اشتعال التوترات الإقليمية على وقع الحرب في غزة

قالت باكستان إنها استخدمت صواريخ وطائرات مسيرة لمهاجمة مسلحين انفصاليين من البلوخ داخل إيران يوم الخميس بعد يومين من إعلان طهران أنها هاجمت قواعد لجماعة أخرى داخل الأراضي الباكستانية.

وشنت إيران هجمات صاروخية على ثلاث دول مختلفة هذا الأسبوع، وهي العراق وسوريا وباكستان، بينما تواصل جماعات مسلحة تدعمها طهران استهداف مصالح أمريكية وغربية وتخوض قتالا مع إسرائيل مما يؤجج مخاوف من أن يعصف الصراع بمنطقة الشرق الأوسط ويمتد إلى مناطق أخرى.

وأشاعت إيران حالة من الصدمة عبر المنطقة يوم الثلاثاء بضربة صاروخية ضد من وصفتهم بمسلحين سنة متشددين في جنوب غرب باكستان. وردت باكستان بعدها بيومين بهجوم على ما قالت إنهم مسلحون انفصاليون في إيران، في أول ضربة جوية على الأراضي الإيرانية منذ الحرب الإيرانية العراقية التي دارت رحاها بين عامي 1980 و1988.

وكان هجوم الثلاثاء أحد أقوى الهجمات التي تشنها إيران عبر الحدود على جماعة جيش العدل السنية المتشددة في باكستان. وتقول إيران إن الجماعة على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية. وانتمى كثيرون من أعضاء جيش العدل لجماعة متشددة أخرى تفككت لاحقا عرفت باسم جند الله بعدما بايعت تنظيم الدولة الإسلامية.

وفاقمت هذه الخطوة مخاوف عدم الاستقرار في الشرق الأوسط التي انتشرت منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر تشرين الأول. وشنت جماعات متحالفة مع إيران في اليمن ولبنان والعراق ضربات على أهداف أمريكية وإسرائيلية تضمنت استهداف سفن في البحر الأحمر تضامنا مع الفلسطينيين في غزة.

وجاءت أيضا بعد يوم من شن إيران هجمات في العراق وسوريا قالت إنها استهدفت عمليات تجسس إسرائيلية وأنشطة للدولة الإسلامية في البلدين على الترتيب.

بدوره قال مسؤول بوزارة الدفاع التركية يوم الخميس إن تركيا قد تنفذ المزيد من العمليات العسكرية داخل العراق وسوريا إذا لزم الأمر.

وقالت وسائل إعلام إيرانية إن عدة صواريخ أصابت قرية في إقليم سستان وبلوخستان المتاخم لباكستان، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن تسعة منهم أربعة أطفال.

وشهدت العلاقات بين باكستان وإيران توترا في الماضي لكن الضربات هي أكبر عملية توغل عبر الحدود في السنوات القليلة الماضية.

وتزيد الضربات العسكرية المتبادلة بين البلدين المخاوف بشأن عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط واتساع نطاق الحرب التي بدأت بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي.

لكن يبدو أن الجانبين أشارا إلى رغبة في احتواء الموقف. فقد قالت وزارة الخارجية الإيرانية يوم الخميس إنها ملتزمة بعلاقات حسن الجوار مع باكستان لكنها دعتها إلى منع إقامة “قواعد إرهابية” على أراضيها.

وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان مشابه “الهدف الوحيد من تحرك اليوم كان السعي لتحقيق أمن باكستان ومصالحها الوطنية، وهو أمر بالغ الأهمية ولا يمكن المساس به”.

وأضافت أن “عددا من الإرهابيين قُتلوا خلال العملية المستندة إلى معلومات استخباراتية”. ووصفت العملية بأنها “سلسلة من الضربات العسكرية المنسقة للغاية والموجهة بشكل محدد ضد مخابئ الإرهابيين”.

وقال مسؤول أمني باكستاني كبير لرويترز إن الجيش في حالة تأهب قصوى وسيواجه أي “مغامرة غير محسوبة” من الجانب الإيراني بقوة.

ونددت طهران بشدة بالهجمات قائلة إن مدنيين قُتلوا، واستدعت القائم بالأعمال الباكستاني وهو أكبر دبلوماسيي إسلام اباد داخل إيران، ليقدم تفسيرا.

وقال أحمد وحيدي وزير الداخلية الإيراني للتلفزيون الرسمي “المعلومات التي تلقيناها تشير إلى أن أربعة أطفال وثلاث نساء ورجلين، وهم مواطنون أجانب، قُتلوا في الانفجار الذي وقع في قرية”.

وفي باكستان، ذكر متحدث باسم وزارة الخارجية يوم الخميس أن رئيس الوزراء المؤقت أنوار الحق كاكار سيقطع زيارته للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

وقبل ساعات من ضربة الاربعاء، التقى كاكار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان على هامش منتدى دافوس والتقطا الصور.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع أفادت وكالة إرنا بأن البحريتين الإيرانية والباكستانية نفذتا تدريبات مشتركة في مضيق هرمز والخليج.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ممتاز زهرة بلوش إنه لم يتم تشارك معلومات مع بلادها بشأن ضربات إيرانية في وقت سابق على باكستان.

وورد في بيان للجيش الباكستاني “نُفذت الضربات الدقيقة باستخدام طائرات مسيرة فتاكة وصواريخ وذخائر متسكعة وأسلحة تطلق من مسافات بعيدة”. وذكر أن الأهداف كانت قواعد تستخدمها جبهة تحرير بلوخستان وجيش تحرير بلوخستان المرتبط بها.

وأعلنت إيران يوم الثلاثاء أنها استهدفت قواعد تقول إنها تابعة لجيش العدل داخل باكستان. وتنتمي كل المجموعات المستهدفة إلى البلوخ، لكن من غير الواضح إذا كانت هناك صلات لجيش العدل بالمجموعتين الأخريين.

إلا أن باكستان قالت إن مدنيين أصيبوا وإن طفلين قُتلا، محذرة من أنه ستكون هناك عواقب تتحمل طهران المسؤولية عنها.

وسحبت إسلام اباد سفيرها من إيران يوم الأربعاء احتجاجا على ما قالت إنه “انتهاك صارخ” لسيادتها.

مخاوف من التصعيد

استعرضت إيران عضلاتها في المنطقة قبل توغلها عبر الحدود في باكستان.

وشنت طهران ضربات على سوريا ضد ما قالت إنها مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية، وفي العراق ضد ما قالت إنه مركز تجسس إسرائيلي. وسحبت بغداد أيضا سفيرها من طهران.

وتستهدف جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران الملاحة في البحر الأحمر منذ نوفمبر تشرين الثاني، قائلة إن ذلك يأتي تضامنا مع الفلسطينيين في غزة.

وبدا أن البلدين يعملان على تحسين العلاقات، إذ التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مع كاكار في دافوس هذا الأسبوع.

وحذر محللون من أن الوضع قد يخرج عن السيطرة.

وقال إسفنديار مير الخبير البارز في أمن منطقة جنوب آسيا بالمعهد الأمريكي للسلام لرويترز إن دوافع إيران لمهاجمة باكستان لا تزال غامضة، لكن يمكن أن تتصاعد الأمور في ضوء التصرفات الإيرانية في المنطقة.

وأضاف “ما سيقلق طهران هو أن باكستان تجاوزت خطا بضربها داخل الأراضي الإيرانية، وهو خط حرصت حتى الولايات المتحدة وإسرائيل على عدم تجاوزه”.

ودعت وزارة الخارجية الروسية يوم الخميس إيران وباكستان إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وحل خلافاتهما عبر الدبلوماسية.

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بعد التحدث مع نظيريه من البلدين إن الطرفين لا يريدان تصعيد التوتر.

وسيستان بلوشستان من أفقر محافظات إيران وينتمي غالبية سكانها إلى إتنية البلوش السنية فيما غالبية سكان البلاد من الشيعة. وتشهد المحافظة المترامية مواجهات متكررة بين القوى الأمنية ومهربي مخدرات ومتمردين من أقلية البلوش وجماعات سنية متطرفة.

وتعمل الجماعتان المسلحتان المستهدفتان في منطقة تشمل إقليم بلوخستان جنوب غرب باكستان وإقليم سستان وبلوخستان جنوب شرق إيران. وتشهد المنطقتان اضطرابات، وتعانيان من الفقر إلى حد كبير على الرغم من أنهما تزخران بالمعادن.

وتشن جبهة تحرير بلوخستان، التي استهدفتها إسلام اباد داخل إيران، تمردا مسلحا ضد الدولة الباكستانية.

وقامت في إطار ذلك التمرد باستهداف مواطنين صينيين واستثمارات صينية في بلوخستان.

أما جيش العدل الذي استهدفته إيران، هو أيضا جماعة عرقية مسلحة، ذات ميول إسلامية سنية تعتبرها إيران ذات الأغلبية الشيعية تهديدا لها.

ونفذت جماعة جيش العدل هجمات في إيران ضد قوات الحرس الثوري.

في 10 كانون الثاني/يناير أعلن تنظيم “جيش العدل” مسؤوليته عن هجوم على مقر شرطة راسك (جنوب شرق) أسفر عن مقتل شرطي. وكان التنظيم قد نفذت هجوما مشابها في كانون الأول/ديسمبر أسفر عن مقتل 11 عنصرا من الشرطة الإيرانية.

والأربعاء أعلن التنظيم قتل عنصر في الحرس الثوري الإيراني في سيستان بلوشستان، بحسب وكالة إرنا.

ويشن الجيش الباكستاني منذ عقود حملة ضد الانفصاليين البلوش في الإقليم الأكبر مساحة لكنه الأكثر فقرا. ويتصدى أيضا لعمليات التمرد في مناطق حدودية مع أفغانستان.

وتفصل باكستان التي تقودها حاليا حكومة موقتة، ثلاثة أسابيع عن انتخابات عامة يغيب عنها عمران خان الذي يقبع في السجن فيما عملت السلطات على إسكات أنصاره.

ورغم أن إيران وباكستان المسلحة نوويا تتبادلان في أحيان كثيرة الاتهامات بالسماح لعناصر مسلحة تنشط من أراضي كل منهما بتنفيذ هجمات، لكن نادرا ما تتدخل القوات الحكومية لدى الجانبين.

قلق دولي

وأعربت بكين الخميس عن استعدادها للتوسط بين باكستان وإيران بعد تبادل القصف عند الحدود بين البلدين.

وحض البيت الأبيض إيران وباكستان على تجنب التصعيد، وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس إن تبادل إطلاق النار يظهر أن إيران “ليست محل تقدير بشكل خاص في المنطقة”.

وذكر بايدن “كما يمكنكم أن تروا، إيران لا تحظى بالقبول الكبير في المنطقة ونعمل الآن (لتحديد) مآل كل هذا. لا أعلم إلى أين سيؤول الأمر”.

وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحفيين إن واشنطن تراقب الاشتباكات بين إيران وباكستان عن كثب، وذلك على متن طائرة الرئاسة الأمريكية مع توجه بايدن إلى ولاية نورث كارولاينا.

وأضاف كيربي “لا نريد أن نشهد تصعيدا في جنوب ووسط آسيا، ونحن على اتصال بنظرائنا الباكستانيين”.

وتابع كيربي أن الهجوم على باكستان مثال آخر على سلوك طهران المزعزع للاستقرار في المنطقة.

واعرب الأمين العام للأمم المتحدة، على لسان المتحدث باسمه، عن “قلق بالغ حيال تبادل الضربات العسكرية أخيرا بين ايران وباكستان”، على خلفية تصاعد التوتر في المنطقة.

وقال المتحدث ستيفان دوجاريك في بيان إن انطونيو غوتيريش “يحض البلدين على التزام أكبر قدر من ضبط النفس بهدف تجنب أي تصعيد جديد للتوترات”، داعيا إياهما الى تسوية خلافاتهما من طريق “الحوار والتعاون”.

وأبدى الاتحاد الأوروبي قلقه العميق إزاء “دوامة العنف في الشرق الأوسط وخارجه”.

وقال المتحدث بيتر ستانو إن “هذه الهجمات، بما فيها داخل باكستان والعراق وإيران، تشكل الآن مصدر قلق بالغ للاتحاد الأوروبي لأنها تنتهك سيادة الدول ووحدة أراضيها، ولها أيضا تأثير مزعزع للاستقرار في المنطقة”.

وحضت روسيا الخميس إسلام أباد وطهران على خفض التصعيد، ودعت الخارجية الروسية في بيان الطرفين إلى “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وحل المسائل المستجدة بالسبل السياسية والدبلوماسية حصرا”.

صِدام يعود للحدود المضطربة وليس الشرق الأوسط

قال ثلاثة مسؤولين إيرانيين ومصدر مطلع على الشأن الإيراني ومحلل إن الهجوم الإيراني على باكستان الذي دفع إسلام اباد للرد العسكري السريع وأثار مخاوف من حدوث اضطرابات إقليمية أكبر، كان مدفوعا بسعي إيران لتعزيز أمنها الداخلي وليس طموحاتها في الشرق الأوسط.

وقال محللان ومسؤولان إن البلدين الجارين، اللذين يملكان قدرات عسكرية كبيرة، وبينهما خلافات في أحيان كثيرة بسبب الاضطرابات على الحدود، يرغبان على ما يبدو في احتواء التوتر الناجم عن أكبر عملية اختراق عبر الحدود في السنوات الأخيرة.

لكن الضربات المتبادلة بين إيران وباكستان وقعت بعيدا عن منطقة الحرب تلك، وفي بقاع حدودية نائية حيث طالما نفذت جماعات انفصالية ومتشددون إسلاميون هجمات على أهداف حكومية كانت تدفع مسؤولين بالبلدين في الغالب لتبادل الاتهامات بشأن المتورطين عن إراقة الدماء.

وقال جريجوري برو، المحلل في شركة أوراسيا جروب لاستشارات المخاطر الدولية، إن ضربات طهران مدفوعة إلى حد كبير بقلقها المتزايد من مخاطر العنف الداخلي المسلح في أعقاب الهجوم الفتاك في الثالث من يناير كانون الثاني الذي أعلنت الدولة الإسلامية مسؤوليتها عنه.

وقال برو “هناك كثير من الضغط الداخلي للقيام بشيء، والقيادة تستجيب لهذا الضغط”.

لكن لم تسع أي من الحكومتين في تصريحاتهما إلى الربط بين صراعهما وحرب غزة أو الهجمات التي نفذتها مجموعة من الجماعات المتحالفة مع إيران لدعم الفلسطينيين.

وكان الدافع وراء التصعيد بالنسبة لإيران هو التفجير المدمر الذي وقع في الثالث من يناير كانون الثاني وأودى بحياة نحو 100 شخص في مراسم بمدينة كرمان بجنوب شرق البلاد لإحياء ذكرى القائد العسكري قاسم سليماني الذي قُتل في هجوم بطائرة أمريكية مسيرة عام 2020.

ووصف أحد المطلعين على الشأن الإيراني وهو مقرب من رجال الدين تفجير كرمان بأنه كان “إحراجا للقيادة” أظهر ضعف الأمن الإيراني.

وقال المصدر إن هجوم الثلاثاء استهدف إبراز قدرات المنظمات الأمنية في البلاد وسط مخاوف الإيرانيين من ضعف الأمن

وأضاف “مثل هذه الهجمات الإرهابية ستحظى برد ساحق من إيران”.

واعتقلت إيران عشرات أيضا وصفتهم بالارتباط بالدولة الإسلامية.

وقال مسؤول أمني إيراني كبير لرويترز إن إيران قدمت لباكستان أدلة على تورط جيش العدل في هجوم كرمان وتنسيقه له لوجستيا وطلبت من باكستان التحرك ضده. وأضاف أن إيران حصلت على أدلة تشير إلى أن أعضاء في الجماعة كانوا من بين عدد من المتشددين الذين يخططون لهجمات أخرى في إيران.

وأضاف المسؤول الذي اشترط عدم الكشف عن هويته “حذرنا الجميع من أن أي إجراء ضد أمتنا وأمننا القومي لن يمر دون رد”.

وقال برو إن إيران تضغط على إسلام اباد منذ سنوات لتعالج مسألة وجود متشددين بالقرب من حدودها مشيرا إلى أن الهجوم الصاروخي كان علامة على نفاد صبر طهران.

ولكن لا تزال إيران ترى دورها ونفوذها في الشرق الأوسط محورا أساسيا في أهدافها الأمنية.

وقال برو إن الضربة الإيرانية على الأراضي الباكستانية تشير أيضا إلى رغبة طهران في أن تظهر لأعدائها وحلفائها على السواء عزمها على الدفاع عن أمنها وسط الأزمة الإقليمية المتعلقة بغزة.

وقال مايكل كوجلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون البحثي بواشنطن، إن التوتر الأمني على الحدود مشكلة قائمة منذ فترة طويلة بين إيران وباكستان.

وأضاف أن وقف التصعيد سيكون صعبا على المدى القريب “نظرا للتوتر الشديد”.

لكن البلدين لا يرغبان في الصراع على ما يبدو. وفي تصريحات علنية أشارت إيران وباكستان إلى أن الهجمات لم تستهدف أيا من مواطني البلدين وإلى أنهما لا يريدان التصعيد.

وقال كوجلمان إن البلدين قد يرحبان بحوار ثنائي ووساطة محتملة من طرف ثالث قد يكون الصين التي لها علاقات طيبة ونفوذ لدى الطرفين.

وأضاف “الدبلوماسية ستكون حاسمة من الآن فصاعدا”.

هل يتسع نطاق العنف في الشرق الأوسط؟

جاءت هجمات طهران على العراق وسوريا وباكستان ردا على هجمات على أراضي إيران أو على أهداف إيرانية.

وقصفت إيران في اليوم نفسه ما وصفتها بأنها مواقع تجسس إسرائيلية في العراق، وهو ما تنفيه بغداد. وقتلت إسرائيل أعضاء بارزين بجماعة حزب الله اللبنانية الحليفة لطهران وأيضا من الحرس الثوري في لبنان وسوريا.

يقول “محور المقاومة” المدعوم من إيران إن تحركاته المنسقة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول رد على قصف إسرائيل لغزة واجتياحها البري للقطاع.

وأشار الحوثيون وحزب الله وجماعات أخرى إلى أنهم سيوقفون هجماتهم بمجرد أن توقف إسرائيل هجومها على الفلسطينيين.

تتشارك إيران ووكلاؤها هدف وقف القصف الإسرائيلي على غزة وطرد القوات الأمريكية من المنطقة نهائيا.

لكن بخلاف ذلك، فإن لديهم مصالحهم المحلية الخاصة.

حزب الله هو أكبر الجماعات نفوذا في لبنان ويسعى إلى تجنب تصعيد الصراع أو العمليات العسكرية المكثفة من جانب إسرائيل، وهو ما قد يهدد مكانته في لبنان.

ويقول محللون إن الحوثيين يسعون إلى استعادة السيطرة في اليمن ويستغلون الحرب الجارية لتأكيد قوتهم العسكرية وأهميتهم الإقليمية. لكن المدى الدقيق لتحكم إيران في تحركات الحوثيين محل جدل.

فيما حققت قوات الحشد الشعبي ثراء من خلال الهيمنة على أجزاء كبيرة من الدولة والاقتصاد. وتتبع الجماعات الأكثر ولاء لإيران أوامر طهران، لكن ثمة جماعات أخرى تسعى إلى المال والنفوذ وتعتقد أن الاضطراب في المنطقة قد يضر بهيمنتها في العراق، حسبما يقول بعض المسؤولين.

وفاجأت حماس إيران والأعضاء الآخرين في محور المقاومة بهجومها في السابع من أكتوبر تشرين الأول، حسب تقرير لرويترز.

هل تشترك روسيا في الصراع؟

يتزايد التقارب بين روسيا وإيران على مدى الأعوام القليلة الماضية إذ تشتركان في العزلة الدولية التي فرضتها عليهما العقوبات الأمريكية وفي معارضتهما للنفوذ الأمريكي العالمي. وتقدم طهران لموسكو طائرات مسيرة تستخدمها في هجماتها على مدن أوكرانية. وتدخلت كلتا الدولتين في سوريا لإنقاذ حليفهما المشترك بشار الأسد.

وعبرت روسيا عن قلقها إزاء الاشتباكات بين إيران وباكستان ودعت طهران وإسلام اباد إلى حل خلافاتهما عبر الجهود الدبلوماسية.

تشير تقديرات مسؤولين ومحللين غربيين وإقليميين إلى أن إيران ترغب في تجنب أي مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، لكنها تعتزم استخدام وكلائها لإبقاء جيشي عدويها في المنطقة في حالة انشغال.

ويكمن الخطر الأكبر للتصعيد في أي هجوم غير محسوب بدقة تنفذه إيران ووكلاؤها من جهة أو الولايات المتحدة وحلفاؤها من جهة أخرى، على سبيل المثال قتل جنود أمريكيين.

تركيا قد تدخل في الصراعات الحدودية

من جهته قال مسؤول بوزارة الدفاع التركية يوم الخميس إن تركيا قد تنفذ المزيد من العمليات العسكرية داخل العراق وسوريا إذا لزم الأمر.

جاءت تلك التصريحات بعد مقتل تسعة جنود أتراك في شمال العراق الأسبوع الماضي.

وقتل الجنود التسعة في اشتباكات مع مسلحين من حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا مما دفع أنقرة إلى شن ضربات جوية وعمليات أخرى في شمال العراق وشمال سوريا.

وقال المسؤول في وزارة الدفاع التركية للصحفيين “بموجب القانون الدولي وحق الدفاع عن النفس، تركيا لها كل الحق في تنفيذ عمليات للحفاظ على أمن حدودها. القوات المسلحة التركية فعلت وستفعل كل ما هو ضروري أينما ومتى كان ضروريا”.

وأضاف أن الاشتباكات وقعت في منطقة وادي الزاب بشمال العراق عندما هاجم مسلحو حزب العمال الكردستاني موقعا أمنيا للقوات المسلحة التركية.

ونفذت تركيا منذ عام 2019 سلسلة من العمليات عبر الحدود في شمال العراق ضد حزب العمال الكردستاني أطلقت عليها اسم (المخلب). وقال المسؤول إن وادي الزاب هو موقع العملية التي تهدف إلى تأمين كامل للحدود التركية العراقية.

وقال المسؤول إن أعضاء حزب العمال الكردستاني شنوا في 12 يناير كانون الثاني هجمات متزامنة على عدة قواعد تركية في شمال العراق في وقت طقس سيء وضعف لمدى الرؤية لكن الجنود الأتراك تمكنوا من صد جميع الهجمات باستثناء واحدة.

وحمل حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة إرهابية، السلاح ضد الدولة التركية في عام 1984 وقتل في الصراع أكثر من 40 ألفا.

وتركز الصراع دائما في مناطق ريفية جنوب شرق تركيا، قبل أن يتحول إلى جبال إقليم كردستان العراق التي يتمتع بحكم شبه ذاتي في شمال العراق في منطقة لحزب العمال الكردستاني وجود فيها.

وقال المسؤول “في معركتنا ضد الإرهاب، لا يمكن الفصل بين سوريا والعراق. سوريا هي المورد البشري الرئيسي للمنظمة الإرهابية، ويوجد حركة تنقل متكررة بين سوريا والعراق”.

وتوغلت تركيا عسكريا أيضا في شمال سوريا مستهدفة وحدات حماية الشعب التي تعتبرها جناحا لحزب العمال الكردستاني.

وأضاف المسؤول أن تركيا قد تجري عمليات جديدة عبر الحدود في العراق وسوريا وقد توسع أيضا إذا احتاجت ذلك مناطق تنفيذ العمليات.

 

المصدر : https://annabaa.org/arabic/reports/37703

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M