التهديدات الأمنية الجديدة بالمتوسط والبعد الاستراتيجي للجزائر

د. صبرينة جعفر

 

تمهيد

تُعد منطقة حوض المتوسط أحد المجالات الجيوستراتيجية الأكثر حساسية في العلاقات الدولية، ليس فقط لتوسطها ثلاث قارات ولكن بالأساس لكونها معبر يصل المحيط الهندي بالأطلسي. كما يشمل أيضا خطا بحريا للنفط القادم من الخليج لأوروبا وأمريكا الشمالية…. فهو الشريان الحيوي للتجارة العالمية… خاصة وانه كان دوما حوض امتاز بالصراعات والنزاعات والحروب والتنافس والتصادم والتعاون أيضا.

يجمع خبراء الأمن والاستخبارات أن المعضلات الأمنية تنامي التهديدات غير العسكرية أو الصلبة من الجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية، تبيض للأموال، وتهريب السلاح والبشر،….و إرهاب العبر للأوطان. والحوض المتوسطي كمنطقة تماس بين شمال متقدم وجنوب يقدح الفقر وغياب التنمية ويحكم بأنظمة قلما فعلت ولو شكليا ميكانيزمات الديمقراطية… مما يخلق إحباطات جماعية تنتج حالات من عدم الاستقرار في المنطقة خاصة ظاهرة (الإرهاب) أو نحو الإدمان على المخدرات في ظل عدم قدرة الأجهزة الأمنية والقضائية على الحد من تنامي ظاهرة الإرهاب الذي يلغي قيم الاختلاف أو التسامح ويخلق حالة من الصراع خاصة في ليبيا ومالي وموريتانيا و…الخ. كل المنطقة العربية، جنوب المتوسط، تعيش في عصر التطرف الإرهابي الذي أدى لظهور عمل دول غرب المتوسط 5+5 على إيجاد آليات للتعاون الاستخباراتي من اجل احتواء إمكانية انتشار هذه الظاهرة المرضية العابرة للحدود.

وهذا ما أدى بدول الضفة الشمالية للسعي نحو خلق مراكز رقابة لحركيات الهجرة في دول المغرب العربي بل وحتى اقتراح فتح مراكز اعتقال للمهاجرين في ليبيا والنجير والمغرب…. كما تبنت هذه الدول الأوربية تشريعات وطنية صارمة فيما يخص الهجرة المسمى بفرونتكس حماية الحدود الخارجية ودونما نسيان العمل الذي تقوم به هذه الدول وخاصة إسبانيا وإيطاليا على مستوى تطوير سياسات وقائية مع دول المغرب العربي ولكن أيضاً ما تقوم به المنظمة العالمية للهجرة مع ليبيا بإنشائها لمراكز إعادة المهاجرين لبلدانهم الأصلية

فبالتالي لم تعد المعضلة الأمنية في الحوض المتوسطي مرتبطة بالتهديدات لدول بل هي تهديدات لجماعات الجريمة المنظمة أو الإرهابية المتطرفة والتي كثيرا ما تتقاطع مصالحها مع الجماعات المنظمة للهجرة غير النظامية أو تجار المخدرات…. ولكن الأمن والأمننة يقتضيان بالأساس وجود تقاطع نفعي- مصلحي بين الدول المتفاعلة وليس فقط رغبة جعل دول الضفة الجنوبية مناولة لسياسات أوروبية حول الهجرة أو المخدرات…إنها مسؤولية جماعية….لأنه مصير مشترك ومحتوم.

وتعد الجزائر الدولة المفتاح في المجال الأمني، وهي شريك استثنائي في مكافحة الإرهاب. وقد دخلت منعرجاً هامّاً في إطار استراتيجية المفهوم العسكري لحلف الناتو للدفاع ضد الإرهاب الدولي في نوفمبر 2001، تلي ذلك مناورات مشتركة بين القوات الجزائرية وقوات الحلف، ومشاركة جدية في مبادرة الحلف التي عرفت بعملية «المسعى النشيط لمحاربة الإرهاب[1]».

في المقابل، لا يزال المفهوم العسكري التقليدي للأمن حاضراً في العقيدة الجزائرية، وبما أن انكشافها حدودي بالدرجة الأولى فهي تولي اهتماماً كبيراً لتأمين الحدود الوطنية، ودليل ذلك النفقات العسكرية المرتفعة إذ بلغت ميزانية وزارة الدفاع الوطني في سنة 2021 1230 مليار دينار أي حوالي 9.6 مليار دولار[2].

ما استدعى بالدول الأوروبية بإعادة النظر في علاقاتها مع دول الضفة الجنوبية للمتوسط، ومن بينها الجزائر خاصة وأنها تملك عمق استراتيجي مهم في الحوض المتوسطي، وما لها من دور فعال في إرساء مبادئ السلم والاستقرار، من خلال دبلوماسية نشطة على المستوى الإقليمي والدولي خولتها الانضمام لمختلف المبادرات الأمنية الأوروبية في المتوسط، وذلك في محاولة للحد من خطر هذه التحديات.

في إطار مداخلتنا هاته سنتناول تداعيات وتأثيرات الأمنية الجديدة في الحوض المتوسطي على الأمن الوطني الجزائري.

من هنا تستوجب طبيعة المداخلة تحديد الإشكالية المركزية على النحو التالي:

ما تأثير التهديدات الأمنية الجديدة في الحوض المتوسطي على البعد الاستراتيجي للأمن الوطني الجزائري؟

أهمية الدراسة:

  • إبراز جملة التحولات التي أعقبت نهاية الحرب والتي كانت لها الأثر الكبير في تغير عدة مفاهيم من أهمها مفهوم الأمن.
  • تحديد أبرز المخاطر الأمنية الجديدة في حوض المتوسط.
  • تقديم مقاربة جغرافية تحدد منطقة المتوسط التي ظلت المتوسطية مسرحا لجملة من الأحداث والتغيرات التي شكلت بدورها المحدد الأبرز للعلاقات البينية داخل منطقة المتوسط.
  • التطرق إلى التهديدات الأمنية في حوض المتوسط وتأثيره على الأمن الجزائري.
  • إبراز دور الجزائر في المقاربات الأمنية المعتمدة لمواجهة معضلة التهديدات الأمنية الجديدة بالمتوسط بالنظر إلى أهمية موقعها الجغرافي ومكانتها المتميزة اللذين جعلا منها طرفا رئيسيا في تحديد طبيعة وأنماط التفاعلات في المنطقة.

منهجية الدراسة:

تتطلب هذه الدراسة الاستعانة بعدة مناهج مكملة لبعضها البعض من أجل الوصول إلى حل للإشكالية المطروحة؛ لذلك، تم الاعتماد على المنهج التاريخي والذي ساعدنا على وضع الدراسة في محيطها وظروفها الأساسية، كما تم الاستعانة كذلك بالمنهج الوصفي من أجل تقديم وصف دقيق للظاهرة محل الدراسة وحيثياتها المختلفة والمتعددة.

المحور الأول: مقاربة جيوستراتيجية لحوض البحر المتوسط

نتعرض في هذا المحور إلى المجال المكاني الذي يخص موضوع تأثير التهديدات الأمنية الجديدة بمنطقة المتوسط على الأمن الجزائري، وبما أن الدراسات في العلوم السياسية بصفة عامة والعلاقات الدولية بصفة خاصة تتميز بالكثير من التنوع لتعلقها بالبناء النظري والمفاهيمي وفقا لتوجهات الباحثين وبناءا على قناعاتهم البحثية وتوجهاتهم النظرية، لذلك سنحاول مقاربة المنطقة المتوسطية وفقا للمنظور الجيوستراتيجية كمنطق بناء منهجي تحليلي.

أولا: الأهمية الجغرافية للبحر المتوسط:

إن البحر المتوسط كما قال الجغرافي أورلاندو ريبيرو بحر واسع وسط أراضي أوروبا وآسيا وافريقيا، مهد لحضارات يوحدها التاريخ، وتقسمها الجغرافيا، بحر كان يبدو للغربيين والأفارقة الشماليين كمركز للعالم بالرغم من أن العالم يشكل كتلة واحدة، وقد ظهر الاهتمام بحوض البحر الأبيض المتوسط منذ القدم فكان محل صراع عبر مختلف الفترات التاريخية، نظرا لاستيعابه واستقطابه الكثير من الحضارات، فقد تمكن الرومان في بعض الوقت من المتوسط واستحوذوا على منافذه وأطلق عليه بحر الروم، وبعض التعابير تقول البحر المتوسط الذي يتوسط الأمم المتواجدة على ضفافه[3].

ومن هنا يمكن القول بوجود معيارين لتعريف الدول المتوسطية وهما المعيار الجغرافي والمعيار الاستراتيجي.

1- المعيار الجغرافي: البحر الأبيض المتوسط، جغرافيا عبارة عن مساحه مائية كبيرة تتوسط ثلاث قارات وهي أسيا، إفريقيا، أوروبا ويقع بين خطي عرض 46 شمالا وخطي طول 50,5 غربا و36 شرقا، ويبلغ طوله من الشرق إلى الغرب من السواحل السورية إلى مضيق جبل طارق،² حوالي 2510000، كلم أما عرضه من الشمال إلى الجنوب أي ما بين سواحل يوغسلافيا سابقا وليبيا فيبلغ حوالي 970، 3540 كلم يتصل البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي من الغرب عن طريق مضيق جبل طارق وفي الاتجاه ² كلم الشمالي الشرقي يتصل بالبحر الأسود عن طريق مضيق البوسفور الدردنيل وبينهما بحر مرمرة، ومن الجهة الجنوبية يتصل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر عن طريق قناة السويس.[4]

وعليه فان الدول المتوسطية وفقا للمعيار الجغرافي هي تلك الدول التي لها ساحل أو منفذ على البحر المتوسط وهي تقع في القارة الثلاث أسيا، أفريقيا، أوروبا وهذا حسب ما توضحه الخريطة التالية:

الخريطة رقم 1: تمثل الموقع الجيوسياسي للمنطقة المتوسطية

الموقع الجيوسياسي للمنطقة المتوسطية

Sites. Google.com/a/alcroom.tzofonet.org.il/689/./rsrc/135210167791 المصدر:

  • 2- المعيار الاستراتيجي: يتمثل المعيار الاستراتيجي في أن تكون هناك مصالح وأهداف بين مجموعه من الدول المرتبطة بالبحر المتوسط، وليس بالضرورة أن تكون مرتبطة جغرافيا فالارتباط يمكن إن يكون اقتصاديا أو سياسيا وهذا بمعنى وجود علاقات تعاونيه تجعل مجموعة من الدول غير متوسطية بالمعيار الجغرافي مرتبطة بالدول المتوسطية تعمل على تعزيز التعاون معها في منطقة المتوسط ومنها الأردن، موريتانيا، البرتغال، دول الخليج العربي.

وعليه فإن المعيار الجغرافي يبقى له دور في تحديد الانتماء المتوسطي أما المعيار الإستراتيجي يعتمد على ذكر النشاط وانخراط تلك الدول وعلاقات في مجال التعاون المتوسطي.

ثانيا: الأهمية الجيوسياسية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط

جوهر الجيوسياسية هو تحليل العلاقات السياسية الدولية على ضوء المعطيات والتركيب الجغرافي، يشكل البحر المتوسط معطى وواقع جيوسياسي حضاري وتاريخي في آن واحد وتمثل منطقة المتوسط رهانا استراتيجيا هاما بحكم ميزاتها البحرية الهامة وللتأكيد على أهميتها الجيوسياسية يؤكد مورتن كابلن إلى القول أن مستقبل السياسة العالمية سيعتمد على الأقل في العقد القادم، واحتمالا للجيل القادم أيضا على تطور المنطقة المحيطة بحوض البحر الأبيض المتوسط، وفي البحر المتوسط مناطق ذات أهمية استراتيجية تسهل عملية المراقبة أو الهجوم أو التنصت وتسهل عملية الانتقال والاتصال كمنطقة مضيق جبل طارق ومضيق البوسفور والدردنيل، قناة السويس[5].

وفي نفس الصدد نجد كل من ماكيندر وألفريد ماهان يقسمان العالم جيوبوليتيكيا إلى ثلاثة أقسام:

  • قلب الأرض: يشمل أوروبا الشرقية وروسيا الأوروبية والأسيوية.
  • الجزيرة العالمية: تشمل ثلاث قارات أوروبا، آسيا، إفريقيا يجمعهم البحر الأبيض المتوسط.
  • الهلال الخارجي: يضم بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، جنوب أمريكا، كندا، أستراليا، وأضاف الهلال الداخلي ويضم ألمانيا، النمسا، تركيا، الهند والصين.

وفقا لهذا التقسيم وضع ماكيندر معادلته الشهيرة: من يحكم شرق أوروبا يسيطر على قلب الأرض، ومن يحكم قلب الأرض يسيطر على الجزيرة العالمية ومن يحكم الجزيرة العالمية يسيطر على العالم. وبناءا على هذا التصور فإن موقع حوض المتوسط جد هام إذ يتوسط الجزيرة العالمية[6].

أما ألفريد ماهان صاحب نظرية القوى البحرية يؤكد على أهمية السيطرة على البحر والممرات البحرية ذات الأهمية الاستراتيجية.

وفق لهذا التقسيم وضع ماكيندر معادلته الشهيرة: من يحكم شرق أوروبا يسيطر على قلب الأرض، ومن يحكم قلب الأرض يسيطر على الجزيرة العالمية ومن يحكم الجزيرة العالمية يسيطر على العالم. وبناءً على هذا التصور فإن موقع حوض المتوسط جد هام إذ يتوسط الجزيرة العالمية.

أما فيما يخص الأهمية الجيوسياسية للجزائر باعتبارها جزء من المنطقة المتوسطية وحالة الدراسة نبرز هذه الأهمية من خلال التالي:

فمن حيث الأهمية الجغرافية تقع الجزائر في شمال قارة إفريقيا يحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط وجنوبا مالي والنيجر وشرقا تونس وليبيا وغربا المغرب والصحراء الغربية وموريتانيا تبلغ مساحتها 2,381741 كلم 2، تشكل الصحراء عمقها الإفريقي وتضعها في اتصال مباشر مع إفريقيا السوداء وتمتد حدودها على طول 6343 كلم، فهي تقتسم 1376 كلم من الحدود مع ” جمهورية مالي”، و956 كلم مع ” جمهورية النيجر”، و464 كلم مع ” الجمهورية الإسلامية الموريتانية”، و1559 كلم مع “المملكة المغربية”، و42 كلم مع “الجمهورية العربية الصحراوية”، و982 كلم مع” ليبيا.[7]

الخريطة رقم ( 2): الخريطة الجيوسياسية للجزائر

الخريطة الجيوسياسية للجزائر

المصدر:   www.Aljazeera.net

أما ألفريد ماهان صاحب نظرية القوى البحرية يؤكد على أهمية السيطرة على البحر والممرات البحرية ذات الأهمية الاستراتيجية.[8]

ثالثا: الأهمية الاقتصادية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط

إن للبحر الأبيض المتوسط أهمية اقتصادية كبيرة فهو مفترق الطرق بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب، فالبحر الأبيض المتوسط قبل كل شيء منطقة عبور بحرية للتجارة العالمية، فيكفي أن التجارة النفطية العالمية ومن الثروات الطبيعية التي يزخر بها المتوسط نجد النفط والغاز الطبيعي الذي تزخر بهما الضفة الجنوبية إلى جانب المعادن: الفوسفات والحديد وثروة سمكية، حيث يحتوي على 75 % من الثروات البحرية الحيوانية 18 % من الثروة البحرية النباتية الموجودة في العالم وهذا ما دفع دائما القوى الكبرى إلى محاولة بسط نفوذها على ثروات هذه المنطقة.

يتميز المتوسط بحركة عبور مكثفه خاصة من منتجات الطاقة، ما يقارب 24 % من حمولة البضائع في منتجات الطاقة، كما زادت حركة الملاحة في البحر الأبيض المتوسط بأكثر من 50 % بين عامي 1997 و2006 وبلغ النمو السنوي لنقل النفط 6% و8% ونقل الغاز الطبيعي وفي عام 2006 سجل حوض المتوسط مرور حوالي 493 مليون طن من المنتجات البترولية من الجموع العالمي الذي يمثل 2600  مليون طن أي حوالي % 20 وتعتبر إفريقيا أكبر مصدر لأوروبا[9].

نظرا لأهمية الموارد الأولية النفط والغاز تسعى الدول الكبرى دائما لسيطرة عليه وتعمل على تأمين الطرق التي يعبر منها النفط.[10]

أما الأهمية الاقتصادية للجزائر فتكمن في كونها أول بلد من حيث المساحة في إفريقيا وأكبر بلد مغاربي، وهي قوة طاقوية إقليمية وواحدة من أهم الدول للسوق العالمية للطاقة لعدة عوامل تمتلك ثامن أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم ب 109 تريليون قدم مكعب مع إنتاج 6.8 تريليون قدم مكعب في عام 2010، وهي من أكبر عشر دول منتجة للغاز في العالم، وثالث أكبر دولة عضو في منظمة الأوبيك بعد إيران وقطر، ورابع أكبر دولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال بتصدير حوالي 13 % من إجمالي الغاز الطبيعي المسال في العالم ما يقرب من 35 % من إجمالي صادراتها من الغاز ثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي لأوروبا عبر المتوسط.[11]

المحور الثاني: التهديدات الأمنية في المتوسط

إن التهديد متغير حركي قابل للقياس، ولا يمكن تفسير الأمن بدون معرفة التهديد،[12] ولقد أفرزت نهاية الحرب الباردة مجموعة من التحولات على صعيد المدركات الأمنية للدول، فالتهديدات الأمنية أصبحت أقل قهرية وأقل ملموسية بتعبير “جوزيف ناي”، حتى إن أساليب التصدي لها لم تعد عسكرية فحسب بمنظور الأمن الشامل.

وقد حدد تقرير PNUD لعام 1999، بعنوان: «العولمة بوجه إنساني»، سبع تهديدات جديدة للأمن كالتالي: الأزمات المالية، ضعف المستوى المعيشي، الأمراض والأوبئة، الغزو الثقافي، الجريمة المنظمة، تأثير التكنولوجيا في البيئة، غياب الأمن السياسي والاجتماعي[13].

لقد انتقلنا إذاً من الحديث عن نزاعات بين الدول إلى نزاعات داخل الدول، والتهديدات بدورها أصبحت عابرة للحدود، حتى إن قراءة المحيط الاستراتيجي للحوض المتوسط ولحزامه الأمني بات يقوم على منطق اللاتماثلية في التهديد.

وقد ارتبط تحول مفهوم الأمن ببروز تهديدات جديدة للأمن على الساحة الدولية، خاصة بعد نهاية فترة الحرب الباردة، وما تلاها من متغيرات، كأحداث 11 سبتمبر 2001، والتي ساهمت في طرحها أكثر بين الدول وأضفت عليها الصبغة العالمية، فبعد أن كانت هذه التهديدات قطرية، أصبحت عابرة للأوطان (Transnationales) كالهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة والإرهاب الدولي، المتاجرة بالأسلحة…إلخ.

غير أن تسمية هذه التهديدات بـ ” الجديدة ” وربطها بفترة معينة أمر غير ثابت، فمثل هذه التهديدات الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة والإرهاب ظهرت في عقود سابقة، لكن ما يضفي عليها طابع الجدة هو مميزاتها التي تعطيها خصوصية مغايرة، تهديدات مشتركة عابرة للأوطان ذات بعد عالمي، وهذا مقارنة بالتهديدات التقليدية ذات الطابع العسكري والقُطري، أي أنها تهديدات متجددة ومتجذرة في نفس الوقت.

وفي ظل هذه التحولات الجديدة نجد أنها انعكست بشكل كبير على دول حوض المتوسط بضفتيه، فالمنطقة المتوسطية ليست بمعزل عن هذه التهديدات المتداخلة والتي من بينها:

أولا: تهديد الهجرة غير الشرعية :

يقول المؤرخ الإيطالي “برونوانتن” « Brounwantin » “إن البحر المتوسط هو قارة سائلة ذات حدود جامدة وسكان متحركين “، تعتبر الهجرة مفهوما لصيقا بحياة الإنسان منذ بروز الجماعات البشرية المنظمة، ويشير قاموس المورد إلى أن معنى الهجرة يتراوح من النزوح إلى الارتحال من مكان إلى آخر، أما قاموس ويبستر فيشير بدوره إلى ثلاثة معاني لكلمة الهجرة، وهي الحركة من دولة أو مكان أو محلة إلى أخرى، المرور أو العبور الدوري من منطقة أو مناخ إلى آخر بغرض البحث عن الطعام أو التزاوج، تغيير المكانة أو مستوى المعيشة[14].

تعرف الهجرة غير الشرعية أو الهجرة السرية، بأنها: انتقال فرد أو جماعة من مكان إلى آخر بطرق سرية مخالفة لقانون الهجرة كما هو متعارف عليه دوليا.[15]

ولقد شهدت مناطق جنوب الصحراء الكبرى، منذ العقدين الأخيرين تزايدا كبيرا في أعداد المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط إلى دول الاتحاد الأوروبي، ويعود هذا إلى عدة اعتبارات سياسة واقتصادية واجتماعية وثقافية، فالأسباب السياسية أهمها هي معارضة أنظمة الحكم والعمل ضدها من الخارج، والأسباب الاقتصادية منها ارتفاع مستوى البطالة وتدني مستوى المعيشة، أما ما هو متعلق بالأسباب الاجتماعية فتتمثل في ارتفاع معدلات زيادة السكان في الدول الجنوبية للمتوسط وغياب التنمية.

فالهجرة هي قضية سياسية حاسمة في القرن 21 م في أوروبا، رغم الأهمية السوسيو-اقتصادية للهجرة بالنسبة لأوروبا إلا أنها صنفت كإحدى المشاكل العليا التي تواجه أوروبا، وذلك بإجماع 82% من أعضاء البرلمان الأوروبي، فقد أصبح ينظر للهجرة كتهديد للهوية الوطنية المحددة ثقافيا، وحسب ” ديدي بيغو” أن “الهجرة مشكلة أمن كبرى بالنسبة لأوروبا”[16]، وبالتالي تشكل هذه الظاهرة تهديدا لأمن منطقة المتوسط والأمن داخل القارة الأوروبية، وذلك بالانطلاق من عدة معايير أهمها :

  • معيار سوسيو اقتصادي: حيث يتم ربط الهجرة بالبطالة وأزمة الدول الحارسة، على اعتبار أن انخفاض أجور المهاجرين غير الشرعيين وكونهم لا يتمتعون بأية حقوق يجعل أرباب العمل يفضلون هذا النوع من الأيدي العاملة، ومن جهة أخرى فقد أصبحت نظم الرعاية الاجتماعية للمهاجرين غير الشرعيين تشكل عبأ على خزينة الدول الأوروبية.
  • معيار أمني: حيث نجد تزاوج بين مفاهيم السيادة، الحدود ( الأمن الداخلي والخارجي).
  • معيار هوياتي: يتم التركيز فيه على العلاقات بين الهجرة، الغزو الثقافي، فقدان الهوية.
  • معيار سياسي: حيث تصبح النقاشات حول العنصرية والتطرف وربطها بالهجرة عملة للحصول على مكاسب انتخابية.

فأكثر ما يتخوف منه الأوروبيون في الجماعات غير الظاهرة  (les groupes Souterraines) والتي يكون أفرادها مهاجرين غير شرعيين غير المندمجين في المجتمع الأوروبي لأن نقص الاندماج الاجتماعي والاقتصادي في دول الإقامة، يؤدي لإمكانية لجوء هؤلاء لنشاطات إجرامية والعمل في إطار جماعات الجريمة المنظمة، مما يهدد الجماعة الأوروبية في تكاملها واستقرارها.[17]

شكل رقم: تمثل خريطة تمثل مناطق عبور المهاجرين غير الشرعيين

خريطة تمثل مناطق عبور المهاجرين غير الشرعيين

المصدر:

Sylviane Tabarly, “La Méditerranée, une géographie paradoxale”, dans Géo-Confluences, Le cite internet http://geoconfluences.enslsh.fr/doc/etpays/Medit/MeditDoc2.htm#haut, 25 Mars 2008

ثانيا: تهديد الإرهاب الدولي:

تعتبر ظاهرة الإرهاب أو ما يسمى بالإرهاب الدولي من أكبر التهديدات الجديدة للأمن الدولي، الذي انتشر بصفة كبيرة خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وأدت هذه الأحداث إلى تحول في نمط هذه الظاهرة حيث انتقل الإرهاب من إطاره الضيق أي داخل الدول، إلى نطاق أوسع وأكثر شمولية أي إرهاب عابر للأوطان، وما تلاها أيضا من أحداث في أوروبا كتفجيرات في السنوات الأخيرة في قلب أوروبا خاصة العاصمة باريس ومعظم الدول الأوروبية.

وقبل التطرق لظاهرة الإرهاب في حوض المتوسط يجدر الإشارة إلى أن مفهوم الإرهاب حظي بقدر كبير من التعريفات، ومع ذلك لم يتحقق حتى الآن إجماع على أي تعريف فكل يعرّفه حسب بيئته ومرجعياته، فمعظم التعريفات اللغوية المتعلقة به مشتقة من الرعب والترويع والذعر والخوف الشديدين، ومن أهم التعريفات المقدمة له تعريف ليفا سور Levasseur بأنه “الاستخدام العمد أو المنظم لوسائل أو أساليب من خصائصها إثارة الرعب بقصد تحقيق هدف أو أهداف محددة في نية الفاعل أو الفاعلين[18].

كما يعرف بأنه عبارة عن التهديد باستخدام العنف أو استخدامه لأغراض سياسية بواسطة الأفراد أو الجماعات ضد السلطات الحكومية الرسمية، فهو يتضمن مجموعات تعمل من أجل الإطاحة بنظم حكومية معينة أو من أجل العمل على عدم استقرار النظام السياسي العالمي كهدف في حد ذاته.[19]

ويقصد به أيضا “الاستخدام المنظم لأعمال العنف عن طريق دولة أو مجموعة سياسية ضد دولة أخرى، أو مجموعة سياسية أخرى، وتتمثل الأساليب الإرهابية في أعمال العنف المستمرة والمتمثلة في القتل والاغتيالات السياسية والخطف واستخدام المفرقعات والطرق المماثلة، بغرض إشاعة حالة من الرعب أو التخويف العام من أجل تحقيق أغراض سياسية”.[20]

إن تعدد هذه التعريفات، يؤكد ما سبق وما ذكرناه آنفا، وهو أنه من الصعب إيجاد تعريف جامع محدد مانع لمفهوم الإرهاب، كما أن هذا المفهوم يرتبط ارتباطا وثيقا بمفاهيم عديدة أهمها التطرف والعنف …

ومنه عند دراسة هذه الظاهرة في منطقة حوض المتوسط نجد هذا الأخير من بين الأقاليم التي عانت كثيرا من الأعمال الإرهابية، لذلك فإن دعم مسيرة العمل الأمني المتوسطي تعتبر أكثر من ضرورة، عن تعزيز وتكريس آفاق التعاون والتفاهم فيما يخدم المصالح المشتركة بين الدول المتوسطية، باعتبارها مرتبطة بسلسلة من الروابط الدينية والتاريخية والحضارية والجوارية.

فنجد الاتحاد الأوروبي قد صنف ظاهرة الإرهاب في خانة التحديات الأمنية الكبرى بعد نهاية الحرب الباردة، وإن كانت هذه الظاهرة قديمة إلا أنها برزت أكثر مع نهاية عقد الثمانيات وبداية عقد التسعينات للقرن الماضي، ويشكل انسحاب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان منعرجا في انتشار واستفحال ظاهرة الإرهاب فمع عودة أفواج المتطوعين الذين شاركوا في الحرب ضد الخطر الأحمر، إلى بلدانهم الأصلية قاموا بتأسيس العديد من الجماعات المسلحة السرية، والتي كانت تحظى بدعم خارجي من منظمات ودول.[21]

وهذه العناصر كان لديها من التجربة والخبرة نظرا لاحتكاكها بالكثير من الجماعات أثناء تواجدها في أفغانستان، ما يجعلها تشكل تهديدا حقيقيا للأمن في منطقة البحر الأبيض المتوسط، كما أن هذه الحركات المتطرفة الآتية من المشرق ومن المغرب، كان هدفها الأول هو الإطاحة بأنظمة الحكم في بلدانها، وعندما عجزت في تحقيق ذلك غيرت من استراتيجيتها وأصبحت تستهدف مصالح الدول الغربية بحجة أن هذه الأخيرة تساند وتدعم الأنظمة السياسة الفاسدة في الكثير من دول الجنوب.

وهناك عدة أسباب أدت إلى استفحال ظاهرة الإرهاب في دول حوض المتوسط اقتصادية واجتماعية خاصة في دول الجنوب من المتوسط التي تعاني شعوبها من الفقر والحرمان وغياب العدالة الاجتماعية، وعدم احترام حقوق الانسان، ما أدى الى تداخل هذه الأسباب مع الاسباب السياسية (استبداد أنظمة الحكم وغياب الديمقراطية…)، باللجوء إلى استخدام العنف ضد أنظمة الحكم لهذه الدول التي لم تستطع الحفاظ على أمنها الوطني.

إضافة إلى استغلال الجماعات المتطرفة لهذه الأوضاع التي تعانيها الدول الجنوبية للمتوسط، لتسويق أفكارها المناهضة للدول الشمالية على أساس ديني، أين وجدت في هذه الدول الأرضية الملائمة لتحقيق أهدافها، وذلك لما شهدته العديد من العواصم الأوروبية اعتداءات وتفجيرات خلفت خسائر بشرية ومادية معتبرة، ويتعلق بتفجيرات وهجومات إرهابية باريس، لندن، مدريد، إيطاليا…الخ.

ثالثا: الجريمة المنظمة :

إن مجابهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود من أهم ما يميز القرن الحالي، بحيث تطورت الجريمة المنظمة على المستوى العالمي باقتحامها ميادين جديدة وذلك عن طريق اكتسابها تقنيات متطورة، وكذا انتقالها من التسلسل العصري التقليدي إلى أشكال أخرى من التنظيم أكثر مرونة باستنادها على شبكات تنظيمية واسعة، إن لانتشار الجريمة المنظمة بشكل واسع، أضاف خطورة أخرى إلى المخاطر التي تهدد كيان العالم.

نقصد بالجريمة بوجه عام، كل عمل غير مشروع يقع على الإنسان في نفسه أو ماله أو عرضه أو على المجتمع ومؤسساته ونظمه السياسية والاقتصادية.[22]

اهتم مجموعة من العلماء بتعريف الجريمة فاختلفت التعاريف باختلاف تخصص العلماء، فنجد أن علماء النفس يرون في الجريمة تعارضا لسلوك الفرد مع سلوك الجماعة، ومن ثم المجرم هو كل من يرتكب فعل مخالف للمبادئ السلوكية السائدة في المجتمع الذي ينتمي إليه، في حين يعتبر علماء الاجتماع بأن الجريمة هي التعدي أو الخروج عن السلوك الجماعي، ومن هنا يعتبر جريمة كل فعل من شأنه أن يصدم الضمير الجماعي السائد في المجتمع فيسبب ردة فعل اجتماعية، أما علماء الدين فيرون في الجريمة خروجا عن طاعة الله ورسوله وعدم الالتزام بأوامره ونواهيه.[23]

جاء في تعريف شامل وواسع صدر عن الإنتربول لعام 1988، أن منظمات الجريمة المنظمة هي “كل مؤسسة أو مجموعة من الأفراد تمارس نشاطا دائما غير شرعي، لا تعترف بالحدود الوطنية، وهدفها الأول والأساسي هو تحقيق الربح والفائدة”[24].

  وإذا أردنا أن نفصل أكثر في تصنيف الجريمة معتمدين أساسا على معيار طبيعتها، نجد أن الجريمة أنواع:[25]

  • الجريمة العادية: مثل السرقة، القتل العمدي، المتاجرة غير الشرعية …
  • الجريمة السياسية: هي الجرائم التي تخل بتنظيم وسير السلطات العمومية أو بمصلحة سياسية للدولة أو حق سياسي للمواطنين.
  • الجريمة العسكرية: هي الجرائم التي يرتكبها العسكريين وأفراد الجيش مخالفين في ذلك النظام العسكري وقوانينه.
  • الجريمة الإرهابية: ظهرت في نهاية القرن العشرين وأصبحت تكتسي طابعا دوليا معقدا.

وهناك نوع آخر من الجرائم، يطلق عليها تسمية الجرائم العابرة للحدود ( المتاجرة بالأسلحة والمخدرات، شبكات تهريب المهاجرين السريين…)، ولعل أكثر ما يميز الجريمة في العصر الحالي هو ارتباطها بعنصر التنظيم، بحيث أنها تعمل بالاشتراك فيما بينها وبكفاءة وانسجام كبيرين، وأكثر من ذلك، نجدها تقسم العالم إلى مناطق سيطرة ونفوذ، مما يؤكد فتح المجال على صراعات مستقبلية في العالم.

كما استفادت الجريمة المنظمة العابرة للحدود من التطور التكنولوجي، والوتيرة المتسارعة للتحولات العالمية المتتالية والموازية لحركة العولمة، فهذا الوضع ضاعف من سرعة الحركة والتنقلات التي أصبحت أمرا يصعب التحكم فيه، كما أدى بالمنظمات الإجرامية العابرة للحدود إلى مطابقة طرق نشاطها حسب قطاع التجارة غير الشرعية، فهي تستثمر في تجارة المخدرات والأشخاص، والأسلحة أو المواد الخطيرة، وتشجع الهجرة غير الشرعية، بحيث يمثل المهاجر المصدر الأول لتزويد الشبكات الإجرامية[26].

المحور الثالث: تأثير التهديدات الأمنية الجديدة بالمتوسط على البعد الاستراتيجي للجزائر

نشير في البداية إلى أنه في الفترة التي أعقبت الاستقلال لم تهتم الجزائر بأمنها في منطقة المتوسط، رغم أن الحوار الأورو- عربي قد بدأ في مرحلة مبكرة على إثر الحرب العربية الإسرائيلية لعام 1973 بحيث كانت للمجموعة الأوروبية حينها مواقف معتدلة مقارنة بالموقف الأمريكي.

لقد كانت الجزائر بعد الاستقلال منغمسة في مشاكلها الحدودية وهو ما أثر بصورة كبيرة في عقيدتها الأمنية ودوائر اهتمام سياستها الخارجية. لكن التحول في طبيعة التهديدات مع نهاية الحرب الباردة قد جعل البعد المتوسطي للأمن الجزائري محوريّاً نتيجة التهديدات والمخاطر المشتركة بين الضفتين، وبالنظر إلى انكشاف الجزائر أمنيّاً على جانبين: العمق الإفريقي جنوباً وأوروبا شمالاً.

إن الانكشاف الأمني للجزائر اليوم لم يعد مرتبطاً بالحدود الضيقة وحدها، بل صار مرتبطاً بأمن الجالية والأمن الهوياتي والأمن المجتمعي ككل، كما أن الانكشاف في عصر العولمة ينطوي على بعد اقتصادي أيضا، بحيث أن ثلثي المبادلات التجارية يتم مع الاتحاد الأوروبي مما يسبب عبء الواردات القادمة من شمال المتوسط والتي تخل بالميزان التجاري الجزائري. على الصعيد الطاقوي، تعد الجزائر الممول الثاني لأوروبا بالغاز الطبيعي.

يضاف إلى ذلك أن ارتباط التحولات بالعولمة قد جعل منها تحدياً حقيقيا، خاصة مع اتساع حدود ظاهرة الإرهاب مثلا وتحالفها العضوي والعملياتي مع أشكال الجريمة المنظمة.[27]

وهو ما عمق الهاجس الأمني تحديداً بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، بحيث أصبحت دول شمال المتوسط تتخوف من انتقال الإرهاب إليها عن طريق الهجرة.[28]

فالتهديدات الجديدة قد أثرت على الأمن القومي الجزائري، وفرضت على الجزائر إعادة تشكيل عقيدتها الأمنية، من خلال الاستثمار في فرص التعاون والتنسيق الأمنيين مع الضفة الشمالية للمتوسط.

أولا: تأثير تهديد الإرهاب على الأمن القومي الجزائري:

عانت الجزائر من تهديدات ظاهرة الإرهاب والتي تصدت لها بشكل فردي دون تدخل خارجي في أواخر القرن الماضي ودفعت ثمنا غاليا من أجل المحافظة على كيان الدولة الجزائرية، في ظل عدم اكتراث إن لم نقل تواطؤ دولي.

إن كل سلوك عنيف لا يُعد عملا إرهابيا إلا إذا توافر على مؤشرات تدل علية، فإن العمل على تبسيط الفعل الإرهابي وحصره في العنف السياسي، يكذبه الواقع الدموي الذي عاشه الشعب الجزائري، وتكذبه كل مؤشرات الفعل الإرهابي في الجزائر، والتي يمكن أن نذكر أهمها في النقاط التالية:[29]

الدعاية ونشر الرعب بين المواطنين: عمدت الجماعات” الإرهابية” من خلال البيانات والتحركات السرية داخل الأحياء والقرى إلى محاولة تجنيد المواطنين إلى صفوفهم عن طريق الإقناع، المبني على التضليل، وذلك بتقديم مشروعهم “الإرهابي” إلى المواطنين على أنه مشروع إسلامي يقوم على الجهاد ضد نظام الحكم الكافر وتقويض قواعده، وتصفية كل من يسانده، حتى وصل الأمر بـ” ضباطهم الشرعيين” إلى إباحة وتبرير المجازر الجماعية أمام أعضاء الجماعة والمتعاطفين معهم من خلال تكفير الشعب بأسره.

الاغتيالات النوعية: باشرت الجماعات “الإرهابية” عدة عمليات اغتيال نوعية، استهدفت عناصر الأمن من شرطة، درك وجيش، نذكر منها:[30]

اعتداء 19 أوت 2008 ضد مدرسة الدرك الوطني بيسر ولاية بومرداس خلف 43 ضحية و38 جريح، لتعلن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مسئوليتها عن العملية، أين اعتبرها رداً على تصفية الجيش الجزائري لعدة قيادات من التنظيم.

اعتداء المنصورة بولاية برج بوعريريج يوم 17 جوان 2009 الذي راح ضحيته 24 دركي في كمين لعناصر تنظيم القاعدة الذي أعلن مسئوليته عن العملية.

الاعتداء الذي وقع “بتينزاواتين “بمنطقة “تلوغات “على الحدود الجزائرية المالية يوم 30 جوان 2010، أين نفذت مجموعة إرهابية انطلقت من مدينة غاو المالية اعتداء على فرقة للدرك الوطني كانت في مهمة حراسة الحدود، حيث لقي 11 دركي مصرعهم واختطاف المرشد “واغي يدع”، كما تم الاستيلاء على سيارتين رباعيتي الدفع تابعة للدرك الوطني، ثم الفرار إلى شمال مالي.

عمليات الاختطافات ضد الأجانب والمواطنين الجزائريين وتعتبر حادثة اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين في العراق وإعدامهم من طرف تنظيم القاعدة في بلاد المشرق العربي أحد فروع تنظم القاعدة العالمي بداية مرحلة الاعتداءات على الدبلوماسية الجزائرية، لتتكرر الحادثة بعد اختطاف دبلوماسييها في مدينة غاو شمال مالي الأمر الذي أدى بالجزائر إلى تنفيذ عملية إجلاء سرية لدبلوماسييها من ليبيا بعد ورود معلومات مؤكدة عن محاولة اختطافهم من طرف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

ولم تقتصر عمليات الاختطاف على المواطنين والدبلوماسيين الجزائريين فحسب بل شملت الأجانب المقيمين داخل الأراضي الجزائرية، حيث سبق وأن قامت الجماعة السلفية للدعوة والقتال باختطاف حوالي أربعون سائحا أجنبيا من جنسية ألمانية في الصحراء الجزائرية قبل أن تنظم إلى تنظيم القاعدة العالمي، بالإضافة إلى عملية اختطاف هارفي غورديل متسلق الجبال الفرنسي بمنطقة القبائل، وهي اختطافات قد تخلق أزمات دبلوماسية بين الجزائر والدول التي ينتمي إليها الأجانب المختطفين.[31]

تدمير وتخريب المنشآت الحساسة: كما لجأت الجماعات “الإرهابية” إلى تدمير كل ما يرمز إلى سيادة الدولة، من النقاط الحساسة في الدولة إلى المرافق والمنشئات العمومية، كالسكك الحديدية والجسور والمطارات، وتخريب وحرق كل الهياكل والمشاريع العمومية. كل ذلك بهدف كسر البنية التحية وإلحاق اكبر دمار بالدولة الجزائرية. ومثال على ذلك ما حدث من اعتداءات منها :

الاعتداء الذي نفذته القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من خلال كتيبة الموقعون بالدماء التي يقودها مختار بلمختار –بلعور -بتاريخ 16 جانفي 2013 ضد القاعدة الغازية “تيقنتورين”، وقد تم احتجاز حوالي 650 رهينة لتنتهي العملية بتحرير الرهائن من الجنسية الجزائرية والقضاء على 29 “إرهابيا” من منفذي العملية والقبض على ثلاثة آخرين، بالإضافة إلى إعدام 41 رهينة من جنسيات مختلفة من طرف الجماعة الخاطفة.

استهداف أنبوب نقل الغاز من قاعدة حاسي مسعود إلى شمال البلاد بتاريخ 29 جانفي، 2013 في ولاية البويرة، وقد استهدف الهجوم العمال المكلفون بحراسة الأنبوب بهدف تفجيره.

ثانيا: تأثير الجريمة المنظمة على الأمن الجزائري:

تعد الجزائر بحكم موقعها المهم أحد أبرز المناطق المهددة بالإجرام المنظم بمختلف صوره، وبالرغم من محاولاتها المتعددة لمكافحته إلا أنها ما زالت تعاني من تداعياته، لذلك سوف نحاول في هذا العنصر التفصيل في ذلك من خلال التركيز على أبرز صور الإجرام التي تهددها.

1- مخاطر تجارة المخدرات وتهربيها على الأمن الجزائري:

تزداد ظاهرة تعاطي المخدرات في العالم بوتيرة متسارعة بالرغم من وجود اتفاقيات ومعاهدات وإجراءات قانونية وأمنية صارمة تحاول التقليل من انتشارها، إذ تظهر البيانات أن عدد متعاطي المخدرات في حالة تزايد ما بين 8 إلى 20 مليون مدمن في كل سنة منذ بداية القرن الواحد والعشرين مع وجود تذبذب في بعض السنوات، فعلى سبيل المثال بلغت نسبة متعاطي المخدرات عام 2004 حوالي 185 مليون مدمن للمخدرات وهو رقم جد مخيف بالنسبة لتعداد السكان الذي يتجاوز 6 ملايير نسمة، ولقد ازداد هذا العدد بحوالي 20 مليون متعاطي للمخدرات في 2005، لينخفض إلى 200 مليون مدمن في2006، ويرجع للصعود بثلاثة ملايين سنة 2018.[32]

فمن الناحية الاقتصادية للمخدرات دور في انخفاض معدلات الادخار والاستثمار، فمن المعلوم أن ارتفاع معدلات الادخار تؤدي إلى زيادة الاستثمار، وزيادة الاستثمار في القطاعات المنتجة يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي، ولكن إذا كانت شريحة عريضة من المجتمع تنفق أموالها للحصول

على المخدرات بدلاً من الادخار، فإن معدلات الادخار تنخفض، وبالتالي تتوقف عملية الاستثمار الأمر الذي يؤدي إلى توقف عجلة النمو الاقتصادي للبلاد، فضلاً عن ذلك فإن تعاطي المخدرات يؤدي إلى ضعف انتاجية الفرد التي تؤدي إلى ضعف إنتاجية المجتمع، وبالتالي على العملية الاقتصادية ككل، فالمتعاطون للمخدرات يمثلون طاقة معطلة، لذلك فإن زيادة تعاطي هذه السموم بالجزائر يمثل تحدي اقتصادي لما لها آثار سلبية على عملية التنمية الاقتصادية.[33]

2- الاتجار غير المشروع بالأسلحة وتأثيره على الأمن الوطني الجزائري:

تأتي معظم الأسلحة غير المشروعة إلى أفريقيا من دول أوروبا الشرقية دول الاتحاد السوفيتي سابقا كأوكرانيا، والولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، وتكون التجارة من أسيا عبر الشرق الأوسط ومن أوروبا عبر البحر المتوسط، حيث يكون من السهل بيع هذه القطع بمجرد وصولها إلى أفريقيا

التي تكثر فيها النزاعات الداخلية المسلحة وما ينتجه ذلك من ضعف فرص رقابة الدولة على حدودها وهذا بوجود جماعات متمردة تفرض نفسها كأمر واقع تسهل من عمليات تهريب الأسلحة كما يساعد الفساد على تدفقها أين يستطيع تجار السلاح شراء الرخص والأوراق الثبوتية من المسؤولين ويتوفر السلاح غير الشرعي بإفريقيا بثمن رخيص من أي منطقة أخرى من العالم.

ويتمثل خطر تجارة الأسلحة على أمن الجزائر في كونها تعمل على تغذية النزاعات المسلحة المجاورة للإقليم الوطني الجزائري، إذ أن النزاع في مالي والنيجر يحدث في شمال هذين البلدين والأخطر من ذلك هو طبيعة وجوهر هذا النزاع، حيث أنه يحدث بين القوات الحكومية و”جماعات الطوارق” الذين يتواجدون في الإقليم الجزائري، كذلك من بين مخاطر الاتجار بالأسلحة هو تلاقي منظمات الإجرام الدولي بالإرهاب الدولي في المنطقة حيث تتسلح المجموعات الإرهابية في المنطقة وذلك عبر قنوات الإجرام الدولي، وهو ما يمكن الجماعات المتطرفة الأصولية من استخدامه لترهيب الدول وشعوبها في عدة أقاليم من أجل تحقيق أهدافها السياسية وتجسيد رؤاها الإيديولوجية من خلال مختلف الاعتداءات المسلحة والتفجيرات “الإرهابية” مثلما شهدته الجزائر في العشرية السوداء وبعدها كاعتدائي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على مقر قصر الحكومة ومقر، المجلس الدستوري سنتي 2006 و2007.[34]

ثالثا: تداعيات الهجرة غير الشرعية على الأمن الجزائري:

تعد الهجرة غير الشرعية من التهديدات الأمنية الجديدة التي ألقت بظلالها على الأمن الوطني الجزائري خاصة في السنوات الأخيرة مع تنامي موجات الهجرة من الجزائر إلى أوربا، ومن الدول الإفريقية نحو أوربا مرورا بالجزائر، حيث أصبحت الجزائر نقطة عبور مهمة للمهاجرين غير الشرعيين، ولا يمكن معالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية بدون التطرق إلى امتداداها وارتباطاها الإقليمية خاصة دول الساحل والفضاء المتوسطي الذي يعد أهم منطقة وفضاء للهجرة غير الشرعية.

و من أهم أسباب الهجرة غير الشرعية الوافدة من إفريقيا ما وراء الصحراء نحو الشمال، نجد الهروب من النزاعات والحروب الأهلية التي تعصف بدول إفريقيا، كذلك الفقر وموجات المجاعة التي ضربت معظم الدول الإفريقية، كذلك قوة الضغط الديمغرافي فالقارة السمراء تظم حوالي 800 مليون نسمة، أي ما نسبته 13.5% من سكان العالم، والبطالة والتهميش أيضا لعبت دورا رئيسا في هجرة الأفارقة الراغبين في تحسين مستوى معيشتهم.[35]

وتعد الجزائر الوجهة الرئيسة والمعبر الأساسي للمهاجرين غير الشرعيين للمرور نحو أوربا، والبداية تكون تحديدا عبر ولاية “جانت”، والتي يمر عبرها كل المهاجرين السريين القادمين من النيجر ومالي وبوركينافاسو، وحتى من “الطوغو” وغانا،و من ثم إمكانية التوجه نحو ليبيا ومنها نحو أوربا الغربية، ويعتبر هذا المنفذ واحدا من العديد من المنافذ التي تؤدي بالمهاجرين نحو السواحل الجزائرية إما “عنابة” للتوجه نحو سردينا الإيطالية أو وهران للتوجه نحو إسبانيا، وذلك عبر البحر باستعمال الزوارق السريعة تعتبر الآثار التي تخلفها الهجرة غير الشرعية كبيرة ويمكن إيجاز هذه الآثار فيما يلي:[36]

– تهديد أمنى يتمثل في اختلاط هؤلاء المهاجرين السريين بالجماعات الإرهابية والجماعات الإجرامية العبر وطنية.

– المتاجرة بالمخدرات وذلك حتى يتمكن هؤلاء المهاجرين من تمويل رحلاتهم.

– صعوبة التنقل عبر المسالك الصحراوية فالكثير من المهاجرين يقضون حتفهم في الصحراء نتيجة للعطش والضياع وسط الرمال.

وتشكل ظاهرة الهجرة غير الشرعية خطراً على الأمن الوطني الجزائري على مختلف مستوياته من خلال ارتباطها بشبكات التهريب والجرائم المنظمة كالتزوير وتهريب المخدرات، ويتأثر الجانب الاقتصادي والاجتماعي من الظاهرة بارتفاع نسب البطالة ومزاحمة اليد العاملة الأجنبية المتسربة لليد العاملة الوطني.

خاتمة:

شكلت التهديدات الأمنية الجديدة تحولا كبيرا على المنطقة المتوسطية نظرا لما أفرزته من مخاطر أمنية ذات طبيعة معقدة ومتشابكة، وبأنماطٍ جديدة لم تكن المنطقة المتوسطية ذات عهدٍ بها، لتطفو على الساحة جملة من التهديدات الأمنية الخطيرة، ولعل أبرز التهديدات الجديدة تمثلت في تحول طبيعة مصادر التهديدات، إذ أن بعض الدول التي كانت تشكل الحزام العازل أو الجدار الواقي لنفوذ التهديدات العابرة من الجنوب إلى ضفاف المتوسط، أصبحت هي بحد ذاتها تشكل تهديدا أمنيا على المنطقة المتوسطية بعد انهيار أنظمتها ونشوب الفوضى التي لا تزال قائمة في بعضها، وما نتج عن ذلك من انتشار للأسلحة والجماعات المسلحة والجريمة المنظمة وتدفق للمهاجرين بأعدادٍ هائلة لم تشهد المنطقة مثيلها منذ الحرب العالمية الثانية، ونتيجةً لتدخلات القوى الإقليمية والدولية في بعض البلدان المتوسطية تفاقمت المخاطر الأمنية المتمخضة عن الربيع العربي وطال أمد بقائها مشكلةً تهديدا أمنيا خطيرا على المنطقة المتوسطية.

ومن الواضح جدا شدة تأثر الجزائر بمختلف التحولات السياسية والأمنية التي تعرفها البيئة الإقليمية، ويرجع هذا التأثر إلى مساحة الجزائر الكبيرة والحدود الطويلة التي تربطها مع عدة بلدان مغاربية وأفريقية ساحلية والتي تعرف اضطرابات أمنية ومشاكل سياسية صعبة بعضها يصنف في خانة “التهديد المباشر لأمن واستقرار الجزائر،” وهذه التهديدات والمخاطر ذات طبيعة وبنية معقدة، حيث تشكل ارتباطا وثيقا ببعضها البعض، وهذا يرجع أيضا لارتباط الجزائر بعدة دوائر جيوسياسية وأمنية: مغاربية، عربية، أفريقية، متوسطية.

وعليه لا يمكن للجزائر الاستمرار بالتفكير الضيق لأمنها الوطني من مقاربة تأمين الحدود محاولة عزل نفسها بل يجب أن تشارك في “بناء نظام أمن إقليمي” يحقق لها متطلباتها الأمنية في إطار ما يسمى في علم الجغرافيا العسكرية بفكرة الدفاع على الخطوط الخارجية.


الهامش

[1] – Roberto Cesaretti, Combating terrorism in the Mediterranean, Available from : http://www.nato.int/docu/review/2006,combatiny-terrorivs/ant.html, Accessed on: 27/06/2021.

[2] – بالأرقام.. ميزانية الوزارات في مشروع قانون المالية لسنة 2021، الرابط، 23/10/2020.

[3] – ليندة عكروم، تأثير التهديدات الأمنية الجديدة على العلاقات بين دول شمال وجنوب المتوسط “، دراسة لاستكمال شهادة الماجستير في العلوم السياسية ( كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة خيضر بسكرة، 2009- 2010 )، ص. 27.

[4] – إبراهيم شريف، أوروبا دراسة إقليمية للدول الجنوبية ( مصر: المؤسسة الثقافية الجماعية، 1960 )، ص. 13.

[5] – -تباني وهيبة، اًلأمن المتوسطي في استراتيجية الحلف الأطلسي دراسة حالة: ظاهرة الإرهاب ًمذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية، (كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري تيزي وزو 2014)، ص ص. 51-53

[6] – عدنان السيد حسين، الجغرافيا السياسية والاقتصادية والسكانية للعالم المعاصر ( بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1994 )، ص ص. 70-71.

[7] – يسرى أوشريف،” تداعيات الأزمة الليبية على الأمن في الجزائر”، رسالة ماجستير في العلوم السياسية : تخصص دراسات مغاربية ( كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، 2016 )،ص. 209.

[8] – يسرى أوشريف، المرجع نفسه.

[9] – مؤتمر الأمم المتحدة لتجارة والتنمية، استعراض النقل البحري، 2012، في: https://unctad.org/system/files/official-document/rmt2012_ar.pdf

[10] – تباني وهيبة، مرجع سابق، ص. 57.

[11] – حكيمة علالي،” البعد الأمني في السياسة الخارجية- نموذج الجزائر”، رسالة ماجستير في العلوم السياسية و العلاقات الدولية، ( كلية العلوم السياسية و العلاقات الدولية، جامعة منتوري، قسنطينة، 2011 )، ص ص 229- 230.

[12] – سليمان عبد الله الحربي، ” مفهوم الأمن: مستوياته، صيغه، تهديداته. دراسة نظرية في المفاهيم والأطر”، المجلة العربية للعلوم السياسية. ع. 19، 2008، ص.27.

[13] – “UNDP. 1999. Human Development Report 1999 : Globalization with a Human Face. http://www.hdr.undp.org/en/content/human-development-report-1999.”

[14] – مراد مقعاش، التهديدات الأمنية في المتوسط وأثرها في علاقات الأمن والتعاون الأورو- جزائري، المركز العربي الديمقراطي، 4 جانفي 2017، في: https://democraticac.de/?p=42040

[15] -عبد اللطيف محمود، الهجرة وتهديد الأمن القومي المغربي ( القاهرة: مركز الحضارة العربية، 2003 )، ص. 14.

[16]– طاهر أميرة، بونيف سامي محمد، ظاهرة الهجرة في المنطقة الأورومغاربية، الحركيات و التداعيات –دراسة في تأثيرات التحولات السياسية ما بعد 2011م -.، المجلة الجزائرية للدراسات السياسية، المجلد 07 / العــدد: 02) 2020،(ص 78 -98.

[17] – ليندة عكروم، مرجع سابق، ص, 78.

[18] – LEVASSEUR Georges, Le problème de l’infraction politique dans le droit de l’extradition, J.D.I, 1990.p 50.

[19] – علالي حكيمة، ” الجزائر والرهانات الأمنية في المتوسط”، المجلة الجزائرية للأمن والتنمية، الجزائر، ع. 2، 2002، ص. 30.

[20] – ليندة عكروم، ص ص. 71-72.

[21] – المرجع نفسه.

[22] – أديبة محمد صالح، الجريمة المنظمة دراسة مقارنة قانونية ( العراق: مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية، 2009 )، ص.17.

[23] – مراد مقعاش، ” التهديدات الأمنية في المتوسط وتأثيرها في علاقات الامن الأورو-جزائري “، أنظر الرابط التالي:

https://democraticac.de/?p=42040

تم الاطلاع عليه بتاريخ ( 14-1- 2021 ).

[24] – ماروك نصر الدين، الجريمة المنظمة بين النظرية و التطبيق، مجلة أصول الدين الصراط، العدد 03، 2 سبتمبر 2000،ص131.

[25] – مراد مقعاش، نفس المرجع.

[26] – محمد علي جعفر، الإجرام المنظم العابر للحدود و سياسة مكافحته، بحث في مجلة الأمن و الحياة، أكاديمية نايف للعلوم القانونية، الرياض، العدد 270، سنة 2007،ص 11.

[27] – صالح زياني،” تحولات العقيدة الأمنية الجزائرية في ظل تنامي تهديدات العولمة “،. مجلة الفكر. ع. 05، د. س. ن، ص. ص. 294 -295.

[28] – هشام صاغور، السياسة الخارجية الأوروبية تجاه دول جنوب المتوسط ( الإسكندرية: مكتبة الوفاء، 2010 )، ص. 236.

[29] – كمال روابحي، ” التهديدات الأمنية الجديدة في المتوسط وتداعياتها على الأمن القومي الجزائري “، مذكرة لنيل شهادة الماستر بالعلوم السياسية ( كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد بوضياف المسيلة، 2017-2018 )، ص. 59.

[30] – المرجع نفسه.

[31] – المرجع نفسه، ص. 60.

[32] – حكيم غريب، الجريمة المنظمة وتداعياتها على الأمن الوطني الجزائري”، مجلة الحقيقة، م. 17، ع. 4، ديسمبر 2018، ص. 57.

[33] – حكيم غريب، مرجع سبق ذكره، ص. 59.

[34] – المرجع نفسه، ص ص. 60- 63.

[35] – كمال روابحي، المرجع السابق، ص. 65.

[36] – المرجع نفسه، ص. 66.

 

.

رابط المصدر:

https://eipss-eg.org/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%87%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d9%88%d8%b3%d8%b7-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d8%ac%d9%8a-%d9%84%d9%84%d8%ac%d8%b2%d8%a7%d8%a6%d8%b1/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M