عطفاً على مقالة سابقة بعنوان (الواقع يطالب المرجعية بتغيير موقفها ) نريد أن نثبت ما قلناه بمثال من الواقع حتى تكون فكرتنا السابقة واضحة .
إن المرجعية الدينية (وأقصد بها مرجعية السيد السيستاني تحديداً) أوصت المواطنين بأن ينتخبوا الأصلح والأنزه والأكفأ من دون أن تبين تفاصيل ومصاديق لهذه الصفات مراهنة على وعي الناس وخبرتهم في الحياة الديمقراطية التي تجاوزت العشر سنوات . ومن خلال لقاءاتنا ونقاشاتنا وجدنا أن الكثير ممن يريد أن يطبق فتوى المرجعية بانتخاب الأصلح والأنزه والأكفأ متحيرين في من تنطبق عليه هذه المواصفات ، وبدأت الاجتهادات والتأويلات والتشريق والتغريب كي يقنع كل شخص الطرف الآخر .
ومن الشخصيات – على سبيل المثال لا الحصر – التي كان النقاش حولها فيما إذا تنطيق عليه الصفات التي بينتها المرجعية أم لا ( وهي الصلاح والكفاءة والنزاهة ) هي (محمد الطائي) مدير قناة الفيحاء الفضائية المرشح عن قائمة (المواطن) التي يتزعمها السيد عمار الحكيم عن محافظة البصرة ، فالبعض يرى الطائي مؤهلاً لأن يكون ممثلاً لأبناء البصرة لأنه ( الأصلح والأنزه والأكفأ ) برأيهم فيكون ممن انطبقت عليه شروط المرجعية (مرجعية السيد السيستاني) .
ومن هنا بدأت المشكلة ، فـ(محمد الطائي) شخصية إعلامية معروف بعلمانيته ويدير مؤسسة إعلامية بعيدة كثيراً عن الدين ، ويحتضن مجموعة من الموظفات ذات السمعة السيئة والتي لا نريد أن نلوث منشورنا بأسمائهن ولا نزكم أنوف قرّائنا بأفعالهن ، ولا نحتاج الى جهد كبير لإثبات ذلك فمحركات البحث تختصر لنا للوصول الى هذه الحقائق .
وهنا أنا لست بصدد بيان إمكانية (محمد الطائي) من تمثيل الشعب أم لا ، فللإنصاف فهو يمتلك بعض المؤهلات العلمية والفنية والإدارية والإعلامية والثقافية التي يمكن أن يسخرها لخدمة المواطن ، وهذه المؤهلات يشترك معه الكثيرون إلا أن الصدى الإعلامي خدمه كثيراً ، وهذا الصدى لا يضمن للمواطن أن (محمد الطائي) سيخدمه وإنما هو احتمالية .
وأريد أن أوجه كلامي الى الإخوة الذين يريدون أن ينتخبوا (محمد الطائي) تنفيذاً لأمر المرجعية وتوجيهاتها : بعد كل ما تعرفونه عن (محمد الطائي) أسألكم هل أن شخصاً يحتضن لمؤسسة إعلامية فيها الكثير من المفاسد الأخلاقية المشوّهة لسمعة النساء العراقيات والإعلاميات الشريفات يستحق أن يمثلكم ، وهو ما تريده المرجعية ممثلاً لكم ؟! فإن كنتم مقتنعون أمام الله بذلك فهذا شأنكم وإن كنتم غير مقتنعين فعليكم أن لا تشجعوا وتنبهوا كل من يخطأ هذا الخطأ الفادح .
أما من يريد أن ينتخب (محمد الطائي) لأنه حامل لمؤهلات علمية وفنية وإدارية وإعلامية وثقافية وليس لكون انتخابه تطبيقاً لفتوى المرجعية ونصيحتها فهذا حر وليس كلامي موجه إليه لأنه إن لم ينتخب (محمد الطائي) ينتخب غيره بنفس المواصفات ، أما من يريد أن ينتخب شخصاً مطابقاً لمعايير المرجعية فمن وجهة نظري أن (محمد الطائي) لا تنطبق عليه كل معايير المرجعية للمرشح الأصلح والأنزه والأكفأ ، ربما تنطبق عليه بعض هذه المعايير والصفات وليس كلها ومن يعتقد أن (محمد الطائي) تنطبق عليه ما تريده المرجعية من مواصفات فهذه إهانة للمرجعية ، بل إن صفات مهمة لم تتوفر به وهناك الكثيرون ممن تتوفر فيهم المواصفات والمعايير التي تريده المرجعية منها ما هي متوفرة في (محمد الطائي) وزيادة .
وهنا أريد أن أؤكد ما قلته في مقالتي السابقة ( الواقع يطالب المرجعية بتغيير موقفها ) بأن الأمة – يبدوا مما تقدم – ما زالت غير مؤهلة لتحديد وانتخاب المرشح الذي تريده المرجعية ، ومن ذلك دعوت الى أن تغير المرجعية موقفها بأن تحدد تفاصيل دقيقة لمواصفات المرشح الذي ترى بأن انتخابه يحقق أفضل ما يمكن للشعب ، وهذه الدعوة لم تأتِ من فراغ وما تقدم أبسط مثال على فهم الأمة الخاطئ لما تريده المرجعية .