية تنقيبات وأصدرت تقرير عن وجود كميات هائلة وضخمة جدا من الغاز والنفط الغير مكتشف بعد والذي يقدر قرابة 133 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، بدأت الشركات الاجنبية في زيادة عمليات التنقيب في المنطقة ومع الإكتشافات الهائلة في منطقة شرق المتوسط أصبحت محط أنظار كبار الدول الاجنبية، لذلك نجد ان مؤشر الصراع على الغاز أثر على تأجيج الصراعات  والنزاعات بين دول المنطقة حول تقسيم الحدود والتقسيم والتنقيب، و قد أدى اكتشاف رواسب الغاز الطبيعي الضخمة في السنوات العشر الماضية إلى تغيير إمدادات الطاقة في المنطقة، وإقامة تحالفات بين دول عرفت بأنها دول ليست على وفاق؛ فهناك تعاون بين مصر وإسرائيل وتعتقد اليونان وقبرص وغيرهما أن الغاز يمكن أن يساعدهما في الإستغناء عن الوقود الملوث مثل الفحم، الهدف الأول لمصر هو توفير الوقود لدفع الاقتصاد، كما يعتقد بعض المسؤولين التنفيذيين في مجال الطاقة أنهم سيكونون قادرين على ضخ إمدادات الغاز إلى جنوب أوروبا، مما يقلل من اعتماد المنطقة على روسيا، لكن تركيا قد تعرقل هذه الطموحات، فقد ردت أنقرة على استبعادها من تعاون الجيران، بإرسال البحرية التركية لترهيب سفن الحفر التابعة لشركات النفط الدولية وإرسال سفن التنقيب الخاصة بها، ولإكساب عمليات التنقيب المشروعية القانونية اتجهت الدول لترسيم حدودها البحرية، وفي هذا الإطار وقعت مصر وقبرص إتفاقية لترسيم الحدود البحرية عام 2013، ومن الناحية التركية، فقد كثفت عملية التنقيب في غرب قبرص التي تسيطر عليها أنقرة ولكن لا يوجد اعتراف دولي بسيطرة أنقرة عليها إلا من قبل تركيا نفسها  وتقول حكومة جمهورية قبرص إن تركيا طالما انتهكت حقوقها الحصرية في الحفر في المنطقة، مشيرة إلى أن تركيا لا حق لها في التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحلها، و لكن تركيا لا تقر بما تقوله حكومة جمهورية قبرص وتقول إنها تكثف حملاتها لاستكشاف النفط والغاز في نطاق أراضيها، وتزعم أن أعمال الحفر التي تقوم بها تحدث داخل الجرف القاري لها، بمعني أنها لا تخالف القانون الدولي[45].

وتعد قضية تقسيم المياه بين اليونان وتركيا مسألة معقدة حيث تقع العديد من الجزر اليونانية على مد بصر من السواحل التركية ويعد الأمر بينهم معقد جدا حتى انهم كانوا على مشارف حرب بينهم، وصل التوتر بين البلدين بسبب غاز المتوسط أن كلا الدولتين بوضع سفنها الحربية في حال التأهب بعد إرسال تركيا شركاتها للقيام بعملية المسح الجيولوجي، ودعم الحلفاء الاوروبيين موقف اليونان وقبرص ويظهر ذلك من موقف وزير الخارجية الألماني حينما تحدث  في زيارة له في أثينا عن وقف الاستفزازات التركية على اليونان وقبرص، كما يظهر في موقف الرئيس الفرنسي “ماكرون” في دعمه الكامل لليونان وقبرص ووصفه للموقف التركي على أنه تعدي على سياده الدولتين، كما يعبر المتحدث باسم الإتحاد الأوروبي على أنه الخطوات التركية غير مجدية تبعث رسائل خاطئة وأنه يجب حل مشاكل الجرف القاري المفاوضات بين الدول .

وكان هذا الملف من أوائل الأوراق التي استخدمتها مصر في مواجهة تركيا، إذ وقعت اتفاقاً ثنائياً لترسيم الحدود مع قبرص في 2013، عرف بالاتفاقية الإطارية لتنمية الخزانات الحاملة للهيدروكربون، وصدق الرئيس المصري على الاتفاقية لاحقا في 2014 ، تكمن أهمية ترسيم الحدود البحرية بين الدول من إمكانية الاستفادة من الثروات الطبيعية في قاع البحار في المناطق الإقتصادية الخالصة للدول، ولا يحق للدول التنقيب أو استخراج تلك الثروات إلا بعد ترسيم حدودها البحرية مع الدول المجاورة، وكان الموقف التركي رفض الإعتراف بهذا الاتفاق لأنه يقلص الحدود البحرية التركية في مناطق حقول الغاز لصالح قبرص، في حين ردت مصر بأنه واحد من حقوق مصر السيادية في المنطقة. وتكمن أهمية الاتفاق لمصر واليونان وقبرص لأنهم سوف يكونون قادرين على التنقيب في شرق المتوسط والتصدي للتعدي التركي على نصيب قبرص من غاز المتوسط ، بدأ النزاع ياخذ الشكل القانوني عقب توقيع مصر واليونان وقبرص على إتفاقية ترسيم الحدود في حين أن تركيا وجدت نفسها وحيدة الشرق المتوسط؛  فاتجهت الى حكومة  شمال قبرص التي احتلتها ولا يعترف أحد بسيادة تركيا عليها إلا تركيا نفسها.

في ذلك السياق استغلت تركيا منصاتها الإعلامية وجماعة الاخوان الذين كانت قد ضمتهم تركيا وانشأت لهم قنوات اعلامية في الترويج أن الجانب المصري قد تنازل عن حقوقه لقبرص وأنه كان من الأفضل لمصر إبرام الإتفاق مع تركيا بدلا من قبرص واليونان، بعد الاتفاق أجرت مصر عمليات التنقيب في مياهها الإقليمية مما أسفر عن اكتشاف حقل ظهر المصري والذي يعد أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في شرق المتوسط.

وفي هذا السياق وجدت تركيا نفسها في عزلة في شرق المتوسط، خاصة مع وجود صراعات تاريخية مع العديد من الدول الشاطئية للحوض على رأسهم اليونان وقبرص، لذا لم يتوانى الأتراك في الهجوم على السفن التي تنقب عن الغاز والبترول قبالة السواحل القبرصية واليونانية، طوال السنوات الأخيرة، مما دفع أثينا للجوء للناتو لوقف التعدي على سيادتها، سعت تركيا لإيجاد خلفاء جدد الاستفاده من غاز المتوسط اجري  اتفاق مع حكومة الوفاق الليبية عرفت باسم مذكرة التفاهم الليبية التركية ، يمكن القول أن هذه الاتفاقية قطعت بها الطريق في مياه المتوسط علي دول المتوسط حيث نصت الإتفاقية علي ترسيم الحدود بين تركيا وليبيا وصلهم معا عبر خط انابيب يكون من طرابلس الليبية حتي تركيا ومنح تركيا حق التدخل العسكري لحمايه حكومه الوفاق الموالية لتركيا، جاء الرد الأول من اليونان التي قامت بطرد السفير الليبي بحكومه الوفاق، وجاء الرد الثاني من مصر والتي قامت بمناورات عسكرية بحرية اجرتها على سواحلها الشمالية [46].

ب.العلاقات السياسية و العسكرية:

التدخل التركي في ليبيا….. التدخل التركي في ليبيا لم يقتصر على السيطرة على غاز المتوسط  فقط  بل حاولت الحكومة التركية التدخل العسكري عن طريق دعم الميليشيات المسلحة وهو ما تم رصده من قبل الحكومة المصرية الواقعة على حدود ليبيا حيث تم رصد ميليشيات منقولة من سوريا متمثلة في القاعدة وداعش الى ليبيا الأمر الذي كان سيجعل ليبيا بؤرة ارهاب وتهديدا لمصر من هنا فإن المواقف الدولية والإقليمية ترى التدخل المصرى مشروعا لحماية الأمن القومى، وأن مصر أعلنت رأيها بحسم فى الوقت المناسب عندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى خطوطاً حمراء للأمن القومى المصرى لا يمكن تخطيها.

في هذه الفترة كانت الحرب بين الدولتين قريبة بدرجة كبيرة حيث أجاز البرلمان المصري سنة 2020 للجيش المصري بالتدخل في ليبيا حال تخطي تركيا ممثلة في الميليشيات الخطوط الحمراء التي رسمتها الدولة المصرية، كان الوضع في ليبيا يمثل ساحة حرب بين مصر وتركيا حيث ساندت مصر الخليفة حفتر وساندت تركيا حكومة الوفاق، بررت تركيا تدخلها في ليبياعلى أنه تدخل شرعي مثل تدخل روسيا في سوريا بموجب الاتفاق التي وقعته أنقرة مع حكومه الوفاق عام 2019 والمعترف به من الامم المتحدة، وتعد الأمور في ليبيا معقدة حيث تعددت الأطراف النزاعات فيها ولكن يعد خصمين نزاع الثابتين فيها متمثلين في المعسكر الشرقي بقيادة “الخليفة حفتر” مسيطر على حقول النفط والمعسكر الغربى بقيادة “فايز السراج” الذي يحظى بدعم الامم المتحدة، دخل المعسكرين في حرب بينهم ومفاوضات دامت طويلًا إلا أنها تعثرت في كل مرة، إلى أن تدخلت تركيا بتصويت البرلمان التركي لإرسال قوات تركيا الى ليبيا عقب اتفاق ترسيم الحدود وحماية حكومة الوفاق الأمر الذي قلب موازين الحرب بين المعسكرين، الأمر الذي دعا مصر إلى الإعلان عن مبادرة بين المعسكرين شارك فيها الخليفة حفتر ورئيس البرلمان الليبي وكانت المبادرة بهدف وقف اطلاق النار في ليبيا، وضمان تمثيل عادل لكافة الاقاليم تحت اشراف الامم المتحدة، مع تفكيك ما تسميه المبادرة بالمليشيات المسلحة وانسحاب الجهات الاجنبية من ليبيا، يوم 22 يوليو 2020 اجتمع مجلس الأمن التركي بقيادة اردوغان اعلنت أنقرة فيه أنها لن تتردد في دعم حكومة الوفاق الممثلة في فايز السراج حماية الشعب الليبي ، واعلنت  مصر ان هذه الخطوة تهديداً لأمنها القومي، وذكر بيان للخارجية المصرية أن التحرك التركي يخرق قرارات مجلس الأمن “وينذر بمزيد من تدويل الأزمة الليبية” كما ذكر البيان المصري أن الدعم العسكري يهدد جهود المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة[47].

وبإعلان مصر التدخل العسكري في 2020 فى ليبيا الامر الذي يعني دخول البلدين في حرب على الأراضي الليبية ما يعني وصول الخلاف بين البلدين الى ذروته.

بعد الخلافات والتصعيدات التركية والحرب الإعلامية التي قامت بها تركيا على مصر والتي لم تجدي نفعا لم تجد تركيا سبيلًا إلا مغازلة مصر، حيث خرج الرئيس رجب طيب اردوغان ويعلن رغبته في ترسيم الحدود بين مصر وتركيا، سبق الغزل علاقات ود وتقارب عندما اعلنت تركيا رغبتها في عودة العلاقات مع مصر، وتعلن رضاها عن تنقيب مصر عن الغاز في البحر المتوسط أعلنت مصر مزايدة عن التنقيب في البحر المتوسط عن النفط والغاز في 24 منطقة معظها في البحر المتوسط ، التصريحات التركية قالت أن مصر احترمت الجرف البحرية التركية رغم ان رئيس التركي رجب طيب اردوغان زعم في اغسطس عام 2020 ان الاتفاقية التي ابرمتها مصر واليونان لترسيم الحدود بلا قيمة وقال حينها ان مصر واليونان لم يحترما الجرف القارى التركي .

خطوات الغزل التركية ما هي إلا محاولة من تركيا ان تنال بعضاً من غاز المتوسط بالإتفاق مع مصر بعدما أجرت اتفاق مع حكومة الوفاق الليبية ورفض المجتمع الدولي الإعتراف بالخطوة، نوايا تركيا من الغزل المصري هو اتخاذ القاهرة بوابة للتفاوض على الغاز مع اليونان وقبرص خاصة بعد أن أصبحت مصر مركزًا للطاقة ومركزًا لمنظمة شرق المتوسط للغاز، لم ترد الدولة المصرية على عبارات الغزل التركية لكن تحدثت وسائل الاعلام المصرية على أن مصر ليس لديها النية بعقد اتفاق مع الحكومة التركية لترسيم الحدود بين الدولتين ، في حين ان مصر ليست بحاجة الى تعيين الحدود البحرية مع تركيا لان حدود مصر البحرية معروفة مع اليونان وقبرص واسرائيل ، كما ان اكبر حقل غاز في المتوسط ملكيته للدولة المصرية التي بدأت ان تحقق كفايتها من الغاز، على الجانب الآخر يزداد العجز في الجانب التركي في جانب الطاقة وهو السبب الذي يجعل تركيا مهتمة بغاز المتوسط والنقط الليبي [48].

وبسبب رغبه تركيا في استغلال الغاز في المتوسط والنفط في ليبيا فقد اعلنت أنقرة أن الوجود العسكري التركي في ليبيا مستمر وقالت الرئاسة التركية إن قواتها ستبقى في ليبيا ما دام الاتفاق العسكري ساريا بين الجانبين ما يعني استمرار الوضع كما هو عليه بالوجود التركي في ليبيا والخطوط الحمراء المصرية .

ج.العلاقات الدبلوماسية:

في عام 2013، قامت تركيا بطرد السفير المصري في أنقرة على خلفية الأحداث التي جرت في مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 والإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وقد انتقدت تركيا بشدة تلك الأحداث و وصفتها بأنها انقلاب عسكري وعدم احترام للديمقراطية، مما أدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين، وعلاوة على ذلك، قامت تركيا بدعم الإخوان المسلمين في مصر، الذين كانوا يشكلون جزءًا كبيراً من قاعدة الدعم للرئيس المخلوع محمد مرسي، وهو ما تسبب في مزيد من التوتر في العلاقات بين البلدين، و قامت مصر بطرد السفير التركي في القاهرة وخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رداً على الفعل التركي.

الفصل الثالث: بداية التقارب المصري التركي

المبحث الأول: التقارب المصري التركي في عام 2021

المبحث الثاني: محاولات التقارب بعد عام 2021

تمهيد:-

يعتبر التدهور الحاد الذي شهدته العلاقات بين مصر وتركيا بعد عام 2013 واحدًا من أهم التطورات السياسية في المنطقة العربية والشرق الأوسط،  ففي عام 2013 تم عزل الرئيس المصري المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي من قبل الجيش المصري بعد احتجاجات شعبية واسعة النطاق ضد حكمه. بسبب هذا الحدث، وتحديداً بسبب دعم الحكومة التركية للرئيس المعزول مرسي وحزب الإخوان المسلمين، تدهورت العلاقات بين البلدين بشكل كبير.

وفيما بعد، اتخذت الحكومة المصرية قرارًا بطرد سفير تركيا من البلاد وإدانة دعم الحكومة التركية لحركة الإخوان المسلمين. وفي الوقت نفسه، انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الانقلاب الذي أطاح بمرسي، ووصفه بأنه “انقلاب عسكري غير شرعي”. ومنذ ذلك الحين، تبادل البلدان اتهامات وانتقادات بشأن دعم الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية، ومنذ ذلك الحين، تراجعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى حد كبير، مع إغلاق السفارتين المصرية والتركية في البلدين وتعليق العلاقات التجارية والثقافية. وفي عام 2019، قامت الحكومة المصرية بإدراج حزب الإخوان المسلمين المدعوم من تركيا على قائمة الإرهاب، مما يعني أن أي دعم للحزب سيكون مخالفًا للقانون المصري.

و لكن منذ عام 2021 بدأت العلاقات المصرية التركية تشهد تحسناً تدريجياً بعد عدة سنوات من التوتر والتباعد بين البلدين، وكان اللقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي في الأول من يونيو 2021 بمثابة خطوة هامة نحو تحسين العلاقات بين البلدين، وفي الأشهر الأخيرة، شهدت العلاقات بين البلدين عدة تطورات إيجابية، بما في ذلك إعلان مصر استعدادها لتحديد الحدود البحرية مع تركيا في شرق المتوسط، والاتفاق على تعزيز التعاون في مجالات مثل السياحة والطاقة ، و ينقسم ذلك الفصل إلى مبحثين، هما:-

  • التقارب المصري التركي في عام 2021
  • محاولات التقارب بعد عام 2021

المبحث الأول: التقارب المصري التركي في عام 2021

سبق ذكر أن العلاقات بين تركيا ومصر تدهورت بشكل كبير في أعقاب ثورة 2013 التي أطاحت بأول رئيس مدني ومنتخب بحرية في تاريخ مصر الحديث ” محمد مرسي” رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاعتراف بشرعية النظام الجديد بقيادة عبد الفتاح السيسي وظل متحدياً على الرغم من التطبيع الغربي مع الزعيم الجديد، كذلك فقد منع موقف أردوغان النقدي من السيسي عدة محاولات لتقارب مع القاهرة خلال العقد الماضي، و على الرغم من ذلك، فإن العديد من الأحداث الحاسمة في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك وفاة مرسي في عام 2019 أثناء سجنه، واتفاقية العلا لعام 2021، وبداية حقبة ما بعد الانتفاضات العربية اقتضت نهجاً مختلفاً.

في منتصف عام 2020، بدأت تركيا في محاولات التقارب مع مصر بناءاً على المصالح المتبادلة في ملفين أساسيين: شرق المتوسط ​​وليبيا، فمن المنظور التركي، كانت الديناميكيات الجيوسياسية والاقتصادية لمصر مناسبة لمثل هذه الخطوة ، مما سمح لأنقرة بالاقتراب من القاهرة من موقع قوة، و كان أحد الأمثلة البارزة هو تصريح وزير الخارجية شكري المثير للدهشة، والذي أقر فيه ضمنياً أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية كانت لصالح القاهرة، على الرغم من معارضة مصر العلنية للصفقة، و أكد الرئيس التركي على أن النهج القائم على المصلحة سيفيد كل من تركيا ومصر في ليبيا وشرق البحر المتوسط ​​، ويجعل فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين ممكناً، و أن التعاون مع أنقرة في الأمور الثنائية والإقليمية يخدم مصلحة القاهرة في نهاية المطاف.

قدمت اتفاقية العلا في عام 2021 التي أنهت نزاع مجلس التعاون الخليجي مع قطر ورئاسة جو بايدن ديناميكيات جديدة للمنطقة، حيث ركز اللاعبون الإقليميون على التواصل مع بعضهم البعض، وتهدئة التوترات، وزيادة التفاعلات الاقتصادية، هذه البيئة الجديدة جعلت من التقارب التركي المصري عملية أسهل وعززت الهجوم الدبلوماسي الجديد لتركيا بعد فترة من السياسة الخارجية الحازمة والعسكرية.

علاوة على ذلك، كانت الحكومة التركية قلقة من إمكانية استفادة معارضتها السياسية الداخلية من قضايا السياسة الخارجية قبل الانتخابات المقبلة في مايو 2023، ونتيجة لذلك، تم إغلاق الملفات الإشكالية وفتح فصول جديدة مع الدول التي لديها علاقات معقدة أو غير مستقرة مع  أصبحت أنقرة أولوية، كان ذلك عملية بطيئة ولكنها ثابتة، ونتيجة لذلك شهد عام 2021 الانطلاق الرسمي لعملية التقارب بين أنقرة والقاهرة، ولتوفير البيئة البناءة اللازمة لإجراء هذه المحادثات، عدلت وسائل الإعلام التركية موقفها تجاه الحكومة المصرية، وطالب مسؤول تركي المعارضة المصرية المتمركزة في تركيا بالتكيف وفقًا لذلك[49].

المبحث الثاني: محاولات التقارب بعد عام 2021  

في أبريل 2022 أظهر كافوس أوغلو تفاؤلاً بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك ليقترح إمكانية عقد اجتماع على المستوى الوزاري، وبالفعل بعد شهرين قام وزير الخزانة والمالية التركي “نور الدين النبطي” بأول زيارة رفيعة المستوى لوزير تركي إلى مصر منذ تسع سنوات.

على الرغم من التقدم البطيء الواضح ولكن المطرد، واجهت عملية التقارب عقبة جديدة في أكتوبر 2022. وفقًا للمسؤولين الأتراك، استخدم المصريون صفقة الطاقة التركية الليبية كذريعة لوقف عملية التطبيع الهشة، ومع ذلك، فإن لقاء قصير ومصافحة بين الرئيس أردوغان ونظيره المصري خلال مونديال قطر 2022 أعاد التطبيع إلى المسار الصحيح، وبعد اللقاء بين الرئيسين، قامت الحكومتان بتبادل بيانات صحفية تؤكد على أهمية تحسين العلاقات بين البلدين والعمل معاً في مجالات مثل الاستثمار والتجارة والأمن الإقليمي. كما قامت الحكومة التركية بإعادة فتح سفارتها في القاهرة بعد إغلاقها لمدة عامين.

اكتسبت عملية التطبيع زخماً مرة أخرى لسببين رئيسيين: المشاكل الاقتصادية الهائلة في مصر والزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في فبراير، فمن وجهة النظر التركية يعني الإنهيار الاقتصادي للقاهرة والاحتكاك مع داعميها الماليين السابقين – مثل المملكة العربية السعودية – أن مصر بحاجة إلى زيادة تفاعلاتها الاقتصادية والمالية والتجارية مع الدول الأخرى قدر الإمكان من أجل التخفيف من حدة الأزمة، ومحاولة منع حدوث انفجار اجتماعي خاصة مع الاستعداد للانتخابات الرئاسية في عام 2024.

كذلك فيما يتعلق بتركيا، أدى الزلزال المدمر إلى رفع التكاليف الاقتصادية والمالية للحكومة ، حيث تقدر فاتورة إعادة الإعمار بحوالي 104 مليار دولار، و يأتي هذا التطور قبل أقل من شهرين من الانتخابات الحاسمة حيث يتعين على أردوغان وحزبه مواجهة جبهة معارضة موحدة لأول مرة منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002[50].

كل ذلك يمنح لكلا البلدين بيئة مناسبة للتقارب عسى أن تكون عودة العلاقات و المصالح بين تركيا و مصر حلا لتلك الأزمات التي تواجههم خاصة مع قرب الانتخابات الرئيسية الجديدة في كليهما، وعلى الرغم من أن العلاقات لا تزال في مرحلة الشكلية، فإن هذه الخطوات تمثل بداية واعدة لتحسين العلاقات بين مصر وتركيا، ومن المتوقع أن يؤدي هذا التحسن في العلاقات إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات عديدة، مما سيكون له تأثير إيجابي على الاستقرار والأمن في المنطقة العربية والشرق الأوسط بشكل عام.

الخاتمة:-

تُعد كلاً من مصر و تركيا دولتان محوريتان و رئيسيتان في منطقة الشرق الأوسط لما تتمتعان به من أهمية تاريخية و موقع جغرافي استراتيجي، و حجم الموارد الطبيعية و البشرية، و قدرات عسكرية، و لذلك فإن طبيعة العلاقة بين البلدين هي أحد العوامل الهامة و التي لها انعكاس مباشر على المنطقة العربية و الإقليمية.

خلال الدراسة ألقينا نظرة تاريخية على العلاقات المصرية التركية منذ أول انعقادها في صدر التاريخ الإسلامي وحتي اللحظة الراهنة، و تلك النظرة التاريخية مهمة لفهم ما كانت عليه العلاقة و هل كانت بالأساس علاقة تواصل و استقرار أم أن القطيعة و العداء هو ما ميز تاريخ العلاقات المصرية التركية و ذلك من خلال فهم ما مرت به من فصول وتقلبات وتغيرات جغرافية وتاريخية عديدة، و تركز الدراسة على الفترة بين 2011-2021 باعتبارها أكثر الفترات تقلباً في العلاقات بين مصر وتركيا، أي أنها فترة تعتبر قصيرة على ما مرت به من تقلبات كانت في بعض الأحيان تتميز بالتقارب الشديد كما في فترة ما بعد ثورة 25 يناير، و في حين آخر العداء الصريح كما في فترة ما بعد ثورة 30 يونيو، و قد ناقشت الدراسة تلك التقلبات من خلال تناول أبرز جوانب العلاقات التي تميزت بها كل فترة على حدى، و توصلت الدراسة لعدد من النتائج و التوصيات سيتم مناقشتها فيما بعد إلى جانب السنياريوهات التي ناقشت ما هو من الممكن أن يطرأ على العلاقات المصرية التركية.

النتائج :

  • تتباين العلاقات بين مصر وتركيا منذ القدم بين تقارب وتباعد وفقا للتغيرات السياسية .
  • منذ عام 2011 تغيرت السياسة الخارجية لكلا البلدين وخاصة تركيا وانعكس ذلك بشكل واضح على علاقاتها بدول الربيع العربي خاصة مصر، وتعد تلك الفترة أكتر الفترات تبايناً في العلاقات بين البلدين بين تقارب وتباعد .
  • شهدت العلاقات بين مصر وتركيا في الفترة بين 25 يناير2011 وحتي 30 يونيو 2013 تقارباً علي مستويات مختلفة جعلت تركيا تطمح في مد نفوذها ودورها الاقليمي خاصة بعد وصول الأخوان المسلمين للسلطة في مصر، وتوترت العلاقات بعد 30 يونيو 2013 بالإطاحة بالإخوان المسلمين في مصر.
  • زاد التوتر في العلاقات المصرية التركية بشكل كبير بعد نشاط مصر في ليبيا ضد الجماعات المسلحة التي تدعمها تركيا، وفي شرق البحر الأبيض المتوسط وما مثله ذلك من تهديد لمصالح تركيا ونفوذها الإقليمي.
  • يعد عام 2021 بداية لعهد جديد للعلاقات المصرية التركية، فهو العام التي بدأت فيه تركيا محاولات تصحيح توجهاتها تجاه مصر خاصة عن طريق الإعلام.
  • الجوانب الاقتصادية بين مصر وتركيا تعد هي العنصر الأهم الذي دفع تركيا للتقارب مع مصر من جديد، خاصة بعد إدراك رجال الأعمال الأتراك مدى خسارتهم للسوق المصرية.
  • نتائج الانتخابات الرئاسية الجديدة في مصر وتركيا هي المؤشر الوحيد القادر علي توضيح كيف ستكون العلاقات بين البلدين في المستقبل.

التوصيات:-

  • لابد أن تتخلى تركيا عن حلم الخلافة العثمانية خاصة في علاقاتها مع الشرق الأوسط.
  • يجب على تركيا أن تترك دعم الحركات الإسلامية في دول الجوار، حيث قادها ذلك للتدخل في شئون مصر في عهد الإخوان المسلمين و هو ما أدى لتدهور العلاقات بين البلدين.
  • على مصر أن تضع القواعد الجديدة لسياستها الخارجية أمام تركيا لتجنب تدهور العلاقات من جديد.
  • لأن العلاقات الإقتصادية كانت هي المفتاح لتقارب مصري تركي من جديد، فيجب على كلا البلدين تعزيز ذلك الجانب و العمل على تطويره.
  • سيكون من الجيد تعزيز الجوانب المختلفة للعلاقات بين مصر و تركيا، كتعزيز الجوانب الثقافية و الدبلوماسية و تبادل البعثات المختلفة على سبيل المثال.
  • لا يجب أن تقف الإنتخابات الرئاسية الجديدة في طريق التقارب بين البلدين، فأيضا في حالة تغير الأنظمة الحاكمة لابد أن تستمر عملية إصلاح العلاقات المصرية التركية، لما لها من تأثير إيجابي على منطقة الشرق الأوسط.

سيناريوهات مستقبلية للعلاقات المصرية التركية:-

في ضوء هذه الدراسة نجد أن مستقبل العلاقات المصرية التركية مرتبط بشكل كبير بإقتراب موعد الإنتخابات الرئاسية الجديدة في كلا البلدين، وهل ستبقى النظم السياسية علي حالها أم ستتغير، وكيف سيكون الوضع في حال تغير النظم السياسية في مصر وتركيا، وعلي الرغم من صعوبة معرفة ما ستؤول إليه العلاقة إلا أن يمكن وضع سيناريوهات لمستقبل العلاقات بين البلدين:

السيناريو الأول: البقاء على الوضع الحالي:-

بمعني استمرار مصر وتركيا في محاولاتهم لعودة العلاقات الودية من جديد ومحاولة خلق جوانب لتقارب بعد عداء استمر لنحو 9 سنوات، وهو السيناريو الأوضح علي المدى القريب خاصة مع التدهورات المصرية التي تواجهها مصر، وأزمة الزلزال الذي ضرب تركيا وكلف البلاد بأعباء اقتصادية كبيرة تسعي لمواجهتها، وفي هذه الحالة من المتوقع أن يسود مناخ الشرق الأوسط موجة من الهدوء، فكما هو متعارف عليه تمثل مصر وتركيا أكبر قوتين في الشرق الأوسط، واستمرار علاقة التقارب بينهم يعني استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط إلي حد كبير، و لكن على المدى البعيد لا يمكن توقع ما إذا كان هذا السيناريو سوف يؤدي إلى فترة هادئة من العلاقات بين مصر و تركيا، أم أن تلك المحاولات سوف تفشل و تتدهور العلاقات من جديد.

السيناريو الثاني: تحسن العلاقات بشكل أكبر و تطورها:-

يعتبر هذا السيناريو الإمتداد الإيجابي لأول سيناريو، ففي حالة حدوث السيناريو الأول و هو استمرار المحاولات سواء من جانب مصر أو تركيا لتحسين العلاقات الثنائية بينهم، من الممكن أن يقود ذلك إلى تحسن العلاقات بين البلدين و خلق جوانب جديدة لتطوير التعاون بينهم، و هو أكثر السيناريوهات ترجيحا حيث تسعى مصر و تركيا بشكل كبير لتنفيذه في الوقت الحالي، بعد إدراك كلا البلدين حجم الخسارة التي تحدثها العلاقات المتدهورة.

السيناريو الثالث: تدهور العلاقات من جديد :-

يبدو هذا التصور مستبعداً خاصة بعد إدراك كلا البلدين مدى حاجتهم للطرف الآخر غير أنه أحد الإحتمالات الواردة، خاصة في ظل قرب الانتخابات الرئاسية سواء في مصر أو تركيا، ففي حال تغير رؤوس السلطة في مصر أو تركيا من الممكن أن تتغير توجهات النظم السياسية في كلا البلدين بشكل سلبي لتظهر على السطح من جديد خلافات قديمة وملفات باطنية تجعل من المحتمل أن تدهور العلاقات من جديد وتظهر الخلافات بين مصر وتركيا في الملفات التي حاولوا في السنوات الأخيرة وضعها جانباً والإلتفات لتحسين العلاقات بينهم وخاصة في المجالات الاقتصادية.

قائمة المراجع:-

  • المراجع العربية

أولا : الكتب

  • أمين ، جلال ، ” مصر والمصريون فـي عهـد مبـارك ( 1981_2011 ) ” ، ( القاهرة ، دار الشروق للنشر ، 2011 م ) .
  • أوغلو ، أحمد داود ، ” العمـق الاستراتيجي موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية ” ، ( الدوحة ، مركز الجزيرة للدراسات ، 2011 ) .
  • بلقزيز ، عبد الاله ، ” ثورات وخيبات في التغيير الذي لم يكتمل ” ، ( بيروت ، منتدى المعارف للنشر ، 2012 م ).
  • تشومسكي ، نعوم ، ” ما نقوله هو الذي يمشي ” ، ( بيروت ، دار الكتاب العربي ، 2008 م ) .
  • تغیان ، شريف ، الشيخ الرئيس رجب طيب أردوغان مؤذن إسطنبول ومحطم الصنم الآتاتوركي ، ( القاهرة ، دار القبس للطباعة ، 2011 م ).
  • توفيق ، سعد حقي ، ” علاقات العرب الدولية في مطلع القرن الحادي والعشرين “، ( عمان ، دار وائل للنشر ، 2003م ) .
  • جول ، محمد زاهد ، ” التجربة النهضوية التركية ” ، ( بيروت ، مركز نماء للبحوث والدراسات ، 2013 م ).

ثانيا : الدوريات

  • الديب ، صفوت ، تركيا و تقويض الإستقرار في الشرق الأوسط ، السياسة الدولية ، ع : (223 ) ، يناير( 2021 ) م.
  • أبو فرحة ، السيد ، ” سياسة مصر تجاه القوى الكبرى(المحددات و الدلالات)” ، السياسة الدولية ، ع : ( 227 ) ، يناير ( 2022 ) م.
  • محمد الطاهر عديلة،الجدل الواقعي حول دور الاعتماد المتبادل في تعزيز الامن الدولي،دفاتر السياسة و القانون، ع 15،( 2016) م.
  • هشام رفيق، الأقباط و الفتح الإسلامي لمصر في ضوء الدراسات الاستشراقية، مجلة دراسات في التاريخ و الآثار، ع 84، (2023)م.
  • صبحي العزام، الاحوال الاقتصادية لفئات العامة من المجتمع المصري خلال الحكم العثماني عند الجبرتي، مجلة العلوم الانسانية و الاجتماعية،ع2، (2020)م.
  • محمد عقباوي، حمزة بن عبدالكريم، الحملة الفرنسية على مصر و نتائجها(1798-1801)، جامعة احمد ادرار، (2018)م.
  • إبراهيم ، حسنین ، “الرهانات المتباينة : قراءة في الموقفين التركي والإيراني تجاه 30 يونيو ” ، مجلة السياسة الدولية ، ع : ( 194 ) ، ( 2013 ) م.
  • رابح خليفي، الواقعية في العلاقات الدولية،مجلة الفكر القانوني و السياسي، ع1،( 2017) م.
  • إبراهيم ، حسنین ، ” النظام السياسي المصـري : التـوازن بين السلطات ومعضلة الشرعية” ، مركز الجزيرة للدراسات ، الدوحة . ( 2011 ) م .
  • إبراهيم ، حسنين ، “مثلث العلاقات المصرية – التركيـة – الإيرانيـة المحددات ، المسارات ، الافاق “، مركز الحضارة للدراسات السياسية ، ( 2013 ) م .
  • أبو ارشيد ، أسامة ، ” الولايات المتحدة الأمريكية والإخوان المسلمون في مصر “، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ، الدوحة . ( 2014 ) م .
  • أعمال المؤتمر السنوي لمراكز الأبحاث السياسية والاستراتيجية في الوطن العربي ، الثورات العربية تتيح للـوطن العربـي أخـذ مكانـة فـي التحـولات الاستراتيجية الإقليمية ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ، الدوحة . ( 2012 ) م .

ثالثا: رسائل الماجستير

  • حسين، بنان ، فايز سلامة، ” العلاقات المصرية التركية ( 2012-2019 ) “، ( رسالة دكتوراه ، جامعة مؤتة، كلية الدراسات العليا، ، 2021م ) .
  • السرحان ، مشعل ، عادل تركي سعود، ” أثر المتغيرات الإقليمية على العلاقات المصرية التركية ( 2011- 2017 ) ” ( رسالة ماجستير ، جامعة آل البيت ، معهد بيت الحكمة، 2019 م )  .
  • خلف ، عمر ، “الثورة و السياسة الخارجية المصرية: دراسة في الاقتصاد السياسي الدولي(2011-2015)” ، ( رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية ، 2018م ) .
  • عثمان ، أماني ، “العولمة و الثورة: دراسة حالة الثورة المصرية 25 يناير” ، ( رسالة ماجستير، جامعة القاهرة ، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية ، 2022م ) .
  • زينهم ، ريهام ، “تأثير ثورة 25 يناير على العنف السياسي في مصر” ، ( رسالة ماجستير ، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية ، 2016 م ) .
  • زيدان، دعاء ، ” تأثير ثورة 25 يناير على الخطاب السياسي السلفي في مصر” ، ( رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد و العلوم السياسية ، 2020م ) .
  • احمد سليمان الرحالحة، الدور التركي الجديد في منطقة الشرق الاوسط “الفرص و التحديات”،رسالة ماجستير، جامعة الشرق الاوسط،قسم العلوم السياسية، (2014) م.
  • عبدالغفار، عبدالرحمن ، ” الدور الإقليمي لتركيا في الشرق الأوسط(2011-2014) “، ( رسالة ماجستير، جامعة القاهرة ، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية ،2018م ) .

رابعا : المقالات

  • عبد الفتاح ، بشير ، ” التطورات المصرية الداخلية وتأثيراتها على العلاقات المصرية التركية “، دار المنظومة ، ع 🙁 155 )،( 2013 )م .
  • السيد ، ابتهال ، ” العلاقات المصرية التركية بعد ثورة 25 يناير 2011 ”  ، دار المنظومة، ع  ) : 2 ) ، ( 2020 )م .
  • أميرة مصطفى، اقتراب صنع القرار في السياسة الخارجية، المركز الديموقراطي العربي، يونيو( 2019) م.
  • أوغلو ، أحمد ، ” سياسة تركيا في الشرق الأوسط و العلاقات المصرية التركية “، دار المنظومة ، ع: ( 140 ) ، ( 2010)م .
  • اسماعيل ، أميرة ، ” العلاقات المصرية التركية في عهد الرئيس السيسي ( 2013- 2019 ) ” ، دار المنظومة، ع: ( 35 )،( 2019 )م .
  • مايسة خليل حسن، العلاقات المصرية التركية 2014-2023: المحددات و الابعاد، المركز الديموقراطي العربي، ابريل (2023) م.
  • لطفي، محمود ، ” مستويات معرفة الجمهور المصري بأزمة توتر العلاقات المصرية التركية كما تعكسها البرامج الإخبارية العربية ” ، دار المنظومة ، ع: ( 2 ) ، ( 2019 )م .
  • معوض، على جلال ، ” نتائج الإنتخابات الرئاسية التركية و مستقبل العلاقات المصرية التركية ” ، دار المنظومة، ع : ( 10 ) ، ( 2014 )م .
  • عبدالفتاح، بشير ، ” مصر و تركيا: تقارب مع إيقاف التنفيذ ” ، دار المنظومة، ع : ( 4 ) ،( 2014 )م .
  • عز الدين، نيبال ، ” أثر التحولات الثورية على السياسة الخارجية التركية تجاه مصر ( 2011-2016 )”، دار المنظومة ، ع : ( 1 ) ، ( 2016 )م .
  • أبو زيد ، أحمد ، ” تداعيات ثورة 25 يناير على مستقبل العلاقات المصرية الإقليمية ” ، دار المنظومة ، ع : ( 85 ) ، ( 2011 )م .
  • رضوى عمار، المصلحة الوطنية: كيف تدير الدول تفاعلاتها التعاونية و الصراعية؟،أكاديمية عربية، مايو (2019) م.
  • صديق، وليد ، ” الأزمات الناتجة عن تغير الدور المصري عقب 25 يناير و أثره على العلاقات الخارجية ” ، دار المنظومة، ع : ( 1 ) ، ( 2011 )م .
  • كريم شفيق، اردوغان و الإرث العثماني، سكاي نيوز عربية، (2021) م.
  • يوسف حسين، تركيا: التاريخ السياسي الحديث و المعاصر(1923-2018)، المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات، (2021)م.
  • المشاط ، عبد المنعم ، ” السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة 25 يناير ” ، دار المنظومة ، ( 2012 )م .
  • ابو عوف ، عبد الرحمن ، ” ملف ثورة ٢٥ يناير ” ، دار المنظومة ، ع : ( 7 ) ، ( 2011 )م .
  • عبد الفتاح، رضوى ، ”  ثورة 25 يناير الأسباب والتداعيات ” ، دار المنظومة ، ع : ( 20 ) ، ( 2019)م .
  • عاطف ، سوزان ، ” ثورة 25 يناير في الاعلام الدولى ” ، دار المنظومة ، ع :  ( 325 ) ، ( 2013 )م .
  • الفقى ، مصطفي ، ” 30 يونيو ثورة إنقاذ وميلاد جديد لمصر ” ، دار المنظومة ، ع : ( 628 ) ، ( 2021 )م .
  • عبد العزيز ، مصطفي ، ” تأثير ثورة 30 يونيو على علاقات مصر العربية والإقليمية ” ، دار المنظومة ، ع : ( 155 ) ، ( 2013 )م.
  • محمد ، هديل ، ” تطور العلاقات التركية المصرية في ضوء المتغيرات المصرية ( 2011-2015) ” ، ( 2015 )م .
  • سلمان ، خالد ، ” العلاقات التركية المصرية بعد احداث التغيير العربى وآفاقها المستقبلية  ” ، ( 2020 )م .
  • نور الدين، ضياء ، ” وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا وانعكاسه على العلاقات التركية المصرية ( 2002-2013) ” ، ( 2016 )م .
  • ابو الريش ، أشرف ، ” الثابت والمتغير في العلاقات المصرية التركية بعد الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين ” ، ( 2013 )م .
  • عبد القادر ، محمد ، ” حزبا العدالة ومستقبل العلاقات المصرية التركية “،  (2012 )م .
  • فرحان ، شيماء ، “العلاقات التركية المصرية بعد عام 2011 ” ، المركز الديمقراطي العربى ، ع : ( 10 ) ، ( 2020 )م .
  • البندارى ، صلاح ، ” مستقبل العلاقات المصريه التركية على ضوء ثورتى 25 يناير 2011، و 30 يونيو 2013 ” ، المركز الديمقراطي العربى ، ع : ( 6 )، (2017 )م .
  • حجازى ، أسماء ، ” المغازلة التركية للقاهره تعود من جديد ” ابعاد وأهداف ” ، المركز الديمقراطي العربى ،( 2021 )م .
  • البدرى، عصام ، وآخرون ، ” التقارب المصري التركى وانعكاسه على القضايا الإقليمية ” ، المركز الديمقراطي العربى ، ( 2021 )م .
  • محمود ، الشيماء ، ” العدالة الإنتقالية و إدارة الصراع في مصر بعد ثورتي 25 يناير و 30 يونيو ” ، دار المنظومة ، ع : ( 2 ) ، ( 2019 )م .

ب.المراجع الأجنبية

Books:

  • Lenore G. Martin, Dimitris Keridis, The Future of Turkish Foreign policy, MIT Press, 2004 .
  • Sabankardas, From Zero Problem to leading the Change: Making Sense of Transformation in Turkey’s Regional policy, 5th Edition, 2012 .
  • Tareq Y. Ismal, Turkey’s Foreign policy in the 21st Century: A Changing Role in the World Politics, Ashgate, 2003 .
  • Mohammed Zahid, The Muslim Brotherhood and Egypt’s Succession Crisis : The Politics of Liberalisation and Reform in the Middle East, I.B. Tauris, 2012 .

Articles:

  • Philip Robins, Turkish Foreign policy since 2002 : Between a ‘Post-Islamist’ Government and a Kemalist State, ( International Affairs, Vol. 83, No. 2, Mar. 2007 ).
  • Babür Hizlan, Turkish Foreign policy and Current Challenge, ( Pakistan Institution of International Affairs: Pakistan Horizon, Vol. 65, No. 4, October 2012 ) .
  • Meliha Benli Altunisik, the Turkish Model and Democratisation in the Middle East, ( Arab Studies Quarterly, Vol. 7 , No. 1/2, 2003 ) .
  • Soner Cagaptay , Turkey and Egypt ‘s Great Game in the Middle East, ( Foreign Affairs, March 8 , 2015 ) .
  • Gilles Bertrand, Turkish Diplomacy since 2003 : Transition from Realpolitik to a Liberal Foreign policy? ( Institute of International Relations : Perspective, Vol, 21, No. 2, 2013 ) .
  • Bulent Aras, Turkey ‘s Rise in the Greater Middle East, ( Peace -building in the periphery, Vol. 11, No. 1 March, 2009 ) .
  • Ahmet Davutoglu, Principles of Turkish Foreign policy and Regional political Structuring, ( Turkish Ministry of Foreign Affairs: Center for Strategic Research, Vision Papers, No 3, April 2012).
  • Soner Cagaptay, Turkey, and Egypt’s Great Game in the Middle East, ( Foreign Affairs, March 8, 2015 ) .
  • Ali Bakir, Egypt-Turkey normalization: Ankara`s perspective, Atlantic Council, 2023.
  • Khalil Al-Anani, Egpt-Turkey Relations: Challeges and Future Prospects, Arab Center Washington DC, 2022.

[1] مايسة خليل حسن، العلاقات المصرية التركية 2014-2023: المحددات و الابعاد، المركز الديموقراطي العربي، ابريل 2023

[2] احمد سليمان الرحالحة، الدور التركي الجديد في منطقة الشرق الاوسط “الفرص و التحديات”،رسالة ماجستير، جامعة الشرق الاوسط،قسم العلوم السياسية، 2014

[3] حامد أوغلوا ، جريدة زمان التركية ، 11 ديسمبر 2019

[4] Soter jagitay,marc sievers,the Washington,march 2015

[5]رولا مرتضى، الاستراتيجية التركية في الشرق الأوسط منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، رسالة ماجستير، الجامعة البنانية، 2013

[6]عصام ملكاوي، تركيا والخيارات الاستراتيجية المتاحة، المجلة العربية للدراسات الامنية ، المجلد31 ، العدد63،2015

[7]   خالد سلمان خالد ، العلاقات التركية المصرية بعد احداث التغيير العربي وآفاقها المستقبلية ، 2020

[8] Tucci Nataie,(2013), The Dimensions of the Turkish Role in the Middle East, the Emirates Center for strategic studies and research, the United Arab Emirates, No.109.

[9] محمد عبد القادر ، حزبا ” العدالة” ومستقبل العلاقات المصرية التركية ، 2012

[10] علي جلال معوض، نتائج الإنتخابات الرئاسية التركية و مستقبل العلاقات المصرية التركية، المنظومة، ع10 ،2014

[11] عصام عبد المنعم وشروق احمد عيسى، التقارب المصري التركي و انعكاسه على القضايا الاقليمية ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قسم العلوم السياسية ، جامعة الإسكندرية ، المركز الديمقراطي العربي ، 6 ابريل 2021 .

[12]  نيبال عز الدين، أثر التحولات الثورية على السياسة الخارجية التركية تجاه مصر 2011-2016 ، المنظومة ، ع1 ، 2016

[13] عصام عبد المنعم وآخرون ، التقارب المصري التركي وانعكاسه على القضايا الإقليمية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قسم العلوم السياسية ، جامعة الإسكندرية ، المركز الديمقراطي العربي ، 6 ابريل 2021 .

[14] عبد اللطيف حجازي ، دوافع تغير السياسة الخارجية التركية نحو التهدئة ، المستقبل للدراسات والأحداث ، 25 مارس 2021

[15] أميرة اسماعيل محمد، العلاقات المصرية التركية في عهد الرئيس السيسي 2013-2019 ، المنظومة، ع 35 ، 2019

[16] أسماء حجازي ، المغازلة التركية للقاهرة تعود من جديد ” ابعاد وأهداف ” ، المركز الديمقراطي العربي ، 2021

[17] علي حسين علي ، الدور الوظيفي للسياسة الخارجية التركية 2002-2019،رسالة ماجستير ، جامعة الشرق الاوسط،2020

[18] رابح خليفي،  الواقعية في العلاقات الدولية،مجلة الفكر القانوني و السياسي، ع1، 2017

[19] رضوى عمار، المصلحة الوطنية: كيف تدير الدول تفاعلاتها التعاونية و الصراعية؟،أكاديمية عربية، مايو 2019

[20] محمد الطاهر عديلة،الجدل الواقعي حول دور الاعتماد المتبادل في تعزيز الامن الدولي،دفاتر السياسة و القانون، ع 15، 2016

[21] أميرة مصطفى، اقتراب صنع القرار في السياسة الخارجية، المركز الديموقراطي العربي، يونيو 2019

[22]  هشام رفيق، الأقباط و الفتح الإسلامي لمصر في ضوء الدراسات الاستشراقية، مجلة دراسات في التاريخ و الآثار، ع 84، 2023

[23] محمد إلهامى ، العلاقات المصرية التركية الجذور والثمار ، المعهد المصري للدراسات ، العدد 7 ، 2017 ص ص 2-8

[24] صبحي العزام، الاحوال الاقتصادية لفئات العامة من المجتمع المصري خلال الحكم العثماني عند الجبرتي، مجلة العلوم الانسانية و الاجتماعية،ع2، 2020

[25] المرجع السابق

[26] مرجع سبق ذكره ، ص ص 9-16

[27] محمد عقباوي، حمزة بن عبدالكريم، الحملة الفرنسية على مصر و نتائجها(1798-1801)، جامعة احمد ادرار، 2018

[28] المرجع نفسه ، ص ص 17-29

[29] المرجع نفسه ، ص 29

[30] Lenore G. Martin, Dimitris Keridis, The Future of Turkish Foreign policy, MIT Press, 2004

[31] جلال أمين ، مصر والمصريون في عهد مبارك ، ( 1981-2011 ) ، ( القاهرة ، دار الشروق للنشر ، 2011 ).

[32] Tareq Y. Ismal, Turkey’s Foreign policy in the 21st Century: A Changing Role in the World Politics, Ashgate, 2003

[33]المرجع السابق ذكره، ص 31-36

[34] ابتهال السيد ، ” العلاقات المصرية التركية بعد ثورة 25 يناير 2011 ”  ، دار المنظومة، ع  🙁 2 ) ، ( 2020 )م

[35] الأزمات الناتجة عن تغير الدور المصري عقب 25 يناير و أثره على العلاقات الخارجية ” ، دار المنظومة، ع : ( 1 ) ، ( 2011 )م .

[36]  عبد المنعم المشاط ، ” السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة 25 يناير ” ، دار المنظومة ، ( 2012 )م

[37] عبد الرحمن ابو عوف،  ” ملف ثورة ٢٥ يناير ” ، دار المنظومة ، ع : ( 7 ) ، ( 2011 )م

[38] شيماء فرحان ، “العلاقات التركية المصرية بعد عام  2011 ” ، المركز الديمقراطي العربى ، ع : ( 10 ) ، ( 2020 )م

[39] يوسف حسين، تركيا: التاريخ السياسي الحديث و المعاصر(1923-2018)، المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات، 2021

[40] المرجع السابق

[41] المرجع نفسه

[42] كريم شفيق، اردوغان و الإرث العثماني، سكاي نيوز عربية، 2021

[43] سامح الجارحى ، وهم الإمبراطورية : لماذا يتعصب أردوغان لإرث الدولة العثمانية ، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة ، العدد ٨ ، ٢٠١٧ .

[44] مرجع سبق ذكره

[45] سلوى السعيد فراج ، رشا عطوة عبد الحكيم ، انعكاس صراعات الغاز الجديدة على الأمن الإقليمي لمنطقة شرق المتوسط ، مجلة كلية السياسة والاقتصاد  ، العدد ١٢ ، ٢٠٢١ .

[46] رنيم على جمال الدين الغنام ، الصراعات الدولية والإقليمية على الغاز الطبيعي بمنطقة الشرق الأوسط (٢٠٠٩-٢٠١٩) ، ( رسالة ماجستير ، جامعة الإسكندرية ، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية ،٢٠٢٢ ).

[47] احمد القرنى ، النفوذ التركى في الأزمة الليبية .. التداعيات السياسية والأمنية ، المعهد الدولى للدراسات الإيرانية ، ٢٠٢١

[48] رحاب ابو العلا ، البعد الاقتصادي في السياسة الخارجية التركية تجاه مصر وليبيا بعد أحداث الربيع العربي ٢٠١١ ، ( رسالة دكتوراه ، جامعة الإسكندرية ، كلية السياسة والاقتصاد ٢٠٢٣).

[49] Khalil Al-Anani, Egpt-Turkey Relations: Challeges and Future Prospects, Arab Center Washington DC, 2022.

[50] Ali Bakir, Egypt-Turkey normalization: Ankara`s perspective, Atlantic Council, 2023.

.
رابط المصدر:

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M