تجسيد زيارة عاشوراء يمهّد للدولة المهدوية

بهاء النجار

كثيراً ما يوصي علماؤنا الأفذاذ بقراءة زيارة عاشوراء خاصة عند الشدائد ونزول البلاء ، لذا فمن الضروري الغور في بحر هذه الزيارة العظيمة وقد نعرف من خلالها سر هذه التوصية العلمائية ، فالزيارة تركّز – وكأنها ترتكز – على مجموعة مبادئ لأهميتها في حياة المؤمن ، هذه المبادئ هي :

1) الركيزة الأولى / السلام على الحسين عليه السلام :
( السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ الله وَعَلى الأَرواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ، عَلَيْكَ مِنِّي سَلامُ اللهِ أَبَداً مابَقِيتُ وَبَقِيَ اللَيْلُ وَالنَّهارُ وَلا جَعَلَهُ الله آخِرَ العَهْدِ مِنِّي لِزِيارَتِكُمْ. السَّلامُ عَلى الحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ وَعَلى أَوْلادِ الحُسَيْنِ وَعَلى أَصْحابِ الحُسَيْنِ )
وأقل ما يمكن فهمه من السلام على الحسين عليه السلام هو رفض الحرب عليه وعلى مبادئه وقِيَمِهِ ، سواء كانت هذه الحرب من البعيدين عنه أو حتى من المنتمين إليه الذين لم يضبطوا إيقاع حياتهم وفق المبادئ الحسينية ، وبالتالي فقد تكون الحرب حتى من الزائر بزيارة عاشوراء نفسه ، وبهذا السلام على الحسين عليه السلام يعيد الزائر للنظر في هذه الحرب غير المباشرة مع إمامه ، فهذا السلام هو إعلان للجهاد الأكبر ، وهذا الشكل والفهم من السلام أكّدته الزيارة نفسها في مواضع عدة ( إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ إِلى يَوْمِ القِيامَةِ ) و ( إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ وَوَلِيُّ لِمَنْ وَالاكُمْ وَعَدُوٌ لِمَنْ عاداكُمْ ) بمعنى أن منهج حياتي – كزائر – في السلم والحرب هو وفق من سالَمَ الحسين عليه السلام وأهل بيته ومحاربتهم ، وأن أرسّخ هذا المنهج في نفوس أبنائي ومجتمعي ولكل الأجيال القادمة الى يوم القيامة ، مع التدرج في مستويات السلم والحرب معهم ، أي من كان سِلمُه أو حربه بمستوى ضعيف فسلمُنا له وحربُنا معه يكونان بمستوى ضعيف أيضاً، فليس من الصحيح إعلان السلم المطلق مع كل من سالَمَ أهل البيت عليهم السلام مسالمة شكلية – كالفاسدين المحسوبين على الشيعة مثلاً – ولا إعلان الحرب المطلقة مع كل من حاربهم حرباً غير مقصودة – كالعاصين لله تعالى من الشيعة أو المحبين لأهل البيت عليهم السلام من غير الشيعة الذين لا يعادون أعداءهم .

2) الركيزة الثانية / الموالاة والبراءة :
فالموالاة لأهل البيت عليهم السلام والبراءة من أعدائهم هما النتيجة الطبيعية لإعلان السلم لأهل البيت عليهم السلام والحرب ضد أعدائهم ( بَرِئْتُ إِلى الله وَإِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَمِنْ أَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ وَأَوْلِيائِهِمْ ) الملعونين في هذه الزيارة إما بصفاتهم أو بأسمائهم كما تقدم في الركيزة الثانية ، حيث بينّا أن اللعن من وسائل التقرب الى الله تعالى ، والأمر كذلك في إعلان الولاء لأهل البيت عليهم السلام والبراءة من أعدائهم ( ياأَبا عَبْدِ الله إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلى الله وَإِلى رَسُولِهِ وَإِلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَإِلى فاطِمَةَ وَإِلى الحَسَنِ وَإِلَيْكَ بِمُوالاتِكَ وَبِالبَرائةِ مِمَّنْ قاتَلَكَ وَنَصَبَ لَكَ الحَرْبَ وَبِالبَرائةِ مِمَّنْ أَسَّسَ أَساسَ الظُّلْمِ وَالجَوْرِ عَلَيْكُمْ، وَأَبْرَأُ إِلى الله وَإِلى رَسُولِهِ مِمَّنْ أَسَّسَ أَساسَ ذلِكَ وَبَنى عَلَيهِ بُنْيانَهُ وَجَرى فِي ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ عَلَيْكُمْ وَعَلى أَشْياعِكُمْ، بَرِئْتُ إِلى الله وَإِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَأَتَقَرَّبُ إِلى الله ثُمَّ إِلَيْكُمْ بِمُوالاتِكُمْ وَمُوالاةِ وَلِيِّكُمْ وَالبَرائةِ مِنْ أَعْدائِكُمْ وَالنَّاصِبِينَ لَكُمْ الحَرْبَ وَبِالبَرائةِ مِنْ أَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ ) إذ تنبهنا هذه الزيارة المباركة الى أن تكون نظرتنا الولائية والعدائية بعيدة ، فموالاتنا ينبغي أن تكون لأهل البيت عليهم السلام ولوليهم ، والبراءة تكون ممن أسس أساس الظلم والجور عليهم وليس فقط من ظلمهم ، وهذه استثارة للوعي الكامن في النفوس الطاهرة لدى المؤمنين .
وأن لا تكون الموالاة والبراءة في حدود قراءة الزيارة بل يجب أن تكون على طول الزمن وطوال حياة الزائر الواعي ( اللّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ فِي هذا اليَوْمِ وَفِي مَوْقِفِي هذا وَأَيامِ حَياتِي بِالبَرائَةِ مِنْهُمْ وَاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ وَبِالمُوالاةِ لِنَبِيِّكَ وَآلِ نَبِيِّكَ عَلَيهِ وَعلَيْهِمُ السَّلام ) .

3) الركيزة الثالثة / اللعن والملعونين :
اللعن كما هو معروف نهج قرآني ولم تغفل الزيارة عن ذلك حيث ذكرت ( اللّهُمَّ إِنَّ هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو اُمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الاَكْبادِ اللَّعِينُ ابْنُ اللَّعِينِ عَلى لِسانِكَ وَلِسانِ نَبِيِّكَ صَلّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ وَمَوْقِفٍ وَقَفَ فِيهِ نَبِيُّكَ صَلّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ ) ، واللعن هو طلب طرد (الملعونين) من رحمة الله عز وجل لِعِظَم جرمهم ، فبالاعتراف والتحلي بثقافة اللعن يكون القلب قد تخلّص من السواد الذي يمكن أن يصيبه بسبب عدم لعن من يستحق اللعن .
ولم تكتفِ الزيارة بالتركيز على اللعن ، بل ركّزت كذلك على الملعونين كي لا يُستخدَم اللعن في غير محله ، لذلك أرادت الزيارة توجيه المؤمنين باتجاه من يستحق اللعن ، فقد بينت الزيارة في مواضع معينة صفات من يستحق اللعن ( فَلَعَنَ الله اُمَّةً أَسَّسَتْ أَساسَ الظُّلْمِ وَالجَوْرِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ، وَلَعَنَ الله اُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ وَأَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ الله فِيها، وَلَعَنَ الله اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ وَلَعَنَ الله المُمَهِّدِينَ لَهُمْ بِالتَّمْكِينِ مِنْ قِتالِكُمْ ) و ( وَلَعَنَ الله اُمَّةً أَسْرَجَتْ وَأَلجَمَتْ وَتَنَقَّبَتْ لِقِتالِكَ ) و ( اللّهُمَّ العَنْ أَوَّلَ ظالِمٍ ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَآخِرَ تابِعٍ لَهُ عَلى ذلِكَ، اللّهُمَّ العَنْ العِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الحُسَيْنَ وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلى قَتْلِهِ اللّهُمَّ العَنْهُمْ جَميعاً ) ، وعليه فكل من يتصف بهذه الصفات يستحق اللعن وينبغي التعامل معه كعدو لنا .
وانتقلت الى لعن أشخاص بعينهم وذكرتهم بأسمائهم لشدة ما قاموا به من أفعال شنيعة ، ولكي لا يأتي يومٌ يُستثنَى فيه هؤلاء الأشخاص ، كما يستثنيهم اليوم بعض المنحرفين عن الدين الإسلامي ( وَلَعَنَ الله آلَ زِيادٍ وَآلَ مرَوْانٍ وَلَعَنَ الله بَنِي اُمَيَّةَ قاطِبَةً وَلَعَنَ الله ابْنَ مَرْجانَةَ وَلَعَنَ الله عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَلَعَنَ الله شِمْراً ) و ( وَابْنُ آكِلَةِ الاَكْبادِ اللَّعِينُ ابْنُ اللَّعِينِ ) و ( اللّهُمَّ العَنْ أَبا سُفيانَ وَمُعاوِيَةَ وَيَزِيدَ بْنَ مُعاوِيَةَ عَلَيْهِمْ مِنْكَ اللَّعْنَةُ أَبَدَ الابِدِينَ ) و ( اللّهُمَّ خُصَّ أَنْتَ أَوَّلَ ظالِمٍ بِاللَّعْنِ مِنِّي وَأَبْدأْ بِهِ أَوَّلاً ثُمَّ الثَّانِي وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ، اللّهُمَّ الْعَنْ يَزِيدَ خامِساً وَالعَنْ عُبَيْدَ الله بْنَ زِيادٍ وَابْنَ مَرْجانَةَ وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَشِمْراً وَآلَ أَبِي سُفْيانَ وَآلَ زِيادٍ وَآلَ مَرْوانَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ ) و ( وَهذا يَوْمٌ فَرِحَتْ بِهِ آلُ زِيادٍ وَآلُ مَرْوانَ بِقَتْلِهِمُ الحُسَيْنَ صَلَواتُ الله عَلَيْهِ، اللّهُمَّ فَضاعِفْ عَلَيْهِمْ اللَّعْنَ مِنْكَ وَالعَذابَ الاليم ) .

4) الركيزة الرابعة / عِظَم المصاب :
كما تركّز الزيارة على المصاب العظيم لاستشهاد الحسين عليه السلام كي لا يعتقد أحدٌ أن مصابه لا مثيل له ، وهذه أحد أوجه وأسباب دعوة علمائنا العاملين الى قراءة هذه الزيارة العظيمة عند الشدائد والبلاءات ، فمهما مررنا بأزمة أو بلاء فإنها لا ترقى لتكون مصيبة فضلاً عن أن تصل الى مصيبة كربلاء التي تعتبر مصيبة في الأرض والسماوات ( يا أَبا عَبْدِ الله لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَجَلّتْ وَعَظُمَتِ المُصِيبَةُ بِكَ عَلَيْنا وَعَلى جَمِيعِ أَهْلِ الإسْلامِ، وَجَلَّتْ وَعَظُمَتْ مُصِيبَتُكَ فِي السَّماواتِ عَلى جَمِيعِ أَهْلِ السَّماواتِ ) ، لأنها مصيبة تتعلق بالدين لا مصيبة دنيوية ، ألسنا ندعو ( اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ) ؟
كما أن الزيارة ذكرت في ما يتعلق بمصيبة عاشوراء : ( وَأَسْأَلُ الله بِحَقِّكُمْ وَبِالَّشْأنِ الَّذِي لَكُمْ عِنْدَهُ أَنْ يُعْطِيَنِي بِمُصابِي بِكُمْ أَفْضَلَ مايُعْطِي مُصاباً بِمُصِيبَتِهِ، مُصِيبَةً ماأَعْظَمَها وَأَعْظَمَ رَزِيَّتَها فِي الإسْلامِ وَفِي جَمِيعِ السَّماواتِ وَالأَرْضِ ) و ( بِأَبِي أَنْتَ وَاُمِّي لَقَدْ عَظُمَ مُصابِي بِكَ ) و ( أَنْ يُعْطِيَنِي بِمُصابِي بِكُمْ أَفْضَلَ مايُعْطِي مُصاباً بِمُصِيبَتِهِ، مُصِيبَةً ماأَعْظَمَها وَأَعْظَمَ رَزِيَّتَها فِي الإسْلامِ وَفِي جَمِيعِ السَّماواتِ وَالأَرْضِ! ) و ( اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ لَكَ عَلى مُصابِهِمْ، الحَمْدُ للهِ عَلى عَظِيمِ رَزِيَّتِي )

5) الركيزة الخامسة / الدعاء :
باعتبار الدعاء سلاح المؤمن ، فلا بد من استثمار هذه الأجواء المليئة بالشحنات العقائدية ( من إعلان الولاء والسلم لأهل البيت عليهم السلام والبراءة والحرب من أعدائهم ) لاستخدام هذا السلاح ، فكم هو عظيم أن يكون المؤمن وجيهاً عند الله تعالى ( اللّهُمَّ اجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيها بِالحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ ) وأن يكون عارفاً بأهل البيت عليهم السلام وأوليائهم ومعهم في الدنيا والآخرة ؟ بل هو الغاية المثلى لكل مؤمن ومؤمنة ( فَأَسْأَلُ الله الَّذِي أَكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِكُمْ وَمَعْرِفَةِ أَوْلِيائِكُمْ وَرَزَقَنِي البَرائةِ مِنْ أَعْدائِكُمْ أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ وَأَنْ يُثَبِّتَ لِي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْقٍ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُبَلِّغَنِي المَقامَ المَحْمُودَ لَكُمْ عِنْدَ الله ) وأن تناله صلوات من الله ورحمة ومغفرة ( اللّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي مَقامِي هذا مِمَّنْ تَنالَهُ مِنْكَ صَلَواتٌ وَرَحْمَةٌ وَمَغْفِرَهٌ ) وأن تكون حياته طاهرة مستقيمة كريمة كحياة محمد وآل محمد ( اللّهُمَّ اجْعَلْ مَحْيايَ مَحْيا مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمَماتِي مَماتَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ) و أن ينال شفاعة الحسين عليه السلام وهي غاية المنى ( اللّهُمَّ ارْزُقْنِي شَفاعَةَ الحُسَيْنِ يَوْمَ الوُرُودِ وَثَبِّتْ لِي قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَكَ مَعَ الحُسَيْنِ وَأَصْحابِ الحُسَيْنِ الَّذِينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ الحُسَيْنِ عَلَيهِ السَّلامُ )

6) الركيزة السادسة / طلب الثأر :
ربما أهم ثمرة من ثمار الزيارة هو طلب الثأر لأبي عبد الله الحسين عليه السلام مع إمام العصر عليه السلام ، وهو ربط بين الماضي والحاضر والمستقبل للحركة الرسالية الإصلاحية ، وهو استثمار دماء الحسين عليه السلام التي أريقت من أجل الإصلاح لتحقيق الإصلاح الإلهي الموعود عبر شيعته ومواليه ومحبيه الذين ذابوا في قضيته منذ 1400 عام ، إذ أن النصر الذي لم يتحقق في معركة الطف سيتجلى في انتصار الإمام المنتظر عليه السلام وإقامة الدولة العادلة الموعودة وهي غاية الثورة الحسينية الذي بذل الشيعة الغالي والنفيس لديمومتها ، ولكي تكون متناغمة مع الحديث المشهور ( خير أعمال أمتي انتظار الفرج ) فإن النهضة الحسينية والمحافظة على زخمها تعتبر من أوضح وأفضل مصاديق الأعمال الخيرة فلا بد أن تكون طريقاً ووسيلة لتحقيق النصر المهدوي والعدل الإلهي .
( فَأَسْأَلُ الله الَّذِي أَكْرَمَ مَقامَكَ وَأَكْرَمَنِي بك أَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثارِكَ مَعَ إِمامٍ مَنْصُورٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ ) و ( وَأَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثارِي مَعَ إِمامِ هُدىً ظاهِرٍ ناطِقٍ بِالحَقِّ مِنْكُمْ )

تجسيد زيارة عاشوراء وعلاقته بالدولة المهدوية
بعد استعراض الركائز الستة التي ركّزت عليها زيارة عاشوراء ، وجدنا أن إحداها مرتبطةٌ بالإمام المهدي عليه السلام ، وأما الخمسة الباقية من هذه الركائز فيمكن أن تكون ممهدة للظهور المبارك خاصة إذا كانت مجتمعة ، فالسلم والحرب بالنسبة للمُمهدين يجب أن تكون وفق السلم والحرب لأهل البيت عليهم السلام ( وهذه هي الركيزة الأولى ) ، وهذا السلم والحرب يجب أن يُتَرجَم على شكل موالاة وبراءة ( وهذه هي الركيزة الثانية ) موالاةٌ لأهل البيت عليهم السلام وبراءةٌ من اعدائهم ، ومن دون هذه الموالاة والبراءة فإن الركيزة الأولى تكون ناقصة وليست حقيقية ، بل وإن البراءة يجب أن تصل الى أقصاها وهو اللعن ( وهذه هي الركيزة الثالثة ) إن كان المحارب لأهل البيت عليهم السلام قد أعلن الحرب نهاراً وجهاراً وفي أعلى مستويات الحرب .
وإذا استطاع المؤمنون ترسيخ عِظَم المصيبة ( وهذه هي الركيزة الرابعة ) في نفوس أفراد المجتمع المؤمن فسيعزز الإيمان في قلوبهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( إن لقتل ولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً ) أي الى يوم الظهور المبارك ، وبما أن الدعاء ( وهو الركيزة الخامسة ) سلاح المؤمن فإنه يكون أنفذ وأقوى وأبلغ عند أصحاب الإيمان الراسخ الذي تحقق من الركيزة الرابعة .
فالمؤمن الموالي لأهل البيت عليهم السلام والرافض لأي حرب ضدهم والمعادي لأعدائهم الى درجة لعنهم ، والذي في قلبه حرارة لقتل الحسين عليه السلام لا تبرد ويستثمر الدعاء ( والدعاء بالفرج كدعاء الفرج وغيره ) يمكن أن يكون ممهداً للإمام المنصور من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله ويطلب الثأر معه ( وهو الركيزة السادسة ) .
ومن هنا نعلم أحد أسباب دعوة علمائنا العاملين لقراءة زيارة عاشوراء عند المحن والبلاءات ، فهي تربطنا بإمامنا المنتظر عليه السلام الذي تعتبر غيبته أعظم بلاء على شيعته ، وأن هذه المحن والبلاءات إحدى دوافع الارتباط به عليه السلام ، وأن التخلص الحقيقي لا يكون إلا بفرجه عجل الله تعالى فرجه الشريف .

 

.

رابط المصدر:

https://t.me/Bahaa_AlNajjar

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M