التدخل الفرنسي في الشئون الإفريقية : دراسة حالة مالي ( 2012-2021)

اعداد الباحثة : سناء السعيد حسن عوض الله  – إشراف  : د. ياسمين صالح

 

المستخلص:

تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على التدخل العسكري الفرنسي في القارة الإفريقية عامة ، وعلى حضورها في مالي من خلال شركات متعددة الجنسيات، تسعى إلى استغلال الطاقات والموارد، من خلال الالتزامات والاتفاقيات العسكرية بينها وبين المستعمرات التابعة لها سابقًا.   كما تسلط الضوء على سعي القوى الكبرى وعلى رأسها فرنسا إلى تضخيم ما حدث في مالي، وتصويره على أنه إرهاب؛ لإضفاء الشرعية الدولية على تدخلها، بحجج مختلفة.ولهذا تبرز الدراسة الأسباب المعلنة وغير المعلنة من هذا التدخل، فضلًا عن انسحاب القوات الفرنسية من مالي، وتعويضها بقوات حفظ السلام للأمم المتحدة، ثم تتناول مختلف المواقف الداخلية والإقليمية والدولية إزاء التدخل الفرنسي.

Abstract

This study aims to shed light on the French military intervention in the African continent in general, and its presence in Mali through multinational companies, seeking to exploit energies and resources, through military commitments and agreements between it and its former colonies. It also highlights the efforts of the major powers, led by France, to exaggerate what happened in Mali, and portray it as terrorism; To give international legitimacy to its intervention, with different arguments. For this reason, the study highlights the stated and undeclared reasons for this intervention, as well as the withdrawal of French forces from Mali, and their compensation with United Nations peacekeeping forces, and then addresses the various internal, regional and international positions regarding the French intervention.

مقدمة:.

تمثل القارة الأفريقية اهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للقوي الاستعمارية العظمى لما تملكه القارة السمراء من خيرات طبيعية ومواد أولية. وتعتبر فرنسا الاكثر اهتماما على اعتبار أن لها اكثر نشاطا استثماري بارز فيها، حيث احتلت عدد من دول أفريقيا، ولكن دورها تقلص في أواخر القرن العشرين ، بعد أن نالت مستعمراتها الاستقلال ، وهذا لم يمنعها من اتباع أساليب جديدة، لتبقي مهيمنة على الوضع في مستعمراتها السابقة.

  شهدت دولة مالي كغيرها من الدول الإفريقية العديد من الأزمات، على المستوى السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي، لكن شمال مالي على الأخص كان طوال عقود منطقة صراع مسلح خاضته حركات طوارقية مالية متمردة ضد الحكومة المركزية في البلاد، على خلفية مطالبَ سياسية إثنية بلغت حدود المشروع الانفصالي، إلى أن تحول الصراع جذريًّا في عام 2012 بانخراط جماعات إسلامية مسلّحة متطرّفة فيه، ودخول فرنسا ومن ورائها القوى الغربيّة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) إلى جانب الحكومة الماليّة مع بداية عام 2013 في حرب ضدّ هذه الجماعات الإسلامية التي سيطرت على شمال البلاد.

بيد أن هذا التدخل العسكري الفرنسي الأخير في مالي لم يكن أول تدخل لها في إفريقيا، إذ تدخّلت منذ 1960 أكثر من أربعين مرّة في نزاعاتٍ إفريقية، وأزماتٍ داخلية في بلدانٍ إفريقية كانت مستعمرات لها، ولا يمكن إجمال مسوغات تدخلاتها الكثيرة في إطارٍ واحد، فأحيانًا كانت تتدخّل لفائدة أنظمة سلطويّة أو ديكتاتورية، وأحيانًا أخرى لمساندة جانبٍ سياسي على حساب آخر، بيد أن مصالح فرنسا كانت دائمًا الدافع الثابت لتدخّلاتها العسكرية في إفريقيا، وإن كانت بمسوغات متغيّرة فمثلًا: أسهمت القوات الفرنسية في المعركة ضد التمرد في منطقة تبستي في شمال تشاد، وساندت الأنظمة في جيبوتي، وجمهورية إفريقيا الوسطى ضد المتمردين، وعزز التدخل الفرنسي نظام حكم الرئيس إدريس ديبي، وأجْلت الأجانب في أثناء اعتداءات المتمردين في السودان عام 2008، ومنعت الانقلاب في جزر القمر، وتدخلت في ساحل العاج لتمكين الرئيس الفائز في الانتخابات الرئاسية “حسن وتارا” من تولي السلطة، وشاركت مع الناتو في ليبيا سنة 2011، وصولًا إلى التدخل العسكري في مالي في جانفي يناير 2013.

فضلًا عن ذلك، كان واضحًا حرص فرنسا وبعض الدول داخل النظام الدولي على تضخيم ما حدث في مالي جرّاء الانقلاب العسكري الأخير في 2012، وما تبعه من مختلف الجهود الإقليمية والدولية لتسوية النزاع فيها، وتصويره على أنه إرهاب، وأنه لابد لفرنسا أن تتدخل لإعادة سيادة مالي على أراضيها، ولتمكين سيطرة النظام على أجهزة الدولة، إلا أن الواقع يشير إلى أن الدافع الرئيس لفرنسا كان الحفاظ على مصالحها والإبقاء عليها، والسعي لاسترجاع نفوذها ومكانتها وهيمنتها السابقة خلال الحقبة الاستعمارية في القارة الإفريقية، والسيطرة على ما تملكه مالي وتزخر به من ثروات وموارد أولية مهمّة.

وقد تباينت في ظل ذلك مواقف الدول من التدخل الفرنسي العسكري في مالي، ففي الوقت الذي رفض فيه عدد من الدول هذا التدخل، وفضّل المقاربة السياسية، معتبرًا أن مشكلة مالي الأخيرة داخلية تحتاج إلى حوار بين السلطة في بماكو والجماعات الإسلامية هناك- بادرت دول أخرى ومنظمات أممية إلى مساندة التدخل الفرنسي في مالي، بدعوى محاربتها التطرف الإسلامي، واسترجاع سيادتها على أراضيها وتنمية أقاليمها.

مشكلة الدراسة:.

إن الحرص الشديد من جانب فرنسا على الوجود المستمر في القارة الأفريقية، لا يدخل ضمن حسابات المصالح المشتركة للطرفين الفرنسي والأفريقي، وإنما يدخل ضمن الحسابات الفرنسية المتعلقة بالحيلولة دون الابتعاد عن أفريقيا، على اعتبار أن العلاقة فيما بينهما إنما هي علاقات مصيرية، بمعنى أنها تتعلق ببقاء واستمرار الدولة الفرنسية، كقوة عظمى ذات مكانة عالمية، وفي سبيل ذلك فإنها تبرهن على ذلك بتوظيف آلية التدخلات في مناطق الأزمات والصراعات، بغض النظر عن التكاليف والنتائج المترتبة على ذلك.

في ضوء ما سبق تستدعي طبيعة الموضوع صياغة الإشكالية على النحو الآتي:

كيف استعادت فرنسا مكانتها وهيمنتها في قارة إفريقيا من خلال تدخلها في مالي في ظل تباين المواقف من هذا التدخل؟

أما ما يتعلق بالتساؤلات الفرعية لدراسة هذه الإشكالية ومعالجتها فيتطلب الأمر الإجابة عن التساؤلات الآتية:

  • ما هي دوافع التدخل العسكري الفرنسي في إفريقيا؟
  • مدى تأثير الاستعمار الفرنسي على إفريقيا؟
  • اهم الدول التي استطاعت فرنسا استعمارها ؟
  • ما هو النظام السياسي لدولة مالي؟
  • الأهمية الجيو اقتصادية لدولة مالي؟
  • ما الأسباب المعلنة وغير المعلنة من التدخل الفرنسي في مالي؟
  • إلى متى ستظل فرنسا تعتمد على التدخل العسكري في تحقيق مآربها في قارة إفريقيا؟
  • ما هي ردود الأفعال من التدخل العسكري في مالي؟
  • ما موقف القوى الداخلية والإقليمية والدولية من التدخل العسكري الفرنسي في مالي؟

اهداف الدراسة:.

اوضحت هذه الدراسة التعرف على:

  • بيان أسباب نشوب الأزمة الأفريقية امام الاستعمار.
  • ابراز التدخل الفرنسي في مالي.
  • توضيح أثر ذلك التدخل من قبل فرنسا على نفوذها في المنطقة الأفريقية.
  • توضيح مواقف الدول الاوروبية والولايات المتحدة ومجلس الأمن تجاه هذا التدخل.
  • إثبات انه يمكن استغلال مصالح الدول الغربية داخل القارة الأفريقية لمساعدة المجلس على مكافحة الإرهاب.

أهمية الدراسة:.

تتبع أهمية الدراسة في طبيعة الموضوع الذي تعالجه، والمشكلة التي تطرحها والنتائج التي يتم التوصل إليها، تتمثل تلك الأهمية في ابراز التدخل الفرنسي في إفريقيا وخاصة في مالي من أسباب وتداعيات وتدخل العسكري وانسحاب تلك القوات.

أ-الاهمية العلمية :

إذا تسعى هذه الدراسة إلى ازاحه اللبس عن الظاهرة الاستعمارية في إفريقيا ومعرفة تحليل ومستويات مواجهتها واطرافها المختلفة، كما تسعي الدراسة إلى استغلال هذه الظاهرة ودرجة خطورتها التي تمثله وتحديد المنطق الذي يتحكم فيها ، وجمع المزيد من البيانات والمعلومات عن الظاهرة الإرهابية  في ضوء الأزمة المالية ، وعمليات مواجهاته من قبل مجلس السلم والأمن الأفريقي وانعكاسات ذلك على القارة الإفريقية.

ب-الاهمية العملية :

يمكن أن تقدم هذه الدراسة بعض الإضافات بشأن المستجدات الأفريقية والدولية حول هذه الظاهرة الخطيرة ، وهو ما يفترض على هذه القارة إعادة ترتيب اولوياتها وادراك ما يحوم حولها من خلال التركيز وإلقاء الضوء على عمل المنظمة القارية من خلال دور الدول الاوروبية والولايات المتحدة والامن المتحدة تجاه هذه الظاهرة.

منهج الدراسة:.

١-المنهج التاريخي :  تم سرد الأحداث التاريخية التي كان لها الأثر الكبير على تحول الوضع في مالي والدول الأفريقية برمتها والاستعانة بالكثير من الأمثلة التاريخية والرجوع الى بدايات الأحداث.

٢-المنهج الوصفي التحليلي : تم وصف الأحداث سواء في مالي أو كافة الدول الافريقية المجاورة وفرنسا ووصف متغيرات الأمور التي ادت الى جعل مالي بؤرة للإرهاب والفساد بعد أن كانت دولة مستقلة بالإضافة إلى توصيف النفوذ القوى لفرنسا التي لازالت تطمح في ان تكون قوة اقليمية كبري على الساحة الإفريقية بصفه خاصة والساحة العالمية بصفه عامة.

حدود الدراسة:.

الإطار المكاني : بما أن محور الدراسة يدور حول التدخل الفرنسي في الشؤون الأفريقية وتأثير هذه التدخل على إفريقيا وخاصه مالي فإن المحور المكاني لهذه الدراسة هو قارة إفريقيا بالكامل متضمنا مالي ، السنغال ، السودان، غينيا.

الإطار الزماني : يتحدد الإطار الزمان للدراسة في الفترة ما بين عام ٢٠١٢ الى عام ٢٠٢١م.        لان ذلك الفترة يعتبر بداية تدهور أوضاع مالي وزيادة التنظيمات الإرهابية بداخلها مما عجل من التدخل الفرنسي في مالي وعودة الاستعمار في قارة إفريقيا من جديد .

الإطار المفاهيمى:. مفهوم الأزمة : يعتبر مفهوم الأزمة من المفاهيم واسعة الانتشار خاصة في ظل هذا المجتمع المعاصر سواء كانت تلك الأزمة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.

فالبعض يعرف الأزمة ومنهم “هنتجتون” على أنها: حدث مفاجئ غير متوقع تتشابه فيه الأسباب بالنتائج وتتلاحق الأحداث بسرعه كبيرة، وهذه الأزمة تجعل متخذ القرار في حيرة بالغه من أمره وقد تفقده السيطرة على زمان الأمور.

مفهوم التدخل : يعرفه ناصر الغزالي على أنه: التدخل الذي يتخذ جانبا عسكريا وبموجبه تقوم إحدى الدول أو مجموعة من الدول بأخذ الأذن من مجلس الأمن أو قد لا تأخذ هذا الأذن في بعض الأحيان وذلك لأغراض انسانية لمنع الفوضى والاضرابات داخل الدولة.

  • مفهوم الأمن القومي : للأمن القومي العديد من التعريفات والتي على سبيل الذكر منها :
  • دائرة المعارف البريطانية تعرفه على أنه: حماية الأمن من خطر القهر على يد قوة أجنبية.
  • ويعرفه هنري كسينجر على أنه: تصرفات يسعي المجتمع عن طريقها حفظ حقه في البقاء.

تقسيم الدراسة:.

  • الفصل الاول : بداية الاستعمار الفرنسي في إفريقيا.
  • وقد انقسم هذا الفصل الى ثلاثة مباحث هما
  • المبحث الاول : طبيعة التدخل الفرنسي في السنغال.
  • المبحث الثاني : طبيعة التدخل الفرنسي في غينيا.
  • المبحث الثالث : طبيعة التدخل الفرنسي في السودان.
  • الفصل الثاني : التدخل الفرنسي والشؤون المالية.
  • وقد انقسمت هذا الفصل أيضا إلى ثلاثة مباحث هما
  • المبحث الاول : محددات التدخل الفرنسي في مالي.
  • المبحث الثاني : أسباب التدخل الفرنسي في مالي.
  • المبحث الثالث : مواقف القوى الداخلية والإقليمية والدولية من التدخل الفرنسي في مالي.

الفصل الاول:. بداية الاستعمار الفرنسي في إفريقيا:.

المبحث الاول:. طبيعة التدخل الفرنسي في السنغال:

تعتبر السنغال من أولى المستعمرات الفرنسية في غرب أفريقيا، وهي أقربها الى اوروبا، وقد اتخذت فرنسا من سانت لويس عاصمة للمستعمرة، ومن داكار ميناءا رئيسيا لها كما اعتبر داكار أيضا من أهم موانئ أفريقيا الغربية الفرنسية. وقد مثلت السنغال أهمية اقتصادية كبيرة، وذلك بفضل ما تنتجه من كميات كبيرة من الفول السوداني، وخاصة في اقليم كاولاك وكايور وسالوفولو.

اذا تتبعتنا بداية اتصال السنغال بالأوروبيين سنجد بأن البرتغاليين كانوا من أول الدول الاوروبية التي وصلت الى سواحل غرب أفريقيا وذلك بعد أن نجحت البرتغال في تطوير سفنها، وزودتها بالبوصلة والاسطرلاب فقضت بذلك على العقبة التي كانت تعترضها وهي مشكلة الرياح وكيفية الابحار في أعالي البحار. ولكن النفوذ البرتغالي بدأ ينحسر من المنطقة فيما بين 1580 – 1640 بعد أن انتاب البرتغال الضعف، ونافستها الدول الاوروبية الأخرى وحل النفوذ الفرنسي محل النفوذ البرتغالي، وكان البرتغال هي التي اكتشفت السواحل الغربي لأفريقيا وبقية الدول الاوروبية هي التي استفادت منه.

نجح ريشيليو الشركات الفرنسية في السنغال فتزايد عددها. كما قام كوليير بدعاية كبيرة مؤكدا حق فرنسا التاريخي في المنطقة. هذا وقد بذل مديرو السنغال جهودا كبيرة للنهوض بها وتنمية التجارة فيها ونذكر على سبيل المثال  أندريه برو الذي أسس الوكالات التجارية في البريدا وغامبيا وبيساو.

أدى قيام حرب السنوات السبع الى تعاقب استيلاء الدولتين على السنغال حتى استعادت فرنسا جميع وكالاتها بعد توقيع معاهدة باريس 1814.

التزمت الادارة الفرنسية طوال النصف الأول من القرن 19 بسياسة مهادنة القوى الوطنية مع تطوير المستعمرة من الناحية الاقتصادية فتم ادخال خاصلات جديدة مثل السكر والبن والقطن كما تم استقدام الخبراء الزراعيين للتوسع في زراعة الأرز والنيلة اللازمة للصناعة وأدخل صناعة الحرير.

كما اهتم حكام السنغال باكتشاف المناطق الداخلية المحيطة بها ولاسيما بوييه ويلوميه كما أرسل خليفته بودان بعثة هيكار الشهيرة 1849 لتفقد منابع السنغال وغامبيا والفاليمي وبوندو ورغم كل هذه الجهود عانت المستعمرة من اغارات القبائل الموريتانية وكثرة تولي المديرين عليها فكانت من الصعب وضع سياسة عامة ومحددة.[1]

اولا: تزايد النشاط الفرنسي في السنغال منذ منتصف القرن التاسع عشر:

جاء تعيين فديريب حاكما على السنغال في عام 1854 مواكبا لطموح فرنسا وسياستها التوسعية الجديدة في المنطقة، فقد انتهجت الامبراطورية الثانية سياسة نابليون أكثر نشاطا في أفريقيا منذ منتصف القرن 19، واتسمت سياسة نابليون الثالث بالتوسع والاستعمار، وسعى لربط المستعمرات الفرنسية في الجزائر مع مستعمرة السنغال في غرب أفريقيا، كما أن حكومته اعتمدت على العسكريين من جهة والحزب الكاثوليكي من جهة أخرى وكلا الحزبين من أنصار التوسع والاستعمار وقد وجهت هذه العناصر سياسة فرنسا من 1852-1870.

كان أهم عمل بالنسبة لفيديرب هو تأمينه لحدود مستعمرة السنغال ضد القبائل الموريتانية من جهة الشمال كذلك تأمين الحدود الشرقية ضد التكرور وتأمين الحدود الجنوبية فضم منطقتي سين وسالوم الى السنغال وأجبر القوى الوطنية على توقيع معاهدات الحماية. هذا وقد وضع فيديرب سياسة محددة للتعامل مع القوى الوطنية المختلفة تلخصت في سياسة السلام أو الحرب  أي على القوى الوطنية المختلفة التعاون معه والاستسلام للنفوذ الفرنسي فان لم ترضخ له فليس أمامها سوى الحرب. هذا وقد اتخذ فيديرب من السنغال القاعدة الرئيسية للتوسع الفرنسي في غرب أفريقيا.

اذا تتبعنا العلاقة بين الطرفين سنجد بأنها كانت طيبة في بداية الأمر لأن الحاج عمر ركز جهوده ضد الوثنيين لنشر الاسلام ففي عام 1847 قابل عمر دي جرامون مدير الشئون الخارجية للمستعمرة ومعه بول هول وأكد عمر خلال هذه المقابلة بأنه حريص على الابقاء على العلاقات الودية مع الفرنسيين وهو مستعد لتوفير الحماية للتجار الاوروبيين ولكنه اشترط عليهم بيعه الأسلحة وأعلن لهم بأنه صديق للأوربيين يريد العيش في سلام معهم، ولا يبغي سوى أن يدفعوا له الضرائب لكي يتمكنوا من التجارة بحرية .

وفيما بين 1852-1854 أصبح الحاج عمر له نفوذ كبير على مسلمي سنغامبيا وبامبوك وخاسو وبوندو، ولم يتقصر تأثيره على مسلمي السنغال وما حولها وانما امتد حتى غامبيا، فعمل على اثارة أهالي المنطقة ضد القوات البريطانية ، ونظم حملة عسكرية اتجه بها صوب بتهورست في غامبيا لولا مسارعة القوى الفرنسية لإنقاذ الموقف.

بدأ الفرنسيون يدركون مدى قوى الحاج عمر وخاصة وأن مسلمي فوتا السنغالية تطلعوا الى الاتحاد معه، ولذلك كان لابد لفيديرب من الاعتماد على قوى أخرى يواجه بها الكترور فلجأ الى التحالف مع البمبارا الوثنيين الذين مثلوا الد أعداء الحاج عمر، وفي نفس الوقت رحب البمبارا بهذا التحالف على أمل أن يمكنهم من استعادة نفوذهم ومركزهم السياسي الذي سلبهم منهم التكرور.

وحتى عام 1857 كان الحاج عمر ما زال على علاقة طيبة بالفرنسيين، ولكن سرعان ما تبدلت هذه العلاقة عندما أرسل لهم يطلب منهم تزويده بالأسلحة الحديثة ولكنهم رفضوا وذلك خوفا من تزايد قوته العسكرية، في الوقت نفسه عملوا على تسليح البمبارا ولذلك تغير موقفه من الفرنسيين ، وأخذ أتباعه يهاجمون المراكز الفرنسية ويهددون التجارة في منطقة باقل. ثم أقدم الحاج عمر على خطوة خطيرة اذ أعلن عن نواياه في محاربة الفرنسيين حتى يدفعوا له الجزية كما دعا أتباعه في سانت لويس الى عدم التعاون والاتفاق مع الخونة الفرنسيين على حد تعبيره، وكتب الى فيديرب بأنه لا يريد اقامة أية منشآت فرنسية في اراضيه كما أنه يعارض ارسال أي سفينة حربية فرنسية. والواقع أن طلب الحاج عمر الجزية من الفرنسيين راجع الى اقتناعه خلال هذه الفترة بقدرته العسكرية وامكانه هزيمتهم وذلك يرجع الى أن فيديرب ركز جهوده خلال هذه الفترة نحو المناطق الشمالية من السنغال لإخضاع الموريتانيين ومنعهم من الاغارة على المستعمرة، كذلك حتى هذه الفترة لم يدخل الحاج عمر في صراع حقيقي مع القوة الفرنسية.[2]

ونتيجة لتحالف الفرنسيين مع البمبارا الوثنيين قام الحاج عمر بطرد التجار الفرنسيين العالمين في المنطقة الواقع من باقل الى بودور في أعالي السنغال كما هاجم سمبالا حاكم خاسو لترحيبه بالفرنسيين في اراضيه واضطره الى الفرار الى ميدين.

وقد قبل سمبالا بناء حصن فرنسي في ميدين ففي خلال هذه الفترة أراد فيديرب توسيع حدود المستعمرة الى ما وراء باقل واعادة النشاط التجاري للمنطقة، فرآي انشاء حصن فرنسي يساعد على رد هجمات الحاج عمر ، وعين فيه القائد الفرنسي بول هول وزود الحصن بأربعة مدافع.

وكان رد الحاج عمر على انشاء حصن ميدين عنيفا فقد حاصره عدة أشهر من ابريل حتى يوليو 1857 كما قام بمهاجمة حصن ماتام ومركز جيمو في عام 1859 . ولكن رغم اصراره على حصار الحصون الفرنسية الا أنه لم ينجح في التصدي لمخططات الفرنسيين وأدرك أنه لا قبل له على مواجهتهم، ولذلك فضل الاتجاه شرقا صوب النيجر لكي يستكمل بناء امبراطوريته ، وأصبح نهر السنغال هو الحاجز بين امبراطورية التكرور ومناطق النفوذ الفرنسي في السنغال هذا وقد أفاد الحاج عمر من غزوه المناطق الواقعة شرق السنغال أي صوب النيجر فغزا سيجو وحارب البمبارة الوثنيين واستولى على ماسينا وحقق نجاحا كبيرا في المنطقة.

ولذلك عندما عاد فيديرب الى السنغال خلال فترة ولايته الثانية في عام 1863 وجد أن امبراطورية التكرور بزعامة الحاج عمر قد اتسعت ونمت وأصبحت تشكل خطرا كبيرا على المشاريع الفرنسية التوسعية. ولذلك عزم فيديرب على ارسال بعثة الى سيجو لمقابلة الحاج عمر وكلف الضابط البحري أوجين ماج بالتوجه الى سيجو عام 1863 لإقناع الحاج عمر بالتعاون مع الفرنسيين.

كان الهدف الحقيقي للبعثة هو اكتشاف خط يربط بين الممتلكات الفرنسية في أعالي السنغال وأعالي النيجر، وخاصة باماكو أي ربط السنغال بالنيجر.

لم يقدر للبعثة مقابلة الحاج عمر فقد بقيت في سيجو لمدة عامين حتى وفاته رغم تأكيده لأبنه أحمد سيخو بأن هدفهم الحقيقي هو الاهتمام بالتجارة وأن يسمح لهم بأنشاء المراكز التجارية ولكن أحمد رفض انشاء أية مراكز في اراضي التكرور.[3]

ثانيا: القضاء على المقاومة الوطنية في السنغال.:

بعد انعقاد مؤتمر برلين نشطت السياسة الفرنسية في غرب افريقيا واتخذت فرنسا من السنغال قاعدة للانطلاق نحو المناطق الداخلية فكان عليها لتحقيق ذلك القضاء على المقاومة الوطنية والتي تمثلت في تلك الفترة في مملكتي كابور والساركولي.

أ – مملكة كايور: كايور الآن محافظة من محافظات السنغال ولكنها في القرن ال 19 كانت مملكة يسكنها الولوف، وقد امتدت بين سانت لويس في الشمال، وروفيسك في الجنوب. وقد لعب لات ديور ملك كايور دورا هاما في مقاومة النفوذ الفرنسي وأعلن عن رغبته واستعداده لقبول السيطرة الفرنسية في عام 1869 الا أنه استأنف الجهاد ضد القوات الفرنسية وفي عام 1871 اعترفت فرنسا به ملكا على كايور في مقابل قبوله الحماية.

واذا حاولنا تعليل أسباب قبول الفرنسيين توقيع معاهدة مع ديور ومهادنته خلال تلك الفترة سنجد أن الحرب السبعينية اضطرت القوات الفرنسية للانسحاب من السنغال فأراد القادة الفرنسيون المحافظة على هدوء الموقف في المستعمرة وتجنب التورط في أية اشتباكات جديدة ولكن رغم هذا الاتفاق سرعان ما توترت العلاقة بين الطرفين لرفض لات ديور مد خط حديدي من سانت لويس الى داكار. وظل لات ديور يثير المشاكل للفرنسيين فتحالف مع قبائل الترارزة الموريتانية حتى أعلنت فرنسا الحماية على كايور 1883 ثم كثفت حملاتها العسكرية ضد 1884-1886 حتى قتله .

ب – مملكة الساراكولي:

أعلن محمدو لامين زعيم الساراكولي الجهاد ضد الفرنسيين في منطقة سنغامبيا. وكان هدفه هو تكوين امبراطورية من قبائل الساراكولي التي ينتمي اليها على غرار امبراطورية التكرور التي أسسها الحاج عمر.

فيما بين عامي 1868 و1869 أدى لامين فريضة الحاج وعند عودته الى بلاده وقع أسيرا في يد قوات أحمدو شيخو زعيم التكرور فمكث حوالي سبع سنوات في أراضيه مما كان له أكبر الاثر في توتر العلاقات بين الطرفين.

ومنذ عام 1885 بدأ الصدام الحقيقي بين محمود لامين والفرنسيين فقد بدأ في مراسلة المدن المجاورة وأعلن عن برنامجه والذي تلخص في اعلان الجهاد وتطوير الجيش وتزويده بأحدث الأسلحة، ثم تحسين علاقته مع جيرانه خاصة حكام فوتاتورو وبوندو وفي عام 1886 أعلن نفسه مهديا وبدأ في ضم العديد من الأراضي فضم ديافونو، وكارته، وبوندو وجويد يمكة.[4]

وفي عام 1886 حاصر لامين الحصن الفرنسي في باقل واستولى على القرى المحيطة به  كما عمل على قطع طريق المواصلات بين بالقل وكايس لمنع وصول لامين الى الحصن ولكنه فشل، ثم كلف الملازم فري بالتصدي لمحمدو لامين فوصل باقل وشن سلسلة من الهجمات ضد الساراكولي الذين نجحوا في الحاق الهزائم بالفرنسيين ، ثم اتجه إلى أعالي غامبيا وأسس حصن ديانا على بعد مائتي كم من السنغال.

حقق لامين انتصارات في سنغامبيا وخشى الفرنسيين من قوته وأخذوا في تحصين حامياتهم العسكرية ومراكزهم على طول نهر السنغال ثم تدهور الموقف العسكري بالنسبة للفرنسيين، حتى تم تعيين جالليني قائدا أعلى للسودان الفرنسي في 15 نوفمبر 1886 بدلا من فري فأراد أن يأمن جانب كل من ساموري زعيم الماندنجو كذلك أحمدو زعيم التكرور وذلك قبل اقدامه على محاربة لامين فقد خشى أن يقدما المساعدة له، فعقد معاهدة مع ساموري لكي يأمن ظهر قواته أثناء تقدمه في سنغامبيا، وحتى لا يتعرض لأي هجوم مباغت من أعالي النيجر، كذلك اتفق مع أحمد شيخو على أن يتعاونا ضد لامين عدومهما الشمترك . ولذلك ركز أحمدو شيخو حملات في كل من ديافونو وجويد بمكة التي تركز فيها سويبو ابن محمدو لامين، واستمر الاشتباك بين قوات التكرور والساراكولي حوالي ستة شهور وفي 7 أبريل سنة 1887 حتى تمكن أحمدو من الحاق الهزيمة بقوات الساراكولي في جوري، ولكن القوات الرئيسية كانت مع لامين في ديانا فحاول سويبو اللحاق بفرق ابيه، وأثناء عبوره نهر السنغال تمكن الملازم رشيمبرج من القاء القبض عليه في قرية ديوكوكوي القريبة من معسكر جالليني في اروندو حيث تم اعدامه رميا بالرصاص بينما ظل لامين في أعالي غامبيا مسيطرا على ضفاف الفاليمي وبامبوك.[5]

وجه جالليني حملتين للقضاء على لامين تحركت الأولى من اروندو صوب ديانا، والثانية تحركت من ديامو بقيادة فاليير على أن تلتقي الحملتان في ديانا. وجدير بالذكر أن الطريق الى ديانا كان صعبا وشاقا فقد سارت الحملتان في بلاد مجهولة بالنسبة للفرنسيين ، تغطيها الأشجار الكثيفة. ولذلك نجح لامين في الحاق الهزائم بالفرنسيين ولكن اضطر في نهاية الأمر الى الفرار أمام كثافة الهجمات الفرنسية وفر الى غامبيا ولكن جالليني تعقبه وقام الكابت فورتن بتمشيط المنطقة عام 1887 مما أدى الى تخوف ملك منطقة فردو من عقاب الفرنسيين فقتل لامين وأحضر راسه الى فورتن. وبموت لامين انتهت المقاومة العنيفة التي واجهت الفرنسيين في السنغال مما أتاح لهم فرصة العمل بشئ من الهدوء النسبي في تقوية مراكزهم، واعادة تنظيم مواصلاتهم كما يلاحظ أن جالليني اتبع أسلوب التغلب على الزعماء المحليين منفردين والحيلولة دون تكتلهم، ولذلك فقد أسرع بعقد معاهدة مع أحمدو شيخو، ولكن لم يكن ذلك يعني بأن الفرنسيين تخلو عن عدائهم لهم أو أنهم سيتركونه وشأنه، وانما كانوا في حاجة اليه للتخلص من خطر محمدو لامين أولا ثم التخلص منه بعد ذلك.

من العرض السابق نلاحظ بأن السنغال كانت من أهم المستعمرات الفرنسية في غرب افريقيا فهي المستعمرة الأم الرئيسية، وقد تطورت فيها السياسة الفرنسية ، ففي البداية عملت فرنسا على مهادنة القوى الوطنية مع حرصها في الوقت نفسه على تطوير المنطقة ولكن دون اقدام على احتلالها أو غزوها. ولكن بمجيئ فيديرب تغيرت هذه السياسة كلية، فقد استخدم القوى العسكرية ضد معارضيه وارسى دعائم التوسع العسكري الفرنسي في المنطقة ولكن دون اقدام على احتلالها أو غزوها. وبعد رحيله عانت المستعمرة من الاضطرابات وخاصة بعد هزيمة فرنسا في الحرب السبعينية، ولكن سرعان ما استعاد الفرنسيون نشاطهم مرة أخرى في المنطقة متخذين من السنغال قاعدة للتوسع نحو المناطق الداخلية واستتبع ذلك تدعيم سيطرتهم عليها بالقضاء على المقاومة الوطنية فيها والتي تمثلت في لاديور في كايور، ومحمدو لامين زعيم الساراكولي.[6]

المبحث الثاني:. طبيعة التدخل الفرنسي في غينيا :

تحتل غينيا الفرنسية موقعا خطيرا، فهي في الانحناء الجنوبي الغربي لمنطقة أفريقيا لغربية، ومحطة هامة بين جنوبي افريقيا وأفريقيا الغربية ويحدها شرقا ساحل العاج وشمالا السنغال وغينيا البرتغالية وجنوبا ليبريا وسيراليون وتطل من ناحية الغرب على المحيط الأطلنطي . وتعتبر غينيا أكثر المستعمرات الفرنسية كثافة، وتمتاز بسواحلها المغمورة وكثرة الخلجان ومرتفعاتها الداخلية حيث هضبة فوتاجالون الغزيرة بالأمطار التي تلائم ظروفها سكان غير الأفريقيين.

وجدير بالذكر أن اسم غينيا اطلق على المستعمرة في أواخر القرن التاسع عشر، وقد انصب اهتمام الفرنسيين على المنطقة الساحلية التي عرفت باسم أنهار الجنوب، كذلك على المنطقة الداخلية في فوتاجالون، ولكن سرعان ما دعمت فرنسا سيطرتها على المنطقة ودمجت المناطق الداخلية والساحلية ومدت حدود المستعمرة حتى شملت أجزاء من السودان الفرنسي وأودية النيجر. ومنذ القرن الثامن عشر كون المسلون في المنطقة حكومات اسلامية، وخاصة في المناطق الداخلية في فوتاجالون، وقسموها الى عدة دول أو أقاليم يحكم كل منها حاكم يلقب فاما. وقد حرصت فرنسا على تدعيم سيطرتها على الساحل وفوتاجالون وحققت المنطقتان اتصالات سهلة مع أعالي النيجر.

ولما كانت منطقة أنهار الجنوب تمثل أهمية كبيرة لموقعها وتجارتها فقد أقام التجار الفرنسيون عدة مراكز لهم في ريو كاسيني ونوفيه ، وبونجو، وميلاكوري، واسكاريا ولكن كان من المتعذرة على الوطنيين قبول انشاء مراكز فرنسية أو وكالات في أراضيهم وكذلك فانهم سرعان ما كانوا يدمرونها بني حين وآخر رغم المعاهدات التي عقدوها مع الفرنسين.

هذا وقد شهدت منطقة أنهار الجنوب وفوتاجالون صراعات عنيفا بين القوتين الفرنسية والبريطانية حسم لصالح فرنسا فقد سعى حاكم سيراليون البريطاني صموئيل روي لمد نفوذ بلاده من سيراليون شمالا الى أنهار الجنوب في الوقت الذي سعى حاكم السنغال برير دي ليل لمد نفوذ فرنسا من السنغال شمالا الى أنهار الجنوب جنوبا فأنشأ الفرنسيون العديد من المراكز في المنطقة ثم انتهى الأمر بإعلان الحماية الفرنسية على منطقة أنهار الجنوب.

كذلك دعمت فرنسا نفوذها في المنطقة الداخلية في فوتاجالون واستطاع ايميه اوليفيه دي سندرفال أن يدعم سيطرة فرنسا على فوتاجالون ولذلك لا نستطيع أن نغفل دوره الهام في تثيبيت النفوذ الفرنسي . فقد عمل دي سندرفال على اقامة علاقات طبية مع الزعماء الوطنيين في فوتاجالون، واستطاع اثنان من عملائه اكتشاف منابع النيجر من فوتاجالون فقد ارسل مدير الوكالة فرمنك كلا من زويفل وموستيه الى فوتاجالون ونجحا في الوصول الى قرية فوريا حيث اكتشاف المنبع الرئيسي لنهر تمبيكو، وهو من روافد نهر النيجر الرئيسية. وفي عام 1789 وقعت معاهدة مع زمعاء منطقة سامو لاقرار النفوذ الفرنسي في الأراضي القريبة من النيجر وفي عام 1880 حصل دي سندرفال على حقوق في جزيرة تمبو فمد النفوذ الفرنسي في دوبريكا وقد تبع ذلك ميناء كونكاري، كما حصل دي سندرفال ايضا على موافقة أئمة فوتاجالون على مد خط حديدي من فوتاجالون حتى الساحل. وقد لقبه سكان المنطقة بالملك وضرب النقود باسمه، وبفضل جهوده امتد النشاط البريطاني في فوتاجالون، كم قدم الكثير من المساعدات للبعثات الفرنسية مثل بعثة الملازم بلات التي أرسلت عام 1888 وبعثة ليفاسير ، وساعد القوات الفرنسية في حملاتها ضد الزعماء المعارضين لها. وعندما دعمت فرنسا سيطرتها في فوتاجالون، سلم حقوقه ومنشآته الى الفرنسيين ثم رحل الى فرنسا.
وبعد عودته الى فرنسا نشر كتبا عنم فترة اقامته في فوتاجالون ولقب بالكونت دي سندرفال.  وعندما وصل جالليني الى السودان نادى بضرورة تدعيم النفوذ الفرنسي في فوتاجالون، واقامة مواصلات بين أعالي النيجر ومنطقة ميلاكوري، وقد ساعد جالليني في تحقيق مشاريعه في تأييد ايتيان وكيل وزارة المستعمرات له ، وكانت منطقة فوتاجالون هي محط أنظار الفرنسيين خلال هذه الفترة. وقد عهد على الدكتور بايول وهو طبيب في البحرية الفرنسية بتدعيم السيطرة الفرنسية على فوتاجالون من أجل بناء امبارطورية تجارية في تمبو فوقع معاهدة 1881 مع الزعيم ابراهيما سوري لتدعيم النفوذ الفرنسي واستبعاد النفوذ البريطاني. وفي 1882 تم توقيع اتفاق فرنسي بريطاني حددت فيه الحدود بين منطقة أنهار الجنوب، وسيراليون.[7]

المبحث الثالث :. طبيعة التدخل الفرنسي في السودان:

1 – القضاء على امبراطورية التكرور:

خلف أحمدو شيخو والده الحاج عمر الذي عهد اليه بإدارة مملكة البمبارة قبل وفاته، ولقبه خليفة التيجانية في السودان كما لقب بأمير المؤمنين .

اذا حاولنا تتبع العلاقة بين التكرور والفرنسيين سنجد أنه كانت هناك محاولات للاتفاق السلمي بين الطرفين فالفرنسيون أرادوا مد نشاطهم التجاري في منطقة السودان الغربي، كذلك أراد أحمدو استكمال الجهاد ضد الوثنيين وتدعيم سيطرته على الأراضي التابعة له وتحقيقا لذلك ارسل فيديرب بعثة ماج الى سيجو في 28 فبراير 1863 ولكن التكرور استبقوها فترة من الزمن ثم استؤنفت المفاوضات بعد وفاة الحاج عمر وأسفرت عن توقيع معاهدة ماج وكان من أهم شروطها اعتراف الفرنسيين بسلطة أحمدو في الأراضي التي يسيطر عليها والسماح لتكرور بشراء ما يحتاجون اليه من سانت لويس وتوفير الحماية للتجار الفرنسيين.

أثارت معاهدة ماج قلق حاكم سيراليون البريطاني الذي سعى للتقرب من أحمدوا ولكن الكابت جالليني استطاع أن يعقد اتفاقا مع أحمدو في 1880 عرفت بمعاهدة نانجو وافق فيها أحمدو على السماح للفرنسيين بالتجارة ولكنه تمسك بشرط عدم اقامة حصون فرنسية في أراضيه أو مد خطوط حديدية. هذا وقد اختلفت نصوص معاهدة نانجو فتضمنت النص العربي السماج للتجار بالتجارة أما في النص الفرنسي فقد ورد لفظ الحماية وبناء المنشآت على طول نهر النيجر وقد أدى اختلاف النصين الى توتر العلاقة بين الطرفين منذ عام 1880 واستطاع القادة الفرنسية انشاء الحصون في كينيا وبافولابي وباماكو وذلك لأبعاد النفوذ البريطاني ولإيجاد اتصال مباشر مع النيجر، ونتيجة لهذا النشاط الفرنسي المكثف نقل أحمدو عاصمة بلاده من سيجو الواقعة قرب باماكو الى نيورو عاصمة كارته. وفي عام 18896 عين جالليني قائدة على السودان الفرنسي وظهر لأول مرة اصطلاح السودان الفرنسي بدلا من أعالي النهر.

وركز جالليني جهوده ضد محمدو لامين ولذلك رأى أن من الضروري التعاون مع أحمدو وأسفر هذا التعاون عن توقيع معاهدة جوري في 12 مايو سنة 1887 وافق فيها أحمدو على وضع بلاده تحت الحماية الفرنسية. ثم خلف ارشنيار جالليني وتلخصت سياسته في ضرورة القضاء على التكرور فقاد ثلاث حملات عسكرية ضدهم أسفرت عن تدمير امبراطوريتهم واحتلال سيجو العاصمة القديمة، كما استولى على حصن كونيا كاري في 15 يونيو 1890 مما أدى الى انسحاب أحمدو الى نيورو فتتبعه اليها مما اضطره لهجرها عام 1891 والفرار الى سوكوتو التي استقر فيها وتوفى 1898.[8]

2– القضاء على امبراطورية الماندنجو:

دام الصراع بين الفرنسيين وساموري فترة طويلة 1881-1898 ولاسيما وأنه دعم سيطرته في أعالي النيجر في الوقت الذي سعى الفرنسيون لمد نفوذهم عليه وبعد عدة مصادمات بين الطرفين تم توقيع معاهدة كينيا كورا 1886 والتي نصت على اعترافه بالنفوذ الفرنسي على الضفة اليسرى للنهر، واعتراف فرنسا بنفوذه على الأراضي الواقعة على الضفة اليمنى ولكن الحكومة الفرنسية لم ترض عن هذه المعاهدة ورأت ضرورة توقيع اتفاقية أخرى فتم توقيع معاهدة بيساندوجو في 25 مارس 1887 والتي كانت أشمل وأدق في نصوصها لأنها كانت أكثر تحديدا في توضيح مناطق النفوذ الفرنسي. وقد مكنت هذا المعاهدة ساموري من التفرغ لعدوه اللدود تيبا حاكم كيندوجو.

ولم يكتف ساموري بمخالفة الفرنسيين وانما عمل على الاستفادة من التنافس البريطاني الفرنسي فعمل على استمالة حاكم سيراليون وارسل 1880 رسالة الى سير روي من أجل تشجيع التجارة بين الطرفين، وكذلك ارسل مبعوثيه 1885 الى فريتاون وعرض وضع بلاده تحت الحماية البريطانية.

ولكن بعد توقيع ساموري معاهدة بيساندوجو مع الفرنسيين اصبح لفرنسا سيطرة تامة على الأراضي الداخلية لسيراليون، مما حال دون امتداد انجلترا للداخل ولذلك أرسل حاكم سيراليون ضابطا بريطانيا 1888 يدعى فستنج لتوقيع معاهدة مع ساموري وقد اختير فيستنج لهذه المهمة لنظرا لإلمامه باللغة العربية ودرايته بالعادات والتقاليد الاسلامية وكان قد سبق له التفاوض من قبل مع الزعماء الوطنيين فله اذن خبرة في مثل هذه الأمور. وقد اقنع فستنج ساموري بمد خط حديدي بين أراضيه وسيراليون فوافق ساموري ولكنه اشترط ضمان استمرار تجارته مع فريتاون، واتفق الطرفان على توقيع معاهدة بينهما وأدى التقارب بين ساموري وفريتاون الى غضب السلطان الفرنسية التي رأت في ذلك الاتفاق خطورة على مصالحها.[9]

وقد حذرت وزارة الحربية البريطانية من خطورة معاهدة بيساندوجو لأنه بمقتضاها سيطرت فرنسا على الأراضي الداخلية لسيراليون التي تعتبر من أهم المحطات الرئيسة البريطانية والمؤدية الى مستعمرة الراس، التي أنفقت عليها بريطانيا الكثير من الأموال، ولذلك فان تركيز النشاط الفرنسي في هذه المناطق بالإضافة الى فوناجالون شكل خطرا على بريطانيا، وخاصة وأن جالليني أعلن في 19 أبريل 1887 بأن حماية فرنسا تمتد على طول ضفة النيجر اليمنى من سيجو حتى سيراليون للتوغل في سنغامبيا والنيجر وعملت على ربط النيجر بمنطقة أنهار الجنوب، وربط أعالي النيجر بساحل العاج، ولذلك فان السياسة الفرنسية تعتبر أكثر فعالية ونشاط من السياسة البريطانية، ولابد من اتخاذ الاجراءات اللازمة للحيلولة دون توغل النفوذ الفرنسي في غرب أفريقيا، ولذلك يجب عليها التحرك وعقد معاهدات مماثلة مع الزعماء الوطنيين ولتضع في اعتبارها توقيع معاهدة مع ساموري.
وقد عملت حكومة سيراليون على الاتصال بساموري وتوثيق الصلة معه فاستقبل حاكم سيراليون عام 1889 بانتي كارموكو وهو من أقرباء ساموري للتفاوض على العمليات التجارية، وتوثيق الصلة بين الطرفين.

وعلى الرغم من الاتصال بين سيراليون وساموري الا أن هاي حاكم سيراليون كتب على حكومته منددا باعتداء الفرنسيين على أهالي سامو وهي تقع في دائرة النفوذ البريطاني، وقد قام الجنود الفرنسيون بتمزيق العلم البريطاني برمز الحماية البريطانية على أراضيهم، كما قام تجار سيراليون بتقديم شكوى بخصوص احراق وكالاتهم التجارية.

ويرجع تصرف فرنسا مع أهالي سامو بأنها أرادت اثبات حقها في هذه الجهات، وخاصة وبعد أن أمنت نفسها بمعاهدتها مع ساموري التي أتاحت لها فرصة الامتداد نحو مستعمرة سيراليون.

وقد استمر ساموري في توطيد صلته بسيراليون، وخاصة وأنها مثلت بالنسبة له المصدر الرئيسي للسلاح، حيث كان التجار البريطانيون يبيعون له الأسلحة المتطورة وقد احتجت فرنسا وارسل وادنجتون السفير الفرنسي في لندن الى وزير الخارجية الفرنسي ريبو في 6 نوفمبر 1891 يخبره بأنه لفت نظر اللورد سولسبوري بخصوص تجارة الأسلحة السريعة الطلقات التي يقوم التجار البريطانيون في الوكالات البريطانية ببيعها لساموري ، وأنه طلب منه ضرورة منع تجارة الأسلحة والذخيرة في المستعمرة البريطانية سيراليون وكذلك في الأراضي الفرنسية في منطقة أنهار الجنوب. وكذلك دعا وزير الخارجية الفرنسي في عام 1892، لإلغاء هذه التجارة.[10]

كان مجيء أرشينار الى السودان بداية الصدام المسلح مع ساموري وان كان قد طلب توقيع معاهدة جديدة بين الطرفين وقعت في عام 1889 وعرفت بمعاهدة نباكو سمح فيها ساموري للفرنسيين بأنشاء مركز في كوروسا على الضفة اليسرى للنهر.

كما سعى ساموري لتوقيع معاهدة ثانية مع البريطانيين في سيراليون فعقد معاهدة عام 1890 مع القائد البريطاني جاريت وأرسل الى أرشينا النسخ الخاصة به من معاهدة نباكو معلنا تخليه عنها.

يلاحظ أن ساموري سعى للوقيعة بين الفرنسيين والبريطانيين فعندما وقع معاهدة بيساندوجو مع الفرنسيين وقع في العام التالي معاهدة مع فستنج القائد البريطاني، كذلك بعد توقيعه لمعاهدة نباكو وقع معاهدة جاريت.

غير أن ارشينار كان مصمما على القضاء على ساموري فأسرع بالاستيلاء عل كنكان وبيساندوجو أمام كثافة الحملات الفرنسية اضطر ساموري للانتقال الى الأراضي الداخلية لساحل العاج 1893، ولكن أدى ذلك الى توتر العلاقة بينه وبين البريطانيين لأنه اقترب من المستعمرة البريطانية في ساحل الذهب والتي رفض المسئولون فيها اقامة أية علاقات معه. كما رفض التجار البريطانيون في المنطقة تزويده بالأسلحة .

نجح ساموري في توطيد مركزه في ساحل العاج ولكن ما كادت فرنسا تثبت أقدامها في أعالي النيجر حتى عاود الضباط الفرنسيون تعقب ساموري منذ عام 1898 وعندما شعر ساموري بصعوبة الاستمرار في القتال عرض على الفرنسيين السماح له بالعودة الى مسقط رأسه ولكن القائد لارتينج أراد اذلاله فاصر على تسليم اسلحته وأولاده واستكمل تعقب ساموري حتى تم القاء القبض عليه في جيمو ونفي الى جزيرة أوجيه وظل فيها حتى توفي في عام 1900.

وبعد الاستيلاء على السودان الفرنسي استولت القوات الفرنسية على مدينة تمبكتو عام 1894 وقضت على مقاومة الطوارق ثم قام وليم بونتي بشن سلسلة من الحملات في المنطقة الواقعة بين النيجر وتشاد وقد كلف الكولونيل ايمريش بإدارة الأراضي الواقعة بين تمبكتو وزندر فعمل على انشاء أربع مراكز في كل من زندو وتشاد، وفي عام 1905 أنشئ مركز فرنسي في اجادس وفي عام 1905 أنشئ مركز آخر في بيلما من أجل مراقبة القوافل المتجهة الى تبستي وفزان.[11]

الفصل الثاني: فرنسا والشؤون المالية:.

المبحث الاول: محددات التدخل الفرنسي في مالي:.

التدخل العسكري الفرنسي في القارة الأفريقية بما فيها مالي يرجع للعديد من الأسباب والمحددات، نوجزها في أهمية الواقع الجيوبوليتيكي وحتى الاقتصادي.

اولا‌: الأهمية الجيوبوليتيكية لدولة مالي:.

مالي دولة إسلامية أفريقية، ومستعمرة فرنسية سابقة، تمتد على مساحة 1,240192 كيلومتر مربع حيث المساحة بين جمهورية جنوب أفريقيا(1.219 مليون كم²) وأنجولا(1.246 مليون كم²)،  كما أنها لا تختلف كثيرًا عن مساحة جارتها الشرقية النيجر البالغة 1.267 مليون كم². تقع ضمن ما يعرف بمنطقة الساحل محاطة بسبعة بلدان تتقاسم معهم حدودًا بطول 7243 كيلومترًا؛ وتتوزع على النحو التالي: موريتانيا 2237 كم غربًا، الجزائر1376 كم شمالًا، بوركينا فاسو1000 كم شرقًا، غينيا 858 كم جنوبًا، النيجر821 كم الشمال الشرقي، كوت ديفوار535 كم جنوبًا والسنغال 419 كم، مما يعطيها أهمية استراتيجية خاصة.  كما تنقسم مالي بدورها إلى ثلاثة أقاليم طبيعية: الصحاري القاحلة في الشمال، والسهول شبه الصحراوية في الوسط بنسبة 65% من المساحة الكلية، وأراضي الحشائش المنبسطة في الجنوب، حيث تصل نسبة المساحة الصالحة للزراعة إلى %5.3 فقط، وتوجد مرتفعات جبلية قليلة في مالي، تصل أعلى قمة بها نحو 1,155 م فوق مستوى سطح البحر وهي قمة جبل همبوري تندو في الجنوب. بالإضافة لذلك، نجد نهري السنغال والنيجر فهما النهران الرئيسيان في مالي، حيث يجري نهر السنغال في الجنوب الغربي من مالي في حين يدخل نهر النيجر في أراضي مالي قرب باماكو، ويعد هذا الأخير ثالث أنهار أفريقيا طولًا بعد نهر النيل والكونغو طوله نحو 4160 كم وتزيد، مساحته على 2 مليون كم مربع فهو صالح للملاحة في ما بين ” كوروسا وباماكو ” في فصل المطر.

يتسم المناخ في مالي بثلاثة فصول؛ فيكون الطقس حارًا جافًا (من مارس حتى مايو) وآخر حارًا ممطرًا )من شهر يونيو حتى أكتوبر)، وموسم بارد جاف (من شهر نوفمبر إلى فبراير)،هذا وقد تُحدث الفيضانات من حين إلى حين في نهاية موسم الأمطار، حيث تُصنف مالي في المرتبة 42 من 162 حسب التصنيف المتعلق بخطر الفيضانات، فضلًا عن خطر كل من الجفاف والجراد التي تواجهه.

كما تنقسم دولة مالي إلى ثماني مناطق، تحمل لكل منطقة منها اسما للمدينة الرئيسية بها وهي كالتالي: كايس Kayes، كوليكورو Kolikoro، باماكوBamako   وهي عاصمة مالي، سيكاسوSikasso ،سيغو Ségou،موبتي Mopti، تومبكتوTomboctou،غاو Gao،كيدال  Kidal.

إن هذا الوضع الجيوبلوتيكي للدولة المالية، من حيث الموقع والمساحة، والموارد، يجعل هناك منظومة من المصالح السياسية والاقتصادية للدولة الفرنسية ويحفزها دائمًا على التدخل لحماية تلك المنظومة، وعلاوة على ذلك فإن وجود دولة مالي في العمق الاستراتيجي للدول المغاربية، يحقق لفرنسا قدرا من الأمن والحماية لأهدافها ولمصالحها المتنوعة في تلك الدول، بالإضافة إلى مجموعة الدول الفرانكفونية الأخرى المجاورة لمالي. ومن ثَم يصبح التدخل في مالي مسألة منطقية ضمن حسابات المصالح المتنوعة للدولة الفرنسية.[12][13]

ثانيا : النظام السياسي لدولة مالي:.

نظام الحكم في مالي ديمقراطي جمهوري، فالسلطة التنفيذية بيد الرئيس المنتخَب لفترة خمس سنوات، ولا يجوز انتخابه لأكثر من ولايتين، إذ يقوم بتعيين رئيس الوزراء وأعضاء وزارته، والسلطة التشريعية بيد المجلس الوطني الذي يتكون من 147 عضوًا ينتخبهم الشعب لمدة 5 سنوات، أما السلطة القضائية فتشرف عليها المحكمة العليا للبلاد. حيث شهدت البلاد انتقال زمام الحكم بين خمسة رؤساء منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1960 وهم على الترتيب التالي:

  1. موديبو كايتا ما بين 22 سبتمبر1960 إلى غاية 19 نوفمبر 1968 أُطيح به بانقلاب عسكري من قبل الملازم موسي تراوري. (امتاز حكمه بتأسيس نظام الحزب الواحد ذي الميول الاشتراكية الدكتاتورية).
  2. موسى تراوري من19 نوفمبر1968 إلى 26 مارس1991 أطيح به بانقلاب عسكري من طرف الكولونيل توريري .
  3. أمادو توماني توري: رئيس الهيئة الانتقالية بتاريخ 26 مارس1991 حتى 8 جوان 1992: نظم انتخابات رئاسية ديمقراطية فاز فيها المعارض ألفا عمر كوناري .
  4. ألفا عمر كوناري: انتخب في 8 جوان 1992، وأُعيد انتخابه لفترة ثانية في ماي 1997 إلى غاية 8 جوان 2002 (انتخب لعهدتين متتاليتين حسب ما يسمح به الدستور حيث عمل على محاربة الفساد وتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي، وأصبح وسيطًا بارزًا في النزاعات الأفريقية).
  5. أمادو توماني توري منذ 8 يونيو 2002، وأعيد انتخابه سنة 2007. أطيح به بانقلاب عسكري بقيادة الكابتن أمادو سانوغو  في 22 مارس 2012.
  6. ديانكوندا تراوري  يقود الحكومة الانتقالية منذ أبريل 2012، رئيس البرلمان السابق وأحد المقربين من الرئيس المخلوع”أمادو تومانيتوري”.

وهنا لا بد أن نبين أن ما يميز النظام القانوني في مالي أنه مستمد من النظام القانوني المدني الفرنسي الدولة المستعمرة لها سابقًا، إذْ تجرى مراجعة القوانين قضائيا في المحكمة الدستورية والتي تأسست رسميًا في التاسع من مارس 1994 إلا أنّ جمهورية مالي لم تقبل بالسلطة الإلزامية لمحكمة العدل الدولية.  وفيما يخص القوى السياسية فقد بلغ عدد الأحزاب في مالي91 حزبًا منها 51 حزبًا فاعلًا ومؤهلًا سياسيًا تتلقى الدعم من السلطات المالية. وفي ظل هذا الوضع للنظام السياسي المالي، ووفقًا للعلاقات المتميزة للدولة الفرنسية مع الأنظمة الحاكمة في الدولة المالية الموالية لها، تترسخ عقيدة سياسية وأمنية، لدى صناع ومتخذي القرارات والسياسات في الحكومة الفرنسية، بأهمية الحفاظ على تلك الأنظمة المشايع لها، ومن ثم فإن أية تغييرات يمكن أن تطرأ على الواقع السياسي للدولة المالية، ويتعارض مع أهدافها ومصالحها، يحتم عليها التحرك والتدخل السريع والعاجل لاستعادة الأوضاع، والحيلولة دون حدوث تغييرات سياسية يمكن أن يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر على منظومة المصالح الفرنسية. [14]

ثالثا : الأهمية الجيو اقتصادية لدولة مالي:.

بالإضافة للأهمية الجغرافية المتميزة التي تتمتع بها مالي، فإنها تتميز بمجموعة من الموارد الاقتصادية المهمة والتي زادت من أهمية تلك المنطقة، فهي تزخر بالعديد من المعادن والثروات من الذهب، البوكسيت، اليورانيوم، الحديد، والنحاس، الليتيوم، المنجنيز والفوسفات والملح.. ومعادن أخرى استراتيجية. ويعتبر الذهب أهم المصادر المعدنية للاقتصاد المالي، إذْ تعد ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا وغانا.

أما في مجال النفط فقد منحت حكومة الرئيس المالي السابق “أمادو تومانيتوري” عقود التنقيب لـ 6 شركات أجنبية مختلفة، ذلك إلى جانب الشركات الوطنية، وهي شيفرون الأمريكية Chevron وإيكسون Exxon وإيلف الفرنسية Elf تعاقبت على اكتشاف الاحتياطات النفطية منذ السبعينيات، فالأطماع النفطية في منطقة حوض تاودنيTaoudenni  الموجود بموريتانيا والمتوغل شرقًا نحو إقليم مالي أثبت وجود احتياطات مهمة من النفط، حيث إن الجزء المالي من الحوض يحظى باهتمام أيضًا من جانب عدد من الشركات وعلى رأسها الشركة الإيطالية إيني ENI.  بالتعاون مع الشركة الجزائرية سوناطراك اللتين تنقبان في المنطقتين المحددتين من جانب الحكومة المالية .[15]  إضافة لذلك يتصدر القطاع الزراعي أهم القطاعات التي يرتكز عليها اقتصاد مالي، حيث تقدر مساحة الأراضي المزروعة بمالي نحو 3 ملايين هكتار أي ما يمثل 10% من الأراضي الصالحة للزراعة بالبلاد، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف سكان مالي يعتمدون في دخلهم على نشاطهم الزراعي، إذْ تحتل زراعة الحبوب مكانة كبيرة في تأمين المتطلبات المعيشية للسكان. كما تأتي مالي في طليعة الدول المنتجة للأرز على مستوى غرب أفريقيا، وتعتبر البلاد من أكبر منتجي القطن على المستوى العالمي، ويعد المحصول الرئيسي للتصدير ما يقارب نصف الصادر من مالي يُغطي إنتاج البلاد سنويًا من القطن نحو 15% من الناتج المحلي الداخلي، ويعيش علي حساب القطن المالي نحو 3 ملايين مالي. فيما تعد الثروة الحيوانية ثاني أكبر ثروة بالبلاد بعد الزراعة، وتمثل نحو 10% من الناتج الوطني الخام ويعتمد عليها نحو 30% من السكان، وتتركز الثروة الحيوانية بالمناطق الشمالية من البلاد، ويعتمد عليها بشكل رئيسي سكان هذه المناطق كالعرب والطوارق والفلان، حيث كشفت إحصائيات اقتصادية حديثة أن هذه الثروة تحتل المركز الثالث في صادرات البلد الخارجية، خصوصًا إلى البلدان المجاورة كالسنغال وساحل العاج وموريتانيا. [16]

بالإضافة لما سبق هناك قطاع الصيد الذي لا يقل أهمية عن باقي القطاعات، فهو يشكل نحو 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل فيه قرابة ربع مليون شخص، وينتعش نشاط الصيد في المناطق القريبة من دلتا النيجر وبحيرات “سلينكي” و”مانتنلي” وبحيرة “دبو”، ومعظم الإنتاج من أسماك الشبّوط والسلور والأسماك النهرية.

وتتمثل أهم واردات دولة مالي في المواد الكيميائية والمواد الغذائية والآلات والنفط والمنسوجات، فإلى جانب تصدير القطن هناك الأسماك والجلود والماشية واللحوم والفول السوداني ويتم التبادل التجاري أساسًا مع دول غرب أفريقيا وفرنسا وبعض دول غرب أوربا، وتعد السنغال أكبر دولة مصدرة لمالي بعد فرنسا، فيما تعد الصين أكبر دولة مستوردة*) من مالي بنسبة 19.6 %).

ومعنى هذا أنه إضافةً للمصالح السياسية والفرنسية في مالي، فإن للمصالح الاقتصادية أيضًا اهتمام كبير من جانب الحكومات الفرنسية المتعاقبة، وهو ما يُملي عليها ضرورة التعامل الجاد مع الشأن المالي بأقصى درجات الاهتمام، حتى ولو استخدمن فرنسا في سبيل ذلك التدخل العسكري ذاته.[17]

المبحث الثاني : أسباب التدخل الفرنسي في مالي:

جاء التدخل العسكري الفرنسي في مالي تحت ذرائع وأسباب عديدة، سواء أكانت معلنة صَرحت بها الحكومة الفرنسية رسميًّا من خلال وزرائها وممثليها السياسيين مثل: وقف تهديدات الجماعات المتطرفة في مالي، أو القضاء عليها كلية في منطقة السلاح وبلاد المغرب العربي، واستنجاد الحكومة المالية بفرنسا لحمايتها من هجوم هذه الجماعات- أم خفية لم تعلنها فرنسا بشكل رسمي، إلا أنها كانت دافعًا بارزًا للتدخل الأخير. بيد أن هذا التدخل لم يدُم، إذ استُبدِلت بالقوات العسكرية الفرنسية المتدخلة قواتُ حفظ السلم والأمن الدوليين، متجسدة في قوات الأمم المتحدة إلى جانب القوات الإفريقية، وعليه نعرض تفصيل الأسباب فيما يأتي:

الأسباب المعلنة للتدخل الفرنسي في مالي:

بعد سيطرة الجماعات الإرهابية، مثل: أنصار الدين، وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي على كونا في 10يناير 2013، وخوف الحكومة المالية من تقدمها نحو العاصمة باماكو، طلبت من فرنسا التدخل العسكري لوقف زحف الجماعات الإرهابية، لتنشر فرنسا بعض قواتها ضمن ما أطلقت عليه اسم “عملية سيرفال أو القط المتوحّش” في 11كانون الثاني/ يناير 2013، وهذا الطلب من الحكومة كان أقوى ذريعة في تسويغ فرنسا تدخّلها بأنه يقع ضمن إطار مساندة دولة صديقة لا أنّه انتقاص من سيادتها، وبهدف طرد المجموعات الإسلامية المتطرّفة، أي أنّ حرب فرنسا أصبحت تقع ضمن “الحرب على الإرهاب”.

أما وزير الخارجية الفرنسية “لوران فابيوس” فأعلن من جانبه أن فرنسا تدخلت ضمن سياق القرار 2085 والمادة 51 من الميثاق، بهدف تحقيق ثلاثة أمور: أولها: وقف زحف المجموعات الإرهابية نحو الجنوب، وثانيها: الحفاظ على حكومة مالي واستعادة وحدة أراضيها وسيادتها الكاملة، وثالثها: التحضير لنشر قوة التدخل الإفريقية المرخص لها بموجب قرار مجلس الأمن

يضاف إلى ذلك؛ وجود حوالي 6000 مواطن فرنسي يعيشون في مالي، ناهيك عن كون تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية المرتبطة به يُعِدّ الفرنسيين -من بين الغربيين- هدفًا أوليًّا للخطف حيث اختُطِف خمسة فرنسيين في موريتانيا سنة 2008، ثم اختُطِف المواطن الفرنسي “بيار كامات ” في 26نوفمبر 2009 من مالي، وأُفرِج عنه سنة 2010 بدفع فدية. مرورًا باختطاف المهندس الفرنسي الذي كان يعمل في مجال العمل الإنساني “ميشال جيرمانو  ” 78عامًا في 22يوليو 2010 شمال النيجر وإعدامه في 27يوليو 2010 وصولًا إلى اختطاف تنظيم “القاعدة في المغرب الإسلامي” خمسة فرنسيين ورهينة سادس من توغو وآخر من مدغشقر من موقع لاستخراج اليورانيوم في أرليت تابع لشركة “أريفا” الفرنسية Areva” ” شمال النيجر”  في شهر سبتمبر 2010؛ ثم الإفراج عن اثنين منهم في 2011، في حين أفرج عن الأربعة الباقين في نهاية 2013

تلا ذلك اختطاف تنظيم القاعدة المواطنَ الفرنسي سيرج لازارفيتش، مع مواطن فرنسي آخر يدعى “فليب فيردون” (53 سنة) بتاريخ 24نوفمبر 2011 من الفندق الذي كانا ينزلان فيه في هومبوري شمال شرقي مالي، واغتيل هذا الأخير برصاصة في الرأس في 19مارس 2013. إلى جانب ذلك استغلت الحكومة الفرنسية حادثة احتجاز الرهائن في عين أمناس (الجزائر)، لإضفاء الشرعية على تدخلها، معتبرة أن التهديد الإرهابي لا يستهدف فرنسا، بل المجموعة الدولية بأكملها، لكون الرهائن ينتمون إلى جنسيات مختلفة، وهذا ما سهل من مهمتها في تعميم التهديد الإرهابي.[18]

الأسباب غير المعلنة للتدخل الفرنسي في مالي:

حقيقة مرد التدخل الفرنسي في مالي هي المصالح الفرنسية في منطقة غرب إفريقيا، لأن مصالحها في مالي محدودة بحكم محدودية استثماراتها فيها مقارنة مع بلدان إفريقية أخرى، إلا أن مالي جزء من الإقليم الجغرافي الذي تنشط فيه فرنسا اقتصاديًّا، ومن ثَمّ فإنّ أي تهديد لأمن واستقرار مالي ينعكس ويهدد المصالح الاقتصادية لفرنسا في البلدان المجاورة.

بناءً على ذلك؛ يعد الساحل الإفريقي منطقة عبور استراتيجية لمشروع خط أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي يربط النيجر ونيجيريا بالجزائر، ويمتد على مسافة 4128كم بإمكانيات سنوية تصل إلى 30 مليار متر مكعب، ينطلق من واري في نيجيريا ويصل إلى حاسي الرمل بالجزائر، مرورًا بالنيجر، ويعمل على تزويد كامل أوروبا بما فيها فرنسا بالغاز الطبيعي، وقد بدأت أعماله في 3 يوليو 2009 بعد الاتفاق المبرم بين الدول الثلاث.[19]

ومن جهة أخرى فإن جارتها النيجر تتبوّأ المرتبة الثالثة عالميًّا في إنتاج اليورانيوم بعد كندا وأستراليا بنسبة 8,7 % من الإنتاج العالمي، كما أنها تشغل المركز الأول في إفريقيا، ويوجد بها أكبر منجمي اليورانيوم شمال شرق العاصمة نيامي، وهما: منجم أرليت ومنجم أكوتا، وتغطي ما نسبته 12% من احتياجات الاتحاد الأوروبي  UE، إضافة لذلك فإن فرنسا تعتمد على نحو 75% من الطاقة النووية لتلبية احتياجاتها من الكهرباء حيث تعدّ شركة “أريفا” الفرنسية AREVA  من أهم الشركات المستخرجة لليورانيوم في النيجر في منطقة “أرليت، وإيمورارين” المحاذية لمنطقة أزواد شمال مالي. لذا فإن أي محاولات لتهديد استقرار الأوضاع ونشر الفوضى في النيجر والمنطقة المحيطة يُعَدّ تهديدًا لأمن فرنسا، وخطًّا أحمر يستدعي تجاوزُه التدخّل الفوري والحاسم.

فضلًا عن ذلك، فإن مالي تجاور عددًا من الدول الإفريقية التي تزخر بثروات بترولية كبيرة، نحو موريتانيا الغنيّة بالنفط، إذْ تحصل شركة “توتال” الفرنسية على النصيب الأكبر منه، إضافة إلى امتلاكها مخزونًا كبيرًا من الحديد المهمّ لصناعة الصلب في أوروبا، إلى جانب حقول النفط الجزائرية التي تُعَدّ مطمعًا كبيرًا للفرنسيين وكذلك ساحل العاج (كوت ديفوار) التي تُعدّ عاصمة منطقة الفرنك الإفريقي.

كما يجب أن يُفهم التدخّل في مالي في سياق سياسة هجومية في إفريقيا تتبعها فرنسا في السنوات الأخيرة في إطار تنافسها مع الدول الكبرى على النفوذ هناك؛ فالنفوذ الفرنسي أصبح عرضةً للخطر بتنامي وبروز قوى صاعدة جديدة تحاول السيطرة وفرض نفوذها على القارة الإفريقية عامة وغربها بشكل خاص كالصين والهند والبرازيل، مما ضيّق من حلقة القوى التقليدية المستفيدة من ثروات المنطقة، التي كانت ولاتزال موجودة في المنطقة، على رأسها فرنسا وأمريكا وحتى بريطانيا.

علاوة على كلّ ما سبق؛ هناك من ذهب إلى أنّ هذا التدخل محاولة من الرئيس الفرنسي “فرانسوا هولاند” لتصريف الأزمات التي يعيشها المجتمع الفرنسي نحو الخارج، منها الأزمة الاقتصادية الناتجة عن ضعف التنافس الاقتصادي، وتراجع الصناعات، وارتفاع الإنفاق العام، إضافة إلى ما تخلفه الأزمة الأخيرة من تبعات اجتماعية في ارتفاع نسبة البطالة.[20]

انسحاب القوات الفرنسية من مالي:

بعد انقضاء اثنين وعشرين يومًا على بداية التدخّل العسكري الفرنسيّ في مالي، حلّ الرئيس الفرنسيّ فرانسوا هولاند في مدينة تومبكتو بشمال مالي في 2 شباط/فبراير 2013، في إعلانٍ واضح عن نجاح القوّات الفرنسية مدعومة بقوّات الجيش الماليّ وقوّات من دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا في تحقيق الهدف الرئيس لما أطلقت عليه فرنسا تسمية “عملية الهرّ الوحشي”، وهو استعادة السيطرة على المدن الرئيسة التي وقعت في قبضة المجموعات الإسلامية المتطرّفة المتحالفة مع المتمرّدين الطوارق. أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2100 بتاريخ 25أبريل 2013، يقضي بإنشاء    MINUSMA بعثة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في مالي، يبلغ عدد أفرادها اثني عشر ألفًا وست مئة شخص. وبموجبه سحبت فرنسا قواتها وطائراتها، وأبقت على جزء منها بهدف توفير الأمن في هذه المنطقة، وتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب. بالإضافة إلى القوات الفرنسية التي ستساند بعثة حفظ السلام الدولية فإن الصين أيضًا قررت إرسال 400 جندي إلى مالي لحفظ السلام فيها، وهذه المرة الأولى التي تشارك فيها القوات المسلحة الصينية ضمن بعثة أممية لحفظ السلام، ذكر ذلك مسؤول بوزارة الدفاع الصينية، إضافة إلى قوات الدول الإفريقية البالغ عددها 6300 جندي.[21]

مهام البعثة الدولية:

تهدف بعثة الأمم المتحدة MINUSMA  الى تحقيق الاستقرار في المراكز السكانية الرئيسة، بما فيها “غاو، وكيدال، وتمبكتو”، وإعادة بسط سلطة الدولة على جميع أنحاء البلاد، ودعم تنفيذ خريطة الطريق الانتقالية، بما في ذلك الحوار السياسي الوطني، والعملية الانتخابية، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايته.

بدأت مهمّة بعثة الأمم المتحدة لإحلال السلام والاستقرار في مالي رسميًّا يوم الاثنين الموافق للأول من يوليو (2013)، وبحسب ما نقله راديو (فرنسا الدولي) فإن أُولى مهامّ البعثة هي ضمان الأمن في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية بتاريخ 28 يوليو 2013، وقد نُظِّم احتفال في عاصمة مالي “باماكو” لتسليم البعثة الأممية (مينوسما) MINUSMA  مهامّها الجديدة.

المبحث الثالث: مواقف القوى الداخلية والإقليمية والدولية من التدخل الفرنسي في مالي:.  تباينت مواقف الدول إزاء التدخل الفرنسي العسكري في مالي، ففي الوقت الذي رفضت فيه عدد من الدول هذا التدخل وفضلت المقاربة السياسية، معتبرة مشكلتها داخلية تحتاج إلى حوار بين السلطة في بماكو والجماعات الإسلامية هناك- بادرت دول أخرى ومنظمات أممية إلى مساندة التدخل الفرنسي في مالي، بدعوى محاربة التطرف الإسلامي، واسترجاع سيادة مالي على أراضيها وتنمية أقاليمها، ومن المفيد في هذه الدراسة بيان مواقف هذه القوى على النحو الآتي:

مواقف القوى الداخلية من التدخل الفرنسي في مالي:

قوبل التدخل العسكري الفرنسي في مالي بمواقف داخلية مختلفة: مساندة ورافضة ومحايدة، توزعت بين الحكومة المركزية لدولة مالي، والجيش والانقلابين، والحركات المتمردة الداخلية.

الحكومة المركزية لدولة مالي:

يضاف إلى كل هذا التعقيد الذي تمتاز به أزمة مالي بما فيه التدخل العسكري الفرنسي الأخير- وجود أكثر من رأس للسلطة في باماكو، تتباين مواقفهم من التدخل الأجنبي، ففي الوقت الذي يستدعي ويرحب فيه الرئيس الانتقالي “ديوكندا تراوري وحكومته بهذا التدخل، ويشاطره في هذا التأييد رئيس الوزراء “ديارا نجد من ينظر إلى القوات الإفريقية والتدخل الأجنبي عمومًا في مالي بعين الريبة والتوجس، منهم قائد الانقلابين النقيب “آمادو سانوغو”   صاحب النفوذ الأكبر في باماكو، الذي أكّد أكثر من مرة رفضه لوجود قوات أجنبية على الأراضي المالية، وينظر زعيم الانقلابين إلى القوات الأجنبية على أنها قوة دعم محتملة لغريمه السياسي وشريكه في السلطة الرئيس المؤقت “ديوكندا تراوري”، المعترف به دوليًّا على أنه الرئيس الشرعي لمالي.[22]

موقف حركات التمرد الرئيسة:

أما الجماعات المسلحة فترى في وجود القوات الفرنسية بالمنطقة عودة جديدة لاحتلال مناطق النفوذ القديمة؛ باعتبار أن فرنسا الحريصة على مصالحها، ودولَ المنطقة الرافضة لأي إصلاح سياسي؛ تسعيان إلى الحدّ من “تحولات الربيع العربي”، وصدّ تصاعد الإسلاميين في المنطقة، بل ذهبت هذه الجماعات إلى حدّ أن الحرب في مالي “حرب صليبية” ضد المسلمين، وعدّت ذلك مسوِّغًا لتصعيد أعمالها وتبرير انتشارها

أمّا “الحركة الوطنية لتحرير أزواد” فقد تباين موقفها من التدخل الفرنسي، إذ أعلن المسؤول في الحركة موسى آغا أساريد أن عناصر الحركة “مستعدون لمساعدة” الجيش الفرنسي في التصدي للمجموعات المسلحة في شمال البلاد وبالفعل ألقت القبض مؤخّرًا على عنصرين متشددين بارزين: أحدهما من “حركة أنصار الدين” الطوارقية السلفية، والآخر من “حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا” المرتبطة بالقاعدة، قرب الحدود مع الجزائر، وسلّمتهما إلى القوّات الفرنسية… كما انشقّ عدد كبير من قيادات “حركة أنصار الدين” الذين شجبوا تحالف الحركة مع المنظّمات المتطرّفة المرتبطة بالقاعدة، وأسّسوا تنظيمًا جديدًا تحت اسم “حركة أزواد الإسلامية”، في محاولة لتبرئة أنفسهم من كلّ ما هو مرتبط بالقاعدة.

ومن الجدير بالذكر أنّ “الحركة الوطنية لتحرير أزواد” MNLA  انتهزت فرصة التدخّل العسكري الفرنسي من أجل العودة إلى الميدان بقوّة في منطقة “كيدال” التي تعدّ معقلها التقليدي، وفرض وجودها قوّة فعلية في شمال شرقيّ مالي، بعد أن طردتها الحركات الإسلاميّة المتطرّفة؛ حيث رفضت دخول قوّات ماليّة إلى مدن “كيدال، وتساليث، والخليل، وحتى منطقة تين زاواتين” المالية، خشية قيام عناصرها بعمليات انتقامية ضد الطوارق وعرب المنطقة، على نحو ما قام به من تصفيات عنصرية خلال حرب تسعينيات القرن الماضي، ورحبت في المقابل بالقوات الشادية إلى جانب القوّات الفرنسيّة والإفريقية.[23]

أما القاعدة في بلاد المغرب الإسلاميAQMI   فأصدرت بيانًا بتاريخ 17مارس 2013 دعت فيه “شباب شمال إفريقيا إلى محاربة العلمانيين في بلدهم وإعلان الجهاد في مالي وصدّ هجمة فرنسا الصليبية، ودحر عملائها في المنطقة”، ويأتي هذا البيان ليؤكد رغبة التنظيم في تجنيد عناصر جديدة من المنطقة لدعم حضورها وقدراتها، ويعكس أيضًا رغبتها في توسيع نطاق ضرب المصالح الفرنسية بالمنطقة، كما حمل البيان رسالة إلى مختلف الحركات الإسلامية المعتدلة في المنطقة من أجل دعم الحركات الجهادية، وعدم ترك الساحة للتيارات “العلمانية” بعدما رحّب كثير من هذه الحركات بالتدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي   [24] .

مواقف القوى الإقليمية من التدخل الفرنسي في مالي:

لكل دولة سياستها الخاصة في اختيار الموقف الذي تراه يخدم مصالحها، وسنحاول هنا معرفة موقف كل دولة على حدة، مبرزين بشكل أدق مواقف الدول المتاخمة لمالي، كدولة الجزائر وموريتانيا وغيرهما، باعتبارها أكثر تأثرًا بهذا التدخل، وأكثر عرضة لامتداد الأزمة إليها، ولما لهذه الدول من روابط جغرافية، وامتدادات عرقية مع مالي (جماعات إثنية مشتركة).

موقف الاتحاد الإفريقي من التدخل الفرنسي في مالي:

رحب الاتحاد الإفريقي بتعيين رئيس وأعضاء لجنة المصالحة والحوار بمالي، مؤكدًا أنه “يتابع عن كثب تطور الوضع السياسي والأمني بالبلاد”، وعَدّ الاتحاد في بيانه الصادر بأديس أبابا أن “هذه التعيينات تشكل خطوة هامّة نحو تفعيل هذه اللجنة، وإنعاش مسلسل الحوار والمصالحة الضروري بين مختلف مكونات الشعب المالي”، وجدد الاتحاد تأكيد “التزامه من أجل العملية السياسية بمالي، معبّرًا عن استعداده من خلال البعثة الدولية لدعم مالي بقيادة إفريقية  لدعم هذا المسار من أجل المساهمة في خروج البلاد من أزمتها الحالية”، وحثت المنظمة أيضًا السلطات المالية على “تمكين اللجنة من جميع الوسائل اللازمة… داعية الماليين إلى تقديم الدعم الضروري لها حتى تؤدي المهمّة الموكلة إليها من أجل المصلحة العليا للبلاد”، وكانت “لجنة المصالحة والحوار” في مالي قد استُحدِثت في 6 مارس2013، وعُيِّن أعضاؤها الثلاثون لاستعادة الروابط داخل المجتمع المالي وتعزيزها[25]

مواقف الدول الإفريقية من التدخل الفرنسي في مالي:

في بيان مواقف الدول الإفريقية من التدخل الفرنسي في مالي سنحاول عرض مواقف بعض الدول المتاخمة لها: (موريتانيا، النيجر، بوركينافاسو، الجزائر)، باعتبارها الدول الأكثر عرضة للتهديد، مع إمكانية وصول عدوى الأزمة إليها، بسبب حدودها المتصلة التي تربطها بالدولة المستهدفة، على غرار باقي دول منطقة الساحل الإفريقي .

موقف موريتانيا:                                                                           أعلنت موريتانيا أنها لن تنخرط في عملية التدخل العسكري، إلا إذا استهدفت الجماعات الإرهابية أراضيها، إذْ تتخوف في حالة التدخل العسكري الفرنسي في مالي من انتقال الجماعات الإرهابية جغرافيًّا نحو أراضيها، نظرًا لامتداد حدودها مع مالي التي تقدر بــ3311 كم٢، فلا يمكنها حماية كل هذه الحدود الطويلة، فضلًا عن محدودية قواتها عددًا وعتادًا  كما أكّدت موريتانيا وحدة مالي، وضرورة مواجهة “الإرهاب” والجريمة المنظّمة بكل السبل، مع الدعوة إلى فتح حوار بين جميع الفرقاء في مالي لاحتواء النزاع، وأغلقت حدودها مع مالي، لتخوّفها من احتمال تحوّل البلد إلى ملاذ للجماعات الجهادية في حال مهاجمة بعض القوى الإقليمية لها وهذا ما دفعها للاكتفاء بفتح نقاط محدودة لاستقبال اللاجئين النازحين من شمال مالي.

يُضاف إلى ذلك أن موريتانيا تتمتّع بعلاقات تحالُـف قوية مع “الحركة الوطنية لتحرير أزواد” الداعية لاستقلال الإقليم، والتي تعارض التدخل العسكري، وتعدّه غزْوًا أجنبيًّا، بل وتلوِّح بالعودة إلى التحالف مع الجماعات الإسلامية المسلحة، لمواجهة هذا التدخل.

إضافة لما سبق تباينت مواقف الطبقة السياسية الموريتانية من التدخل العسكري الفرنسي في الشمال المالي، ففي حين رفضت الحكومة إعلان موقف محدد منه، عدَّه جُلّ أحزاب المعارضة “استعمارًا جديدًا”، ودعت فرنسا لاحترام السيادة المالية، وترك معالجة المشكلات الإفريقية للأفارقة.

موقف النيجر:

لم تُخفِ الحكومة النيجيرية استعدادها للمشاركة بوحدات من قواتها المسلحة في أي مجهود عسكري إقليمي أو دولي؛ سعيًا منها لطرد القاعدة من الشمال، وإجهاض مشروع الانفصال الذي يعدُّ انتهاكًا لمبادئ الاتحاد الإفريقي التي تنصّ على احترام الحدود الموروثة عند نيل الاستقلال، والمحافظة على وحدة أراضي مالي

موقف بوركينافاسو:

نشرت بوركينافاسو 160 جنديًّا في “ماركالا” وسط مالي، لتصبح أوّل قوة من غرب إفريقيا تنضمّ إلى قوات فرنسا ومالي في مواجهة متشددين يسيطرون على الجزء الشمالي من البلاد، وهذا يؤكّد مساندتها للتدخل الفرنسي ووقوفها معه.

موقف الجزائر:

ترتكز السياسة الخارجية الجزائرية على ثلاثة مبادئ رئيسة: أولها دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، وثانيها الدفاع عن القضايا العادلة باسم القانون الدولي، وثالثها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مع الإقرار بمبدأ الاستقرار الخاصّ للدول.

وبناء على ذلك، اعتمدت الدبلوماسية الجزائرية في تعاملها مع ما حدث في مالي على ثلاثة محاور أساسية، يتقدمها الحل السلمي الداخلي من دون أي تدخل أجنبي، واحترام الوحدة الترابية لمالي، حيث ترى الجزائر أن أي تدخل أجنبي يُعدّ تهديدًا لأمن واستقرار الجزائر، ثم تفعيل المحور الثاني وهو التفاوض مع جميع أطراف الأزمة السياسية المالية في الداخل والخارج، بعيدًا عن أي حساسيات سياسية، أو أحكام وهواجس مسبقة. ويتمثل المحور الثالث من الاستراتيجية الجزائرية في مبدأ الحوار المباشر مع جميع الأطراف الفاعلة في الأزمة، وهو ما جسدته الزيارة الرسمية لرئيس الحكومة المالية لوزير خارجية الجزائر، إضافة لوفد من “حركة أنصار الدين” إحدى الجماعات المسلحة في شمال مالي، وزيارة وفود رسمية إفريقية أخرى من دول الجوار، وهذا أكّد قوة الجزائر وفاعليتها في حل أزمة مالي[26][27]

مواقف القوى الدولية من التدخل الفرنسي في مالي:

إلى جانب ما عُرض سابقًا من مواقف القوى الداخلية والإقليمية، كانت للقوى الكبرى ردود فعل ومواقف تجاه التدخل الفرنسي، إلاّ أنها لم تتراوح بين المسانِد له والمعارض؛ بل امتازت بالموافقة

الأغلبية، فجُلّ الدول الغربية كان مع هذا التدخل العسكري، إلاّ أن الاختلاف كان بشأن مساندتها بالقوات العسكرية، إذ اقتصرت مساعداتها على الدعم اللوجيستي بالطائرات، والدعم الطبي، والتدريبي.

موقف الولايات المتحدة الأمريكية:

أصبح ثمّة نوع من المزاوجة بين القوة الناعمة  والقوة الصلبة   داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك مجموعة قوى ترسم السياسة الخارجية الأمريكية، منها:  المركب الصناعي العسكري الذي من مصلحته أن تكون هناك أزمات وحروب، من أجل رفع نسبة بيع الأسلحة للدول التي تمتلك موارد نفطية كبيرة. أما المركب الثاني فهو “الجماعات النفطية”  داخل الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يعمل على إيجاد قواعد عسكرية، للحفاظ على التمويل النفطي، والضغط على الدول الآسيوية للرضوخ في سياستها الخارجية، وإعادة بناء النظام الدولي الجديد. علاوة على ذلك؛ الجماعات الأخرى فنذكر منها “اللوبي الإسرائيلي الذي يهدف إلى تجزئة الدول الإقليمية، التي تقف حاجزًا في طريق تمدّده، والتطبيع في المنطقة، كما هو الحال في العراق والسودان وليبيا مؤخرًا. اما بخصوص الأزمة شمال مالي فقد غيّرت الولايات المتحدة الأمريكية موقفها، معلنة دعمها للحل العسكري الذي تطرحه مجموعة غرب إفريقيا في الإقليم لطرد الجماعات المسلحة التي تسيطر عليه منذ شهر مارس 2012، وقال كاتب الدولة الأمريكي المساعد ويليام بيرنز في مؤتمر صحفي عقده في مقر السفارة الأمريكية في الجزائر إن واشنطن قد تدعم أي تدخل عسكري إفريقي محتمل في شمال مالي، في حال إخفاق المسعى السياسي.  وهذا ما حدث فعلًا، حيث ساندت أمريكا القوات الفرنسية المتدخلة في مالي لوجستيًّا، بطائرات للنقل وأخرى للتجسس، وتدريب الجيش المالي، إذْ صرّح وزير الدفاع الأمريكي “ليون بانيتا” أن بلاده ستركز على تقديم دعم لوجستي محدود، ودعم في مجال الاستخبارات لفرنسا، فيما صرحت كذلك سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة “سوزان رايس” عن الثقة الكاملة بفرنسا، مشيدة بكون ”الفرنسيين عالجوا، ولحسن الحظ، التهديد الإسلامي بطريقة مِهنية”، لكنها قالت: إن بلادها ”تبقى غير متفائلة من قدرة القوات المالية وحلفائها من غرب إفريقيا في استعادة شمال مالي”[28][29]

موقف دول الاتحاد الأوربي:

وعلى المستوى الأوربي حظي التدخل العسكري الفرنسي بدعم واسع من الاتحاد، وذلك وفق بيان صادر عن مسؤولة العلاقات الخارجية كاترين آشتون. أما بريطانيا فقد انقسم الرأي فيها بين الجناح العسكري والجناح السياسي، إذ حذّر العسكريون من التدخل في مالي، مقدّمين سببين على الأقل، أولهما أن القوة العسكرية البريطانية المدربة على الحروب في الخارج متناثرة في أنحاء شتى من العالم، وليس لدى بريطانيا عدد كاف من الطائرات، بدليل أنها استدعت طائرتَي نقل من أفغانستان لنقل المؤن الفرنسية إلى قواتها في مالي، بل إن الطائرة الأحدث التي تخصصها بريطانيا عادة لحالات طارئة تعطلت في أول رحلة لها في باريس، الأمر الذي يشير إلى أن القوات العسكرية البريطانية ليست في وضع يسمح لها بالتدخل المباشر أو الواسع. وفي المقابل؛ لم يختلف الموقف الألماني عن موقف دول الاتحاد الأوربي، إذ أعلنت ألمانيا تأييدها للتدخل العسكري الفرنسي، وجاء على لسان وزير الخارجية جيدو فيسترفيليه أنه:  “يتعين على أوربا استعادة الأمن بمالي، وأن بلاده قد تقدّم الدعم من خلال تدريب عسكري لبعثة إفريقيا”. وبناء على ما تقدم فإن أغلب دول الاتحاد الأوربي كانت مؤيدة للتدخل العسكري الفرنسي في مالي، وقدّمت كلّ منها مساعدات عسكرية لوجستية إلى فرنسا في حربها ضد المتنمرين الأصوليين، ألا أنها لم تشارك في العمليات القتالية بالقوات العسكرية. ٢٨ ٢٩

خاتمة:

وجدت فرنسا في الحرب على الإرهاب حجّة قويّة لتسويغ تدخّلها سياسيًّا وعسكريًّا في الدول الإفريقية التي تمرّ بأزمات، وليس خافيًا أن المصالح الاستراتيجية هي السبب الحقيقي وراء اندفاع فرنسا وإصرارها على أن تكون حاضرة بقوة في قلب الحدث الإفريقي، رغم خطورة الوضع، ورغم ضعف الدعم الخارجي لها.

تمايزت مواقف الدول الإفريقية تجاه التدخل الفرنسي، منها من ساندت التدخل بالقوات العسكرية، وأخرى اكتفت بتقديم المساعدات الاقتصادية والاجتماعية، واستقبال اللاجئين وإسعافهم. وفي ظل غياب آلية أمنية إفريقية مشتركة، أو جهوية فعالة، يمكن تطبيق الشعار الذي يحلم به الإفريقيون منذ تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية في مطلع التسعينيات من القرن العشرين، وهو: “إفريقيا للإفريقيين”. علاوة على ذلك؛ لاقى التدخل الفرنسي قبولًا من القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، مرورًا بالدول الأوربية، وحتى الصين والإمارات العربية المتحدة، وذلك بفضل تعبئة فرنسا للمجتمع الدولي، بحجة مكافحة الإرهاب، وتوفير الأمن والسلم والاستقرار، وهذا يجسّد حالة من تعميق صورة نموذج الدولة الهشة والفاشلة  ، بهدف إعادة ترتيب البنية السوسيولوجية للمنطقة، وإعادة توزيع الموارد الحيوية بين الشركات المتعددة الجنسيات.

المراجع:

اولا الكتب:

  • ١-ظريف شاكر ، البعد الأمني الجزائري في منطقة الساحل الشمالي.
  • ٢-الاستعمار الجديد في آسيا وأفريقيا وامريكا اللاتينية ، ودوس .
  • ٣-تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر ، فرغلي علي .
  • ٤-استعمار افريقيا ، زاهر رياض .
  • ٥-افريقيا ما وراء الصحراء من الاستعمار الي الاستقلال ، جاسم محمد ظاهر .
  • ٦-عبدالرزاق أبراهيم ، دراسات في تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر.
  • ٧-جذور الحضارة الإسلامية في الغرب الافريقي، باري عثمان بريما.
  • ٨-افريقيا يراد لها أن تموت جوعاً ، جمال عبد الهادي .

ثانيا الدراسات السابقة:

١-التوسع الاستعماري الفرنسي البريطاني في غرب أفريقيا ، بن شيحه ،اشواق خطاري عائشة ، كليه العلوم الإنسانية والاجتماعية الجزائر.

٢-محددات دور مجلس السلم والأمن الأفريقي في التعامل مع الازمه الإرهابية في مالي ، الباحث عمر محمود عرفه موسي .

٣-ااتعددية الإثنية والأمن المجتمعي ، دراسة حالة مالي ، مذكره لنيل شهادة الماجستير، (جامعه الجزائر كليه العلوم السياسية والإعلام ) .

٤-المقاربات السياسية تجاه التعديات الأمنية في منطقه الصحراء الكبرى ، نبيل بوبية ، مذكره لنيل شهادة الماجستير، (جامعه الجزائر كليه العلوم السياسية والإعلام ،قسم علوم سياسية )

٥-بناء السلم في مالي ،الزبدي توريرت ، ياسين العزيز .

ثالثا الدوريات:

١-التدخل الفرنسي في مالي ، “البعد النيوكولوتبالي” تجاه افريقيا ، عبير شلغيم .

٢-مجلس الأمن تشريعه حفظ السلام في مالي ، وكالة انباء الأمم المتحدة.

٣-التخدل العسكري في مالي وموافقة الأطراف الإقليمية والدولية ، الهيئة العامة الاستعلامات ، عادل عبد الصبور حسن .

٤-التدخل العسكري الفرنسي في مالي آفاق أفريقية ، مادي ابراهيم كانتي.

٥-المواقف الدولية في شمال مالي ، ندوة المغرب العربي والتحويلات الإقليمية ، عادل مساوي.

٦-التداعيات الاقتصادية علي القضية المالية ، قرارات أفريقية ، عصام عبد الشافي .

٧- تطورات السياسة الأمر يكتب تجاه افريقيا وانعكاساتها الدولية ، مجمله الاردن ، جميل مصعب محمود .

٨-ازمه مالي والتدخل الخارجي المركز العربي للأبحاث دراسة السياسات ، عزمي بشاره.

٩-هل تصبح القاعدة افريقية في منطقه الساحل ، ارواق كارتيفي ، جان ببا رفيليو.

١٠-مالي رهائن الفرنسيون والطريق المسدود ، الاهرام اليومي ، حازم فوده .

١١-التدخل العسكري الفرنسي في مالي والمخاوف الأمنية المتفاقمة ، فريدوم اونوها .

١٢-التدخل العسكري الفرنسي في مالي الأسباب والانعكاسات ، علي مدون ، مجلة الحقوق

١٣-المركز العربي للأبحاث ، دراسات سياسيه أزمة مالي والتدخل الخارجي ، معهد الدوحة الدراسات العليا ٢٠١٥م

١٤-الحاج ولد ابراهيم ،تقرير الأزمة في شمال مالي ، الدوحة مركز الجزيرة الدراسات ٢٠١٢

١٥-اراهيم كوناتو ، النزاع المسلح في مالي قرارات أفريقية ٢٠١٣ م.

[1] تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر ، فرغلي علي .

[2] -استعمار افريقيا ، زاهر رياض .

[3] التوسع الاستعماري الفرنسي البريطاني في غرب أفريقيا ، بن شيحه ،اشواق خطاري عائشة ، كليه العلوم الإنسانية والاجتماعية الجزائر.

[4] عبدالرزاق أبراهيم ، دراسات في تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر.

[5] عبدالرزاق أبراهيم ، دراسات في تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر.

*جذور الحضارة الإسلامية في الغرب الافريقي، باري عثمان بريما.

[6] تطورات السياسة الأمر يكتب تجاه افريقيا وانعكاساتها الدولية ، مجمله الاردن ، جميل مصعب محمود .

[7] استعمار افريقيا ، زاهر رياض .

*افريقيا ما وراء الصحراء من الاستعمار الي الاستقلال ، جاسم محمد ظاهر .

[8] أفريقيا يراد لها أن تموت جوعاً ، جمال عبد الهادي .

[9] المقاربات السياسية تجاه التعديات الأمنية في منطقه الصحراء الكبرى ، نبيل بوبية ، مذكره لنيل شهادة الماجستير، (جامعه الجزائر كليه العلوم السياسية والإعلام ،قسم علوم سياسية )

[10] عبدالرزاق أبراهيم ، دراسات في تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر.

[11] تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر ، فرغلي علي .

*استعمار افريقيا ، زاهر رياض .

[12] التخدل العسكري في مالي وموافقة الأطراف الإقليمية والدولية ، الهيئة العامة الاستعلامات ، عادل عبد الصبور حسن .

[13] -التدخل العسكري الفرنسي في مالي آفاق أفريقية ، مادي ابراهيم كانتي.

[14] التدخل العسكري الفرنسي في مالي الأسباب والانعكاسات ، علي مدون ، مجلة الحقوق والحريات .

[15] ازمه مالي والتدخل الخارجي المركز العربي للأبحاث دراسة السياسات ، عزمي بشاره.

[16] هل تصبح القاعدة افريقية في منطقه الساحل ، ارواق كارتيفي ، جان ببا رفيليو.

[17]  المرجع السابق.

[18] التعددية الإثنية والأمن المجتمعي ، دراسة حالة مالي ، مذكره لنيل شهادة الماجستير، (جامعه الجزائر كليه العلوم السياسية والإعلام ) .

[19] المرجع السابق

[20] محددات دور مجلس السلم والأمن الأفريقي في التعامل مع الازمه الإرهابية في مالي ، الباحث عمر محمود عرفه موسي .

[21]  المرجع السابق

[22] المقاربات السياسية تجاه التعديات الأمنية في منطقه الصحراء الكبرى ، نبيل بوبية ، مذكره لنيل شهادة الماجستير، (جامعه الجزائر كليه العلوم السياسية والإعلام ،قسم علوم سياسية )

٢٤  الحاج ولد ابراهيم ،تقرير الأزمة في شمال مالي ، الدوحة مركز الجزيرة الدراسات ٢٠١٢

اراهيم كوناتو ، النزاع المسلح في مالي قرارات أفريقية ٢٠١٣ م.

[25] المركز العربي للأبحاث ، دراسات سياسيه أزمة مالي والتدخل الخارجي ، معهد الدوحة الدراسات العليا ٢٠١٥م

[26] التدخل العسكري الفرنسي في مالي والمخاوف الأمنية المتفاقمة ، فريدوم اونوها .

[27] التدخل العسكري الفرنسي في مالي الأسباب والانعكاسات ، علي مدون ، مجلة الحقوق .

[28] المواقف الدولية في شمال مالي ، ندوة المغرب العربي والتحويلات الإقليمية ، عادل مساوي.

[29] بناء السلم في مالي ،الزبدي توريرت ، ياسين العزيز .

 

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=91019#google_vignette

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M