التطرف في السويد ـ اليسار المتطرف العنيف، الواقع والمخاطر

إعداد : آندي  فليمستروم Andie Flemström ، باحثة في في المركز الأوروبي ـ  قضايا التطرف والإرهاب – ستوكهولم.

ماجستير آداب – علاقات دولية – جامعة ستوكهولم

 

يشكل اليسار المتطرف العنيف، إلى جانب الجماعات المتطرفة الأخرى تهديداً على الأمن القومي والمجتمعي في السويد، وهذا ما يثير الكثير من التساؤلات حول اليسار المتطرف  العنيف وأهدافه وتداعياته ؟

تعريف التطرف اليساري العنيف

حسب شرطة الأمن السويدية ” السيبو”، يتم وصف اليسار المتطرف  العنيف أو “البيئة المستقلة” بأنه  مصطلحاً شاملاً لأنواع مختلفة من التشكيلات غير البرلمانية، مثل المنظمات، الشبكات، المجموعات والأفراد التي تتميز بشكل أساسي بالمعتقدات “اللاسلطوية أو الأناركية”. البيئة هي جزء من حركة اشتراكية يسارية  تحررية أوسع. تستند “البيئة” إلى فكرة أنه لا يمكن تغيير المجتمع بالطرق البرلمانية ، وبالتالي يتم الدعوة إلى الأساليب غير التقليدية وغير البرلمانية.  وترى جماعة “البيئة” الجريمة، مثل العنف والتخريب أدوات  شرعية وضرورية من أجل تحقيق التغيير الاجتماعي أو التأثير على صنع القرار السياسي أو ممارسة السلطة أو منع الأفراد من ممارسة حقوقهم وحرياتهم الدستورية.

الأهداف الرئيسية لليسار المتطرف العنيف

يهدف اليسار المتطرف العنيف الى إقامة مجتمع لا طبقي، مجتمع متساوٍ، حيث يعيش الناس على قدم المساواة من مختلف الأصول والتوجهات الجنسية. التصور السائد في البيئة هو أن ديمقراطية اليوم ليست مرضية. بدلاً من ذلك، يجب تنظيم المجتمع من خلال حكم مباشر يٌستمد من الناس. يعتبر النضال ضد الفاشية والعنصرية واحدة من أكثر القضايا المركزية في البيئة المستقلة بالإضافة إلى مناهضة الرأسمالية، ومناهضة العولمة، ومعاداة الاتحاد الأوروبي،  وتتسم الحركة بالرؤية الإيجابية للهجرة والتعددية الثقافية. اليمين المتطرف العنيف في السويد ـ الواقع والمخاطر: بقلم: آندي فليمستروم

يهدف اليسار المتطرف العنيف على المدى القصير إلى حماية الطبقة العاملة ضد ما يُنظر إليه على أنه أنواع مختلفة من الهجمات. يمكن أن يشمل الدفاع ضد هذه الهجمات المتصورة الهجمات الجسدية على المعارضين والضغط القانوني من أجل التغيير التشريعي.

الأيديولوجيات داخل البيئة المستقلة

تتضمن البيئة المستقلة مجموعة من المعتقدات الأيديولوجية والتيارات الفكرية، وتشمل عددًا من الحركات المرتبطة بقضايا مختلفة، والتي تتجمع تحت سقف أيديولوجي واسع،  حيث توحد النظرة الاشتراكية والأيديولوجية اليسارية التحررية الجهات الفاعلة.

antifascism مناهضة الفاشية 

تركز البيئة المستقلة في عملها ضد مختلف المنظمات والجماعات والأفراد الذين يُنظر إليهم على أنهم فاشيون أو يحافظون على الهياكل الفاشية في المجتمع. يتم تفسير مصطلح الفاشية على نطاق واسع ويمكن أن يشمل كل شيء من المتطرفين اليمينيين إلى الشركات والسلطات. وتعتبر الرأسمالية والتمييز على أساس الجنس ورهاب المثلية أشكالًا مختلفة من الاضطهاد الهيكلي .

Antikapitalism مناهضة الرأسمالية

مناهضة الرأسمالية هي إحدى الركائز الأيديولوجية لليسار المتطرف. على غرار البيئات المتطرفة العنيفة الأخرى، ترفض البيئة المستقلة الديمقراطية المعاصرة والجهاز القانوني. هناك تصور في البيئة  بأن الديمقراطية تحافظ على اضطهاد النظام الرأسمالي، وأن النظام البرلماني غير تمثيلي، وأنه يخدم  ويعيد إنتاج علاقات القوة القائمة. وتعتبر الرأسمالية المسؤولة عن حفظ وتقوية المجتمع الطبقي، وهي العقبة الرئيسية أمام تحقيق مجتمع اشتراكي مثالي، يتسم بالمساواة، وتعارض الولايات المتحدة، الدولة التي تعتبر واحدة من أكبر ممثلي الرأسمالية والاستغلال. أزمة أوكرانيا ـ انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، هل من مخاطر محتملة؟بقلم آندي فليمستروم

Antirasism مناهضة العنصرية

تشير مناهضة الفاشية في المقام الأول إلى موقف أيديولوجي ضد الفاشية (في شكل تطرف يميني) والعنصرية. ومع ذلك، هناك تيار أضيق داخل مناهضة العنصرية ينظم نشاطها بشكل شبه حصري حول مناهضة النازية ومعاداة الفاشية داخل هذه المجموعة، غالبًا ما يتم استخدام مصطلحي “النازية” و “الفاشية” بشكل مترادف.

يُنظر إلى بيئة القوة البيضاء على أنها “العدو اللدود” للبيئة المستقلة، التي تريد إقامة حكم استبدادي يهدف إلى حماية العرق السويدي. تستهدف الأنشطة المناهضة للعنصرية أولئك الفاعلين داخل اليمين المتطرف الواسع الذين يُنظر إليهم على أنهم فاشيون.

المجموعات والمنظمات في التيار اليساري المتطرف العنيف

تتميز البيئة المستقلة بشبكات غير مترابطة ومجموعات مستقلة غالبًا ما تنظم نفسها بناءً على مواقف أيديولوجية مشتركة. ما يميز هذه المجموعات هو عدم وجود إدارة مركزية، عضوية، رسوم، رقابة والعقوبات (قواعد السلوك)، بمعنى الهياكل الموجودة في المنظمات الرسمية. أبرز هذه الشبكات:

Antifascistisk aktion مناهضة للفاشية

الحركة المناهضة للفاشية (AFA) هي شبكة راديكالية مناهضة للعنصرية والفاشية، يتكون هيكلها التنظيمي العام بشكل أساسي من مجموعات مستقلة أو إدارات محلية ضمن شبكة منسقة. تأسست الحركة عام 1993، ومنذ ذلك الحين أصبحت الأكبر والأكثر تمثيل في البيئة المستقلة في السويد. تٌؤمن الشبكة بضرورة إلغاء النظام الاجتماعي القائم من خلال النضال الثوري، ضد جميع الجهات الفاعلة التي  تحافظ على النظام السائد للسلطة والهياكل القمعية من أجل  إقامة مجتمع لا طبقي.

Autonomous Revolutionary Nordic Alliance تحالف الشمال الثوري المستقل

تأسست شبكة  تحالف الشمال الثوري المستقل (ARNA) عام 2017، وهي عبارة عن منظمة شاملة غير هرمية، تتكون من مجموعات مستقلة، وأشخاص مناهضين للرأسمالية والفاشية من دول الشمال والتي تم تشكيلها قبل قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 2017. كان الهدف من التأسيس هو إنشاء شبكة دائمة للعمل المشترك واللوجستيات والنقاش السياسي، بهدف التعاون الدولي في مقاومة موحدة ضد الدولة، المجتمع الأبوي والرأسمالية.

من هم الأشخاص المنتمون إلى البيئة المستقلة

وفقاّ لبيانات من شرطة الأمن السويدية فإن حوالي  200  شخص  ينتمون إلى البيئة المستقلة، ولكن من المرجح أن يكون العدد  أكبر من ذلك بكثير. يهيمن الرجال على البيئة، في حين أن (20-25%) هم من النساء. ويكون متوسط العمر النشط لكل من الرجال والنساء هو عشرين عاماّ ليتراجع بعد ذلك. إن غالبية الأفراد (62%) من الذين ينتمون إلى البيئة المستقلة هم وآبائهم مولودون في السويد.ويقدر المستوى النموذجي للتعليم بين الأفراد هو المدرسة الثانوية.

إرهاب التطرف اليساري العنيف -الجريمة

وفقًا للمركز الوطني لتقييم التهديد الإرهابي في السويد (NCT) تبين أنه لا توجد معلومات متاحة للإشارة إلى أن اليسار المتطرف العنيف يخطط لتنفيذ هجمات إرهابية في السويد، لكن يمكن أن ينزح بعض الأفراد أو المجموعات داخل هذه البيئة نحو تنفيذ عمليات إرهابية. مكافحة الإرهاب ـ الذئاب المنفردة في أوروبا، فهم الدوافع

تتعلق الأنشطة داخل اليسار المتطرف بدرجة أقل بالجرائم العنيفة الخطيرة التي لها نتائج أضرار جسيمة، وبدلاً من ذلك تتعلق بالاستخدام المنهجي للعنف والتهديدات والمضايقات لإلغاء أو تغيير الدولة الديمقراطية.

أظهر تقرير من مجلس منع الجريمة أن الأفراد ضمن اليسار المتطرف أو في بيئة الحكم الذاتي يٌشتبه في ارتكابهم جرائم ذات دوافع غير أيديولوجية مقارنة بالأفراد داخل البيئات المتطرفة الأخرى مثل بيئة القوة البيضاء. وتشمل الجرائم ذات الدوافع غير الأيديولوجية الأكثر شيوعاً في بيئة الحكم الذاتي : جرائم الاعتداء والتخريب وجرائم المخدرات والمنشطات. اما الجرائم ذات الدوافع الأيديولوجية: التعدي على الممتلكات، التحرش وإرسال رسائل بريدية موجهة إلى المتطرفين اليمينيين.

تقييم وقراءة مستقبلية

على الرغم من وجود أشخاص داخل بيئة اليسار المتطرف لديهم رغبة واضحة في إلغاء أو تغيير الدولة الديمقراطية، إلا أن البيئة غير قادرة على تغيير الدولة الديمقراطية في الوقت الحاضر وفقًا لتقييم شرطة الأمن السويدية. ولكن من ناحية أخرى، فإن بيئة الحكم الذاتي تشكل تهديدًا لبعض أعضاء البرلمان والحكومة في النظام الديمقراطي. حيث يتعرض المسؤولين المنتخبين للأعتداء بطرق مختلفة. وتعتبر البيئة المستقلة أيضًا تهديد ملموس وواضح للأفراد داخل بيئة اليمين المتطرف.

أدى تطور اليمين المتطرف في أوروبا، بما في ذلك الدول الاسكندنافية في العقود الأخيرة، وتحويله وإضفاء الطابع المؤسساتي عليه إلى ظهور تحديات جديدة للحركات الراديكالية المناهضة للفاشية في اليسار المتطرف، حيث يعتقدون أن أحزاب اليمين المتطرف ساهمت في تغيير الخطاب السياسي وتطبيع الأفكار والممارسات العنصرية في المجتمع. لذلك يعتبر اليسار المتطرف في السويد اليمين المتطرف العدو اللدود، لكونه يسعى إلى إنشاء حكومة استبدادية، هادفة إلى حماية العرق  السويدي والحد من الهجرة التي يعتبرها تهديد للمجتمع السويدي.  وتستهدف الأنشطة المناهضة للعنصرية أولئك الفاعلين داخل اليمين المتطرف الذين يُنظر إليهم على أنهم فاشيون.

تتميز بيئة اليسار المتطرف لافتقارها إلى هيكل واضح ويصعب تنظيمها،وتصبح أكثر مرئية عندما  تتجمع المنظمات اليمينية المتطرفة في التظاهرات والتجمعات.

 

References

Bray, M. 2017. Antifa: Anti-fascist handbook. New York: Melville House Publishing

CVE.Center mot våldsbejakande extremism.2020.” Rapport om den autonoma miljön
https://bit.ly/3gUPxq

CVE. 2021.”Rapport om den autonoma miljön”
http://bit.ly/3UUbgy2

Justitiedepartementet.2014.“Våldsbejakande extremism i Sverige – nuläge och tendenser”. Stockholm: Fritzes Offentliga Publikationer

Kuhn, G. (2009). Anarchism, Sweden. I: Ness, I. (red.). The International Encyclopedia of Revolution and Protest. Chichester: Wiley-Blackwell

Mudde, C. 2019. The Far Right Today. Cambridge: Polity Press

Säkerhetspolisen.2020. Årsbok 2019. Stockholm: Säkerhetspolise

نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

 

.

رابط المصدر:

https://www.europarabct.com/%d9%85%d8%ad%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b7%d8%b1%d9%81-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d9%8a%d8%af-%d9%80-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%b3%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d8%b7/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M