تحليل البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة المصرية 2024

يُمكن اعتبار البرنامج الانتخابي إحدى حلقات الاتصال الرئيسية بين المرشح والناخب، وهو يتضمن بالأساس خطة عمل مستقبلية بشأن القضايا الرئيسية التي تُشكل محور اهتمام الناخبين خلال المرحلة الزمنية التي تُجرى فيها العملية الانتخابية، وهو ليس مُجرد وعود نظرية وإنما التزامات يُقدمها طالب الترشح أمام جمهور الناخبين، تمنحهم الفرصة لتقييم المرشحين والاختيار الواعي بما يتلاءم ودرجة الاستجابة لمتطلباتهم، كما يُشكل أساسًا للمسألة السياسية خلال سنوات ممارسة الوظيفة العامة المعنية، ومع انطلاق جولة الانتخابات الرئاسية المصرية 2024 في الخارج أيام 1، 2، 3 ديسمبر الجاري والاستعداد لإجرائها في الداخل أيام 10، 11، 12 ديسمبر الجاري، يجدر بنا مناقشة البرامج الانتخابية للمرشحين الأربعة وهم: الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وعبد السند يمامة رئيس حزب الوفد، وحازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري، وفريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.

وفقًا للمستشار محمود فوزي رئيس الحملة الرسمية للمرشح “عبد الفتاح السيسي”، فإنه لم يتم طرح برنامج انتخابي وإنما رؤية لاستكمال مسار الإصلاح الذي بدأ منذ 2014 إذ تضمنت فترة الرئاسة السابقة عددًا من الإصلاحات، ونستعرض الرؤية المطروحة والتي تتضمن أولويات وأهداف الفترة الرئاسية المقبلة على النحو التالي:

• المضيّ قدمًا في مسار الإصلاح السياسي: يستهدف المرشح إحداث تنوع في الحياة السياسية، وإطلاق مزيد من المساحات في المجال العام، وتحقيق التعددية وحرية الرأي والتعبير، وإحياء دور المحليات ودعم اللامركزية، وإقامة نظام انتخابي يراعي جميع الفئات، وقد كان للإنجازات السابقة خلال فترة تولي الرئيس المسار الأولى لاستكمال مسيرة الإصلاح السياسي عبر إطلاق تجربة الحوار الوطني بين مختلف فئات المجتمع.

تعزيز برامج الحماية الاجتماعية: يستهدف المرشح حماية الفئات الأولى بالرعاية، والاستمرار في برامج الحماية الاجتماعية التي أنفق عليها خلال الفترة من 2014-2023 نحو 203 مليار جنيه، فضلًا عن تحقيق العدالة الاجتماعية، واستكمال مسار مشروع “حياة كريمة” الذي تم الانتهاء من المرحلة الأولى منه وتضمنت 27 ألف مشروع واستفاد منها نحو 18 مليون مواطن، بالإضافة إلى حماية المرأة وتمكينها وكذلك الشباب بشكل أكبر استنادًا إلى تأهيلهم، إذ كان للشباب دور محوري ولأول مرة في عهد الرئيس السيسي حيث تم تعيين نماذج شبابية في منصب معاوني وزراء وفق القرار 1592 لعام 2014، كذلك تم تعيين 39 قيادة شبابية في منصب المحافظ ونائبه في عام 2019، كما شغل 124 نائبًا شابًا في مجلسي النواب والشيوخ.

بالإضافة إلى العمل في مسار موازٍ يستهدف تدريب وتأهيل الشباب عبر مسار البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة والأكاديمية للوطنية لتأهيل وتدريب الشباب والتي أُنشئت وفق القرار الجمهوري رقم 434 لعام 2017، وفتح باب للحوار معهم من خلال عقد المؤتمرات الوطنية للشباب منذ عام 2016 بنحو ثمانية مؤتمرات، وإطلاق المبادرات الشبابية مثل مبادرة رواد 2023 لتحفيز وإثراء ثقافة الابتكار وريادة الأعمال في مصر، كما عمل الرئيس خلال فترة ولايته على توفير وحدات إسكان اجتماعي للشباب، وإطلاق اتحاد شباب الجمهورية الجديدة في عام 2021.

استمرار مسار الإصلاح الاقتصادي: تستند رؤية المرشح إلى خفض الاعتماد على آليات الدَّين عن طريق زيادة الإنتاج، وتوطين الزراعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي، فضلًا عن تمكين القطاع الخاص لا سيما في ظل تشريعات تدعم دوره كقانون الاستثمار والشركات والإفلاس، والعمل على تراجع دور الدولة في القطاعات التجارية لمنح الفرصة لمشاركة القطاع الخاص في ظل بنية أساسية قوية، وتعزيز مشاركته في الاقتصاد القومي، بالإضافة إلى جذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، والانفتاح على الاقتصاد العالمي من خلال المناطق اللوجستية البرية والموانئ الجافة، والتوسع في المطارات لتعزيز الاتصال مع العالم الخارجي، وتحقيق انطلاقة اقتصادية قوية تقوم على الشراكة بين القطاع الخاص والأهلي والقطاع العام، إذ تدخلت الدولة خلال فترة الرئيس السيسي في القطاع العام والمشروعات في ظل مرحلة استثنائية فكان الهدف اجتماعي لخفض البطالة.

لذلك كان الإنفاق على البنية الأساسية خلال السنوات الماضية الهدف الأول للتنمية، ومن الإنجازات التي حققها الرئيس خفض معدل البطالة الذي وصل في 2014 بنحو 13% إلى 7% في عام 2023، وتستند رؤية المرشح خلال المرحلة المقبلة إلى دعم قطاعات الصناعة والزراعة، ومواجهة التضخم وزيادة الإنتاج وفتح أسواق جديدة، كذلك إلغاء الإعفاءات الضريبية المتعلقة بشركات الدولة، وإقرار حوافز الاستثمار، والتوسع في إصدار الرخص بنظام الموافقة الواحدة مثل الرخصة الذهبية، بالإضافة إلى مكينة الجهاز الإداري للدولة، وخفض التعامل مع العنصر البشري وإصدار قانون الخدمة المدنية، وتدريب وتأهيل الموظفين، بالإضافة إلى التوسع في المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.

قطاع الزراعة: يستهدف المرشح زيادة المساحة الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، والتوسع في الرقعة الزراعية واستكمال مراحل المشروعات التنموية مثل المليون ونصف فدان، ومشروع الـ 100 ألف فدان من الصوب الزراعية، ومشروع شرق العوينات، ومشروع توشكى الخير، ومشروع الدلتا الجديدة، ومشروع تنمية شمال سيناء، ومشروع تنمية الريف المصري الجديد، والمشروع القومي لإنتاج الشتلات بالإضافة إلى دعم المزارعين واستكمال تنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية والبحيرات.

 • قطاع الصناعة: يستند المرشح في رؤيته إلى خفض الاستيراد خاصة أن مصر تستورد حوالي 2832 سلعة، وتعزيز دور قطاع الصناعة من خلال طرح مبادرات على غرار مبادرة “مشروعك” لتنفيذ المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومبادرة “ابدأ” لتوطين الصناعة الحديثة التي كان لها الدور في تشغيل بعض المصانع المتعثرة وحل المشكلات التي تواجهها، فضلًا عن توفير فرص عمل للمواطنين المصريين، بالإضافة إلى وضع إطار تشريعي لحماية الصناعة بداية بقانون الاستثمار، ثم قانون هيئة التنمية الصناعية، وقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقانون تفضيل المنتج المحلي في التعاقدات، إذ تم خلال الفترة الماضية تنفيذ عدد من المناطق الصناعية الحديثة والمتكاملة، والمشروعات الصناعية الكبرى، مما أسهم في تعزيز عدد من الصناعات مثل: الصناعات الحربية، والصناعات التحويلية، والتصنيع الغذائي، والمنسوجات، والمعادن، والكيماويات.

قطاع الصحة: يستهدف المرشح استكمال مسار التنمية في ظل منظومة التأمين الصحي الشامل، والعلاج على نفقة الدولة الذي بلغ نحو 17 مليار جنيه، حيث أحدث السيسي طفرة في تطوير بعض المستشفيات منها مستشفى أبو تيج النموذجي بأسيوط، وبئر العبد المركزي الجديد بشمال سيناء، ونخل المركزي الجديد بشمال سيناء، والغردقة العام بالبحر الأحمر، وحميات سوهاج، وحميات فرشوط بقنا، والتل الكبير بالإسماعيلية، وإطلاق مبادرة 100 مليون صحة، والقضاء على فيروس سي، ومبادرة الكشف عن الأمراض غير السارية، ومبادرة صحة المرأة، ومبادرة العناية بصحة الأم والجنين، والمبادرة الرئاسية لفحص وعلاج الأمراض المزمنة والاكتشاف المبكر للاعتلال الكلوي.

• قطاع التعليم: يستهدف المرشح في رؤيته استكمال مسار خطة تطوير التعليم استنادًا إلى الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعي 2014-2023، وتحسين التعليم من خلال المكون التكنولوجي في إطار نظام مؤسسي كفء وعادل يُسهم في بناء شخصية متكاملة للمواطن، بالإضافة إلى العمل على الحد من أوجه عدم المساواة ومحو الأمية بحلول عام 2023، وتعزيز كفاءة المعلمين وإعادة هيكلة الموازنة، وتعظيم المخصصات المالية الداعمة للجوانب النوعية في العملية التعليمية، بالإضافة إلى إصلاح البنية التشريعية للمنظومة التعليمية، ومن ناحية أخرى تستند الرؤية في مجال التعليم العالي في الاستثمار في بناء البشر وقدراتهم الإبداعية، والتحفيز على الابتكار ونشر ثقافته من خلال رفع كفاءة العنصر البشرى، والتوسع في مسار الجامعات الأهلية والتكنولوجية وربط التعليم بسوق العمل.

السياسة الخارجية: ثمة تحركات يمكن من خلالها التعرف على ملامح السياسة الخارجية المصرية خلال فترة إدارة الرئيس “عبد الفتاح السيسي” والتي انتهت باستعادة مصر لدورها الفاعل والمؤثر في عدد من الساحات وحول مجموعة من القضايا المختلفة، ومن المتوقع استمرار تبني سياسة خارجية نشطة تقوم على إحداث التوازن في علاقات مصر الخارجية، والاستناد إلى ثوابت الدولة المصرية في عدم التدخل في الشئون الخارجية للدول، والحفاظ على وحدة الدولة الوطنية، وتحقيق السلام، والاستقرار الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى استحداث دوائر حركة جديدة في سياستها الخارجية كالدائرة المتوسطية، فكانت تحركات مصر في المتوسط وقيادتها للتفاعلات في المنطقة خلال فترة الرئيس السيسي عبر استضافتها لمنتدى غاز شرق المتوسط وضبط الصيغ التعاونية بين القوى الفاعلة في المنطقة رقمًا فاعلًا على مختلف الأصعدة، وفي مقدمتها تحولها إلى مركز إقليمي للطاقة.

وكان التحرك المصري تجاه ليبيا قائمًا على دعم المؤسسات الوطنية الليبية، والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، مع الدعوة إلى وقف القتال، والانحياز إلى أطر التسوية السلمية، ويُحسب للرئيس السيسي إطلاق “إعلان القاهرة” 2020 الذي ساهم بشكل حاسم في وضع حد لدائرة العنف في ليبيا، أما على صعيد التعاطي المصري مع الأزمة السورية خلال فترة الرئيس السيسي، نجد أنه تبنى رؤية قوامها الحفاظ على وحدة أراضي الدولة السورية، ورفض التدخل العسكري في الشأن السوري، وإعطاء الأولوية للمساعي الدبلوماسية.

كما تبلور الدور المصري في الحفاظ على سيادة الدولة اليمنية، وضمان سلامة مؤسساتها الوطنية، بالإضافة إلى دعم الحل السياسي للأزمة، مع الدعوة إلى ضرورة وقف استغلال الأراضي اليمنية لاستهداف دول الجوار، أو لعرقلة حرية الملاحة في مضيق باب المندب؛ على خلفية الارتباط العضوي بالأمن القومي المصري، وذلك في إطار أمن منطقة البحر الأحمر، ومع اندلاع الأحداث الأخيرة في منتصف إبريل الماضي بين كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وقفت الدولة المصرية على مساحة واحدة من مختلف الأطراف، واتبعت مبدأ الحياد، مع دعمها لأطر الوساطة بهدف التسوية السلمية للأزمة، فضلًا عن دورها الإنساني المتمثل في تحولها لمعبر وملاذ آمن للاجئين.

كما تعد آلية التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق وما يسعى إليه هذا التكتل ورغبة أعضائه في تعزيز التنسيق بينهما وتبني مواقف متقاربة ضمن مظاهر التحرك المصري تجاه تفعيل الدور العربي، ويستند الرئيس في رؤية مصر الخارجية تجاه القضية الفلسطينية إلى ضرورة التوصل إلى تسوية عادلة تقوم على الأسس والمرجعيات الدولية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية تأتي دائمًا على رأس أولويات مصر، وأن إيجاد حل لها سيعيد الاستقرار للمنطقة، والتأكيد على مواصلة الجهود لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكذلك مواصلة مصر لجهودها الحثيثة مع الأطراف الفلسطينية من أجل رأب الصدع وإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية.

ونجحت مصر في استعادة دورها في القارة الأفريقية، وقد كانت رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي عام 2019 دليلًا واضحًا على حدود ومستوى التحول الذي طرأ على العلاقة بين مصر ودول القارة بعد فترات من الغياب، وتراجع الدور ما منح الفرصة لعدد من القوى الإقليمية والدولية لملء الفراغ نتيجة التراجع في دورها خلال السنوات السابقة لتولي السيسي.

ملاحظات عامة: شهدت السنوات الماضية تطبيقًا فعليًا لرؤية الرئيس السيسي في مختلف القطاعات الداخلية والخارجية التي جرى تنفيذها من خلال مؤسسات الدولة، وقد تحقق تقدم ملحوظ في العديد من القطاعات رغم التحديات الإقليمية والعالمية التي ألقت بظلالها على المسار التنموي على غرار جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة، ومن المتوقع في حال فوز الرئيس السيسي بولاية رئاسية جديدة استكمال مسار الإصلاح.

ارتكز برنامج المرشح فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي على ثلاثة محاور سياسية واقتصادية واجتماعية، ونستعرض فيما يلي أبرز الملفات على أجندة برنامجه:

• قضايا الإصلاح السياسي: قدم المرشح رؤيته لبعض الإصلاحات السياسية تتضمن:إصدار قرار بإجراء انتخابات المجالس الشعبية المحلية المتوقفة من عشر سنوات خلال عامي 2024-2025، وفتح حوار مجتمعي يهدف إلى تحقيق استقلالية المجالس المحلية، ومراجعة كافة التشريعات والقرارات الإدارية المنظمة لعمل الأحزاب والنقابات والمؤسسات الأهلية، وتحقيق استقلالها المالي والإداري دون تدخل من السلطة التنفيذية، وحل هذه المنظمات بحكم قضائي، بالإضافة إلى إصدار قرار بالعفو الشامل عن كافة سجناء الرأي الذين لم تثبت ممارستهم للعنف، ووقف القرارات تجاههم من حيث الوضع على قوائم الإرهاب والتحفظ على الأموال، وكذلك تحقيق استقلال الإعلام بكافة أشكاله عبر فتح حوار مجتمعي للنقاش حوله.

علاوة على فتح حوار مجتمعي حول مناقشة التعديلات التشريعية والإدارية لتحقيق الاستقلال الكامل للقضاء، وتمكين السلطة التشريعية من ممارسة دورها الرقابي والتشريعي عبر تعديل قوانين مباشرة للحقوق السياسية، ومجلسي النواب والشورى وتعديل اللوائح الداخلية المنظمة لعمل المجالس، وتحرير المؤسسات الإعلامية والثقافية والبحث العلمي من سيطرة أجهزة ومؤسسات الدولة، وترك ملكية وإدارة هذه المؤسسات للمتخصصين.

• الملف الاقتصادي: يتبنى في برنامجه على المستوى الاقتصادي فكرة عودة الدولة إلى دورها كمنظم للسوق، ومكافح لعمليات الاحتكار وداعم للتنافسية، ومحفز للقطاع الخاص، بالإضافة إلى قصر ملكية الدولة على مشروع قناة السويس، والمشروعات الخدمية كالكهرباء والمياه والتعليم والصحة، ومشروعات الاستثمار الحافزة للقطاع الخاص مثل الحديد والصلب ومجمع الألومنيوم، ويتطلع إلى إعادة الجدولة الزمنية لتنفيذ المشروعات القومية، وتحسين هيكل الاقتصاد عبر إعادة وزارة الاقتصاد لترتيب أولويات الاستثمار العام، فضلًا عن وضع إطار عام لعمل الحكومة.

تتمثل رؤية المرشح فيما يتعلق بأزمة الديون الداخلية والخارجية في إعادة النقاش والتفاوض مع الدائنين لجدولة وإسقاط بعض الديون في سياق تغيير سياسي يشمل الحوكمة والشفافية والمساءلة، وإنشاء لجنة عليا لتسوية الديون الحكومية في المدى المتوسط والطويل، وبناء شراكة بين القطاع الخاص والحكومة عبر الآليات الاقتصادية المختلفة لتخفيف الأعباء التمويلية عن الدولة، مع طرح مبادرات تمويلية في المدى القصير لزيادة العوائد الدولارية، وتقديم عوائد استثمارية للمصريين بالخارج في أنشطة محددة بنظام الاكتتاب للحفاظ على الأصول الوطنية، واستثمار مدخرات المواطنين، فضلًا عن العمل على مبادلة الديون بمشروعات استثمارية خضراء للتكيف مع التغير المناخي، وتعزيز مفهوم العدالة المناخية والتحول للاقتصاد الأخضر لضمان كفاءة استخدام الموارد وأمن الطاقة.

من ناحية أخرى؛ يهدف إلى إعادة بناء هيكل الضرائب ليبنى على تحصيل الضرائب من الثروات العقارية والأرباح الرأسمالية والدخول المرتفعة، وليس ضرائب القيمة المضافة والاستهلاك، بالإضافة إلى توحيد الموازنة العامة وإعادة هيكلة المؤسسات والهيئات التي تدخل في محفظة الحكومة، وخصخصة الهيئات التابعة لملكية الدولة، بالإضافة إلى بناء الموازنة على أساس قطاعات التعليم، الصحة، إلخ، بالإضافة إلى زيادة موارد المحليات.

قطاع الصناعة والزراعة: يهدف إلى التوسع في بناء المجمعات الصناعية وتوجيه الاستثمارات الحكومية إلى البحث العلمي والابتكار لدعم الصناعة، وتخصيص حزمة تمويلية للمصانع المتعثرة والمغلقة، وجذب الاستثمارات الأجنبية نحو قطاع الصناعة، كما تستند رؤية المرشح في قطاع الزراعة إلى التوسع في زيادة الإنتاج بالاعتماد على مراكز البحوث الزراعية وجذب الاستثمارات وتحفيز التصنيع الزراعي للتحول من تصدير الحاصلات الزراعية إلى تصدير صناعات غذائية وإدارة الجمعيات الزراعية من قبل الفلاحين، وزيادة مشروعات الصوب الزراعية وتعظيم الثروات الحيوانية، وإنتاج الأعلاف والاستزراع السمكي، بالإضافة إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.

قطاع العقارات: تستند رؤية المرشح في قطاع العقارات إلى إعادة تنشيط القطاع وفق ضوابط التنظيم والبناء والتخطيط العمراني، وإعادة إحلال العقارات الآيلة للسقوط والمتهالكة، وتسجيل الثروة العقارية دون إجراءات بيروقراطية معقدة أو تكلفة مادية تعيق تسجيل الثروة، وجذب ضرائب من الثروات العقارية الفاخرة أكثر من الضرائب على الاستهلاك، واتخاذ قرار بوقف أي ازالات للمباني السكنية من أجل مشروعات غير مدروسة وصرف تعويضات لأصحاب المنازل المتضررة، وتعديل طريقة حساب التعويضات.

قطاع الصحة: يهدف المرشح إلى إقامة وحدات للرعاية الصحية الأولية لتغطي جميع مناطق الجمهورية وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأطقم الطبية والتوسع في منظومة التشخيص والعلاج عن بعد وزيادة الاستثمارات فيها، وتوفير مهن تحويلية تسد الفجوة في أعداد الفرق الطبية. وتخفيض معدلات الأمراض غير السارية إلى الثلث، بالإضافة إلى دعم الاستثمار في السياحة العلاجية، وجعل مصر مقصدًا للسياحة العلاجية بنهاية عام 2024.

ملف التعليم: يهدف المرشح إلى زيادة مخصصات التعليم وفق النسب التي أقرها الدستور المصري، ووضع برنامج قومي مستدام للنهوض بالمجتمع في السنوات العشر المقبلة عبر تطوير التعليم، لضمان نظام تعليمي موحد ذي كفاءة وجودة وحديث، وإطلاق برنامج وطني لتعزيز قدرات الطالب علميًا مع تعزيز نظام العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات، وإشراك المجتمع المدني والأوقاف التعليمية والقطاع الخاص كشركاء في تمويل العملية التعليمية.

الملف الاجتماعي: يهدف المرشح على المستوى الاجتماعي إلى تبني برامج اجتماعية تتمثل في تطوير استثمارات أموال التأمين الاجتماعي، وضمان تمثيل أصحاب المصلحة بمجالس الأمناء والإدارات المختصة بإدارة أموال التأمينات والمعاشات، وإقرار الحد الأدنى للمعاش، وربط الحدود الدنيا للمعاشات التقاعدية بمستوى التضخم ومنظومة الأجور، وإقرار خطة التنمية الاجتماعية للأقاليم خلال عام 2024 لتعزيز التخطيط في المناطق النائية والأكثر فقرًا، ورفع مستوى المساحة المأهولة من الأقاليم الأقل كثافة.

كما يهدف إلى إجراء حوار مجتمعي حول أجندة تشريعية تعمل على قوانين الأسرة والقانون الموحد للحد من العنف وقانون حماية المبلغين والشهود، وإصدار قرار إنشاء مفوضية مكافحة التمييز، وإطلاق دعوة مباشرة لتقديم قانون جديد للعمل الأهلي وفتح المجال العام لقيام المنظمات الأهلية بدورها الاجتماعي، وإزالة القيود الخاصة بإشهار الجمعيات، يستند المرشح في رؤيته لتعزيز مشاركة الشباب بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتفعيل عمل برامج إقراض المرأة والشباب وتعزيز منظومة الإقراض الاجتماعي.

• السياسة الخارجية وإعادة تشكيل التحالفات: يتضمن محور السياسة الخارجية في البرنامج إحياء التحالفات الإقليمية والدولية لدول الجنوب، والدول النامية والمحيط العربي والإقليمي للتأثير في قرارات المنظمات الدولية، وإعادة شكل العلاقة مع القوى الإقليمية: تركيا وإيران ودول الخليج، بالإضافة إلى مشاركة مصر في حل الأزمات العربية في ليبيا والسودان واليمن وسوريا عبر الحوار والمسار الدبلوماسي مع كافة الأطراف، ودعم جهود إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية، وتحقيق المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية.

وتتمثل رؤيته في ملف سد النهضة في الالتزام بالاتفاقيات الدولية بخصوص حصة مصر من مياه النيل، ورفض أي قرارات تختلف مع الثوابت التاريخية، بالإضافة إلى حشد الدعم الأفريقي والدولي تجاه حقوق مصر لضمان تدفق حصة مصر والتي تقدر بنحو 55 مليار م3 سنويًا، وإدارة سد النهضة بشكل مشترك بين مصر والسودان وجنوب السودان وإثيوبيا تحت مظلة دولية يتفق عليها.

ملاحظات عامة، يلاحظ أنه بالرغم من امتلاك المرشح رؤية طموحة في النهوض بملف التعليم والصحة والتطلع إلى زيادة الميزانية المخصصة لهذه القطاعات، إلا أنه لم يوضح مصادر زيادة الموارد المالية المخصصة لهذه القطاعات، وتحقيق التوازن في تمويلها مع القطاعات الأخرى كالنهوض بالصناعة، وقصر رؤيته في ملف الإعلام على تحريرها من سيطرة الدولة، دون تضمين أفكار عن تدريب وتأهيل الإعلامين والارتقاء بدور الإعلام التقليدي في ظل ثورة الإعلام غير التقليدي، كذلك لم يتضمن البرنامج رؤية واضحة بصدد القضايا الأمنية في ظل تهديدات الإرهاب والحدود، ومن ناحية ثانية التهديدات غير التقليدية كأمن البيئة والمناخ وغيرها.

تضمن برنامج المرشح عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد، 4 محاور رئيسية شكلت رؤية حزب الوفد ومخرجات الحوار الوطني رافدين رئيسيين له، ويُمكن استعراضه على النحو التالي:

• إجراء إصلاحات سياسية: طرح يمامة قضية الإصلاح السياسي كمحور رئيسي في برنامجه الانتخابي انطلاقًا من كون الإصلاح الاقتصادي يتطلب إلحاقه بإصلاحات سياسية، وقد اتسم هذا الجانب بالتفصيل وتقديم آليات مقترحة لإنجاز الإصلاح المقترح، حيث يعتقد في ضرورة تنشيط الحياة السياسية وترسيخ الديمقراطية وسيادة القانون وتعزيز الفصل بين السلطات واحترام الحقوق والحريات، وقد تعرض برنامج يمامة لخمس خطوات رئيسية لإرساء هذه القيم، الأولى: هي إلغاء التعديلات الدستورية لعام 2019 مع إبقاء الباب السابع الخاص بمجلس الشيوخ فقط، نظرًا لأنه يعتقد أن التعديلات الدستورية أخلت بمبدأ الفصل بين السلطات ومثلت عدوانًا على استقلالية القضاء كونها تضمنت قيام تعيين الرئيس رؤساء الجهات والهيئات القضائية، وترأسه المجلس الأعلى للقضاء، وتعيين النائب العام، واختيار وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا ونوابه، وهو ما يفقد السلطة القضائية استقلاليتها من وجه نظر المرشح، لذا فإنه يقترح إرجاع الأمور لما كانت عليه بموجب دستور 2014 وإلغاء تعديلاته بهذا الشأن.

والثانية: الإبقاء على مجلس الشيوخ نظرًا لأن الخبرة التاريخية المصرية تُظهر نجاح نظام المجلسين، لكنه يؤكد ضرورة منحه سلطات تشريعية تجعله شريكًا لمجلس النواب في ممارسة السلطة التشريعية وليس الاكتفاء بالمهمة الاستشارية التي حصرتها تعديلات عام 2019 في الدراسة والاقتراح على رئيس الجمهورية ومجلس النواب بهدف دعم الديمقراطية والسلام الاجتماعي والحقوق والحريات، فالمخصصات المالية لأعضاء المجلس تلزم تقديم خدمة للشعب مقابلها. أما الثالثة: فتخص إعادة مدة فترة الرئاسة إلى أربع سنوات فقط مع توسيع صلاحيات واختصاصات الرئيس لتشمل على سبيل المثال إمكانية حل مجلس النواب. فيما تتعلق الرابعة: بإعادة تنظيم قانون الأحزاب السياسية لتنظيم الحياة الحزبية وضبط الانفلات الحزبي الناتج عن وجود ما يربو على 108 حزب سياسي أغلبها غير معروف وغير فعال، لذا يسعى لوضع شروط لتأسيس الأحزاب. وتتصل الخامسة: بإصدار قانون الحكم المحلي نظرًا لضرورة وجود مجالس محلية حقيقية لتنظيم عمل المحافظات وضمان مكافحة الفساد وحسن تنظيم الموارد.

• معالجة الوضع الاقتصادي: حظي الجانب الاقتصادي بالاهتمام الأكبر لبرنامج يمامة من خلال التطرق لمشكلات الاقتصاد الحالية والنهج المقترح للتعاطي مع قطاع الصناعة وملفات الدين العام والإنفاق على المشروعات القومية والاستثمارات المحلية والأجنبية والمشروعات المتعثرة وتعديل الحد الأدنى للأجور وإصلاح هيكل الميزان التجاري. ويتبين من القراءة التفصيلية لكيفية المعالجة الاتجاه للتحرك في مسارين، الأول: تبني سياسات توسعية للسياسات الحالية فيما يتعلق برفع الحد الأدنى للأجور إلى 5 آلاف جنيهًا خلال العام المالي 2025-2026، وخفض التعريفة الجمركية على السلع الأساسية للمواطنين، وتسريع إجراءات الإفراج عن المواد الغذائية والأدوية وخلافه من السلع الأساسية للمواطنين وجعلها دائمًا ذات أولية للإفراج الجمركي، ومنح الرخصة الذهبية لكافة المشروعات لمدة عامين، والتوسع في الإعفاءات الضريبية للمشروعات الجديدة، والتوسع في تطبيق مبادرة “ابدأ” لتوطين الصناعة، والتخارج بشكل فورى من الوحدات والشركات الخاسرة مع ضمان كافة حقوق العاملين بها.

أما الثاني: فيتعلق بتبني سياسات مغايرة للسياسات الحالية أو جديدة مثل إعلان تسعير للمنتجات، وكذلك وضع التسعير على كل المنتجات، وعدم اللجوء لاقتراض أي قروض أخرى لتطوير البنية التحتية، وتسليم كافة الأراضي الجاهزة فورًا ودون أي شروط للمشروعات، ومنع تصدير كافة أنواع المواد الخام في صورتها الأولية على أن تُصدر في صورة سلعة نصف مصنعة أو منتج نهائي، واستقطاع نسبة من رسوم عبور قناة السويس والجمارك لتوجه لسداد الديون، وتوحيد تعامل المستثمر الصناعي مع هيئة التنمية الصناعية فقط باعتبارها جهة الولاية الوحيدة.

وبصفة عامة: يُلاحظ أن البرنامج الاقتصادي ليمامة يغلب عليه الطابع الاجتماعي، أي إنها سياسات ذات مردود اجتماعي بشكل أكثر من كونها ذات مردود اقتصادي كلي، كما أن بعض السياسات المقترحة -كفرض تسعيرة على السلع- لا تتفق مع التيار الذي ينتمي إليه حزب الوفد حيث يعرف نفسه باعتباره حزب “ليبرالي”. ويؤخذ على البرنامج غياب بعض القطاعات الرئيسية كقطاع السياحة والطاقة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رغم كونها القطاعات الأكثر مساهمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي، ومع ذلك، يُحسب له تحديد آليات لتنفيذ بعض المقترحات والجهات المنوطة بها لكن دون تعيين توقيتات زمنية محددة ونسب إنجاز يُمكن الرجوع إليها للتقييم.

• الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية: انحصر الاهتمام بالجانب الاجتماعي على موضوعي التعليم وبرامج الحماية الاجتماعية. وعلى صعيد التعليم، يرى يمامة أن إصلاحه يُشكل ركيزة أساسية ومنطلقًا للإصلاح السياسي والاقتصادي والمجتمعي، وأنه لم يتم احترام النصوص الدستورية التي تحدد مخصصات محددة للتعليم من صافي الدخل القومي، وعدد مظاهر تراجع مستوى التعليم لتشمل ارتفاع كثافة الفصول، وتراجع مستوى المعلمين، والاعتماد على أساليب تقييمية ليست ذات جدوى، وارتباط تطور التعليم بالوزير. لذا اقترح استلهام التجربة الأمريكية التي حدثت خلال عهد الرئيس رونالد ريجان من خلال تشكيل لجنة متخصصة مستقلة تكون مهمتها النهوض بالتعليم ومراقبة العملية التعليمية بصرف النظر عن التغييرات الوزارية في منصب الوزير. ويتضح بذلك أن رؤية المرشح بالنسبة للتعليم تتسم بالعمومية ولا تتضمن سوى آلية معالجة واحدة ستكون معنية فيما بعض بإيجاد الخطوط التفصيلية لبرنامج إصلاح التعليم، وبالتالي لا يُمكننا الحكم عليها طالما لم توضع موضع التنفيذ.

وفيما يتعلق ببرامج الحماية الاجتماعية، فقد أعلن المرشح عن نيته إطلاق معاش للعمالة غير المنتظمة، وزيادة المعاشات والأجور سنويًا بنسبة مساوية للتضخم على الأقل وذلك باستثمار مدخرات المعاشات في مشروعات ذات عائد، وهو ما يعتبر أمر غير واقعي في ظل زيادة عجز الموازنة العامة للدولة عامًا تلو الآخر.

• معالجة ملف سد النهضة: يرى يمامة أن الجهود المبذولة حاليًا لمعالجة قضية سد النهضة كانت جيدة لكنها لم تؤتِ أُكلها، ويعتقد أنه كان يُمكن استغلال تحذير الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإثيوبيا بإمكانية تفجير السد للتلويح بالخيار العسكري من قِبل مصر وهو ما كان سيشكل رادعًا حقيقيًا لأديس أبابا، ويبدو أن يمامة يسعى لسياسات معاكسة للسياسات الراهنة تحمل بُعدًا تصعيديًا يشمل الانسحاب من اتفاقية المبادئ لعام 2015 حيث يرى أنها تنتقص من حقوق مصر في مياه النيل. وربما جاء تسليط الضوء على هذا الملف تحديدًا كونه يحظى باهتمام واسع داخل الرأي العام المصري وكونه يمس أهم مورد للحياة وهو مياه “النيل”، ويحمل تداعيات على القطاعات الاقتصادية الداخلية، وكثيرًا ما يتم توظيفه بين فترة وأخرى من قِبل الأطراف والإعلام المُعادي لمهاجمة الدولة المصرية.

ملاحظات عامة، يلاحظ أن برنامج المرشح عبد السند يمامة لم يركز بشكل كبير على ملفات السياسة الخارجية سوى ملف سد النهضة، ويُمكن إرجاع ذلك إلى الأولوية المتأخرة للملفات الخارجية على قائمة اهتمامات المواطن المصري وبالتالي فإنها ليست مُحددةً لاتجاهات التصويت، بعكس العامل الاقتصادي الذي يحتل المرتبة الأولى على أولويات المواطن المصري ويُعد المحرك الرئيسي لسلوكه التصويتي، لذلك فإنه حظي باهتمام أوسع وأكثر تفصيلًا داخل ثنايا البرنامج الانتخابي مع تقديم بعض المقترحات لمعالجة الأزمات الاقتصادية، كما يُمكن إيعاز تراجع الاهتمام بملفات السياسة الخارجية إلى غياب الخبرات السابقة في هذا الصدد كون المرشح يمتلك خلفية أكاديمية وهذا يعني أنه حال فوزه فسوف يتم إعطاء مساحة أكبر لأجهزة السياسة الخارجية في عمليات صياغتها وتنفيذها.

ويؤخذ على البرنامج تجاهله لبعض القضايا الأمنية والاجتماعية الداخلية ذات الأولوية مثل ملفات مكافحة الإرهاب والصحة والإسكان وتمكين المرأة والشباب والفئات الأولى بالرعاية، واستمرار عمليات تطوير الريف المصري، والتطوير الإداري وغيرها، وجميعها ذات اتصال مباشر بالأمن القومي وتحقيق رفاهية المواطن المصري. كما لم يتضمن البرنامج توقيتات زمنية مُقترحة لإنجاز مضمونه يُمكن الاستناد إليها لتقييم التقدم المحرز بشأنه حال اتُخذ موضع التنفيذ.

قدم المرشح حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري برنامجًا قائمًا على ثلاثة محاور رئيسية هم؛ المحور الاقتصادي والمحور الاجتماعي والمحور السياسي، وفيما يلي سنقوم بتفنيده وفقًا للموضوعات الرئيسية:

• ملف السياسة الخارجية: اقتصرت معالجة قضايا السياسة الخارجية على التطرق إلى ثلاثة ملفات رئيسية دون غيرها وهم تحديدًا قضية سد النهضة، وقضية ترسيم الحدود البحرية “شرق المتوسط”، والأزمتان الليبية والسودانية، وبخصوص القضايا الثلاث لوحظ أن توجه البرنامج يتماهى تمامًا مع سياسات إدارة الرئيس السيسي بشأنها سواء فيما يتعلق بتشجيع مسارات الحل السياسي لأزمة سد النهضة، أو استمرار المسار التعاوني مع دول حوض شرق المتوسط، أو الالتزام بثوابت الدولة المصرية إزاء الأزمات الإقليمية بالتأكيد على الحفاظ على وحدة أراضي الدول والحل السياسي السلمي للنزاعات وتفعيل مؤسسات الدولة.

ويؤخذ على جانب السياسة الخارجية بالبرنامج عدم تطرقه إلى أنماط وتوجهات العلاقات المصرية مع القوى الكبرى والإقليمية مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وتركيا وإيران ذات الاشتباك المباشر بقضايا المنطقة رغم ما تحمله من تبعات على المكانة والدور والمصالح المصرية، لا سيمَّا في ظل التحولات الدولية والإقليمية الراهنة، وعدم تناوله أيضًا توجهات العلاقات إزاء الدوائر ذات الاتصال المباشر بالأمن القومي المصري مثل الدائرة الخليجية والدائرة العربية والدائرة الأفريقية، والدوائر الأبعد ذات الاتصال بالمصالح المصرية مثل الدائرتين الأوروبية والآسيوية، إلا أن أسلوب التعاطي مع القضايا المذكورة سلفًا يوحي باستمرار الخط الحالي لتوجهات السياسة الخارجية، وربما يرجع ذلك إلى محدودية الخبرات بشأن قضايا السياسة الخارجية اتصالًا بخلفية المرشح ذات الطابع المهني.

• الحفاظ على الأمن القومي المصري: أَولى برنامج المرشح حازم عمر أهمية للقضايا الداخلية والخارجية ذات الاتصال بالأمن القومي المصري، إذ أشار إلى استمرار عمليات تطوير وتعزيز قدرات القوات المسلحة والشرطة كونهما جناحي الأمن المعنيين بتأمين الجبهتين الداخلية والخارجية ضد المخاطر والتهديدات القائمة والمحتملة لا سيمَّا في ظل تنامي الأخطار المحيطة بالدولة على كافة الاتجاهات الاستراتيجية والحاجة لتأمين مقدرات وموارد الدولة المصرية. ويتصل بذلك استمرار استراتيجيات مكافحة الإرهاب على الصعيد الفكري والأمني والسياسي وتجفيف منابعه المادية والبشرية، وهي نقطة ضرورية للحفاظ على المكتسبات المحرزة في هذا الإطار خلال السنوات الماضية التي انعكس صداها في تحسن ترتيب الدولة المصرية على مؤشر الإرهاب العالمي. أما ملف الأمن القومي الأخير المذكور بالبرنامج هو تحقيق الأمن المائي وهي قضية تحظى باهتمام واسع داخل الشارع المصري.

• تطوير الوضع الاقتصادي: عالج البرنامج القطاعات الرئيسية الخمسة للاقتصاد المصري وهم: الصناعة والزراعة والتجارة والسياحة والطاقة، إلى جانب قضايا تحسين مناخ الاستثمار وإصلاح الموازنة العامة للدولة وضبط السياسات المصرفية والنقدية وتحسين بيئة ريادة الأعمال وتطبيق الاقتصاد الأزرق. ومن القراءة التفصيلية لعناصر معالجة هذه القضايا، يتضح أن سياسات المرشح تجاه قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة والطاقة والسياحة ستمثل استكمالًا للسياسات الحالية كونه أشار لبعض السياسات المتبعة بالفعل مثل تصميم خريطة صناعية متكاملة، ووضع خطة للإحلال محل الواردات وتعظيم الصادرات، والعمل على توطين الصناعة، وحل مشكلة المصانع المتعثرة، وزيادة الرقعة الزراعية، وحل مشكلات الاستيراد، وتطوير آليات تنمية التجارة، وتكثيف حملات الترويج السياحي، وزيادة القدرة الاستيعابية الفندقية، وتطوير السياحة الدينية والبيئية، والاستمرار في دعم تفعيل البرنامج النووي المصري، وتطوير مصادر الطاقة المتجددة، وهي موضوعات اتخذت الدولة المصرية خطوات بشأنها خلال السنوات الماضية.

الأمر نفسه ينطبق على الملفات الخمسة الأخرى المشار إليها سلفًا التي تضمنت عناصرها الشارحة ترشيد الإنفاق الحكومي، والتنسيق بين السياسات النقدية والمالية، وإصلاح الموازنة العامة، وحل مشكلات الديون، وحصر مشكلات المستثمرين، وتقديم حوافز للمشروعات، وتفعيل منظومة التحول الرقمي، وتقديم فرص استثمارية، وتحسين بيئة ريادة الأعمال. فيما عدا بعض السياسات الجديدة المقترحة التي تتمثل في تحقيق الربط الإلكتروني بين مختلف الجهات القائمة على تنفيذ سياسات ريادة الأعمال، والتوسع في إنشاء البنوك المتخصصة، وإتاحة هامش من الحرية للبنوك في تحديد سعر العائد على القروض والودائع. وبهذا يتضح أننا لسنا أمام سياسات اقتصادية مغايرة جذريًا لنظيرتها المتبعة حاليًا، كما أن هذه المستهدفات اتسمت بالعمومية وعدم التحديد الدقيق لتوقيتات زمنية ونسب تقدم محددة خلال السنوات الست القادمة يُمكن من خلالها قياس حجم التقدم المحرز، ولم تتضمن تحديد الجهات المنوطة بتنفيذها سواء محلية أو على صعيد المؤسسات الاقتصادية العالمية.

• النهوض بالقطاعات الاجتماعية: اهتم البرنامج بالمحور الاجتماعي بغرض الارتقاء بالعنصر البشري، وتناوله من خلال 4 موضوعات رئيسية هي الصحة والتعليم والتوظيف وتوفير فرص العمل وتطوير برامج الحماية الاجتماعية، ولوحظ أن أساليب معالجة هذه القضايا لم تتضمن آليات واضحة يُمكن تقييمها ومراقبة مستوى التقدم في تنفيذها، كما لم تُحدِد مصادر التمويل والإنفاق اللازمة لتطوير هذه القطاعات، وإنما اكتفت بالعبارات الفضفاضة من قبيل تحسين خدمات التعليم وأوضاع المعلمين، والارتقاء بجودة العملية التعليمية، وتطوير آليات لتوفير فرص العمل (دون تحديد آليات مقترحة)، وتطوير سياسات الحماية الاجتماعية، وتحسين أدوات وبرامج الحماية الاجتماعية الحالية، والاهتمام بمنظومة الحوكمة الجيدة لقطاع الصحة، وتطوير البنية التحتية الطبية، والوصول للمعدلات العالمية في نوعية القوة البشرية من الأطباء، وجميعها رغم أهميتها مستهدفات عامة تتطلب برامج تفصيلية لتنفيذها وربما فضل المرشح تركها للتباحث بشأنها حال فوزه مع الجهات المعنية والخبراء ذوي الصلة.

• تطوير المحليات: تضمن البرنامج العمل على إصدار قانون الإدارة المحلية الجديد حيث لم تُجرَ الانتخابات المحلية منذ حل المجالس الشعبية المحلية في 28 يونيو 2018 لما يُمكن أن تساهم به في تخفيف الأعباء عن الإدارة المركزية والمجلس التشريعي الذي يجد العضو فيه نفسه محتاجًا لنقل مشكلات المواطنين، إضافة إلى تنفيذ الوظيفة الرقابية على المسئولين التنفيذيين بما يضمن مكافحة الفساد والإهمال.

ملاحظات عامة، اتسم برنامج المرشح حازم عمر بالتنوع، حيث تناول بعض قضايا السياسة الخارجية، وملفات الأمن القومي المصري، والقضايا الاقتصادية، وبعض القضايا الاجتماعية؛ لكن لوحظ محدودية قضايا السياسة الخارجية المُشار إليها، وغياب معالجة بعض القضايا مثل: الإسكان، واستكمال المشروعات القومية الكبرى، وتمكين المرأة والشباب والفئات الأولى بالرعاية، واستمرار عمليات تطوير الريف المصري، والتطوير الإداري وغيرها. وبصفة عامة، اتسم البرنامج بالعمومية، وعدم تحديد توقيتات دقيقة لإنجاز خطوات محددة، أو وضع آليات تفصيلية للتنفيذ ونسب إنجاز وتحديد المؤسسات والجهات المنوط بها تنفيذ البرنامج.

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M