التغير المناخي وأثره على الأمن الإنساني دور منظمة الأمم المتحدة 2012-2022

اعداد : شيماء عادل مصطفي يوسف & نورهان محمود امين احمد  –  إشراف : أ. د. دلال محمود – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر 

 

 المقدمة :

“إن الحل لأزمة المناخ العالمية سيأتي من التضامن العالمي المدعوم بعمل عالمي” التنمية المستدامة وتغير المناخ

تعد قضية المناخ من أهم القضايا التي تشغل العالم في الآونة الأخيرة و تنبع أهمية هذه القضية من ان التغيرات المناخية هي أحد اهم التحديات التي توثر على مستقبل الكرة الأرضية وبالتالي الأمن الإنساني اصبح من الصعب ان يتحقق في ظل ما يشهده المناخ من تغيرات وارتفاع في نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون والذي يؤدي بدوره إلى العديد من الامراض التي تصيب الانسان مثل امراض القلب والأوعية الدموية والعديد من الامراض النفسية ولكن لا يمكننا انكار ان المتسبب الرئيسي في وجود هذه الظاهرة هو الانسان أيضا حيث ان ما يفعله من أنشطة بشرية مضرة للبيئة واستخدام للطاقة غير المتجددة و قطع أشجار الغابات و استبدال المساحات المزروعة بأراضي للبناء كل هذه الأفعال وعلى فترة زمنية طويلة الاجل كانت سبباً في بروز هذه القضية في الوقت الحالي، فدرجات الحرارة مازالت ترتفع بدرجة كبيرة وهذا سيكون سبباً في حدوث العديد من المشكلات والكوارث مثل الفيضانات، ارتفاع مستوي سطح البحر، موجات الحر الشديدة حيث انه من المحتمل في ظل هذا التغير ان تختفي مدناً كاملة وهنا نكمن خطورة هذه القضية كما انها تعمل على فقدان التنوع البيولوجي.[1]

وبما ان المناخ ذات أهمية كبري والتغير في مستوياته الطبيعية يكون سبباً في تغير خريطة العالم بل و سبباً في عدم تحقيق الامن الإنساني ذلك بتأثيره المباشر على حقوق الانسان كل هذا جعل العديد من دول العالم ان تتحد معاً وتقوم بعمل برتوكولات من اجل حماية انفسهم من ما قد يشهدوه من تأثيرات سلبية نتيجة هذه القضية، ليس فقط الدول من تهتم بهذه القضية و انما المنظمات الدولية وخاصة المنظمات التي تهتم بحقوق الانسان مثل منظمة الأمم المتحدة والتي تقوم بالعديد من الأنشطة والاتفاقيات والبرتوكولات لحماية حقوق الانسان التي تتأثر بالتغيرات المناخية مثل حقه في الحياة، حق الافراد في تقرير مصيرها، الحق في التنمية، هذا بالإضافة إلى الحق في الصحة كل هذه الحقوق كانت هي الموضوع الرئيسي للعديد من المنظمات والدول وكانت الهدف الذي يسعى اليه العديد من الدول.

بالتالي كان الهدف لتحقيق هذه الاستراتيجيات هو توعية المواطن بأهمية البيئة التي يعيش على ارضها  ويأكل من ثمارها وبما ان المواطن كان سبب رئيسي في هذا التغير كان سبب أيضا لمعالجة كل هذه القضايا والملوثات التي تضره اولاً ثم تضر البيئة، ونجد ان اكثر الفئات تضرراً هي الفئات المهمشة اجتماعياً والدول النامية التي لا تمتلك المعدات الحديثة و التكنولوجيا الكافية من اجل محاربة كل هذه المشكلات ويأتي هنا دور الدول المتقدمة لكي تقوم بمد العون لمساعدة هذه الدول للخروج من ازمتها و من هنا برز برتوكول كيوتو الذي تم اعتماده عام 1997 و دخل حيز النفاذ عام 2005  والذي ينص على ان تلتزم الدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية عن طريق آلية التنمية النظيفة وتجارة الانبعاثات وتوفير الآليات المالية.[2]

وبالرغم من السلبيات التي سببتها التغيرات المناخية الا انها اضافت مفهوماً جديداً وهو الدبلوماسية المناخية الا انه تم استحداثه لمواجهه اثار التغيرات المناخية و ذلك ما قامت به في البداية دول الخليج العربي عن طريق ارسال مبعوث لهم في الدول الأخرى يتميز بتخصصه الفريد في الشئون المناخية من خلال إقامة شراكات طويلة الاجل وتعزيز العلاقات بين الدول وإقامة صناديق ومشروعات، ونجد ان السعودية بادرت بذلك عن طريق تعيين وزير الدولة للشئون الخارجية كمبعوث خاص بشئون المناخ و تبعتها في ذلك الامارات عن طريق تعيين وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة مبعوثاً خاصاً بشئون المناخ، كما ان مصر استقبلت كافة رؤساء دول العالم لمناقشة قضية المناخ في مؤتمر COP27 مما زاد أهمية كبرى لهذا المفهوم.

ثانياً: – أهمية الدراسة

اولاً: – الأهمية العلمية

تتمثل الأهمية العلمية في ان قضية التغير المناخي أصبحت من اهم القضايا على الساحة العالمية لأنها أصبحت تشكل خطراً كبيراً لبقائنا على الكرة الأرضية فهي تهدد حقوق الانسان في جميع انحاء العالم و يرجع ذلك بسبب تزايد الاهتمام البشري وخصوصاً عقب الثورة الصناعية الكبرى التي أحدثها بريطانيا مما ادي إلى زيادة الانبعاثات الدفيئة في الجو ومن ثَم الولايات المتحدة الامريكية والصين الامر الذي لا يمكن تجاهله بسبب استهلاكهم لمصادر الطاقة الغير متجددة وحرق الغابات والوقود الاحفوري ولأنها قضية تهدد السلم والأمن الدوليين و أصبحت اشبه بالحروب التي لا تنتهي كان يجب على الدول ان تتضافر فيما بينها لوضع مجموعة من الأسس والمعايير التي تحكم التغير المناخي من خلال عدة مبادئ مثل المساواة والشفافية والمساءلة والتعاون الدولي للتخفيف من حدة الاثار الناجمة من التغير والتكييف معه رغم صعوبة تنفيذه وتمثل ذلك في ظهور مفهوم جديد وهو الدبلوماسية المناخية الذي تتم من خلال الجهود الثنائية بين الحكومات لصياغة استجابة عالمية لمكافحة اثار التغير المناخي خاصة ان موضوع التفاوض الدولي كان الأقل بحثاً و أهمية بين الباحثين و العلماء، بالإضافة إلى ان هذه الدراسة من الدراسات الحديثة في علم السياسة علاوة على قلة مراجعها باللغة العربية الامر الذي يجعلها مرجعاً هاماً للعديد من الدراسات التي ستأتي بعد ذلك.

ثانياً: – الأهمية العملية

وتتمثل الأهمية العملية في تحول قضية التغير المناخي من المجال العلمي المتمثل في دراسة أبحاث الطقس ومسببات تغير المناخ والكشف عن طرق تقليل الانبعاثات الي المجال العملي بسبب تدرج الاهتمام السياسي بقضايا التغير المناخي الامر الذي ادي إلى تقارب المصالح الاقتصادية بين الدول وكيف بدأت هذه الدول ان تستخدم ورقة التغير المناخي كأداة ضغط من خلال الأحزاب السياسية والمنظمات المهتمة بالبيئة في المنعطفات الإقليمية وكيف تتشكل تكتلات وتحالفات جديدة بين الدول لتصدي هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد امن الدول سواء النامية والمتقدمة والتي اثرت على تضارب مصالحها الاقتصادية الامر الذي أدى إلى عقد العديد من الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية للبحث في كيفية تقليل الانبعاثات و كان من اهم الاتفاقيات هي اتفاقية كيوتو 1997 التي تمثل خطوة مهمة لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة المعنية بقضية التغير المناخي، بالإضافة الى قمة تغير المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة للخروج بمجموعة من التوصيات التي تضمن تقليل الانبعاثات المسببة للتغير المناخي، ولذلك تفيد هذه الدراسة في الحياة العملية بتزويد صانع القرار بمعلومات قيمة و حديثة ومن ثَم اتخاذ قرار حاسم بشأن موضوع تغير المناخ وأثره على الأمن الإنساني.

ثالثاً: – الأهمية الموضوعية للباحث

تعتبر قضية التغير المناخي من اهم القضايا المطروحة على الساحة العالمية وذلك لما لها من تداعيات سلبية على البشر بصفة عامة وعلى الدول بصفة خاصة فيما يتعلق بالتدهور الاقتصادي والسياسي لدولة ما وانخفاض العمالة لما يسببه المناخ من قتل الالاف الأشخاص كل عام مما يهدد من كيان الدول واستقرارها، ويكمن أهمية الموضوع لدى الباحثتين في معرفة ماهية التغيرات المناخية وما أسباب حدوثها وهل ما يتم تداوله بين وسائل الاخبار حقيقة لرؤيتهم انها نظرية مؤامرة تقوم بها الدول الكبرى أمثال الصين وروسيا والولايات المتحدة الامريكية للسيطرة على منطقة القطب الشمالي وذلك للسيطرة على الموارد الطبيعية التي تشكل نسبة كبيرة من مصادر الطاقة ام انها تحدث لأسباب طبيعية يستلزم حقاً دق جرس الإنذار لتتكاتف وتتعاون الدول فيما بينها من خلال الاتفاقيات والتكتلات التي كان السبق لها من جانب منظمة الأمم المتحدة، وفي كلتا الحالتين تهتم الباحثتان بكيفية معالجة تداعيات هذه الازمة خاصة بعد بروز دراسات عديدة تؤكد ان معظم الكائنات الحية في الكرة الأرضية ستنقرض مما يهدد أمن البشرية بأكمله.

ثالثاً: – المشكلة البحثية

يعد التغير المناخي ظاهرة كونية تمس حياة البشر جميعاً بصورة مباشرة وغير مباشرة من خلال التأثير على صحة الانسان وبالرغم من ان احساسينا ومشاعرنا وافكارنا وعاداتنا مرتبطة بالتغير المناخي في المأكل والمشرب والملبس إلا انه يوجد اختلافات جوهرية بين فريفين: –

فالفريق الأول يرى: – انه لا يوجد مصطلح يُعرف بالتغير المناخي وانما هي ظاهرة طبيعية تحدث بسبب الاختلاف في درجات الحرارة.

والفريق الثاني يرى: – ان ظاهرة التغير المناخي هي ظاهرة بالرغم من كونها طبيعية إلا ان البشر هم من تسببوا في تفاقم هذه الظاهرة منذ بدايات الثورة الصناعية وحرق الوقود الاحفوري الذي ادي إلى زيادة الانبعاثات وارتفاع متوسط درجة حرارة الكرة الأرضية.

وبالرغم من العلاقة الجدلية بين الفريقين ألا أن الواقع يحتم علينا عدم التغافل عن الاضرار الناتجة عن هذه الظاهرة و تتمثل في الصحة العامة و الامن الغذائي و انتقال الامراض الوبائية واختلال أنماط الامطار فتارة يحدث فيضانات و تارة اخري يحدث جفاف بالإضافة الى ذوبان الجليد و ارتفاع مستوي اسطح البحار والمحيطات مما يؤدي الي غرق الدول الجذرية والدلتا واختلال الثروة السمكية، وفي هذه الدراسة سيصب تركيزنا بالأساس على التغير المناخي وتأثيره على الامن الإنساني الذي يواجه العديد من الإشكاليات من أهمها مشكلات الصحة العالمية والذي تتسبب في عدد من الامراض كفشل القلب والاوعية الدموية والامراض العقلية وحساسية الجهاز التنفسي بسبب حرق النفايات حيث تقدر منظمة الصحة العالمية ان تغير المناخ يقتل اكثر من 140000 شخص سنوياً منذ 1970 وهذه إشكالية في حد ذاتها لأنها ستؤدي إلى مشاكل اقتصادية في العديد من الدول خاصة الدول النامية بسبب قلة عدد السكان، بالإضافة إلى الامن الغذائي حيث أشار التقرير التجميعي الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ انه بحلول 2030 سيشهد 9 أنواع من المحاصيل الزراعية بانخفاض شديد مما سيؤدي الى سوء التغذية وتدهور الصحة العالمية للبشر وارتفاع الأسعار ومن هنا جاءت الاستجابة الدولية من خلال جهود منظمة الأمم المتحدة لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من اجل الحفاظ على صحة الانسان وبالرغم من ان هذه الاتفاقيات والمفاوضات لم تسفر بشكل رسمي بالخروج بمخرجات سياسية تفيد البيئة ولذلك كان على الدول ان تتضافر مع بعضها من خلال العلاقات الثنائية فيما بينهما لوضع مجموعة من الأسس والإجراءات بشأن الحديث عن العدالة المناخية المتمثلة في الدبلوماسية المناخية.

ومن هنا تدور هذه المشكلة حول معرفة أثر تغير المناخ على الامن الإنساني وبذلك يصبح السؤال البحثي الرئيسي: – إلى أي مدى كان تغير المناخ سلاح ذو حدين على قضيتي الدبلوماسية المناخية والامن الإنساني؟

رابعاً: – تحديد الدراسة

التحديد الزمني للدراسة

ويتمثل تحديد النطاق الزمني للدراسة في الفترة الممتدة من (2012-2022) لأنها الفترة المناسبة لدراسة المشكلة البحثية ففي عام 2012 تم إعلان نتائج قمة الدوحة لتغير المناخ تحت إشراف الأمم المتحدة والتي كان من اهم نتائجها إقرار الحكومات المعنية بإنشاء اتحاد بقيادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة بصفته المضيف لمركز تكنولوجيا المناخ وذلك في فترة مدتها 5 سنوات واختيار كوريا مقراً لصندوق المناخ الأخضر بالإضافة إلى استمرار العمل ببرتوكول كيوتو لأنه الإتفاق الوحيد الذي يلزم الدول الصناعية بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وفي 2012 بدأت فترة الالتزام الثانية لبرتوكول كيوتو لمدة 8 سنوات، اما في عام 2022 تم فيه مؤتمر cop27 و الذي تم انعقاده في مصر بمدينة شرم الشيخ “مدينة السلام” والذي اسفر على مجموعة من النتائج أهمها:- إنشاء صندوق الخسائر والاضرار الناتج عن مطالب الدول النامية بشأن المساعدات المالية للبلدان المتضررة ووضع آليات عمل من خلال لجنة مكونة من 23 عضو بالتعاون والتنسيق بين الدول المتقدمة والنامية بحيث 10 من الدول المتقدمة و 13 من الدول النامية.

خامساً: – الأسئلة الفرعية

ويتفرع من السؤال البحثي الرئيسي عدد من الأسئلة البحثية الفرعية وهي: –

  • ما هي الأسباب التي أدت الي حدوث التغيرات المناخية؟
  • كيف اثرت التغيرات المناخية على الامن الانساني؟
  • الى أي مدي تأثرت الدول النامية بالتغيرات السلبية للتغيرات المناخية؟
  • ما هو دور منظمة الأمم المتحدة لمواجهه اثار التغيرات المناخية؟
  • ما هو دور الدبلوماسية المناخية في التخفيف من حدة آثار التغيرات المناخية؟
  • ما الدور الذي لعبته الدول المتقدمة بخصوص قضية التغيرات المناخية؟

سادساً: – الدراسات السابقة

يمكن تناول الدراسات السابقة التي تناولت أثر التغيرات المناخية على الأمن الإنساني بالتطبيق على منظمة الأمم المتحدة وذلك من خلال التركيز على ثلاث محاور أساسية: –

المحور الأول: الدراسات التي تناولت التغيرات المناخية بشكل عام.

المحور الثاني: الدراسات التي تناولت التغيرات المناخية وتأثيرها على الأمن الإنساني.

المحور الثالث: الدراسات التي تناولت جهود منظمة الأمم المتحدة في قضية التغيرات المناخية.

ومن ثم يمكن تناول الدراسات التي تناولت كل محور من هذه المحاور على النحو التالي:

أولاً: – الدراسات التي تناولت التغيرات المناخية بشكل عام

1-الدراسة الأولى للكاتب “بدر جدوع” بعنوان ” مظاهر التذبذب والتغير المناخي والعوامل المؤثرة فيه “[3]

والدراسة الثانية للكاتب ” قاسم يوسف” بعنوان ” التغير المناخي وأثره على صحة وراحة الإنسان “[4]

والدراسة الثالثة للكاتب “شكراني الحسين” و ” حلمي كمال ” بعنوان” التغير المناخي من منظور حقوق الإنسان “[5] والدراسة الرابعة للكاتب ” عبد الرحمن عبد المنعم ” و” بسمة محرم ” بعنوان ” ظاهرة التغير المناخي العالمي والاحتباس الحراري “[6] والدراسة الخامسة للكاتب ” عيسى جعيرن ” بعنوان ” فعالية الجهود الدولية في مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية “[7]

    أجمعت هذه الدراسات على مدى خطورة قضية التغيرات المناخية التي يشهدها العالم على كافة الكائنات الحية وعلى الغلاف الجوي وطبقة الأوزون بشكل عام والتي زادت من ظاهرة الاحتباس الحراري وتركز الغازات الدفيئة بالجو مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات المضرة والملوثة للبيئة. أجمعوا أيضاً أن هذه الظاهرة برزت بصورة أكثر وضوحاً في السنوات الأخيرة حيث إن العالم كان يشهد مناخاً متقلباً بمعنى أن هناك دول كان يوجد بها أعاصير وبنفس الوقت دول أخرى نعانى من ارتفاع درجات الحرارة ودول يحدث بها سيول ودول أخرى تعاني من الجفاف أي أن المناخ مؤشراته أصبحت غير مستقرة ما يحدث في دول يحدث نقيضه في دولة أخرى كما أنه يوجد مؤشرات كبيرة لحدوث كوارث طبيعية مثل الفيضانات بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر وأعاصير وجفاف وتصحر وغيرها من الكوارث الطبيعية التي تهدد حياة الإنسان على الكرة الأرضية. كما أجمعت هذه الدراسات أن المتسبب الأول في حدوث هذه التغيرات هو الإنسان وذلك من خلال الأنشطة البشرية الخاطئة من قطع للغابات والأشجار إلى الاستغلال السيء للأرض وكافة الكائنات البحرية مما يهدد إلى انقراض هذه الكائنات ونقص الغذاء نتيجة إهلاك الأرض وهذا لا ينفى أن هناك أيضاً أسباب طبيعية أدت إلى تغير المناخ كتقلبية المناخ وغيرها من الظواهر الكونية الطبيعية التي أثرت بشكل مباشر على التغيرات المناخية. كما أجمعوا على أن هذه الظاهرة هي ظاهرة طويلة الأجل وتؤثر على حقوق الأجيال القادمة وتؤثر بشكل مباشر على البيئة المحيطة بهم.

النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسات: – توصلت هذه الدراسات إلى أن هذه التذبذبات والتغيرات المناخية التي أخلت بالنظام البيئي والتي أثرت على النباتات من خلال ظهور الآفات الزراعية والإنسان من خلال زيادة الأمراض السرطانية وأمراض القلب والأوعية الدموية ونقص الغذاء وحدوث تلوث للمياه الذي تعد مصدر الحياة كما أن التغيرات المناخية جعلت هناك نقص في كميات المياه. وأن من أهم النتائج أيضاً التي تحدث على أثر التغيرات المناخية هي ذوبان الجليد في القطب الشمالي وذلك يمكن أن يغير من مناخ الدول الأخرى التي سوف تتأثر تأثراً سلبياً من هذا الحدث.

    أهم الدروس المستفادة:- أن ظاهرة التغيرات المناخية أكدت على أهمية التعاون وتعزيز العلاقات بين الدول من خلال الاتفاقيات والمعاهدات والتنظيمات التي أصبحت مُخصصة بشكل أساسي لحل قضية التغيرات المناخية لأنها بالأساس مشكلة عالمية أي لا تتوقف على جهود دولة واحدة فقط بل أن التغيرات المناخية ومع تأثيراتها السلبية الكثيرة التي تم ذكرها إلا أن كان هناك جانب إيجابي عزز العلاقات بين الدول ووحد جهودهم لمواجهة قضية واحدة وهى قضية التغيرات المناخية ومن أهم مظاهر هذا التعاون هو مؤتمر المناخ العالمي الذى تم عقده في مصر وضم كافة رؤساء العالم.

ثانياً: – الدراسات التي تناولت التغيرات المناخية وتأثيرها على الأمن الإنساني

-الدراسة الأولى للكاتب “”بن عياد جليلة ” و” حباني كمال” بعنوان ” أثر التغيرات المناخية على الأمن البيئي “[8] الدراسة الثانية للكاتبة ” نيفين فرج ” بعنوان ” التغيرات المناخية والأمن الغذائي في مصر “[9][10] Alexander carius, Lena Ruthner and others, New paths for climate Diplomacy (federal foreign office, 2014) الدراسة الثالثة للكاتب  

وأجمعت هذه الدراسات على أن الأمن الإنساني هو مفهوم معاصر وأصبح من المصطلحات الهامة بسبب الاختلالات التي نتجت عن التغير المناخي الذي حدث بسبب تغير في كمية الغازات التي تصل إلى الأرض والتي تتصاعد حيث إن زيادة كمية الغازات المتصاعدة بسبب الأنشطة البشرية جعلت هناك تهديداً حقيقياً للأمن الإنساني. أجمعت هذه الدراسات أيضاً أن الأمن الإنساني لا يختلف كثيراً عن الأمن التقليدي كما ذكر العديد من العلماء وإنما هو مفهوم مكملاً له. فالأمن التقليدي يكون عابر للحدود ويستخدمون فيه الأدوات العسكرية وإنما الأمن الإنساني يكون صعب التنبؤ به ومن الصعب أيضاً معالجته التي تتم على المدى الطويل ومن هنا تكمن أهميته حيث إن التغير المناخي سوف يصيب العديد من الكائنات البشرية خصوصاً والكائنات الحية عموماً وبالتالي هذا تهديد صريح للأمن الإنساني من جميع جوانبه سواء الغذائي، أو الصحي، أو البيئي، أو التنموي، أو السلام، أو حقوق الإنسان مما جعل موضوع الأمن الإنساني يرتبط كثيراً بموضوع التغيرات المناخية. أجمعت هذه الدراسات أيضاً على أن التغلب على هذه التحديات التي هددت الأمن الإنساني وأحدثت تغيرات عديدة ومستمرة في البيئة يختلف من دولة لأخرى حسب إمكانيات وقدرات كل دولة حيث إن الدول المتقدمة التي تمتلك التكنولوجيا والأموال اللازمة تكون قادرة بشكل أكبر على إقامة مشاريع غير مضرة للبيئة ويعتمدون من خلالها على مصادر الطاقة المتجددة. أما الدول النامية والفقيرة تصبح أكثر تأثراً بالتغيرات المناخية وتكون غير قادرة على التعامل مع هذه التهديدات والتحديات وبالتالي عدد كبير من هذه الدول يكون أكثر اعتماداً على الدول المتقدمة لمساعدتها في تحقيق أمنها الإنساني.

    أهم النتائج المترتبة على ذلك :  توصلت هذه الدراسات إلى أن هناك العديد من الدول قامت بعمل مبادرات لمعالجة التأثيرات السلبية لتغيرات المناخ وإطلاق حملات من أجل توعية المواطن بالأمن البيئي حيث أن الإنسان هو من يستطيع الحفاظ على بيئته فهو البداية لتحقيق الهدف المنشود وهو القضاء على التلوث مثل مبادرة اتحضر للأخضر التي قامت بها مصر وغيرها من المبادرات في دول متفرقة من العالم و أيضاً هناك العديد من دول العالم قررت بأن تقوم بدمج السياسات التي تتبعها لمعالجة أثار التغيرات المناخية مع سياستها الخارجية والأمنية نظراً لأهميتها وتعزيز الشبكات الدبلوماسية ومن هنا ظهر مصطلح الدبلوماسية المناخية والذى تُعنى أن تقوم كل دولة بتعيين مبعوث خاص بالشئون المناخية فقط أي يعطى كل اهتماماته وتركيزه في تعاونه مع الدول الأخرى على معالجة التغيرات المناخية ومحاولة توازن الاختلال البيئي.

    أهم الدروس المُستفادة: – بما أن الأمن الإنساني أصبح مشكلة تهدد جميع الدول بسبب الأثار السلبية نتيجة التغيرات المناخية فمن الضروري أن تقوم الدول النامية بزيادة إمكانيتها والقيام بمشاريع لمواجهة التحديات المناخية أي لا تعتمد بشكل كامل على الدول المتقدمة لأن الأخيرة تفعل كل شيء لمصالحها فإذا وجدت أن ليس لديها أي مصلحة في مساعدتها للدول النامية لن تقوم بذلك وبالتالي على الدول النامية أن تساعد نفسها حتى إذا حدث ذلك ولم تتلق مساعدات من الدول المتقدمة لا تتأثر بشكل كبير. كما أن الدبلوماسية المناخية أصبحت حلاً فعالاً ليس فقط لمعالجة الأثار السلبية للتغيرات المناخية وإنما لتعزيز وتشجيع العلاقات بين الدول.

ثالثاً:الدراسات التي تناولت جهود منظمة الأمم المتحدة في قضية التغيرات المناخية

الدراسة الأولى للكاتب ” ماجد بن عبد الله بعنوان ” البيئة العالمية والتغير المناخي وأثارها الاقتصادية”[11] ” والدراسة الثانية ” للكاتب ” لوكال ” و ” مريم أحمد ” بعنوان ” جهود وتحديات مؤتمرات الأمم المتحدة للتغير المناخي “[12] والدراسة الثالثة للكاتب ” لورانس بواسون ” بعنوان ” اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ “[13]

أجمعت هذه الدراسات على أن منظمة الأمم المتحدة بما أنها تهتم بحقوق الإنسان مثل حق الإنسان في أن يعيش حياة كريمة بمعنى أن يكون متوفر له أساسيات هذه الحياة من غذاء وسكن ومياه نظيفة وأمن يعيش فيه الفرد مطمئناً لعدم تعرضه لأي ضرر يؤثر على حياته حيث إن التقارير التقييمية التي كان يتم كتابتها من قبل منظمة الأمم المتحدة يزداد بها الأفراد التي تموت نتيجة التغيرات المناخية. حق الأفراد في تقرير مصيرها وذلك لأن التغيرات المناخية سوف تهدد مدن كاملة وخاصة المدن الساحلية ولذلك شعوب المدن الأصليون سوف يعانوا من العيش والتنقل بحرية في مدنهم الأصلية. الحق في التنمية أيضاً كان من أهم الحقوق الذي أقرتها منظمة الأمم المتحدة وذلك لأن كل شعب له الحق في أن يشهد تحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية وسياسية وبالتالي هناك العديد من الدول قامت بالعمل على تنفيذ إستراتيجيات ووضع خطط وسيناريوهات للمستقبل من أجل قضية التغيرات المناخية والتوصل إلى أفضل وضع يتحقق فيه الأمن الإنساني. أما جهود الأمم التي قامت بتطبيقها على الدول هي عدة اتفاقيات ركزت وبشكل خاص على التغيرات المناخية  وتناولت قضايا لم يغطيها اتفاقيات مثل اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون عام 1985 واتفاقية وبروتوكول مونتريال المتعلق بالمواد المستنفدة لطبقة الأوزون عام 1987 وإنما قامت بالعمل على اتخاذ خطوة جادة شاركت فيها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وبالتالي إنشاء هيئة علمية حكومية خاصة بشئون التغيرات المناخية وهى الفريق الحكومي الدولي المعنى بالتغير المناخ هذا الفريق والذى كان له وجهة نظره عن مفهوم تغير المناخ و الذى أكد أن أهم أسبابه هي الأنشطة البشرية ولمعالجة هذه القضية تكون بزوال أسبابها وبالتالي كان أهم أهداف هذه الهيئة العلمية هي مساعدة الدول الأطراف بهذه الاتفاقية وهى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لبناء مشاريع ومحاولة القضاء على الملوثات البيئية والأهم هو مساعدة الدول الأكثر تضرراً مثل الدول التي تعتمد بشكل أساسي في مصادرها على الوقود الأحفوري وهو أكبر مُلوث للبيئة . أيضاً لبلدان المنخفضة أو الساحلية والتي ستكون أكثر تضرراً وتأثراً بارتفاع منسوب مياه البحار والذي مع الوقت يمكن أن يخفى مدناً كاملة. البلدان الصغيرة والقاحلة الأكثر تعرضاً للتصحر والجفاف والمناطق الحضرية الذي يتركز بها المصانع ويزداد بها الازدحام المروري وعوادم السيارات والاستغلال الخاطئ للتكنولوجيا والبلدان الذي تعاني من مشكلات اقتصادية والتي سوف تزيد مع التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية والمناطق ذات البيئة الضعيفة. كل هذه الدول كانت هدفاً رئيسياً تسعى الأمم المتحدة إلى مساعدتها عن طريق التقليل من كافة هذه التأثيرات.

    النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسات: – توصلت هذه الدراسات إلى أن كافة الاتفاقيات التي تقوم الأمم المتحدة بتطبيقها تكون مُلزمة لكافة أطرافها، ولكن تكون أكثر إلزاماً للدول المتقدمة عن طريق القيام بتخفيف الانبعاثات التي تزيد من الاحتباس الحراري لأن هذه الدول بالأساس هي دول صناعية وبالتالي تستخدم العديد من المصادر والغازات المُضرة للبيئة. قامت منظمة الأمم المتحدة بإلزام هذه الدول بإقامة مشاريع ومبادرات للحفاظ على البيئة. كما أكدت على التزام للموارد المالية ووصولها إلى البلدان النامية الأكثر احتياجاً ولكي تكون قادرة على تحقيق المتطلبات والالتزامات التي تفرضها اتفاقيات منظمة الأمم المتحدة.

    أهم الدروس المستفادة: – هي أن وجود منظمة عالمية وتقوم بإقامة اتفاقيات لجميع الدول من أجل هدف واحد وهو إيجاد حل وعلاج مُناسب لقضية التغيرات المناخية كانت فكرة جيدة من أجل أن يكون هذا العلاج أكثر تنظيماً وإلزاماً، كما يعزز مشاركة الدول مع بعضها البعض لحل هذه القضية يعزز العلاقات الدولية ويجعل الدول المتقدمة مُلزمة بمساعدة الدول الأشد فقراً سواء مالياً أو عن طريق إقامة مشاريع للحفاظ على البيئة في أراضيها.

    ما يميز هذه الدراسة عن الدراسات السابقة: – قدمت الأدبيات السابقة التغيرات المناخية بشكل عام وركزت بشكل أكبر عن تأثيراتها السلبية ولكن تتضح الفجوة في أن هذه الدراسات لم تذكر بشكل صريح الجوانب الإيجابية للتغيرات المناخية أي أنها أظهرت جانب واحد فقط من القضية وبالتالي فإن هذه الدراسة سوف تركز على قضية التغيرات المناخية ولكن بنظرة أوسع ومن جميع جوانبها وسوف تُركز أيضاً على مفهوم جديد تداولته الدول بعد قضية التغيرات المناخية وهو الدبلوماسية المناخية للتوضيح بشكل أكبر كيف كانت قضية التغيرات المناخية سلاح ذو حدين أحدهم إيجابي متمثل في الدبلوماسية المناخية والأخر سلبي متمثل في تهديد الأمن الإنساني .

سابعاً: – الإطار النظري

ومن اهم النظريات التي فسرت ظاهرة التغيرات المناخية هي النظرية الليبرالية ونظرية الدور الذي يعدوا من اهم نظريات العلاقات الدولية وفيما يتعلق بالنظرية الليبرالية فقدت ركزت على الشق التعاوني بين الدول وتقوم هذه النظرية بشكل عام على افتراض انه بالرغم من وجود مصالح شخصية وخلافات بين الدول إلا انهم قادرون على تحقيق التعاون وبناء مجتمع ينعم بالسلام والتناغم بل ان الدول تتساوي مع المنظمات الدولية سواء الحكومية او غير حكومية حيث تلعب المنظمات الدولية دوراً مهماً في العلاقات الدولية، علاوة على انها فاعل مستقل لتحقيق مصالحها ويرفضون كل ما يتعلق بالهيمنة العسكرية والأمنية بل يطالبون بتقليل الانفاق العسكري وحدة الصراعات ويهتمون بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وتكمن المهمة الأساسية بالنسبة لهم في تكوين تحالفات إقليمية ودولية واعتماد متبادل لتحقيق أهدافها.[14]

وللنظر إلى الليبرالية الجديدة فتؤكد على أهمية المؤسسات الدولية لتحقيق التعاون ذلك الذي عجزت الدول عن تحقيقه في ظل ظروف الفوضى الدولية، بل ان التعاون يحدث عندما تنضبط سلوك الدول مع تفضيلات الاخرين بحيث تخرج كافة السياسات متسقة مع سياسات شركائها ومعرفة أهدافهم، علاوة على اهتمامها إلى الاعتماد المتبادل على اعتبار انه الشكل الأمثل للعلاقات بين الدول وغيرها من الفاعليين في بيئة تتسم بالفوضوية حيث يصف مصطلح الاعتماد المتبادل على انه “يعد عالماً يساهم فيه اللاعبون من غير الدول السياسات الدولية مباشرة كما لا توجد فيه هرمية واضحة للقضايا ولا تمثل فيه القوة وسيلة فعالة في السياسة الدولية”، ناهيك عن اهتمامها بالسياسات الدنيا “الاقتصادية والاجتماعية” بالإضافة الى السياسات العليا وهى القضايا المتعلقة بالأمن، ومن هنا تختلف الليبرالية الجديدة عن الليبرالية في كونها ان الجديدة تركز على “الدور الذي تلعبه المؤسسات الدولية لتحقيق وتطويع نتائج جماعية معينة” ولذلك فهي مؤسساتيه في المقام الأول.[15]

ومن ابرز المفكرين الذين وضعوا الليبرالية الجديدة في جل اهتمامهم هما جوزيف ناي وروبرت كوهين عندما تحدثوا عن القوة و الاعتماد الدولي المتبادل ففي الأولى اعتمدوا على مضامين أخرى للقوة مثل “القوة التنظيمية أي قوة التصويت والقدرة على تشكيل الائتلافات والتحكم في شبكات النخب أي تلك القدرات التي تتأثر بالمعايير والشبكات والمؤسسات المرتبطة بالمنظمة الدولية حيث ان وجود المنظمة الدولية من شأنه ان ينافس بنية السياسات العالمية” اما الاعتماد المتبادل فيري كلا منهما ان عالم العلاقات عبر القومية يتميز بدرجة عالية من الاعتماد المجتمعي المتبادل والتفاعل الكثيف عبر الحكومات والسياسات الداخلية …..” اما التعريف الليبرالي عند الفلاسفة فيتمثل في جون لوك في قوله “الليبرالية عندي هي الفلسفة السياسية للمذهب التجريبي البريطاني ويمكن اختصار اطروحته في كونها تأسيساً لمذهب تجريبي يقوم على توكيد أولوية الأصل الحسي في بناء المعرفة … ويؤسس للمذهب الليبرالي من خلال نظريته عن حالة الطبيعة بوصفها حالة حرية ومساواة”.

و فيما يتعلق بنظرية الدور فتعتبر من اهم النظريات في العلاقات الدولية التي تهتم بدراسة وفهم سلوكيات و قرارات معينة للوحدات الدولية وتوظيفها في السياسة الخارجية واحتمالات التغير والاستمرار في تلك السياسة، وتعتبر من افضل النظريات مقارنة بمن غيرها في قدرتها للتنبؤ بالسياسة الخارجية للوحدة الدولية وتجمع النظرية بين الجانب المعياري إلى يهتم بتناول تصورات الفاعل الدولي وسلوكه الذي يجب ان يكون عليه وفق هويته والجانب المادي الذي يلقي الضوء على كيفية وتنفيذ هذا الدور على المسرح الدولي وذلك وفقاً لإمكانياته وإرادته، وتتمثل المقولات الأساسية للنظرية فيما يلي:- تُعرف نظرية الدور على انه نمط معين من السلوك ينبع من امرين أولهما قناعات الفاعل ذاته ومدي استجابته لتصورات وتوقعات الاخرين عما يجب عليه القيام به، والاستفادة من خصائص الدور في سياق إقليمي ودولي لتطبيقه لفهم سياق اخر مشابه وتسعى النظرية لفهم تشكيل القوى الفاعلة لدورها في النظام الدولي من خلال مجموعة من التساؤلات: – أي الأسباب و الدوافع، ما هي الأسباب والمقومات او القدرات، كما يري الكثير ان للدور مفهوم وظيفي فهو أحد اهم مكونات السياسة الخارجية ويرتبط بالوظيفة التي يقوم بها الفاعل الدولي لتحقيق أهدافه في إطار زمني معين في اطار التصور والتطبيق والتنفيذ.[16]

     الشق التعاوني للنظرية الليبرالية يتمثل في: – انه بالرغم من المصالح الشخصية للدول والخلافات فيما بينهم في مختلف القضايا السياسية إلا ان الدول وضعت كافة صراعتها على جانب للاستجابة لحالة الطوارئ المناخية وكذلك العواقب الوخيمة نتيجة التقاعس المستمر ولذلك الزم الأمين العام منظمة الأمم المتحدة بتسريع وتيرة العمل المناخي وخاصة ان عمليات حفظ السلام تواجه العديد من المشكلات الصحية والأمنية واللوجستية بسبب ارتفاع متوسط درجات الحرارة خاصة في الدول الافريقية[17] ومن هنا جاءت استراتيجية الأمم المتحدة لإدارة الاستدامة المناخية مع الدول المعنية، بالإضافة إلى التكتلات والتحالفات بين الدول للتصدي لهذه الظاهرة وكان من ابرز هذه التكتلات مجموعة 77+ الصين وهي عن تحالف الدول النامية مع بعضها البعض للتنسيق فيما يخص ظاهرة التغير المناخي وتعزيز المصالح الاقتصادية فيما بينهم، بالإضافة الى مجموعات الأعضاء في الأمم المتحدة والتي تضم مجموعة الدول الافريقية- دول اسيا والمحيط الهادي- دول أوروبا الشرقية- دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي واخيراً مجموعة دول أوروبا الغربية ودول اخري، علاوة على الجهود الدبلوماسية بين الدول فيما عُرف مؤخراً بالدبلوماسية المناخية وجهود الدول مع بعضها البعض لالتقاء مصالحها سوياً بالحديث عن العدالة المناخية والوصول إلى نتائج مرضية للطرفين وعدم الحاق الضرر بالدول الأخرى خاصة النامية منها، بالإضافة إلى برنامج الأمم المتحدة للبيئة في كينيا لتعزيز الاستخدام المستدام والرشيد للبيئة، إضافة إلى البرامج والمنظمات الأساسية التي تعمل وفق تحقيق التنمية المستدامة والعمل المناخي وعلى سبيل المثال وليس الحصر الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ، صندوق النقد الدولي وموئل الأمم المتحدة، ناهيك عن اتفاقية باريس والتي تهدف الى تعزيز الاستجابة العالمية التي تهدد التغير المناخي ولذلك تفاعلت الدول مع بعضها البعض للتخفيف من حدة اثار تلك الازمة والتصدي للتحديات العالمية.

اما فيما يتعلق بنظرية الدور فتجد الباحثتان ان الأداة القانونية هي الأداة الوحيدة التي تستخدمها منظمة الأمم المتحدة لتحقيق اهداف الحد من آثار التغير المناخي من خلال الاتفاقيات والبرتوكولات والمؤتمرات التي تنسقها مع الدول وكان من اهم المؤتمرات التي اقامتها عام 1972 هو مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية والتي حاولت من خلاله القاء الضوء على الكارثة التي نعيش فيها من خلال الفقرة السادسة من الإعلان الصادر عن هذا المؤتمر في قوله “إن صون البيئة البشرية وتحسينها لأجيال الحاضر والمستقبل أصبح هدفاً لا سبيل لبني الإنسان إلا تحقيقه”، ثم إنشاء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ و ذلك بالتشارك مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، و اتفاقية الأمم المتحدة المعنية الإطارية بشأن تغير المناخ، برتوكول كيوتو الذي نتج عنه إنشاء مجموعة عمل لتحسين برتوكول كيوتو واخيراً اتفاقية باريس التي اُنشئت عام 2015 ولذلك تجد الباحثتان ان النظرية الليبرالية و نظرية الدور لا يمكن الفصل بينهم خاصة عند الحديث عن جهود المنظمة من خلال الشق التعاوني بين الدول المتقدمة والنامية والتكتلات والمجموعات الإقليمية الأخرى للتصدي لهذه الظاهرة.

ثامناً: – الإطار المفاهيمي

لا شك في أن تحديد المفاهيم هو مدخل أساسي وضروري لفهم الموضوع محل الدراسة وتحديد طبيعته حيث إن المفاهيم بصفة عامة تختلف من شخص لأخر وذلك لأنه نادراً ما نجد مفهوم يتفق عليه علماء الاجتماع والسياسيين فكلاً منهم يفسر المفهوم على حسب وجهة نظره وطبيعة عمله وسوف نشرح في هذا الموضوع تغير المناخ وتأثيره على الأمن الإنساني عدة مفاهيم أساسية.

اولاً: – التغيرات المناخية

التعريف الاصطلاحي

التغيرات المناخية لها العديد من التعريفات المختلفة حيث إن التغيرات المناخية تمثل تحدى كبير يواجه البشرية وجميع الكائنات على الكرة الأرضية. تعرف التغيرات المناخية بأنها مجموعة من الظواهر الطبيعية التي تحدث على مدى زمني طويل يُقدر بألاف السنين ومن المُتفق عليه بين الباحثين أن تأثير هذه الظواهر سوف يكون بطريقة سلبية على البيئة وعلى حياة سكان الأرض جميعاً.

تعريف فريق العمل الحكومي الدولي لتغير المناخ: – قاموا بتعريف التغيرات المناخية بطريقة إحصائية حيث إنهم أقروا أن التغيرات المناخية سوف تمتد لعقود طويلة. كما أنهم أكدوا أن هذه التغيرات المناخية ناتجة عن الأنشطة البشرية أو من التفاعلات الداخلية لمكونات النظام المناخي أي تدخل الأنشطة الصناعية في الظواهر الطبيعية بطريقة خاطئة هو سبب واضح لهذه التغيرات المناخية وأن أثار هذه التغيرات وإن تم القضاء على أسبابها إلا أن نتيجتها وأثارها السلبية ستظل ممتدة للأجيال الأخرى.

تعريف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ: – اتفاقية الأمم المتحدة عرفت التغيرات المناخية بأنها ظاهرة تحدث لسببين أحدهما صناعي والذي يتمثل في الأنشطة البشرية التي تحدث تغير كامل في الغلاف الجوي ويغير تركيبه الكيمائي مما يحدث خلل في المؤشرات الطبيعية للتغيرات المناخية، وهناك سبب طبيعي وهو تقلبية المناخ الطبيعية والتي يتم رصدها في أوقات مماثلة وعلى فترات زمنية ممتدة وبالتالي التغيرات المناخية هي ظاهرة يتسبب ويندمج بها عاملين الطبيعي والبشرى.

تعريف الدكتورة إنجي عبد الغنى: – تُعرف التغيرات المناخية بأنها مشكلة حقيقية حدثت نتيجة الاستخدامات الخاطئة للأنشطة البشرية والاستخدام المُفرط للطاقة غير المتجددة والملوثات البيئية المختلفة والذي هدد بشكل واضح الأمن العالمي حتى أنها وصفت هذا التغير بأنه يشبه حرباً على البشرية حتى توضح مدى خطورة التغيرات المناخية على السلم والأمن الدوليين وأنه لابد من وضع ضوابط وأسس للتقليل من المخاطر الناجمة عن التغيرات المناخية.

تعريف دكتور وسيم وجيه الكسان: – عرف التغيرات المناخية بأنها تغير في الخصائص المناخية المتعارف عليها للكرة الأرضية بسبب كلاً من الأنشطة البشرية والتي تؤدى إلى زيادة نسبة الغازات المتولدة من عمليات الاحتراق ومنها غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان وغيرهم من الغازات التي يستخدمها الإنسان والتي تؤثر سلباً على المُناخ أو العوامل الطبيعية التي تزيد من درجة حرارة الجو.[18]

التعريف الإجرائي

من مظاهر التغيرات المناخية حدوث زيادة كبيرة في درجة حرارة الهواء تُقدر ب 1.5 درجة مئوية كما أن ظاهرة الاحتباس الحراري يكمن السبب الرئيسي في ظهورها تركز الغازات الدفيئة في الجو وزيادة نسبتها بمرور الوقت مثل غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يزداد بسبب الممارسات الخاطئة الذي يقوم بها الإنسان من قطع للغابات والأشجار وتقليل المساحة المزروعة التي تمتص الغازات الضارة مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وتطلق غاز الأكسجين. كما أن الإنسان أيضاً يستخدم العديد من المصادر ويقوم بالعديد من الأنشطة الملوثة للبيئة مثل عوادم السيارات أو الأدخنة المنبعثة من المصانع وغيرها. من أثار التغير المناخي أيضاً هو أنه بمرور الوقت ومع استخدام التكنولوجيا العديد من الأفراد قاموا بتغيير استخدامهم للأرض حيث إنهم اهتموا أكثر بالتوسع العمراني والصيد المفرط والتصحر فتم إهلاك الأرض غير أن الأفراد يستخدمون مصادر الطاقة غير المتجددة. كل هذه الظواهر كانت سبباً في تغير المناخ وحدوث ارتفاع في مستوى سطح البحر وتغير شديد في درجات الحرارة وتلوث للبيئة المحيطة بالأفراد مما يؤثر عليهم بالسلب على حياتهم بشكل خاص وعلى كافة مجالاتهم بشكل عام. ذلك التغير يزيد من احتمالية حدوث العديد من الكوارث الطبيعية كالفيضانات والأعاصير وغيرهم من الكوارث التي تهدد حياة الإنسان وحياة جميع الكائنات على الكرة الأرضية.[19]

ثانياً: – الأمن الإنساني

حظى مفهوم الأمن الإنساني محل اهتمام كبير من قبل الباحثين خاصة بعد بروز ظاهرة تغير المناخ وتأثيراتها السلبية على حياة البشر وتهديدها لأمن الأفراد على الكرة الأرضية وحدوث العديد من الأزمات الذى هددت حياة البشر ولكن هذا لا يُعنى أن مفهوم الأمن الإنساني هو مفهوم حديث وإنما هذا المفهوم تم ذكره قبل الحرب الباردة ولكن مع تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 1994 تم الحديث عن الأمن الإنساني بصورة أكثر انتظاما ومازال يعملون بها حتى الان حيث أنهم ذكروا مفهوم الأمن ضمن مفهوم التنمية بمعناها الواسع، ولذلك أصبح هناك دعوة للحفاظ على الأمن الإنساني ليكون مكملاً لمفهوم الأمن التقليدي حيث إن الأمن الإنساني يحتاج إلى وسائل أخرى أكثر تطوراً وابتكاراً من وسائل الأمن التقليدي حيث يوجد مدرستان اختلفا في تعريفهم للأمن الإنساني و هما:-

التعريف الاصطلاحي[20]

تعريف المدرسة الذي أخذت بالمعنى الواسع للأمن الإنساني: – قامت هذه المدرسة بتعريف الأمن الإنساني على أنه يشمل العديد من السياسات مثل الصحة والبيئة والتنمية والسلام وحقوق الإنسان أي أنها لم تركز على جانب واحد من المخاطر التي تحيط بالفرد، بل أنها كانت تهدف إلى تناول هذه الظاهرة ومعالجتها من جذورها ومن كافة جوانبها. كما أن هذه المدرسة أن نتائج الكوارث الطبيعية من فقر وجوع وأمراض هي بمثابة تهديد لأمن الأفراد يرتقي إلى تهديد العنف المسلح.

تعريف المدرسة الذي أخذت بالمعنى الضيق للأمن الإنساني: – ركزت هذه المدرسة بشكل أكبر على الممارسات العنيفة والنزاعات المسلحة وانتهاكات لحقوق الإنسان ومعاملته بطرق عنيفة وتعسفية ومن أنماط هذه الممارسات العنيفة الإتجار بالبشر والعنف الجنسي والألغام الأرضية وغيرها من المخاطر التي تهدد حياة البشر.

المدرستان عرفا الأمن الإنساني، ولكن كان كلا منهما طريقته الخاصة لعرض المفهوم علاوة على أنصار كل مدرسة حيث يدافعون وبقوة عن اهتماماتهم ويحاولون نشر أفكارهم.

تعريف الأمم المتحدة: عرفت الأمم المتحدة الأمن الإنساني وربطته بشكل مباشر بمفهوم التنمية وحقوق الإنسان حيث أصدرت في تقريرها ” لا سبيل لنا للتمتع بالتنمية من دون الأمن ولا بالأمن من دون التنمية ولا نتمتع بأي منهما من دون احترام حقوق الإنسان “.

تجد الباحثتان أن الأمم المتحدة بما أنها تدافع بالدرجة الأولى عن حقوق الإنسان فهي ربطت الأمن الإنساني بالمقام الأول بحقوق الإنسان أي أن الأمن الإنساني يتحقق من خلال الاهتمام والاعتراف بحقوق الإنسان أولاً وبدونها لا يوجد أمن إنساني أو تنمية.

هناك تعريف أخر للأمن الإنساني جاء في المواثيق الدولية: – هو أن الأمن الإنساني يهدف بالدرجة الأولى إلى حماية الأفراد العاديين داخل الدولة من أي خطر يمكن أن يهدد حياتهم أو ينتهك حقوقهم سواء حقهم في العيش الأمن والمستقر أو حقهم في غذاء مناسب ومياه نظيفة وحمايتهم من الأمراض أو الممارسات العنيفة وأن ذلك كله لن يتحقق إلا من خلال تكاتف الجهود وقيام المؤسسات العليا في الدولة بتوفير الأمن لأفرادها أي أن الدولة تكون عامل مهم وأساسي في تحقيق الأمن الإنساني.

التعريف الإجرائي

إن الأمن الإنساني له العديد من الأبعاد والمظاهر تتمثل في البعد السياسي، البعد الصحي، البعد الغذائي، البعد البيئي، البعد المجتمعي والبعد الشخصي والبعد الاقتصادي وكل هذه الأبعاد هي أبعاد متداخلة أي أن أي خلل في أي بعد منهما يؤدى إلى خلل في البعد الأخر وبما أن الباحثتين تربط الأمن الإنساني بالتغير المناخي فالتغير المناخي كان سبباً واضحاً وكبيراً في تهديد الأمن الإنساني سواء في الصحة عن طريق تلوث الهواء الذى يعد سبباً رئيسياً في إصابة الإنسان بالعديد من الأمراض سواء التنفسية أو الخاصة بالقلب والأوعية الدموية، أو في البعد الغذائي حيث أن الممارسات الخاطئة للأفراد من تكثيف الزراعة وكثرة الصيد من شأنه أن يؤدى إلى نقص الغذاء وأيضا مع التطور التكنولوجي يمكن أن يحدث تجريف للتربة وغيرها من التهديدات البيئية مما ينتج عن التغير المناخي من أثار سلبية تهدد حياة البشر والتي تصل خطورتها في أنها يُمكن أن تخفى مدناً كاملة، وبالتالي الأمن الإنساني حتى يقوم الفرد بالاستدلال عليه فهو عكس الخوف من الحاجة أو الخوف من الجوع أو من المرض وبالقضاء على هذا الخوف يتحقق الأمن.[21]

ثالثاً: – الدبلوماسية المناخية

الدبلوماسية المناخية ظهرت كمفهوم حديث حيث أن الدبلوماسية قديماً كانت تقتصر على إرسال مبعوثين للدول من أجل تعزيز العلاقات بين الدول وتقليل الحروب قدر الإمكان وحماية المصالح السياسية إلا أن الان ومع الأزمات البيئية وما يتعرض له المناخ من تغيرات سلبية هددت كافة الأبعاد الأخرى الاقتصادية والأمنية والاجتماعية ظهر ما يُعرف بالدبلوماسية المناخية التي فرضت نفسها وبقوة على الساحة العالمية حيث أصبحت التهديدات البيئية عابرة للحدود وزادت مشكلات التدهور البيئي حول العالم وبالتالي أصبحت الدبلوماسية المُناخية حلاً وظاهرة واضحة استخدمتها مُعظم الدول لإيجاد حل للتغيرات المُناخية، كما أن القانون الدولي تطور وأصبح هناك اتفاقيات مُلزمة خاصة بالدبلوماسية البيئية حتى صدور اتفاقية باريس عام 2015 والتي كانت أكثر تحديداً وأصدرت مفهوم الدبلوماسية المناخية.

التعريف الاصطلاحي

من مظاهر تحقيق الدبلوماسية المناخية هي قيام العديد من الدول بممارسة هذه الظاهرة عن طريق إرسال مبعوث من دولتها لكي يكون ممثلاً لها في القضايا البيئية والمناخية لدى الدول الأخرى واستخدام المناخ كأداة من أجل تحقيق مصالح الدول بما أن تغير المناخ أصبح قضية لا يمكن تجاهلها، بل أنها أصبحت من أهم القضايا التي لا تشغل فقط دولة بعينها، بل تشغل العالم كله لما لها من أثر سلبي أصبحت هذه القضية أكثر تعقيداً مما جعل مفهوم الدبلوماسية المناخية يبرز سواء دبلوماسية ثنائية أو متعددة الأطراف. لا يوجد تعريف محدد للدبلوماسية المناخية وإنما يمكن أن نطلق عليها بأنها تجعل القضايا الخاصة بالمناخ ذات الأولوية مع شركائها في الدول الأخرى وخاصة في الحوارات الدبلوماسية، كما أن الدبلوماسية المناخية أيضاً يمكن تعريفها كأداة للضغط على الرأي العام من أجل تغيير قوانين أو تنظيمات معينة من شأنها إحداث تلوث بيئي. يمكن تعريفها أيضاً كأداة من أدوات القوة الناعمة ويمكن استعمالها بشكل استباقي وتسخير الجهود والطاقات من أجل وقف أي خطر يهدد الأمن البيئي. هناك من يعرفها بأنها ” حراك سياسي مدعوم مالياً ومعنوياً من أجل تفعيل قرار سياسي يحول دون وصول الخطر الافتراضي إلى الخطر الفعلي“. وبالتالي فإن دبلوماسية المناخ تحتاج إلى جهود علمية وتكتيكية لكي يتم معالجة القضايا التي تهدد الأمن الإنساني وتؤثر سلباً على البيئة، ولذلك يمكن القول أن الدبلوماسية المناخية تجمع في داخلها دبلوماسيات أخرى كدبلوماسية المساعدات والتي تبرز من خلال مساعدة الدول المتقدمة للدول النامية لكى تتغلب على مشكلات المناخ والدبلوماسية الوقائية وذلك من خلال تعزيز الشراكة بين الدول للحفاظ على البيئة من الممارسات الخاطئة والدبلوماسية الشعبية وذلك برزت في الأمثلة التي تم ذكرها في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة والتي استخدمت الدبلوماسية المناخية في إقناع الشعب الأمريكي ببرنامجي ترامب وبايدن الانتخابي.[22]

التعريف الاجرائي

   مصر: فاهتمت أيضاً بقضية الدبلوماسية المناخية وعرفتها بأنها أحد القضايا المهمة التي يجب الارتكاز عليها من أجل زيادة مكاسب الدولة المصرية وخاصة أن مصر تواجه مشكلة سوف تؤثر تأثيراً سلبياً على البيئة وعلى حقوق الإنسان أيضاً وهي مشكلة سد النهضة الأثيوبي بسبب مشكلة الألغام الموجودة في الصحراء الغربية والتي تمنع مصر من التمتع بحقوقها في التنمية.

مع أزمة كورونا أيضاً والذي صُنفت كأزمة وبائية بيئية حدثت نتيجة اختلال بالتوازن البيئي وبالتالي تم القيام بعمل العديد من الاتفاقيات والشراكات بين دول مختلفة من أجل تكاتف جهودهم في الوصول إلى حل لهذه المشكلة سواء في تضامنهم للحصول على مصل أو لتبادل الخبرات لكي يجدوا حلولاً وقائية والعمل على عدم ظهور أوبئة جديدة وهذا يعتمد بشكل أساسي بالحفاظ على البيئة من التلوث.[23]

تاسعاً: – تقسيم الدراسة

وفقاً لموضوع البحث يمكن تقسيم الدراسة الى عدد من الفصول والمباحث لتجب على كل ما يتعلق بموضوع التغير المناخي والامن الإنساني

فالفصل الأول يتناول الحديث عن التغير المناخي وأثره على الامن الإنساني

وينقسم الفصل الأول إلى 3 مباحث فالمبحث الأول يناقش أسباب التغير المناخي، المبحث الثاني عن التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، المبحث الثالث تأثيرات التغيرات المناخية على النوع الاجتماعي.

الفصل الثاني يتناول الحديث عن دور الدبلوماسية المناخية في مواجهه آثار ظاهرة التغيرات المناخية

وينقسم الفصل الثاني إلى مبحثين أساسيين فالمبحث الأول يتناول الحديث عن نشأة وتطور مفهوم الدبلوماسية المناخية، وكيفية قيام الدول سواء المتقدمة منها والنامية بتطبيق الدبلوماسية المناخية، المبحث الثالث يتناول الحديث عن مشاركة المجتمع المدني والمؤسسات الأخرى وضغط صناع القرار على الدولة وتقييم نجاح أو فشل الدبلوماسية المناخية في تحقيق أهدافها.

الفصل الثالث يتناول الحديث عن دور الأمم المتحدة في مجابهة آثار ظاهرة التغيرات المناخية

ينقسم الفصل الثالث ينقسم الي مبحثين اساسيين، المبحث الأول يتناول الحديث عن جهود منظمة الأمم المتحدة فيما يتعلق بقضية المناخ وحقوق الإنسان واهم الاتفاقيات والأجهزة الدولية المعنية بظاهرة التغير المناخي، المبحث الثاني يتناول الحديث عن نتائج ومخرجات منظمة الأمم المتحدة فيما يتعلق بقضية التغيرات المناخية.

الفصل الأول “التغير المناخي وأثره على الامن الإنساني”

المبحث الأول: – أسباب التغير المناخي

ظاهرة التغيرات المناخية والتي ظهرت بشكل واضح نتيجة الاختلال في المعادلة الطبيعية لتغير المناخ والتي تكمن في الخلل الظاهر في كمية الغازات المتصاعدة من الأرض للغلاف الجوي والعكس حيث إن هذه الظاهرة أصبحت بما يشبه حرب على البشرية وأثارها السلبية أصبحت عابرة للحدود وبالتالي فهي مشكلة عالمية تؤثر على السلم والأمن الدوليين. زيادة نسبة الغازات الدفيئة كانت سبب رئيسي في تبلور هذه الظاهرة. يرجع بروز ظاهرة تغير المناخ إلى عدة أسباب منها طبيعية لا دخل للإنسان بها وأسباب بشرية توضح الخلل الذي أحدثه الإنسان في الطبيعة وأدى إلى تفاقم هذه الظاهرة.

    أولاً: الأسباب الطبيعية لحدوث ظاهرة تغير المناخ: زيادة نسبة الغازات الدفيئة، ولكن مصدر هذه الغازات يكون من إحدى الظواهر الطبيعية مثل الغازات الدفيئة التي تتصاعد من ثورات البراكين. كما يوجد العديد من الظواهر الطبيعية الأخرى مثل العواصف الترابية في المناطق الجافة وشبه الجافة والتي تعتبر من أكثر الملوثات البيئية نظراً للأتربة التي تظل عالقة في الهواء كما أن هذه المناطق لم يكن لديها مساحات مزروعة تقلل من الغازات الدفيئة التي تصعد إلى الغلاف الجوي مثل غاز ثاني أكسيد الكربون. كما أن هناك أيضاً ظاهرة طبيعية ينتج عنها أثار سلبية على البيئة وهى ظاهرة البقع الشمسية ورغم أن هذه الظاهرة تحدث كل 11 عاماً ولكن تكمن أثارها السلبية في أنها تعمل على زيادة الإشعاعات والطاقة الحرارية الصادرة من الشمس والتي قد تؤدى أيضاً إلى انفجار بعض النجوم وهذا ينتج عنه ما يُسمى بالكربون المُشع ومن ثم فالإشعاع الشمسي يُعد سبب طبيعي ومهم لظاهرة التغيرات المناخية فالتفاوت بين الإشعاع الشمسي الخارج من الأرض والإشعاع الشمسي الذى يصل إلى الأرض يُعد خلل في المعادلة الطبيعية للإشعاعات الحرارية ويُغير من التوازن القائم لهذه الإشعاعات وبالتالي تكون سبباً في تفاقم ظاهرة المناخ. ترى الباحثتان أن الزلازل يمكن أن تكون أيضاً أحد الأسباب الطبيعية لحدوث التغيرات المناخية حيث إن ما ينتج عن هذه الزلازل من أثار مُدمرة قد تؤدى إلى القضاء على جزء كبير من المساحات المزروعة وبالتالي يؤثر سلباً على التغيرات المناخية. من الأسباب الطبيعية أيضاً لحدوث ظاهرة التغيرات المناخية هي ظاهرة الاحتباس الحراري حيث إنه من الطبيعي هو أن الأرض تمتص بعض الطاقة والجزء الأخر يتصاعد إلى الفضاء، ولكن هناك غازات تُصدر طاقات منعكسة ومن ثم توجهها إلى الأرض وبالتالي هذه الظاهرة تؤثر تأثيراً سلبياً على المناخ.[24]

من تأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري على البيئة هي ذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر أيضاً فهي ظاهرة طبيعية سوف تؤدى إلى زيادة مستمرة في درجة حرارة المحيطات الاستوائية حيث إنه من المتوقع أن يخلو القطب الشمالي من الجليد. كم أن ظاهرة الاحتباس الحراري أيضاً قد تؤدى إلى زيادة الأعاصير المدارية في المحيط الأطلسي والذي بدورها قد تنتشر هذه الأعاصير إلى كل العالم. يؤدى الاحتباس الحراري أيضاً إلى التأثير على النظم البيئية والتنوع الحيوي من خلال التأثير على الكائنات الحية سواء البحرية أو التنوع الحيوي للنباتات وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري.

هناك أيضاً مجموعة من الغازات الطبيعية والتي أدى التغير في نسبتها إلى بروز ظاهرة التغيرات المناخية.

من أهم هذه الغازات هو غاز ثاني أكسيد الكربون والذي زادت نسبته بدرجة كبيرة في الآونة الأخيرة سواء من مصادر طبيعية كالبراكين أو من احتراق الوقود الأحفوري الناتج عن الأنشطة البشرية. هناك أيضاً غاز بخار الماء هو غاز دافئ وتصاعد بشكل كبير مع ارتفاع درجات الحرارة. من الغازات الأخرى التي تؤثر على البيئة هو غاز الميثان والذي يتعلق بالحيوانات حيث ينتج من هضم الطعام للحيوانات وأيضاً ينتج عن تحلل النفايات هو غاز هيدروكربوني ومؤثر فعال على البيئة. غاز الكلوروفلوروكربون هو غاز مُركب ويتضح تأثيره بشكل أكبر على طبقة الأوزون. غير هذه الغازات يوجد أيضاً مجموعة من الظواهر الطبيعية التي تؤثر سلباً على المناخ وهي العواصف والأعاصير وغيرها من الظواهر الطبيعية الأخرى.

    ثانياً: – الأسباب الاصطناعية لتغير المناخ: المناخ بالرغم من أن تأثيراته السلبية نال منها الإنسان بشكل أكبر وكان بمثابة حرب على البشرية وهم أكثر من تلقوا الضرر من هذه الظاهرة إلا أن الإنسان كان هو العامل الأكبر في بروز وتبلور هذه الظاهرة من خلال الممارسات الخاطئة للأنشطة البشرية والتي أدت إلى تفاقم المشكلة. من الممارسات الخاطئة الذي يقوم بها الإنسان في بيئته هي قطع الأشجار وإزالة الغابات والذي يؤدى بدوره إلى زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون ويؤدى إلى تلوث الهواء وهذا يصيب الأفراد بالعديد من الأمراض التنفسية الخاصة بالقلب والأوعية الدموية وغيرها من الأمراض الذي قد تؤدى إلى زيادة عدد الوفيات. قيام الأفراد أيضاً بإنشاء العديد من المصانع والذي تُصدر انبعاثات ضارة للبيئة وقد تكون هذه المصانع بجوار مناطق سكنية وهذا يجعلها لا تؤثر على البيئة فقط، بل على من يعيشون بها أيضاً. من أكثر الأسباب بروزاً هي ظاهرة الازدحام المروري فالعوادم التي تصدر من السيارات تكون مُلوثة للهواء بدرجة كبيرة وتؤثر سلباً على البيئة. أيضاً التخلص من النفايات الإلكترونية بصورة خطأ تجعل الإشعاعات الصادرة منها تؤثر بشكل سلبي على البيئة. كما أن التخلص من النفايات عن طريق إلقاءها في المياه سواء مياه البحار أو الأنهار تُلوث البيئة بشكل كبير كما أنها تسبب الأمراض للأفراد وبالتالي فهي سبب واضح في ظاهرة التغيرات المناخية. من الأسباب الاصطناعية أيضاً هو استخدام الأفراد للطاقة غير المُتجددة والذي تكون سبباً رئيسياً في تلوث البيئة مثل الوقود الأحفوري الذي أصبح مصدراً رئيسياً للطاقة في العديد من الدول.[25]

من المقترحات لحل هذه المشاكل والقضاء على الأسباب التي أدت إلى بروز ظاهرة التغيرات المناخية:

أن تُزيد الدول من جهودها في عمل العديد من المبادرات وخاصةً أن يكون هدفها الأساسي هو زيادة وعى المواطن بأهمية البيئة الذي يعيش بها وللقضاء على كافة الأسباب الاصطناعية وذلك من خلال زيادة المساحات المزروعة وهذا حل مناسب لأكثر من مشكلة حيث أن زيادة المساحات المزروعة سوف تُقلل من غاز ثاني أكسيد الكربون والذى يُعد سبباً أساسياً في تلوث الهواء وإصابة الإنسان بالإمراض التنفسية. أيضاً يمكن القضاء على مشكلة الازدحام المروري وعوادم السيارات عن طريق حل هذه المشكلة من جذورها من خلال القيام باستخدام الدراجات بشكل أكبر والعمل على تصنيع سيارات تعمل بالغاز الطبيعي بدلاً من البنزين. يجب أيضاً الحفاظ على المياه من التلوث حيث إنها أساس الحياة وعنصر مهم من عناصر التوازن البيئي وذلك من خلال العمل على تنقية المياه وأن توجد عقوبة لأي فرد يقوم بإلقاء المخلفات في مصادر المياه وأن يتم استحداث مصادر جديدة للمياه منها بناء السدود لتخزين مياه الأمطار وحفر الآبار. أيضاً من الضروري التخلص من النفايات بصورة صحيحة حتى تكون مصدر من مصادر الحفاظ على البيئة وليس تلويثها وذلك من خلال تقسيم المخلفات مجموعات تتشابه فيما بينها من حيث الخصائص حتى يكون من السهل إعادة تدويرها. كل هذه المقترحات لا تقتصر على الفرد فقط وإنما للدولة أيضاً دور كبير في تنفيذ هذه المقترحات من خلال القوانين التي تُصدرها وتنفيذ العقوبات لكل من يساهم في تلوث البيئة كما أنها لها دور كبير أيضاً في بناء المشاريع لحماية البيئة من التلوث وأن توصل للمواطنين أهمية الحفاظ على البيئة بطريقة بسيطة وسهلة ومن خلال وسائل الإعلام المرئية بحكم أنها من أكثر الوسائل تداولاً بين المواطنين.[26]

المبحث الثاني: – التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية

اولاً: – تأثير التغيرات المناخية على الأمن الغذائي

مؤشرات التغيرات المناخية التي حدثت في الآونة الأخيرة من موجات جفاف شديدة وأعاصير وموجات حر غير مسبوقة جعلت هذه الظاهرة عالمية وجعلتها على رأس القضايا التي تشغل العالم بأكمله حيث إن نتائجها وأثارها السلبية عانت منها كافة الدول وتسببت في حدوث مجاعات نظراً لتأثيراتها السلبية على الإنتاج الزراعي. الزيادة المتوقعة في درجات الحرارة سيؤدى إلى تغير نمطها الموسمي والذي سيؤدى بدوره إلى نقص في الإنتاج الزراعي لبعض المحاصيل التي تنمو في درجة حرارة مُعينة. يتأثر الإنتاج الزراعي بعدة أسباب منها الإجهاد الحراري بمعنى أن ارتفاع درجات الحرارة قد يؤدى إلى انخفاض في إنتاج محاصيل أساسية ومهمة مثل محصول الأرز وذلك طبقاً لمعادلة مهمة وهي” أن زيادة درجة الحرارة درجة مئوية واحدة فوق 24 درجة قد تؤدى إلى انخفاض بنسبة 10% من محاصيل الحبوب “. السبب الثاني هو الإجهاد المائي وهذا السبب يحوي بداخله العديد من المشكلات الأخرى المرتبطة به وذلك نظراً لأهمية الماء بشكل عام وأهميته بالنسبة لزراعة المحاصيل بوجه خاص. الماء يُعد هو الروح بالنسبة للنباتات ومن المهم أيضاً أن يكون بنسبة معتدلة أي أن الزيادة في كمية الماء الذي يحتاجها المحصول تُشكل ضرراً بالنسبة له وذلك لأن زيادة معدل هطول الأمطار والفيضانات سيؤدى إلى غرق التربة ونقص من نسبة إنتاجها للمحاصيل. كما أن النقص في كمية المياه وطول موجات الجفاف سوف يؤثر على إنتاج العديد من المحاصيل والذي يمكن أن يصل إلى حد اختفاء هذه المحاصيل نتيجة للتصحر الذي سوف يحدث نتيجة لموجات الجفاف. من أكثر الدول التي تأثرت بهذه التغيرات المناخية وخاصة نقص إنتاج محصول الأرز هي الولايات المتحدة الأمريكية وقارتي أسيا واستراليا. أما الثروة الحيوانية كمصدر مهم للغذاء فلن تسلم من الأثار السلبية للتغيرات المناخية حيث إن الزيادة الكبيرة في درجات الحرارة سوف تؤدى الى موت العديد من الحيوانات عند انتقالهم من مكان لأخر وبالتالي هذا سوف يؤثر بطريقة سلبية على تجارة الماشية. هذه الأسباب سوف تؤدى إلى وجود العديد من التحديات التي تخص الأمن الغذائي العالمي. حيث إن الانخفاض في إنتاج المحاصيل أو تجارة الماشية وأيضاً صيد الأسماك حيث إن زيادة منسوب مياه البحار سوف يؤثر على الثروة السمكية وبهذا تكون التغيرات المناخية لم تؤثر على مصدر واحد من الغذاء وإنما على مصادر مُتعدد والتأثير السلبي على هذه المصادر يجعلها أيضاً تتعرض إلى تقلبات في الأسعار نتيجة لنقص إنتاجها. أيضاً زيادة تكاليف الإنتاج سوف تؤدى إلى زيادة أسعار المواد الغذائية مثل أن زيادة أسعار الأعلاف سوف يؤدى بدوره إلى نقص في الثروة الحيوانية. من الممكن أيضاً أن تتغير خريطة الأمن والإنتاج الغذائي في العالم حيث إن مناطق الإنتاج الزراعي والحيواني من الممكن أن تنتقل إلى أماكن أخرى في العالم تكون أكثر تكيفاً ومرونة مع التقلبات المناخية وبالتالي يختلف ميزان القوى العالمي.[27]

من المقترحات لحل أزمة الأمن الغذائي في العالم هي: –

أولاً: – أن يكون لدى الدول الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية القدرة على ابتكار خطط وإستراتيجيات لتكون أكثر تكيفاً مع التغيرات المناخية وأن يكون لديها خطط وقائية من خلال اتخاذها للتدابير اللازمة للحاق بالضرر قبل وقوعه.

ثانياً: – أن الدول بشكل عام والدول المستوردة بشكل خاص تحاول أن تحسن من استخدامها للتكنولوجيا والآلات الحديثة لكي تكون قادرة على تخزين الموارد بصورة صحيحة والتقليل قدر الإمكان من حدوث أخطاء في عملية التخزين تُحمل الدول العديد من الخسائر.

ثالثاً: حدوث تعاون بين العديد من الدول المختلفة لكي يكونوا أكثر قوة وأكثر قدرة على استغلال الإمكانيات المادية الموجودة في العديد من الدول الكبرى مثل المراكز المالية العالمية والدعم المعنوي الذي يوجد في قوة التعاون بين هذه الدول وخاصة الدول النامية التي سوف تكون أكثر حاجة إلى هذا التعاون لكي تكون قادرة على التكامل في إمكانياتها من خلال تبادل الخبرات ووسائل الإنتاج المختلفة.[28]

ثانياً: – تأثير التغيرات المناخية على الأمن الصحي

يتعلق تأثير التغيرات المناخية على الأمن الصحي بشكل عام وخاصة ما ينتج عن هذه التغيرات من تلوث للهواء حيث إن تلوث الهواء سوف تنعكس أثاره السلبية بشكل مباشر على صحة الإنسان وتزيد من انتقال العدوى والفيروسات. من أكثر الفيروسات والأمراض الذي سوف يسببها تلوث الهواء هي الأمراض الخاصة بالجهاز التنفسي مثل أمراض الربو والقلب حيث إن زيادة درجة الحرارة واستخدام الوقود الأحفوري في العديد من الصناعات أدى إلى ظهور العديد من الاعتلالات قد تؤدى إلى الوفاة مثال على ذلك وفاة 44000 نسمة خلال موجة الحر الشديدة الذي اجتاحت أوروبا في ذلك الوقت يتأثر الفرد أيضاً بما يخلفه التأثير السلبي للمناخ من قلة المياه والتغذية حيث إن موجات الجفاف أو البراكين أو غيرها من الكوارث الطبيعية سوف تؤثر على صحة الإنسان بشكل مباشر سواء عن طريق الغذاء الملوث الذي يصل إليه أو مياه الشرب المُلوثة والذي تسببت في زيادة نسبة العديد من الأمراض مثل الملاريا والإسهال حيث أن سوء التغذية كانت سبب في وفاة العديد من الأشخاص.

القطاعات الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية السلبية والأكثر عرضة للأمراض هم الفئات الموجودة في المناطق الأكثر تهميشاً والقطاع الصحي لديهم من بنى تحتية واهتمام بالتوعية الصحية متدهور وأيضاً الأشخاص الأكثر حساسية بتغيرات المناخ هم الأشخاص في ضعفاً ويكونوا أكثر عُرضة لهذه الأمراض وهم الأطفال والشيوخ والعجزة ومن يُعانون من أمراض مزمنة والأقليات التي تُعانى من التهميش والحرمان والمهاجرون والمشردون وأصحاب المناطق الفقيرة.

صحة الفرد مرتبطة بالبيئة الذي يعيش بها فإذا كانت هذه البيئة تُعانى من العديد من المشكلات والأثار السلبية فمن الطبيعي أيضاً أن يكون الإنسان متأثراً تأثيراً مباشراً بكل هذه المشكلات والتغيرات السلبية التي تحدث من حوله من جفاف وأعاصير وكوارث طبيعية وزيادة كبيرة في معدلات درجة الحرارة. على الرغم من رصد الأمراض الذي أصابت الإنسان من التغيرات المناخية السلبية إلا أنه لا يمكن رصدها بشكل دقيق ومحدد وعلمي. من المنطقي أيضاً عدم قدرة الدول على توقف هذه التغيرات أو تقليل الانبعاثات الحرارية بشكل مفاجئ ولذلك يجب أن تتعامل الدول بحكمة مع هذه الظاهرة وأن يكون لديها قدرة على التكيف مع هذه التغيرات ومحاولة تقليل تأثيراتها السلبية قدر الإمكان.

من المقترحات لحل مشكلة الأمن الصحي: –

أولاً: – أن يكون هناك إستراتيجيات وخطط دولية من أجل تقليل استخدام الوقود الأحفوري والزيادة من استخدام مصادر الطاقة النظيفة وذلك من أجل التخفيف من تلوث الهواء والتقليل من الأمراض التنفسية وتحسين نفسية الفرد وتشجعيه على القيام بالرياضات المختلفة كالمشي والركض وزيادة النشاط البدني وحقه في أن يتنفس هواء أكثر نقاءً.

ثانياً: – أن يتم عمل ندوات أو مبادرات لتثقيف الأفراد صحياً ولزيادة وعيهم بالأمن الصحي حيث إن ذلك سوف يساعد الدولة كثيراً على التغلب على هذه التأثيرات لأن المواطنين هم سبب أساسي ورئيسي في حدوث التغيرات المناخية من خلال استخدام الطاقة غير النظيفة وحدوث الثورة الصناعية وتلويث المياه وغيرها من الممارسات البيئية الخاطئة فإذا قامت الدول بزيادة وعى أفرادها سوف يكونوا قد قضوا على سبب أساسي من أسباب تغير المناخ.

ثالثاً: – أن يكون هناك استثماراً بمجال الصحة بمعنى الاهتمام بالنظم الصحية لمواجهة التغيرات المناخية وذلك من خلال الاهتمام بالبنى التحتية الصحية المختلفة مثل المستشفيات والمراكز الصحية وأت تكون هذى القطاعات جاهزة دائما للتكيف مع ظروف التغيرات المناخية وقادرة على استقبال المرضى ومعالجتهم وأن تكون جاهزة أيضاً لأي حالات طوارئ قد تحدث في الدولة وتعزيز النظم الصحية وتقديم الاستجابات المناسبة في الوقت المناسب.

رابعاً: – تعزيز التنمية الصحية واشتراك الدولة مع العديد من الجهات والمنظمات العالمية الأخرى المتعلقة بالاهتمام بالصحة العالمية والاستخدام الأمثل للموارد والحفاظ على الأغذية وموارد المياه من التلوث حتى يتم استثمار هذه الأدوات في تحسين الصحة وتعزيز الشراكات مع الدول والمنظمات الأخرى المعنية بالمناخ من أجل التعاون لحل هذه الأزمة لأن الاستثمار في صحة الإنسان هو أفضل استثمار لأي دولة.

ثالثاً: – التغير المناخي وأثره على التنوع الايكولوجي

تعتبر المحيطات من النظم الايكولوجية الصديقة للبيئة لقدرتها على تحمل وطأة آثار الاحتباس الحراري الذي يسببه الانسان خاصة في ظل التقدم الصناعي الهائل التي احدثته الدول المتقدمة والصناعية الكبرى ولذلك تمتص المحيطات الحرارة الزائدة والطاقة المنبعثة من ارتفاع غازات الاحتباس الحراري المحصورة في الأرض حيث تمتص المحيطات حوالى 90% من الحرارة الناتجة عن ارتفاع الانبعاثات، حيث أفادت منظمة الأمم المتحدة ان الحرارة الزائدة و الطاقة المفرطة أدت إلى ارتفاع في درجة حرارة المحيطات مما يسبب تأثيرات غير مسبوقة على النظم الايكولوجية البحرية بالإضافة الى كل من تبوأ المناطق الساحلية او بالقرب منها والتي تمثلت في ذوبان الجليد، ارتفاع مستوي سطح البحر، موجات الحر البحرية وتحمض المحيطات، علاوة على تأثرها بسبل العيش لكل من يقطن في المناطق الساحلية الذين تقدر نسبتهم الى 680 مليون شخص يعيشون في المناطق الساحلية المنخفضة وحوالي 2 مليار يعيشون في المناطق في المناطق الساحلية الكبرى في العالم وهو ما يقرب من نصف سكان العالم، كما يعتمد 3.3 مليار على الأسماك للحصول على البروتين و 60 شخص يعتمدون على مصايد الأسماك وقطاع تربية الاحياء المائية في جميع انحاء العالم.[29] وانطلاقاً مما سبق ذكره سوف نستعرض أبرز العواقب التي تؤثر على المحيطات بسبب ظاهرة التغيرات المناخية ما يلي: –

  • تؤدي التجارب النووية التي تقوم بها الدول المتقدمة الكبرى في القطب الشمالي الى ذوبان الجليد في المناطق القطبية مما يؤدي الى تسارع ارتفاع مستوي سطح البحر في الآونة الأخيرة، حيث اشارت البيانات الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية الى وصول متوسط مستوي سطح البحر العالمي الى مستوي قياسي جديد في عام 2021 حيث ارتفع بمعدل 4.5 ملم سنوياً خلال الفترة من 2013 الى 2021، ناهيك عن الأعاصير المدارية الشديدة والتي قد تؤدي الي موت كثير من البحارة وغرق السفن والمراكب الشراعية اثناء طوفهم في المحيط حيث أدى ارتفاع مستوي سطح البحر إلى تفاقم عدة ظواهر مثل العواصف المميتة والمخاطر الساحلية كالفيضانات والتعرية والانهيارات الأرضية والتي من المتوقع ان تحدث مرة واحدة على الأقل سنوياً في عدد من الدول، كما ان غرب المحيط الهادي الاستوائية وجنوب غرب المحيط الهادي وجنوب غرب المحيط الهندي وجنوب المحيط الأطلسي كل هذه المناطق تواجه ارتفاعاً اسرع في مستوى سطح البحر حسب ما أفادت به الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
  • تؤكد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ان التأثير البشري تسبب في ارتفاع موجات الحر البحرية فقد حدثت غالبية موجات الحر في الفترة بين 2006 الى 2015 مما تسبب في ظاهرة ابيضاض الشعب المرجانية بل وتدهورها على نطاق واسع، فقد تعرض ما يقرب من 60% من سطح المحيط في العالم إلى موجات حر بحرية شديدة في عام 2021، حيث يفيد برنامج الأمم المتحدة للبيئة انه مع زيادة استمرار المياه في الارتفاع فأن كل واحدة من الشعوب المرجانية في العالم ستبيض بحلول نهاية القرن و يحدث الابيضاض نتيجة الى ما تفقده الشعاب من طحالب مجهرية و التي تحافظ على حياتها تحت الضغط فقد انتشرت ظاهرة الابيضاض العالمية الأخيرة عبر المحيط الهادي و الهندي و الأطلسي من 2014 الى 2017.
  • الظاهرة الأخيرة تتمثل في فقدان التنوع البيولوجي البحري بسبب ارتفاع درجات الحرارة خاصة الاضرار التي لحقت بأشجار المانغروف والشعاب المرجانية تلك التي تدعم الحياة في المحيطات، كما لا يمكننا التغافل عن ظاهرة هجرة أنواع بحرية عديدة إلى خطوط العرض والارتفاع العليا بحيث تكون المياه اكثر برودة ولذلك تحذر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ان اكثر الكائنات البحرية الحية مهددة بالانقراض بحلول 2100 وذلك عندما ترتفع متوسط درجة الحرارة الى 1.1 درجة مئوية، ولكننا نرى بالفعل ان 60% من الكائنات البحرية قد تدهورت بالفعل بسبب التجارب النووية للدول الكبرى في المحيطات حيث يتم استخدام المحيطات بطريقة غير مستدامة لتحقيق مصالحهم الشخصية والقومية على حساب البيئة، علاوة على ان الاحترار العالمي قد يهدد بتدمير 70 الى 90% من الشعاب المرجانية وذلك بمقدار 1.5 درجة مئوية وتعني الزيادة بمقدار درجتين مئويتين مما يعني خسارة ما يقرب من 100% من الكائنات البحرية.[30]

رابعاً: – العواقب التي قد تؤثر على الثروة الحيوانية بسبب التغير المناخي

لا يمكننا إنكار أهمية الثورة الحيوانية حيث تعد المصدر الرئيسي للغذاء في العالم فهي تدعم أكثر من 750 مليون شخص من افقر الناس في العالم وتساهم بشكل أساسي في تحقيق التنمية المستدامة في القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي والتقليل من حدة الجوع والفقر، وبالرغم من أهميتها إلا انها تتعرض أيضا للتدهور بسبب ما يسببه تغير المناخ من أثار مدمرة لصحة الحيوان مما يؤدي الى ارتفاع وتيرة الامراض الحيوانية والتي قد تنتقل للبشر بوسائل متعددة وخاصة في المناطق الريفية في الدول المتقدمة والنامية مما يجعل السيطرة على هذه الامراض اكثر صعوبة، ومن هنا نرى ان للتغير المناخي آثار مباشرة وغير مباشرة على الثورة الحيوانية ومن الآثار المباشرة ان للتغير المناخي آثار لا يمكن التنبؤ بها على الاستجابات الفسيولوجية والمناعية لدي الماشية ومن اهم هذه التقلبات الجفاف والحرائق والإجهاد الحراري والطقس والفيضانات، اما غير المباشرة فيمكننا التنبؤ بها إذا اثر المناخ علي إصابة الحيوانات بالأمراض وانتشارها ولذلك من الصعب علينا كبشر ان نسيطر على الإجهاد الناجم عن هذه العوامل التي تسببها البكتريا و الطفيليات وناقلاتها.[31]

ومن المعروف ان الثروة الحيوانية تنتج كميات كبيرة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ولذلك تسعي منظمة الصحة العالمية بالاهتمام بصحة الحيوان حتي تستطيع الدول ان تنتج أكثر نظراً لارتفاع النمو السكاني وارتفاع الدخل والأنماط  الغذائية ومن جهة اخري تسبب انبعاثات اقل لكل وزن من المنتج لان ما تم ملاحظته انه كلما زادت صحة الحيوان كلما زادت مساهمة الحيوان الإيجابية في تحسين الإنتاج وذلك من خلال التبادل وحركة التجارة بين الدول كما انها تسهل الانتقال إلى نظم منخفضة الكربون ولذلك للتخفيف من حدة الآثار يجب التكاتف من اجل التقليل من هذه الظاهرة والتي بدوره تؤدي إلى انتشار مسببات الامراض الحيوانية والتي قد تسيب الإنسان مثل انتشار فيروس اللسان الأزرق في أوروبا وهو مرض وبائي يصيب الأغنام و الابقار ولكنه لا يمثل خطورة على البشر وتتم العدوة عن طريق الحشرات، وحمى الوادي المتصدع في افريقيا وهو مرض فيروسي يُصيب الحيوانات في المقام الأول ولكنه يُصيب البشر أيضا عن طريق أعضاء الحيوانات المصابة وملامسة دم الحيوان وقد ينتقل أيضا للإنسان من خلال لدغات البعوض المصاب، ومرض الخيل الافريقي وهو مرض مميت وينتقل بسهولة بين الخيل والبغال وقد تم استخدامه لأول مرة اثناء الحرب العالمية الأولى ضد روسيا على الجهة الشرقية من قِبل الالمان، بالإضافة إلى فيروس النيل الغربي وداء البلهارسيات.

    ولذلك تجد الباحثتان تداخل كبير بين تأثير المناخ على النظم الايكولوجية المائية والحيوانية فيؤدي نقص الماء بسبب الجفاف الى موت العديد من الكائنات البحرية وأيضا يؤثر على استهلاك المياه بالنسبة للمواشي الذي يعتبر المياه مصدر رئيسي لغذائهم علاوة على انه يعتبر أيضا وسيلة لفقد الحرارة والتبريد عن طريق التبخر وهنا توجد الإشكالية المتمثلة في ان “زيادة درجة حرارة المحيط يزيد من استهلاك الماشية للماء ولكن ارتفاع درجات الحرارة المصحوب بارتفاع الرطوبة يقلل من كميات الماء المستهلكة ويزيد من عدد مرات الشرب التي تحتاجها المواشي”، ناهيك ان ارتفاع درجة الحرارة بشكل مبالغ فيه في المناطق الاستوائية في فصل الصيف قد يؤثر على نمو العجول قبل ولادتها بحيث تكون غريبة وغير متكيًفة مع محيطها وقد ادي ارتفاع درجات الحرارة للنعاج اثناء حملها إلى ولادة حملان صغيرة وهزيلة، كما ان زيادة درجات الحرارة اثاره أيضا على الحيوانات بعد الولادة فقد تؤثر على تؤخر الحيوانات بعد فطامها علاوة على ان حركة الرياح قد تكون ضارة للحيوانات خاصة عند انخفاض درجات الحرارة وارتفاع الرطوبة حيث تتأثر الحيوانات بعدد من التفاعلات الفسيولوجية -كالرضاعة فإنتاج الحليب ليس مقتصر فقط على وجود اعلاف، ولكن أيضا بدرجات الحرارة المرتفعة- والبيوكيميائية فيتأثر الهرمونات -من خلال حدوث خلل في وظيفة الغدد النخامية الامامية مما يؤدي إلى فشل الانجاب بسبب انخفاض إنتاج الهرمونات الجنسية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة- والتفاعلات الإنزيمية فيها.[32]

وانطلاقاً من هذا الأساس جاءت جهود منظمة الأغذية والزراعة بإجراءات وذلك بالتعاون مع الشركاء الإستراتيجيين مثل المنظمة العالمية لصحة الحيوان ومنظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية للطاقة الذرية بدعم مجموعة من البرامج والاستراتيجيات بصحة الحيوان الإقليمية والعالمية من خلال: –

  • الاستراتيجيات الإقليمية بشأن حمى الخنازير الافريقية.
  • الخطة العالمية للاستجابة للأنفلونزا الحيوانية.
  • برنامج مكافحة داء المثقبيات الأفريقي.
  • الاستراتيجية العالمية لمكافحة مرض الحمى القلاعية.
  • الاستراتيجية العالمية لمكافحة واستئصال طاعون المجترات الصغيرة.

ومن خلال تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة يؤكد على مجموعة من المجالات ذات الأولوية التي يجب الاخذ بها لتحسين الامن الغذائي من خلال: – تعزيز البحوث والابتكار والتكنولوجيا من اجل التنبؤ بالمخاطر المستقبلية التي قد تصيب الحيوان وإدارتها بالشكل المناسب، وتعزيز النظم البيطرية الوطنية خاصة مع الدول التي يتزايد فيها معدلات وفاة الحيوانات او اصابتها بالأمراض الفتاكة وتعزيز وتوسيع المنصات و البني التحتية للوقاية في حالات الطوارئ و كيفية موجهتها والاستجابة لها، إشراك القطاع الخاص وتعزيز التعاون الدولي من اجل التحدي لتهديدات المناخ المتعلقة بصحة الحيوان، اتباع نهج لتوحيد الأداء في مجال الصحة من خلال إقامة مبادرات ومشاريع التي تهدف للتخفيف من تغير المناخ بل والتكيف معه، بناء حظائر خاصة من خلال تصميم يوفر حركة مستمرة للهواء وذلك لتجنبها من الاشعاع الشمسي الذي قد يعرضها لأمراض مثل سرطانات الجلد والحساسية وابتكار إضافات تعمل على تحويل الغازات لصورة غير غازية وذلك للتقليل من حدة انبعاثات الغازات من الماشية واخيراً كفاءة استخدام المياه ولذلك لاعتبارات قلة المياه وزيادة تكلفتها.[33]

المبحث الثالث: – التغير المناخي وأثره على النوع الاجتماعي

يمثل تغير المناخ التحدي الأكبر الذي يواجه البشرية في العصر الراهن ففي كثير من الأحيان يمكن  الشعور بالأثار الضارة للمناخ على المدى القصير المتمثل في الاخطار الطبيعية كالانهيارات الأرضية، الفيضانات والأعاصير وعلى المدي الطويل من خلال المزيد من التدهور التدريجي للبيئة والاثار السلبية خاصة في عدة مجالات أهمها :- الزراعة والامن الغذائي والتنوع البيولوجي وأنماط الهجرة والنظم الايكولوجية…[34] مما يتطلب منا تتضافر الجهود من اجل الاستجابة الاستباقية والشاملة وتظهر بعض الأدلة ان تعزيز المساواة بين الجنسين ممكن ان يؤدي إلى حلول اكثر استدامة فيما يتعلق بالتغير المناخي خاصة ان الاحتفال باليوم العالمي للمرأة يذكرنا ليس فقط بالمساواة بين الجنسين في الحقوق والحريات ولكن يذكرنا بأحد الركائز الأساسية لبناء عالم يسوده الازدهار والسلام والاستدامة البيئية، ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن تأثيرات التغير المناخي لا تستثني احد ولذلك فهي ليست محايدة بين الرجال والنساء ولكنهما يتعرضا لنفس التأثيرات ونجد من منظور اخر ان المرأة باعتبارها من اكثر الفئات ضعفاً وتهميشاً لأنهم يشكلون غالبية فقراء العالم وذلك بسبب اعتمادهم على المصادر الطبيعية التي تتدهور بالأساس بسبب التغيرات المناخية، بالإضافة إلى انهم يواجهون حواجز اجتماعية واقتصادية وسياسية تقوض من قدرتهم على العمل خاصة النساء والرجال في البلدان النامية بسبب اعتمادهم المباشر على الموارد الطبيعية المحلية فيما يتعلق بتأمين المياه من اجل الزراعة والطبخ والغذاء ووقود الطهي كل ذلك يشكل تحديات اكبر، علاوة عندما يرتبط عدم المساواة بين الرجل والمرأة في محاولة الوصول إلى الموارد الطبيعية وعمليات صنع القرار فإن التنقل المحدود يضع المرأة في المناطق الريفية مما تتأثر بكافة اشكال التغيرات المناخية ولذلك ومن اجل حماية المرأة يجب وضع استراتيجيات تراعي الفوارق بين الجنسين، ومن ناحية اخري نجد انه بجانب رغم اضطهاد النساء وعدم السماح لهم في اتخاذ قرار يتعلق بحياتهم يوجد من جانب اخر عناصر فاعلة وقوية فيما يتعلق بالتخفيف والتكييف وفي كثير من الأحيان ما تتمتع المرأة بمجموعة قوية من الخبرة والمعرفة لوضع استراتيجيات التكييف خاصة ان المرأة مسؤولة عن العمل في الموارد الطبيعية لتوفير كافة الأغراض المنزلية يجعلها في مكانة جيدة للمساهمة في استراتيجيات طرق العيش التي تتكيف مع الحقائق البيئية المتغيرة.[35]

اولاً: – المجالات التي تؤثر على النساء بسبب التغير المناخي[36]

  • الصحة العامة: – أظهرت بعض الدراسات وجود علاقة قوية بين حدوث الكوارث المرتبطة بالتغير المناخي و وفيات النساء حيث تمثل نسبة وفيات النساء اكثر من 14 مرة من الرجل ويرجع ذلك لعدة أسباب منها مباشرة كنقص المعارف و الخبرات التي تفرضها الاسرة على النساء كعدم الذهاب للمدرسة لتلقي التعليم او ممارسة الرياضة كالسباحة تستفيد منها الفتاه اثناء حدوث الفيضانات ومنها غير مباشرة نتيجة الكوارث الطبيعية، ففي بنجلاديش عانت النساء سنة 1991 من الأعاصير والفيضانات وبلغ عدد الوفيات 71 لكل 1000 من النساء مقابل 15 لكل 1000 من الرجال، علاوة على انه في جميع انحاء العالم تتأثر النساء بفقر الطاقة بشكل كبير نتيجة للتأثير التراكمي لمخاطر الصحة و السلامة الناتجة من تلوث الهواء المنزلي والإضاءة غير الفعالة ووقود الطهي الملوث وقد يؤدي التغير في المناخ الى انتشار عدة امراض قد تتعرض بها المرأة كالملاريا.
  • الامن الغذائي والزراعة: – حيث ان تدهور الأراضي والموارد الطبيعية وتقليص الإنتاج الزراعي يضر بأشد الفئات فقراً بسبب التقلبات في المناخ وقد تكون المرأة اكثر احتياجاً من غيرها للغذاء خصوصاً في أوقات الحمل والولادة والارضاع وانه في حالة عدم توفر الغذاء الكافي للنساء قد يتسبب في فقر الدم والذي ارتفع معدل الإصابة به في سن الانجاب بين النساء عالمياً ما يقرب من 30.3% في عام 2012 الي 32.8% في عام 2016 وفقاً لمؤشرات مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان لعام 2019، وفي الهند قد اكدت التقارير ان التعرض لاي لكارثة طبيعية يؤدي الي نقص الغذاء لدي الفتيات مقارنة بأولاد وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة لعام 2018. ومن زاوية اخري نجد ان للتغير المناخي تداعيات سلبية علي 4 ابعاد رئيسية مثل توافر الغذاء، إمكانية الوصول الى الغذاء، استخدام الغذاء واخيراً استقرار النظم الغذائية و في الدول النامية تشكل الفتيات والنساء المزارعات ما يقرب من 45-80% حالياً من اجمالي إنتاج الغذاء حيث تمثل القوي العاملة من النساء حوالي ثلثي النساء في البلدان النامية واكثر من 90% في البلدان الافريقية من هم منخرطون في الزراعة ومن هنا يأتي دور التغير المناخي حيث تواجه النساء خسارة في الدخل والمحاصيل لان العمل الزراعي يمثل لهم المصدر الوحيد للغذاء والدخل نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية مما يجعل الغذاء ذات صعوبة للفقراء، وتشير التقارير ان صحة النساء تتدهور اكثر من الذكور في أوقات نقص الغذاء، ناهيك عن استبعاد المرأة من عملية صنع القرار فيما يتعلق بالوصول الى الأراضي والموارد و استخداماتها ولذلك يجب ضمان حقوق المرأة خاصة الريفية فيما يتعلق بالأمن الغذائي وقدرتها على المشاركة في عمليات صنع القرار والوصول الى الموارد الطبيعية.[37]
  • الكوارث الطبيعية: – قد تؤدي الفيضانات والكوارث الطبيعية الي استنزاف الموارد وتدمير البنية التحتية مما يؤدي الى زيادة الاختلالات بين الجنسين خاصة عندما تختلف معدلات الوفيات بين الرجل و المراءة حيث أفادت دراسة تؤكد ان حصول الجنسين على نفس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد يؤدي الي معدل نسب وفاة متشابه بين الجنسين في حالة حدوث كوارث وفيضانات اما في حالة عدم التوزيع المتكافئ للحقوق بين الرجل والمرأة يؤدي الي زيادة نسب وفاة النساء عن الرجال وهذا ما حدث في إعصار تسونامي وميتش وكاترينا ونجد ان في كوارث أمريكا الوسطى زاد عدد وافيات الرجال نتيجة لمحاولتهم انقاذ اسرهم من النساء والفتيات وقد تواجه المرأة العديد من المشاكل بعد الفيضانات مثل بقائها في ملاجئ غير آمنة ومكتظة بالرجال مما قد يؤدي الى تعرضها للتعرض الجنسي والمضايقات وذلك بسبب نقص الأموال والممتلكات والأراضي وقد تؤدي العوامل الثقافية عوائق امام المرأة من التنقل او الحصول على الرعاية الصحية، حيث أكدت دراسات سابقة انه يوجد علاقة بين وضع المرأة في المجتمع وإمكانية حصولها على الخدمات سواء الرعاية الصحية والتعليم في أوقات الازمات والكوارث، بالإضافة إلى ان المرأة تواجه تحديات كبرى خاصة في الاسر التي تعيلها امرأة ومن اهم هذه التحديات صعوبة الحصول على المساعدات الإنسانية او الاستفادة من البرامج التي يتم تنفيذها في اعقاب الكوارث والتي تستهدف رب الاسرة بالأساس والذي يكون رجل في الغالب،[38] ومن هنا يجب وضع استراتيجيات تراعي الفوارق بين الجنسين للاستجابة بكل ما يتعلق بالأمن الإنساني الناجمة عن التغير المناخي من خلال المساواة بين الرجل و المرأة والحد عن ضعف المرأة و مشاركة النساء في عمليات صنع القرار.[39]
  • سياسات العنف القائمة على النوع الاجتماعي: – ازداد العنف القائم على النوع الاجتماعي داخل الاسرة في بعض الأحيان في الدول النامية بسبب زيادة الإجهاض والتوتر وتعطيل شبكات الأمان الاجتماعي، حيث يمكن للضغط الاقتصادي الناجم عن الكوارث الي تزايد حالات زواج الأطفال والزواج القسري والمبكر كاستراتيجية للتكييف، حيث تشير بعض التقديرات الى ان اكثر من 1.5 مليون فتاة تتزوج مبكراً كنتيجة للتغيرات المناخية المباشرة واشارت تقارير الأمم المتحدة لعام 2018 ان اكثر من 80% من النازحين كانوا نساء مما تتعرض كل فتاة اثناء نزوحها “لمخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي اثناء الكوارث وفي اعقابها وفي ظل غياب نظم الحماية الاجتماعية”.[40]
  • التنوع البيولوجي: – من المؤكد ان التغير المناخي سيكون السبب في فقدان التنوع البيولوجي بحلول القرن وفقاً لتقييم الالفية للنظام الايكولوجي حيث يلعب التنوع البيولوجي الدور الأساسي في التكييف مع التغير المناخي والتخفيف من حدته من خلال الحفاظ على الموائل الطبيعية وأشجار المانغروف والمحاصيل المقاومة للجفاف ستؤدي الى التخفيف من حده الاثار التي يسببها المناخ من فيضانات و مجاعات، بل ان إزالة الغابات مسئولة عن متوسط 20% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون ومن المثير للجدل ان الرجال والنساء في المناطق الريفية في اسيا وافريقيا يعتمدون اعتماداٌ كبيراً على الكتلة الحيوية من اخشاب ومحاصيل زراعية ونفايات لان هذه المصادر هي السبيل الوحيد للحصول على قوت يومهم، ولكن في ظل التغيرات المناخية تتناقص قدرة النساء والرجال في الحصول على الموارد التي لا غنى عنها، كما ان التدهور البيولوجي يؤدي الى تناقص في الثروة السمكية في كافة أجزاء العالم علاوة على ان الاخشاب التي تعتمد عليها النساء تقع بعيداً عن مسقط رأسهم ولذلك في المجتمعات النامية والفقيرة تحمل علي عاتق النساء والفتيات مسؤولية جمع الوقود التقليدي “الاخشاب” وهي مهمة قد تكون شاقة وتستنزفها جسدياً حيث تستغرق اكثر من 2-20 ساعة اسبوعياً، و لذلك لن يكون لدي الفتيات متسع من الوقت للوفاء بمسؤوليتهن المنزلية والمهنية او كسب المال او تعلم القراءة او اكتساب مهارات اخري وفي كثير من الأحيان تُبقي بعض الأهالي في المناطق الفقيرة النساء للدراسة في المنزل وذلك للمساعدة في جمع الوقود مما يديم عدم تمكين المرأة وخاصة عندما تجبرهم التقلبات المناخية على البحث في أماكن ابعد عن الموارد مما يزيد من قضايا التحرش والاعتداء الجنسي عليهن.[41]
  • الموارد المائية: – ان للتغير المناخي تداعيات سلبية على مصادر المياه العذبة متمثلة في الفيضانات والجفاف على المدي الطويل مما يؤثر على عدم توافر ما يكفي من المياه للأغراض المنزلية والإنتاجية خاصة على الفئات المهمشة والمستضعفة ومنها النساء التي يقع عاتق مسؤوليتها إدارة المياه على مستوى الاسرة في جميع انحاء العالم النامي الأمر الذي يجعل المياه في كثير من الأحيان ملوثة بسبب التغيرات مما تدفع النساء الثمن بسبب سوء الصرف الصحي واصابتها ببعض الامراض مثل البقع الداكنة و تيبس الجلد وتورم الأطراف مما قد يؤدي إلى حدوث اثار اجتماعية خاصة المصابين بتسمم الزرنيخ وقد يسبب ضحايا هذا التسمم للاستقصاء من المجتمع بناءً على المظهر الجسدي مما يؤثر على قدرة النساء غير المتزوجات على الزواج الأكثر عرضة للفقر ومن ناحية أخرى فإن سوء نوعية المياه لا يؤثر فقط على النوع الاجتماعي بل على الإنتاج الزراعي ورعاية الماشية.[42]
  • التكنولوجيا: – لعبت التكنولوجيا دور أساسي في ظل ظهور العولمة بعد الحرب الباردة في بدايات القرن الواحد والعشرين حيث اصبح المفهوم أوسع و اشمل من مجرد آلة او أداة يستخدمها البشر بل اصبح يشمل العمليات والأنشطة والسياق الاجتماعي والثقافي الذي بات أساس الحياة اليومية للنساء والرجال، علاوة على ان التكنولوجيا أصبحت تتضمن معظم طرق التكييف مع التغير المناخي من خلال الأدوات الصلبة واللينة لتحسين مستوي المحاصيل الزراعية من خلال أنظمة الري والبذور المقاومة للجفاف وأنماط دوران المحاصيل التقليدية المعروفة وبالرغم من مميزاتها الا انها لها مجموعة من التداعيات السلبية التي قد تؤثر على المراءة خاصة في البلدان النامية التي تقيد استخدام النساء والفتيات للتكنولوجيا بسبب التحيز الاجتماعي والثقافي بالإضافة إلى عدم توفير البنية التحتية بشكل كاف في المناطق الريفية وانخفاض مستويات التعليم لدي المرأة ولذلك يتولد دائماً خوف من التكنولوجيا وعدم الاهتمام بها خاصة في ظل افتقار المرأة للدخل المتاح لشراء خدمات الكترونية.[43]

ثانياً: – الأسباب التي أدت إلى جعل النساء أكثر الفئات تضرراً من التغير المناخي

تقييد فرص المرأة بسبب عدم المساواة بين الجنسين حيث يشكل 43% من القوة العاملة في قطاع الزراعية في الدول النامية من النساء ورغم من هذه النسبة الا ان 15% من أراضي العالم بدون سند رسمي للأرض و لذلك لن تتمكن النساء من الحصول على التمويل الكافي للتصدي لآثار التغير المناخي من خلال الاستفادة من الابتكارات والتقنيات الزراعية الحديثة، ناهيك عن محدودية الفرص التي تتمتع بها المراءة في الحصول على خدمات الارشاد الزراعي ففي عام 2011 تم توجيه 5% فقط من خدمات الارشاد الي النساء وكان 15% من المرشدين الزراعيين من النساء وذلك في حوالى 97 دولة وفقاً لمنظمة الفاو. إضافة إلى عامل الفقر حيث يمثل الفقر والتغير المناخي علاقة وثيقة للغاية خاصة ان 70% من النساء سكان العالم فقراء مما يجعلهن الأكثر تأثيراً بهذه التقلبات وخصوصاً ان النساء تعمل في القطاع غير الرسمي -على عكس الرجال- خاصة في المشروعات الصغيرة وتعتبر هذه المشاريع الأكثر ضرراً و انهياراً اثناء الكوارث الطبيعية، ناهيك ان الفقر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتعليم مما يعيق من قدرة المراءة على تلقي تعليم جيد يمكنها من خوض معركة الحياة بمفردها وخاصة في ظل عدم قدرتها الى الوصول للمعلومات الكافية المرتبطة بحل مشكلة التغيرات المناخية مقارنة بالرجل وفقاً لمنظمة اليونيدو لعام 2013، ونجد من زاوية أخرى عدم قدرة النساء في المشاركة في عملية صنع القرار على عكس الرجل مما يعكس الفوارق الكبرى بينهم و طمس الاحتياجات الخاصة بهن وفي عام 2015 قد اُجري بحث في 65 دولة و وُجد ان 35% فقط من يراعي اعتبارات النوع الاجتماعي في الحسبان وذلك من خلال الوزارات البيئية. بالإضافة إلى عدم الاهتمام الدولي بالقضايا المتعلقة بالمناخ وأثره على النوع الاجتماعي وخاصةً الفقراء من النساء والرجال فقد اتسمت فترة ما في السياسة الدولية عن محدودية المبادرات وذلك لاهتمام القادة بمواضيع أكثر الحاحاً قد تمس دولهم من نقص الموارد سواء فيما يتعلق بسياسات التخفيف او التكييف. واخيراً يجب ان نأخذ في الاعتبار الجانب الاجتماعي والثقافي الذي يمنع المرأة من تعلم المهارات الحياتية كالسباحة وتسلق الأشجار للهروب من ارتفاع منسوب المياه اثناء الأعاصير والفيضانات.[44]

ومن اهم المقترحات التي اشارت اليها كريستين عرب ممثلة هيئة الأمم المتحدة في مصر والتي يجب على الدول ان تأخذها في الاعتبار لتحسين وضع المرأة في ظل عدم المساواة بين الجنسين حيث اكدت هيئة الأمم المتحدة الى انها تبذل كل ما في وسعها لتعزيز قيادة المرأة في القطاعين العام والخاص ودعم دور المرأة الأساسي في التمكين الاقتصادي ومن اهم هذه المقترحات ما يلي[45]: –

  • أهمية تشجيع المنظمات النسائية التي تعمل من اجل مناصرة المرأة وتعزيزها لضمان قدرتها على مواجهة الكوارث المناخية والبيئية والاستجابة لها بفعالية خاصة ان هذه الكوارث تؤدي الى نزوح المرأة واقامتها في أماكن لا ينبغي لها الإقامة فيها مما قد تتعرض للعنف وذلك على المستوي العالمي حيث تؤكد كريستين ان التعاون الحكومي مع المنظمات النسائية يمكن ان يساهم في بناء القدرة على التكييف مع التغير المناخي على المستوي المحلى وذلك من خلال تلبية سياسات المناخ للاحتياجات المتنوعة للنساء والفتيات.
  • التأكيد على ضرورة مشاركة القطاع الخاص في النهج التنموي المستجيبة للنوع الاجتماعي للتصدي لأزمة المناخ من خلال مساهمتها في الانتقال للاقتصاد الأخضر من خلال دعم آليات التمويل الجديدة التي تستهدف كفاءة الطاقة.
  • يجب تعزيز مشاركة النساء السياسية والقيادية في تطوير سياسات للحد من الكوارث البيئية لضمان الاستجابة السريعة والفعالة حيث تشير عدد من الأبحاث ان زيادة عدد النساء في البرلمان ومشاركتهن في إدارة الموارد الطبيعية غالباً ما تكون سياسات أكثر صرامة مما يؤدي الى انخفاض الانبعاثات ولذلك يجب تحسين جمع إحصاءات وبيانات النوع الاجتماعي حسب الجنس والقيام باستثمارات مختلفة في هذا الصدد للتصدي للتغير المناخي.
  • ضرورة ضمان تأكيد وصول الخدمات الأساسية اثناء الكوارث الطبيعية المتعلقة بالمناخ للمرأة مثل الخدمات الصحية وحقوق الصحة الإنجابية والصحية وحماية النساء التي يتعرضن للعنف لتعزيز قدرتهن على الصمود من جديد.
  • على الدول ان تراعي التمويل المراعي لمنظور النوع الاجتماعي والإحصاءات والبيانات لأنه في حالة الكوارث يتم تمويل تسب ضئيلة جداً للنوع الاجتماعي ففي عام 2020 يتسم بكونه عاماً قياسياً لسوق السندات الخضراء الاجتماعية والمستدامة حيث تتجاوز اجمالي الإصدارات 600 مليار دولار امريكي ومع كل هذا فإن 1% فقط من اهداف هذا السوق يتوافق مع اهداف تمكين المرأة ولذلك يجب الاهتمام بالأدوات المالية التي تناسب المنظمات النسائية في تحقيق أهدافها.

الفصل الثاني “دور الدبلوماسية المناخية في مواجهة آثار التغيرات المناخية”

المبحث الأول: – الدبلوماسية المناخية تعريفها وأهم مضامينها

مثلما تحدثت الباحثتان في هذه القضية الشائكة وهي التغير المناخي وذكرت أهم السلبيات التي ترتبت على هذه القضية إلا أنه كما أن لأي شيء مميزاته وعيوبه فهذه القضية أيضاً لها مميزات ولها عيوب. من أهم مميزات هذه القضية أنها تتطلب تكاتف الدول وتقوية العلاقات بينهم وهذا أظهر مفهوم جديد استخدمته الدول عُرف بالدبلوماسية المناخية.

  • أولاً: – تعريف الدبلوماسية المناخية

ليس للدبلوماسية تعريف محدد ولكن يمكن تعريفها بشكل أكثر شمولاً حيث أنها تشمل جميع أشكال الممارسات الدبلوماسية التي تتعلق بقضية التغيرات المناخية باعتبارها قضية عالمية ولذلك كان من الطبيعي أن جميع الدول تعمل جاهدة لحل هذه القضية وكما اهتموا بالجانب الداخلي وكل دولة تعمل لكى تخفف من حدة الأثار السلبية لهذه القضية من خلال حماية أرضها ومواطنيها كان من المهم أيضاً أن تكثف جهودها الخارجية لكى تكسب  مساعدات وتستفيد أكثر من الجانب التعاوني من خلال تجميع جهود كافة الدول ولذلك كانت جهودها داخلية وخارجية من خلال ما يُسمى بالدبلوماسية المناخية وهى شكل من أشكال الدبلوماسية مثل الدبلوماسية الشعبية والدبلوماسية وغيرها والاختلاف هنا هو أن عند تنفيذ هذا النوع من الدبلوماسية تكون الأولوية للقضايا ذات الصلة بالتغيرات المناخية.[46]

  • ثانياً: – أهداف الدبلوماسية المناخية

من أهم أهداف الدبلوماسية المناخية أن من خلالها يتم استخدام جميع الأدوات الدبلوماسية لكي تستعملها الدول داخلياً من خلال التخفيف من أثارها السلبية وتحقيق الاستقرار والازدهار والسلام داخل أراضيها لكي تحمى مواطنيها وخارجياً من خلال تطوير وتعزيز أهداف السياسة الخارجية ولكي تقوم الدولة بذلك عليها وضع خطط وإستراتيجيات بالاشتراك مع الدول الأخرى أيضاً يمكنها مشاركة الدول الأخرى من خلال الدخول في منتديات الحوار الدبلوماسية العامة. ويمكن ممارسة الدبلوماسية المناخية من خلال ألية مهمة هذه الألية هي أساس الدبلوماسية المناخية وهي إرسال مبعوثون مختصون في الدبلوماسية المناخية إلى الدول الأخرى وهم يمكن أن يكونوا وزراء خارجية هذه الدولة أو أحد ممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص وهذا ما سوف يتم ذكره تفصيلاً في المبحث الثاني هذه الألية تحقق أهم أهداف الدبلوماسية المناخية وهى تقوية العلاقات بين الدول من خلال إعطاء هذه العلاقة شكل محدد يميزها الدبلوماسية المناخية من المفاهيم الحديثة التي تم استخدامها في القضايا المناخية شديدة التعقيد وخاصة في مجالات الحد من الاحتباس الحرارى والكوارث الطبيعية ويمكن تعريف الدبلوماسية المناخية أيضاً بأنه أداة ضغط تستخدمها الدول لتغيير القوانين العادية فهي تعنى تحليل شامل للأخطار ومعالجتها فهي في سلوكها تشبه العمل السياسي لأنها تُستخدم كأداة للقوة الناعمة.[47]

  • ثالثاً: – علاقة الدبلوماسية المناخية بالخطاب الوطني

دبلوماسية المناخ زادت أهمية هذا التعريف كشكل من أشكال الاتفاقيات متعددة الأطراف وذلك بعد اتفاقية باريس أعطت الدبلوماسية المناخية شكلاً جديداً للقوانين التقليدية وأصبحت تتجاوز الأطر السياسية العادية. الدبلوماسية المناخية ليس مفهوم مستقل بذاته بل أنه مُرتبط بعدة قضايا أخرى جعلته مرهون بها سواء سياسية وذلك من خلال العلاقات الرسمية التي تحدث بين المبعوثون الدبلوماسيون الذين يمثلون دولتهم في القضية الخاصة بالتغير المناخي اقتصادياً وذلك لما لقضية التغير المناخي من تأثيرات سلبية على الموارد وعلى حقوق الأجيال القادمة وذلك يجعل هناك العديد من الالتزامات على الدولة والذى أهمها تحسين الموارد وهذا يتمثل أيضاً في مفهوم أمن الطاقة حيث أن معظم الدول وخاصة الدول الكبرى تعمل على تخزين الطاقة لديها فيما يُعرف بأمن الطاقة ولكن ما يقتضيه موضوع التغير المناخي هو التقليل من استخدام هذا النوع من الطاقة وهى الطاقة الغير المتجددة لتأثيرها السلبى على البيئة وإرضاء مواطني الدولة ومن هنا ترتبط الدبلوماسية المناخية بالأطر الوطنية حيث أن صدق فعالية الجهود الحكومية للدبلوماسية المناخية ترتبط بالرأي العام فمصداقية وتعزيز الدبلوماسية المناخية ترتبط بشكل كبير بمدى تأثير الرأي العام داخل الدول والذى يتحقق من خلال هدف أساسي وهو إرضاء المواطنين ولذلك نجد أن الدبلوماسية المناخية هي انعكاس لهذه الأطر الوطنية فكل ما كانت هذه الأطر أقوى زادت فعالية وصدق الدبلوماسية المناخية.[48] [49]

  • رابعاً: – تعريف الحوكمة المناخية وعلاقتها بالدبلوماسية المناخية

الحوكمة المناخية هي شكل من أشكال الدبلوماسية ويمكن اعتبارها أيضاً أحد الأليات الهامة التي تهدف إلى إما التخفيف من حدة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية إما التكيف معها هي تُعنى ربط واضح بين سياسات الدولة الداخلية والخارجية من ناحية والسياسات المحلية للدول من ناحية أخرى حيث أنهم وجهين لعملة واحدة لا يمكن فصلهما فتقوية سياسة الدولة الداخلية والخارجية لا تنجح إلا إذا كانت لحكومة الدولة الذى تقوم بهذه السياسات مساهمات كبيرة في الجانب المحلى من خلال القيام ببرامج وطنية محلية قوية يجتمع بها المواطنون يناقشون قضية التغيرات المناخية ويبدؤون بأنفسهم في هذه المساهمات وذلك لتعزيز دورها في عمليات التنمية الوطنية.

   علاقة حوكمة المناخ بالدبلوماسية المناخية : تتمثل في انقسام التحليلات حيث أن بعضها أقر أن حوكمة المناخ تتطور إلى دبلوماسيته حيث أنه تطور وتطورت معه مؤسساته فالمفهومان التقوا من خلال اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ حيث أن هذه الاتفاقية كانت تحاول تجسيد ما جاء في بروتوكول مونتريال وأدى الى نجاحه وكانت هذه أول اتفاقية خاطبت دول العالم المختلفة وكانت دافع للعديد من الحكومات المحلية أيضاً لكى يكثفوا جهودهم من خلال عمل برامج ومنتديات ومؤسسات واتفاقيات كل هذا سوف يضفى على السياسة الخارجية شكلاً جديداً إبداعياً وغير مسبوق. الحوكمة المناخية أيضاً كان لها دور واضح في عمل العديد من المبادرات المحلية للتقليل من الانبعاثات من خلال التخلص من الطاقة غير المتجددة وخاصة الوقود الأحفوري مثل الفحم فقامت بتحالف التخلص من الفحم للتقليل من التأثيرات السلبية للمناخ.[50]

    المشكلات التي حدثت في علاقة دبلوماسية المناخ بالحوكمة المناخية: هي أن الحوكمة المناخية بربطها للجانب المحلى مع الجانب العالي أحدثت تصادم شديد بينها وبين الدبلوماسية المناخية لأنها بذلك قامت بتسوية جميع الدول محلياً وهذا أحدث فجوة واسعة بين دول الشمال ودول الجنوب وهذه المشكلة كانت سبب هام وكبير في تعطيل معظم الاتفاقيات الخاصة بالتقليل من حدة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية حيث أنهم قارنوا بين دول صناعية (دول الشمال) ودول غير صناعية (دول الجنوب) ولكن حتى هذا التحليل لم يتفق عليه معظم المحللون حيث أن البعض الأخر أقر بأهمية الحوكمة المناخية وأنها لم تحمل دول الجنوب أعباء زائدة فهي بالعكس تعمل على تعزيز التنمية وهذا لا يتعارض مع مجهودات الدول النامية حيث أنها أيضاً تدعو إلى الحوكمة التكيفية التي تُعطى الدول حلول مختلفة ومتنوعة لكى تكون قادرة على التصدي للتغيرات السلبية التي تترتب على قضية تغير المناخ وبأنها مرنة فهي تعمل على إما التخفيف أو التكيف وهذا بالنسبة لها حل مرضى لجميع الأطراف، لذلك كان هذا الموضوع وهذه العلاقة محل جدل بين المحللين.[51]

  • خامساً: – أهم الدول التي استخدمت دبلوماسية المناخ

   مصر والذي استضافت مؤتمر المناخ الأخير فأبدت اهتمامها الكبير بقضية تغير المناخ ومحولة خلق حلول لها فاستضافت على أرضها دول العالم المختلفة فكان من أهم هذه الحلول هو أن تقوم الدول بتخصيص مبعوث لها خاص بشئون المناخ يمثلها أمام الدول الأخرى لذلك قامت مصر بإرسال مبعوث لها متخصص بشئون البيئة حيث إن لدى مصر قدر كبير من التخصص في الناحية الفنية ولهذا فمصر أمنت بهذا الحل.[52]

أما السعودية فهي من أوائل الدول الذى دعمت هذه الفكرة وجعلت هناك مبعوث لها يمثلها وهو وزير خارجية الدولة وجعلت هذا المبعوث خاص فقط بشئون المناخ حيث من أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في هذا المبعوث هو أن يكون لديه خبرة في تعامله مع الدول أخرى وغير ذلك يكون لديه معلومات كافية عن شئون البيئة والمناخ، فالسعودية لم تكتفى بمجموعة الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بتغير المناخ وإنما أرادت أن تطور من مساراتها وذلك لأن السعودية هي دولة نفطية فأرادت أن تجعل العالم ينظر إليها نظرة مختلفة وأنها ليس فقط من الدول التي تستخدم الطاقة الغير متجددة بل أنها كانت تمثل قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر فكان هذا حدثاً تاريخياً بالنسبة لهم  أثبتت للعالم كله من خلاله أنها دولة تضع جميع استثماراتها في الطاقة المتجددة سواء الطاقة الشمسية أو إنتاج الهيدروجين الأخضر فالسعودية هي من رسخت مفهوم دبلوماسية المناخ “السعودية بحراكها الأخضر العابر للحدود وترسيخها لمفهوم جديد قائم على دبلوماسية المناخ [53]

في الولايات المتحدة الأمريكية: عرفت الدبلوماسية واستخدمتها من أجل التأثير على قضاياها السياسية الداخلية والخارجية فقام ترامب وبايدن باستخدامها من أجل المنافسة في الانتخابات الرئاسية فقاموا بإصدار دعاية بيئية من خلال قيام بايدن بالترويج لتحويل بلاده دولته إلى دولة تعتمد بشكل كلى على الطاقة النظيفة وذلك لكي يستطيع كسب العديد من الأصوات خاصة أن في هذا العام وهو عام 2020 كانت قضية المناخ تحتل مكانة كبيرة من القضايا العالمية حيث أعلنت الولايات المتحدة في عام 2021 عن خطتها لتحقيق الحد الأدنى لانبعاثات الكربون بحلول عام 2050. أما ترامب أكد أنه سوف يشجع على التنقيب في ألاسكا والذي سوف يؤدى بدوره إلى التأثير على توجهات السياسة الخارجية الأمريكية ومن ثم الدبلوماسية البيئية أي أن الولايات المتحدة الأمريكية عرفت الدبلوماسية المناخية بأنها طريقة يتم استخدامها لتحقيق مصالح داخلية وخارجية عن طريق إقناع الأفراد بحلول مختلفة لحل قضية تغير المناخ والحد من تأثيراتها السلبية.[54]

   الاتحاد الأوروبي: اعتبر الاتحاد الأوروبي القضايا المناخية من أولوياتها الرئيسية وأطلقت خطة “التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون” لتحقيق الحد الأدنى لانبعاثات الكربون بحلول عام 2050.

   الصين: تعد الصين واحدة من أكبر الملوثين في العالم، ولكنها تسعى إلى تحسين سمعتها من خلال تبني سياسات مناخية جديدة. أعلنت الصين في عام 2020 عن خطتها لتحقيق الحد الأدنى لانبعاثات الكربون بحلول عام 2060.

تتضمن مضامين الدبلوماسية المناخية تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات المناخية، وتشجيع الدول على تبني سياسات مناخية جديدة، وتعزيز التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتشجيع الابتكار التكنولوجي للحد من انبعاثات الكربون.

المبحث الثاني: – دور المجتمع المدني في مكافحة التغيرات المناخية

  • اولاً: – المجتمع المدني وتغير المناخ

بالرغم من دور القادة والمسؤولين في قضية التغير المناخي من خلال ما يُعرف بالدبلوماسية المناخية إلا ان المجتمع المدني من اهم المنظمات داخل الدولة أيضا لما له من أهمية كبرى ليس فقط على مستوي الوساطة بين الفرد والحكومة وانما له السبق الأكبر في توعية المواطنين بأهمية التغير المناخي والاضرار المترتبة عليه وذلك من خلال الندوات والمؤتمرات الدائمة التي تُقام بواسطتهم والاستفادة من المؤتمرات الدولية بحضورها وتطبيق أفكار متجددة ومستدامة تفيد الشعوب[55] فهي تُشارك بصفة مراقب ولكن من خلال تلقي الاذن من رئيس الدولة المعنية للمشاركة في كل دورة من دورات اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ ولكن ليس لديهم أي سلطة تصويت وذلك وتتمثل اهم منظمات المجتمع المدني من قِبل المجموعات التسع الرئيسية لجداول اعمال القرن 21 وذلك لأننا اليوم نعيش في عصر المجتمع المدني لأنه قادر على تدعيم الحكومات على المستوي الوطني في جهودها لمكافحة آثار التغير المناخي واستراتيجيات الحكومات الوطنية للتكيف المناخي[56] وعليه فقبل البدء بعلاقة المجتمع المدني بالتغير المناخي يجب التطرق بإيجاز شديد عن تعريف المجتمع المدني ويلعب المجتمع المدني دور الوسيط بين الاسرة ومؤسسات الدولة من خلال جمع احتياجات ومطالب المواطنين للحكومة لاتخاذ قرار جمعي يفيد المواطن وكذلك يقدم الدعم والمساندة للمؤسسات فالمجتمع المدني هي مؤسسات فاعلة غير حكومية ينبثق منها عدداً كبيراً من المنظمات والجمعيات التطوعية والتي لها استقلالية عن الدولة وبالرغم من استقلاليتها إلا انها مكملة ومساندة لها لمواجهة بعض المشكلات وخاصة البيئية منها ووفقاً لميركل ولاوث فإن المجتمع المدني له دور كنموذج تحليلي لمواجهة اثار التغيرات المناخية ومن اهم ادواره “الحماية- التنشئة الاجتماعية- بناء المجتمع وتكامله- الوساطة بين الدولة والمواطنين- الاتصال”.[57]

  • ثانياً: – دور المجتمع المدني والمنظمات الحكومية والخاصة في مجابهة آثار التغير المناخي

نظراً للمخاطر المناخية واسعة النطاق التي تم تناولها في الفصل الأول وما ترتبط به من خسائر واضرار متعلقة بالطبيعة والبشر، نتيجة لذلك اتجهت كل حكومات العالم الي اتخاذ مجموعة من التدابير والسياسات المناخية التي تخفف من حدة التهديدات المناخية المحتملة مع تنامي الاتفاقيات العالمية لمواجهة التغيرات المناخية يأتي بعد ذلك دور المجتمع المدني واستعداده للشراكة مع المؤسسات والحكومات في دعم السياسات المناخية التي تتخذها الدول وفق قواعد العمل المناخي مع مراعاه حقوق الإنسان ويأتي مهمة المجتمع المدني بإقناع المواطنين بخطورة المشكلات الأخرى المتمثلة في النزاعات المسلحة والفقر والفساد والتي تُمثل تحدياً كبيراً لاستراتيجيات التكييف لأنه من الصعب تحقيق اهداف التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر في ظل الحروب وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي ولذلك فهم في امس الحاجة لرفع مستوي القلق العام بشان التغير المناخي خاصة في المجتمعات المحلية، علاوة على ذلك فمن المهام الأساسية للمجتمع المدني أيضا هو “الوصول لصناع السياسات والمسؤولين الحكوميين مما يجعل المجتمع المدني يمتلك الكثير من مقومات الفعل المناخي الفعال”.[58]

ويوجد حجتين أساسيتين لأهمية المجتمع المدني ودوره المتمثل في المشاركة البيئية وهما 1- يظهر دور المجتمع المدني بشكل أساسي في الدول النامية والتي تتمتع بقدرات ضعيفة في نظم الإدارة العامة ولذلك فمهمة المجتمع المدني هو المشاركة في الحوكمة العامة لتوفير المعلومات التي تعزز القدرات على حل المشكلات مما يؤدي بدوره إلى تنفيذ سياسة مناخية أكثر كفاءة وفاعلية ومن هنا فدور المجتمع المدني الأساسي هو تحديد المشكلات وجمع البيانات العلمية مما يسهل إدراج المعرفة المحلية في صنع السياسات الخاصة بالمناخ. 2- ان من وظائف المجتمع المدني هو تدعيم القيم الديمقراطية لكي تُنتج شكلاً أكثر شمولية وتداولية لصنع القرار في السياسة العامة مما يقلل من التضارب بين السياسات في مقابله يعزز الدعم العام للسياسة. [59]

وبالتطبيق أكثر على دور المجتمع المدني في معالجة التغير المناخي على المستويين المحلى والوطني يجب ذكر ما أكد عليه ميركل من وظائف المجتمع المدني وهما: – الحماية: – من المعروف ان التغير المناخي يسبب العديد من الكوارث الطبيعية كالفيضانات والتصحر وندرة الغذاء والعواصف مما يسبب اضرار كارثية على الافراد خاصة في المناطق الريفية ومن هنا يكمن دور المجتمع المدني في حماية هؤلاء الافراد وتقديم لهم كافة سبل العيش والمساعدة للتكيف مع هذه الظروف الحرجة وبناء القدرة على الصمود في مواجهة الازمات المناخية وتداعيتها وهذا بالتعاون مع مؤسسات الدولة، الوساطة بين الدولة والمواطن: ونظراً الي فشل الحكومات للاستجابة لجميع التحديات الاقتصادية والمادية والتي لها العلاقة الكبرى بحقوق الانسان فإن العديد من الدراسات اكدت ان التغير المناخي له اضرار كبرى على الحقوق الأساسية للأفراد المتمثلة في العيش الكريم والحق في الموارد وتستطيع منظمات المجتمع المدني لفت نظر الحكومات لما يتعرض له المواطن العادي من كوارث تهدد حقه في الحياة، التنشئة الاجتماعية التشاركية: – من خلال جهود المؤسسات البيئية الخاصة ومؤسسات المجتمع المدني في مشاركة المواطنين في مواجهة تحديات تغير المناخ على سبيل المثال العمل على تغير الأنماط العامة للاستهلاك او تطوير تدابير تكيفية في المجتمعات المحلية، الاتصال: – يلعب المجتمع المدني بالتشارك مع المؤسسات الحكومية في تهيئة مناخ ديمقراطي حول مشكلات التغير المناخي ووضعها علي أولوية جداول الاعمال السياسية في الدولة والتحدث باسم الأشخاص المتضررين من المناخ.[60]

من ناحية أخرى لا يمكننا التغافل عن دور المنظمات الحكومية والخاصة في مفاوضات تغير المناخ فعلى سبيل المثال وليس الحصر شاركت منظمة العمل الدولية في مؤتمرات المناخ التابعة للأمم المتحدة وقدمت عروضاً فنية الى الأطراف بناءً على امانة اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ وتركز المنظمة على الآثار الاجتماعية والاقتصادية لتدابير الاستجابة وتدابير التعليم الأخرى المتعلقة بسياسات التغير المناخي، علاوة على ذلك قامت المنظمة بتطوير برامج تدريبية وتبادل المعرفة وتقديمها لتقارير فنية في مجالات اهتمام عملها،[61] اما فيما يتعلق بالمنظمات الخاصة والتي لها دور كبير في تمويل البلدان النامية وتقديم لهم المساعدة في كافة المجالات من اجل إنشاء مجتمع أكثر استدامة واحتياجها للتعاون مع منظمة التعاون الإنمائي للمشاركة بشكل فعال في تعبئة الموارد والابتكار وتوفير المعرفة للتصدي للتغير المناخي، كما ان هناك تركيز متزايد على المسؤولية الاجتماعية المشتركة للشركات والسلك التجاري المسئول بين الشركات متعددة الجنسيات ودورهم الفعال في معالجة المخاطر والاثار البيئية الضارة كجزء أساسي من جهودهم.[62]

ثانياً: – دور المجموعات التفاوضية في مكافحة التغيرات المناخية

وبعد التطرق لمفهوم الدبلوماسية المناخية بأبعادها المختلفة ودور الحكومات الرسمية والمجتمع المدني في تطبيقها لا يمكننا الاغفال عن دور المجموعات التفاوضية التسعة أيضا لما لها من أهمية كبري على طاولة المفاوضات المناخية في مؤتمرات الأمم المتحدة وتُشير مجموعات التفاوض الي الدول التي لديها اجندات مماثلة والتي تختار التفاوض معاً بحيث ان المجموعات التي ليس لها ذات الاهتمام قد تتعارض مع بعضها البعض اثناء التفاوض علي طاولة المفاوضات، وتقوم كل مجموعة على حدي بالتباحث مع بعضها البعض لمناقشة اولويتها من حيث القضايا التي ستناقشها في مؤتمرات المناخ وإذا اتفقت مجموعات على موضوع واحد على انه الأكثر أهمية ممكن لمجموعة الأرض جذب مزيد من الاهتمام لهذه المساءلة، ولذلك فمن الممكن ان تجتمع المجموعات وتتفاوض جداول اعمالها وذلك قبل محادثات المناخ الرسمية.[63]

ويرجع السبب لإنشاء مثل هذه المجموعات والتي تتضمن داخلها ايضا الدول النامية الي أصبحت قضية التغير المناخي اكثر الحاحاً من ذي قبل مما ادي لإشراك دول العالم النامي في المفاوضات الدولية خاصة عندما عانت الدول النامية من التدهور البيئي بسبب ما صنعته الدول المتقدمة بها خاصة بعدما فشلت الدول المتقدمة في إفشال ريادتها في خفض حقيقي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وخاصة بعدما توجه النظام الدولي من نظام السياسة الثلاثية الي نظام تتعدد فيه الفواعل الدولية ورغبة كل دولة في تحقيق ذاتها من التقدم التكنولوجي والصناعي ولذلك قامت الدول النامية بإنشاء ائتلافات تفاوضية وقد تكون هذه الائتلافات ذات مصالح مشتركة ظاهرياً او قد تكون ذات أهمية لتلبية احتياجات الدول النامية وقد نظمت الدول النامية نفسها في نوعين من الائتلافات منها قائم على التوزيع الجغرافي و الاخر قائم على المصالح والفائدة.[64]

ومن اهم مجالات التفاوض التي اكدت عليها اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ والتي يجب ان تتخذها الدول في الحسبان هي: – التكيف مع التغير المناخي والتخفيف من آثار تغير المناخ والتمويل المناخي الذي قد يكون تمويل محلى او وطني او عبر وطني وقد نحصل عليه من مصادر التمويل العامة والخاصة او البديلة، بالإضافة الى بناء القدرات المناخية للعمل المناخي حتى تتمكن الافراد والمؤسسات والمنظمات على تنفيذ آليات التخفيف والتكيف مع التغير المناخي والتدابير المتعلقة بإزالة الغابات.[65]

ومن هنا ستقوم الباحثتان بذكر اهم المجموعات التفاوضية في مؤتمرات المناخ ثم سأتطرق للحديث عن اهم المنظمات التي استخدمت مفهوم الدبلوماسية المناخية كنوع من التفاوض لمكافحة آثار التغير المناخي ومن اهم المجموعات التفاوضية ما يلي: –

  • مجموعة G77+ الصين: فهذه المجموعة لها أهمية تاريخية حيث اُنشئت عام 1964 في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية وتُعد واحدة من أكبر المجموعات في اجتماعات المناخ فمنذ انشئها وقع عليها 77 دولة “وقعت على الإعلان المشترك لسبع وسبعين دولة نامية” واليوم يبلغ عدد الدول المنضمين لها 134 دولة وتعتبر اكبر منظمة حكومية دولية للبلدان النامية داخل الأمم المتحدة وتشمل دولاً عدة أهمها البرازيل و السلفادور وهايتي ومن اهم ما تُطالب بيه هذه المجموعة هو فكرة الدعم المالي من الدول المتقدمة الي النامية وتمويل الخسائر والاضرار للتخفيف من حدة آثار التغيرات المناخية.[66]
  • مجموعة المظلة: تُعرف أيضا باسم “المجموعة الشاملة” وتتألف من مجموعة الدول الصناعية الكبرى والتي تم تشكيله بعد اعتماد برتوكول كيوتو والتي ليست عضو في الاتحاد الأوروبي وليست لديها قائمة رسمية بالمشاركين ومن اهم أعضائها الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا وكندا واليابان…[67]
  • بالإضافة الي المجموعات الأخرى المتمثلة في المجموعة الإفريقية المكونة من 54 دولة افريقية ومجموعة الدول الأقل نمواً والتي تضم 46 دولة وتم تصنيفها على انها اكثر الدول الأقل نمواً وفقاً لمعايير الأمم المتحدة، مجموعة البلدان النامية متشابهة التفكير والتي تضم 25 عضو، مجموعة الدول الجزرية الصغيرة النامية والتي تتكون من 40 دولة، مجموعة السلامة البيئية و تُعد من اهم الدول المشاركين فيها ” المكسيك- موناكو- جورجيا- سويسرا- ليختنشتاين- جمهورية كوريا”، ومجموعة الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة والذي اصبح كمنظمة تكامل اقتصادي إقليمية مهمة واخيراً المجموعة العربية المكونة من 22 دولة عربية.[68]

ثالثاً: – تقييم دور الدبلوماسية المناخية في مجابهة آثار التغيرات المناخية

نظراً لأهمية دور الحكومات الرسمية والمنظمات الخاصة والمجتمع المدني كما تم ذكره سابقاً في المفاوضات الدولية إلا انه بالرغم من ذلك يصعب التوصل الي اتفاق بين البلدان لان القرارات تكون بالأجماع ومن الصعب احتساب جميع الأصوات نظراً لسيادة الدول وعدم وجود الزام من قِبل المنظمات الدولية الكبرى على الدول ويرجع ذلك لعدة أسباب: – من حيث التنوع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للبلدان واختلاف قدراتها المالية للاستجابة لتأثيرات التغير المناخي او العمل على التخفيف او درجة شعور البلدان بالمسؤولية بقضية تغير المناخ، العامل الثاني هو ان الدول تلعب العاب تفاوضية من اجل الوصول الي حلول وسط تفيد جميع الدول وتكون اكثر ملائمة وفاعلية ولكن ليس هذا ما يحدث في الواقع لان في التفاوض ما يكون ذلك علي حساب الاخرين ولطالما عُرقلت مفاوضات المناخ بسبب الافتقار الي الرؤي العليمة حول ظاهرة الاحتباس الحراري وما إذا كان العنصر البشري هو المُسبب الحقيقي لحدوث تغيرات في الأنظمة البيئية وكيفية تأثيرها واخيراً ان مفاوضات المناخ لم تسترشد ببيان مشكلة واضحة واهداف محددة ولكن تأتي المفاوضات وفقاً للمصالح الوطنية للدول، بالإضافة الي الطبيعة الرأسمالية للدول المتقدمة والتي تحول دون تمتع الدول النامية بحقوقها المناخية وصعوبة تخلي الدول المتقدمة عن التصنيع والتقدم من اجل القضايا المناخية والتي لا تعتبرها من القضايا الهامة علي اجندة اولويتها، وعدم تبني الدول الكبرى حلول جذرية وفعالة من اجل التحرك سريعاً للتخلص من هذه المعضلة او عدم وجود الإرادة السياسة لفعل ذلك.[69]

الفصل الثالث “دور الأمم المتحدة في مواجهة آثار ظاهرة التغيرات المناخية”

المبحث الأول: – جهود الأمم المتحدة فيما يتعلق بقضية التغير المناخي

اولاً: – الخلفية التاريخية للتعامل مع قضية التغيرات المناخية على المستوى الدولي

ظاهرة التغيرات المناخية من اهم الظواهر التي اهتم بها الانسان منذ قديم الأزل نظراً لأهميتها على حياة البشر ولذلك بدأت الدول في إقامة اتفاقيات متعلقة بالحفاظ على المجاري المائية لأهمية المياه على حياة البشر في ذلك الوقت وفي القرن الثامن عشر بدأ العلماء الحديث عن اهم الموضوعات الهامة الخاصة بالبيئة منذ بداية الثورة الصناعية في إنجلترا حيث تطرقوا للحديث عن مخاطر الانبعاثات الكربونية و الاضرار الناتجة عنها على الزراعة والصناعة والصحة مما انقسم العلماء لمؤيد و معارض حيث يرى البعض انها ظاهرة سلبية بسبب تدخل البشر فيها مثل كيندر ومنهم من يرى انها ظاهرة إيجابية لا دخل للبشر بها ولكن بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وإنشاء عصبة الأمم واستقرار العالم الى حد ما بدأوا يهتموا بالبيئة والمناخ.[70]

ومن هذه اللحظة دعت السويد دول العالم للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية “اتفاقية استوكهولم 1972 وفي هذه الاتفاقية نظروا للبيئة كمفهوم جديد بعد الخلاف الذي ظهر بين العلماء حيث يري الرأي الأول ان البيئة لها علاقة بالكائن الحى والبعض الاخر يري انه يجب النظر للبيئة من الناحية الثقافية انها اشمل واعم لا تقتصر فقط على الكائنات الحية ولكن بالبيئة المبنية وتأثيراتها المتباينة ولذلك توصلت الاتفاقية إلى مجموعة من المبادئ من أهمها: – “لقد بلغنا نقطة تاريخية تحتم علينا أن نصوغ إجراءاتنا في العالم أجمع متوخين أشد الحرص بشأن عواقبها البيئية. فربما أدي بنا الجهل أو اللامبالاة الى الحاق ضرر جسيم لا يمكن علاجه ببيئة الأرض التي هي عماد حياتنا ورفاهنا. وعلى العكس من ذلك، يمكن من خلال المعرفة الاكمل وتوخي الحكمة في العقل، أن نحقق لأنفسنا ولذريتنا حياة أفضل في بيئة أكثر تواؤماً مع احتياجات البشر وآمالهم…”، ثم بعد ذلك قررت منظمة الأرصاد العالمية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بتشكيل لجنة مشتركة وهذه اللجنة تقوم بدراسة كل ما له علاقة بظاهرة التغير المناخي وقاموا بإنشاء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عام 1988 حيث صدر التقرير التجميعي الأول بشأن التغير المناخي عام 1990 وعدد من التقارير الدولية التي تناقش ظاهرة التغيرات المناخية.[71]

ثانياً: – الجهود القانونية “الاتفاقيات الدولية”

  • اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية المعنية بتغير المناخ 1992

تُعد هذه الاتفاقية من اهم الاتفاقيات الدولية التي اقرتها منظمة الأمم المتحدة باعتبارها الخطوة الأولى للتصدي لظاهرة التغيرات المناخية أُنشئت عام 1992 خلال قمة الأرض بريودي جانيرو دخلت حيز التنفيذ في مارس 1994 تتمتع هذه الاتفاقية اليوم بعضوية شبه كاملة حيث صدقت عليها 197 دولة مقرها الرئيسي في بون بألمانيا، تتمثل أهداف الاتفاقية فيما يلي: –

  • الوصول الى تثبيت تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.
  • تدعو الاتفاقية الى استمرار الأبحاث العلمية والاجتماعية المنتظمة بشأن التغيرات المناخية.
  • تهدف لمنع التدخل البشري الخطير في النظام المناخي.
  • تدعو الى دعم الخطط التي تسمح بتكيف الأنظمة البيئية مع تغير المناخ.[72]

    ومن اهم مبادئها: – حماية الأجيال المستقبلية من آثار التغيرات المناخية على أساس مبدأ الانصاف ووفقاً لمسؤوليات الدول المشتركة، ولكن المتباينة فقد دعت الاتفاقية الدول المتقدمة النمو مكان الصدارة في مكافحة التغيرات المناخية وآثارها الضارة، بالإضافة إلى انه على جميع الدول سواء المتقدمة منها او النامية اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الوقاية للحد من أسباب حدوث التغير المناخي وهذه الإجراءات عبارة عن تقليل الانبعاثات من خلال التوجه إلى مصادر جديدة لإنتاج الطاقة والابتعاد عن المصادر القديمة كحرق الوقود الاحفوري وقطع الأشجار وذلك من خلال توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وقسمت الاتفاقية الدول الي دول نامية وأخرى متقدمة ووضعت أربعة مفاهيم أساسية “التخفيف من انبعاثات الاحتباس الحراري- نقل التكنولوجيا الى الدول النامية بواسطة الدول المتقدمة لمساعداتها في دراسة قضية التغير المناخي- التمويل حيث تخصص الدول المتقدمة الأموال لمساعدة الدول النامية من التخفيف من آثار التغير المناخي- التكيف من خلال استبدال الوقود الاحفوري ومصادر الطاقة القديمة الى مصادر طاقة متجددة تعمل بالرياح والطاقة الشمسية”.

  • آليات بروتوكول كيوتو

تم إنشاء هذا البروتوكول عام 1997 و ألزم الدول الصناعية بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بمتوسط 5% من انبعاثات عام 1990 خلال فترة الالتزام الأولى الممتدة من 2008-2012 كما اكد البروتوكول على ضرورة توفير التمويل اللازم للدول النامية لتنفيذ مشروعات التكييف ونقل التكنولوجيا و بناء وتأهيل قدرات الدول النامية للوفاء بالتزاماتها لتنفيذ هذه الاتفاقية وقد اقر البروتوكول ثلاثة آليات وذلك لمساعدة الدول المتقدمة على تحقيق أهدافها: – آلية التنفيذ المشترك والتي تتم بين الدول المتقدمة وبعضها البعض من خلال الدخول مع بعضهما في مشروعات للتخفيف من آثار تلك الظاهرة، آلية التنمية النظيفة والتي تتم بين الدول المتقدمة والنامية، واخيراً تجارة الانبعاثات بمعني انها تسمح بتداول خفض الانبعاثات بين الدول المتقدمة لكي يتضمنوا تحقيق أهدافهم خلال فترة الالتزام الاولي بحيث في حالة تحقيق الدول المتقدمة خفض الانبعاثات تستطيع ان تبيع الزيادة لدولة لم تستطيع الخفض.[73]

ولكي يدخل البروتوكول حيز التنفيذ استلزم مجموعة من الشروط وكان من أهمها: – توقيع الرئيس او رئيس الوزراء حسب نظام كل دولة سواء أكان رئاسي او برلماني على البروتوكول وان يكون شرط التصديق من برلمانات55 دولة تمثل انبعاثها أكثر من 55% من انبعاثات دول المرفق الأول “دول منظمة التعاون الاقتصادي الذي يبلغ عددهم 52 دولة” وذلك لضمان الجدية ولصعوبة شروط البروتوكول دخل حيز التنفيذ في 16 فبراير 2005 ونجد ان الولايات المتحدة الامريكية والتي تمثل انبعاثاتها حوالي 25% من انبعاثات العالم لم تُصدق على البروتوكول حتى الان وذلك على عكس روسيا التي تمثل انبعاثاتها 17% في ذلك الوقت قد صدقت على البروتوكول بالإضافة الى دول الاتحاد الأوروبي والذي يُمثل انبعاثاتهم 17% وباقي الدول النامية التي توافرت فها هذه الشروط للدخول في هذا البروتوكول. وفي عام 2005 مع دخول البروتوكول حيز التنفيذ وجدت اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ انه يجب تحسين هذا البروتوكول من خلال إنشاء مجموعة عمل لتحسين بروتوكول كيوتو وإنشاء صندوق التكييف لوضع فيه 2% من عوائد مشروعات آلية التنمية النظيفة لتمويل مشروعات التكيف بالدول النامية.[74]

  • اتفاقية باريس

هو اتفاق قنوني مُلزم لجميع الدول النامية منها والمتقدمة دون استثناء وقرار مكمل لمؤتمر الأطراف، صُدرت اتفاقية باريس عام 2015 حيث انضم اليها 193 دولة بالإضافة الى الاتحاد الأوروبي وتسعي الى تحقيق اهداف اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن التغير المناخي والاسترشاد ببعض مبادئها المتمثلة في مبدأ الانصاف والمسؤولية المشتركة وان كانت متباينة مع مراعاة قدرات كل طرف، دخلت هذه الاتفاقية حيذ التنفيذ في 4 نوفمبر 2016 وواصلت العديد من الدول الانضمام لهذه الاتفاقية وحتي هذا التاريخ وقع عليها حوالي 195 دولة وصدق عليها 189 دولة، ومن اهم الالتزامات المترتبة علي الاتفاقية لإيجاد حل لهذه المعضلة من خلال

1-تقديم خطة المساهمات الوطنية قبل التوقيع على اتفاقية باريس وذلك باللغة الإنجليزية.

2- الاعداد والإبلاغ بتقديم مساهمات متتالية.

3-المشاركة الفاعلة في وضع الطرق والإجراءات الخاصة بآلية خفض الانبعاثات والتنمية المستدامة SDM.

4-المشاركة الفاعلة في وضع الطرق والإجراءات الخاصة بتقييم الاحتياجات المالية والتكنولوجية وبناء القدرات.

5-إبلاغ السكرتارية في موعد أقصاه عام 2020 بإستراتيجيات التنمية المنخفضة الطويلة الاجل بحلول منتصف القرن 2050.

6-المشاركة الفاعلة في وضع الارشادات المتعلقة بالمعلومات التي ستقدمها الأطراف من اجل تيسير وضوح مساهمتها الوطنية وشفافيتها وفهمها.

7-المشاركة الفاعلة في وضع طرق ونظم تدابير الاستجابة وبرنامج عمله ومهامه.

8-تقديم المعلومات كل سنتين: – خاصة بمعلومات عن الظروف الوطنية وإجراءات التكيف، معلومات عن الدعم المطلوب والمتلقي، تقرير حصر وطني للانبعاثات وعمليات فحصها وإلخ….

علاوة على ذلك تهدف الى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بشكل كبير والحد من زيادة درجات الحرارة العالمية الي درجتين مئويتين والسعي الى الحد من الزيادة الى 1,5 درجة مئوية وتحقيق تقدم في حجم ومستوي الإجراءات الوطنية من خلال توفير لدعم وتنفيذ إجراءات قوية للمراقبة والتقييم، وتضم الاتفاقية مجموعة من العناصر التي تتمثل في التخفيف والتكيف والتمويل والشفافية والخسائر والاضرار وتتناول الحديث عن الإجراءات المستقبلية.[75]

ثالثاً: – الجهود الأخرى

ومن ناحية أخرى نجد ان الاتفاقيات القانونية التي ابرمتها منظمة الأمم المتحدة مع دول العالم النامي والمتقدم لم تكف وحدها لحل مشكلة المناخ ولكن بادرت الأمم المتحدة بطرق أخرى للتصدي لهذه الازمة من خلال المؤتمرات التي تعقدها الدول المختلفة وتُشارك فيها الدول والافراد والمنظمات على مستوي العالم وحث الدول بأهمية التحرك سريعاً لخفض الانبعاثات مما تُسبب اضرار كبيرة ولذلك تقوم الأمم المتحدة بإطلاق عدة مبادرات على هامش كل مؤتمر سواء مبادرات شراكة بين مجموعة دول مع بعضها البعض او شراكات ثنائية وقد تكون بين دول نامية ببعضها البعض او متقدمة لا يوجد شكل محدد لهذه الشراكات و تأتي على قمة هذه المؤتمرات “مؤتمر قمة الدوحة2012” بدولة قطر والتي تعتبر من اغنى دول العالم  من حيث امتلكها للنفط والبترول و يُعد مستوى الانبعاثات فيها الأعلى على مستوى العالم أيضا لذلك ارادت الاسهام لحل تلك الازمة من خلال إطلاق مبادرة تدعو فيها دول العالم للمشاركة[76] وقد توصلت هذه القمة لعدة نتائج أهمها: – توجيه التكنولوجيا والتمويل للدول النامية لمساعدتها للتصدي لآزمة تغير المناخ واختيار جمهورية كوريا الجنوبية مقراً لصندوق المناخ الأخضر واستمرار آليات السوق التابعة لبروتوكول كيوتو والتزام الحكومات بفترة التزام تانية للبروتوكول لمدة 8 سنوات. وعلى الجانب الاخر نجد مؤتمر القمة المعني بالمناخ 2019 والذي كان برعاية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حيث دعا قادة العالم من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتسريع العمل المناخي الطموح وركزت القمة على القطاعات الرئيسية كالصناعات الثقيلة والحلول القائمة على الطبيعة والمدن والطافة وتمويل المناخ ومؤتمر كاتوفيتشا 2018 في مدينة بولندا الذي يُعد من اهم المؤتمرات لأنه وُضع فيه لائحة عمل اتفاق باريس.

بالإضافة الى قمة الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ “مؤتمر الأطراف Cop26” والذي اجتمع فيه اكثر من 100 قادة على مستوى العالم مع 1000 مفاوض من الحكومات والمجتمع المدني للتباحث حول وفاء الدول المتقدمة بالتزاماتها تجاه الدول النامية ام لا والتزام الدول المتقدمة بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ام لا وتوصل المؤتمر الى مجموعة من النتائج وكانت اهم الشراكات التي حدثت على هامش المؤتمر هو قرار رئيس الولايات المتحدة جو بايدن بالدخول مع الصين في شراكة من اجل مستقبل الكوكب وشراكات مع الاتحاد الأوروبي لخفض غاز الميثان بالإضافة الى الشراكات الأخرى ومن ضمن الاتفاقيات الجديدة هي تقليل انبعاثات الميثان بنسبة 30% لأنها من افضل الطرق التي تخفض نسبة الاحتباس الحراري،[77] ومن اهم الاحداث العالمية التي حدثت عام 2022 هو مؤتمر COP27 التي استفاضته دولة مصر في شرم الشيخ والذي يعد من اهم المؤتمرات لما له من نتائج هامة وشراكات ومبادرات قامت بها الدول مع بعضها البعض حيث تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر COP27 بمجموعة من المبادرات التي تعكس دعم شركاء بلدان النامية لبناء المرونة في مواجهة المناخ ومن اهم المبادرات تسريع العمل المناخي الدولي من خلال إطلاق مبادرة جديدة لدعم مصر في نشر 10 جيجاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، تعزيز القدرة على التكييف العالمي مع المناخ وتحفيز الاستثمار على النطاق المطلوب لمواجهة أزمة المناخ من خلال إطلاق مناهج جديدة تستخدم لتمويل المناخ واطلاق العديد من الاستثمارات بشكل استراتيجي، بالإضافة الي الشراكات المختلفة التي قامت بين مصر والامارات والشراكة التي قامت بين إسرائيل والأردن والامارات على هامش COP27 وهو اتفاق الكهرباء مقابل الماء، وكان من اهم نتائج COP27 ما يلي:- تم إقرار آليه تمويل الخسائر والاضرار لمساعدة الدول النامية للتصدي لأزمة المناخ وإضافة مصطلح “الحلول المستندة الى الطبيعة” في قرار الغلاف الختامي لبيان مؤتمر المناخ لأول مرة وتخصيص قسم للغابات وحمايتها بالإضافة الى تضمين ملف المياه لأول مرة كأداة لمكافحة التغير المناخي مما يُعني ذلك إدخال القطاعات المستحقة للتمويل المناخي كجزء أساسي من سياسات التخفيف والتكيف ورفع مستوي التعهدات وزيادة ارقام التمويل حيث تعهد الاتحاد الأوروبي بخفض انبعاثاته بمقدار 57% بحلول 2030 وعرضت الولايات المتحدة الامريكية واليابان على إندونيسيا بمبلغ 20 مليار دولار وذلك للتوقف عن استخدام الفحم.[78]

ومما سبق ذكره من معاهدات واتفاقيات ومؤتمرات فلم تكتف الأمم المتحدة بذلك، بل مع هامش كل مؤتمر تعقد مجموعة من المبادرات سواء مبادرات تهتم بحماية حقوق المرآة وتغير المناخ او مبادرات مرتبطة بحماية البحار والمحيطات والتنوع الايكولوجي وكان من اهم هذه المبادرات ما يلي: – ان مؤتمر الأمم المتحدة الأخير ريو+20 حول التنمية المستدامة اكد على “أهمية تمكين المرأة الريفية كعوامل حاسمة لتعزيز التنمية الزراعية والريفية والأمن الغذائي والتغذية” واكدت إلى ضرورة بناء شراكات لتمكين المرأة نحو النمو المستدام، ومن هنا جاءت موافقة هيئة الأمم المتحدة للمرأة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومنظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي على قيادة اكثر استجابة لتمكين المرأة الريفية في المجال الاقتصادي من خلال إجراءات مشتركة وهو برنامج مشترك مدته 5 سنوات تم تنفيذه في اثيوبيا وليبيريا ورواندا ونيبال وعدد من الدول الأخرى، وللتصدي لهذه الازمة التي تهدد الامن الايكولوجي ساهمت الدول بوضع العديد من الاستراتيجيات والاتفاقيات وكان من أهمها: – مذكرة التفاهم الخاصة بحماية الأنواع البحرية (أبقار البحر، السلاحف البحرية واسماك القرش) المُلحقة بمعاهدة المحافظة على الأنواع الانواع المهاجرة من الحياة الفطرية الخاصة، برتوكول حماية البيئة البحرية من التلوث الناجم من مصادر البر، برتوكول التلوث البحري الناجم عن استكشاف واستغلال الجرف القاري، اتفاقية الكويت الإقليمية للتعاون وحماية البيئة البحرية من التلوث وبروتكولاها، الخطة الوطنية للمحافظة على اسماك القرش و إدارتها في دولة الإمارات العربية المتحدة 2018-2021 و إلخ…

المبحث الثاني: – التطورات والمعوقات التي واجهت اتفاقيات الأمم المتحدة

    بروتكول كيوتو تم تطويره عام 2005 أثناء القيام بخطة عمل بالى وقاموا بإنشاء صندوق التكيف ووضعوا نسبة محددة وهى 2% من عوائد مشروعات التنمية النظيفة لمساعدة الدول النامية في تمويل مشروعات التكيف وفى عام 2007 تم تطوير اتفاقية تغير المناخ لكى تساهم بشكل أكبر في تحقيق التكيف ونقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة إلى الدول النامية لأنه منذ دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ وهى تعانى من العديد من المشكلات على أرض الواقع بسبب رفض الدول المتقدمة في نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية وحجتها في ذلك أن التكنولوجيا هي ملك للقطاع الخاص. أيضاً رفضوا موضوع التمويل للدول النامية وذلك لأنهم يقوموا بتمويل مشاريع استرشادية فقط وأنهم يخلون مسئوليتهم من تمويل الدول النامية فيما يخص عملية التكيف وإنما يمولون خطط وإستراتيجيات فقط. وفى عام 2009 أيضاً حدثت مفاوضات لتحسين بروتكول كيوتو، ولكن كان هناك ما يعوق هذه المفاوضات وذلك بسبب انقسام الآراء بين الدول المتقدمة والدول النامية حيث إن الدول المتقدمة رأت أن هذا الاتفاق يجب أن يركز بشكل أكبر على خفض الانبعاثات أما الدول النامية رأت أن هذا الاتفاق يحد من عملية التنمية وبالتالي هذه الخلافات مثلت عائق كبير في تنفيذ هذه الاتفاقية ولذلك تم إنشاء صندوق المناخ الأخضر كمحاولة من الدول المتقدمة لتشجيع الدول النامية وتمويلها، ولكن تنفيذ هذه المشاريع على أرض الواقع كان ضعيف للغاية.[79]

اولاً: – التطورات والمعوقات بشأن إتفاقية كيوتو

هناك فريق عمل يُسمى بفريق ديربن اجتمع لكى يبحث عن حل لكل هذه الإخفاقات وخاصة بروتوكول كيوتو حيث إن الدول المشتركة فيه بدأت أن تنزعج حتى أن البعض منهم انسحب من هذا البروتوكول مثل كندا واليابان وذلك لأن الاتفاقية لم تحتوى على أداة ردع للدول المتقدمة وفرض العقوبات اللازمة عليها عندما فشلت في تحقيق أهداف البروتوكول غير أن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت من البداية التصديق على هذه الاتفاقية وإحساس الدول المتقدمة الذى صدقت على هذه الاتفاقية بالظلم الواقع عليهم وذلك لعدم تحميل الدول النامية مثل هذه الالتزامات وهى أيضاً مشاركة في هذه الانبعاثات المضرة بالبيئة ولذلك اتخذت الدول مجموعة من الخطوات لتلافى هذه الأخطاء حيث أنه في عام 2013 قاموا بعمل ما يُعرف بالمساهمات الوطنية لتجعل الدول النامية تقوم طواعية بالقيام بالخطط والإستراتيجيات لكى تعمل على تحفيز الدول المتقدمة لكى تلتزم بما ورد في بروتوكول كيوتو وعلى المستوى العالمي تم إقامة القمة الرئيسية لنيويورك لكى تؤكد على ضرورة التزام الدول المتقدمة بمواد البروتوكولات وهذه المساهمات أدت في النهاية إلى اتفاقية باريس والذى كان من أهم أهدافها خفض متوسط درجة حرارة الأرض 2 درجة مئوية وهذا الهدف تم العمل عليه بالفعل وأدت جزء من أهدافها وهو وصول درجة الحرارة في وقتنا الحالي إلى 1 درجة مئوية وفى عام 2016 تم الحديث عن كيفية تحقيق الأهداف المرجوة والوسائل المطلوبة لذلك من أهم الآليات لتنفيذ هذه الاتفاقية هي لائحة عمل كاتوفيتشا ولكن هذه اللائحة عانت أيضاً من بعض المعوقات وهي عدم تفعيل بعض موادها مثل المادة السادسة لأسواق الكربون حتى الان لم يتم التوصل إلى شكلها،

ثانياً: – تأثير فيرس كورونا على إستكمال الإتفاقيات الخاصة بتغير المناخ

أيضاً فيروس كورونا كان من أهم المعوقات لتنفيذ الجهود اللازمة لحل قضية المناخ حيث إن بسبب هذه الجائحة لم يتمكن مؤتمر الأطراف بمدريد من الاجتماع والعمل على مناقشة قضايا التغيرات المناخية، أيضاً حدثت العديد من الخلافات بين الدول المتقدمة والنامية بشأن أي البروتكولات أهم؟ كل طرف من هذه الأطراف كان له وجهة نظر مختلفة حيث إن الدول المتقدمة رأت أن الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ انتهت وأن اتفاقية باريس هي الأهم أما الدول النامية رأت أن الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ هي الاتفاقية الأم وأن بروتوكول كيوتو مازال مستمر وحجتها في ذلك أنه تم التصديق عليه من حوالي 143 وتم دخوله حيز التطبيق وأن اتفاق باريس كان هدفه محدد ولم يقسم الدول إلى دول متقدمة ودول نامية لذلك لم يوضح الفروق بين الطرفين وحجم الجهود الذي يجب أن يقوموا بها وإنما الاتفاقية الإطارية فعلت ذلك.[80]

ثالثاً: – الخلاف بين الدول المتقدمة والدول النامية بشأن الاتفاقيات

أيضاً كان هناك خلافات واضحة بين الدول المتقدمة والدول النامية بشأن قضية خفض الانبعاثات حيث أن الدول المتقدمة كان لها أهداف كمية وركزت أكبر على الجانب العالمي وأنه يجب مشاركة كافة قطاعات التنمية في العالم أما الدول النامية رأت أنه من الأفضل التنويع في الأليات المستخدمة منها سياسات ومنها مشروعات وأيضاً أكدت على أهمية تغيير مخططات التنمية إذا كانت لا تتناسب مع الجهود المبذولة لحل قضية المناخ وأكدت أيضاً على شروط محددة يجب تنفيذها وهذه الشروط خاصة بالدول المتقدمة كي تقدم الدعم المالي والتقني اللازم وأن ما تفعله الدول النامية من مجهودات سوف يتوقف وبشكل أساسي على مقدار هذا الدعم. هنا كقضية أخرى كانت محل خلاف بين الدول المتقدمة والنامية وخاصة في أليات تقديم التمويل اللازم فإما منها ما هو خالي وبدون فائدة بسبب إخفاقه في التحصيل المادي اللازم مثل صندوق التكيف ومنها ما يركز على الدول المتقدمة بشكل أساسي وأهمل الدول النامية لذلك تعرض للعديد من النقد لأنه كان غير منصف وعادل للدول النامية مثل مرفق البيئة العالمي. أيضاً صندوق المناخ الأخضر كان مثالاً على تحكم الدول المتقدمة ووضع شروط صارمة للتحكم في عملية التمويل. كان هناك تحدى أخر لعملية تمويل المشاريع اللازمة لحل قضية تغير المناخ حيث إن الولايات المتحدة والتي تعتبر من أهم وأكبر الدول الممولة لهذه المشاريع تتعنت في دفع التمويل اللازم لذلك كان هذا سبب أساسي لتهديد كافة الصناديق الخاصة بعملية التمويل. هناك أيضاً فجوة واضحة بين التمويل اللازم لتحقيق أهداف مؤتمر تغير المناخ وتقليل متوسط درجة حرارة الأرض درجتين وبين التمويل المتاح الذي لا يتناسب مع تحقيق هذا الهدف. هناك مشاكل تتعلق بالدول النامية حيث إن الدول النامية ملتزمة بالعديد من الديون لذلك تكلفة التمويل لديها سوف تكون مرتفعة وإجمالي أموال التمويل التي تحصل عليها سيكون منخفض، أيضاً الواقع يفرض على الدول اللجوء إلى أليات وأدوات للتمويل تعطل من تحقيق الأهداف المنشودة مثل استخدام القروض بدلاً من المنح وبالتالي تزيد من التزامات الدول وتجعلهم يعزفون عن هذه المساعدات.[81]

رابعاً: – الإخفاقات التي أدت إلى إضعاف مصادر التمويل

العديد من الشركاء في هذه الاتفاقيات لم يلتزموا بمبادئها وبادروا بالانسحاب ولذلك تم إضعاف مصادر التمويل، لذلك توصلت الباحثة إلى أن الواقع يختلف بشكل جذري عن الأهداف المراد تحقيقها حيث إنه من أهم الأهداف التي احتوت عليها الاتفاقيات هي مبادئ التزام الدول بضرورة خفض انبعاثاتها وزيادة المساحات الخضراء لتنقية الهواء والتقليل من التلوث، ولكن هذه الأهداف ظلت على ورق فقط وأصبح الواقع يُظهر عكس هذه الأهداف حيث إن الدول المتقدمة لم توافق على أن تُخفض من انبعاثاتها لأنها أقرت أنها دول صناعية بالأساس وأنه من الصعب أن تفعل ذلك. أيضاً العديد من الدول ظلت تُقلص من مساحة الأراضي الزراعية وتزيد من عمليات البناء مما زاد من المخاطر البيئية، ولذلك يُمكن التوصل إلى أن جهود منظمة الأمم المتحدة والاتفاقيات والمبادئ العديدة التي أقرتها كانت غير مُلزمة وكان هذا السبب الرئيسي في عدم تحقيق الأهداف ووجود العديد من التحديات التي تحول دون تحقيقها وذلك لأن هذا جعل العديد من الدول تنسحب منه الاتفاقيات وقتما تشاء إذا رأت أن هذه الاتفاقية لم تحقق لها أهدافها الشخصية أو إذا رأت أن هناك ظلم واقع عليها نتيجة مبادئ هذه الاتفاقيات، أيضاً هذا الذي جعل هناك أكثر من اتفاقية في أعوام محدودة وعدم وجود اتفاقية فعالة بشكل كامل نتيجة الخلافات بين الدول المتقدمة والدول النامية.[82]

علاوة على ذلك نجد ان لمؤتمرCOP27 الأخير المُنعقد عام 2022 بمدينة شرم الشيخ لها العديد من الإخفاقات أيضا لم تسلم منها الدول المتقدمة وكان من اهم هذه الإخفاقات عدم التوصل الى اتفاق بشأن تصنيف الهند والصين كدول مؤهلة للحصول على تمويل للمناخ او ملزمة بمساعدة البلدان المتأثرة بالانبعاثات ولا يوجد مسار واضح لتحقيق هدف الحفاظ على درجة حرارة الأرض بحدود 1.5 درجة مئوية وفشل إقرار تمويل للحفاظ على الغابات من آثار التغيرات المناخية وإلخ..[83]

عاشراً: – الخاتمة

وفي الختام نستنتج مما سبق ان “الطبيعة بظواهرها المتطرفة لا تؤذي البشر، بل يُؤذيها البشر” حيث توصلت الباحثتان أن قضية تغير المناخ أصبحت تشغل العالم بأكمله فهي قضية عالمية ومعقدة لأنها تهدد الأمن والسلم الدوليين تكمن أهمية هذا البحث في أنه لا يتحدث فقط عن سلبيات المناخ وإنما يدرس تأثيره السلبى على الأمن الإنساني في مفهومه الواسع ومن جميع جوانبه سواء الصحة أو الزراعة أو البيئة وغيرها وتأثيره الإيجابي الذي يجلب معه فوائد مثل مواسم النمو الطويل وزيادة التنوع البيولوجي في بعض المناطق بالإضافة الي  المفهوم الجديد الذي ارتبط ظهوره بظهور قضية تغير المناخ فأصبح له صداه الواسع في جميع دول العالم وهو مفهوم الدبلوماسية المناخية التي تتضمن التعاون والحوار والتفاوض بين مختلف الجهات الفاعلة على المستويين الوطني والدولي الامر الذى جعل دول العالم تتسارع لكى يكون لها مبعوث خاص بها يمثلها لدى الدول الأخرى فيكون هو وزير خارجية الدولة أو مختص بشئون البيئة وتكون أولوية عمله للقضايا التي تتعلق بالتغير المناخي كما أننا لن تقتصر على هذا التعريف بل عرفنا أيضاً الحوكمة المناخية لكى تبرز الفرق بينها وبين الدبلوماسية المناخية وفى أي نقطة يتصادمون وذكرنا  أيضاً في المبحث الأخير دور منظمة كبيرة مثل منظمة الأمم المتحدة والذى كان لها دور واسع في هذه القضية من اتفاقيات ومبادرات وغيرها بغض النظر عن التحديات الذى تواجهها نتيجة أن اتفاقياتها غير مُلزمة أو أنها أيضاً لا تستطيع أن تُحقق اتفاق تام بين الدول المُتقدمة والدول النامية، ولكن هذا لا ينكر دورها الكبير الذى قامت به تجاه هذه القضية فهذه المباحث والفصول حاولنا ان نقدم فيها صورة مُتكاملة من سلبيات ومميزات هذه القضية والمؤسسات التي شاركت في حلها.

وللاستفادة من التجربة الذي قام بها آل جور بإصداره لفيلم وثائقي يتحدث فيه عن تغير المناخ وتداعياته فهذا قد يقودنا أيضا لقيام الأمم المتحدة بجهد مماثل لإنتاج عدد من الأفلام التعريفية لقضايا التغير المناخي لأهمية الأفلام في زيادة الوعي العام لدي الافراد[84]؛ نظراً لكون السينما أداة من أدوات تحقيق التنمية المستدامة وكانت للسينما الأمريكية دوراً هاماً لتبني إشكالية المناخ وتقديم بيانات علمية تدعم فكرة الأنشطة البشرية وخطورتها مثل حرق الوقود الأحفوري وارتفاع مستوي سطح البحر وظواهر الطقس المتطرفة وذوبان الأنهار الجليدية وقام بتقديم هذا الفيلم نائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور لاهتمامه الشديد بقضية التغيرات المناخية وفي النهاية قام الفيلم بتسليط الضوء على الحاجة المُلحة لاتخاذ إجراءات للتصدي لتغير المناخ وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وكيفية إلهام الافراد والمنظمات لاتخاذ إجراءات نحو مستقبل اكثر استدامة.[85]

ومن اهم التوصيات التي توصلت اليها الباحثتان من خلال مقابلتها الشخصية مع خبير المناخ الأستاذ صابر عثمان تتمثل في:- ان تقود منظمة الأمم المتحدة لعدد من المبادرات لرفع الوعي العام لدي الافراد، إنشاء موقع إلكتروني يقوم بشرح تداعيات التغيرات المناخية للعامة والتواصل مع البرلمان الدولي لشرح القضية لممثلي برلمانات العالم حتي يتمكنوا من الضغط على الحكومات، بالإضافة الي وضع إطار محدد تقوده منظمة الأمم المتحدة من خلال جامعة الأمم المتحدة ثم تتبناه الجامعات الأخرى فيما بعد لنشر التوعية من خلال وسائل الاتصال وإقامة ورش عمل وتدريبات على المستوي الوطني والدولي والتعليم كل ذلك سيعزز اكثر من دور الأمم المتحدة للتعامل بشكل فعال مع التغيرات المناخية وفي الختام فإن معالجة مشكلة التغيرات المناخية تتطلب جهداً وإرادة جماعية ورؤية طويلة الأمد تعطي الأولوية لرفاهية الأجيال الحالية والمقبلة.

قائمة المراجع

اولاً: – المراجع العربية

  • الرسائل العلمية

1- مروة خليل محمد مصطفي، القدرة التفسيرية للنظرية الليبرالية في عالم متغير “دراسة تقويمية”، (جامعة الإسكندرية، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية).

  • الدوريات
  • انجى أحمد، الإدارة الدولية لقضية التغيرات المناخية، العدد الثالث (مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2019).
  • بن عياد جليلة، حباني كمال، أثر التغيرات المناخية على الأمن البيئي، العدد 1 (مجلد 12، مجلة البحوث العلمية في التشريعات البيئية، جامعة الجزائر، 2022).
  • نيفين فرج، التغيرات المناخية والأمن الغذائي في مصر (المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة، 2021).
  • بدر جدوع، مظاهر التذبذب والتغير المناخي والعوامل المؤثرة فيه (مجلد 23، دار المنظومة 2012).
  • قاسم يوسف، التغير المناخي وأثره على صحة وراحة الإنسان، العدد 11 (جامعة بابل، كلية التربية والعلوم الإنسانية ،2012).
  • شكراني الحسين، حلمي كمال، التغير المناخي من منظور حقوق الإنسان، العدد 9 (مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية، دار المنظومة ،2017).
  • عبد الرحمن عبد المنعم، بسمة محرم، ظاهرة التغير المناخي العالمي والاحتباس الحراري، العدد 1 (مجلد 18، المجلة المصرية للتنمية والتخطيط، معهد التخطيط القومي، 2010).
  • عيسى جعيرن، فعالية الجهود الدولية في مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية، العدد 34 (مجلة رماح للبحوث والدراسات، مركز البحث وتطوير الموارد البشرية ،2019).
  • ماجد بن عبد الله، البيئة العالمية والتغير المناخي وأثارها الاقتصادية، العدد 4 (مجلد 25، مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، دار المنظومة، 1997).

10-لوكال، مريم أحمد، جهود وتحديات مؤتمرات الأمم المتحدة للتغير المناخي، العدد 3 (مجلة 7، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة العربي بن مهيدي، دار المنظومة، 2020).

11- لورانس بواسون، اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ (جامعة جنيف، كلية الحقوق).

12- محمد نعمان، اقتصاديات التغير المناخي “الأثار والسياسيات”، العدد 24 (المعهد العربي للتخطيط بالكويت، جامعة المنوفية، 2007).

13- محمد خلفان، حامد الدبابة، واخرون، الأمن الإنساني دور القطاع الخاص في تحقيق أمن الفرد (مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، الطبعة الأولى، 2009).

14- عبد المسيح سمعان، دور الجامعات في مواجهة مشكلة تغير المناخ، العدد 56 (دراسات في التعليم الجامعي. 2022).

15- رقية خلف، علاء وجيه، واخرون، أثر التغيرات المناخية في الأمن الغذائي لعينة من الأقاليم العربية، العدد 31 (المجلد 12، جامعة الموصل، كلية الإدارة والاقتصاد، 2020).

16- رغدة البهي، المناخ بين الدبلوماسية والحوكمة تجارب دوليه، افاق إستراتيجية، خديجة عرفة (محرر) (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مجلس الوزراء المصري، 2022).

17-خالد كاظم أبو دوح، المجتمع المدني وقضايا تغير المناخ، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار- مجلس الوزراء، مجلة آفاق مستقبلية، العدد (3)، يناير 2023.

المقالات

  • عهود اللامي، التغير المناخي من العلم الى دهاليز السياسة، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ابريل 2019.
  • يوسف أزروال، الأمن الإنساني دراسة نظرية، “الجذور والمفهوم والأبعاد والمخاطر“، 2016.
  • ياسر عبد الجواد، الإدارة الدولية لقضية التغيرات المناخية، العدد 66 (2021).
  • نيفين فرج، التغيرات المناخية والأمن الغذائي في مصر (المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة، 2021).
  • صدفة محمد، النوع الاجتماعي: البُعد الغائب في الاستجابة لتغير المناخ، Research Gate، مارس2022.

أبحاث المؤتمرات

  • محمد السيد سليم، التطورات المعاصرة في دور مصر الإقليمي، بحث مقدم إلي المؤتمر السنوي السادس والعشرين للبحوث السياسية، (جامعة القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية، ديسمبر 2008).

فيديوهات اليوتيوب

  • جاين نتعلم من تجارب الدول.. ليلي بهاء الدين تكشف دور مؤسسات المجتمع المدني في مؤتمر المناخ كوب 27، قناة صدي البلد، 7 نوفمبر 2022، https://youtu.be/iRH2M0Fj33g ، تاريخ الدخول 5/5/2023.
  • المفاوضات الدولية بشأن التغيرات المناخية بين الواقع والمأمول، قناة knowledge enrichment academy، مايو 2021، https://youtu.be/dSqVqHiUfMY ،تاريخ الدخول 7/4/2021.
  • اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، قناة سكاي نيوز عربية، نوفمبر2022، https://youtu.be/KAFocl0GiN8 تاريخ الدخول: – 6/4/2023.
  • النواحي السياسية للتغيرات المناخية تاريخ مفاوضات اتفاقيات تغير المناخ، قناة مشروع وطن، سبتمبر 2022، https://youtu.be/rua07QUzxss ، تاريخ الدخول: – 10/4/2023.
  • قطر تستضيف مؤتمر المناخ، قناة سكاي نيوز عربية، نوفمبر 2012، https://youtu.be/Hox3f89v7M0 ، تاريخ الدخول: 10/4/2023.
  • أسماء سلامة، قمة الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ مؤتمر الأطراف COP26، نوفمبر 2021، https://youtu.be/vPPMm3yRrVE ، تاريخ الدخول: – 10/4/2023.
  • نتائج مؤتمر “كوب27” إنجازات وإخفاقات، أخبار السودان لحظة بلحظة، نوفمبر 2022، https://cutt.us/dAmMj
  • المراجع الالكترونية
  • صحة الحيوان وتغير المناخ، منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، https://cutt.us/U4fKn .
  • احمد حسين، أثر التغيرات المناخية على الإنتاج الحيواني، اجروجيت مصر، نوفمبر2021. https://cutt.us/tRiPV
  • كريستين عرب، تعزيز دور المرأة في الاستجابة لتغير المناخ والوصول الي كوكب مستدام- لا يمكننا تحقيق أحدهما دون الاخر، بوابة الاهرام، 27 مارس 2022، https://gate.ahram.org.eg/News/3455748.aspx .
  • خالد مطرفي، “دبلوماسية المناخ السعودية العابرة للحدود “(25 أكتوبر 2021) تاريخ الاطلاع 21 إبريل 2023، https://www.alarabiya.net/saudi-today/views/2021/10/25/
  • أنتوني بلينكن، إظهار التزام الولايات المتحدة بالعمل المناخي في مؤتمر الأمم المتحدة المعنى بتغير المناخ، (11نوفمبر 2022) تاريخ الاطلاع 21 إبريل 2023، https://cutt.us/T2nvI .
  • مصر وقضية التغيرات المناخية، (19 يونيو 2022) تاريخ الاطلاع 20 مارس 2023. https://www.sis.gov.eg/Story/41146/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D8%A9?lang=ar

ثانياً: – المراجع الإنجليزية

  • Official documents
  • Joyeeta Gupta, Engaging developing countries in climate change negotiations, European Parliament, policy Department Economic and Scientific Policy, March 2008.
  • Private Sector Engagement to Address Climate Change and Promote Green Growth, the Development Assistance Committee: Enabling Effective Development.
  • Ana Belén Sanchez and Moustapha Kamal Gueye, A Guide to climate change negotiations for ILO Constitutions, International Labour Office Green Jobs Programme, November 2015.
  • Woman, Gender, Equality and Climate change, UN Woman Watch.
  • Documentaries
  • A Convenient Truth, directed by Davis Guggenheim, (2006, United states, CA: Paramount Classics, 2023).
  • Book
  • Nick Mabey, Liz Gallagher, Camilla born, Understanding Climate Diplomacy (London, 2013).
  • Radoslav Dimitrov, climate diplomacy, research handbook on climate governance (November 2015).
  • Andrew Heywood, global politics, (China, Palgrave Macmillan, 2011).
  • Reports
  • Alexander carious, Lena Ruthner and others, new paths for climate Diplomacy (federal foreign office, 2014).
  • The UN Security Council and Climate Change, Security Council Report, June 2021.

Websites

ثالثاً: – المقابلات الشخصية

  • مقابلة شخصية مع السفير محمد العرابي بتاريخ 2 مارس 2023 بالمكتبة المركزية بجامعة القاهرة.
  • مقابلة مع الأستاذ صابر محمود عثمان خبير التغيرات المناخية بمؤسسة مناخ أرضنا للتنمية المستدامة بتاريخ 23/2/ 2023 عبر تطبيق الزووم، ويوم 8/5/2023 عبر تطبيق الزووم.
  • مقابلة مع دكتور نُسيبة أشرف بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية دكتور قضايا دولية معاصرة بتاريخ 18/4/2023 عبر مواقع التواصل الاجتماعي “الواتساب”.
  • مقابلة مع السفيرة جيلان علام بتاريخ 5 مايو 2023 عبر مواقع التواصل الاجتماعي “الواتساب”.

[1] انجى أحمد، الإدارة الدولية لقضية التغيرات المناخية، العدد الثالث، (مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2019)، ص 151-154.

[2] انجي احمد، المرجع نفسه، ص 161-163.

[3] بدر جدوع، مظاهر التذبذب والتغير المناخي والعوامل المؤثرة فيه، (مجلد 23، دار المنظومة 2012).

[4] قاسم يوسف، التغير المناخي وأثره على صحة وراحة الإنسان، العدد 11 (جامعة بابل، كلية التربية والعلوم الإنسانية ،2012).

[5] شكراني الحسين، حلمي كمال، التغير المناخي من منظور حقوق الإنسان، العدد 9 (مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية، دار المنظومة ،2017).

[6] عبد الرحمن عبد المنعم، بسمة محرم، ظاهرة التغير المناخي العالمي والاحتباس الحراري، العدد 1 (مجلد 18، المجلة المصرية للتنمية والتخطيط، معهد التخطيط القومي، 2010).

[7] عيسى جعيرن، فعالية الجهود الدولية في مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية، العدد 34 (مجلة رماح للبحوث والدراسات، مركز البحث وتطوير الموارد البشرية ،2019).

[8] بن عياد جليلة، حباني كمال، أثر التغيرات المناخية على الأمن البيئي، العدد 1 (مجلد 12، مجلة البحوث العلمية في التشريعات البيئية، جامعة الجزائر، 2022).

[9] نيفين فرج، التغيرات المناخية والأمن الغذائي في مصر (المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة، 2021).

[10] Alexander carius, Lena Ruthner and others, new paths for climate Diplomacy (federal foreign office, 2014).

[11] ماجد بن عبد الله، البيئة العالمية والتغير المناخي وأثارها الاقتصادية، العدد 4 (مجلد 25، مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، دار المنظومة، 1997).

[12] لوكال، مريم أحمد، جهود وتحديات مؤتمرات الأمم المتحدة للتغير المناخي، العدد 3 (مجلة 7، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة العربي بن مهيدي، دار المنظومة، 2020).

[13] لورانس بواسون، اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ، (جامعة جنيف، كلية الحقوق).

[14] مروة خليل محمد مصطفي، “القدرة التفسيرية للنظرية الليبرالية في عالم متغير “دراسة تقويمية“، (جامعة الإسكندرية، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية)، ص163.

[15] مروة خليل محمد مصطفي، المرجع السابق، ص 172- 175.

[16] محمد السيد سليم، التطورات المعاصرة في دور مصر الإقليمي، بحث مقدم إلي المؤتمر السنوي السادس والعشرين للبحوث السياسية، (جامعة القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية، ديسمبر 2008)، ص 7،8.

[17] The UN Security Council and Climate Change, Security Council Report, June 2021.

[18] إنجى أحمد، الإدارة الدولية لقضية التغيرات المناخية، العدد الثالث، (مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2019) ص.ص 151-153.

[19] محمد نعمان، “اقتصاديات التغير المناخي “الأثار والسياسيات“، العدد 24 (المعهد العربي للتخطيط بالكويت، جامعة المنوفية، 2007) ص.ص 6-9.

[20] محمد خلفان، حامد الدبابة، واخرون، الأمن الإنساني دور القطاع الخاص في تحقيق أمن الفرد، (مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، الطبعة الأولى، 2009) ص.ص 4-7.

[21] يوسف أزروال، “الأمن الإنساني دراسة نظرية، “الجذور والمفهوم والأبعاد والمخاطر“، 2016، ص.ص 196-199

[22] Radoslav Dimitrov, climate diplomacy, research handbook on climate governance (November 2015) p.p97-108.

[23] مصر وقضية التغيرات المناخية، (19 يونيو 2022) تاريخ الاطلاع 20 مارس 2023. https://www.sis.gov.eg/Story/41146/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D8%A9?lang=ar

[24] ياسر عبد الجواد، الإدارة الدولية لقضية التغيرات المناخية، العدد 66 (2021) ص.ص39 -41.

[25] ياسر عبد الجواد، المرجع السابق، ص42-46.

[26] عبد المسيح سمعان، دور الجامعات في مواجهة مشكلة تغير المناخ، العدد 56 (دراسات في التعليم الجامعي. 2022)ص.ص 17-19.

[27] نيفين فرج، التغيرات المناخية والأمن الغذائي في مصر، (المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة، 2021) ص.ص 223 -230.

[28] رقية خلف، علاء وجيه، واخرون، أثر التغيرات المناخية في الأمن الغذائي لعينة من الأقاليم العربية، العدد 31 (المجلد 12، جامعة الموصل، كلية الإدارة والاقتصاد، 2020) ص.ص 117-122.

[29] How is Climate Change impacting the World’s Ocean, Climate action, United nation, https://www.un.org/en/climatechange/science/climate-issues/ocean-impacts .

[30] المرجع السابق.

[31] صحة الحيوان وتغير المناخ، منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، https://cutt.us/U4fKn

[32] د. احمد حسين، أثر التغيرات المناخية على الإنتاج الحيواني، اجروجيت مصر، نوفمبر2021. https://cutt.us/tRiPV

[33] صحة الحيوان وتغير المناخ، المرجع السابق.

[34] صدفة محمد، النوع الاجتماعي: البُعد الغائب في الاستجابة لتغير المناخ، Research Gate، مارس2022.

[35] Woman, Gender, Equality and Climate change, UN Woman Watch, page number 2.

 [36]صدفة محمد، المرجع السابق.

[37] صدفة محمد، المرجع السابق.

[38] مرجع سبق ذكره، ص1.

[39] صدفة محمد، مرجع سبق ذكره.

[40]صدفة محمد، مرجع سبق ذكره.

[41] مرجع سبق ذكره، ص2.

[42] مرجع سبق ذكره، ص3.

[43] مرجع سبق ذكره، ص8.

[44] صدفة محمد، مرجع سبق ذكره.

[45] كريستين عرب، تعزيز دور المرأة في الاستجابة لتغير المناخ والوصول الي كوكب مستدام- لا يمكننا تحقيق أحدهما دون الاخر، بوابة الاهرام، 27 مارس 2022، https://gate.ahram.org.eg/News/3455748.aspx .

[46] Nick Mabey, Liz Gallagher, Camilla born, Understanding Climate Diplomacy, (London, 2013) p.p 12-15.

[47] Nick Mabey, ibid.

[48] رغدة البهي، المناخ بين الدبلوماسية والحوكمة تجارب دوليه، افاق إستراتيجية، خديجة عرفة (محرر) (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مجلس الوزراء المصري، 2022) ص.ص 109-111.

[49] Andrew Heywood, global politics, (China, Palgrave Macmillan, 2011), page number 383-412.

[50] رغدة البهي، مرجع سالف الذكر.

[51] رغدة البهي، مرجع سالف الذكر.

[52] مقابلة شخصية مع السفير محمد العرابي بتاريخ 2 مارس 2023 بالمكتبة المركزية بجامعة القاهرة.

[53] خالد مطرفي، “دبلوماسية المناخ السعودية العابرة للحدود “(25 أكتوبر 2021) تاريخ الاطلاع 21 إبريل 2023، https://www.alarabiya.net/saudi-today/views/2021/10/25/

[54] أنتوني بلينكن، إظهار التزام الولايات المتحدة بالعمل المناخي في مؤتمر الأمم المتحدة المعنى بتغير المناخ، (11نوفمبر 2022) تاريخ الاطلاع 21 إبريل 2023، https://cutt.us/T2nvI

[55] جاين نتعلم من تجارب الدول.. ليلي بهاء الدين تكشف دور مؤسسات المجتمع المدني في مؤتمر المناخ كوب 27، قناة صدي البلد، 7 نوفمبر 2022، https://youtu.be/iRH2M0Fj33g ، تاريخ الدخول 5/5/2023.

[56] مقابلة شخصية مع السفير محمد العرابي حول أهمية الدبلوماسية المناخية ودورها في التغير المناخي.

[57] خالد كاظم أبو دوح، المجتمع المدني وقضايا تغير المناخ، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار- مجلس الوزراء، مجلة آفاق مستقبلية، العدد (3)، يناير 2023، ص 621-622، https://2u.pw/zhUdyL .

[58]  خالد كاظم أبو دوح، المرجع نفسه، ص 623.3

[59] خالد كاظم أبو دوح، المرجع نفسه، ص 623-624.

[60]  خالد كاظم أبو دوح، المرجع نفسه، ص 624- 625.

[61] Ana Belén Sanchez and Moustapha Kamal Gueye, A Guide to climate change negotiations for ILO Constitutions, International Labour Office Green Jobs Programme, November 2015, page number14.

[62] Private Sector Engagement to Address Climate Change and Promote Green Growth, the Development Assistance Committee: Enabling Effective Development, https://www.oecd.org/dac/peer-reviews/Policy-Brief-4-Private-Sector-Engagement-to-Address-Climate-Change-and-Promote-Green-Growth.pdf

[63] Negotiation groups, Climate Hero, https://climatehero.me/negotiation-groups/ date of enter: – 5/5/2023.

[64] Joyeeta Gupta, Engaging developing countries in climate change negotiations, European Parliament, policy Department Economic and Scientific Policy, March 2008, page number 1-4, https://www.europarl.europa.eu/RegData/etudes/note/join/2008/401007/IPOL-CLIM_NT(2008)401007_EN.pdf

[65] Negotiation groups, Op.cit.

[66] Negotiation groups, Op.cit.

[67] Negotiation groups, Op.cit.

[68] Negotiation groups, Op.cit.

[69] Monica Alessi, W.p. van der Gaast, Role of Countries in Climate Negotiation, Climate policy Info Hub, 12 July 2016, https://climatepolicyinfohub.eu/role-countries-climate-negotiations.html date of enter:- 5/5/2023.

[70] المفاوضات الدولية بشأن التغيرات المناخية بين الواقع والمأمول، قناة knowledge enrichment academy، مايو 2021، https://youtu.be/dSqVqHiUfMY ،تاريخ الدخول 7/4/2021.

[71] المرجع السابق.

[72] اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، قناة سكاي نيوز عربية، نوفمبر2022، https://youtu.be/KAFocl0GiN8 تاريخ الدخول: – 6/4/2023.

[73] المرجع السابق.

[74] المرجع السابق.

[75] النواحي السياسية للتغيرات المناخية تاريخ مفاوضات اتفاقيات تغير المناخ، قناة مشروع وطن، سبتمبر 2022، https://youtu.be/rua07QUzxss ، تاريخ الدخول: – 10/4/2023.

[76] قطر تستضيف مؤتمر المناخ، قناة سكاي نيوز عربية، نوفمبر 2012، https://youtu.be/Hox3f89v7M0 ، تاريخ الدخول: 10/4/2023.

[77] أسماء سلامة، قمة الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ مؤتمر الأطراف COP26، نوفمبر 2021، https://youtu.be/vPPMm3yRrVE ، تاريخ الدخول: – 10/4/2023.

[78] نتائج مؤتمر “كوب27” إنجازات وإخفاقات، أخبار السودان لحظة بلحظة، نوفمبر 2022، https://cutt.us/dAmMj

[79] المفاوضات الدولية بشأن التغيرات المناخية بين الواقع والمأمول، مرجع سبق ذكره.

[80] المفاوضات الدولية بشأن التغيرات المناخية بين الواقع والمأمول، مرجع سبق ذكره.

[81] المفاوضات الدولية بشأن التغيرات المناخية بين الواقع والمأمول، مرجع سبق ذكره.

[82] المفاوضات الدولية بشأن التغيرات المناخية بين الواقع والمأمول، مرجع سبق ذكره.

[83] نتائج مؤتمر “كوب27” إنجازات وإخفاقات، مرجع سبق ذكره.

[84] مقابلة مع الأستاذ صابر محمود عثمان خبير التغيرات المناخية بمؤسسة مناخ أرضنا للتنمية المستدامة بتاريخ8/5/2023 عبر تطبيق الزووم.

[85] A Convenient Truth, directed by Davis Guggenheim, (2006, United states, CA: Paramount Classics, 2023).

 

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=90803

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M