الاستراتيجية الوطنية المصرية للهيدروجين: المحددات والأهداف

هناك الكثير من الأسباب الفنية والبيئية والاقتصادية والسياسية وراء الاهتمام العالمي بالهيدروجين الأخضر؛ وذلك لكونه مصدرًا للطاقة، إلا أن قضية التغير المناخي وكونه وقودًا نظيفًا وصديقًا للبيئة هي السبب الرئيسي لتبنيه في الوقت الراهن، وبالأخص مع وفرة تكنولوجيا إنتاج الطاقة المتجددة والتي من الممكن استغلالها لتوليد الكهرباء، ومن ثم استخدامها في عمليات إنتاج الهيدروجين، في وقت زادت فيه التحديات والطموحات العالمية حول ضرورة تعزيز تبني سياسات قوية للطاقة البديلة بفعل تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، وضرورة تخفيف الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري.

نص الهدف الخامس من رؤية مصر 2030 على أننا نسعى إلى الحفاظ على التنمية والبيئة معًا، وذلك من خلال الاستخدام الرشيد للموارد بما يحفظ حقوق الأجيال القادمة في مستقبل أكثر أمنًا وكفاية. يتحقق ذلك بمواجهة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية وتعزيز قدرة الأنظمة البيئية على التكيف، والقدرة على مواجهة المخاطر والكوارث الطبيعية وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، وتبني أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة. ومن هذا المنطلق، تحتل الطاقة المتجددة مكانة رئيسة في خطط التنمية المستدامة وذلك من منظور تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى ترشيد استخدام جميع الموارد، سواء المتاح منها بوفرة أو النادر، وكذلك سعي الدولة إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة.

وبشكل عام، تقترب مصر من تنفيذ العديد من مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر وبالشراكة مع كبرى الشركات العاملة في المجال، وتنفيذ خطة وطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقيمة حوالي 40 مليار دولار في الفترة المقبلة؛ وذلك إدراكًا منها لأهمية إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء وتخزينهما وتجارتهما، في إطار استراتيجيتها للتنمية الاقتصادية، والتي تستهدف الوصول إلى حوالي 8% من السوق العالمية للهيدروجين. ولذلك تمت الموافقة على الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر تمهيدًا لعرضها على المجلس الأعلى للطاقة.

ومن جهة أخرى، يتم تقسيم الهيدروجين إلى أنواع وألوان مختلفة وذلك على حسب طرق إنتاجه، والمثير للدهشة في الأمر أن الهيدروجين لا لون له، ولكنه رموز تُستخدم فقط للتمييز بين أنواع الهيدروجين المختلفة، إذا كان الهيدروجين صافيًا فإن لهبه لا لون له، أما إذا كان لهبه يميل إلى الزُرقة فهذا يدل على وجود الكبريت، وإذا كان يميل إلى الاصفرار فهذا يدل على وجود شوائب مختلفة.

وبصفة عامة وبالرغم من أن هناك 3 أنواع معروفة وشهيرة من الهيدروجين يُرمز له بألوان الرمادي والأزرق والأخضر؛ فإن هناك تقسيمات بمزيد من الألوان حسب طرق استخلاصه كما هو موضوح بالشكل التالي. والجدير بالذكر إن هناك خلافًا كبيرًا حول الألوان ومدى جدواها، وقد تتغير تعريفات الألوان وذلك بمرور الوقت وحتى بين الدول، فضلًا عن أن هناك تصنيفًا جديدًا من الأمم المتحدة يعتمد على الانبعاثات الكربونية ويتجاهل الألوان.

ووفقًا لما سبق، سنتناول الرؤية المصرية وتوطين صناعة وإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، مع إلقاء الضوء على مقومات الدولة المصرية والتي تتمتع بها في تلك الصناعة الاستراتيجية.

بشكل عام، ينوي العديد من دول العالم زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة والتوسع في استخدامها من خلال العديد من التقنيات الحديثة لتخزين ونقل واستخدام الطاقة الخضراء، والتي من ضمنها الهيدروجين الأخضر كخيار مهم لتخزين الكهرباء.

ووصل عدد المشروعات على مستوى العالم إلى أكثر من حوالي 700 مشروع بإجمالي حجم الاستثمارات الموجهة حوالي أكثر من 600 مليار دولار، ووصل عدد الدول التي اهتمت بإعداد استراتيجيات وطنية وخطط تنموية لإنتاج الهيدروجين الأخضر حوالي 44 دولة، كما هو موضح في الشكل التالي. وبلغ عدد الدول التي تعمل على الانتهاء من إعداد استراتيجيات الهيدروجين الوطنية نحو 10 دول، من بينها مصر والتي أعدت استراتيجيتها الوطنية، وتُخضعها للمراجعة حاليًا تمهيدًا لإعلانها بشكل رسمي خلال الفترة القادمة.

ولذلك تعتزم مصر إضافة الهيدروجين الأخضر إلى منظومة الطاقة المتكاملة لعام 2035، والمخطط انطلاقها بقيمة حوالي 40 مليار دولار. وفي يوليو من عام 2021، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعداد استراتيجية وطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، لكونه وقود المستقبل الصديق للبيئة.

وفي هذا الإطار، كانت مصر من ضمن دول كثيرة تسعى حاليًا في إعداد استراتيجيات وطنية لتوطين إنتاج واستخدام الهيدروجين الأخضر، واتجهت أيضًا إلى دراسة الفرص المتاحة لجذب الاستثمارات في صناعة إنتاج الهيدروجين، ودراسة الفرص المستقبلية وفتح أسواق في مختلف دول العالم، حيث سعت إلى توقيع اتفاقات وشراكات ومذكرات تفاهم أولية بهدف ضمان حصص مستقبلية لها في التداول العالمي المتوقع للهيدروجين.

واستكمالًا لما سبق، تأتي مصر على رأس قائمة الدول العربية من حيث عدد المشروعات التي تهدف إلى توطين صناعة الهيدروجين الأخضر، بنحو حوالي 23 مشروعًا (من إجمالي حوالي 73 مشروعًا في صناعة الهيدروجين على مستوى الوطن العربي) كما هو موضح في الشكل التالي. وذلك بالرغم من التحديات الكبيرة في تلك الصناعة، حيث تُشكل تكلفة الإنتاج الضخمة هي العقبة الرئيسة أمام تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر، فالتكلفة التي يتطلبها إنتاج الهيدروجين الأخضر لا تزال تحد من تنافسيته في الأسواق العالمية.

وهو الأمر الذي دفع الدولة المصرية إلى الإسراع في ضخ الاستثمارات إلى هذه الصناعة الخضراء ضمن الاستراتيجية المصرية لتوطين صناعة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، كما هو موضح في الشكل التالي، ونشر وتسهيل أنظمة التحليل الكهربائي التي تُستخدم في صناعة الهيدروجين الأخضر، مع تشجيع عمليات الصناعة المحلية، وتذليل كافة العقبات أمام تلك الخطوة؛ وذلك لأن الهيدروجين الأخضر يُشكل الوسيلة الأمثل لاستثمار فائض إنتاج الطاقة من المصادر البديلة أو المتجددة والتي عجزت التكنولوجيا عن حل مسألة تخزينه.

وتم كذلك تنفيذ مشروعات تجريبية في مصر فيما يتعلق بإنتاج الهيدروجين الأخضر، ويتعاون صندوق مصر السيادي مع الشركة النرويجية سكاتيك وشركات أخرى لتشغيل محطة العين السخنة أول محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة إنتاجية تصل إلى حوالي 100 ميجا وات، والتي تم افتتاحها في نهاية العام الماضي.

وهنا تجب الإشارة إلى وصول معدل الإنتاج السنوي من الهيدروجين (عن طريق استخدام الغاز الطبيعي والفحم الأحفوري) إلى أكثر من حوالي 90 مليون طن. والجدير بالذكر أن هذه الطريقة تُمثل أكثر من 95% من إنتاج الهيدروجين عالميًا، وحوالي 1% من الهيدروجين النظيف، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج التقديري من الهيدروجين النظيف إلى حوالي 700 مليون طن، وذلك بحلول عام 2050.

ولذلك نجد أن السعة العالمية لإنتاج الهيدروجين النظيف قد ارتفعت لأكثر من حوالي 109 كيلو طن سنويًا خلال العام الماضي، محققة بذلك زيادة حوالي 44% على أساس سنوي. وبالتالي ارتفاع عدد الصفقات الموقعة خلال العام الماضي، مما يساعد على الوصول إلى تحقيق هدف زيادة قدرة إنتاج الهيدروجين الأخضر لأكثر من حوالي 111 مليون طن سنويًا وذلك بحلول عام 2030، كما هو موضح في الشكل التالي.

في ضوء استراتيجية مصر للمضي قدمًا في تفعيل آليات وأدوات التنمية المستدامة، كانت مصر نموذجًا أفريقيًا في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر عبر العديد من المشاريع والتي من أهمها إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث يحظى الهيدروجين الأخضر في مصر باهتمام كبير ومتزايد، خاصةً مع توافر إمكانات الطاقة المتجددة. ولذلك تُعد مصر ضمن الدول العربية الأكثر اهتمامًا بقطاع الطاقة المتجددة كما هو موضح في الشكل التالي.

وعليه يمكن القول إن تلك المشروعات الضخمة في قطاع الطاقة المتجددة في مصر اجتذبت أنظار جميع دول ومستثمري العالم؛ وذلك لنجاح قطاع الطاقة المصري في تحقيق العديد من النجاحات في ظل التحديات والمتغيرات العالمية الكبيرة بعد عام 2014، وذلك مع توافر العديد من المؤشرات والعوامل الإيجابية والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • الموقع الاستراتيجي، بالإضافة إلى القرب من أسواق مثل الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط والتي قد تشهد طلبًا كبيرًا على الهيدروجين في السنوات القليلة المقبلة، حيث من المتوقع زيادة الطلب الأوروبي على الهيدروجين الأخضر من حوالي 3% إلى حوالي 20%.
  • الإمكانات المرتفعة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما أهلها لأن تحتل الترتيب الأول عربيًا في طاقتي الرياح والشمس.
  • حجم وجودة البنية التحتية والصناعية والتي تم تشييدها وتحديثها في مصر خلال الفترة من 2014-2022، مما أتاح العديد من الفرص الاستثمارية الجديدة والتي لم تكن متوفرة من قبل.
  • تقديم الحوافز الضريبية وتسهيل الإجراءات، فمن خلال الحصول على تصريح واحد فقط بإمكان المستثمر إنشاء مشروعات الهيدروجين الأخضر وتشغيلها وإدارتها.
  • البنية التحتية للغاز الطبيعي ومحطات الإسالة العملاقة والموانئ البحرية والتي شهدت خلال الفترة الماضية تطورًا كبيرًا، وغيرها.
  • امتلاك قناة السويس والتي تشهد نحو حوالي 12% من جميع الشحنات المنقولة بحرًا في العالم.
  • توافر الموارد والبنية التحتية القوية، بالإضافة إلى عمليات التطوير والنهضة التي تشهدها حاليًا.

واستكمالًا لما سبق، وافق مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماعه الأربعاء، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بشأن إنشاء المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر ومشتقاته، حيث يهدف المجلس إلى توحيد جهود الدولة لتحفيز الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بما يتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة وخطط الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويضمن تنافسيتها على المستويين الدولي والإقليمي.

هناك المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والتي تُعد أمل الدولة المصرية في توطين صناعة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، والتي من المتوقع لها أن تصبح عاصمة الهيدروجين في العالم في السنوات القليلة المقبلة، حيث تستهدف المنطقة توطين هذا النوع من الصناعات في مناطقها المتكاملة بالسخنة وشرق بورسعيد، وذلك للعديد من الأسباب من الممكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • قربها من ميناء السخنة أكبر موانئ البحر الأحمر، وما يشهده الميناء من أعمال تطوير ضخمة تؤهله لاستقطاب العديد من الاستثمارات وتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير.
  • جاهزيتها بصفتها منطقة صناعية، مع الحوافز الاستثمارية التي تقدمها المنطقة الاقتصادية لمستثمريها ضمن استراتيجية خلق الفرصة.
  • المنطقة الاقتصادية تضم أربع مناطق صناعية و6 موانئ محورية في خدمة التجارة العالمية بموقعها على البحرين المتوسط والأحمر.
  • تستحوذ المنطقة الاقتصادية لقناة السويس على نحو 85% من مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر، بسعة إجمالية نحو حوالي 10.7 جيجاوات مما يعني إنتاجًا مستقبليًا لمصر حوالي 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر، ولذلك تشهد تسارع وتيرة الاتفاقيات التي توقعها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في الفترة الماضية بهدف توطين صناعة الهيدروجين الأخضر في مصر.

ووفقًا لما سبق، جاء مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في المرتبة السادسة بقائمة أكبر مشروعات الهيدروجين الأخضر في العالم، كما هو موضح في الشكل التالي، ويقع في منطقة العين السخنة في مصر، وتحديدًا على ساحل خليج السويس في البحر الأحمر.

ولذلك ووفقًا لما سبق، تعتمد التنمية الاقتصادية في مصر على قطاع الطاقة والذي يُشكل نسبة حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي، وعليه أدركت الدولة المصرية الدور الحيوي الذي يمكن أن يلعبه الهيدروجين في قطاع الطاقة، وذلك من أجل خفض الأثر البيئي وإبطاء التغير المناخي.

وعليه يمكن القول إن مشروعات الطاقة المتجددة تأتي على قمة أولويات الدولة المصرية من خلال تنفيذ العديد من المشروعات المهمة في طاقتي الرياح والشمس، ومن ضمنها محطة بنبان للطاقة الشمسية والتي أدت إلى إحداث ثورة في إمدادات الطاقة، والتي وضعت الدولة المصرية على خريطة الطاقة النظيفة، ويضم المشروع نحو حوالي 31 محطة للطاقة الشمسية بقدرة تصل إلى حوالي 1465 ميجاوات، أو ما يعادل نحو حوالي 90% من الطاقة المنتجة ‏من السد العالي، ويوفر نحو حوالي 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، بإجمالي استثمارات يبلغ ‏ملياري دولار كما هو موضح في الشكل التالي.

ولم يكن مشروع بنبان الطفرة الوحيدة التي شهدتها مصر في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة، فمصر من أولى الدول إنشاءً لمحطات طاقة الرياح منذ عام 2000، إذ تأتي في صدارة الدول العربية في مجال الطاقة المتجددة، وقام الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة، بتدشين أضخم مزرعة رياح في أفريقيا بمحطة الزعفرانة، وجبل الزيت، وخليج السويس، حيث تُعد مزارع الرياح جزءًا مهمًا في استراتيجية الطاقة طويلة الأمد لمصر، والتي تهدف إلى استغلال مصادر الطاقة المتجددة المتوافرة بكثرة في مصر.

ولذلك، جاءت مصر في المرتبة الأولى في المنطقة العربية إنتاجًا للكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كما هو موضح في الشكل التالي، بمعدلات إنتاج تبلغ حوالي 3.5 جيجاوات، ومستهدف وصولها إلى حوالي 6.8 جيجاوات بحلول عام 2024، ومقسمة بين 1.6 جيجاوات من طاقة الرياح وحوالي 1.9 جيجاوات من محطات الطاقة الشمسية.

وأفريقيًا، احتلت مصر المركز الثاني فيما يتعلق بمساهمتها في إنتاج الطاقة الشمسية على مستوى القارة الأفريقية والتي بلغت حوالي 16%، فيما تأتي في المركز الثالث في إنتاج طاقة الرياح وبنسبة حوالي 21%، كما هو موضح في الشكل التالي.

يحظى الهيدروجين الأخضر في مصر باهتمام كبير ومتزايد، لما له من أهمية استراتيجية للدولة المصرية وذلك لمجموعة من الاعتبارات الرئيسة، والتي من الممكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • تحقيق تنوع مصادر الطاقة لمصر وهو الاتجاه الذي بدأ مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، وضمن استراتيجية الدولة والتي تعتمد حاليًا على مزيج الطاقة وذلك من خلال تنويع مصادر الطاقة ووجود معادلة متزنة من الطاقة لمصر لأول مرة.
  • من المتوقع أن يتضاعف اقتصاد الهيدروجين حوالي 7 مرات بحلول عام 2050، مما سيؤدي إلى توفير إمكانية الحصول على نسبة كبيرة من السوق الدولية للهيدروجين (حوالي 8%) وزيادة الناتج المحلي بحوالي 18 مليار دولار.
  • حماية الاقتصاد المصري من حالة التذبذب والتقلب في أسعار النفط العالمية، وذلك عن طريق سرعة ضم الهيدروجين الأخضر إلى مزيج الطاقة المصري واستخدامه في الصناعات المختلفة.
  • تُسهم مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في تعزيز الجهود المصرية نحو هدفها كمركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة في المنطقة.
  • تدخل مشروعات الهيدروجين الأخضر ضمن استراتيجية مصر للطاقة المتكاملة والمستدامة 2035، كما هو موضح في الشكل التالي، والتي تعكس التزام الدولة المصرية تجاه توفير قطاع طاقة نظيف ومستدام، وذلك عن طريق تنويع مصادر الطاقة، حيث بلغت نسبة الطاقة البديلة ضمن مزيج الطاقة الكهربائية حوالي 20% في بداية العام الماضي، والمستهدف حوالي 37% بحلول عام 2030، والعمل على الوصول إلى نسبة حوالي 42% وذلك بحلول عام 2035.

  • الإسهام في الوصول إلى حالة الاستقرار في منظومة الطاقة الداخلية للدولة المصرية، وبالتالي الحفاظ على الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي من الاستنزاف الحاد.
  • تسهم فرص إنتاج الهيدروجين الأخضر في تعزيز مكانة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بأن تكون مركزًا إقليميًا رائدًا في صناعات الهيدروجين الأخضر، وذلك تزامنًا مع التحول العالمي لاستخدامات الطاقة النظيفة.
  • تحقيق فوائد اقتصاد الهيدروجين المتمثلة في الوصول إلى أمن الطاقة وخفض مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بواقع حوالي 40 مليون طن سنويًا وذلك بحلول عام 2040، وإتاحة حوالي 100 ألف فرصة عمل وزيادة الناتج المحلي بحوالي 18 مليار دولار.
  • يمكن أن تساعد أنظمة الابتكار المتقدمة وتقنيات الصناعة الرابعة الدول في التغلب على التكاليف وأوجه القصور المرتبطة بإنتاج الهيدروجين الأخضر مع استغلال السوق المتنامي لصادرات التكنولوجيا القائمة على الهيدروجين. ويشمل ذلك أسواق تكنولوجيا خلايا الوقود، وتقنيات صناعة الصلب القائمة على الهيدروجين، والوقود الاصطناعي باستخدام مجموعة من الحلول الرقمية مثل تحليلات البيانات الضخمة، والتوائم الرقمية، والاستشعار، والذكاء الاصطناعي، وأنظمة التتبع القائمة على سلسلة الكتل.

واستكمالًا لما سبق، نجحت شركة فيرتيجلوب خلال الأيام الماضية في تصدير أول شحنة أمونيا في العالم تم إنتاجها في منشآت الشركة في مصر، عن طريق الهيدروجين المُصنع بالمحلل الكهربائي التجريبي الخاص بمشروع الشركة في مصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر كمادة وسيطة تكميلية لإنتاج الأمونيا الخضراء، في المنطقة الصناعية بالعين السخنة التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وذلك بالشراكة مع صندوق مصر السيادي.

ووفقًا لما سبق، قطعت الدولة المصرية بالفعل شوطًا كبيرًا في صناعة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وأخذت العديد من الخطوات الجادة والتي تهدف إلى توطين مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر. ولكن لا تزال هناك العديد من التحديات والعقبات العالمية والتي تقف أمام عمليات التوسع في المشروعات الخضراء بصفة عامة، وصناعة الهيدروجين الأخضر بصفة خاصة، ومن هنا يمكن إيضاح بعض المقترحات التي من الممكن أن تسهم في تذليل تلك العقبات ومنها:

  • ضرورة نشر الوعي والثقافة حول أهمية الهيدروجين الأخضر والصناعات الخضراء بصفة عامة، وتوفير معلومات لتعزيز الوعي العام حول فوائد الهيدروجين، ومجالات استخدامه، مما سينعكس على خلق زخم داخلي كبير بشأن التحول الأخضر والصناعة الخضراء بشكل عام.
  • ضرورة زيادة أو توسيع رقعة الاعتماد على القطاع الخاص في إنتاج مثل هذا النوع من الطاقة الخضراء، وذلك بعد الوصول إلى معادلة التكلفة المقبولة لإنتاجه، وذلك دون اشتراط أسعار معينة قبل تنفيذ المشروعات بما يضمن تحقيق مكاسب للمستثمرين.
  • زيادة مساهمات الطاقة المتجددة كمصدر من مصادر الطاقة، وذلك عن طريق الاهتمام بكل أشكال الطاقة النظيفة وخاصةً الشمسية والرياح والكتلة الحيوية بحثًا وتطويرًا.
  • نشر خدمات الطاقة المتجددة خاصةً بالأرياف.
  • امتلاك الدولة المصرية لاحتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي يؤهلها لتحقق تقدمًا كبيرًا أيضًا في إنتاج الهيدروجين الأزرق، والذي يُعد مهمًا على المديين القصير والمتوسط لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
  • نظرًا للزخم العالمي حول الهيدروجين بصفة عامة والأخضر بصفة خاصة، تظهر ضرورة إنشاء مركز مصري بحثي متخصص حول تقنيات إنتاج الهيدروجين وتطبيقاته مثل خلايا الوقود، ودعم التكامل فيما بينها والاستفادة من الخبرات والتجارب التي قطعتها بعض الدول في هذا الشأن، بالإضافة إلى تعزيز الصناعة المحلية لمتطلبات الصناعة.
  • ضرورة وضع الأطر القانونية والتشريعية بما يساعد تذليل العقبات تجاه الصناعة العالمية الجديدة وهي إنتاج واستخدام الهيدروجين الأخضر، وهنا تجب الإشارة إلى أن الهيدروجين يخضع حاليًا لقانون الغاز، والذي يعمل على تنظيم نقل وتوزيع الغاز فقط وليس إنتاجه.
  • ضرورة إبرام شراكات استراتيجية مع الأسواق الكبرى للهيدروجين، والتي ستحتاج إلى استيراده مستقبلاً مثل السوق الآسيوية والأوروبية.
  • ضرورة تطوير القدرات التكنولوجية والتجمعات الصناعية لتصنيع أجزاء من المعدات المطلوبة وتطوير الابتكارات ذات الصلة، على سبيل المثال في الشبكات الذكية وتخزين الطاقة.
  • ضرورة عقد شراكات دولية وإقليمية فيما يتعلق بالتكنولوجيا المستخدمة في مراحل عمليات الهيدروجين الأخضر المختلفة (أبحاث علمية ودراسات وإنتاج ونقل وتخزين)، بهدف العمل على خفض التكلفة الإجمالية لصناعة الهيدروجين الأخضر.
  • مصر بالفعل مصدر عالمي كبير للأسمدة، لذا يجب أن يكون تحويل العملاء الحاليين إلى الأمونيا المصنوعة من الهيدروجين الأخضر (الأمونيا الخضراء) أمرًا سهلًا نسبيًا.
  • ضرورة عقد مؤتمر دولي سنوي لعرض وتبادل التجارب العالمية في صناعة الهيدروجين.
  • العمل على زيادة الحوافز المالية للصناعة والتي تعتمد بشكل كبير على الطاقة، وبالأخص مصادر الطاقة الأحفورية وبهدف تشجيعها على التحول الأخضر والصناعات الخضراء.
  • ضرورة نشر وتسهيل أنظمة التحليل الكهربائي التي تستخدم في صناعة الهيدروجين الأخضر، ومع تشجيع عمليات الصناعة المحلية وتذليل كافة العقبات أمام تلك الخطوة، وذلك من خلال عقد الشراكات مع الدول الرائدة.
  • إنشاء مناطق اقتصادية خاصة لتعزيز الصناعات الخضراء.
  • ضرورة تشجيع البحث العلمي في مجال الصناعات الخضراء بصفة عامة وفي الهيدروجين الأخضر بصفة خاصة، مع ضرورة توفير البيانات للباحثين، بالإضافة إلى ضرورة بناء قاعدة بيانات لمشروعات الخضراء في مصر وتوفيرها للباحثين، مع ضرورة إيضاح نسب ما تم تنفيذه.
  • ضرورة إعداد وتأهيل الكوادر البشرية، حتى تكون هناك قاعدة بشرية مؤهلة لتلك الصناعة الاستراتيجية، مع ضرورة الاستفادة بالتجارب الدولية.
  • تأهيل ودعم البينة التحتية اللازمة لصناعة الهيدروجين المصرية.
  • ضرورة العمل على كيفية تقليل الأخطار البيئية لأنواع الهيدروجين المختلفة الأخرى، وذلك بهدف توسيع دائرة استخدامها.
  • فرض قيود فيما يتعلق بالانبعاثات الكربونية المرتبطة بالطاقة التقليدية في الصناعة وذلك لتشجيع زيادة الطلب على الهيدروجين.
  • تقليص مخاطر الاستثمارات بهدف تحفيز استيعاب السوق ودعم البنية التحتية وإنتاج الهيدروجين الأخضر.

خلاصة القول، يحظى الهيدروجين الأخضر باهتمام عالمي وإقليمي متزايد في الوقت الراهن؛ لكونه وقودًا نظيفًا، وبالنسبة للدولة المصرية توفر البنية التحتية المصرية الحالية فرصًا كبيرة لإنشاء وتوسيع الطلب على الهيدروجين، حيث تأتي مذكرات التفاهم في إطار الجهود المصرية الرامية إلى التوسع في مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، بوصفه مصدرًا واعدًا للطاقة في المستقبل. وعليه يمكن القول إن تلك المشروعات تدعم الجهود التي تقوم بها مصر لتصبح ممرًا لعبور الطاقة النظيفة. حيث قطعت الدولة المصرية بالفعل شوطًا كبيرًا في صناعة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وأخذت العديد من الخطوات الجادة والتي تهدف إلى توطين مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر. ومع اقتراب الإعلان الرسمي عن الاستراتيجية الوطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، يبدي المستثمرون الدوليون اهتمامًا بسوق الهيدروجين الأخضر في مصر.
وفي الأخير، طاقة الهيدروجين أصبحت عنصرًا أساسيًا في خطط الاستثمار العالمي والمحايدة للكربون في العديد من الاقتصادات، ومن المؤكد أن اقتصاد الهيدروجين ينبئ بمشهد جديد للطاقة العالمية.

المصدر : https://ecss.com.eg/38903/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M