بين تفعيل المادة الرابعة وتعزيز الدفاعات.. كيف تفاعل حلف الناتو مع الهجوم الروسي على أوكرانيا؟

منى لطفي

 

أعلنت أربعة دول وهي (بولندا – إستونيا – لاتفيا – ليتوانيا) والتي تقع تحت مظلة حلف شمال الأطلسي، تفعيل المادة الرابعة من اتفاق حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وبموجب تلك المادة ستتشاور الأطراف معا، بطلب أي من الدول الأعضاء، حول سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي. أعقب ذلك انعقاد مؤتمر صحفي للأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ينس ستولتنبرغ” للتنديد بالغزو الروسي على أوكرانيا، على خلفية إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إطلاق عملية عسكرية في إقليم “دونباس” شرقي أوكرانيا، متهمًا ما أسماها “الدول الرائدة” في “الناتو” بدعم من وصفهم بـ”النازيين الجدد في أوكرانيا”.

حلف الناتو… يدين الهجوم الروسي “غير المبرر”

ندد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو” ينس ستولتنبرغ، خلال مؤتمر صحفي، بـ “الهجوم الروسي غير المبرر على أوكرانيا، والذي يعرض أرواح عدد لا يحصى من المدنيين للخطر، وبالرغم من تحذيراتنا المتكررة للانخراط في الدبلوماسية، الا أن روسيا اختارت طريق العدوان على دولة مستقلة وذات سيادة”.

وأعلن عن تفعيل خطط الحلف الدفاعية لنشر قوات إضافية داخل الدول الأعضاء في أوروبا الشرقية، وسيعقد قمة افتراضية خلال 24 ساعة تتناول تداعيات هجوم روسيا على أوكرانيا، بهدف تحديد الطرق التي سيتم اتخاذها خاصة بعد تفعيل خطط الدفاع “حتى نتمكن من نشر قوة حيثما يكون ذلك ضرورًيا”.

علاوة على ذلك، قال “ستولتنبرغ”، في وقت سابق إن حلفاء الناتو يدينون هجوم روسيا المروع على أوكرانيا، وهو أمر غير مبرر على الإطلاق، موضحًا أن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا انتهاك خطير للقانون الدولي، وتهديد خطير للأمن الأوروبي الأطلسي، مع التأكيد على أن الناتو سيقف بجوار الشعب الأوكراني في هذا الوقت العصيب، مؤكدًا على عدم إرسال قوات إلى أوكرانيا، ويكفي تقديم أنظمة دفاعية لكن ليس لدينا خطط لإرسال قوات إلى أوكرانيا، مع وضع أكثر من مائة مقاتلة و120 سفينة وقوات تدخل في حالة تأهب قصوى؟ ودعا دول الحلف إلى “وقفة رجل واحد” لحماية مصالح الحلف الأمنية، مشيرًا إلى أن الحلف ساهم في بناء جيش أوكراني قوي أقوى مما كان في 2014، وأن روسيا ستدفع ثمنًا اقتصاديًا وسياسيًا باهظاً للغاية.

اجتماع طارئ للناتو. لحماية الدول الأقرب للصراع

بدأ الناتو تعزيز دفاعاته في شمال شرق أوروبا بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014، إلا أنه بعد أن اشتد التوتر بين روسيا وأوكرانيا، تم تعزيز هذه القوات بقوات ومعدات من عدة دول في الأشهر الأخيرة. وكذا، أرسل بعض أعضاء الناتو قوات وطائرات وسفنًا حربية إلى منطقة البحر الأسود بالقرب من الحلفاء (بلغاريا – رومانيا – تركيا)، كما وضع البنتاغون ما يصل إلى 8.500 جندي أمريكي في حالة تأهب قصوى.

خلال الساعات القليلة السابقة أعلنت أربعة دول، وهي (بولندا – إستونيا – لاتفيا – ليتوانيا) تفعيل المادة الرابعة من اتفاق حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وقالت الحكومة الإستونية في بيان، إن رئيس الوزراء، “كاجا كالاس”، يرى الغزو الروسي لأوكرانيا “تهديدًا لأوروبا بأكملها”.  وأعلنت دولة ليتوانيا حالة الطوارئ في مرسوم وقعه الرئيس “جيتاناس ناوسيدا” ردًا على هجوم روسيا، ومن المتوقع أن يوافق برلمان الدولة الواقعة على بحر البلطيق على الإجراء في جلسة استثنائية. وتحد ليتوانيا منطقة “كالينينغراد” الروسية من الجنوب الغربي وبيلاروسيا من الشرق ولاتفيا من الشمال وبولندا من الجنوب.

وتنص المادة الرابعة من ميثاق حلف الناتو، على أن “يتم اتخاذ جميع قرارات الناتو بالإجماع، بعد المناقشة والتشاور بين الدول الأعضاء، وبالتالي فإن التشاور بين الدول الأعضاء يقع في صميم حلف الناتو لأن الحلفاء قادرون على تبادل الآراء والمعلومات ومناقشة القضايا قبل التوصل إلى اتفاق واتخاذ الإجراءات”

أما المادة الخامسة تنص على أن” يقع مبدأ الدفاع الجماعي في صميم المعاهدة التأسيسية لحلف الناتو. يظل مبدأً فريدًا ودائمًا يربط أعضاءه معًا ويلزمهم بحماية بعضهم البعض وإرساء روح التضامن داخل الحلف”، وتعد هذه المادة هي حجر الزاوية في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولم يقم الناتو بالإبلاغ عن تلك المادة إلا مرة واحدة في تاريخه ردا على الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2011.

وطالبت روسيا حلف الناتو بأن يلتزم بعدم قبول أوكرانيا أبدًا، وهو أمر رفضه أعضاء الناتو، مستشهدين بسياسة “الباب المفتوح” للحلف. وبعد قيام بوتين بالهجوم العسكري على أوكرانيا، ارتفعت المطالبات للناتو كذلك بتفعيل المادة الخامسة من الميثاق.

وجاءت دعوة الناتو لعقد اجتماع طارئ بعد أن طلبت الدول الأقرب إلى الصراع (بولندا – إستونيا – لاتفيا – ليتوانيا)، بالإضافة إلى البحر الأسود وبحر البلطيق، لأن ذلك يعد تهديدًا مباشرًا لحدودهم، وبالتالي فإن الناتو يريد وضع خطة دفاعية لحماية جميع الحلفاء، واتخاذ خطوات إضافية لزيادة تعزيز الردع والدفاع، مع الأخذ في الاعتبار إلى أنها إجراءاتنا وقائية ومتناسبة وغير تصعيدية وستظل كذلك.

وفي حين أن بعض الدول الثلاثين الأعضاء في الناتو تزود أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة وغيرها من المعدات، فإن الناتو لن يشن أي عمل عسكري دعمًا لأوكرانيا، لكن (إستونيا – لاتفيا – ليتوانيا) قالت في بيان مشترك: “سنحتاج بشكل عاجل إلى تزويد الشعب الأوكراني بالأسلحة والذخيرة وأي نوع آخر من الدعم العسكري للدفاع عن نفسه بالإضافة إلى المساعدة والدعم الاقتصادي والمالي والسياسي والإنساني”.

وإجمالا لما سبق، إن الناتو يهدف للتدخل لحماية الدول الأعضاء الأقرب للصراع، دون وجود أي نية للتدخل العسكري لحماية أوكرانيا، فضلًا عن أن انعقاد مؤتمر افتراضي سيكون خلال 24 ساعة قد يكون خلالها قد حسمت روسيا الأمور ونفذت تطبيق كافة مخططاتها.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/67643/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M