المسئوليه الجنائيه عن عمليات نقل الدم الملوث

إعداد :سيد طنطاوى محمد-ماجستير فى القانون الدولى العام وباحث دكتوراة

 

Introduction:

That blood is a liquid depends on human life, which is the biological factor without which the  human disappears from existence, where it enjoys many biological and medical functions, which make it very important and distinct from the rest of the human body, but despite the inability of modern medicine and scientific research to find artificial alternatives to it. However, a range of legal uses helped him to extend his authority to the medical community and in the field of criminal law in particular, where blood transfusions have recently become a fertile area for medical and legal conferences as acts that raise a lot of debate and disagreement among medical professionals. And the law because it is one of the modern topics so we find despite the multiple uses of blood in the biological or medical fields, and even legal, but it may be exposed to some serious problems due to the infection of one of the deadly infectious diseases as it may affect some disorders as a result of its contamination or as a result of not The doctor’s responsibility is also to carry out a blood transfusion that exceeds the permissible limit, which affects the heart, leading to death, which also prompted the international community to move quickly to protect the blood.  Moreover, the disease may also be transmitted by the use of injections or other blood transfusions, as it has not been subjected to sterilization procedures since then and the international community has been recruited to cope with this disease and other diseases without neglecting the effective role played by the World Health Organization in the fight against diseases. Infectious, which i considered one of its urgent priorities to confront these diseases, which are based on its activity and objectives of the human right to health and treatment and associated with the right to life, has adopted all international conventions and accepted the heavenly laws a set of fundamental rights of man, the most important of which is the right of man to live. And stay and grow and for this islamic legitimacy that it is one of the living as if it revived all people, and even made it one of the five colleges of religion in any illegal medical intervention affecting the human body, the principles and legal provisions see that it is a red line that cannot be easily crossed but more than that decided to punish anyone who violates Integration or compensation for all those who caused damage as a public asset unless there is an exception authorized by the Law or law

مقدمه:

أن الدم سائل تتوقف علية حياه الانسان ,وهو  العامل الحيوى الذى بدونه تندثر البشريه من الوجود,أين يتمتع بالعديد من الوظائف البيلوجيه والطبيه, التى تجعله فى غاية الاهميه وتميزةعن بقيه أعضاء الجسم البشرى ,لكن ورغم عجز الطب الحديث والابحاث العلمية عن ايجاد بدائل صناعية له .الا ان مجموعه من الاستخدامات القانونية ساعدته فى بسط سلطته على المجتمع الطبى وفى مجال القانون الجنائى بشكل خاص ,حيث اصبحت عمليات نقل الدم فى الفترة الاخيرة مجالا خصبا للمؤتمرات الطبيه والقانونيه باعتبارها من الاعمال التى تثير الكثير من النقاش والخلاف بين رجال الطب والقانون لكونها أحدالموضوعات الحديثه لذلك نجد رغم الاستخدامات المتعدده للدم فى المجالات  البيولوجيه او الطبيه ,وحتى القانونية الا انه قد يتعرض لبعض المشاكل الخطيرة ا لناجمه عن أصابته بأحد الامراض المعديه القاتله كما انه قد تصيبه بعض الاضطرابات نتيجه تلوثه أو نتيجه عدم توافق فصائله ,مما يؤدى الى أنحلال الدم وبالتالى يرتب مسئوليه الطبيب الذى قام   بعملية تحليل الدم .كذلك تقوم مسئولية الطبيب فى حاله القيام بنقل كميه من الدم تزيد عن الحد المسموح به مما يؤثر على القلب فيؤدى الى الوفاه وهو ما دفع المجتمع الدولى ايضا للتحرك السريع لحمايه الدم ضف الى ذلك أن المرض قد ينتقل ايضا بواسطه استعمال الحقن او غيرها بالاضافة الى عمليات نقل الدم اذ لم يتم اخضاعها لاجراءات تعقيم ومنذ ذلك الوقت ووالمجتمع الدولى متجند لمجابهه هذا المرض وغيرة من الامراض دون اهمال الدور الفعال الذى لعبته منظمة الصحة العالمية فى مكافحة الامراض المعدية التى اعتبرتها من أولوياتها الملحة لمجابهه تلك الامراض  والتى تستند فى نشاطها وأهدافها لحق الانسان فى الصحة والعلاج والمرتبطين بحقه فى الحياه وقد اقرت كل المواثيق الدولية وقبلها الشرائع السماويه مجموعه من الحقوق الاساسيه للانسان أهمها حق الانسان فى الحياه والبقاء والنمو ولهذا ترى الشريعه الاسلاميه انه من احيا نفسا كأنما أحيا الناس جميعا,بل وجعلها من كليات الدين الخمس فاى تدخل طبى غير مشروع يمس بجسم الانسان فان المبادى والاحكام القانونية ترى انه خط أحمر لايمكن تجاوزه بسهوله بل الاكثر من ذلك قررت القصاص لكل من يتعدى على تكامله او التعويض لكل لكل من تسبب فى الاضرار به كاصل عام مالم يوجد استثناء أذن به الشرع او القانون:

  • 1-عبد الحميد ثروت ,تعويض الحوادث الطبيه,دار الجامعهالجديدة مصر,2007ص137
  • 2-امين مصطفى محمد,الحمايه الجنائيه للدم من عدوى الايدز والالتهاب الكبدى الوبائى ,دار الجامعه الجديده للنشر الاسكندريه ,مصر سنه 1999ص

أشكاليه البحث :

بعد حادثة فتاة جازان التي ابتليت بمرض الإيدز عن طريق عملية نقل دم ملوث بالخطأ، يجعلنا نسلط الضوء على البعد القانوني لمسألة عملية نقل الدم، وهي قضية حساسة وخطرة ومهمة في إنقاذ المرضى من الأزمات التي تصيبهم، فمنهم من يحتاج لعملية نقل الدم بشكل دائم لظرفه الصحي الملازم له، والبعض مسألة وقتية لظرف طارئ وقتي فقط، وبسبب ذلك ولكثرة الحالات التي تحتاج لعملية نقل الدم في ظل انتشار الفيروسات والأمراض، يتبعها أخطاء طبية وقصور كحال فتاة جازان المؤلمة، والقانون هنا دوره تقنين الأخطاء الطبية والحد منها، ومحاسبة المقصرين من الأطباء والممرضين ومساعديهم وتعويض كل متضرر.

الموضوع إذا لم يعط حقه الطبيعي من ناحية الاهتمام والمتابعة الصحية الدقيقة لعملية نقل الدم وتوفير البيئة المناسبة لذلك من الجهات المعنية بذلك، ولم يعالج قانونياً، فهذا ينتج عنه كوارث صحية لا تعوض بأي ثمن يكون! والخطأ الطبي يعرفه شرف الدين محمود في كتابه «المسؤولية التقصيرية للأطباء»: «بأنه انحراف الطبيب عن السلوك الطبي العادي والمألوف، وما يقتضيه من يقظةٍ وتبصّر إلى درجة يُهمل معها الاهتمام بمريضه»، والخطأ الطبي كما عرفته الماده 27 من نظام مزاولة المهن الصحية السعودي، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/59، بتاريخ 11 – 4 – 1426هـ، أنه هو كل خطأ مهني صحي صدر من الممارس الصحي، وترتب عليه ضرر للمريض يلتزم بالتعويض، وتحدد الهيئة الصحية الشرعية المنصوص عليها في هذا النظام مقدار هذا التعويض

نظرا لظهور أمراض خطيره تصيب الدم مثل الايدز والالتهاب الكبدى والفيرس,والمشاكل التى تصاحبه حاول العلماء البحث عن بديل صناعى لهذه المسائل سواء باستخدام بديل صناعى او مواد عضويه موجودة فى النبات تسمى فلور الكربون الا أن هذة الماده تعانى العديد من النقائص كما انها تحتاج الى ظروف خاصة يصعب توفرها أنظر على محى الدين القرة داغى ,على يوسف المحمدى فقه القضايا الطبيهالمعاصرة ط3,دار البشاير للطباعه ,الفاهرة 2006ص542

خطة البحث:

الفصل الاول:المفهوم القانونى لعمليات  نقل الدم

  • المبحث الاول:التعريف القانونى لعمليات نقل الدم
  • المبحث الثانى : الجزاءات الجنائيه عن تحقق القتل والاصابه الخطا فى عمليات نقل الدم

الفصل الثانى :موقف التشريع من عمليات نقل الدم

  • المبحث الاول:موقف التشريعات من عمليات نقل الدم
  • المبحث الثانى :موقف الشريعه الاسلاميه من عمليات نقل الدم

الفصل الثالث: المسئولية الجنائية عن عن عمليات نقل الدم الملوث

  • المبحث الاول: المسئولية الجنائيه للطبيب عن عمليات نقل الدم الملوث واساس الاباحة لعمليات نقل الدم
  • المبحث الثانى: المسئوليه العقدية للطبيب

الفصل الاول: المفهوم القانونى  لعمليات نقل الدم

عملية نقل الدم يسبقها خطوات أساسية وضرورية قبل اتخاذ أي إجراء معين، وهي أن يكون نقل الدم من المتطوع السليم إلى المريض تحت إشراف الأطباء المتخصصين، وأن يكون الشخص المأخوذ منه الدم سليماً وخالياً من الأمراض الخطرة والمعدية، وألا يكون المتبرع من متعاطي المخدرات وغيرها، والتأكد من أن فصيلة المتبرع متوافقة مع فصيلة المريض، وأن يتم حفظ الدم كما يجب وفق المطلوب علمياً وطبياً لكي لا يفسد وغيرها.

وللمتضرر حق التقدم للجهة المختصة بنظر دعاوى الأخطاء الطبية وهي الهيئة الصحية الشرعية التي نص النظام على اختصاصها بالنظر وإخبارهم بشكواه ومتابعة قضيته، وعليه عبء الإثبات الذي يعتبر ركناً أساسياً في إثبات الخطأ الذي نتج عنها الضرر حيث انه فى النصف الثانى من القرن العشرين نجده شهد تقدما علميا هائلا فى مجال الطب أسهم بشكل أو بآخر في إنقاذ حياة البشر من الموت، في إطار ما يعرف بالممارسات الطبية الحديثة، والتي من بينها عمليات نقل الدم، وعمليات زرع الأعضاء البشرية الأمر الذي أوجد مجالاً واسعاً للجدل حول

التكييف القانونى لواقعه تلوث الدم ومدى المسئولية الجنائية للطبيب الممارس لعمليات نقل هذا الدم هكذا فقد أثارت ومازالت تثير عمليات نقل الدم الملوث مشكلات عديدة على المستوى القانوني بوجه خاص، أهمها مدى ملائمة قانون العقوبات بجرائمه التقليدية لمواجهة صور جديدة من السلوك الضار لم يعهدها من قبلُ، ومن أبرز الإشكالات في هذا المجال صعوبة إعطاء الوصف القانوني والتكييف الملائم للصور المختلفة للسلوك الناقل عمداً أو بإهمال، ومن ناحية أخرى يعد نقل الدم أحد أهم طرق اتصال دم إنسان بدم إنسان آخر، فلابد أن يكون مشروعا وهذا ما نصت عليه أغلب التشريعات الدينية والوضعية على أن تكون بضوابط شرعية وقانونية والذي لم يثر صعوبة في هذا المجال.

مهند سليم المجلد,جرائم نقل العدوى ,بحث مقارن فى القانون المصرى والفقه الاسلامى, النظام السعودى ,منشورات الحلبى الحقوقية ,بيروت2012 ص25

  • المبحث الاول: التعريف القانونى لعمليات نقل الدم

لم يرد فى القانون المصرى تعريف دقيق على وجة الدقة لتعريف نقل الدم فنجد قانون العقوبات المصرى ينص على ان عقوبه الخطا  البسيط فالمادة (244)والتى بواسطتها يتم نقل العدوى هى الحبس مدة لا تزيد على سنه وبغرامه لاتتجاوز الخمسين جنيها او باحدى هاتين العقوبتين أما فى الظروف المشددة للاصابه الخطا فان الاصابة الخطا يعاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين  وغرامه لا تتجاوز الثلاثمائه جنيها او باحدى هاتين العقوبتين اذا ما نشات عن هذة الاصابه عاهه مستديمه كما فى حاله نقل عدوى السيدا المفضيه  الى فقد الجهاز المناعى او عدوى شلل الاطفال ونفس الامر يطبق على حاله اذا ما وقعت الجريمه نتيجة اخلال المتهم اخلالا جسيما بما تفرضة علية أصول مهنته,او حرفته,أو كان متعاطيا لمسكر او مخدر عند ارتكابه الخطا الذى نجم عنه حادث الاصابه أو رفض معالجة المريض الذى هو بامس الحاجة للعلاج وهو ايضا ما يتطابق مع ما جاء فى قانون العقوبات الجزائرى فى مادته289خاصة اذا ما نتجت تلك الرعونه وعد الاحتياط اصابه او جرح او مرض ادى  الى العجز الكلى عن العمل لمة تتجاو ثلاث اشهر,فيعاقب هنا الجانى بالحبس مدة من شهرين الى سنتين وبغرامه من 20000دج الى 100000دجاو باحدى هاتين العقوبتين اما عن الظروف المشدده فى قانون العقوبات الجزائرى فى مثل هذة الجريمه حيث نصت علية المادة 209 المذكورة اعلاه وفى الاخير بما ان نقل العدوى واصابه المجنى علية بالمرض تنتهى بنتيجة حتميه هى المخوت المحقق فهل يعاقب الجانى بجريمه القتل الخطا.أم الاصابه الخطأ خاصة اذا ما علمنا ان الابحاث لحد الان لم تجد علاجا شاملا لهذا الدواءوان افضل الادويه الموجودة الان لايتجاوز مفعولها حد التقليل من سرعه أنتشار المرض ,فالنتيجة فى كل الاحوال هى الموت المحقق وعليه يتوقف تكييف فعل الجانى فيه على الصورة النهائيه للنتيجة المتحققه وقت محاكمته بالفعل,قاذا ما تحققت الاصابه ولم يمت المجنى عليه فان الفاعل يسال عن جريمه أحداث عاهه مستديمه غير عمدية , اما اذا تحققت  الوفاه قبل المحاكمه أو قبل اصدار حكمها النهائى الحائز لقوة الشى المقضى به ,فان للمحمة الحق فى تعديل أتهامها الموجه للجانى كما يرى الكتور خالد موسى التونى. وعلية لا يمكن أبداً ان يسال الجانى عن جريمه القتل العمد الا بعد تحقق هذة النتيجه,لانه اذا بادرت النيابة العامه بتحريك الدعوى الجنائية اثناء انتظار تحقيق النتيجة وهى الوفاة ,وذلك بتهمه الشروع فى القتل ثم تحققت النتيجة بعد ذلك فلا يمكن محاكمه الجانى مرة اخرى عن جريمه قتل لانه لا يجوز ان يحاكم شخص عن فعل واحد اكثر من مره ,واذا ما انتظرت النيابه لحين تحقق النتيجه فقد يموت المتهم ونكون امام جريمه بلا عقاب وقد تتقادم الدعوى الجنائيه لهذا يرى بعض الفقهاء انه لابد من المشرع من اضافة جريمه نقل الدم الى دائرة جرائم الاعتداء على الاشخاص

فنقل الدم هو أجراء يتم من خلاله اعطاء الدم لمريض يحتاجة من خلال انبوب دقيق وإذا نقل الدم ، من شخص  إلى أخيه المحتاج على وجه لا يضر المنقول منه فلا بأس إذا أقر الطبيب أن هذا الشخص مضطر إلى الدم وتبرع له أخوه بدم لا يضره فلا حرج في ذلك، لعموم الأدلة في شرعية، عون الإنسان لأخيه مثل قوله ﷺ: من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، مثل قوله ﷺ: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، فإذا أقر الطبيب أن هذا الدم ينفع هذا المضطر ولا يضر المأخوذ منه فلا بأس فمن الناحية القانونية .نجد ان اغلب التشريعات تميل إلى عد التزام الطبيب نحو مريضه في عمليات نقل الدم التزاماً ببذل عناية، وليس بتحقيق نتيجة، وهذا ما أكدته تعليمات السلوك المهني للأطباء في العراق، عندما قررت ان الطبيب يسأل عن عوارض نقل الدم وأن مسؤوليته هي مسؤوليةُ عناية وليست شفاء وهو الاتجاه الذي أخذ به المشرع الليبي، حيث يقول: إن التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية،فقد نصت الماده7 من ق.ر 17 لسنة 1986م بشأن المسؤولية الطبية بأن يكون التزام الطبيب في عمله التزاماً ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجه إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك. كما أنَّه ينبغي الإشارة إلى عدم الخلط بين التزام الطبيب بنقل دمٍ سليمٍ، وخالٍ من الأمراض والفيروسات وبين الالتزام بشفاء المريض، فالطبيب يلتزم بالتزام محدد، وهو ان يكون الدم الذي نقل إلى المريض نظيفاً، وخالياً من الأمراض، وتقوم مسئوليته عن الضرر الذي يلحق المريض، إلا إذا قام الدليل على ان عدم تنفيذه لالتزامه بسلامة الدم يرجع إلى سبب آخر لا يد له فيه، أما الالتزام بشفاء المريض فهو مجرد التزام ببذل عنايه أو رعاية، ولم يقل أحد بأن يلتزم الطبيب بتحقيق نتيجة محددة هي شفاء المريض:

1-مجله العلوم القانونية والشرعية ,أ زكيه مصباح المعلول ,العدد السابع

2-الاكاديميه للدراسات الاجتماعيه والانسانيه ا/قسم العلوم الاقتصادية والقانونية العدد 15-جانفى 2016ص145-159

فعمليات نقل الدم كغيرها من التصرفات التى ترد على جسم الانسان سواءكان حيا او ميتا وتخضع فى اساسها لمبدأ المشروعيه لان من أساس وشروط صحة التصرف فى  التكامل الجسدى أن يكون محلة مشروع واى مساس بهذاالمحل يعرض صاحبة للمسائله القانونية والشرعيه فيترتب عليها أما القصاص من الطبيب الجانى متى تصرف بما يخالف القانون تصرفا شخصيا واذا وقع ضرر لشخص ما نتيجة لخطأ، أو إهمال فلا يمكن القول بمسؤولية أي شخص آخر قبل التثبت من أن الضرر قد حدث بواسطة نشاط هذا الأخير دون غيره فمن الثابت علمياً مكنة انتقال العدوى من معطي الدم لآخذه، ومن ثَم تقوم مسئولية الطبيب أو المركز في هذه الحالة،ومتى ترتب على هذا التدخل ضرر أصاب المريض فى  جسمه وحالته ايضا  النفسيه والتعويض يكون فى جميع الحالات الشرعية الجنائيه المدنيه رغم ما يعترض هذا التعويض من إشكاليات متعلقه اساسا بمسائل علميه وطبيه  وطبقا للقانون الشهير لاجريمه بدون ركن معنوى فهنا تظهر الاهميه الكبيره والخاصه بالقصد الجنائى بالنسبه للقتل العمدى أو الايذاء عرضيا فلا تقوم اى مسئوليه اذا ولا يسال المتهم اذا لم يتوافر فى حقة الخطا ,مع انتفاء القصد أنذاك ويتوفر أيضا القتل غير العمدى اذا اسند للمتهم اى صورة من صور الخطا :

1-كامل عبد العزيز محمد على ,الجوانب القانونية والشرعية التى تثيرها عمليات نقل خلايا الجسم ,اطروحة دكتوراه,قانون جنائى  كليه الحقوق جامعه اسيوط 2007,ص166,167

2-عراب ثانى نجيه ,المسئوليه الجنائية للاطباء عن القتل وتعريض الغير للخطر فى مجال عمليات نقل الدم الملوث ,مجله دراسات قانونية عدد2011,90 كليه الحقوق والعلوم السياسيه ,جامعه تلمسان ص33

المبحث الثانى : الجزاءات الجنائيه عن تحقق القتل والاصابه الخطا فى عمليات نقل الدم 

عند تحقق جريمه القتل والاصابه الخطا الناجمه عن ذلك الدم الملوث المنقول الى المريض,والذى تسبب فى قتله واصابته ,فانه من ناحية الجزاءات الجنائيه والعقاب , والذى يمكن تسليطه وفرضه على الجانى يمكن تقسيمه الى قسمين اما ان يكون امام عقوبه الخطأ البسيط فى جريمه القتل والاصابه غير العمدية ،أو عقوبه الخطا الجسيم المشدد فى جريمه القتل أو الاصابه غير العمدية

اولا عقوبه الخطا البسيط: فنجد ان القانون الجزائرى قد تناولها وفقا لنص المادة 288من قانون العقوبات الجزائرى ,فان عقوبه التسبب فى الوفاه عن غير قصد هى الحبس من شهرين الى سنتين وبغرامه من 20000الى 100000وعقوبتها فى القانون المصرى الحبس مدة لا تقل عن سته اشهر وبغرامه لاتتجاوز مائتى جنيه او احداهما فقد حددت هذة الفقرة من المادة 238عقوبه القتل غيرالعمدى فى صورته المبسطه ونصت الفقرتان الثانيه والثالثه من هذة المادة على الظروف المشددة حيث ان المادة238 من قانون العقوبات يجري نصها بان ( من تسبب خطا في موت شخص أخربان كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين و القرارات و اللوائح و الأنظمة يعاقب بالحبس مده لا تقل عن ستةأشهر و بغرامة لا تجاوز مائتي جنية بأحدي هاتين العقوبتين و تكون العقوبةالحبس مده لا تقل عن سنه و لا تزيد علي خمس سنين و غرامة لا تقل عن مائتيجنية و لا تجاوز خمسمائة جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمةنتيجة إخلال الجاني إخلالا جسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أوحرفته أو كان متغطيا مسكرا أو مخدرا عند ارتكابه الخطا الذي نجم عنهالحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعده من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك . وتكون العقوبة الحبس مده لا تقل عن سنه ولا تزيد علي سبع سنين إذا نشا عن الفعل وفاه أكثر من ثلاثة أشخاص ، فإذاتوافر ظرف أخر من الظروف و الوارده في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبسمده لا تقل عن سنه و لا تزيد علي عشر سنين ).وتنص المادة244 من ذات القانون علي إن ( من تسبب خطا في جرح شخص أو إيذائه بان كان ذلك ناشئا عنإهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين و القرارات واللوائح و الأنظمة يعاقب بالحبس مده لا تزيد علي سنه و بغرامة لا تجاوزمائتي جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين وتكون العقوبة الحبس مده لا تزيد علي سنتين و غرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين إذا نشاعن الاصابه عاهة مستديمة أو إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاجسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيا مسكراأو مخدرا عند ارتكابه الخطا الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقعت الحادث عنمساعده من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك وتكونالعقوبة بالحبس إذا نشا عن الجريمة أصابه أكثر من ثلاثة أشخاص فإذا توافرتظروف أخري من الظروف الوارده في الفقرة السابقة تكون العقوبة الحبس مده لاتقل عن سنه و لا تزيد علي خمس سنين ووفقا لشروط خاصه محددة كيفها ايضا المشرع الجزائرى والمصرى على اساس انها جنحه معاقب عليها بالحبس

اما عن عقوبه الاصابه غير العمديه او الاصابه الخطا فقد نصت عليها المادة 289من قانون العقوبات الجزائرى وهى كذلك الحبس من شهرين الى سنتين بغرامه 20000دج الى 100000دج او باحدى هاتين العقوبتين وذلك أن نتج عن رعونه الجانى , أو عدم احتياطه , اصابه او جرح ,او مرض أدى الى العجز الكلى عن العمل لمدة تتجاوز ثلاث اشهر هذة المادة تقابلها فالقانون المصرى المادة 144 والتى ورد فيها . من تسبب خطا فى جرح شخص او يذائه,بان كان ذلك ناشئا عن اهماله ,او رعونته او عدم مراعاته للقوانين واللوائح يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد عن سنه وبغرامه مائتى جنيه وا باحدى هاتين العقوبتين

جاء فى المادة 238من قانون العقوبات الجزائرى من تسبب خطأ فى موت شخص اخر وكان ذلك ناشئا عن اهماله او رعونته اوعدم احترازة او عدم مراعاتهللقوانين واللوائح يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سته اشهر وبغرامه لا تجاوز مائتى جنيه او باحدى هاتين العقوبتين

لكن الملاحظ ان القانون الجزائرى لم يعرف الشارع الخطا غير العمدى اكتفاء بعرض صور الخطا فى المادة 238من قانون العقوبات والخطأ غير العمدى هو اخلال الجانى بواجبات الحيطه والحذر التى يفرضها القانون فيقدم على فعل او يمتنع عن اداء واجب فى حين كان فى استطاعته تفاديه.

ثانيا عقوبه الخطا الجسيم المشدد :

الظروف المشددة فى  اى جريمه مرتكبه ,هى تلك العناصر الاضافيه التى تؤدى متى أقترنت بالجريمه الى تشديد العقوبه ومضاعفتها وتشديدها وعكسها الظروف المخففه والتى تؤدى عند اقترانها بالجريمه الى تخفيف العقوبه ,وعليه فالقاضى عند نظرة للقضايا المتعلقة بالقتل الخطأ او الاصابه الخطا فى مجال عمليات نقل الدم اذا أقترن فيها سلوك المتهم الخاطى فى مجال عمليات نقل الدم ,فانه يتعين الاخد بما جاء بالمادة290 من قانون العقوبات الجزائرى والتى اوردت شروط مضاعفه عقوبه مرتكب الجنحة وهى متى كان فى حاله سكر او حاول التهرب من المسئوليه الجنائيه او المدنيه او كان فى حاله فرار أو قام بتغيير الاماكن فيتم مضاعفه عقوبه الجرائم غير العمديه المتعلقه بجريمتى القتل والاصابه الخطا المنصوص عليهما فى المواد288و289 من قانون العقوبات الجزائرى وكذلك  نجد القانون المصرى أن القانون قرر عقوبة الحبس لمدة سنة على المتهمين فى قضايا القتل الخطأ، سواء تلك التى تقع نتيجة حوادث الطرق، أو التى تقع نتيجة إهمال طبى أو أى واقعة أخرى، وعلى الرغم من ذلك فقد حدد القانون فى مواده المنظمة لعقوبات تلك التهمة ظروف أخرى، تشدد تلك العقوبة فتصل بها لنحو من 3 إلى 5 وتصل إلى 7 سنوات فى بعض الأحيان.ويفهم من هذة الحاله أن الشخص الذى يرتكب السلوك الخاطى فى مجال نقل الدم , والذى ادى الى قتل المجنى علية ,أو اصابته سواء برعونته او عدم احتياطه او عدم انتباهة او عدم مراعاه القوانين واللوائح المنظمه او ان يتسبب الجانى بسلوكه الخاطى فى اصابه او جرح او ادى الى مرض او عجز كلى مدة لاتجاوزالثلاث ايام فاذا ما توافرت هذة الظروف واقترنت بمحاوله الجانى التهرب من المسئوليه الجنائية والمدنيه بواسطه نقل الدم الملوث ,والذى يؤدى الى قتل المريض ضف الى ذلك ان القانون المصرى ايضا اعتبر النكول عن المساعدة يشكل الجريمه السلبيه التى نصت عليها المادة138 من قانون العقوبات المصرى واعتبر  المشرع ان تعدد المجنى عليهم عامل لتشديد عقوبه  الاصابه الخطا بخلاف القانون الجزائرى الذى اعتبرها ظرفا مشدداً لمضاعفة العقوبه وهذا وقد اخذ المشرع المصرى بمعيار العدد , شريطه ان يتجاوز المجنى عليهم ثلاث اشخاص , اما اذا تعدد المجنى عليهم واصيبوا بعاهه مستديمه فان الجانى يعاقب على تعدد المجنى عليهم المصحوب بعاهه مستديمه لواحد منهم.

عبدالله سليمان ,شرح قانون العقوبات الجزائرى ,القسم العام ,الجريمه د م ج الجزائر,2004,ص58

ثالثا تعريض الغير للخطر فى مجال عمليات نقل الدم :

طالما ارتبطت فكرة الخطر ارتباطا وثيقا بالقانون الجنائى ,فهى السبب فى تجريم تلك الافعال الجزائيه المتعلقة بالخطر لذلك يعد الخطر العنصر الاساسى المشكل للنتيجة الاجراميه هذا ويعرف الفقه الكلاسيكى الخطر بانه اتجاة موضوعى يولد حاله من الشك بين تحقق النتيجة وعدم تحققها ,بخلاف الفقه الحديث,الذى يرى ان الخطر حاله واقعية ,تجتمع فيها مجموعه  عوامل تساهم وتسهل لحدوث ضرر ما ,اما الخطر المتعلق بجرائم تعريض الغير للخطرفيقصد به قانونا ,خشيه حدوث ضرر وفق مصلحه قانونية,محميه لحظة ارتكاب الفعل المنشى للخطر هذا عن الخطر كمفهوم مستقل عنتعريض الغير له,اما عن المفهوم اللغوى للخطر فهو الاشراف على الهلاك, اما المفهوم القانونى العام للخطر فهو الضرر المحتمل الذى يهدد المصلحة التى يحميها القانون فى نص التجريم , كما يعرفه الدكتور رمسيس بهنام بانه حاله تنذربضرر يصيب شخصا او بامر  غير مشروع وان لم يكن ضررا بشخص ما .هذا ويعتبر الفقه الالمانى مذهبين رئيسين فى ذلك هما المذهب الشخصى والمذهب الموضوعى .فالمذهب الشخصى نفى اطلاقا وجود شى اسمه الخطر والضابط الرئيسى فيه وجود الضررلا الخطر ,فطالما يوجد فعلى فان المشرع بامكانه التدخل لحمايه الطرف المتضرر,واذ لم يتحقق الضرر فلا يمكن للمشرع التدخل بلا الاكثر من ذلك يكون المشرع قد تجاوز حدودة المرسومه له قانونا اما المذهب الموضوعى او المادى فهو الذى اقر واكد فكرة الخطا واكد انها واقع لا يكن انكاره ,لذلك فالمشرع يصبح ملزمات بازاله هذا الخطر ومنع وقوع الضررويعد ايضا القانون الفرنسى اهم ما تبناه المشرع الفرنسى وهو تجريم تعويض الغيرفى قانونه للعقوبات 1992اذ جرم هذا الفعل الذى يجعل الغير فى خطر وذلك بصرف النظر عن وقوع الضرر من عدمة ,خاصه فى حالات الموت او الجرح الذى يؤدى الى فصل عضو ,او التسبب فى عاهه مستديمه ,اذا خالف التزاما فاصاب الامن او الحذر المفروض بواسطه القانون او اللائحة.

1-رمسيس بهيام,نظريه التجريم فىالقانون الجنائى ,دار المعالرف الاسكندريه.1971ص101

2-احمد فتحى سرور,الوسيط قانون العقوبات ,دار المعارف الاسكندريه 2003,ص46

3-احمد شوقى ,عمر ابو خطوة,شرح الاحكام العامة لقانون العقوبات,دار النهضة العربيه,القاهرة2003,ص203

الفصل الثانى : موقف التشريع من عمليات نقل الدم

إن المسؤولية القانونية الناجمة عن الخطأ الطبي ذات طبيعة متنوعة، فالطبيب المخطئ يمكن أن يجد نفسه أمام عدة مسؤوليات مختلفة، إلّا أن ما يهمنا في هذا البحث بالدرجة الأولى هي المسؤولية الجنائية، والتي لا تقوم إلا بتوافر أركانها مجتمعة، فإذا شكل فعل الطبيب جريمة “قتل أو جرح أو عاهة مستديمة” عمدية كانت أو خطئيه يجد الطبيب نفسه معرضاً للعقوبة الجنائية التي تتناسب مع الجرم المرتكب إلا أنَّه يبقى وبوجه عام وبالرغم من تعدد الدراسات القانونية في هذا المجال أمر تحديد المسؤولية القانونية وخاصة الجنائية غير واضحٍ ضد من يتسبب سواء بعمد أو إهمال في إصابة دم إنسان آخر بفيروس معد ومن الطبيعي أن تسبق عمليات نقل الدم تحاليل وفحوص معينة للتأكد من سلامة معطي الدم من جهة، ومن التوافق بين الطرفين من جهة أخرى، فيعد الطبيب مسؤولاً عن الخطأ الحادث في تحليل الدم ومعرفة نوع الفصيلة، ولو قامت به الممرضة،لأنه يجب على الطبيب أن يتأكد من مدى تخصص الممرضة وكفاءتها، فإذا قرر الطبيب الجراح احتياج المريض لنقل كمية من الدم إليه فإن مسؤوليته تنعقد إذا أصيب المريض بأي ضرر نتيجة نقل هذا الدم، كما إذا لم يقم بإرسال عينة من الدم المراد نقله للتحليل والفحص للتأكد من مطابقة دم المتبرع مع فصيلة دم المريض، أو إذا نقل للمريض كمية من الدم تزيد على الكمية التي يحتاجها وما دام نقل الدم يدخل في نطاق العمل الطبي حيث يلجأ إليه الأطباء في الحالات الحرجة، وفي العمليات الجراحية الكبرى، أو بقصد علاج بعض الأمراض، فلابد من التطَرق للخطأ الطبي بوصفه أساساً لمسؤولية الطبيب من الوجهة الجنائية .

إن الخطأ الطبي هو:الإخلال بقواعد ممارسة العمل الطبي، ويعرف بأنَّه: كل نشاط يرد على جسم الإنسان ويتفق في طبيعته، وكيفيته مع الأصول العلمية والقواعد المتعارف عليها نظرياً وعلمياً في علم الطب، ويقوم به طبيب مصرح له قانوناً بذلك، بقصد الكشف عن المرض وعلاجه، لتحقيق الشفاء، أو تخفيف آلام المرض، أو الحد منها، أو منع المرض، أو بهدف المحافظة على صحة الأفراد، أو تحقيق مصلحة اجتماعية شريطة توافر رضا من يجرى عليه العمل.

1-استنادا الى مانصت عليه المادة122-1-1من قانون الصحة العامه الفرنسى

2-وفقا لما نصت عليه المادة122-فقره3 من قانون الصحة العامه الفرنسى

3-عبد الكريم مامون ,رضاء المريض عن الاعمال الطبيه الجراحيه,دار المطبوعات الجامعية ,الاسكندريه2009

أما فيما يتعلق بمعيار الخطأ الطبي للطبيب فإن الالتزام الذي يقع على عاتق الطبيب من حيث المبدأ هو التزام ببذل عناية، لكن هناك حالات معينة يقع فيها التزام على الطبيب بتحقيق نتيجة .

فالتزام المستشفى أو الطبيب بضمان سلامة الدم هو التزام بتحقيق نتيجة، فلا يلزِم المريض الطبيب بشفائه نتيجة نقل الدم إليه، ولكنه يطلب منه السلامة في عملية النقل   ذاتها، فتقوم مسؤولية الطبيب عن تحليل الدم وفحصه قبل نقله إلى المريض، إذا كان هو الذي يقوم باختيار المكان الذي يحصل فيه التحليل والفحص اللازمين للتأكد من خلو الدم من الأمراض، هذا ما قررته المحاكم الفرنسية في هذا المجال، بل إَّن القضاء الفرنسي ذهب في هذا المجال إلى حد إلزام الطبيب أو المركز بتحقيق نتيجة بصدد عملية نقل الدم، أي ضمان ألاَّ يترتب على عملية النقل في ذاتها أية أضرار للأطراف، نظراً للتقدم العلمي الكافي في هذا المجال، وإن كان هذا لا يعني ضمان النتيجة النهائية وهي مدى فعالية الدم في شفاء المريض، والواقع أن الطبيب يلتزم في مواجهة المريض بأن ينقل إليه دم غير ملوث خالياً من الفيروسات، وإلا انتقلت إليه العدوى، فضلاً عن التزامه بأن يكون الدم المنقول متفقاً في الفصيلة مع دم المريض ومع ذلك فإن بعض الأحكام القضائية قد استبعدت مسؤولية الطبيب من حيثُ كَونه ليس ملزماً بفحص الدم المستعمل، ولا تحديد نوعيته، وبالتالي لا يكون قد ارتكب خطأ يرتب مسؤوليته عن العدوى بالفيروس المسبب للإيدز اللّهم إلاّ إذا وقع خطأ في كون الأمر بنقل الدم غير ضروري، أو غير مفيد للمريض وفقاً للأصول العلمية المرعية، إلا أن هذه النتيجة التي وصل إليها القضاء لا تتفق وسياسة المشرع في العمل على تأكيد الالتزام ببذل أقصى درجات الحرص والحذر في نطاق سلامة الدم، ولا تتفق والسياسات الوقائية التي تتخذ لمنع انتشار الأمراض المعدية.ونجد حكم محكمة النقض الشهير الذى ينص على إباحة عمل الطبيب أو الصيدلي مشروطة بان يكون ما يجريه مطابقا للأصول العملية المقررة ، فإذا قصر احدهما في إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله

حكم محكمة النقض  نقض27/1/1959 سنة10 ص91 

حكم محكمة النقض نقض مدني22/6/36 مجموعة النقض في ربع قرن جزء أول ص970

فيبدو أن أغلب التشريعات تميل إلى عد التزام الطبيب نحو مريضه في عمليات نقل الدم التزاماً ببذل عناية، وليس بتحقيق نتيجة، وهذا ما أكدته تعليمات السلوك المهني للأطباء في العراق، عندما قررت أن الطبيب يسأل عن عوارض نقل الدم وأن مسؤوليته تجاه المريض هي مسؤوليةُ عناية وليست شفاء ، وهو الاتجاه الذي أخذ به المشرع الليبي، حيث يقول: إن التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية سنة 1986م بشأن المسؤولية الطبية

كما ينبغي أن نشير إلى أن الطبيب إذا تعمد ارتكاب واقعة تلويث الدم فانَّه يسأل عن ذلك مسؤولية عمديه،كما لو كان متجرداً من صفته الطبية، ولا يسأل عنها طبقاً لقانون المسؤولية الطبية، إذ تنحصر الأخيرة في الخطأ دون العمد .

وإذا ثبت ارتكاب الطبيب لواقعة تلويث الدم فإنَّه يعد مسؤولاً عنها، فقد أثارت واقعة تلويث الدم إشكالات عديدة على الصعيد القانوني، كان أهمها تحديد طبيعتها القانونية، وذلك بإيجاد التكييف الملائم لها من الوجهة الجنائية، ومرد الخلاف حول الطبيعة القانونية لهذه الواقعة هو خلو قانون العقوبات الليبي والقوانين العقابية المقارنة من نص يجرم تلك الواقعة، وتأسيساً على ذلك فقد حاول القضاء تكييف واقعة تلويث الدم ضمن النصوص الواردة في القوانين العقابية، فمن خلال عرض الواقعة التي عرضت على القضاء الوطني في بلادنا، وهي الأولى من نوعها التي تتعلق بتلويث الدم، وتتلخص وقائع هذه القضية في قيام زمرة من العاملين بإحدى المؤسسات العلاجية في مدينة بنغازي بتاريخ 3 – 1998م بتلويث دم ثلاثمائة وتسعين طفلاً بفيروس الايدز الأمر الذي نتج عنه وفاة ثلاثة وعشرين طفلاً حتى تاريخ 30 -10 – 1999م فأصدرت النيابة العامة قرارها الذي تتهم بموجبه سبعة أشخاص من جنسيات مختلفة بأنهم:

أ/ خلال سنتي 98 – 1999م تسببوا في وقوع وباء بنشر الجراثيم الضارة، وذلك بأن قاموا بحقن عدد ثلاثمائة وتسعين طفلاً من نزلاء مستشفى للأطفال بفيروس الايدز .

ب/ قتلوا عمداً الأطفال بمواد يتسبب عنها الموت عاجلاً أو آجلاً، وقد استندت النيابة العامة في ادعائها على جملة من أدلة الإثبات، أهمها شهادة ذوي الأطفال، واعتراف بعض المتهمين على أنفسهم وعلى غيرهم، كما تؤيد النيابة العامة في مذكرتها أن تلوث دم الأطفال بفيروس الايدز كان عمدياً، وسندها في ذلك أن الإصابة وقعت فقط بين نزلاء

قسم الباطنية، ولم تحدث في الأقسام الأخرى الأكثر تعرضاً مثل قسم الكلى، وقسم أمراض الدم، وقسم الجراحة، كما أن النتائج المخبرية أثبتت أن نسبة الفيروس في دم الأطفال عالية جداً، إضافة إلى اكتشاف وجود أربعة فصائل جينية من الفيروس، وهذا أمر غير طبيعي، إلا إذا كانت المنطقة التي حدث فيها التلوث تتميز بنسبة عالية من المرض بين مواطنيها، وهذا لا ينطبق على بلادنا، فضلاً عن أن إصابة عدد كبير من الأطفال في فترة زمنية قصيرة، لا يمكن تفسيره بانتشار المرض بالوسائل المعروفة والطبيعية، الأمر الذي يعني إن التلويث كان عمدياً، ثم في مرحلة لاحقه عرضت هذه القضية على غرفة الاتهام بمحكمة جنوب بنغازي الابتدائية والتي قررت في 26 – 8-2002إحالة المتهمين إلى محكمة جنايات بنغازي، لمحاكمتهم عن التهمتين سالفتي الذكر وفي النهاية صدر الحكم عن محكمة استئناف بنغازي بالإعدام رمياً بالرصاص في حق المتهمين من الاول الى السادس ولبيان التكييف الذي أسبغه القضاء الليبي على واقعة تلويث الدم، ومن ثم بيان مدى صحته رأينا أن تعالج هذه المسألة كما يلي:

1 /إسباغ وصف القتل بالسم على واقعة تلويث الدم:

اعتمد القضاء الليبي في تكييفه لواقعة تلويث الدم المعروضة عليه تطبيق نصين من نصوص قانون العقوبات الليبي هما نص م 371 ،ونص م 305 . فيتعلق النص الأول بجريمة القتل بالتسميم، حيث قرر المشرع بموجبه أن “كل من قتل أحداً عمداً بمواد يتسبب عنها الموت عاجلاً أو آجلاً يعد قاتلاً بالسم أيا كانت كيفية استعمال تلك المواد، ويعاقب بالإعدام”. ولا تختلف الأركان المادية لجريمة القتل بالسم عن غيرها من جرائم القتل، كل ما هنالك أن الشارع قدر أن في الوسيلة التي ترتكب بها جريمة القتل بالتسميم خصوصية – بالنظر إلى سهولة وضعها خفية للمجني عليه، وصعوبة تتبع أثرها في جسمه – توجب تميزها عن غيرها من الوسائل المستعملة في القتل بتشديد العقاب على مرتكبها . أما الوصف الأخر الذي أعطاه القضاء الليبي على الواقعة ذاتها فهو جريمة التسبب في وقوع وباء المنصوص عليها في م 305 ع ضمن جرائم الغش التي يترتب عليها خطر عام، والتي يقوم الركن المادي فيها على عنصرين: الأول الفعل الإجرامي، وهو نشر الجراثيم بأية وسيلة، فهي من الجرائم ذات القالب الحر، والعنصر الثاني حدوث النتيجة المتمثلة في حصول إصابات بالعدوى بالجراثيم بوصفها نتيجةً مباشرة لنشاط الجاني. أما الركن المعنوي لهذه الجريمة فيتمثل في القصد الجنائي، فلا عقاب عليها إذا ارتكبت خطأ . 2 /بعد أن استعرضنا بعجالة تكييف القضاء الليبي لواقعة تلويث الدم آن لنا أن  نتساءل عن قيمة هذا التكييف في حد ذاته، للوصول إلى نتيجة مفادها ملائمة أو عدم ملائمة نصوص قانون العقوبات في تجريمه لهذه الواقعة فكان رأي جانب من الفقه كالآتي: “اعتراض جوهري يتعلق بجريمة القتل بالتسميم خاصة، مفادها أن الفيروسات وإن كانت قاتلة فهي غير سامة وإذا كان اعتبار مادة ما سامة من عدمه مسألة فنية بحته فإِن اعتبار الفيروسات سموماً من عدمه مسألة فنية بحته من باب أولى، فالفيروسات من الثابت علمياً اختلاف إحداث أثرها في الجسم عن السموم، وينبني على هذا الاختلاف عدم إمكانية اعتبارها من قبيل السموم، وبالتالي عدم انطباق نص م 371 .” هذا بالإضافة إلى أن المادة 371 من قانون العقوبات تعتبر ملغاة بصدور قانون القصاص والديه رقم (6 (لسنة 1423م (1993م) الذي ألغيت بموجبه جميع الظروف المشددة . أما فيما يتعلق بالتكييف الآخر الذي اعتمده القضاء الليبي بتطبيق نص م 305 فإن مسلكه منتقد في هذا الشأن أيضاً من أوجه عديدة نذكر منها أهم نقد والمتمثل في اشتراط المشرع وقوع وباء لتطبيق م 305 يخرِج من نطاق التجريم واقعة نقل الإصابة إلي شخص بعينه، دون أن ينتج عنه وقوع وباء، نظراً لطبيعة المرض الذي تسبب الجاني في نقل العدوى به إلى المجني عليه، كما هو الحال في واقعة تلويث الدم. ذلك أنَّه وتأسيساً على تعريف الوباء بأنَّه: مرض عام، فإن مرض الايدز والالتهاب الكبدي بأنواعه ليس من الأوبئة،لأن العدوى بهما لا تتم بمجرد التقاء الأصحاءمع المرضى. هذه هي التكييفات التي أسبغها القضاء الليبي على واقعة تلويث الدم والتي لفتت انتباه الباحثين كغيرها من التكييفات التي أسبغها القضاء الفرنسي في قضية المركز الوطني الفرنسي، فانشغل الفقه بصياغة آراء واتجاهات فقهيه لتكييف تلك الواقعة، فغالبية الفقه في مصر يرى أن واقعة تلويث الدم تشكل جريمة قتل طبقاً للنصوص الواردة في القوانين العقابية، لتوافر ركنيها المادي والمعنوي كما تبنى غالبية الفقه في حال عدم وفاة المجني عليه الذي تلوث دمه بفيروس ما تطبيق النصوص الخاصة بالجرح وإعطاء المواد الضارة أي أبرز صور الإيذاء إلا أن كل هذه الآراء هي محل نظر، ووجهت لها الانتقادات العديدة والتي أفقدتها قيمتها العلمية. بهذا نخلص من كل ما تقدم إلى أن الطبيعة القانونية لواقعة تلويث الدم تختلف عن الطبيعة القانونية للنماذج الجرمية الواردة في القوانين العقابية للمساس بالجسم البشري، فقد رأينا كيف قصرت التكييفات التي أسبغها القضاء والآراء التي نادي بتطبيقها الفقه كواقعة تلويث الدم ينبغي أن تكيف في نظرنا على إنها جريمة قائمة بذاتها لها أركان تميزها عن غيرها من الجرائم،على أن هذا الأمر لن يتأتى في ظل النصوص العقابية الراهنة، بل لابد من تدخل تشريعي لاستحداث نص جديد يجرم واقعة تلويث الدم .

المبحث الثانى :موقف الشريعه الاسلاميه من عمليات الدم

  • مشروعية نقل الدم في التشريع الإسلامي:

يتميز الدم على اطلاقه بصفة التجدد والتعويض، فهو يتجدد من تلقاء نفسه، فإذا فقد الإنسان مثلاً بعض الدم فإن الدم يجدد نفسه ليعوض الجزء المفقود . وقد ذكر الدم في القرآن الكريم في قصة أول خليفة الله تعالى، وهو آدم عليه السلام وذلك في قوله سبحانه :)وإذْ قَالَ ربك لِلْملَائِكَة إِني جاعلٌ في الْأَرضِ خَليفَةً قَالُوا أَتَجعلُ فيها من يفْسدفيها ويسفك الدماءونَحن نُسبح بِحمدك ونُقَدس لَك قَالَ إِنِّي أَعلَم مالَا تعلمون ) . فيحرم سفك الدم البشري إلا بأسباب موضوعية نصعليها القرآن الكريم في كثير من آياته. ولهذا حرم االله الدم المسفوح أي السائل أكلُه أو بيعه وقد ورد هذا التحريم في كثير من الآيات منها قوله تعالى:)حرمتْ عليكُم الْميته والدم )

فالمعاوضة بأخذ الأجرة مقابل ما يسمى بالتبرع بالدم ليس تبرعا بل هو بيع ومعاوضة وهو حرام في الشرع لأن الدم محرم أكله وشربه بنص القرآن، وبالتالي لا يجوز أخذ المال معاوضة عن التبرع بالدم بحال من الأحوال وإذا كان الأمر كذلك في شأن البيع فهل يجوز للشخص أن يتبرع بقليل من الدم لإنقاذ المريض من موت محقق؟ للإجابة على هذا التساؤل يمكن القول بأن الشريعة الإسلامية أرست العديد من القواعد التي ثبتت على أساسها الأحكام مثل: الضرورات تبيح المحظورات، والضرورة تقدر بقدرها، والحاجة تنزل منزلة الضرورة، والمشقة تجلب التيسير، والطب كالشرع. وضع لجلب مصالح الناس من السلامة والعافية ودرء المفاسد عنهم من الأمراض والأسقام.ومادة الدم من المواد التي لا يقوم مقامها عقار من العقاقير الطبية في تحقيق مصلحتها الضرورية، فالدم وإن كان محرماً شرعاً اكلُه وبيعه بنص القرآن الكريم، والسنة المطهرة إلاّ أن الضرورة الملحة إلى التداوي به تبيح وقد توجب في أحيان كثيرة نقله من شخص إلى آخر إذا توقف شفاء المريض عليه اعتماداً على مبدأ: مالا يقوم الواجب إلاّ به فهو واجب وإذا كانت حياة المريض لا تقوم إلاّ بنقل دم الغير إليه فإننقل هذا الدم واجب بالضرورة.

1-سورة البقرة فى الايه 30

2-سوره المائده فى الايه3

3-محمد عبدالظاهر حسين ,مشكلات المسئوليه فى مجال عمليات نقل الدم ,دار النهضه القاهرة,1995

4- هذا وقد اختلفت اراءالفقهاء اساسا فى مدى جواز التداوى بالمحرمات,وفى مدى جواز الانتفاعبجزء او عضو من الادمى ومن تبعات الاخطار الناجمه عن مساس نقل الدم بالتكامل البشرى

فقد قال سبحانه وتعالى بعد ذكر أنواع المحرمات في الآية(3 (من سورة المائدة)فَمن أُضطُرفي مخْمصه غَيرمتَجانف لِّإِثْمٍ فَإنااللهَ غَفُور رحيم ،فخلاصة القول أنَّه إذا تحقق توقف حياة المريض أو الجريح على نقل الدم إليه من آخر، جاز بالنص المذكور بشرط أن لا يوجد من المباح ما يقوم مقامه في شفائه وإنقاذ حياته ، من الأغذية والأدوية المباحة، ويمكن عده والحالة هذه من باب الغذاء لا من باب الدواء واستعمال الغذاء  المحرم عند الضرورة جائز كأكل الميتة ولحم الخنزير للمضطر ، فالتبرع بالدم هنا من باب الضرورات التي تبيح المحظورات، فبعض المرضى ينزفون دماً كثيراً، بينما أخذ كمية قليلة من الأصحاء لا تضرهم ولا تؤذيهم، من أجل هذا أجاز الدين الحنيف التبرع بالدم والأصل فيه كما هو معلوم أنه بلا عوض

راجع عادل عبد الحميد الفجال,احكام التصرف فى الدم البشرى ,ط1,دار منشاه المعارف ,الاسكندريه.2009

الفصل الثالث:المسئولية الجنائيه عن عمليات نقل الدم الملوث

نظراً للقصور الذي يعتري قانون العقوبات وغيره من القوانين العقابية المقارنة فيما يتعلق بتجريم واقعة تلويث الدم يتعين عد جرائم نقل الدم جريمةً مستقلة بذاتها، ومن ثم يستوجب الأمر إصدار تشريع خاص ينظم عمليات نقل الدم، ويجرم وقائع تلويث الدم، فنحن ندعو المشرع في هذا المقام لسد النقص التشريعي فمن المشاهد انتشار العديد من الأمراض والأوبئة الفتاكة من خلال فيروسات تنقل العدوى من إنسان إلى إنسان أو من الحيوانات إلى الإنسان، مثل فيروس حمى الوادي المتصدع (فليبو) والفيروس المسبب للالتهاب الكبدي الوبائي الذي يتنقل عبر عمليات نقل دم ملوث أثناء إجراء عمليات جراحية أو بعد وقوع حادث، وفيروس الإيدز الذي يتنقل من خلال العمليات الجراحية أو من خلال المعاشرة الجنسية. لذا يبرز تساؤل حول مدى مسؤولية الطبيب المعالج. أو بالأحرى مسؤولية المستوصف الطبي أو المستشفى عن الخطأ في علاج المريض أو عن تسببه في إصابته بأحد الفيروسات الخطيرة، ولاسيما في ظل ما نشاهده من ارتفاع نسبة حوادث السيارات التي تتطلب إجراء عمليات نقل دم لإسعاف المصابين فيها، كما أن الإصابة بأمراض الكلى وخاصة الفشل الكلوي تجعل صاحبه في حاجة ماسة إلى إجراء عمليات الغسيل الكلوي بصفة مستمرة ومنتظمة، مما يجعله أكثر عرضة للإصابة بالفيروسات المسببة للإيدز وللالتهاب الكبدي الوبائي عن طريق الدم. ويزيد من خطورة وإمكانية الإصابة بهذه الأمراض المعدية أن بنوك الدم تقوم بتجميع الدم من أوساط المسجونين وغيرهم من مدمني المخدرات بطريق الحقن دون فحص سابق ثم تحفظه لمدة معينة لحين الحاجة إليه. لهذا فإن من أهم المسائل التي أثارت جدلاً قانونياُ ولم يستقر الرأي بشأنها مسألة المسؤولية القانونية الناشئة عن الأعمال التي يقوم بها الأطباء في معالجة المرضى، سواء تمثلت في تشخيص المرض ووصف العلاج، أو في العمليات الجراحية أو في عمليات نقل الدم الملوث وما يصاحبه من انتقال فيروسات المرض إلى أشخاص غير مصابين به أصلاً ومن ثم يتعرضون للوفاة. وإذا كانت هناك قواعد قانونية يمكن الاستناد إليها لتحديد مسؤولية الطبيب عن الخطأ المهني الذي يرتكبه أثناء إجرائه للعمليات الجراحية مثلاً، وذلك عندما يخرج الفعل الذي قام به عن تصرفات وأفعال الطبيب المعتاد، ويخالف أصول المهنة، فإن هناك جوانب أكثر صعوبة تبدو في تحديد مسؤولية المستشفى أو المستوصف الذي يعمل فيه الطبيب باعتبار أن هذا المستوصف شخص معنوي أو اعتباري يتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن شخصية العاملين فيه. ولكن الرأي القانوني يميل إلى تقرير مسؤولية الشخص الاعتباري عن الأفعال الضارة التي تسبب فيها ممثلوه للآخرين بسبب مباشرة نشاطه، أما إذا كانت أفعال ممثليه تصل إلى حد ارتكاب الجرائم فإن تقرير المسؤولية الجنائية للشخص الاعتباري محل خلاف بين شراح القانون ما بين مؤيد ومعارض، وتقرر معظم القوانين الوضعية المسؤولية الجنائية للأشخاص الاعتبارية، وتعطي للقاضي سلطة استبدال العقوبة المقيدة للحرية ( كالحبس أو السجن أو الأشغال الشاقة) بعقوبة الغرامة المالية. ولقد تناول شراح قانون العقوبات في بعض الدول تحديد المسؤولية الجنائية الناشئة عن الإصابة بمرض الإيدز، كما تناول شراح قوانين المعاملات المدنية بحث إمكانية تعويض ضحايا الإيدز؛ إذ رأى البعض منهم أنه يمكن تعويض المريض عن حياة العدم التي يعيشها منذ إصابته بالمرض، كما يمكن تعويضه عن الضر الأدبي الذي أصابه نتيجة عزله عزلاً كاملاً عن المجتمع خشية انتشار العدوى، أي تعويضه عن ” النفي الاجتماعي” الذي يتعرض له ؛ ورأى البعض الآخر أنه يمكن تعويض المريض عن المخاطر الطبية وتقرير مسؤولية الطبيب الذي قام بنقل دم ملوث بالفيروس للمريض. وأصدرت بعض الدول قوانين تناولت بعض الجوانب القانونية المتعلقة بالإيدز مثل تعويض الضحايا، مثال ذلك القانون الفرنسي الصادر في 31 كانون الأول (ديسمبر)1991م الذي ينص على تأسيس صندوق خاص لتعويض ضحايا الإيدز بصورة مباشرة وبإجراءات أكثر سهولة وسرعة، ثم صدر القانون الفرنسي في الرابع من كانون الثاني ( يناير) 1992م الذي تم بمقتضاه صياغة أحكام تتعلق بتجميع الدم وتصنيعه ونقله وتوزيعه. وعلى ذلك فإذا ثبت أن عدوى الإيدز قد وقعت بسبب نقل دم ملوث أو أحد مشتقاته فيجوز للضحية أن يرفع دعوى تعويض مدني ضد المتسبب في ذلك، ويشترط توافر خطأ وضرر وعلاقة السببية بينهما. إذ إن هذا البنك يلتزم في مواجهة المريض بالتزام بتحقيق نتيجة وهي نقل دم نظيف غير ملوث ومن ثم تقوم مسؤوليته على فكرة الخطأ في نقل دم ملوث، ولا سيما أن الضحية يكون في موقف سلبي تحت تأثير الطبيب أو الجراح، بحيث لا يملك أية قوة أو قدرة على قبول أو رفض نقل الدم أو حتى مجرد التأكد من صلاحيته ونظافته. كما أن بنك الدم يلتزم بضمان كل عيب خفي في الدم الذي يبيعه للضحية، ومن ثم يعتبر البنك في هذه الحالة في حكم المنتج أو الصانع الذي يعلم أو المفروض فيه أن يعلم بعيوب المنتج، بحيث يعتبر سيئ النية في مواجهة المريض الضحية، ومن ثم يلتزم بتعويضه عن جميع الأضرار التي تحدث نتيجة نقل الدم الملوث له. بل إن القضاء الوطني في بعض الدول يميل إلى تأسيس حق الضحية في التعويض ضد بنك الدم على فكرة مفادها أن هذا البنك يلتزم في مواجهة المريض بالتزام بالأمن أو بالسلامة، وهو التزام مستقل تماما عن ضمان العيوب الخفية، ولا يمكن إعفاء بنك الدم من المسؤولية لمجرد إثبات عدم وقوع خطأ. ولهذا فإنني أرى ضرورة الاهتمام بدراسة موضوع المسؤولية القانونية للمستشفيات والمراكز الصحية عن نقل الدم الملوث، كما أرى أهمية إنشاء صندوق اجتماعي لمساعدة ضحايا هذا الفعل.

المبحث الاول: المسئوليه الجنائيه للطبيب عن عمليات نقل الدم الملوث واساس الاباحه لعمليات نقل الدم

اهتم المشرع المصري – منذ البداية – بتنظيم كافة الأمور التي تتعلق بالدم خاصة أن الدم الملوث يعد أهم طرق العدوى بالفيروسات الخطيرة، فصدر القانون رقم 178 لسنة 1960م بشأن تنظيم عمليات جمع وتخزين وتوزيع الدم ومركباته وقد اهتم هذا القانون اساساً بضرورة إجراء مثل هذه العمليات في مركز خاص، يتولى إدارته طبيب متخصص، وتتوافر به مواصفات معينة، ومن الجزاءات التي فرضها هذا القانون الغرامة التي لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز مائتي جنيه عن كل مخالفة لأحكام هذا القانون إلى غير ذلك من الجزاءات الإدارية، ثم تَلاَ ذلك القرار الوزاري رقم 156 لسنة 1961م بشأن المواصفات والاشتراطات التي يجب توافرها في المركز الخاص بجمع وتخزين أو توزيع الدم ومركباته، ومشتقاته، والقرار رقم 150 لسنة 1961م بشأن تنظيم إجراءات جمع وتخزين وتوزيع الدم ومركباته، وتحديد الجهة التي تقوم بفحص المتطوعين، والتعليمات الواجب إتباعها في نقل الدم وقرار وزير الصحة رقم 104 لسنة 1985م بشان مستويات مراكز الدم وصلاحيتها وتحديد القوى العاملة بها، وأخيراً القرار الوزاري (10 (رقم 210 لسنة 1987م والذي يتعلق بالوقاية من الإيدز

، خلافاً لاستخلاصه للخطأ ، وهو مرحلة تالية لتكييف العمل يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً. فالمسئولية ، مركز قانوني يسبغه القانون على الشخص عندما يخل بالتزام قانوني او عقدي بدون حق يقره القانون ،يستو أن يكون هذا الإخلال إيجابياً ، كالاعتداء على النفس أو المال، أو سلبياًكالامتناع عن تنفيذ هذا الالتزام ، أو ان يكون عمدياً أو تقصيرياً ، ويتوافر بذلك ركن الخطأ ، ويكون خطأ تقصيرياً إذا تنازل الإخلال التزاماً يفرض على الكافة عدمالإضرار بالغير ، فالإخلال بهذا النهي ينطوي على خطأ تقصيري ولو لم يجر به نص فيالقانون ، ذلك أن الخطأ التقصيري قد ينصرف إلى الخطأ الجنائي عندما يرد الإخلال علىنص قرر له القانون عقوبة جنائية ، سواء ورد في قانون العقوبات أو قانون آخر، وقدينصرف إلى الخطأ المدني

د/ عبد الحميد الشواربي –مسؤولية الأطباء و الصيادلة و المستشفيات-منشأة النشر للمعارف بالإسكندرية 1998-ص:18.

، فيكون خطأ تقصيرياً مدنياً ، عندما يكون الفعل غير معاقبعليه جنائياً ويمثل إخلالاً بحقوق الغير ويخرج عن السلوك المألوف للشخص العادي فيذات الظروف التي حدث فيها الفعل ، ويتولى قاضي الموضوع تكييف هذا الفعل معتداً تلكالظروف لاستخلاص ما إذا كان ينطوي على خطأ تقصيري من عدمه ، وهو بذلك يخضع لرقابةمحكمة النقض

المبحث الثانى : المسئوليه العقديه للطبيب

يترتب على العقد إنشاء التزامات تقع على كاهل كل من طرفيه، و القوة الملزمة للعقد تقضي بان يقوم كل طرف بتنفيذ التزامه العقدي، فان لم يقم المتعاقد بتنفيذ التزامه عينا، و طلبه الدائن أجبر المدين على تنفيذه، فالأصل هو التنفيذ العيني حيث تنص المادة 164 من القانون المدني الجزائري: يجبر المدين بعد اعذاره طبقا للمادتين 180و 181 على تنفيذ التزامه عينا، متى كان ذلك ممكنا  هذا فيما يخص المسؤولية العقدية بصفة عامة، أما فيما يتعلق بالمسؤولية العقدية للطبيب نجد بأنها طرحت لأول مرة في قرار محكمة النقض الفرنسية الذي صدر عام 1936 م حيث جاء فيه ينعقد بين الطبيب و عميله عقد حقيقي…..و إن خرق هذا الالتزام العقدي، و إن كان غير إرادي، يجازي بمسؤولية من الطبيعة ذاتها، أي عقدية أيضا هذا الحكم وضع المريض و طبيبه وجها لوجه و على قدم المساواة، و التزام المريض التزاما تعاقديا بأتعاب الطبيب حيث قضت محكمه النقض المصريه بانه من المقرر فى قضاء هذة المحكمة أن استخلاص الخطا الموجب للمسئوليه مما يدخل فى حدود السلطه التقديريهلمحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص سائغاومستمدا من عناصر تؤدى  اليه من وقائع الدعوى فالعقد هو اهم مصدر حيث ينشأ لوحدة  اغلبيه الالتزامات حيث يعرفة القانون بانه هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني، سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهاءه والعقد، كذلك، هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني، أو بعبارة أخرى، هو توافق إرادتين على إنشاء رابطة قانونية أو تعديلها أو إنهائه

نقض مصرى فى 27مارس 1980مجموعه احكام النقض س31 ص930,نقض مصرى فى فبراير1973,وس24,وص180,نقض مصرى فى 8يناير 1995مجموعه احكام النقض,س46,وص349

المجموعه المتخصصه المهنيه-المسئوليه الطبيه ج1-منمشورات الحلبى القانونيه –بيروت,لبنان-200ص126

ومن  المستقر عليه فقهاً وقضاءاً أن مسئولية الطبيب عن خطئه مهما كان نوعه سواء كان خطأً فنياً أو مادياً , جسيماً أو يسيراً , ويجب على القاضي أن يتثبت من وجود هذا الخطأ , وأن يكون ثابتاً ثبوتاً كافياً لديه , وعليه الإستعانة برأي الخبراء في ذلك. فيسأل عن كل تقصير من مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ من مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسئول , كما يسأل عن خطئه العادي أياً كانت درجة جسامته . فعدم نقل المريض إلى القسم الطبي المختص في الوقت المناسب يشكل خطأً فاحشاً يستوجب مسؤولية الطبيب, كما أنه يسأل عن خطئه المتمثل في حقن المريض بمخدر دون الإطلاع على زجاجته والتأكد مما إذا كان هو المخدر الذي طلبه أو شيء آخر . كما أن القضاء استقر على أنه وإن كان لا يشترط الخطأ الجسيم حتى تقدم مسئولية الطبيب عن عمله الفني , إلا أنه يشترط أن يكون هذا الخطأ محققاً ومتميزاً . ويتنوع الخطأ الطبي بين الإهمال و الرعونة و عدم الإحتراز . ومع ذلك فإن الطبيب يكون مخطئاً إذا كان اعتقاده في اختياره لطريقة العلاج غير مبرر أو لم تبذل العناية اللازمة في تنفيذ هذه الطريقة المختلف عليها لذلك يراعي عند تقدير خطأ الطبيب مستوى الفن الذي يمارسه وهل هو طبيب عام أم طبيب تخصص وفي أي فرع من فروع التخصص … فالمطلوب من الطبيب أن يكون حسب تعبير الفقهاء حاذقاً يعطي المهنة حقها فيحتاط في عمله ببذل العناية المعتادة من أمثاله في التشخيص والعلاج فإن فعل ما لا يفعله مثله وكان عالماً به فهو ضامنومع ذلك فإن الطبيب يكون مخطئاً إذا كان اعتقاده في اختياره لطريقة العلاج غير مبرر أو لم تبذل العناية اللازمة في تنفيذ هذه الطريقة المختلف عليها لذلك يراعي عند تقدير خطأ الطبيب مستوى الفن الذي يمارسه وهل هو طبيب عام أم طبيب تخصص وفي أي فرع من فروع التخصص … فالمطلوب من الطبيب أن يكون حسب تعبير الفقهاء حاذقاً يعطي المهنة حقها فيحتاط في عمله ببذل العناية المعتادة من أمثاله في التشخيص والعلاج فإن فعل ما لا يفعله مثله وكان عالماً به فهو ضامنومع ذلك فإن الطبيب يكون مخطئاً إذا كان اعتقاده في اختياره لطريقة العلاج غير مبرر أو لم تبذل العناية اللازمة في تنفيذ هذه الطريقة المختلف عليها لذلك يراعي عند تقدير خطأ الطبيب مستوى الفن الذي يمارسه وهل هو طبيب عام أم طبيب تخصص وفي أي فرع من فروع التخصص … فالمطلوب من الطبيب أن يكون حسب تعبير الفقهاء حاذقاً يعطي المهنة حقها فيحتاط في عمله ببذل العناية المعتادة من أمثاله في التشخيص والعلاج فإن فعل ما لا يفعله مثله وكان عالماً به فهو ضامن

محمد علي النجار – حول مسئولية الأطباء – مجلة الأزهر – المجلد 20 سنة 1368هـ – ص 51

فالطبيب مسئول عن أى تقصير يصدر منه خلال عمليات نقل الدم حيث أن إباحة عمل الطبيب مشروطه بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول العملية المقررة , فإذا فرط في إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله . – ولما كان الطبيب في تنفيذ إلتزامه يقوم بأعمال بعضها فني يتصل إتصالاً وثيقاً بمهنته وبعضها الآخر عادي لا علاقة له بمهنة الطب فإنه يجب مراعاة الطبيعة الفنية لعمله عن وضع المقياس الذي يقاس عليه سلوك الطبيب ومؤدى ذلك أن المعيار الذي يقدر به خطأ الطبيب يختلف بإختلاف طبيعة العمل الذي حدث به الإخلال بالإلتزام لأنه متى تقررت درجة العناية الواجب اقتضاؤها من المدين اعتبر كل تقصير في بذل العناية مهما يكن طفيفاً خطأ يرتب مسئولية المدين ولمعرفة ما إذا المدين قد أدى ما هو مطلوب منه ينبغي مقارنة العناية التي أداها بمقدار العناية التي يبذلها الشخص العادي إلا إذا نص القانون أو العقد على خلاف ذلك – المادة 290 من القانون المدني الكويتي .
وبالنسبة للعمل العادي للطبيب فإنه يطلب منه في أدائه مثل كل شخص عادي أن يصطنع الحيطة والتبصر في سلوكه وأن يبذل العناية التي يبذلها الشخص العادي أما بالنسبة للعمل الفني للطبيب فإن تقدير الخطأ فيه يخضع لمعيار الخطأ المهني والمقياس الذي يقاس به سلوك المهني مرتكب الفعل الضار هو السلوك الفني المألوف من شخص وسط من نفس المهنة في عمله وكفائته ويقظته ومتى كان المهني ملتزماً بمجرد بذل العناية الواجبة فإن هذا المعيار يصدق سواء كانت مسئوليته عقدية أم تقصيرية .

دامال عبد الرحيم عثمان,الخبره فى المسائل الجنائيه ,رساله دكتوراة جامعه القاهرة 1964

داحمد حشمت اوتيست ومرقس,نظريه الالتزام العامه فى القانون المدنى الجديد

ويشترط ايضا للتعويض عن الضرر المادي أن يكون هناك إخلال بمصلحة مالية للمضرور و أن يكون هذا الضررمحققا و منه جاز أن يقوم الضرر عند الإخلال بحق المضرور، فالتعدي على الحياة ضرر، إتلاف عضو أو إحداث جرح أو إصابة الجسم أو العقل بأي أدى هو ضرر مادي لأنه من شانه أن يخل بقدرة الشخص على الكسب و تحمل نفقة العلاج.

ترك أشياء في جوف المريض بعد الجراحة فيسال الجراح الذي يترك في جوف طفل أثناء عملية جراحية إحدى ضمادات ثلاثة استعملها في العملية، فلم يتخذ اقل احتياط لتفادي نسيانها في جوف المريض، فلم يربطها بخيوط و يشبكها بملقط، كما هو العادة في مثل تلك الحالة، و أن الطبيب تمادى في خطئه عندما أخفى عن الوالدين حقيقة ما حدث فارتفعت درجة حرارة المرض بسبب الضمادة المتروكة في جوفه فأوهمهم أن حالته تحتاج عملية أخرى فقام بإجرائها لان حالة العلاج تقتضيها و إنما بحثا عن الضمادة فلم يجدها حتى خرجت من نفسها عن طريق الشرج فالمسؤولية الطبية هي مسؤولية لها طبيعة فنية بحتة، فالطبيب ملزم بمراعاة واجب الضمير والاصول العلمية الطبية الثابتة بعلم الطب، سواء ارتبط بعقد ام لم يرتبط، فكل ما يتعلق بالضمير والاصول العلميه الثابتة بعلم الطب مناطة قواعد المهنة.

موقف القضاء من العلاقة السببية:

ذهب القضاء الأوروبي إلى ضرورة توفر علاقة السببية بين الخطأ و الضرر حتى تقوم المسؤولية المدنية و محكمة النقض الفرنسية قد جرت على نقض جميع الأحكام التي لم توضح توافر علاقة السببية كما جعلت لنفسها الحق في رقابة و تقدير هذه العلاقة غير أنه يتعين التفرقة بين الوقائع المادية، التي تخضع للتقدير المطلق للقاضي الموضوع، و بين تكييف ما إذا كانت هذه الأفعال نفسها كافية للقول بوجود علاقة سببية أو عدم وجودها، فإنها مسالة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض فذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى انه اثبت المضرور الخطأ و الضرر و كان من شأن ذلك الخطأ أن تحدث هذا الضرر، فان القرينة على توافر علاقة السببية بينهما تقوم لصالح المضرور، و يكون للمسؤول أن يقوم بنقض هذه القرينة بإثبات أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لابد له فيه و انه لا يكتفي لنفي علاقة السببية بين الضرر و الخطأ الثابت وقوعه بوجود أسباب أخرى من شأنها أن تتسبب هذا الضرر و لكن يجب أن يتحقق توافر أحد هذه الأسباب.
و بخصوص رقابة محكمة النقض على مدى توافر علاقة السببية، فقد جرى قضاؤها على أن البحث في رابطة السببية بين الخطأ و الضرر هو من المسائل الواقعية التي لا تخضع قاض الموضوع في بحثه لرقابة محكمة النقض إلى أن يشوب التسبب عيب يبطله.

و على أن تقدير الدليل علة قيام رابطة السببية هو من الأمور الموضوعية التي لا تخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض.

د. عبد الحميد الشواربي- المرجع السابق- ص 37.

الخاتمة:

بعد أن فرغنا من بحث موضوع اباحه  عمليات نقل الدم الملوث لم يبق لنا إلا أن نسطر ما انتهينا إليه من نتائج تليها ما أرتئيناه من توصيات جديرة بتتويج هذه الخاتمة سائل االله أن يسدد خطى الجميع لما فيه خير العباد والبلاد

أولاً – النتائج:

– جواز نقل الدم في التشريع الإسلامي إذا لم يوجد من المباح من أغذية وأدوية ما يقوم مقامه فهو من باب الضرورات التي تبيح المحظورات. – تنظيم عمليات نقل الدم تشريعاً من قبل بعض الدول عربية أو أجنبية يتأتى من إدراك ما يتميز به الدم من أهمية وخطورة، علاوة على أهمية التشريع في حماية دم الإنسان من العدوى. – إباحة عمليات نقل الدم تجد أساسها في المصلحة الاجتماعية التي ينشدها المشرع من خلال تنظيم نقل الدم وفق ضوابط منصوص عليها قانوناً. – التزام الطبيب بصدد عمليات نقل الدم هو التزام ببذل عناية من حيث المبدأ، فلا يسأل الطبيب جنائياً عن عدم شفاء المريض نتيجة نقل الدم، إلا أن مسؤوليته تقوم عند إخلاله بالإجراءات المتعلقة بعملية النقل ذاتها. – قصور التكييفات التي أسبغها القضاء على وقائع تلويث الدم.

ثانيا – التوصيات:

– نظراً للقصور الذي يعتري قانون العقوبات وغيره من القوانين العقابية المقارنة فيما يتعلق بتجريم واقعة تلويث الدم يتعين عدجرائم نقل الدم جريمةً مستقلة بذاتها، ومن ثم يستوجب الأمر إصدار تشريع خاص ينظم عمليات نقل الدم، ويجرم وقائع تلويث الدم، فنحن ندعو المشرع الوطني في هذا المقام لسد النقص التشريعي. – تبقى جامدة لا محل لها من التطبيق على أرض الواقع تلك النصوص والتشريعات التي تصدر بهدف حماية الدم من التلوث إن لم تتوافر لها شروط تطبيقها . عليه نوصي بأن توفر للجهات الملزمة بتطبيقها الإمكانات التي تسمح لها بتوفير الاشتراطات الصحية، وتقديم النصح والإرشاد، وتوفير المواد اللازمة للقيام بالتحاليل الطبية، للتأكد من خلو الدم من الفيروسات المعدية، ويصار إلى تشديد الرقابة على مراكز التبرع بالدم وحفظه، عامةً كانت أو خاصةً، سعياً للقضاء على المرض، والحد من تفاقمه. وبهذا أكون قد وصلت إلى ختام بحثي هذا الذي بذلت فيه ما وسعني من جهد فإن كنت قد أصبت فهو راجع إلى توفيق االله العزيز القدير وإن كنت قد قصرت فهو مني ولم يكن الكمال يوماً من أوصاف البشر .

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=62511

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M