بين المانيا الحديثة، وحوزة النجف _ تقارب في مناهج التعليم والتدريس.

د. محمد ابو النواعير
دكتوراه في النظرية السياسية/ المدرسة السلوكية الامريكية المعاصرة في السياسة.

 

كتبت يوما في احدى حساباتي السابقة المحذوفة من الفيس بوك، عن وجهة نظري المقارنة بين (منهج التلقي المعرفي والتعليمي) ما بين الدراسة الحوزوية، والدراسة الاكاديمية الجامعية.

وقد ثبت لي من خلال قراءة ومتابعة، ان منهج التعليم الحوزوي هو اكثر رصانة وعمقا وصلابة، من منهج التعليم الاكاديمي الجامعي المعاصر في العراق.

وقد قلت ايامها ان ثلاثة سنين دراسة جادة ومستفيضة وصارمة في مادة البحث الخارج في الحوزة، تعدل عندي دراسة رصينة لشهادتي دكتوراه اكاديمية جامعية.

رفض كلامي البعض، واعترض الآخر. !

كنت قد استندت في رأيي على عدد من الشواهد والوقائع.
اعتمدت في اولها على ما طرحه ماكس فيبر في كتابه (العلم والسياسة بوصفهما حرفة).

لفت انتباهي فيبر في مؤلفه القيم هذا وهو يتحدث عن المنهج الاكاديمي المتبع في المانيا منذ ايام هيجل والى وقت تأليفه للكتاب، اي تقريبا فترة القرن الثامن عشر والتاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث يقوم المنهج التعليمي الالماني على اسلوب مشابه كثيرا لاسلوب المنهج الحوزوي، وهو القائم على مبدأ ان الطالب الاكاديمي يجب عليه ان يَدرُس ويُدَرِّس. !
هذا المنهج يستدعي لدى اجهزة الاستشعار المعرفي للطالب، ثلاثة محاور :

– محور التلقي والحفظ
– ومحور اعادة الحفظ من اجل الالقاء على الطلبة
– ومحور مناقشة المادة الملقاة على الطلبة.

هذه المحاور الثلاثة تساعد كثيرا جدا على ترسيخ فهم متقدم للمادة العلمية التي يدرسها الطالب ثم يقوم بتدريسها ثم يشترك بمناقشتها.

لذا نجد النتاج العلمي الالماني خلال القرون السابقة كان رصينا متقنا عميقا بشكل كبير.
وكذلك هو المنهج الحوزوي الذي يُخرّج في كثير من الاحيان اساتذة ومدرسين وعلماء، على مستوى عالي من الفهم وقوة التحليل والتفكيك والتركيب للقضايا والظواهر.

ازداد يقيني بهذا المنهج، عندما وفقني الله تعالى أن ألقي محاضرات في مادة أسس التربية في كلية الفقه الجامعة في محافظة النجف الاشرف (كمحاضر مجاني)، فقد اكتشفت انني وعلى الرغم من كوني مستمر وبشكل يومي بالقراءة والمطالعة وتلخيص الكتب وكتابة البحوث والمقالات العلمية والفكرية، إلا ان عملية التدريس والمناقشة، تساهم بصقل معرفي متقدم، ساعد على ترسيخ كل المادة الخاضعة للتدريس تقريبا.

انصح مؤسسات الدولة، ان تضيف منهج التدريس بالاضافة الى الدراسة القائمة على مبدأ التعبئة من طرف واحد، لطلبة الكليات والمعاهد، وطلبة الدراسات العليا، بحيث يكون التدريس، من ضمن المنهج الدراسي المقرر لهم.

وسنرى نتائج متقدمة جدا، ستساعد على نشر فعل اجتماعي متقدم بين شبابنا الطلبة، الا وهي اكسابه آلية الالقاء العلمي، وتطوير قبلياته في الالقاء والنقاش، حتى في نطاق حياته الاجتماعية الخاصة مع اخوانه واهل بيته وزملائه، وسيساهم هذا حتما في خلق جيل قادر على التعامل مع العلم، كحالة فيضية، وليس كحالة كامنة تندثر مع الزمن وتتلاشى.
وستساهم ايضا في التقليل من الكثير من الشعبوية الساذجة التي باتت تتحكم بكل مفاصل حياتنا العامة والخاصة.

 

.

المصدر: عبر منصات التواصل للمركز

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M