الانقلابات في إفريقيا.. تهديد للديمقراطية أم موجة تحرُّر جديدة؟

روضة علي عبد الغفار

صحفية متخصصة في الشأن الإفريقي

 

هذه ديمقراطية مزيفة، وهذا انقلاب غاشم.. وبين هذا وذاك تقف إفريقيا -القارة ذات الموارد الضخمة- طامحةً إلى التحرّر من القوى الاستعمارية، ومُترقبة للمسار الديمقراطي المُهدّد..

ففي الثلاث سنوات الماضية تستيقظ القارة الإفريقية على وَقْع انقلابات متتالية واضطرابات سياسية وأمنية، تصحبها دعوات للتحرُّر والتغيير والانعتاق من سيطرة القوى الاستعمارية، وهو ما يثير تساؤلات عما إذا كانت إفريقيا حقًّا أمام عصر تحرُّر جديد أم هو منعطف خطير يُهدّد الديمقراطية؟ وهل تُعد الانقلابات المتكررة ظاهرة إيجابية قد يُبنَى عليها مستقبل أفضل للقارة؟ أم مؤشر سلبي لانحدار الأوضاع السياسية والأمنية في القارة السمراء؟

في هذا التحقيق تناقش “قراءات إفريقية” هذه التساؤلات..

عدوى الانقلابات:

في سابقةٍ جديدةٍ من نوعها؛ شهدت منطقة وسط وغرب إفريقيا انقلابات متتالية في مدة قصيرة، كان آخرها انقلاب الغابون، ومن قبلها النيجر، وفي العام الماضي كان انقلاب بوركينا فاسو التي شهدت انقلابين في ذات العام، ومن قبلها غينيا وتشاد ومالي.

وقد شهدت دول إفريقيا منذ الاستقلال ما يزيد على 200 انقلاب خلال 60 عامًا، نصفها يمكن وصفه بأنها “انقلابات ناجحة”، وفي فترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي فقط شهدت القارة ما يزيد عن 100 انقلاب عسكري ([1]).

وفي مطلع التسعينيات، سرت موجة من الاستقرار، وتوجهت إفريقيا لتبنّي التعددية السياسية والانتخابات، فيما عُرف بالموجة الثالثة للديمقراطية، لكنَّ القرن الـ21 شهد عودة القارة إلى الانقلاب على الأنظمة المنتخبة.

في هذا الصدد يقول أستاذ العلوم السياسية،

، في حديثه مع “قراءات إفريقية”: “إنه لا شك أن هشاشة الدولة الموروثة عن الاستعمار، وفشل الجهود الرامية لإصلاحها وفقًا لعقد اجتماعي جديد، تمثل مدخلًا مهمًّا لفهم ظواهر العنف والحروب الأهلية والاستيلاء على السلطة عنوةً، وهي الظواهر التي تشهدها كثير من الدول الإفريقية”.

وأضاف “إن عودة موجة الانقلابات في القارة تستدعي مقولة المفكر الفرنسي الاشتراكي “رينيه ديمون” المتعلقة بالبدايات الخاطئة وعدم التعلم من أخطاء الماضي”.

ويرى د. حمدي أنه يمكن قراءة كل انقلاب في سياقه المحلي؛ لمعرفة دلالاته وأبعاده، ولعل ذلك ما عُرف في الجدل الإفريقي العام بظاهرة “الانقلاب الجيد”، فعلى سبيل المثال: انقلاب الجابون يدخل في سياق ترتيب عائلي، والحفاظ على مصالح عائلة بونغو، في حين أن انقلاب بوركينا فاسو قد يُعيد تقاليد السنكارية السياسية ومحاربة الإرهاب، أما انقلاب النيجر فقد يُعبِّر عن انتهازية النخبة العسكرية في استغلال السخط الشعبي ضد الوجود الفرنسي.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أربعة عوامل رئيسة أدت إلى عودة التدخل العسكري في السياسة الإفريقية في الآونة الأخيرة، وهي:

– تمديد الولاية الرئاسية لفترة ثالثة أو مدد متتالية، وإساءة استخدام الديمقراطية الانتخابية؛ كما حدث في انقلابات مالي وغينيا والجابون.

– صعود الإرهاب والسعي إلى تحقيق الأمن القومي، مثل انقلابات مالي وبوركينا فاسو.

– عدم وجود رادع ضد الانقلابات العسكرية في إفريقيا؛ لتعطيل المواثيق الإفريقية وانشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية.

– استمرار ضعف التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

بين الانقلابين: المدني والعسكري!

في مقال في جريدة فايننشال تايمز([2]) تناول خطورة الحكم المدني الفاسد في إفريقيا الذي يؤدي بدَوْره إلى الانقلاب العسكري، لكنه لا يلقى ذات التنديد الدولي الذي يلقاه انقلاب العسكر على السلطة. وأشار المقال إلى أن المدنيين الذين يستخدمون الانتخابات للاحتفاظ بالسلطة بشكل غير شرعي يمكن أن يكونوا أكثر خطورة من الجنود الذين ينفذون الانقلابات.

على سبيل المثال، ففي غينيا، كان الرئيس السابق ألفا كوندي، الذي كانت فترة ولايته محدودة، في حاجة إلى “انقلاب مدني” لتحويله إلى رئيس مدى الحياة، فنظّم استفتاءً في عام 2020م، وكانت نتيجته معروفة مسبقًا؛ وهي تغيير الدستور لكي يَخلُف نفسه.

وقد شاهد المجتمع الدولي هذا في صمتٍ، لكن بعد أن أطاح الجيش بـ “كوندي” في سبتمبر 2021م، سارع المجتمع الدولي إلى المطالبة باستعادة “النظام الدستوري”، لكن في الواقع! لقد دمَّر “كوندي” أي نظام دستوري موجود.

وفي الجابون خلف “علي بونجو” والده “عمر بونجو” الذي توفي في يونيو 2009م، بعد حكمٍ دام نحو 42 عامًا، ففي اليوم التالي للانتخابات الرئاسية في الجابون التي أُجريت في 27 أغسطس 2016م، أعلن مرشح المعارضة “جان بينج” فوزه على “علي بونجو”، لكنَّ اللجنة الانتخابية في الغابون أعلنت فوز علي بونغو، وعندما رفع “بينج” الأمر إلى المحكمة الدستورية؛ أصدرت المحكمة قرارها بتأكيد فوز “بونغو”.

وبينما شكك الاتحاد الأوروبي في العيوب العميقة التي شابت انتخابات الغابون، تجاهَلها الاتحاد الإفريقي، ووجَّه انتباهه بدلاً من ذلك إلى أعمال العنف التي أعقبت إعلان النتائج. لذلك يُنظَر إلى انقلاب الغابون على أنه كان إطاحة بأسرة حاكمة لسنوات؛ لأنه لم يبقَ ديمقراطية يمكن الإطاحة به.

في هذا الصدد يؤكد د. حمدي عبد الرحمن أن طبيعة النشأة الأولى للجيوش الإفريقية في زمن الاستعمار جعلت من مسألة تسييسها إرثًا يصعب التخلص منه في معادلة العلاقات المدنية العسكرية، وهو الأمر الذي جعل السيطرة المدنية على الجيش أمرًا مستحيلًا، ولا سيما في ظل ضعف السلطة المدنية التي تتَّخذ عادة طابعًا أوتوقراطيًّا، ولذلك كثيرًا ما تُعزَى التدخلات العسكرية في إفريقيا إلى وجود مؤسسات سياسية ضعيفة وثقافة سياسية غير ناضجة.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن النقص الواضح في البنية السياسية المؤسسية يؤدي إلى فراغ؛ أي تصبح السلطة تنتظر مَن يسيطر عليها، وهذا يمهّد الطريق لعدم الاستقرار السياسي، وانعدام الثقة في المؤسسات المدنية؛ مما يجعل التدخل العسكري يبدو حلًّا جذابًا لاستعادة النظام العام.

كما أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للقارة يقدمان بُعدًا تفسيريًّا آخر بحسب د. حمدي، فالبلدان غير المستقرة اقتصاديًّا والتي تُظهر منافسة داخلية شرسة على الموارد المحدودة تكون أكثر عُرضة للتدخلات العسكرية، على عكس البلدان التي تتمتع بالتنمية الاقتصادية المستقرة؛ التي عادةً ما تكون بمثابة حائط صدّ أمام الانقلابات العسكرية؛ من خلال تعزيز الوعي السياسي والقدرة على الصمود المجتمعي.

وأشار د. حمدي في حديثه إلى القوى الخارجية ذات المصالح الخاصة، وأنها تعمل في بعض الأحيان على التأثير على التوجهات السياسية في إفريقيا، كما هو الحال في مرحلة الحرب الباردة، وأن هذه التدخلات الخارجية التي ترعاها قوى أجنبية ذات مصالح استراتيجية، لا تؤثر على السياسة الداخلية فحسب؛ بل إنها تُعرقل التطور الطبيعي للدول الإفريقية في كثير من الأحيان، ولعل المثال الأبرز هو الدور الفرنسي من خلال سياسة الفرانس أفريك.

ماذا يريد الأفارقة؟

هذه الانقلابات المتتالية تثير تساؤلات عما تريده الشعوب الإفريقية، ومن المُلاحظ أن بعض البلاد التي تعرَّضت للانقلاب خرج المواطنون إلى الشوارع للاحتفال بتعطيل الديمقراطية.

ففي النيجر امتلأت الملاعب بمؤيدي الحكومة العسكرية بعد انقلاب 26 يوليو 2023م، كما خرج الشعب الغابوني إلى ليبرفيل، عاصمة البلاد، لالتقاط صور السيلفي مع الجنود وتشجيعهم؛ احتفالاً بالنهاية الواضحة للأسرة الحاكمة التي بدأت مع والد بونجو عمر في عام 1967م.

وفي عام 2021م كان هناك أيضًا ابتهاج في شوارع كوناكري بعد أن أطاح الجيش الغيني بألفا كوندي، الرئيس الذي مدَّد فترة بقائه في منصبه على الرغم من المعارضة الشديدة من المواطنين.

يقول بعض الخبراء: إن هذا النمط من الرد بتفاؤل على الانقلابات العسكرية هو تعبير عن الإحباط العميق تجاه القادة المدنيين في إفريقيا. ومن يتتبع الانقلابات الحديثة، يتضح له اختلافها عن الانقلابات التقليدية القديمة، ففي السابق كان ما يقود العسكر للانقلاب هو الطموح في الحكم والجاه وربما الثروة، لكنْ حديثًا تُقدّم الجيوش نفسها على أنها رائدة الإصلاح والحريصة على السيادة الوطنية والأمينة على الشعوب ومُقدّراتها، مما يُطْرِب قطاعات واسعة من الإفريقيين الباحثين عن الأمن والاستقرار.

وهذا ما يؤكده الباحث المتخصص في العلوم السياسية،

، في حديثه مع “قراءات إفريقية”، قائلًا: “إن الشعوب الإفريقية تتعطش للتغيير والتحرر من جميع أنواع الاستغلال الأجنبي والتدخلات الخارجية في شؤون القارة، لذا تؤيد أيّ حراك يرفع شعار التغيير والتحرر، كما نرى اليوم من قبل الضباط الانقلابيين في كلٍّ من مالي وبوركينا فاسو، وقد سبق أن أيَّدت الشعوب الحركات السياسية والمجتمع المدني الذين روَّجوا لذلك”.

وبناءً عليه بحسب “إسماعيل”؛ فإن بعض الشعوب تُعلّق آمالاً على الشعارات الوطنية المرفوعة مِن قِبَل الانقلابيين في كلٍّ من مالي وبوركينا والنيجر، وتحديدًا من تقليص الوجود العسكري الفرنسي فيها.

إلا أن القاعدة الكبيرة من شعوب القارة، رغم شَغفها للتحرر، فقد التزمت الصمت والترقب، خاصةً أنها عاشت موجة الانقلابات في السبعينيات والثمانينيات، ثم شعارات الحرية والديمقراطية في التسعينيات دون تغيير جذري في تحقيق الأمن والسلام والتنمية.

كما أوضح “إسماعيل” أن هناك مجالس عسكرية مسيطرة في بعض دول الساحل يستغلون أخطاء فرنسا وحلفائها في المنطقة، ويستغلون كذلك الإرادة الشعبية للتغيير من أجل البقاء في السلطة.

وعن إمكانية تخلُّص الدول الإفريقية من النفوذ الأجنبي على أراضيها؛ فقد أوضح الباحث المتخصص في العلوم السياسية، أن تعدُّد الشركاء ينبغي أن يكون الاتجاه لهذه الأنظمة، وهو أفضل بكثير من الانعزال الدبلوماسي أو الاعتماد شبه الكامل على دولة عظمى واحدة في ظل بلورة نظام عالمي جديد.

وأضاف أن الانقلابيين في كلٍّ من غينيا كوناكري وتشاد والغابون مقربُّون من باريس، بينما الماليين والبوركينيين فضَّلوا الحماية مِن قِبَل موسكو، أما النيجريون فهم يُحبّذون واشنطن، ففي النهاية كلهم مدعومون من الخارج، ويشجعون التدخل الأجنبي، لكن بطرق مختلفة.

الجاني والضحية:

حتى الآن هناك قاسم مشترك في كل الانقلابات التي حدثت في السنوات الخمس الماضية؛ حيث كانت جميعها مستعمرات فرنسية سابقة، وبسبب دعم فرنسا للحكومات الاستبدادية لحماية مصالحها الخاصة والاحتفاظ بالسيطرة في المنطقة؛ استخدم بعض الانقلابيين الخطاب المناهض لفرنسا لتعزيز الدعم الشعبي لحكمهم، لذا يُنظَر إلى باريس على أنها مذنبة إلى حد ما.

على الجانب الآخر، يرى بعض المحللين أن المشاعر المعادية للغرب ليست هي السبب الرئيس، وإنما الافتقار إلى مكاسب الديمقراطية للشعوب هو السبب وراء الترحيب بالانقلابات في المنطقة، وعلى الرغم من الأمل المتجدد بمستقبل أفضل؛ فإن الحكومات العسكرية قد لا تُحقِّق آمال الشعوب أيضًا.

في هذا الصدد يرى الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية،

أن فرنسا لها يد في هذه الاضطرابات؛ حيث أصبح الوجود الفرنسي غير مُرحَّب به في القارة منذ استعمرت فرنسا مجموعة من دول القارة الإفريقية، ومكثت قرابة قرنين من الزمن ولم تقدم أيّ تطور ملحوظ على كافة المستويات، وبالتالي أصبح هناك وعي لدى الشعوب الإفريقية أن فرنسا تلعب دورًا سلبيًّا في تطور القارة الإفريقية وتنمية بلادهم.

وأضاف “وورتي” لـ “قراءات إفريقية” أن القواعد والسفارات الفرنسية، وكذلك المنظمات والمعاهد والشركات الفرنسية، تقدم تقارير خفية عن القارة الإفريقية وثرواتها ومعادنها ومواردها الطبيعية والبشرية، ولذلك فإن شباب القارة وصلوا لمرحلة كبيرة من الوعي الفكري، أن فرنسا هي السبب الرئيس وراء تأخُّر بلدانهم.

وعن دور روسيا في هذه الانقلابات المتتالية؛ أشار “وورتي” إلى أن روسيا تحاول تقليص نفوذ فرنسا في القارة، كما تسعى بكل جهدها لإيجاد موطئ قدم لها في إفريقيا بشكل عام والساحل الإفريقي بشكل خاص.

وأضاف أن الاتفاقيات المُوقَّعة بين دول القارة الإفريقية وموسكو، والتعاطف الكبير مع شركة فاغنر الروسية، كل هذه المؤشرات تدلّ على أن روسيا لها دور فعَّال في الانقلابات المتتالية في القارة الإفريقية، لا سيما في بوركينا فاسو ومالي وغيرها من البلدان.

موجة تحرُّر أم أطماع سياسية؟

السؤال الأخطر في هذا الصدد: هل كانت قارة إفريقيا أمام تهديد للديمقراطية أم أمام موجة تحرُّر جديدة؟ فالانقلابات تأتي عادة تحت حجج محاربة الفساد والمحسوبية وهدر المال العام، وإصلاح الاقتصاد ورفاهية الشعوب وبسط الأمن.

ولكن عند تفحُّص الأمر؛ نجد أن الانقلابات لم تُغيِّر القارة الإفريقية نحو الأفضل؛ فلا الاقتصاد تحسَّن ولا الوعود التي تُعلن في البيان الأول للانقلاب تحقَّقت، ولم يسجّل التاريخ الإفريقي أن مجلسًا عسكريًّا حكَم بلدًا فازدهر، إلا نماذج قليلة مثل سنوات “توماس سانكارا” في بوركينا فاسو خلال فترة منتصف ثمانينيات القرن العشرين.

على الجانب الآخر يعاني المواطنون في جميع أنحاء القارة من ارتفاع تكاليف المعيشة؛ بسبب أزمة التضخم المتزايدة؛ وتصاعد الهجمات التي تشنّها الجماعات المسلحة عبر منطقتي الساحل والبحيرات الكبرى، مما جعل المواطنين يتساءلون عن فوائد الديمقراطية؟! وفي هذا السياق؛ يفقد القادة المدنيون الدعم على نحو متزايد في أعين شعوبهم، على الرغم من التركيز على الحكم الديمقراطي من قِبَل هؤلاء القادة والمجتمع الدولي.

وفقًا لاستطلاعٍ أجرته شبكة الأبحاث الإفريقية أفروباروميتر([3]) عام 2022م، يقول 44% فقط من الأفارقة: إن الانتخابات تُمكّن الناخبين من إقالة القادة الذين لا يريدونهم، كما أظهر استطلاع “أفروباروميتر”([4]) لعام 2023م؛ انخفاضًا في تفضيل الديمقراطية خلال العقد الماضي في القارة، من 73% إلى 68%.

ويظل تعريف الديمقراطية في حد ذاته غامضًا للغاية في إفريقيا؛ لأنه بالعودة إلى ستينيات القرن العشرين، فإن الديمقراطية هي أن يكون لديك شخص في السلطة حتى لو كان استبداديًّا، ويظل في السلطة لسنوات طالما أنه يُدير ([5]).

يقول د. حسن كلي وورتي: إن معظم دول القارة الإفريقية تدّعي أنها تُطبّق الديمقراطية، وإنما في الحقيقة هي صورة فقط، فكثير من القادة أتوا عبر دبابة عسكرية، فكانوا جنودًا أو عناصر في الجيش تمردوا أو جاءوا بانقلابات عسكرية، ثم عدّلوا الدستور ليحقّ لهم الترشح للانتخابات، وبعد ولايتين أو ثلاث ولايات يتم انقلاب جديد مرة أخرى.

وأضاف الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية، أن الديمقراطية المزعومة الآن في القارة الإفريقية هي وفق النموذج الغربي، ولا تتطابق مع طبيعة القارة الإفريقية، ولا مع طبيعة الشعب الإفريقي، وبحسب “وورتي” فـ شعوب القارة ترى أن تكون ديكتاتوريًّا تُقدّم التنمية والازدهار أفضل أن تكون ديمقراطيًّا عبدًا لفرنسا أو غيرها.

هذا، وتبقى هناك حقيقة لا خلاف عليها، وهي أن إفريقيا تُسْتَنْزف مُقدّراتها وإمكاناتها الاقتصادية الهائلة لصالح الفوضى والأطماع الخارجية؛ بين تكاثر الأزمات ودوامة الانقلابات وعجز الاتحاد الإفريقي، وفوق هذا تَخسر أغلى ما تملك، وهو الإنسان الإفريقي؛ الذي لا يستفيد من ثروات بلاده.

وختامًا.. وفي ظل التدافع العالمي المتجدّد نحو إفريقيا، والتنافس المحموم على مقدراتها، وفي ظل التشتت الداخلي للدول الإفريقية وسط الانقلابات المتتالية، هل نشهد توماس سانكارا جديد في إفريقيا([6]) يقود بلاده نحو التنمية بعد انقلاب عسكري؟ أم تبقى دوّامة الانقلابات في إفريقيا دون خطوة إلى الأمام؟

[1]https://www.aljazeera.net/politics/2021/9/8/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%BA%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%BA%D8%A9

[2]https://www.ft.com/content/64c933c4-a6b1-42d7-b6af-5fa48f7f4309

[3]https://www.afrobarometer.org/wp-content/uploads/2022/09/AD549-PAP15-Support-for-elections-weakens-in-Africa-Afrobarometer-Pan-Africa-Profile-6sept22.pdf

[4]https://www.afrobarometer.org/wp-content/uploads/2023/01/PP85-PAP20-Africans-want-more-democracy-but-leaders-arent-listening-Afrobarometer-Pan-Africa-Profile-17jan23.pdf

[5]https://www.aljazeera.com/features/2023/9/1/season-of-putsch-why-have-coups-become-popular-in-africa

[6]https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2023/1/18/%D8%AA%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%A7-%D8%AA%D8%B4%D9%8A-%D8%AC%D9%8A%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A

.
رابط المصدر:

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M