الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة.. بين الكشف الأممي الأمريكي والتكتم التكتيكي للتنظيم

منى قشطة

 

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في 16 فبراير الجاري أن المُكنى بـ(سيف العدل) أصبح زعيمًا جديدًا لتنظيم القاعدة، خلفًا للزعيم المقتول أيمن الظواهري. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إن نتائج التقييم الأمريكي تتماهى مع التقرير الحادي والثلاثين الصادر في 13 فبراير الجاري عن فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات- المعني بتنظيمي داعش والقاعدة بمجلس الأمن الدولي- والذي خلص إلى أن الزعيم الفعلي الجديد للقاعدة مقيم في إيران. وفي المقابل نفى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان” المزاعم الأمريكية بوجود سيف العدل في إيران واعتبر أنه من “السخرية” الربط بين زعيم القاعدة وطهران.

وفي ظل الإعلان الأمريكي والأممي عن أن سيف العدل يقيم في إيران ونفي الأخيرة لذلك، وتكتم تنظيم القاعدة حتى الآن عن وفاة زعيمه السابق أيمن الظواهري في غارة جوية أمريكية مطلع أغسطس 2022، وتأخره في تنصيب الزعيم الجديد، يمكن طرح مجموعة من التساؤلات حول من هو سيف العدل؟ ولماذا تأخر التنظيم حتى الآن في إعلانه زعيمًا جديدًا؟ وما هي الكيفية المحتملة التي سيمارس بها سيف العدل زعامته للتنظيم، بالنظر إلى طبيعة خلفيته وشخصيته والمناصب المهمة التي تقلّدها داخل القاعدة؟ وأبرز التحديات التي ستواجهه في قيادة التنظيم؟

من هو سيف العدل؟

منذُ إعلان الرئيس الأمريكي في 1 أغسطس 2022 عن مقتل الزعيم السابق للقاعدة أيمن الظواهري، احتل اسم سيف العدل المرتبة الأولى في قائمة المرشحين المحتملين الواردة بكافة التقارير الاستخباراتية وتكهنات وتحليلات الخبراء والمتخصصين التي تنبأت بمن سيتولى زعامة القاعدة. وحتى قبل وفاة الظواهري كانت غالبية السرديات الواردة حول حالة تنظيم القاعدة تتحدث عن أن سيف العدل هو القائم بالدور الرئيس داخل التنظيم في ظل فقدان الظواهري للشخصية الكاريزمية، ووجود الكثير من المؤشرات حول تدهور حالته الصحية التي أدت إلى انتشار شائعة وفاته غير مرة، وتسببت في حالة وصفت بـ “الشيخوخة الحركية” التي أصابت الفرع المركزي للتنظيم. وسيف العدل هو “محمد صلاح الدين زيدان” مصري الجنسية، ولد في مطلع ستينيات القرن الماضي، وتم اعتقاله عام 1987 بتهمة محاولة إحياء تنظيم الجهاد المتهم باغتيال الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات في الثمانينيات، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية المصري الأسبق حسن أبو باشا. وغادر العدل مصر عام 1988 وسافر لأفغانستان، وتزوج من ابنة مصطفى حامد المكنى بـ “أبو الوليد المصري” مؤرخ القاعدة والمستشار السياسي لمؤسس التنظيم أسامة بن لادن.

عُد سيف العدل أحد القادة العسكريين البارزين في القاعدة التي انضم إليها في عام 1989، وكان أمير مؤقت لها بعد وفاة بن لادن وحتى تأكيد خلافة الظواهري، وهو عضو مجلس شورى التنظيم وشغل منصب رئيس اللجنة الأمنية له بمنتصف التسعينيات. ولعب دور بارز في بناء التنظيم وصقل قدراته وإمكاناته العملياتية نظرًا لامتلاكه خبرات تكتيكية عسكرية كبيرة، مكنته من إقامة معسكرات تدريب للتنظيم في باكستان وأفغانستان والسودان. كذلك لعب دورًا بارزًا في إنشاء البنية التحتية لتنظيم القاعدة في القرن الأفريقي، ولا سيما الصومال. ففي عام 1993 سافر مع أحد كبار عناصر القاعدة، أبو محمد المصري، عبر كينيا إلى رأس كبوني في الصومال لإقامة معسكر تدريب هناك، وتم استخدام البنية التحتية في هذه المنطقة كقاعدة لشن غارات على قوات حفظ السلام في المنطقة. وسافر عام 1992 مع أسامة بن لادن إلى السودان، وعاد معه مرة أخرى إلى أفغانستان في عام 1996.

وقد وضعت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن سيف العدل لدوره في مقتل 224 شخصًا في تفجيرات متزامنة للسفارات الأمريكية في كينيا وتنزانيا في 7 أغسطس 1998. وكذا ارتبط اسم العدل بمقتل الصحفي الأمريكي دانيال بيرل في باكستان عام 2002. وانتقل بعد أحداث 11 سبتمبر إلى إيران، وهناك تم وضعه تحت الإقامة الجبرية في عام 2003، ليطلق سراحه بعد ذلك في عام 2015 رفقة 4 آخرين من كبار قادة التنظيم، مقابل قيام الأخير بالإفراج عن دبلوماسي إيراني اختطفته القاعدة في اليمن، وتشير التقارير المختلفة إلى أن العدل لا يزال موجودًا في إيران حتى الآن. ومن المعروف عن شخصية سيف العدل أنها تتسم بالغموض والرغبة في التركيز على الأدوار العسكرية والاستخباراتية بعيدًا عن الأضواء.

وانطلاقًا من أهمية دور شخصية وخلفيات “قائد التنظيم الإرهابي” في صياغة الاتجاهات الاستراتيجية للتنظيم، وطبيعة ونطاق نشاطه من الناحيتين الأيدولوجية والتشغيلية، ترجح التحليلات بأن يصبح تنظيم القاعدة أكثر عنفًا وخطورة تحت قيادة سيف العدل الذي ترى التقديرات المختلفة أنه سيكون لديه القدرة على بث الحيوية في نشاط التنظيم مرة أخرى، بالنظر إلى الخبرات التكتيكية والقدرات التنظيمية والقتالية الهائلة التي يمتلكها، وكذا خلفيته التي تذخر بالعديد من المناصب المهمة داخل القاعدة، فضلًا عن علاقته التاريخية الوثيقة بمؤسس التنظيم أسامة بن لادن، وهو ما سينعكس بطبيعة الحال على نشاط التنظيم وتكتيكاته المتبعة ونطاق تمركز أفرعه في الفضاءات الجغرافية المختلفة.

ولعل ما يعزز من ترجيح تلك التكهنات حالة التصاعد في النشاط العملياتي التي شهدتها القاعدة خلال عام 2022 على مستوى أفرعها المختلفة الممتدة في سوريا واليمن ومنطقة الساحل الإفريقي ولا سيما في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتوجو وبنين، ومنطقة القرن الإفريقي حيث توجد حركة الشباب المجاهدين بالصومال والتي تعد الفرع القاعدي الأكثر قوة في الوقت الراهن، والتي امتد نشاطها أيضًا إلى كينيا وإثيوبيا. وفي السياق ذاته، أفادت العديد من التقارير بأن الفرع المركزي للقاعدة يسعى لتجميع صفوفه، وازداد عدد عناصره على الجغرافيا الأفغانية تحت عباءة حكم حركة طالبان؛ وأحدث مؤشرات على ذلك كانت في تقرير لمجلس الأمن في فبراير الجاري، خلص إلى أن أبو إخلاص المصري، قائد عمليات القاعدة في أفغانستان من المحتمل أن ينشط مرة أخرى شرق البلاد وتحديدًا في كونار ونورستان.

قد يكون من المهم الإشارة إلى أنه في حال تطابق إعلان التنظيم المزمع حول من سيخلف الظواهري مع التقارير الأمريكية والأممية الأخيرة التي أفادت بأن سيف العدل هو الزعيم الجديد للقاعدة، يمكن التكهن بأن العدل سينجح في الحصول على مبايعة باقي أفرع التنظيم بالنظر إلى تاريخه داخل القاعدة ومكانته داخل الأوساط الجهادية، إلا أن هذا لا ينفي وجود جملة من العوامل التي قد تثير حالة من الجدل داخل صفوف التنظيم إذا ما وقع الاختيار على العدل لتولي منصب الزعيم. أولها، إشكالية تواجده في إيران- حسبما تشير المعلومات المتوفرة حوله- الأمر الذي قد يثير اعتراض أعضاء القاعدة الأكثر عداءً للشيعة وللأطراف والميليشيات المدعومة من إيران التي يحاربها التنظيم في بعض المناطق مثل سوريا واليمن. وثانيها، تعيين زعيم جديد للقاعدة مقيم في إيران ربما يمثل تهديدًا كبيرًا لحياته، كون هذا الأمر قد يضفي مزيدًا من التوترات بين الولايات المتحدة وطهران في ضوء تعثر المفاوضات النووية، وهو ما قد يدفع واشنطن للتعاون مع إسرائيل لاغتياله، على غرار مقتل أبي محمد المصري الرجل الثاني في القاعدة في 7 أغسطس 2020 إثر عملية سرية دبرتها واشنطن ونفذها عملاء إسرائيليون على الأراضي الإيرانية. وثالثها، يتعلق بما إذا حاول التنظيم نقل سيف العدل إلى أفغانستان، أو إذا كان الأخير يقيم بالفعل بها؛ إذ تشير بعض المعلومات إلى أنه انتقل من إيران وعاد مرة أخرى إلى أفغانستان، ففي هذه الحالة قد يواجه التنظيم مقاومة من حركة طالبان في ضوء الضغوط الدولية المفروضة عليها، فضلًا عن أن رعايتها للتنظيم بيد أنها أصبحت غير آمنة بعد نجاح الولايات المتحدة في اصطياد الظواهري، حيث كانت عملية مقتلة بمثابة إنذار للتنظيم بأن المواقع الجغرافية التي ترتكز بها قادته باتت مكشوفة أمام جهود الولايات المتحدة الرامية إلى مكافحة الإرهاب.

لماذا تأخر تنظيم القاعدة في الإعلان عن الزعيم الجديد؟

رغم مرور أكثر من نصف العام على الإعلان الأمريكي عن مقتل أيمن الظواهري في العاصمة الأفغانية كابول؛ إلا أن التنظيم التزم الصمت حتى الآن بخصوص الحديث بالنفي أو التأكيد عن عملية مقتله أو عن خليفته المحتمل، بل إن التنظيم لايزال مستمرًا في بث مقاطع مرئية عبر منصاته الإعلامية للزعيم المقتول، وهو الأمر الذي أرجعته التقارير والتحليلات المختلفة إلى جملة من العوامل:

الأول، يتعلق باستغراق التنظيم وقتًا قبل الإشارة إلى التطورات المهمة الخاصة به أو الإعلان عن قراراته الحاسمة، ومن ذلك على سبيل المثال لم تعترف القاعدة بتنفيذ هجمات 11 سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية إلا في رسالة مسجلة لزعيمها السابق أسامة بن لادن عام 2004. وبالمثل، رغم إعلان حركة الشباب المجاهدين بالصومال بيعتهم للقاعدة عام 2009، إلا أن التنظيم لم يؤكد هذه البيعة إلا عام 2012.

الثاني، ربما يتعلق تأخر القاعدة في الإعلان عن الزعيم الجديد باعتبارات السلامة والأمان التي يحرص التنظيم على توفيرها له خصوصًا وأن العديد من قادته قتلوا في إيران وأفغانستان خلال السنوات الأخيرة. وبشكل عام، تحاول التنظيمات الإرهابية الحفاظ على حياة الزعماء الجدد بطريق عديدة ومنها استعمال الكنيات والأسماء الحركية، أو التكتم عن آية معلومة تشير إلى هوياتهم وأماكن نشاطهم، أو التأخر في الإعلان عن الزعيم الجديد حتى يتسنى لها توفير ملاذ آمن له بعيدًا عن عدسة جهود مكافحة الإرهاب التي باتت تركز مؤخرًا على استراتيجية “قطع الرؤوس” القائمة على استهداف زعماء التنظيمات الإرهابية.

الثالث، ربما يعكس تأخر القاعدة في الإعلان عن الزعيم الجديد أزمة قيادة داخل التنظيم، وهذا الأمر ليس بالجديد على القاعدة، فبعد مقتل أسامة بن لادن في 2 مايو 2011، استغرقت عملية اختيار خليفته الظواهري نحو ستة أسابيع حتى الإعلان رسميًا عن توليه زعامة التنظيم في 16 يونيو 2011، وهو ما أوزعته العديد من التقديرات إلى انقسامات داخل التنظيم حول تعيين الأخير. وربما يرجع تأخر الإعلان عن تنصيب خليفة الظواهري بوقت تجاوز تلك المدة التي سبقت الإعلان عن خليفة بن لادن، إلى بعض المشكلات التي تواجه القاعدة في الوقت الراهن، وفي مقدمتها الانشقاقات والانقسامات التي أسفرت عن هزات بنيوية لبعض أفرعها كالفرع اليمني، إلى جانب بعض المشكلات المتعلقة بإيجاد ملاذات آمنة لقادتها في ظل الضربات عبر الأفق التي تنفذها الولايات المتحدة لاستهداف هؤلاء.

الرابع، ربما يرتبط تأخر القاعدة في الإعلان عن مقتل الظواهري وتنصيب زعيم جديد، برغبة التنظيم في تجنب التسبب في أي إحراج لحليفته الجهادية حركة طالبان، وهو ما دفع البعض إلى التكهن بأن القاعدة تحاول غض الطرف عن عملية مقتل الظواهري من خلال وضع خطة تفضي في النهاية إلى أن وفاة الأخير جاءت نتيجة مرضه وليس مقتله على يد الولايات المتحدة، بما يتماشى مع استمرار إنكار طالبان حتى الآن لحقيقة أن الظواهري كان يقيم على الأراضي الأفغانية ويتمتع بملاذ آمن في منزل  يملكه أحد كبار مساعدي وزير الداخلية والقيادي البارز بطالبان سراج الدين حقاني وفي أحد الأحياء الفاخرة لكابول على مقربة نحو 200 متر فقط من القصر الرئاسي.

تحديات عديدة

تشير الكثير من المعطيات إلى وجود مجموعة من التحديات التي ستواجه سيف العدل في إدارته لتنظيم القاعدة، وهي موروثة في معظمها عن سلفه الظواهري وملابسات وتداعيات اغتياله، نستعرض أبرزها فيما يلي:

• الهزات المعنوية المرتبطة بخسارة قادة التنظيم: أسفرت استراتيجية “قطع الرؤوس” التي تنتهجها القوى الدولية المعنية بمحاربة الإرهاب عن فقدان تنظيم القاعدة للعديد من قياداته المؤثرة، فخلال الثلاث سنوات الماضية فقط فقد التنظيم نحو 8 من قيادات الصفين الأول والثاني، أبرزهم: حمزة بن لادن عام 2019، وأبو محمد المصري وأبو محسن المصري وقاسم الريمي زعيم التنظيم في اليمن عام 2020، وزعيم التنظيم أيمن الظواهري عام 2021. ورغم أن استهداف قادة التنظيم لم يؤدِ إلى توقف نشاطه، إلا أنه تسبب في إحداث هزة معنوية بين عناصره وأفرعه. وبشكل عام، يمكن القول إن القاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية تأقلمت مع خسارة قادتها، لكن هذا لا ينفي تأثرها وارتباكها معنويًا؛ كون القيادة داخل هذه التنظيمات يكون لها صفة مركزية وثقل معنوي كبير. وفي أحيان كثيرة يؤدي مقتل القائد إلى حدوث انشقاقات كبيرة في صفوف التنظيم، مثال الانشقاقات التي شهدتها جماعة بوكو حرام (التي تعد من أقدم وأكثر الجماعات الإرهابية دموية في إفريقيا والعالم) عقب مقتل زعيمها “أبي بكر شيكاو” في يونيو 2021 على يد ولاية داعش غرب إفريقيا، حيث استسلم الآلاف من عناصرها لقوات الجيش النيجيري، في حين انشق العديد من العناصر الأخرى للانضمام إلى صفوف الفرع الداعشي في غرب القارة السمراء.

• مخاوف من انشقاقات جديدة: قد يواجه سيف العدل احتمالية حدوث انقسامات جديدة بين صفوف التنظيم، ويستدل على ذلك من عاملين: الأول، الخبرة التاريخية التي كشفت عن حدوث انشقاقات داخل القاعدة، كان أبرزها انفصال أبي بكر البغدادي عام 2014 عن التنظيم وإعلانه تنظيم دولة الخلافة، الذي أضحى ينافس القاعدة في الساحة الجهادية العالمية ويسيطر على عدد من أفرعها ويتمدد في مناطق مختلفة من دول العالم. وكذا انفصال جبهة النصرة بقيادة أبي محمد الجولاني عن القاعدة عام 2016 واندماجها بعد ذلك مع مجموعات أخرى وإعادة تسمية نفسها باسم هيئة تحرير الشام عام 2017.  والثاني، ما أشارت إليه صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في 2 أغسطس 2022 بوجود بوادر لانقسامات جديدة في صفوف التنظيم بعد ساعات قليلة من مقتل الظواهري. فوفقًا للصحيفة، نشرت الفصائل المختلفة المنتمية للقاعدة ردود أفعال متباينة بشكل صارخ على وفاته، وفي غرف الدردشة على مواقع التواصل الاجتماعي، أشادت بعض الفصائل بالزعيم المقتول ووصفوه بأنه “شهيد” واتهموا طالبان بخيانته. وفي المقابل ألقى آخرون باللوم على الظواهري في ضعف القيادة، والفشل في منع الانقسامات داخل التنظيم.

• إدارة العلاقات المستقبلية مع حركة طالبان: لم يكد الفرع المركزي للقاعدة يدخل في محاولة للانتعاش مع عودة حركة طالبان للحكم في أغسطس 2021، حتى جاءت عملية مقتل الظواهري لتفشل هذا المسعى، وتضع طالبان بين مطرقة اتهامها بإيواء عناصر القاعدة وتوفير ملاذات آمنة لها، والسماح لها بإقامة معسكرات تدريب وبنية تحتية داخل أفغانستان للتخطيط لعملياتها، وسندان احتمالية توتر علاقتها مع التنظيم لفشلها في حماية الظواهري من الضربات الأمريكية التي أودت بحياته.  واتصالًا بذلك، سيواجه سيف العدل تحدي بقاء الفرع المركزي للتنظيم في أفغانستان، خصوصًا أن عملية مقتل الظواهري ومن بعده زعيم حركة طالبان باكستان عمر خالد الخرساني برفقة اثنين من مساعديه أظهرت أن مسألة الملاذ الآمن في كنف طالبان لم تعد مضمونة، لا سيما إذا اضطرت الأخيرة إلى تقليص تعاونها مع القاعدة استجابة للضغوط المفروضة عليها، وسعيًا إلى نيل الشرعية الدولية الغائبة عنها.

وثمة عوامل أخرى قد تهدد بقاء القيادة المركزية للتنظيم في أفغانستان، منها تنامي تهديد “داعش خراسان” الذي لم يسلم منه حتى مسؤولو طالبان، فضلًا عن خضوع أفغانستان لمراقبة حثيثة من وكالات الاستخبارات الأمريكية في إطار استمرار استراتيجية “العمليات عبر الأفق”، ما قد يفرض احتمالية لجوء عناصر التنظيم في أفغانستان إلى الانزواء والعمل سرًا لتجنب الكشف عنها واستهدافها، وربما يلجأ سيف العدل إلى نقل القيادة المركزية للتنظيم إلى دولة أخرى.

ختامًا، جاء الإعلان الأمريكي والأممي عن تولي سيف العدل المقيم بإيران لزعامة تنظيم القاعدة، بعد مرور أكثر من ستة أشهر على صمت وتكتم التنظيم عن التعقيب بالتأكيد أو النفي عن عملية مقتل الظواهري في غارة أمريكية بأفغانستان مطلع أغسطس الماضي، أو تنصيب زعيم جديد للتنظيم، وهو ما يمكن إيعازه إلى جملة من العوامل ربما يتعلق بعضها بوجود اختلافات داخلية حول من سيكون الزعيم، والبعض الآخر يتعلق بحرص القاعدة على عدم إحراج حركة طالبان أمام المجتمع الدولي الذي يشترط تخليها عن تحالفاتها وارتباطاتها الجهادية مع التنظيم للاعتراف بحكمها في أفغانستان.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/75635/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M