تسببت الأزمة التي خلّفتها إجراءات قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في أكتوبر 2021، وما تضمنته من حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وعزل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في حالة من الارتباك والفوضى في المشهد السياسي في السودان، وتركت أثرها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، مما دفع العديد من الأطراف إلى تقديم مبادرات، وانخرط عدد من القوى السياسية في مفاوضات مع مجلس السيادة العسكري للوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة، كان آخرها قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) التي أعلنت عن “اتفاق إطاري” مرتقب مع المكون العسكري يضمن تسليم الحكم لمدنيين، وخروج المؤسسة العسكرية من السلطة.
يتزامن الإعلان عن الاتفاق الإطاري مع مرور عام على إسقاط اتفاق حمدوك – البرهان الذي تم في نوفمبر 2021، وعارضته قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) آنذاك، ورفضت على مدار العام الماضي أي اتفاق أو مبادرة تفضي إلى شراكة مع المكون العسكري مرة ثانية، لكنها عادت يوم 16 نوفمبر لتعلن عن اتفاق إطاري مرتقب، فما الذي يتضمنه هذا الاتفاق؟ وهل يمكن أن يساعد في حلحلة الأزمة؟
أهم بنود الاتفاق المرتقب
أعلنت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، عبر مؤتمر صحفي يوم الأربعاء 16 نوفمبر 2022، التوصل إلى تفاهمات حول “اتفاق إطاري” مع المكون العسكري، يأتي ذلك بعد خمسة أشهر من إعلان الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 4 يوليو 2022 التزام المؤسسة العسكرية بالخروج تمامًا من السلطة والعمل السياسي وتسليم الحكم للمدنيين، فور توصلهم إلى توافق، على أن ينحصر عمل المكون العسكري في “المجلس الأعلى للقوات المسلحة والدعم السريع”، وهو البيان الذي رفضته قوى الحرية والتغيير حينها، واتهمت على إثره المكون العسكري بالمراوغة، ولكنها عادت الآن لتعلن عن اتفاق مبدئي مع المكون العسكري يحمل نفس المضمون الذي رفضته من قبل، وتحججت بأن السبب في تغيير موقفها هو قبول المكون العسكري بمشروع “الدستور الانتقالي” الذي عرضته لجنة المحامين، وموافقته على أن تكون هياكل السلطة مدنية بالكامل، وأن يتولى رئيس مجلس الوزراء رئاسة مجلس الأمن والدفاع.
من جهة أخرى، أدرك المكون العسكري أنه لا مفر من تقديم تنازلات لإخراج السودان من عنق الزجاجة، ولعل إعادة التموضع التي مارسها الفريق البرهان وقبوله التفاوض على مشروع الدستور الانتقالي، ومحاولة التوافق السياسي، وما يترتب عليهما من ابتعاد الجيش عن العمل السياسي وتسليم السلطة كاملة إلى حكومة مدنية، تعود إلى عدد من المعطيات، منها: إصرار بعض القوى السياسية واللجان الشعبية على فض الشراكة مع المكون العسكري منذ استئثاره بالسلطة في أكتوبر 2021، والاحتجاجات والمظاهرات المتواصلة في شوارع العاصمة وما تركته من آثار مدمرة على اقتصاد الدولة ومعيشة السودانيين.
هذا بالإضافة إلى فشل كل المبادرات السابقة للوصول إلى اتفاق، وعلى رأسها مبادرة “الطيب الجد” التي عدّتها بعض القوى السياسية بمثابة إعادة انتاج لنظام البشير، فضلًا عن الضغوط الدولية التي تمت ممارستها على المكون العسكري للعودة إلى الحكم المدني، بما في ذلك تجميد مقررات نادي باريس المتعلقة بإلغاء الديون السودانية، أو توقف المنح والمساعدات للسودان. في غضون ذلك، أوضحت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) أن الاتفاق الإطاري يشكل بداية عملية سياسية تفضي إلى إنهاء أزمة أكتوبر 2021 واستكمال أهداف انتفاضة ديسمبر عبر مرحلتين:
مرحلة الاتفاق الإطاري: وهو اتفاق قائم على التفاهمات التي جرت بين قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) والمكون العسكري وأطراف قوى الانتقال الديمقراطي، على أن يتم توقيعه خلال 10 أيام، ويغطي هذا الاتفاق عددًا من القضايا الرئيسة حول جوانب انتقال الحكم من العسكريين إلى المدنيين، أبرزها: نقل السلطة للمدنيين بشكل كامل والدخول في مرحلة انتقالية جديدة لعامين من تاريخ توقيع الاتفاق النهائي، فضلًا عن الاتفاق على إقامة دولة مدنية تتبع نظام الحكم الفيدرالي. ويتشكل هيكل السلطة من: مجلس سيادة مدني، ومجلس وزراء مدني من كفاءات وطنية، ومجلس تشريعي تمثل فيه كل قوى الثورة، ومجلس الأمن والدفاع. وأن قوى الثورة هي التي ستختار رئيس الوزراء الذي بدوره سيكون رئيسًا لمجلس الأمن والدفاع، وما يترتب على ذلك من تبَعية جهازي الشرطة والأمن للسلطة التنفيذية.
على أن يكون رئيس الوزراء هو القائد الأعلى لها، فضلًا عن انسحاب الجيش من العمل السياسي، وحصر مهامه في الدفاع عن سيادة وحماية حدود البلاد وحماية الدستور وعملية الانتقال المدني وصولًا إلى انتخابات حرة ونزيهة بعد انتهاء الفترة الانتقالية، وتنفيذ السياسات المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري، إلى جانب دمج القوات العسكرية والحركات المسلحة في جيش واحد.
أما المرحلة الثانية، والتي حُدد لها إطار زمني لا يتعدى شهر، فهي مرحلة الاتفاق النهائي، وهي بمثابة مرحلة نقاش وطني حول القضايا الأربع الأصعب والأكثر تعقيدًا، التي لا تزال قيد النقاش، المتمثلة في: أولًا: العدالة الانتقالية، وتشمل قضية أُسر الضحايا والمتضررين من انتهاكات حقوق الإنسان منذ عام 1989 وحتى الآن، وهي قضية تم إرجاؤها لأنها تتطلب مشاركة أصحاب المصلحة وأسر الضحايا والقوى السياسية من خلال مؤتمر متخصص للوصول إلى أكبر إجماع حول هذه القضية. وثانيًا: الإصلاح الأمني والعسكري، ويهدف إلى بناء جيش مهني وقومي موحد وفق ترتيبات أمنية متفق عليها. وثالثًا: تفكيك نظام الرئيس السابق “عمر البشير”، وحل ما تبقى من هياكل حكم الرئيس المخلوع منذ العام 1989. ورابعًا: اتفاق سلام جوبا 2020، وإكمال عملية السلام.
وسيتم بنهاية هذه المرحلة بلورة الاتفاق النهائي حول القضايا الأربع بمشاركة شعبية واسعة من أصحاب المصلحة وقوى الثورة. وشددت قوى الحرية والتغيير على أن التوقيع على الاتفاق النهائي مع الجيش لن يتم إلا بعد موافقة جميع القوى الثورية في السودان وأطراف العملية السياسية المعنية، بما في ذلك الأطراف التي شاركت في صياغة الوثيقة الدستورية، وتلك التي وقعت على اتفاق سلام جوبا، إضافة الى الحركات المسلحة، والحزب الشيوعي السوداني ولجان المقاومة.
ردود أفعال متباينة
خلق الاتفاق الإطاري الذي أعلنت عنه قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض للاتفاق المرتقب؛ فمن جهة، يحظى مشروع الاتفاق الجديد بتأييد عدد من القوى السياسية السودانية، ويحظى بقبول من المجتمع الدولي والإقليمي، وترعاه دول “الرباعية الدولية”؛ الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وبريطانيا والإمارات، بجانب “الآلية الثلاثية” المكونة من بعثة الأمم المتحدة “يونيتامس” والاتحاد الأفريقي والإيجاد.
وترى القوى السياسية المؤيدة للاتفاق الإطاري أنه بالرغم من التحديات التي قد تعترض طريق التسوية المزمعة، فإن العملية السياسية التي تمضي حاليًا تحقق أهداف الثوار ومطالبهم فيما يخص تحقيق العدالة وإعادة الجيش للثكنات وتحقيق مدنية الدولة والسيادة على المؤسسات العسكرية باعتبار أن الرئيس المدني في الهيكل السيادي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومن ثم فإن الاتفاق الوشيك يحظى بفرصة نجاح كبيرة، لا سيما وأن الجزء الأكبر من الشعب السوداني يرغب في إنهاء الأزمة واستعادة الاستقرار.
على النقيض من ذلك، تتسع الأصوات المعارضة للاتفاق المرتقب، وأبدت قوى سياسية عديدة رفضها لما جاء في الوثيقة وعزمها مقاومته، على رأسها “لجان المقاومة الشعبية” التي تقود الاحتجاجات في الشارع، وترفض أي تسوية لا تتضمن إقصاء قادة المجلس العسكري عن السلطة ومحاسبتهم على الانتهاكات التي ارتكبت منذ 25 أكتوبر 2021 وما سبقه، بالإضافة إلى “الحزب الشيوعي السوداني”، الذي يرى أن هذا الاتفاق يعمل على تمكين العسكريين للإفلات من العقاب وترسيخ سلطتهم غير الشرعية، ويعد انقلابًا على مواثيق الثورة، وهو الرأي الذي يوافقه “تجمع المهنيين السودانيين”.
وكذلك أكدت حركة تحرير السودان (قيادة عبد الواحد نور) رفضها للاتفاق الإطاري بين الحرية والتغيير والمكون العسكري، واصفة ما يتم بين الطرفين بأنه اختطاف لثورة الشعب السوداني، واعتراف بانقلاب أكتوبر، وانحراف عن مسار الثورة، وأن الحركة ستقف ضد أي اتفاق أو تسوية لا تلبي تطلعات الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة. وبالنسبة لحزب البعث العربي الاشتراكي “الأصل”، رغم كونه جزءًا من التحالف، فقد بدا مترددًا في القبول الكامل للاتفاق الإطاري، وشكك في نية المكون العسكري تسليم السلطة.
من جهة أخرى، شنّ أنصار الرئيس السابق “عمر البشير” هجومًا عنيفًا على الاتفاق، وتوعّدوا بإسقاطه، وبرزت “مبادرة أهل السودان” كإحدى الوجهات الرافضة للتسوية المنتظرة، وما تقوم عليه من دستور نقابة المحامين، حيث يرون أنه دستور علماني أعدّه أجانب ولا يمثل السودانيين، وإنهم يقدمون بديلًا وطنيًا عنه، وتوعدوا بإسقاط أي حكومة تقوم وفق مرجعية هذا الدستور.
أما “الحزب الاتحادي الديمقراطي” فقد انقسم على نفسه بين مؤيد للوثيقة ومعارض لها؛ فبينما وقع الحسن محمد عثمان الميرغني على وثيقة دستور المحامين، رفض أخوه جعفر الصادق الميرغني الدستور المقترح، وانضم أبوه إلى صفّه، وأصدر الحزب بيانًا أكد فيه دعمه للقوات المسلحة ورفض الإساءة إليها بوصفها الضامن لوحدة البلاد واستقرارها.
اتفاق الحرية والتغيير والمجلس العسكري بين عامي 2019 و 2022
لم تكن هذه المرة الأولى التي يجتمع فيها اسم الحرية والتغيير مع المكون العسكري في اتفاق واحد، حيث يُذكّرنا الاتفاق المرتقب باتفاق عام 2019 لذات الطرفين مع اختلاف السياق والمضمون؛ فبالرجوع إلى الاتفاق بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير الذي تم توقيعه في أغسطس عام 2019، نجد أن سياق الأحداث مختلف، حيث جاء الاتفاق الذي أفضى إلى شراكة بين المدنيين والعسكريين في السلطة عقب مظاهرات حاشدة تنادي بحكومة مدنية، في الوقت الذي كانت فيه السلطة في يد المجلس العسكري وحده بعد الإطاحة بالبشير، وكانت القوى الثورية مجتمعة تحت مظلة كيان واحد قوي، ما اضطر المجلس العسكري إلى التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير، والاستجابة لمطالبهم، في ظل تعاطف العالم مع سلمية الثورة السودانية.
أما اليوم، فتذهب قوى الحرية والتغيير للتوقيع على الاتفاق المرتقب مع المكون العسكري في ظل تشرذم قوى الثورة، ووجود حراك مضاد من فلول نظام البشير، وقوى دولية تتوسط المفاوضات، فضلًا عن ما شاب تجربة حكم الحرية والتغيير من مشاكل وضعف خلال الفترة الانتقالية، قبل الإطاحة بهم في أكتوبر 2021، ما يعني أننا أمام مشهد سياسي مختلف ربما لن ينال ذات الزخم الذي حاز عليه اتفاق 2019.
في المقابل، يؤيد وجود قوى دولية كراعية للمفاوضات الآنية الوصول إلى تفاهمات مشتركة بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري، حيث يدرك البرهان جيدًا مخاطر الاستمرار في الفوضى على مستقبل السودان، خاصة بعد أزمات متلاحقة أدت إلى عجز الدولة عن تغطية نفقاتها، وتدهورت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على خلفية تدهور الأوضاع السياسية في البلاد، وعلى أمل حدوث انفراجه بمساعدة الدول الراعية بعد الوصول إلى اتفاق مع القوى المدنية، لكن الاتفاق هذه المرة لن يفضي إلى شراكة مدنية – عسكرية، وانما حكومة مدنية بالكامل. ومع ذلك، فإن حالة التشرذم بين قوى الثورة السودانية وتضارب مصالحها تهدد بشدة استكمال هذا الاتفاق.
آفاق المستقبل وتحديات التنفيذ
على الرغم من المحاولات المحمودة للوصول إلى اتفاق يُنهي الأزمة في السودان، هناك بعض القضايا الشائكة والتحديات التي يمكنها أن تدمر أي اتفاق سياسي قد يتم التوصل إليه، وتتمثل إحدى القضايا الشائكة التي قد تحسم التوصل إلى اتفاق من عدمه في مسألة “العدالة الانتقالية” لأنها مرتبطة بدماء من سقط من السودانيين في مرحلة التحول الديمقراطي، وما إذا كان هذا الاتفاق سيضمن محاكمات لكل من تسبب في إراقة الدماء، أم لا، وعلى أي حال فإن عدم التوصل إلى تفاهمات واضحة بشأن ملف العدالة الانتقالية من شأنه تهديد الاتفاق.
أما القضية الشائكة الثانية فهي قضية اتفاق سلام جوبا، حيث أوضح تحالف الحرية والتغيير أن الاتفاق يواجه معضلات عدة، لذلك تم الإبقاء عليه مع إجراء بعض التعديلات بموافقة الأطراف الموقعة، مما يفتح باب الخلاف أمام الأطراف الموقعة وغير الموقعة على الاتفاق، حيث ترفض الأطراف الموقعة على اتفاق جوبا ومنها “الجبهة الثورية” البنود الخاصة بمراجعة اتفاق السلام واجراء أي تعديلات عليه، بينما ترفض الأطراف غير الموقعة الاتفاق برمته وتطالب بإلغائه، وعلى رأسها الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) برئاسة عبدالعزيز الحلو، وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور.
هذا إلى جانب التحديات التي واجهت تنفيذ هذا الاتفاق على مدار العامين الماضيين، وعدم تمكنه من اختراق عملية تنفيذ الترتيبات الأمنية، فضلًا عن التعارض الواضح بين بنود اتفاق جوبا وبين ما ينص عليه الاتفاق الإطاري المرتقب، فبينما ينص اتفاق سلام جوبا على حكومة محاصصات حزبية، فإن الاتفاق الإطاري يتضمن حكومة من المدنيين المستقلين، ما يستلزم تعديلًا في اتفاق جوبا، وهو ما يعيدنا إلى مربع الصفر حيث ترفض الأطراف الموقعة إجراء تعديلات في الاتفاق.
وكذلك تظل مسألة القدرة على تسمية رئيس وزراء يحوز على توافق ودعم كل الأطراف السياسية، ولديه قدرة على الإبحار بسفينة الحكومة الانتقالية إلى بر الأمان وسط الأمواج المتلاطمة، تحديًا آخر أمام تنفيذ بنود الاتفاق. فضلًا عن ذلك، بالنظر إلى الأصوات الرافضة للاتفاق، فإن معارضة التسوية لن تكون هينة، واحتجاجات الشارع لن تتوقف بل قد تتسع، الأمر الذي يهدد بعدم استكمال مسار التسوية الحالية، أو استكماله في ظل مقاومة شديدة من قوى مختلفة لن تهدأ حتى تُسقطه مره أخرى، سواء من القوى الثورية المعارضة، أو من أنصار البشير الذين سيسعون إلى إفساد المشهد السياسي وتخريبه.
ختامًا، يبقى مدى القبول بالاتفاق المنتظر رهنًا بمدى قبول القوى الثورية وانضمامهم إليه، وإمكانية تنفيذه على أرض الواقع، ومع ذلك يشير الكم الهائل من المبادرات المطروحة على الساحة السودانية، وتمسك كل طرف بمبادرته التي يسعى خلالها إلى تمرير وجهة نظره وحده دون النظر إلى الاعتبارات الوطنية، ودون الاستعداد لتقديم تنازلات والبناء على نقاط التفاهم المشتركة، وحالة المزايدات المنتشرة بين القوى السياسية المختلفة، إلى أن التوصل إلى اتفاق يشمل كل الأطراف لن يكون مسألة سهلة، ومع اتساع الوقت المطلوب لتحقيق ذلك، تتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد، ويدفع المواطن السوداني الثمن غاليًا من قوته ودمه.
.
رابط المصدر: