الأقليات في قانون الانتخابات: هل أُفْــرِغَــتِ الكوتا من محتواها؟

عبد العزيز عليوي العيساوي

 

تمنح الدول الكوتا للفئات الاجتماعية التي تعتقد أنَّها لن تحصل على ما يناسب ثقلها وتاريخها في الانتخابات؛ لضمان تمثيل نسبي للمكونات الاجتماعية في السلطة.
تمنح بعض الدول الكوتا للأقليات، وبعض آخر يمنحها للنساء، وفي دول أخرى تُمْنَح لفئات تمتلك حظوظاً ضعيفة في الانتخابات، مثل: ذوي الاحتياجات الخاصة.
المكونات العراقية الأقل عدداً من الأخرى حصلت على عدد من المقاعد ضمن ما يعرف بالكوتا التي منحت الأقليات (9) مقاعد لا تدخل ضمن إطار المنافسة العامة في الانتخابات، بل يجري التنافس عليها من مرشحين يمثِّلون هذه الأقليات.
اختلفت آليات انتخاب مرشحي الأقليات في العمليات الانتخابية التي شهدها الحقبة الممتدة بين 2005 و2021، واليوم يحتدم الجِدال بشأن الدوائر الانتخابية التي يحق للأقليات التنافس فيها. يريدها بعضهم على مستوى العراق، في حين يرى آخرون أنَّ هذا الحق مقتصر على محافظات محددة، يوجد فيها ثقل للأقليات، وهو ما ذهب إليه التعديل الثالث لقانون انتخابات مجالس المحافظات، ومجلس النواب الذي أشعل جدلاً واسعاً بين ممثلين عن الأقليات، وبعض القوى السياسية.
أولاً: الأقليات والانتخابات
كانت المجتمعات العربية تمثِّل ملتقى للقوميات والإثنيات والثقافات. ونتج عن ذلك تمازجاً ولَّد إطاراً ثقافياً واحداً ميَّز تلك المجتمعات التي بدا طابع التنوع غائباً عنهم؛ نتيجة لهذا التمازج الذي تأثر بمرور الزمن بفعل المتغيرات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية؛ ممَّا أدَّى إلى اختلاف أولويات هذه المجتمعات باختلاف توجهاتها، إذ تختلف أحياناً بسبب الدين، وأحيان أخرى بسبب الطائفة أو القبيلة، وغير ذلك من الأسباب التي ولَّدت انتماءات ضيقة كبرت بمرور الزمن؛ لتولِّد فئات صُنِّفَ بعضها على أنَّه أغلبية، مقابل فئات أخرى أضحت توصف بالأقليات.
رافق ذلك ضعفاً واضحاً في العمل المؤسساتي بعدد من الدول العربية التي عانت نظمها السياسية من ضعف؛ ممَّا أدَّى بالنتيجة إلى وجود فئات اجتماعية مهيمنة، وأخرى تكابد؛ للحصول على حقوقها ما يولد صراعاً بين فئات المجتمع الذي ينقسم على أطراف تحاول فرض النفوذ عن طريق الاحتماء بالمكونات، وتوظيف الأغلبية العددية على حساب سائر المكونات الأقل عدداً.
وفي هذا الحالة يتوجَّب على تلك الدول تعزيز إجراءاتها لضمان حقوق الأقليات عن طريق تطوير نظامها الانتخابي؛ ليكون قادراً على توفير مساهمة فاعلة للأقليات في الحياة العامة لتسود روح التآخي والتعاون بين مكونات المجتمع، إذ لا يمكن للأقليات الدخول في صراعات طويلة الأمد مع القوى المهيمنة، فضلاً عن أنَّ الانتخابات تمثِّل وسيلة ديمقراطية؛ لإشراك مختلف المكونات في إدارة السلطة دون الدخول في صِدَامَات تقلِّل من قيمة الأساليب الديمقراطية للإصلاح والتغيير.
ثانياً: الأقليات والقوانين الانتخابية في العراق
ضمن الدستور العراقي للأقليات حق الترشيح والتمثيل السياسي؛ لأنَّهم عراقيون يتساوون مع سائر المواطنين في الحقوق، سواءً كان ذلك في مجلس النواب أم في مجالس المحافظات، إذ نصَّت المادة (20) من الدستور على: «للمواطنين رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت، والانتخاب، والترشيح».
كما تُعدُّ المادَّة (49) الفِقْرَة أولاً ممهِّدة لكوتا الأقليات من تأكيدها على أنَّ مجلس النواب يتكوَّن من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مئة ألف نسمة من نفوس العراق يمثِّلون الشعب العراقي بأكمله، يُنْتَخَبون بطريق الاقتراع العام السري المباشر، ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه.
وأسس التأكيد على مراعاة تمثيل سائر المكونات لكوتا الأقليات التي مثَّلت ضماناً لوجود معظم المكونات في السلطة التشريعية، وذلك بعد أن شعر المسيحيون بالقلق بعد أن حصلوا على مقعد واحد في مجلس الحكم الذي تكون من (25) عضواً، وزَّعوا على أساس التوافق بين المكونات العراقية الرئيسة.

لقراءة المزيد اضغط هنا

 

.

رابط المصدر:

 

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M