الدور السياسي لنساء الأقليات في العراق بعد عام 2003

هيام علي المرهج: قسم دراسات المرأة، مركز البيان للدراسات والتخطيط
 
تقديم
يكون وصول نساء الأقليات إلى المحافل العامة الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية محدوداً للغاية، قياساً برجال الأقليات؛ لطبيعة العوائق الثقافية السائدة، ونظرة المجتمع فيما يخص النوع الاجتماعي، إذ تنتشر الأميَّة في مناطق الأقليات، ولا تُزوَّد نساء الأقليات بإمكانيات تعليمية وثقافية، فالنساء اللاتي لا يتكلمنَ سوى لغتهنَّ الأصلية سوف يواجهنَ صعوباتٍ وتمييزاً حتى فيما يخص تلبية متطلبات العيش الأساسية، ممَّا يدفعهنَّ للانطواء على دوائرهنَّ الثقافية الضيقة، ومن ثَمَّ يحرمهنَّ من التزوُّد بالمهارات، والخبرات التي تؤهلهنَّ لدخول سوق العمل، لذا يُعدُّ نقص التعليم المهني، والحصول على شهادة جامعية، والمعرفة المحدودة باللغة الرسمية عقبات تحول دون انخراط نساء الأقليات في المجتمع بكلِّ مفاصله.
تستقطبُ مراكز صنع القرار في العراق عموماً القوى القومية والدينية ذات الثقل الأكبر في المجتمع، وبالتأكيد ليستِ الأقليات من ضمنهم بأيِّ صورة من الصور، ممَّا يجعل وصول المرأة المنتمية إلى الأقليات أمراً أشبه بالمعجزة، وإدراكاً من المجتمع، ومن النظام لهذه الحقيقة فقد وُجِدَ نظام (الكوتا)  كمحاولة لتحقيق المساواة إلى حدٍّ معقول، ومع وجود القوانين التي تضمن حق المشاركة السياسية لجميع العراقيين بغض النظر عن الدين أو الجنس، إلا أنَّ القانون ومؤسساته لم تكن قادرة على إيصال نساء الأقليات إلى مراكز صنع القرار، ولا إلى المناصب الإدارية المهمة، لذا تفتقرُ نساء الأقليات إلى الأمن النفسي والاجتماعي، وتجد في هويتها الدينية أو القومية أو حتى الجنسية عائقاً أمام اندماجها الاجتماعي، ومشاركتها السياسية.
وتبقى المشكلة الحقيقية التي تواجه نساء الأقليات هي الفجوة بين النص القانوني، وبين الواقع والتطبيق، ففي مجتمع يُتقدَّم فيه العرف على القانون، ومشروع القبيلة سابق على مشروع الدولة، يصبح من غير المجدي أن يحفل الدستور بمواد تضمن الحريات الثقافية والدينية لنساء الأقليات، ومن دون وجود ضمانات ومؤسسات تكفل تطبيق هذه القوانين، ومثال ذلك أنَّ قوانين العمل والأجور لم تميِّز بين النساء من (مختلف الأديان والقوميات) وبين الرجال، إلا أنَّ المرأة المنتمية للمكونات الصغيرة تعاني من تمييز في المجال الوظيفي والعمل، إذ لا تستطيع تولي المناصب المهمة في ظل نظام قائم على المحاصصة الطائفية.
طبيعة المشاركة السياسية لنساء الأقليات
تواجه نساء الأقليات عقباتٍ تحول دون المشاركة الفعالة في الحياة السياسية، منها ما يعود إلى الحواجز الثقافية، ولا سيَّما المجتمعات التقليدية المحلية التي تحرم النساء من النهوض بدورٍ في اتخاذ القرارات، ومن ثَمَّ يقع عبء أكبر، وتمييز أعمق تجاه نساء الأقليات، ممَّا يحرمنهنَّ من إبداء الرأي في قرارات السياسة الوطنية؛ لأنهنَّ نساء أولاً، وينتمينَ إلى أقليات ثانياً، وقد تتعرَّض النساء إلى تهميش داخل مجتمعات الأقليات التي ينتمينَ إليها، إذ كانت مشاركة الأقليات غير فعالة في كثير من الأحيان، وذات طابع رمزي في الهيئات الوطنية والمحلية المسؤولة عن السياسة()، وقد أدى عدم الاستقرار السياسي في محافظة نينوى إلى زرع هاجس الخوف فيمن يتصدى للعمل السياسي،  ومثال ذلك اغتيال القيادي في تجمع الشبك الديمقراطي (ملا عباس الشبكي) سنة 2009، وبالمثل واجهت نساء الشبك اللاتي حاولن تصدُّر المشهد مخاطر أمنية تصل إلى حد الاستهداف المباشر، مثاله اغتيال الناشطة الشبكية (غيداء سالم) في شباط 2014، وتعرضت إحدى تظاهرات الشبك إلى حادثة إطلاق عيارات نارية من جهات متنفذة في ناحية (برطلة) وَفْق شهادتها، أمَّا عن اختيار النساء اللاتي يمثلنَ الشبك فإنَّ ذلك يكون عادةً بناءً على انصياع النساء لتوجهات الأحزاب بصورة رئيسة، ويعود تهميش نساء الشبك من قبل رجال الشبك أنفسهم؛ لطبيعة المجتمع الشبكي، وانصياع المرأة إلى التقاليد بحيث تصبح المرأة أحياناً وبحد ذاتها مساهمة في تهميش مكانتها إزاء الرجال، وينطبق هذا على أكثر من نصف النساء الشبكيات، مع محاولة قلة منهنَّ البروز في شتى المجالات التربوية، والدينية، والاجتماعية، والاقتصادية.

لقراءة المزيد اضغط هنا

 

.

رابط المصدر:

https://www.bayancenter.org/2022/12/9098/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M