الصدع السعودي الباكستاني يتطور حول الهند

سايمون هندرسون

 

في 17 آب/ أغسطس، زار رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال قمر جاويد باجوه السعودية للقاء نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان، الأخ الأصغر للحاكم الفعلي للمملكة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وجاءت هذه الرحلة في وقت تزايد فيه الخلاف بين باكستان والرياض – التي هي ربما من الناحية التاريخية أقرب حليف لها – فيما يتعلق بمصير كشمير، المنطقة المنقسمة والمتنازع عليها ذات الأغلبية المسلمة التي جعلت إسلام أباد عالقة في صراعٍ مريرٍ مع الهند لعقودٍ من الزمن.

وبالفعل، تسببت هذه القضية بانقسام جزءٍ كبيرٍ من العالَم الإسلامي منذ  شهور. ففي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، نظّمت ماليزيا مؤتمراً أُدرجت فيه قضية كشمير على جدول الأعمال. ونظراً إلى الموضوع وقائمة الحضور – التي تضمنت خصمي السعودية إيران وتركيا – ضغطت الرياض على باكستان للانسحاب، وهو ما قامت به في اللحظة الأخيرة على الرغم من أنها كانت إحدى الداعمين الرئيسيين لعقد هذا الاجتماع.

ثم، في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر – في الذكرى السنوية الأولى لقرار نيودلهي باستعمال القوة لتعليق جزء كبير من الحكم الذاتي الذي كانت تتمتع به منطقة كشمير الهندية سابقاً – طالب وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي بأن تدعو “منظمة التعاون الإسلامي” ومقرها السعودية إلى عقد اجتماع وزاري حول كشمير، وأشار إلى أنه بخلاف ذلك ستعقد باكستان اجتماعها الخاص. ودفع هذا الموقف وغيره من المواقف الرياض إلى تجميد التسهيل الائتماني النفطي البالغ 3.2 مليار دولار الذي سبق أن منحته إلى إسلام أباد، والإصرار على أن تُسدّد باكستان في وقت مبكر أجزاء من قرض بقيمة 3 مليارات دولار.

ويبدو أنّ الخلاف بينهما حول كشمير نابع من تحوّلٍ في السياسة الخارجية السعودية. وكما يظهر، يرى محمد بن سلمان أنّ علاقات المملكة مع الاقتصاد الهندي ذي المستوى العالمي أكثر أهمية من روابطها مع باكستان – على الرغم من السنوات التي أمضتها الرياض في تمويل البرنامج النووي لإسلام أباد لدرجة أنّ الكثيرين يفترضون أنّ بإمكان السعودية اللجوء إلى هذه الترسانة الأجنبية إذا ما حدثت أزمة أمنية رهيبة في الخليج. إلا أنّ الزاوية الجيوسياسية تتداخل مع الزاوية الدينية: فمن خلال تهميش الوضع في كشمير على ما يبدو، تُفسِح الرياض المجال أمام تركيا أو إيران أو الجهات الفاعلة الأخرى لتحدّي قيادتها المزعومة للعالم الإسلامي وربما حتى الدور التقليدي للعاهل السعودي بصفته “خادم الحرمين الشريفين” في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وفي ظل هذه الخلفية، بدت زيارة الجنرال باجوه في 17 آب/أغسطس وكأنها محاولة لتأخير الصدمة الكبيرة في العلاقات الثنائية، ومن غير الواضح ما إذا كان قد حقق نجاحاً في زيارته. فقبل هذه الرحلة، ادّعى أحد الوزراء في الحكومة الباكستانية أنّه قد تم تقريباً حل المسائل [العالقة] مع السعودية، “وسيتم تسوية بقية القضايا، إذا كانت لا تزال قائمة” أثناء الزيارة. لكن بعد عودة الجنرال إلى بلاده، وصفت البيانات الصادرة عن القوات المسلّحة المحادثات بأنها “عسكرية في الأساس” في طبيعتها. وبالمثل، في مقابلة تلفزيونية في اليوم التالي، قلّل رئيس الوزراء عمران خان من أهمية الخلافات الثنائية، بقوله: “الشائعات بأن علاقاتنا مع السعودية قد توترت كاذبة تماماً”. لكنه لم يذكر بالتفصيل أي تقدم بشأن القضايا المالية أو موضوع كشمير، مما يعني أنه لا يوجد شيء يمكن الإبلاغ عنه.

وهذه الأخبار مقلقة بالنظر إلى الأزمة المحلّية المتصاعدة في باكستان، التي لن تتفاقم ظروفها الاقتصادية الخطيرة إلا من خلال سحب النقد السعودي. وقد تسدّ المساعدة الصينية هذه الثغرة، لكنّها تأتي ضمن شروطٍ قد تُحبط مفاوضات إسلام أباد مع “صندوق النقد الدولي”. وفي 20آب/ أغسطس، طار وزير الخارجية قريشي إلى بكين لحضور اجتماع وصف بأنه “مهم للغاية”.

ومن الناحية السياسية، يتمتع الجنرال باجوه بقوة أكبر من رئيس الوزراء خان، الذي غالباً ما يُعزى فوزه في انتخابات عام 2018 إلى واقع أنّ القوات العسكرية لم يرُقها المرشّحون الآخرون لذلك دعمته. وتشكل سيطرة الجنرال على الأمن والسياسة النووية أداته الرئيسية في التعامل مع الرياض. لكن التقارير الأخيرة تشير إلى أنه رغم إمكانية قيام باكستان بعرض المساعدة النووية إلى السعوديين منذ سنوات، إلّا أن الصين تهيمن الآن على هذا الدور. كما أنّ استعداد الرياض لدعم سياسات إسلام أباد بشأن كشمير وغيرها من القضايا قد تتأثر أيضاً برغبتها في تخفيف حدة التنافس النووي بين الهند وباكستان.

رابط المصدر:

https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/saudi-pakistan-rift-develops-over-india

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M