تحول القوة وتأثيرها علي الصعود الصيني (2018:2008)

اعداد الباحثة : دينا سليمان كمال لاشين – المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة:

-ان استراتيجية  تحول القوة من الاستراتيجيات الهامة التي تلعب دورا مؤثرا علي السياسة الدولية  , فهو يجعل ميزان القوة يتحول من صالح دولة الي دولة اخري وتكن هي القوة المهيمنة  علي الساحة الدولية وهذا بالفعل بيؤثر بشكل كبير هعلي الاستقرار السياسي وامكانية تحقيقه , ولكنه بالرغم من ذلك يعتبر مؤشرا من مؤشرات نشوب حرب دولية كما ان ارتباط المكنات المتوازنة بنشوب حرب يخالف الفكرة السائدة بان توازن القوة  بين الدول الكبري يخالف الفكرة السائدة بأن توازن القوة بين الدول الكبري يضمن الامن والاستقرار فحدوث تحول في القوة يؤثر علي شكل وهيكل النظام الدولي والعلاقات بين الدول , لذلك فان الدولة التي ترغب في الهيمنة لابد ان تمتلك المقومات التي  تمكنها من ذلك وبالتاي تفقد الدولة القائدة موقعها المتفوق لمتحد اخر وبالتالي قد يكون ذلك لنشوب الحرب لذلك نجد انه بالنسبة للصين فقد لعب تحول القوة دورا هاما في صالحها لذلك ومن خلال هذا الدور استطاعت ان تحقق التنمية المستدامة او التنمية الشاملة داخها  لذلك وبالرغم من ذلك الا ان هناك العديد من الاتجاهات المختلفة في اراءها حول تحول القوة ما بين مؤيد ومعارض ’ فالاتجاه الاول يؤكد علي الدور السلبي لتحول القوة حيث انها سبب في نشوب الحرةب والصراعات بين الدول وانها تؤدي الي فقدان سيادة الدول لصالح دولة اخري , واتجاه اخر يري اها تؤثر ايجابا علي العلاقات بين الدول  فبالتالي تؤدي الي توازن القوة اي عدم هيمنة اي دولة علي اخري وهذا من شأنه تحقيق الاستقرار,اما من ناحية الصعود الصيني .

المشكلة البحثية :

نجد ان الصين استطاعت من خلال تحول القوة لصالحها ان تحقق التنمية الشاملة داخلها لذلك, فان السوال الرئيسي يتمثل في :

  • كيف يؤثر تحول القوة علي الاستقرار السياسي في الصين ؟

الاسئلة الفرعية  تتمثل في الاجابة علي العديد من الاسئلة الرئيسية والفرعية حيث :

    • 1-المقصود بتحول القوة
    • 2-مفهوم الاستقرار السياسي
    • 3-لماذا يتأثر الاستقرار السياسي في الصين بتحول القوة ؟
    • 4-الي اي مدي نجحت الصين في توظيف تحول القوة لتحقيق الاستقرار السياسي داخلها ؟
    • 5-الي اي مدي يرتبط تحول القوة بالاستقرار السياسي في الصين ؟
    • 6-ما هي العلاقة بين تحول القوة والاستقرار السياسي في الصين ؟

الاهمية العلمية :

يمكن لهذا الموضوع أن يضيف بعض التعريفات والمفاهيم الجديدة التى تضفى على الموضوع أهمية كبيرة، ومن أهم هذه المفاهيم (مفهوم تحول القوة ,مفهوم الاستقرار السياسي , مفهوم التحديث بصفه عامة وبعض المفاهيم الاقتصادية الآخرى التى نستخدمها كمؤشرات لمعرفة مدى وجود الاستقرار السياسى فى الصين للدلالة علي مدي وجود استقرار سياسي وتنمية شاملة

الاهمية العملية:

نجد انه قد تم تقديم العديد من التوصيات والنتائج المتعلقة بأهمية الموضوع  وذلك نظرا لتاثيره والدور الذي يلعبه تحول القوة علي التنمية السياسية في جميع الدول

نطاق الدراسة  – النطاق الزماني :

تم اختيار الفترة من, (2018 :2008) فتم اختيار فترة 2008كبداية للدراسة لان  الصين هنا كانت قوة صاعدة حيث تمكنت من تحقيق العديد من الانجازات في جميع المجالات التي تمكنها من تحقيق التنمية الشاملة  وتمكنت من خلال دورها مواجة الركود الاقتصادي التي قد نتج عن الازمة المالية التي نشبت في هذه الفترة .

واختيار 2018  كنهاية لفترة الدراسة لا الصين مازالت حتي الان تسعي الي تحقيق التنمية المستدامة والتحديث في جميع المجالات التي تمكنها ان تساير الدول المتقدمة .

النطاق المكاني : الصين ,  النطاق المجالي : حقل النظم السياسية

الاطار النظري : نظرية تحول القوة

تركز علي اهمية تحول القوة من دولة الي صالح دولة اخري حيث يركز صاحب هذه النظرية “knorr” علي مفهوم (القوة النسبية ) وتري نظرية القوة انه بدلا من قيام القوة المهيمنة بفرض سيطرتها علي النظام  فانها تلعب دورا قياديا بجانب باقي الدول التي تقوم بلعب دور في الشئون الخارجية ويقول “resecrance ” انه من المهم تبيان ان نمط الاستقرار في النظام الدولي السابق وانما حدث انتقال من هذا الي ذاك ويري ان توازن القوي مهم لاستقرار النظام العالمي , بيد انه في نفس الوقت فان هذا التوازن لم يكن كافيا في الماضي لمنع اندلاع حروب كبري وتشير هذه النظرية الي عدة متغيرات يحدث وفقا لها تحول القوة من دولة الي اخري  , ومن اهم هذه المتغيرات (الدور التاريخي ) لكل دولة واسلوب ادراك النخب الحاكمة للدول لادوار الدول الاخري,(والكنات السياسية ),(وتوقعات الدول ) فيما يخص سياستها الخارجية وعلاقتها الدولية تجاه بعضهم البعض في عام 1958، أوضح Organski أنه في نظام الدول الهرمي، تعتبر الدول -غير الراضية عن التعادل في القوة- هذا الوضع باعتباره مؤشرًا من مؤشرات نشوب حرب دولية. كما أن ارتباط المكنات المتوازنة بنشوب الحرب يخالف الفكرة السائدة بأن توازن القوة بين الدول الكبرى يضمن الأمن والاستقرار(.)

الاطار المفاهيمي : مفهوم تحول القوة

يشير مفهوم “”تحول القوة”” إلى [فقدان دولة مهيمنة لموقعها القيادي في النظام الدولي لصالح قادم آخر تتنامى قوته بشكل متسارع]. وبالتالي يسعى هذا القادم للوصول إلى موقع الهيمنة. فمن أجل حدوث تحول للقوة، يجب على الدولة الصاعدة أن تمتلك مقومات للقوة تفوق تلك التي تمتلكها الدولة المهيمنة، أو على الأقل تعادلها، وبالتالي على الدولة الصاعدة العمل على تضييق الفجوة بين مقدراتها القومية، ومقدرات الدولة المهيمنة، كما سيرد القول فيما بعد.

وفكرة تحول القوة تشير إلى اللحظة حيث تفقد الدولة القائدة موقعها المتفوق لمتحدٍّ آخر. وهذا الدور المعكوس يحدث من خلال التغيرات في المقدرات القومية لكلا الطرفين. وعندما يكون الأمر مصحوبًا بعدم رضا شديد عن الوضع الدولي القائم بالنسبة للدولة الصاعدة، فإنه من المتوقع نشوب الحروب.

ثانيًا: مؤشرات تحول القوة

[1] المؤشرات التقليدية:

حصرها “”ديفيد سنجر”” و””ستوارت بريمر”” و””جون ستوكي”” في ستة مؤشرات: عدد السكان الكلي، عدد سكان الحضر، الأفراد العاملين بالقوات المسلحة، مقدار الإنفاق العسكري، صناعات الحديد والصلب، ومعدل استهلاك الطاقة. وقام Charles Doran بتتبع صعود وهبوط المقدرات القومية للدول. وتمثلت مؤشرات القوة عند Doran في: صناعات الحديد والصلب، حجم القوات المسلحة، عدد السكان الكلي، إنتاج الفحم (أو ما يعادله من النفط)، المستوى الحضري

وأكد Organski وKugler أن الدولة الصاعدة -أطلقوا عليها المتحدي الصاعد rising challenger- تسلك سلوكًا تصادميًّا مع القوة العظمى؛ للوصول إلى موقع الصدارة في النظام العالمي. ولهذا، تندلع الحروب بين القوة الصاعدة وتلك المسيطرة على الوضع القائم.

ويقول Organski أن احتمالات الصراع بين دولتين تزداد حينما يبدأ ميزان المقدرات بينهما في التغير، بحيث يصبح لإحدى الدولتين ميزة نسبية على الدولة الأخرى، وتكون تلك الدولة ذات الميزة غير راضية عن النظام الدولي القائم.

منهج الدراسة:  منهج تحليل النظم لديفيد استون ( ويتم الاعتماد علي منهج تحليل النظم )

لانه المنهج الاكثر ملائمة لابراز الطابع الحركى للنظام السياسى، حيث أنه يؤكد على التفاعل بين النظام والبيئة، فأنه سوف يتمثل فى تحليل بيئة التعددية العرقية وبيئة الاستقرا ر السياسى بمدخلاتهم الداخلية والخارجية.

عرف ايستون النظام السياسى بأنه التفاعلات التى تتعلق بالتخصيص السلطوى للقيم فى المجتمع، أى بتوزيع الموارد بموجب قرارات ينصاع لها الافراد، وقدم اطارا لتحليل النظام السياسى تبدأ بالمدخلات وتنتهى بالمخرجات مع القيام عملية التغذية الاسترجاعية التى تربط بين المدخلات والمخرجات.

مقولات المنهج:

يعتبر مفهوم وحدة التحليل والنظام هو التفاعل بين وحدات معينة، انه مجموعة من العناصر المترابطة والمتفاعلة، النظام بهذا المعنى له تطبيقاته الكثيرة السياسية وغير السياسية.

النظام السياسى باعتباره شبكة من التفاعلات السياسية لايحيا فى فراغ ، بل أنه يعيش فى بيئة أو محيط مادى وغير مادى يتفاعل معه أخذا وعطاءا، أى يؤثر فيه ويتأثر به.

ان التفاعل سواء فيما بين الوحدات المكونة للنظام، أو بين النظام ومحيطه يصل الى درجة الاعتماد المتبادل، بمعنى أن أفعال وحدة ماتؤثر على باقى الوحدات،وأن أفعال النظام تؤثر فى البيئة وأن التغير فى البيئة يؤثر على النظام.

ان المثل الاعلى أو الغاية النهائية لاى نظام هى البقاء والاستمرار، فالنظام السياسى على أى مستوى يعمل على النحو الذى يضمن استمرار وجوده،بيد ان الاستقرار لاينفى التغير، ولكن التغير ينظر اليه كمرادف للتكيف، بمعنى قدرة النظام على الاقلمة للتغيرات البيئية باجراء تغييرات جزئية فى الهياكل السياسية.

وقد قدم ايستون اطارا لتحليل النظام السياسى يرى فيه دائرة متكاملة ذات طابع ديناميكى تبدأ بالمدخلات وتنتهى بالمخرجات، مع قيام تغذية استرجاعية  تربط بين المدخلات والمخرحات، وهكذا يتكون النظام السياسى لدى ايستون من العناصر التالية:

المدخلات: وهى الضغوط والتأثيرات التى يتعرض لها النظام، تنبع من البيئة ومن داخل النظام نفسه، مع تقسيم هذه المدخلات الى المطالب والمساندة.

عملية التحويل : وهى تشير الى استيعاب المطالب فى أبنية النظام.

المخرجات: وهى تمثل استجابة النظام للمطالب الفعلية أو المتوقعة ، وهى قد تكون ايجابية أو سلبية أو رمزية.

التغذية الاسترجاعية: وهى تشير الى تدفق المعلومات من البيئة الى النظام عن نتائج أفعاله، وهى بهذا المعنى تربط المدخلات بالمخرجات فى عملية مستمرة.

حيث يرى ديفيد ايستون أن سبب عدم الاستقرار هو اتساع الفجوة بين المطالب واستجابة النظام السياسى لهذه الاحتياجات مما يؤدى الى تراجع تأييد النظام وتآكل الشرعية السياسية للنظام.

هذا المنهج يعتبر المنهج الاكثر ملائمة لهذا الموضوع  لانه يقسمه الى مدخلات (التعددية العرقية)، ومخرجات(الاستقرار السياسى)، والتغذية العكسية(التفاعل بين التعددية العرقية والاستقرار السياسى)مما يسهل على الباحثة تصنيف الموضوع وبحثه من جوانب عدة()

الادبيات السابقة:

سوف نتناول الدراسه باستخدام طريقة المحاور حيث نجد ان هناك :

  • المحور الاول:    تأثير تحول القوة
  • المحور الثاني     :دلالات الصعود الصيني
  • المحورالثالث   :تأثير تحول القوة علي الصعود الصيني

وفي هذا الصدد سوف نتناول عرض الادبيات كما يلي :

 ادبيات متعلقة بالصعود الصيني :

_الادبية الاولي تناولت دراسة بعنوان “”الصعود الصيني إلى “اللاقطبية” سعي الكاتب  فيها الي توضيح الدور الذي لعبته الصين والمكانه التي حظيت بها وهيمنتها علي الساحة الدولية  وتحول ميزان القوي لصالحها علي المستوي الساسي وايضا الاقتصادي فقد تفوق الاقتصاد الصيني علي علي الاقتصاد الامريكي ليصبح اكبر اقتصاد في العالم  وذلك بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي للناتج المحلي الإجمالي لدول العالم، مقومة وفقا لمنهجية تعادل القوةالشرائية التي تتيح قدرة أفضل وأكثر موضوعية على القياس المقارن للناتج المحلي الإجمالي من منهجية تقويم الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لأسعار الصرف الاسمية.  وقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 2014، نحو 17.617 تريليون دولار، تمثل نحو 16.32%  من حجم الناتج العالمي الإجمالي في هذا العام، وفقا لمنهجية التقدير ذاتها، بينما بلغ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية، في هذا العام، وفقا للتقدير ذاته، نحو 17.418 تريليون دولار، تمثل 16.14% من الناتج العالمي الإجمالي.

وبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للصين، وفقا لتقديرات البنك الدولي، بحسب هذه المنهجية، نحو 19.814 تريليون دولار في عام 2015، تمثل نحو 17.35% من الناتج العالمي الإجمالي، ليزيد الفارق بينه وبين الاقتصاد الأمريكي، الذي بلغ حجم ناتجه المحلي الإجمالي نحو 18.036 تريليون دولار، بما يمثل نحو 15.79% من الناتج العالمي الإجمالي في هذا العام. أما بالنسبة لعام 2016، فإن تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر عن صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2016، قدر صندوق النقد الدولي حجم الناتج المحلي الإجمالي للصين، وفقا للمنهجية ذاتها، بنحو 21.269 تريليون دولار، تمثل نحو 17.9% من حجم الناتج العالمي، مقابل 18.562 تريليون دولار للاقتصاد الأمريكي، تمثل نحو6 15%. من الناتج العالمي. لذلك فان الاقتصاد الصيني يأتي في صدارة الاقتصاد العالمي  . كما كانت الصين ثاني أكبر مستثمر على مستوى العالم في مجال البحث والتطوير()

كما تناولت دراسة اخري بعنوان “القوة الصينية الصاعدة : المخاوف والامال  دراسة في نظريات الصعود الصيني “حيث تناولت الباحثة النظريات المفسرة للصعود والنمو الصينيمن خلال روءيتين” الواقعية الكلاسيكية والواقعية الجديد ة” فقد رأت الباحثة ان المدرسة الكلاسيكية التي نشأت مع بداية الحرب العالمية التانية , تعتبر القوة هي المحرك الاول لسلوكيات الدول ازاء بعضها البعض والقوة تقاس بحجم الموارد المادية المتاحة لكل دولة وذلك بمقدار النفوذ السياسي  الذي يؤهله هذا الحجم لها وفي هذا الاطار يميل اصحاب تلك المدرسة الي اعتبار ان الصين مصدر خطر علي مستقبل الاستقرار العالمي لما تقوم به من دور دءوب لترسانتها العسكرية لا سيما النووية من جهة وقيامها بتحقيق معدلات للنمو فاقت ما حققته دول الغرب الراسمالي من ناحية اخري اي ان عنصري القوة العسكرية والقوة الاقتصادية ناهيك عن وضع الصين كقوة سياسية اقليميوة في منطقة جنوب شرق اسيا لها اعتبارها ووزنها الاقليمين ,كما انتقلت الباحثة الي تناول المدرسة الانشائية وخلصت الي ان انصار تلك المدرسة يرون ان القوة الصينية الصاعدة لا تمثل خطرا علي الاستقرار العالمي او الاقليمي  وهم يرون ان ان مفهوم ” البني المعيارية “هو الذي يفسر اسباب هذا الاعتقاد فهي تعني التوقعات المشتركة بين الفاعلين الدوليين بخصوص السلوكيات المرغوب فيها وغير المرغوب فيها في اطار بنية دولية ما وهي تفرض انماطا محددة من التصرفات التي يصعب علي الصين الخروج عليها والاحرمت نفسها علي مكاسب الانصياع لها , هذه الدراسة لم تتناول الربط بين مقولات مدارس تحول القوة وشكل النظام الدولي في ظل عمليات الصعود الصيني المتصارعة والتركيز علي المدرسة الانشائية بشكل كبير(

ادبيات  متعلقة: بتأثير تحول القوة:

كما ظهرت ادبية اخري بعنوان “مفهوم ” تحول القوة ” في نظريات العلاقات الدولية ” دراسة الحالة الصينية “حيث اكد الباحث ان هناك اتجاهان فالاول يري ان فكرة الهيمنة التي يعتنقها تيار المحافظين الجدد في الادارة الامريكية تعني بالنسبه له البقاء الاحادي والفردي للقوة الامريكية التي لا تنافس سوف يكون الوسيلة الاولية للحفاظ علي السيادة الامريكية الي ما لا نهاية ضد اي قوة صاعدة ان هي حاولت ذلك وهناك تيارا اخر يعتقد ان هذا هو دين الادارات الامريكية المحافظة وان مبدا الانفرادية والتفردية هو الموجه للقرارات المتخذة من قبل  هذه الادارة الا انه يعتقد ولاسباب عديدة ان هذه الادارات لن تحمل هذا الوضع الدولي الناجم عن عدم التعاون بسبب الانفرادية التي تعمل وفقا لها وانها قد اشارت االي ان تحول القوة يعني ان القوة تتنتقل من طرف الي طرف اخر بمعني انالهيمنة تتنتقل اليس الطرف الاخر وانها اكدت لاايضا ان هذا الطرف لابد ان يمتلك من الموارد والقدرات ما يمكنه من فرض هذه الهيمنة وانتهي الباحث الي ان الصين _وطبقا لمقولات تحول القوة _لا تزال الطريق امامها طويلة لكي تصبح قوة عظمي وانها تستطيع ان تحل محل الولايات المتحدة الامريكية كقطب اوحد علي مستوي العالي( (

مقالات اخري متعلقة بالصعود الصيني :

وفي دراسة بعنوان ” المكانة المستقبلية للصين في النظام الدولي “حيث تضمنت الدراسة علاقات الصين الخارجية  كذلك تضمنت الابعاد المختلفة لمكانة الصين في النظام الدولي المعاصر والمعوقات التي تواجه صعودها وطرق التغلب علي هذه  المعوقات غير ان من الملاحظ ان هذه الدراسة تناولت بشكل محدود العلاقات البيئية والقضايا المختلفة السلبية الناتجة عن نموها الهائل وطرق التصدي لها( )

وهناك دراسة بعنوان ” الدور الصيني  في النظام الاقليمي لدول جنوب شرق اسيا “حيث تسعي الباحثة الي تحديد مقومات الدور الصيني  في النظام الاقليمي لجنوب شرق اسيا ودراسة ابعاده ومدي تأثيره والقيود التي تحد من فاعليته وصولا بمستقبل الدور الصيني فيه   وهذه الدراسة تتسم بتركيزها علي احد ابعاد العلاقة فقط فاحداهما يركز علي الجانب الامني وبعضها يتناول الجتنب الاقتصادي والعلاقة بين الصين ودول  جنوب شرق اسيا وتسعي للبحث عن تأثير العلاقة بين الصين والاسيان علي الدور الامريكي في دول جنوب شرق اسيا ولكن الباحثة تجاهلت توضيح التحديات التي تقابل الصين نظرا للدور الامريكي الحالي في هذه المنطقة  نظرا للدور الامريكي الحالي بالاضافة الي تأثير هذا الدور علي الحد من الدور الصيني في منطقة جنوب شرق اسيا (8)

وفي دراسة بعنوان “انجازات الصعود الصيني “حيث تتناول الدراسة ظاهرة الصعود الصيني كاحد  اهم التوجهات العالمية في القرن 21 والتعرف علي واقع الانجازات الصينة خاصة وانها تتسم بتنامي ملحوظ كما تفتقر الي التوازن المطلوب علي مختلف اصعدتها حيث قطعت الصين شوطا هائلا علي صعيد الاصلاح الاقتصادي كما تبين الدراسة ان الصين برغم ما تشهدخ من تقدم اقتصادي منقطع النظير الا انها مازالت تواجه عدد  عددا من الصعوبات نتيجة عدم مواكبة واقعها السياسي المتشدد لوضعتيها الاقتصادية الليبرالية والدراسة تظهر توسيع نطاق تحليل الصعود الصيني ليشمل الي جانب القاء الضوء علي الانجازات الصينية التعرف علي تداعيتها واثارها الاقتصادية والعسكرية والسياسية الا ان الدراسة لم تبين كيفية طرق معالجة الفجوة بين انجازات الصين الضخمة علي كل من الصعيدين الاقتصادي والعسكري وبين واقعها السياسي السلطوي()

كما تناولت دراسة بعنوان ” النخبة السياسية والاصلاح السياسي في الصين (1994:2008)  نجد ان الباحثة كانت تسعي الي تحقيق العديد من الاهداف التي تتمثل في عرض رؤية النخبة الحاكمة الساسية لعملية الاصلاح السياسي والتحديات التي تواجه النخبة في دفع عملية الاصلاح السياسي في الصين بالاضافة الي تحليل العوامل الدافعة للاصلاح السياسي في الصين , رصد وتحليل ابعاد ومؤشرات الاصلاح السياسي في الصين واخيرا رصد وتحليل العلاقة بين الاصلاح السياسي والاصلاح الاقتصادي في الصين والوقوف علي خصوصية تجربة الاصلاح السياسي في الصين وتحليل مستقبل الاصلاح السياسي في النظام السياسي الصيني _(اي توضيح دور النخبة السياسية في دفع الاصلاحات السياسية في النظام الصيني ودراسة التحولات السياسية في الصين ويتضح  وقد توصلت الباحثة ان القيادات الصينية اتبعت منذ الداية منهجا استراتيجيا يقوم علي احداث مزيد من الانفتاحات والاصلاحات الاقتصادية كمقدمة واجهتها العديد من التحديلت كالفساد والبطالة وتدهور اوضاع حقوق الانسان بالاضافة الي التحديات الاجتماعية والسياسي

كما كان هناك دراسة اخري بعنوان “التحول الديموقراطي في الصين” ,حيث تتناول الدراسة الواقع الحادث في الصين والتحولات السياسية والاقتصادية بها وتوصلت الدراسة الي وجود علاقة طردية بين التنمية الاقتصادية وسياسة الاصلاح والانفتاح مما نتج عنه الدفع نحو احداث تحولات ديموقراطية كما ان الثقافة الصينية السياسية ليست ثقافة معادية لتحقيق الديموقراطية  بما يتسم من تحقيق مرونة عالية وقبول للطاعة واحترام الزعامة وخلصت الدراسة الي نجاح النظام الساسي الصيني في الحفاظ علي معدلات تنمية مرتفعة باعتبار ذلك من الاهداف الاستراتيجية للنظام والحزب الشىوعي ذاته حتي لا تتاثر شرعيته ومصداقيته سلبا وانتهت الدراسة الي نتيجة هامة الا وهي عدم توقع حدوث اصلاحات سياسية جذرية وتبي النهج الديموقراطي علي النموذج الغربي كما يريد ايضا التيار الليبرالي داخل الصين والقوي الغربية المتمثلة في الولايات المتحدة وحلفائه(ا(

ولكن هناك دراسة اخري بعنوان”هل الصين جاهزة ومستعدة للديموقراطية “وهنا يتعرض كاتب المقال لفكرة هامة حيث تتمثل في مدي قدرة الصين علي القيام باصلاحات سياسية وتشريعية هامة كذلك مدي استجابة الحكم التسلطي المتمثل في الحزب المركزي الحاكم لمزيد من الاصلاحات الديموقراطية والسياسية لصالح الصين  وينتهي الكاتب يان مدي النجاح اة الاخفاق في القيام باصلاحات حقيقية يتوقف علي مدي عمق ووعي واستجابة الحزب الشيوعي الحاكم بما يحقق الانتعاش السياسي ويدفع نحو مزيد من الديموقراطية في الصين( )

هناك دراسة اخري بعنوان ” العلاقة بين الديموقراطية والتنمية في الصين ” حيث تدرس التحول عن النظم السلطوية في دول شرق اسيا والعوامل التي يمكن ان تؤثر علي امكانبة انتشار الديموقراطية مثل التنمية الاقتصادية والثقافة السياسية  وبالتطبيق علي الحالة الصينية توضح الباحثة اشكالية وجود بعض النخب السياسية المتشددة التي تتحدي فكرة عالمية الديموقراطية وتتخذ سلوكيات معادية لها فتنظر للديموقراطية والنظام السياسي علي انه غير ممكن في الاجل القصير والمتوسط مع تمسك القيادة الصينية بفكرة التتابع بين التنمية الاقتصادية والسياسية بمعني اعطاء الاولوية للاصلاح الاقتصادي اولا ثم السياسي التنافسي وتقييم الليبرالية كنتيجة للتنمية  للتنمية الاقتصادية

نجد دراسة اخري بعنوان”التحولات الديموقراطية في اسيا”حيث يشير الكاتب هنا الي الاستقرار السياسي داخل دول تقع في اسيا مستخدما مؤشرا التحول الديموقراطي التي قد حظيت به العديد من الدول داخل اسيا مثل (الفلبين )التي كانت من اوائل الدول التي تمت بداخلها هذه المحاولات, حيث تتمثل في وجود انتخابات حرة ونزيهه ,مدي احترام القوانين , والدستور والدور الذي تلعبه المؤسسات داخل النظام ودور المجتمع المدني لذلك وبناء علي راي الكاتب ان التحول الديموقراطي هو “تراجع نظم الحكم السلطوي بكافة اشكالها والوانهال لتحل محلها نظم اخري في الحكم تعتمد علي الاختيار الشعبي الحقيقي وعلي المؤسسات السياسية المتمتعة بالشرعية وعلي الانتخابات النزيهه كوسيلة لتبادل السلطة او الوصول اليها ونجد ان الكاتب قبل بدءه بالحديث عن تحول القوة زكر الاسباب التي قد تؤدي الي تحول الديموقراطي في دول عديدة مثل الفلبين مثلا  ومن اهمها :الانتخابات الرئاسية التي خاضتها ارملة زعيم المعارضة السابق ضد ماركوس والتي كانت المفجر الاساسي لعملية التحول الديموقراطي والتخلص من حكم ماركوس وامد عليس وجود مجموعة من الاسباب الداخلية التي كانت سببا في هذا التعارض ولكن نجد انم الكاتب لم يزكر النتائج المترتبة علي هذا التحول

وهناك دراسة بعنوان “الصعود الصيني وتاثيره علي الهيمنة الامريكية في الشرق الاوسط , حيث تسعي الدراسة الي القاء الضوء علي الصين كواحدة من القوي الصاعدة حيث انها الدولة المرشحة بقوة في الفتره القادمة لان تكون المنافسة للولايات المتحدة الامريكية مهددة مكانتها كقطب اوحد في العالم فلم تعد تزكر الصين الاباسم ” التنين ,اللغز , المارد ) نجد ان الباحثة كانت تحاول التعرف علي كيفية تأثير الصعود الصيني علي المصالح الامريكية في الشرق الاوسط؟ وهل التقارب الصيني مع دول شرق اسيا سيهدد المصالح الامريكية ؟ومن له اليد العليا  مستقبلا في الشرق الاوسط اهي الصين ام الولايات المتحدة الامريكية ؟ ام الشرق الاوسط نفسه في ظل الهيمنة الامريكية ,فقد اكد الباحثة علي المكانة الدولية المتميزه التي اتخذتها الصين فقد احدثت طفره هائلة في التنمية واصبحت من اهم المشاكل التي تثيرها قضية الصعود الصيني مسالة احتمال اتجاه الصين الي تهديد الاستقرار العالمي والاقليمي اذ اصبحت من الدول من الدول الساعية الي الهيمنة الاقليمية والعالمية من وجهة النظر الامريكية فاكدت الباحثة في نهاية حديثها علي انطلاق العملاق الاسيوي الصيني بقوة نحو القمة في اطار سياسة خارجية  شاملة صينية التوجه عالمية المجال هدفها باختصار نهضة الصين وتقدمها ومن اجل الوصول الي المكانة الائقة بها علي المسرح الدولي واخيرا فايمانا بالنظرية الكونية بأنه لا ثبات ولا دوام وبأن هناك تعاقبا للحضارات ومما قراناه من تاريخ الامم وتوالي الامبراطوريات علي مر التاريخ فانه لابد من تغيير النظام الاحادي وانهيار الهيمنة الاحادية ()

وقد تناولت دراسة اخري بعنوان ” دور الصين في البنية الهيكلية للنظام الدولي “حيث تناولت الباحثة اثر التغيرات في النظام الدولي علي رؤية الصين لدورها  العالمي وسياستها الخارجية والتوجهات والموازنة بين المحددات المختلفة المؤثرة علي هذه الرؤية وان كان من الملاحظ ان هذه الرؤية لم تتناول السياسة الخارجية الصينية تجاه الولايات المتحدة الامريكية بعد الحرب الباردة((

 دراسات تتحدث عن الدور الصيني بشكل عام:

يندرج تحت هذه الفئة من الدراسات تقييم التطور الحادث في الدور السياسي والعسكري الصيني  تجاه الدول الاسيوية المختلفة متضمنة دول جنوب شرق اسيا حيث اشار “بيلسبوري ” الي الدور الذي تمارسه الصين في  البيئة الامنية في اسيا عامة

فمن الكتب الهامة في  هذا الاطار ” قضايا الامن في اسيا” الذي والذي تضمن ابحاثا حول الرؤي الاسيوية الكبري للمن  الاسيوي الي جانب فصل عن الترتيبات حول النزاعات حول الجزر في اسيا وانعكاساتها علي الامن الاسيوي  وايضا التهديدات الامنية الغير تقليدية وقد تضمن الفصل الخاص بالرؤي الاسيوية للامن الرؤية الصينية والتي يمكن الاستنباط منها اثر  هذه الرؤية او العقيدة الاستراتيجية علي علاقتها مع جيرانها في القارة الاسيوية وبصفة اخص مع دول جنوب شرق اسيا ومن اهم بنودها عدم القبول بالوجود العسكري الغربي وخاصة امريكا وتتفق الباحثة حول ما جاء في هذا الكتاب بالنسبة لسلوك الصين سياسات عملية جديدة من قبيل اعطاء اولوية للاليات الامنية الاقليمية الجماعية وتحسين العلاقات مع الدول الاسيوية المجاورة وتهدئة  المخاوف الاقليمية من تطور القوة العسكرية الصينية نري ان الكاتب قد اعطي وزنا كبيرا لتأثير البعد الامني علي العلاقة بين الصين وجيرانها في اسيا ورغم اهمية هذا البعد وخاصة في ضوء التحديات الامنية التقليدية والغير تقليدية الا ان الكاتب لم يتعرض لموضوع الامن الاقتصادي بشكل كافي خاصة مع اهمية هذا البعد في علاقات الصين الخارجية

تقسيم الدراسة :

  • الفصل الاول:   الدور المتصاعد للصين في النظام الدولي
  • المبحث الاول    : مؤشرات الصعود الصيني والصعوبات التي تواجهه
  • المبحث الثاني    : مؤشرات الصعود الصيني  في المجال السياسي : تحليل وتقويم
  • الفصل التاني: مقومات وركائز القوة الصينية
  • المبحث الاول :   القوة الصلبة الصينية  ودلالاتها
  • المبحث الثاني :   القوة الناعمة الصينية ودلالتها
  • الفصل التالت :   جذور ومقومات قوة الصين كحضارة كبري قديمة
  • المبحث الاول:   الثقافة الصينية التقليدية : الكونفوشيوسية
  • المبحث التاني: الفكر الشيوعي واثره علي تطور  الصين الشعبية المعاصرة.

مقدمة:

ان استراتيجية  تحول القوة من الاستراتيجيات الهامة التي تلعب دورا مؤثرا علي السياسة الدولية  , فهو يجعل ميزان القوة يتحول من صالح دولة الي دولة اخري وتكن هي القوة المهيمنة  علي الساحة الدولية وهذا بالفعل بيؤثر بشكل كبير هعلي الاستقرار السياسي وامكانية تحقيقه , ولكنه بالرغم من ذلك يعتبر مؤشرا من مؤشرات نشوب حرب دولية كما ان ارتباط المكنات المتوازنة بنشوب حرب يخالف الفكرة السائدة بان توازن القوة  بين الدول الكبري يخالف الفكرة السائدة بأن توازن القوة بين الدول الكبري يضمن الامن والاستقرار فحدوث تحول في القوة يؤثر علي شكل وهيكل النظام الدولي والعلاقات بين الدول , لذلك فان الدولة التي ترغب في الهيمنة لابد ان تمتلك المقومات التي  تمكنها من ذلك وبالتاي تفقد الدولة القائدة موقعها المتفوق لمتحد اخر وبالتالي قد يكون ذلك لنشوب الحرب لذلك نجد انه بالنسبة للصين فقد لعب تحول القوة دورا هاما في صالحها لذلك ومن خلال هذا الدور استطاعت ان تحقق التنمية المستدامة او التنمية الشاملة داخها  لذلك وبالرغم من ذلك الا ان هناك العديد من الاتجاهات المختلفة في اراءها حول تحول القوة ما بين مؤيد ومعارض ’ فالاتجاه الاول يؤكد علي الدور السلبي لتحول القوة حيث انها سبب في نشوب الحرةب والصراعات بين الدول وانها تؤدي الي فقدان سيادة الدول لصالح دولة اخري , واتجاه اخر يري اها تؤثر ايجابا علي العلاقات بين الدول  فبالتالي تؤدي الي توازن القوة اي عدم هيمنة اي دولة علي اخري وهذا من شأنه تحقيق الاستقرار,اما من ناحية الصعود الصيني.

ان استراتيجية  تحول القوة من الاستراتيجيات الهامة التي تلعب دورا مؤثرا علي السياسة الدولية  , فهو يجعل ميزان القوة يتحول من صالح دولة الي دولة اخري وتكن هب القوة المهيمنة علي الساحة الدولية  وهذا بالفعل بيؤثر بشكل كبير هعلي الاستقرار السياسي وامكانية تحقيقه , ولكنه بالرغم من ذلك يعتبر مؤشرا من مؤشرات نشوب حرب دولية كما ان ارتباط المكنات المتوازنة بنشوب حرب يخالف الفكرة السائدة بان توازن القوة  بين الدول الكبري يخالف الفكرة السائدة بأن توازن القوة بين الدول الكبري يضمن الامن والاستقرار فحدوث تحول في القوة يؤثر علي شكل وهيكل النظام الدولي والعلاقات بين الدول , لذلك فان الدولة التي ترغب في الهيمنة لابد ان تمتلك المقومات التي  تمكنها من ذلك وبالتاي تفقد الدولة القائدة موقعها المتفوق لمتحد اخر وبالتالي قد يكون ذلك لنشوب الحرب لذلك نجد انه بالنسبة للصين فقد لعب تحول القوة دورا هاما في صالحها لذلك ومن خلال هذا الدور استطاعت ان تحقق التنمية المستدامة او التنمية الشاملة داخها  لذلك وبالرغم من ذلك الا ان هناك العديد من الاتجاهات المختلفة في اراءها حول تحول القوة ما بين مؤيد ومعارض ’ فالاتجاه الاول يؤكد علي الدور السلبي لتحول القوة حيث انها سبب في نشوب الحرةب والصراعات بين الدول وانها تؤدي الي فقدان سيادة الدول لصالح دولة اخري , واتجاه اخر يري اها تؤثر ايجابا علي العلاقات بين الدول  فبالتالي تؤدي الي توازن القوة اي عدم هيمنة اي دولة علي اخري وهذا من شأنه تحقيق الاستقرار.

يشير مفهوم “”تحول القوة”” إلى [فقدان دولة مهيمنة لموقعها القيادي في النظام الدولي لصالح قادم آخر تتنامى قوته بشكل متسارع]. وبالتالي يسعى هذا القادم للوصول إلى موقع الهيمنة. فمن أجل حدوث تحول للقوة، يجب على الدولة الصاعدة أن تمتلك مقومات للقوة تفوق تلك التي تمتلكها الدولة المهيمنة، أو على الأقل تعادلها، وبالتالي على الدولة الصاعدة العمل على تضييق الفجوة بين مقدراتها القومية، ومقدرات الدولة المهيمنة، كما سيرد القول فيما بعد.

وفكرة تحول القوة تشير إلى اللحظة حيث تفقد الدولة القائدة موقعها المتفوق لمتحدٍّ آخر. وهذا الدور المعكوس يحدث من خلال التغيرات في المقدرات القومية لكلا الطرفين. وعندما يكون الأمر مصحوبًا بعدم رضا شديد عن الوضع الدولي القائم بالنسبة للدولة الصاعدة، فإنه من المتوقع نشوب الحروب.

ثانيًا: مؤشرات تحول القوة

[1] المؤشرات التقليدية:

حصرها “”ديفيد سنجر”” و””ستوارت بريمر”” و””جون ستوكي”” في ستة مؤشرات: عدد السكان الكلي، عدد سكان الحضر، الأفراد العاملين بالقوات المسلحة، مقدار الإنفاق العسكري، صناعات الحديد والصلب، ومعدل استهلاك الطاقة. وقام Charles Doran بتتبع صعود وهبوط المقدرات القومية للدول. وتمثلت مؤشرات القوة عند Doran في: صناعات الحديد والصلب، حجم القوات المسلحة، عدد السكان الكلي، إنتاج الفحم (أو ما يعادله من النفط)، المستوى الحضري

وأكد Organski وKugler أن الدولة الصاعدة -أطلقوا عليها المتحدي الصاعد rising challenger- تسلك سلوكًا تصادميًّا مع القوة العظمى؛ للوصول إلى موقع الصدارة في النظام العالمي. ولهذا، تندلع الحروب بين القوة الصاعدة وتلك المسيطرة على الوضع القائم.

ويقول Organski أن احتمالات الصراع بين دولتين تزداد حينما يبدأ ميزان المقدرات بينهما في التغير، بحيث يصبح لإحدى الدولتين ميزة نسبية على الدولة الأخرى، وتكون تلك الدولة ذات الميزة غير راضية عن النظام الدولي القائم. “

نظرية دورة  القوة :

تركز علي اهمية تحول القوة من دولة الي صالح دولة اخري حيث يركز صاحب هذه النظرية “knorr” علي مفهوم (القوة النسبية ) وتري نظرية القوة انه بدلا من قيام القوة المهيمنة بفرض سيطرتها علي النظام  فانها تلعب دورا قياديا بجانب باقي الدول التي تقوم بلعب دور في الشئون الخارجية ويقول “resecrance ” انه من المهم تبيان ان نمط الاستقرار في النظام الدولي السابق وانما حدث انتقال من هذا الي ذاك ويري ان توازن القوي مهم لاستقرار النظام العالمي , بيد انه في نفس الوقت فان هذا التوازن لم يكن كافيا في الماضي لمنع اندلاع حروب كبري وتشير هذه النظرية الي عدة متغيرات يحدث وفقا لها تحول القوة من دولة الي اخري  , ومن اهم هذه المتغيرات (الدور التاريخي ) لكل دولة واسلوب ادراك النخب الحاكمة للدول لادوار الدول الاخري,(والكنات السياسية ),(وتوقعات الدول ) فيما يخص سياستها الخارجية وعلاقتها الدولية تجاه بعضهم البعض في عام 1958، أوضح Organski أنه في نظام الدول الهرمي، تعتبر الدول -غير الراضية عن التعادل في القوة- هذا الوضع باعتباره مؤشرًا من مؤشرات نشوب حرب دولية. كما أن ارتباط المكنات المتوازنة بنشوب الحرب يخالف الفكرة السائدة بأن توازن القوة بين الدول الكبرى يضمن الأمن والاستقرار()

نظرية تحول القوة :

تركز هذه النظرية علي الدول الاقوي وتستقي من تفاعلات تلك الدول تطبيقات بشأن نشوب الحروب واستمرار او تغيير هيكل النظام الدولي القائم وتصف نظرية تحول القوة النظام الدولي باعتباره نظاما هرميا تهيمن عليه قوة واحدة وهي اقوي دولة في النظام ومن المرغوب لاي دولة ان تكون هي الاقوي وذلك لان القوة المهيسمنة هي التي تدشن وضع  النظام الدولي القائم اي مجموعة القواعد الرسمية والغير رسمية التي تحكم التفاعلات الدولية في المجالات الاقتصادية والعسكرية وغيرها

وبديهي ان تستفيد بعض الدول من الوضع القائم للنظام الدولي واخري لاتستفيد منه ولذلك فكلما تشابهت  المؤسسات الداخلية لاية دولة مع نظيراتها للقوة المهيمنة , كان الاحتمال الاكبر هو استفادة تلك الدولة من الوضع القائم وكان الرضا عن الوضع لبقاتم عاليا والعكس صحيح فكلما كانت المؤسسات الداخلية لدولة ما مختلفة عن تلك الموجودة داخل بالدولة المهيمنة كان توقع تحقيق استفادة الوضع القائم اقل وكانت حالة عدم الرضا عن النظام الدولي كبيرة ويضيف )  (organaskiان الدولة المهيمنة تقيم نظاما دوليا بقواعد تحكم التفاعلات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية وتقوم الدولة المهيمنة ببناء النظام لانها تجني منافع من ورائه في شكل ثروات وامن ومكانة دولية ووصف ( kuglar ,organask) الوضع القائم بأنه : القواعد التي تحدد الطريقة التي يتم بها توزيع السلع في النظام الدولي والوضع القائم هو الذي يحدد الطريقة التي ترغب الدولة المهيمنة في رؤية الدول الاخري  في العالم تسلك بها والقواعد التي تقوم بخلقهلا من اجل تلك الغاية التي تحقق لها المنافع ومن اجلها تقوم الدولة المهيمنة بالدفاع عن تلك القواعد ويري (organaski) ان النزاعات يحتمل وقوعها في حالة ما اذا ما حدث تحول للقوة وبشكل ادق فالنظرية تقرر انه في كل حقبة تاريخية تقوم دولو واحدة مهيمنة عادة بقيادة النظام الدولي علي راس مجموعة من الدول الراضية وعدم التساوي في القوة بين الدول المهيمنة والدول المتحدية لها  لصالح الدولة المهيمنة ولكن مع ازدياد قوة الدولة المتحدية فان ذلك يخلق موقفا غالبا الي نشوب حرب , فالحرب تندلع عندما يصبح توزيع القوة بين الدولة بين الدولة المهيمنة وتلك المتحدية متعادلا بشكل تقريبي وتكون احتمالية اندلاع حرب كبري عالية عند النقطة التي تتخطي فيها الدولة المتحدية نظيرتها المهيمنة .

نظرية الدائرة الممتدة :

اشار (modleski ,Thompson ) الي ان النظام العالمي نظام منظم ذو هياكل محددة حيث تكون مقاليد الامور في يد دولة واحدة مهيمنة ويعتبر المؤشر الاساسي في عملية  تحول القوة وتدشين نظام عالمي جديد هو (نشوب الحروب غير القابلة للمنع ) فالحروب الكونية تعد مؤشرات لتولي قيادة عالمية جديدة لشئون العالم وبالتالي فان تفوقها العسكري يمنحها القدرة علي تقديم السلع العامة كالامن العسكري ووضع قواعد للعلاقات الاقتصادية الدولية ()

نظرية الاستقرار بالهيمنة :

ترتكز مقولات هذه النظرية علي مفهوم الاستقرار المهيمن في النظام الدولي  والذي يعني بحفظ الاستقرار والامساك بزمام القيادة العالمية ويعتبر مؤشر السيادة العسكرية والاقتصادية هو المؤشر الاساس في هذه النظرية و فيعتقد  (Gilpin )انه باستطاعة القوة العظمي الهيمنة في العالم ان ترسي قواعد التبادل الاقتصادي الدولي وتأمين الاستثمارات في الخارج والقوي الاخري يمكنها الاستفادة من بقاء الوضع القائم بيد ان استقرار النظام الدولي يتعرض للخطر في حالة فقدان هذا المهيمن السيطرة علي مقدرات السيادة  وهي ايضا تشير الي انه لكي يعمل النظام الدولي بشكل سلس فلابد من وجود مهيمن وذلك بسبب وجود مشكلة في العمل بشكل جماعي في هذا النظام كما ان عملية مأسسة التجارة والتمويل تعد من قبيل السلع العامة التي تفيد المجتمع ككل ولحل هذه المشكلة فان المهيمن يبادر بالقيادة ويحاول تحقيق ذلك  بهدف المنافع التي تعود عليه جراء حل تلك المشكلة مع نظرية تحول القوة في ان مسالة تعادل القوة بين القوة الكبري امر له خطورته لان الفرص المتكافأة في تحقيق انتصار عند نشوب الحرب ربما يشكل حافزا كافيا لقادة الدول لقبول مخاطرة اقحام دولهم في حرب الاكثر من هذا ان اساءة تقدير دولة او اكثر لقوتها النسبية بالمقارنة بقوة خصومها تكون اكبر ما تكون عندما تتساوي او تتعادل قوة كل طرف من الاطراف( )

توزان القوى :

، هي نظرية تقوم على أن وجود الدول والتحالفات في حالة تكاد تتعادل فيها قوتها العسكرية أمر من شأنه أن يحول دون نشوب النزاع المسلح، وعليه فإن بعضاً من الدول تسعى إلى الحفاظ على التوازن العسكري فيما بينها، ويعتبر سعي إحدى الدول لزيادة قدرتهاالعسكرية بالصورة التي تخل بتوازن القوى أمراً يدعو للاضطراب ويولّد سعياً من قبل الدول الأخرى لتعزيز توازن القوى بمعاهدات تلتزم فيها الدول الأطراف بالحفاظ على قوتها العسكرية ضمن حدود مقبولة من الدول الأخرى. وفي معاهدات السلام التي تبرم بين الدول بعد إنقضاء الحروب يتم في العادة التطرق لتوازن القوى والإشارة إلى الترتيبات التي من شأنها أن تحافظ عليه وتحول دون الإخلال به.

ولئن عرفت فكرة توازن القوى كمخفف لآثار احتكاك القوى الكبرى والامبراطوريات الواسعة منذ القديم فإنها لم تتخذ صيغتها المحددة إلا في العصور الحديثة وعلى الأخص في القارة الأوربية، كما تدل الأمثلة الآتية:

1- في النصف الأول من القرن السابع عشر، أسفرت حروب لويس الرابع عشر، بعد أن زالت سيطرة الامبراطورية النمساوية على المقدّرات الأوربية، عن تفوّق كاسح لفرنسة على الملكيات الأوربية الأخرى، وحين عزم ملك إسبانية في أواخر القرن على أن يخلفه على العرش الإسباني الابن الثاني لولي العهد الفرنسي، خشيت أكثرية الدول الأوربية من هذا الامتداد المتزايد للسيطرة الفرنسية فتحالف إمبراطور ألمانية وملك إنگلترة ودوق سافوا ثم انضم إليهم ملك البرتغال ضد الأطماع الفرنسية، باسم إعادة التوازن، وانتهت الأزمة بتوقيع معاهدة أوترخت سنة 1713 التي قضت على فرنسة وإسبانية بالتخلي عن توحيد العرشين كما قضت على لويس الرابع عشر بالتخلي عن الممتلكات التي كان غزاها، فعاد توازن القوى إلى ما كان عليه واستمرَّ ثلاثة أرباع القرن الثامن عشر إلى أن شبّت الثورة الفرنسية وألغت الملكية وأعلنت النظام الجمهوري.

2- في مؤتمر ڤيينا الشهير (1814-1815) الذي صفّى تركة حروب نابليون، تعاون اللورد البريطاني كاسترليه مع الأمير النمسوي مترنيخ (باسم احترام شرعّية الحكم واستقلال الدول) على إعادة توحيد مملكة بولونية لتكون ركناً في بناء توازن القوى، بعد أن كانت تتقاسمها روسية وبروسية فأخلَّتا بالتوازن، وبدوافع من الحرص على التوازن، أيّد الوزير الفرنسي الأمير تالّيران أيضاً هذه المبادهة.

3- في النصف الأول للقرن التاسع عشر، كانت الدول الأوربية الكبرى المهيمنة على الحرب والسياسة هي فرنسة وبريطانية العظمى وروسية والنمسة وبروسية، فعمدت روسية سنة 1853 إلى غزو الممتلكات العثمانية وراء الدانوب فتحالفت آنئذ ضد الأطماع الروسية فرنسة وبريطانية العظمى والنمسة وبروسية، ثم أعقب ذلك سنة 1854 تحالف آخر بين فرنسة وبريطانية العظمى تأييداً للامبراطورية العثمانية في وجه الروس وانضم ملك سردينية إلى هذا الحلف، وأسفرت حرب القرم بين روسية والحلفاء عن انتصار الحلفاء فعقدت معاهدة باريس سنة 1856 التي توقف بموجبها التوسع الروسي. ثم جاء بعد ذلك مؤتمر برلين سنة 1878 يجرّد روسية من أكثر الممتلكات التي كانت اكتسبتها وراء حدودها التقليدية.

4- كانت الصفة المهيمنة على العلاقات الأوربية في أواخر القرن التاسع عشر هي بروز الشعور القومي تحقق كلّ من الوحدة الألمانية (بعد حرب سنة 1870) والوحدة الإيطالية، وانتشار القومية السلاّفية في روسية والبلقان فتعّرض مبدأ توازن القوى للاهتزاز، واحتدم الصراع بين جرمان وسلاف، لكن نشوب حروب البلقان وتحرر بلاد البلقان من النير العثماني واحدة بعد الأخرى كبحت جماح التوسع الروسي وهيمنة السلاف. وكان هذا عهد تسابق الدول الأوربية على كسب المستعمرات وراء البحار وتنافسها في الميدان التجاري في أرجاء العالم مما بدأ يعطي لمفهوم توازن القوى بعداً عالمياً.

هذا البعد العالمي للتوازن واختلال التوازن بدأ يتأكد في مطلع القرن العشرين، إلى أن نشبت الحرب العالمية الأولى وانضمت الولايات المتحدة الأمريكية وكندا إلى صفوف الحلفاء لتعيد التوازن ثم لترجح كفة الحلفاء في ميزان القوة.

5- أمَّا في الحرب العالمية الثانية عادت الولايات المتحدة الأمريكية وكندا إلى دعم الحلفاء، وإمداد روسية بالمؤن والذخيرة، بعد أن انفرط عقد معاهدة عدم الاعتداء بينها وبين ألمانية، كبحاً لسيطرة دول المحور واليابان، وإيقافاً للمد الجزئي الأولي الذي سجلته المعارك بين الطرفين.

 

6- على أنّ أحداث القرن العشرين أفرزت مجموعة من توازنات القوى ولم تعد أوربة هي المرتع الوحيد لممارسة سياسة التوازن، وانجلت الحرب العالمية الثانية عن نوع من نظام توازن قوى على المستوى العالمي، فلم تعد العناصر الرئيسية في التوازن مقتصرة على بريطانية وفرنسة وروسية الأوربية من جهة وألمانية والنمسة من جهة أخرى، بل انتقل الثقل إلى كل من الولايات المتحدة في جانب، والاتحاد السوفييتي (أوربي وآسيوي معاً) في جانب آخر، ولكّل جانب معسكره من الدول الحليفة بقواه الحربية وطاقاته الاقتصادية، وعقائده السياسية والاجتماعية، وتبلور هذا التجابه بقيام حلفين متضادين: حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو. فأضحى يطلق على هذا النوع من التوازن، التوازن الثنائي القطب أطلق على هذه المرحلة اسم الحرب الباردة وظلت سائدة طوال أكثر سنيّ النصف الثاني من القرن العشرين، إلى أن انفرط عقد المعسكر الاشتراكي، وتفككتْ عُرى الاتحاد السوفييتي واستقلّت أكثر مقوماته الآسيوية، فصارت مجموعة من الدول المستقلة أهمها الاتحاد الروسي، ولم يعد هناك معسكر متماسك ولا قوة تعادل القوة الحربية والاقتصادية التقنية للقطب الأمريكي وبدا أن العهد يتصف بأحادية الاستقطاب.

إنّ ظاهرة التوازن لن تندثر، فالعالم الذي كفي كوراث الحرب الشاملة في النصف الثاني للقرن العشرين، لم ينج من تزاحم القوى الكبرى في التجارة والصناعة واكتساب الثروة، ولن يستطيع القطب الواحد التحكم في ما لم يعد يمكن احتكاره من تطوّر في العلم والتقنية، وما لا يمكن تفاديه من حرية للتجارة العالمية ولانتقال الأموال، وهذا التزاحم ومسبباته وروادعه وحسناته ومخاطره وما يقريه من تموّج واضطراب ثم استقرار ثمّ مدّ وجزر هو كلّه في صلب العناصر التي تكوّن في نهاية المطاف أركان توازن القوى ومختلف أدواته. ويُعد توازن الرعب أو توازن الرعب النووي أحد أحدث مظاهر توازن القوي

كما انه يعني أن وجود الدول والتحالفات في حالة تكاد تتعادل فيها قوتها العسكرية أمر من شأنه أن يحول دون نشوب النزاع المسلح، وعليه فإن بعضاً من الدول تسعى إلى الحفاظ على التوازن العسكري فيما بينها، ويعتبر سعي إحدى الدول لزيادة قدرتهاالعسكرية بالصورة التي تخل بتوازن القوى أمراً يدعو للاضطراب ويولّد سعياً من قبل الدول الأخرى لتعزيز توازن القوى بمعاهدات تلتزم فيها الدول الأطراف بالحفاظ على قوتها العسكرية ضمن حدود مقبولة من الدول الأخرى. وفي معاهدات السلام التي تبرم بين الدول بعد إنقضاء الحروب يتم في العادة التطرق لتوازن القوى والإشارة إلى الترتيبات التي من شأنها أن تحافظ عليه وتحول دون الإخلال به.

 الفصل الاول:    الدور المتصاعد للصين في النظام الدولي 

المبحث الاول :مؤشرات الصعود الصيني والصعوبات التي تقف حائلا امامه

كان عقد التسعينات من القرن العشرين هو المرحلة التي شهدت ظهورا كثيفا لابحاث ودراسات ومقالات تناولت ظاهرة المعجزة الاسيوية بكثير من العناية والاهتمام بل لعل السرعة التي تجاوزت بها ىدول القارة مأزقها الخانق كانت دافعا اقوي لمحاولبة التعرف علي الاسباب الكامنة وراء نجاح ذلك الجزء من العالم في تحقيق اكبر الطفرات في التاريخ الحديث وكانت الصين علي راس الدول الاسيويةالتي جذبت الانتباه في هذا الشأن فمعدلات النمو الاقتصادي التي جاوزت نسبة 10% لسنوات متلاحقة وما تلاها من تغيرات في مستوي الرفاهية الاجتماعية للمواطنين ثم النجاحات المتوالية في عمليات الاندماج مع الاقتصاد العالمي وانعكاساتها  علي مزيد من النمو الاقتصادي الداخلي , كل هذا كان لابد ان يثير في النفوس مزيجا من الاعجاب والدهشة معا وكان السؤال الذي هجس في اذهان الباحثين هو

كيف يمكن تفسير هذه النهضة  الضخمة والتي نجحت في تثبيت دعائمها في زمن يعد وجيزا للغاية اذا ما قورنت بذلك  الذي استغرقته الدول الصناعية لتحقيق هذه النهضة  ويمكن القول ان الصين بخصائصها الاشتراكية  السابقة اضحت عملاقا اقتصاديا حقيقيا بكل المقاييس و لقد كانت الصين علي تعليمات ومبادئ الاباء المؤسسين من امثال (ماوتسي تونج ), (ودنج شيا )وتمكنت من تحقيق نمو متواصل ومتسارع للاقتصاد الوطني وصل الي3,9% وهو اعلي المعدلات العالمية واحتلت المركز السادجس علي مستوي العالم بل ان الصين تصر علي الحفاظ علي هذا المعدل رغم التأثيرات السلبية التي نجمت عن الازمة المالية العالمية الحالية ومن ثم فان سياسة الاصلاح الداخلي والانفتاح علي العالم الخارجي قد مكنت الصين من تحقيق انجازات ملموسة داخلية وخارجية فقد انتهجت الدولة  اسلوب اقتصاد السوق الاشتراكي الذي يقوم علي سيطرة الدولة علي القطاع العام واصلاح المؤسسات المملوكة للدولة مع اتاحة الفرصة للقطاع الخاص ليلعب دوره مما ساهم في توفير مزيد من الوظائف للايدي العاملة الصينية وفي المجال السياسي ظلت الصين النموذج الوحيد اضافة الي بعض الدول الصغيرة مثل كوبا وكوريا الشمالية الذان يجسدان النموذج الاشتراكي بعد انهيار الاتخاد السوفيتي ودول اوربا الشرقية وربما يعود ذلك الي بكين انها قد طورت من نفسها واحدثت تعديلات هائلة في النظرية الماركسية ورغم انها قطعت خطوات جيدة في مسار تطبيق الديموقراطية الاشتراكية ومع ذلك فهناك  غياب التعددية السياسية والحزبية في ظل سيطرة مطلقة للحزب الشيوعي وهناك سيطرة كاملة للدولة علي وسائل الاعلام وتغييب القنوات الاعلامية الخاصة المملوكة للافراد ولكن مع ذلك فهناك دور قوي للمجتمع المدني وخاصة نقابات العمال في التعبير عن مطالب اعضائها

مؤشرات الصعود الصيني :

ان ظاهرة النمو الاقتصادي في الصين هي تجربة فريدة من نوعها في التنمية وهو ما اطلقو عليها خصوصية التجربة الصينية في النمو فالصين  وفقا لتلك الرؤية قد نجحت في تحقيق اهدافها وانجازاتها الاقتصادية بلا عقد علي طرق واساليب مستمدة من الواقع الصيني واطره القيمية الخاصة حيث اكد الباحثون  والمسؤلون الصينيون ان عدم الانسياق للتجارب الغربية في النمو والتي تقل من دور الجماعة وتعلي من القيم الفردية الموحشة ثم استلهام الخصوصيات الصينية في توجيه مسار النمو الاقتصادي هما اللذان  ضمنتا للدولة التمتع بمستويات مرتفعه ومطردة من هذا النمو () فمنذ انتصار الثورة السيوعية في الصين عام 1949 كانت الدولة والنخبة  عنصرا فاعلا واساسيا في عملية التنمية الاقتصادية واذا كان صحيحا ان ظروف الصين المادية قد شهدت معدلات نمو مرتفعة مقارنه بما سبقها من فترات الا ان السيرة التي اختارها (ماو )ورفاقه والتي قامت علي وجود اقتصاد مركزي ومعزول بدرجة  كبيرة عن العالم الخارجي هذه المسيرة لم تتعاون كثيرا علي استمرار ما تم تحقيقه في هذا الشأن ان لم تسفر في واقع الامر عن تراجعات كبيرة في بعض المراحل التاريخية وكما حدث فعلا في مرحلة القفزة الكبري الي الامام الا انه عندما تولي (شياوينج ) ددا  قيادة اكبر عملية اقتصادية في تاريخ الصين الحديث لتحويلها من الاعتماد علي اقتصاد مخطط ومركزي الي العمل وفقا لبنية ترتكز الي اليات السوق الحرة وهي الاليات التي ظلت تكسب ارضا جديدة منذ ذلك الوقت وحتي اليوم وبذلك اصبحت الصين ماردا اقتصاديا جديدا حيث بهذا الفكر تركت هامشا كبير في الحركة لاستقطاب  الاستثمارات الاجنبية علي نحو كبير وتغيير مفهوم الشركات الحكومية للاستيراد والتصدير التي كانت تقوم مقام الاقسام التجارية للمصانع الحكومية حيث ضعفت يوما بعد يوم حتي اضحت قسم كبير منها يعاني من مشكلة في اماكن البقاء في السوق بعدما بدات المصانع الخاصة والشركات التجارية الصينية العمل بطريقة تتواءم والمعاملات التجارية  الدولية في التسويق وتحسنت نوعية المنتجات الصينية كثيرا هي الاخري وبقيت مستويات اسعارها الاحسن في العالم منافسة الجميع بحيث اثر ذلك علي القطاعات الصناعية في دول العالم التالت كما ان هذه الشركات بدأت تفتح فروعا لها في اروبا والشرق الاوسط وافريقيا واستراليا وقد ظهر هذا التوسع في مجال النشاط الزراعي :ففي مجال النشاط الزراعي  وفي ذلك القطاع المملوك للدولة حيث بدأت الصين منذ اوائل الثمانينات اجراءاتها لتحويل الكوميونات وهي الصورة الاساسية للنشاط الزراعي  وقد اشتمل هذا التحول علي تغيرات مهمة في حقوق الملكية المترتبة لاسر الفلاحين والتي اصبحت في ظل النظام الجدبد وحدة الانتاج الاساسية اما عن الحقوق فتمثلت ان يصبح لاسر الفلاحين حق استعلال طويل الاجل تحدد امدها بثلاثين عام  وكذلك تقرر الاسرة الفلاحية حق اللانتفاع بقسم مهم من عوائد المحاصييل ولحوم الحيوانات بعد الوفاء بالالتزامات تجاه الدولة

في المجال الصناعي : كانت الاصلاحات التي لحقت بالمشروعات الصناعية المملوكة  للدولة دليلا اخر علي صدق نوايا ” دنج شياو بينج ” في انجازات التحول نحو اقتصاد السوق الحرة فقد قامت الصين في عام 1964 بتطبيق نظام ملكية الاسهم في المشروعات الصناعية المملوكة للدولة وبعد ان اقتصرت التغييرات , وقبل هذا التاريخ علي ايجاد صور من العلاقات تفوض فيها الدولة بمقتضي سلطاتها الي مديري المصانع في مجال حقوق الاستخدام والانتفاع دون حق التنازل باعتبار الدولة مالكة للمشروع  بالكامل ثم شجع ” دنج ” الاستثمارات الاجنبية للقدوم الي الصين في خطوة مهمة لدعم الصناعة الوطنية باستخدام التكنولوجيا الحديثة الواردة من الخارج ولاجل هذا الغرض بدا في انشاء ما عرف ” بالمناطق الاقتصادية الخاصة منذ عام 1980 ولتصبح مقارا لنشاط المستثمرين من كل انحاء العالم وحتي تجد الاستثمارات الاجنبية دافعا قويا للعمل في تلك المناطق تم منحها اعفاءات ضربيبة كبيرة وقدمت لها التسهيلات للدخول الي الصين والخروج منها وخول اصحابها صلاحيات كبيرة في ادارة مشروعاتهم ببل وتم السماح لهم باقامة هيئات مالية بالاضافة لانشاء اسواق للاوراق المالية وكانت هذه الاجراءات كلها تعكس رغبة القيادة الصينية في ان يشاركها العالم المتقدم هدفها في التحديث اعتمادا علي اليات السوق الحرة 0()

وتمشيا مع متطلبات الانفتاح علي العالم الخارجي وما استتبعه ذلك من انضمام للممؤسسات الاقتصادية العالمية اشرف “دنج” علي صدور عدد من الاجراءات لتحسين النظام التجاري الصيني وهكذا قامت الحكومه بخفض دعمها المباشر لصادراتها الي الخارج بدرجة كبيرة واصبحت الاهداف الخاصة بالتصدير اشد استجابة لارشادات السوق العالمية بعد ان بدأت الدولة تتراجع تدريجيا عن التدخل في تحديد هذه الاهداف  وكان من نتيجة هذه السياسات ان تمكنت الصين من تحقيق معدل النمو في الناتج القومي الاجمالي بلغ 10%ثم قفز ليقترب من 13% في عقد التسعينات ()

رؤية الصين لعضوية منظمة التجارة العالمية :

منذ ان بدات الصين في اتخاذ اجراءات جادة تجاه تطبيق اليات السوق والتحول نحو التحرر الاقتصادي وارتفاع  الاداء التجاري وتحسين ميزان المدفوعات فقد تقدمت الصين في عام 1986 لعضوية منظمة التجارة العالمية ازدادت صادراتها من 5%:10% من اجمالي الناتج القومي الاجمالي  وكانت مساهمة الصين في حجم الصادرات العالمية في هذا الوقت حوال 1%اي ان التجارة بالنسبة للصين اصبحت حجر الاساس لدفع عجلة النمو الاقتصادي والتنمية()

ولكن وبالرغم من ذلك نجد ان هناك العديد من العقبات التي تعوق تحقيق النمو الاقتصادي الصيني  حيث تركت البيئة الدولية الصادرة تأثيرات سلبية في اقتصاد الصين فتدهورت اسعار النفط العالمية بانخفاض اسعار التسليم  للمنتجات الصناعية الصينية لما زاد اتجاه انخفاض مستوي الاسعار ودلت التحليلات علي ان العالم فقد تقته ازاء مثابرة ومدي انتعاش اقتصاد كلا من الولايات المتحدة واليابان كما كان هناك مشكلتان اساسيتان ترتبطان بالاساس بالتفاوت الانمائي بين مختلف مناطق الصين  ومن اهمهما :

التفاوت الانمائي : فقد ادي اصدار  القوانين عام 1979 التي كان من شأنها اجتذاب وتسيير دخول الاستثمارات الاجنبية  في الصين الي انشاء مجموعة من الشركات المختلطة الصينية الاجنبية وذلك في في اربع مناطق اقتصادية تقع بالاساس علي الساحل الجنوبي للصين

ونظرة سريعة علي اهم تداعيات هذه التجربة تكشف لنا  ما يمكن تسميته بالتعاون الانمائي حيث نجم عنها تباين ملحوظ فيما يتعلق بالخل الفردي لكل من المناطق الساحليةوالداخلية  حيث تشغل المناطق الساحلية محل الصدارة علي حساب المناطق الداخلية الريفية التي تضم اكبر عدد من الصينين بحيث يمثل مستوي الدخل في شنغهاي خمسة اضعاف في سشواق علي سبيل المثال بل ان المناطق الساحلية ذاتها تشهد فيما بينها تباينا في هذا الشأن حيث تتفاوت نسبة النمو من مدينة الي اخري وقد نتج عن هذا التفاوت تنامي ظاهرة الهجرة من الريف الي المدينة وهو ما قاد الحكومة الي فرض  غرامة كبيرة علي كل مزارع يرغب في العمل في العاصمة في محاولة للحد من هذه الظاهرة من ناحية اخري تبرز احدي معضلات الانفتاح الاقتصادي في الصين من خلال تنامي بوادر صراع بين كلا من الحكومة المركزية وبين مختلف الاقاليم التي بدات تقطف ثمار الاستثمارات الاجنبية وذلك شكل نزاع اداري بين الطرفين وفي اطار هذا السياق ثارت الخلافات حول الضرائب المفروضة علي هذه المناطق بما قاد الي اخفاء بعض المعلومات حوا امكانيتها الاقتصادية بل فأخذت تبادر للحصول علي الاستثمارات الخارجية متجاوزة  بذلك القنوات الحكومية الرسمية وذلك تخوفا من تحمل اعباء الانفتاح الاقتصادي لصالح الاقاليم الداخلية ويكفي في هذا المجال الاشارة الي تمتع الشاطئ الساحلي من شيرني حتي ليادنج قرب الحدود الكورية بمستوي دخل مرتفع مقارنة بالمناطق الداخلية حيث تشير الاحصاءات الي الي تمتع حوالي 200 مليون صيني بمستوي دخل يقارب الف دولار في مقابل هذا يوجد اكثر من 900 مليون مواطن لا يصل مستوي دخلهة الي الا الي 137 دولار في السنة وهنا تظهر مشكلة البطالة حيث صرح وزير العمل الصيني ان عن وصول عدد عدد العاطلين  الي 24 مليون مواطن ولكن قد توجد عدة وسائل وخطط قد تستخدم من اجل مواجهة هذه الازمة من خلال زيادة عدد الاستثمار في المناطق الريفية. () وايضا هناك بعض المخاطر البيئية  تتمثل احد المخاوف الناتجة عن الانطلاق الصيني  وخاصة في حالة تناميها في اثارها المتوقعة والتي ممكن ان  تؤثر سلبا علي البيئة وبالتالي علي مختلف الاطراف التي سوف يقع عليها العبء الاكبر  لهذه الكلفة فاذا كان من الممكن تقبل عواقب هذه الكلفة اذا ما اقتصرت علي الواقع الصيني فانه يصعب تصور هذا الامر مع تجاوز نتائجها لتشمل مناطق اخري.()

المؤشر السياسي : اذا انتقلنا لموضوع التطور السياسي في الصين لاحظنا ان بداياته لم تكن لتخلف عما حدث بالنسبة للتنمية الاقتصادية وذلك من حيث قيام النخبة السياسية الصينية بالدور الاهم في اطلاقهما معا ومع ذلك فان (دنج شياوينج )الذي نجح في دفع اقتصاديات السوق  الراسمالي في الصين يفضل قيمه المواتية لهذا العمل لم يكن ليحمل نفس القيم الملائمة لعملية التطوير السياسي او المشجعة عليه واذا كان قد اظهر حماسه دوما لدور المبادرة الفردية في الاقتصاد فانه لم يكن ليقدم ذات التشجيع للحقوق الفردية في مجال العمل السياسي وهو ما اثبتته الدراسات الفاحصة لمواقفه في هذا الشأن(.)

الصعوبات امام الاصلاح السياسي :

رغم الانجازات التي تحققت  الا ان هناك تحديات ومصاعب كبيرة  تواجه القيادة الصينية الجديدة وينبغي التعامل معها بجدية وايجاد حلول جذرية لها :

1-مشكلة الريف الصيني : فالدخل لدي الفلاحين وبعض السكان في المدن والقري يزداد علي نحو بطئ فالريف الصيني يواجه اليوم  ازمة حقيقية فحجم الاموال المتبقية للفلاحين بعد ان يدفعو الضرائب وةالرسوم المحلية لا تكفي لشراء البذور والاسمدة لموسم الزراعة القادم حيث تضاءلت دخول الفلاحين والمزارعين ولكن ارتفعت تكاليف الانتاج كما ان البنية التحتية في الريف في حالة لا يرثي لها فيما تنعدم الرعهايا الصحية والخدمات الاجتماعية واذا كان 85% في الريف يدخلون المدارس فان نفس النسبة تترك المدرسة ويضاعف من حجم مشكلة الريف  اعتماد الدولة بشكل كبير عليه فلفلاحون الصينيةن يقدمون ضرائب تعادل تقريبا ثلاثة اضعاف ما يقدمه الافراد في المدن في المقابل فان حجم الاموال التي تخصصها الحكومة المركزية للصين للريف لا تصل اليه بالشكل الامثل نتيجة لسوء الادارة وفساد كثير من القيادات وتزداد الازمة حدة في الريف خاصة اذا عرفنا ان الصين بها اكثر من 900 مليون فلاح ويزداد هذا العدد سنويا بنحو 11 مليون( )

2- البطالة فالعاملون يزداد عددهم وقد سجلت معدلات البطالة ارتفاعا كبيرا وصل ال 15% في المتوسط ببعض مناطق البلاد وبعني ذلك وجود 150 مليون عاطل ارتبطت البطالة بعملية الاصلاح الاقتصادي الذي ترتب عليه اغلاق المصانع الخاسرة وهناك طبقات وشرائح  عديدة من الصينيين يشكون من صعوبات جمة في مستوي المعيشة وهناك خلل في توزيع الدخل بين فئات المجتمع مما ضاعف من الاثار الاجتماعية للبطالة وقد تم تخفيض عدد العاملين في القطاع العام بنسبة 30% اي ما يعادل 24 مليون عامل وما سمح بتحقيق هذا الانخفاض هو بيع عشرؤات الاف  من المؤسسات ىالعاملة الصغيرة ومتوسطة الحجم بينما اكتفت مؤسسات عامة اخري بتخفيض عدد موظفيها فقد سرحت مؤسسة السكك الحديدية التي تملكها الدولة وحدها 43 ملايين عامل بينما سرحت اكثر شركة نفط في الصين 660 الف عامل اضافة لذلك قامت 4 بنوك عامة بتسريح 250 الف موظف وبالتالي ما لم تقم  القيادة الجديدة باحتواء هذه النسب العالية للبطالة فسوف تزداد وبالتالي سوف يترتب عليها العديد من الاثار السلبية

المشكلات المتعلقة بالتنمية , المشكلات المتعلقة بانتشلر الفساد بشكل كبير  ومشكلات متعلقة بالتطور السياسي وتدهور اوضاع وحقوق الانسان خاصة بعد احداث الميدان السماوي

ايضا قضية تيوان  تحدي استكمال الوحدة الوطنية فتايوان  شكلت الجرح الاكبر في حياة الصينيين شعبا وحكومة  ورغم تطبيع العلاقات بين الصين وامريكا الا ان الموقف الامريكي المؤيد لتيايوان  ظل كما هو حيث استخدمت واشنطن هذه القضية ورقة للضغط بها علي الحكومة الصينية وقتما تريد ولذا فانها تريد افصال تايوان عن الصين بل وتشجع قادتها علنا علي التمرد  كما ان القيادة الصينية ظلت دائما ترفع شعار دولة واحدة ونظامان اي عودة تايوان الي الوطن الام مع الاحتفاظ بنظامها الداخلي كما هو كما حدث في حالة هونج كونج

ثالثا المؤشر العسكري:حرصت الصين علي استخدام ناتج الانطلاقة الاقتصادية في دعم وتحويل المجال العسكري  وبناء ترسانة عسكرية قوية تضمن للصين مكانتها كقوة عظمي وذلك عكس اتجاه عدد من الدول الاخري الي التقليل من ميزانياتها العسكرية ومن هذا المنطلق كان حرص جيش التحريى الشعبي الصيني  علي الحصول علي تيارات حربية مقاتلة اضافة الي معدات عسكرية من الاتحاد السوفيتي السابق وهنا تجدر الاشارة الي ان الميزانية الرسمية المعلنة الخاصة بالتسلح في الصين لا تعكس واقعها الحقيقي حيث لا تضمن الامدادات العسكرية كما تغفل المبالغ المخصصة للابحاث العسكرية اذ انه وفقا للاحصائيات الرسمية فان ميزانية تضاعفت في الفترة من عام 1980 حتي منتصف التسعينات من القرن العشرين لتصل الي 7,5 بليون دولار ثم بلغت عام 2000  18 بليون دولار وهو ما يجعلها بين مصاف اعلي ميزانيات الانفاق العسكري في العالم وهذا يمكن ارجاعه الي رغبة الصين في تدعيم قدرتها العسكرية الي هدف تاكيد نفوذها خارج حدودها حيث بادرت بالفعل الي اتخاذ بغض المواقف العدوانية بشان عدد من القضايا الحدودية مع جيرانها ومن هذا المنطلق لجات الصين الي التعاون العسكري مع روسيا حيث حرصت علي شراء صواريخ روسية مماثلة لصواريخ باتريوت الامريكية اضافة الي طائرات مقاتلة روسية بل ويري البعض امتداد التعاون الروسي الصيني لتصنيع معدات حربية مع مقاطعة جيزو  الصينية واستمراريتها مع كل من باكستان وايران لتدعيم قواتها الجوية وايضا حرصت الصين علي تنمية اسطولها البحري حيث يشمل حاملات للطائرات اضافة الي سفن عسكرية ومدمرات وهو ما اثار مخاوف العديد من الدول المجاورة كما لجات الصين الي الاتفاق مع بورما لاستخدام جزيرتين في المحيط الهندي كقواعد بحرية ونقاط مراقبة. علي هذا النحو يمكن القول ان الانفاق العسكري في الصين بمعدله الحالي الذي وصل الي 4%من اجمالي الناتج القومي يثير مخاوف دول المنطقة برغم تدني النسبي للمستوي التكنولوجي في هذا المجال وايضا تسهم الصين في مجال بيع التكنولوجيا للسللاح لباكستان  حيث انها قادرة علي حمل رؤوس نووية لمسافة 300 كم بما يمكن ان يضاعف من مخاطر الحرب علي الحدود الهندية الباكستانية كما ساعدت كل من الجزائر وايران في مجال الطاقة النووية ويتخوف الكثيرون من  من تنامي القثوة العسكرية الصينية  لما ممكن ان يتسبب فيه اذكاء حدة الصراع في المنطقة  الا انه تجدر الاشارة الي صعوبة تخلي اي حكومة عن مطالها الاقليمية في تايوان وبحر الصين الجنوبي  او هونج كونج باعتباره مطلب قومي يصعب التخلي عنه هذا بالاضافة الي العلاقات التي تربط كلا من الصين بهذه المناطق  قبل ان تفقدها خلال قرن نصف مضي ومن جانبها تستمرؤ الصين تسعي الي ملء الفراغ القائم في المحيط الهادي مع رغبتها في توسع مصالحها في المنطقة وهنا تجدر الاشارة الي ان معاناة الصين لفترة طويلة من الاحساس بعدم الامن كان وراء سعيها لارساء دعائم اسطول قوي وان لجات الحكومة الصينية الي تقليل حجم الجيش بحوالي 3 مليون شخص وذلك لزيادة فاعلية الانفاق العسكري  وتوجيهه نحو التدريب وبالرغم من تناقص ععد الجيش الصيني الا انه ظل عشرة اضعاف مثيليه في اليابان وقد بذلت الصين جهودا كبيره لتحديث قوتها العسكرية المسلحة ومر ذلك ب3 مراحل من عام 1992 حتي عام 2001 اما المرحلة الحالية فتشهد ثمار اسس التحديث في بعض المجالات النوعية مثل بناء القدرات علي رد الفعل والمساندة البحرية والجوية للصواريخ الباليستية وغزو الفضاء وعمليات الاتصال  ونظم الاوامر والتعليمات وتستند عملية رفع القدرات العسكرية للصين علي مجموعة من الاسس الامر الذي ادي الي تكوين ما يقرب من 30 مليون فني متخصص في عقد التسعينات

المبحث الثاني : مؤشرات الصعود الصيني في المجال السياسي: تحليل وتقييم

يعد البعد السياسي هو المتحكم في بقية الابعاد لانه ىمثل الارادة الجماعية الشرعية التي بها تتحرك الشعوب  والدول وهو هنا محط تركيزنا بحكم تخصصنا ولا يعني هذا التقليل من اهمية الابعاد الاخري في مسالة صعود وانهيار الدول عموما والكبري خصوصا وكما يعرف في مجال القانون الدولي  فلا معني لتوفر شعب وارض دون توافر سلطة سياسية تفرض سلطتها عليها ووجود سلطة سياسية ذات كفاءة وفعالية في عمليات التنمية التي تشترط اول ما تشترط وجود ارادة سياسية صادقة وارادة ذات كفاءة وفعالية وهذا الفصل سوف يتناول عدة مؤشرات وهي “:

مؤشر مدركات الفساد, المؤشرات العالمية للحوكمة , مؤشرات الدول الهشة , مؤشر السلام العالمي  , مؤشر سيادة القانون , مؤشر الديموقراطية , مؤشر العولمة .

اولا: مؤشر مدركات الفساد :هو مؤشر مركب يعتمد علي بيانات ذات صلة علي بيانات ذات صلة متعلقة بالفساد  من خلال مسوحات تقوم بها 12 مؤسسة عالمية حيث يقوم بترتيب الدول حول العالم علي حسب درجة مدي ملاحظة وجود الفساد في الموظفين والسياسين وهو صادر عن منظمة الشفافية الدولية ومنظمة دولية غير حكومية  معنية بقضايا الفساد

بانه  ” اساءة استغلال السلطة المؤتمنة من اجل المصلحة الشخصية واول ظهور لهذا المؤشر كان عام 1995  والمنظمة منذئذ تقوم باصدار سنوي لهذا المؤشر الدولي لملاحظة الفساد وقد شمل اول تقرير 41 بندة وفي عام 1996 ارتفع الي 54 بندة وفي عام 2003  غطي المسح 133 بلدا وفي 2007 بلغ العدد 180 وتكمن اهمية هذا المؤشر في كونه يبين لنا ترتيب جمهورية الصين الشعبية في سلم الفساد كما يبين لنا نسبة الفساد فيها فالفساد في المشاريع الحكومية الكبيرة يقف كعقبة كبيرة في طريق التنمية المسدامة  ويؤدي الي خسائر فادحة في المال العام الازم للتعليم والرعاية الصحية( )

المؤشرات العالمية للحوكمة : يتم اصدار هذه المؤشرات في تقرير السنوي صادر عن البنك  الدولي منذ عام 1996 ويتم بناء علي ذلك بناء علي برنامج احلي طويل الامد للبنك الدولي والذي يتضمن سته مكونات وهي : الصوت والمساءلة , فاعلية الحكومة ’ الجودة التنظيمية , سيادة القانون , محاكمة الفساد  ويتم احتساب هذه المؤشرات عن طريق اجراء مسوحات وتقنيات ودراسات تقوم بها اكثر من 30 منظمة في جميع انحاء العالم وتشمل الدراسة اكثر من 200 دولة يتم تمثيل كل مؤشر من هذه المؤشرات بنسبة مئوية وكلما كانت النتيجة اعلي كلما كان افضل

مؤشر الصوت والمساءلة :هذا المؤشر الفرعي يجسد مدي قدرة مواطني البلد علي المشاركة في اختيار الحكومة وكذلك حرية تكوين الجمعيات والاعلام الحر وكانت الصين في اول تقرير سنة 1996  افضل من 12,02 من عدد الدول المشمولة بالدراسة وقد شهدت هذه النسبة تراجعا خطيرا جدا حتي وصلت الي 4,93 % سنة 2015 ووهي نسبة ضئيلة جدا وهي تعني انعدام حرية التعبير والتقييد الشديد للحريات  وعدم قدرة المواطنين علي الاختيار الحكومي والمسائلة

مؤشر الاستقرار السياسي وغياب العنف :

يجسد هذا المؤشر تصورات احتمال عدم الاستقرار السياسي او العنف  ذو الدوافع السياسية بما في ذلك الارهاب وكانت الصين في اول تقريرسنة 1996 افضل من 41% من عدد الدول المشولة بالدراسة  وقد شهدت هذه النسبة تراجعا خطيرا جدا حتي وصلت الي 27,14% في سنة 2015 وهي نسبة ضئيلة جدا وهي زيادة العنف السياسي والارهاب في السنوات الاخيرة وزيادة احتمالية عدم الاستقرار  السياسي

مؤشر فاعلية الحكومة :

يجسد هذا المؤشر تصور نوعية  الخدمة المدنية ودرجة استقلاليتها  عن الضغوط السياسية ونوعية وضع السياسات وتنفيذها  ومصداقية الحكومة في الالتزام بمثل هذه السياسات ويظهر هذا المؤشر تطورا ملحوظا في فاعلية الحكومة الصينية حيث كانت الصين  في سنة 1996 افضل من 64% من الدول المدروسة لترتفع في حوالي 20% الي 68% من المدروسة وهذا يعني تطورا ايجابيا في الاداء الحكومي الصيني  وانها ملتزمة بتنفيذ برامجها وسياستها

مؤشر الجودة التنظيمية :

يجسد المؤشر تصورات قدرة الحكومة علي صياغة وتنفيذ  السياسات والقوانين السلمية التي تسمح بتعزيز وتنمية  القطاع الخاص ومع ان الصين قد تخلت عن النهج الاشتراكي وفتحت المحال القطاع  الخاص الا ان المؤشر يُظهر أن الصين لاتزال تراوح مكانها وهى لاتزال دون المتوسط فى هذا المجال فى سنة 1996 افضل من 47.55% من الدول المدروسة الي ان النسبة انخفضت في السنوات الاخيرة لتستقر في 2015 عند44,23 % وهذا يعني وجود قيود عراقيل تقنية وقانونية وسياسية امام القطاع الخاص  الذي تعول عليه الصين لنهضتها الحديثة

مؤشر سيادة القانون : 

هذا المؤشر يجسد مدي تصورات ثقة العاملين  في الالتزام بقواعد المجتمع وعلي وجه الخصوص نوعية انفاذ  العقود وحقوق الملكية والشرطة والمحاكم فضلا عن احتمال الجريمة والعنف  وحسب المؤشر فالصين لا تزال متأخرة في مجال سيادة القانون رغم انها حققت تحسنا ملحوظا الا انها لا تزال  دون المستوي المطلوب ففي بداية صدور التقرير كانت افضل من 36,3 من الدول المدروسة وفي اوساط العقد الماضي شهدت تحسنا  ملحوظا لتتراجع عن مرتبتها في سنة 2012 ولكنها تحسنت في الاربع سنوات الاخيرة فهي افضل من 43% من الدول المدروسة الا انها لاأشواط  كبيرة حسب هذا المؤشر وهذا معناه عدم الالتزام بالقانون وهو امر شائع في الصين هو ما تستغله عديد من الشركات الاجنبية التي تبحث عن موضوع قدم في السير الصيني لتفلت من الرقابة والقضاء وهذا يخص  القوانين الوطنية والمواثيق الدولية علي السواء وقد رفعت علي الصين الكثير من الدعاوي في المحاكم الدولية والاقليمية بسبب هذا الموضوع.

مؤشرمكافحة الفساد :

يجسد هذا المؤشر الفرعي تصورات  مدي ممارسة السلطة لنفوذها لتحقيق مكاسب خاصة بما في ذلك كل اشكال الفساد فضلا عن سيطرة اصحاب النفوذ والنخب  واصحاب المصالح علي الدولة وفي اول تقرير كان معدل الدولة 43% وهو دون المتوسط وقد استمر هذا المعدل في الانحدار  ليبلغ 31,7 % في 2005 غير انه شهد تحسنا في السنوات الاربع وهو تحسن ملحوظ غير انه لا يزال غير مقبول وتفشي الفساد بهذه النسبة يعتبر حالة خطيرة وقد جاء تقرير منظمة  الشفافية الدولية ليؤكد نفس النتيجة وعليه فنسبة الفساد في جمهورية الصين الشعبية عالية جدا مؤكدة من جهتين غير حكوميتين وهي حالة مزمنة فاتت 20 سنة()

مؤشر الدول الهشة :

يقيس هذا المؤشر مدي اخفاق الدولة في اداء وظائفها الاساسية وعدم القدرة علي السيطرة علي اقليمها وقد كان يطلق عليها سابقا  مؤشر الدولة الفاشلة وهو مؤشر سنوب بدأ في الصدور منذ سنة 2005 عن صندوق السلام ومجلة السياسة الخارجية في الالولايات المتحدة ويستند المؤشر  علي تصنيف من 0-120 حيث يعتبر الصفر دليلا علي الاستقرار ويعتبر 120 دليلا عل خط وعدم الاستقرار ويتم حساب الدرجة عن طريق 12 مؤشرا فرعيا يضم : _مؤشرا اقتصاديا , -_مؤشرات السياسية : حيث تتمثل في نزع الشريعة للدولة والتدهور التدريجي للخدمات العامة  ولانتهاك الواسع لحقوق الانسان , الاجهزة الامنية التي تظهر كدولة داخل دولة صعود النخب المنقسمة , تدخل الدول الاجنبية بالدولة .

مؤشرات اجتماعية : معدل الصين في اول سنة 1996  صدر فيه التقرير هو 72,3 وهذا يعني انها كانت تبعد عن الدولة الاكثر هشاشة  ب 48 نقطة فقط وقد نقص فيه معدلها عشر نقاط في السنة التي بعدها ليستقر لمدة 8 سنوات ما بين 80-84  وقد شهدت الصين ادني معدل لها خلال الازمة المالية حيث بلغ معدلها 84/120 وكانت في تلك المرحلة من الدول الاكثر  هشاشة حيث نزل ترتيبها الي 57/177 ولكن الامور تحسنت بكثير فمنذ 2009 حيث كان معدلها 84 انخفض معدلها بفارق عشر درجات في ستة  سنوات الا انها لا تزال بعيدة عن المتوسط وهو60/120 اي بفارق 14 درجة وهذا معناه ان الصين تعاني من الهشاشة وعدم الاستقرار رغم سيطرة  الحزب الواحد علي السلطة والصرامة, التي تتصف بها الانظمة الشيوعية ففي عام 2005 بلغ معدلها في مؤشر عدم شرعية الدولة 8,6/10 وهو عال جدا  والي اخر تقرير لا يزال هذا المعدل يراوح مكانه فقد بلغ 8,3 في عام 2016 يمكن القول ان هذا المؤشر منحاز للدول الليبرالية لانه صادرعن منظومة غربية ولا يمكن   الجرم في هذا البحث بل يجب اجراء دراسة مستقلة عن هذا المؤشر اما في مؤشر التدخل الاجنبي فهي تتمتع بمعدل منخفض حيث بلغت في تقرير 2016 معدل 2,9/10 رغم انه ارتفع عن 2005

مؤشر السلام العالمي :

هو مؤشر يحاول قياس وضع المسالة النسيب للدول والمناطق وهو من انتاج معهد  الاقتصاد والسلام , وضع بالتشاور مع فريق دولي من الخبراء والمعاهد ومراكز البحوث بالتعاون مع مركز دراسات السلام والنزاعات  في جامعة سيدني باستراليا مع تحليل البيانات من قبل الاستخبارات الاقتصادية وقد صدرت القائمة الاولي منه في 2007 ةهذه الدراسة من افكار رجل الاعمال الاسترالي ستيف كيليا وقد تم اقراره من قبل الافراد مثل كوفي عنان , والدالاي لاما ورئيسة ايرلندا السابقة ماري روبسون والرئيس الامريكي جيمي كارتر ويقاس السلام العالمي باستخدام بعض المؤشرات وهي :

عدد الصراعات الداخلية والخارجية , نسبة الانفاق العسكري من التاتج المحلي , حجم الاسلحة التقليدية , قدرة الاسلحة النووية والاسلحة التقيلة , عدد موظفي الامن الداخلي والشرطة , عدم الاستقرار السياسي.

مؤشر سيادة القانون :

هو مؤشر يستخدم لتقديم صورة مفصلة وشاملة للمدي الذي تلتزم فيه الدول بسيادة القانون في الممارسة العملية  وقد صدر المؤشر اول مرة سنة 2008 عن مشروع العدالة العالمي وهي منظمة مستقلة متعددة الاختصاصات تعمل علي تعزيز القانون في جميع انحاء العالم ويتم قياس المؤشر بمعدل ما بين 0-1 وكلما اقترب من( 1 )كان وضعها في مجال سيادة القانون افضل  ويتم احتساب قيمة المؤشر عن طريق قياس 47 مؤشرا فرعيا ويقدم المؤشر بيانات عن 8 ابعاد خاصة بسيادة القانون :

تقصير الحكومة , الحقوق الاساسية , العدالة المدنية , النظام والامن  , غياب الفساد , الحكومة المفتوحة , انقاذ النظام , العدالة الجنائية بالنسية للصين فلم تشملها الاعداد الثلاثة الاولي للمؤشر  وقد دخلت في التقرير سنة 2011 واول ملاحظة يمكن تسجيلها هي ان معدلها مان فوق المتوسط بكثيير الا ان هذا المعدل كان يتراجع باستمرار حيث سجل ادني مستوي له سنة 2016 حيث بلغ 48% وقد ابتعدت عن  المتوسط بقليل ولكن وضعها في مجال سيادة القانون يعد كارثيا .

الفصل التاني : مقومات وركائز القوة الصينية:

تمثل السياسة الخارجية للصين  مجالا حيويا ورئيسيا لتعزيز الصعود الصيني  علي الصعيدين الاقليمي والعالمي وقد استفادت بكين من التطورات  الدولية التي لحقت بالنظام الدولي خلال العقدين الماضيين سواء علي صعيد تغيير شكل النظام العالمي  ودور القوي الكبري الموجودة حاليا فيه او من حيث تجدر مظاهر العولمة والانفتاح الاقتصادي والسياسي بين العديد من دول العالم  وذلك من اجل زيادة حجم ونوعية مقدرات القوة لديها ومحاولة اكتساب المزيد من خلال التفاعلات القائمة علي مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية بين العديد من البلدان

المبحث الاول :مؤشرات القوة الصلبة الصينية  :

قبل ان تخوض الدراسة فيما يتعلق بمظاهر تحول القوة وؤشرات ذلك عند الصين  يتوجب الاشلرة الي ركائز الثقافة الصينية التي يقوم عليها بناء الدولة الصينية  العمل بداخلها علي كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية

في البداية  كانت افكار كونفشيوس  التي تدعو الي اقامة حكومة فاضلة يكون الحاكم فيها فيها حاكما مطاعا  ذا واجبات ومسؤليات والمحكوم فيها محكوما مطيعا ذا حقوق واجبة القضاء .وساعد علي ذلك الطبيعة المسالمة للشعب الصيني فقد انتقلت الصين بعد ذلك الي تبني الايدولوجية الاشتراكية بعد تأثر الصينين بكبار الماركسيين وتحركو نحو ت الاشتراكية ومبادئها التي ارسي قواعدها (zedog ) ورفاقه الشيوعيين . وبعد هذا استقرت الصين علي تبني ايدولوجية النفعية البرجماتية القائمة علي المصالح والتي دشن ركائزها  الليبراليون الجدد بدا من الزعيم الصيني (Deng Xiaoping )وحتي الرئيس الصيني الحالي (Hu Jintao ) هم اللذين تأثروا بنمط الحياه الغربية ولقد تبنت الصين مبدا النفعية البرجماتية منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي تحديدا عن طريق الصفوة الحاكمة في حقبة ما بعد ماو ويري البعض ان المدينة الصينية قد تغيرت تغييرا اساسيا بسبب اتصالها بالمدينة الغربية ويؤمن الصينيون بأن الافكار القائمة علي الايدولوجية كاداة فعالة  لتصنيف الاصدقاء والخصوم اصبحت ادوات ومعايير غير واقعية وبالتالي قد اقامت الصين علاقات مختلفة كل دول العالم من اجل الاستفادة والمنافع الاقتصادية القائمة علي تحقيق المصالح الصينية وهو ما كان يمثل هدف القيادة الصينية في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين والقائم علي التحديث والاصلاح والانفتاح علي العالم الخارجي علي اساس المنفعة المتبادلة كذلك هناك عامل اخر حفز الصينيين علي انتهاج النهج الرجماتي النفعي بشكل متسارع الا وهو ظهور النقائص ونقاط الضعف  في النموذج الماوي خلال حقبة الثورة الثقافية والتي ادت الي تخلف الاقتصاد الصيني مقارنة الاقتصاد الصيني مقارنة بدول جواره الاسيوية . ويؤكد بعض الباحثين الي ان الصين لم تتجه لتبني النهج البرجماتي والاصلاح الثقافي  لانها ترفض الاشتراكية بصفة عامة لكنها اتجهت الي الاصلاح لاعادة تصحيح المنهج الخاص بالتطبيق الاشتراكي بهدف تحقيق التحديث ولكن وفقا للخصوصية الثقافية الصينية وقد تجلي ذلك في اعتماد الصين علي اسلوب الرجوع لاراء الخبراء الفنية والمهنية دون اخذ الاعتبارات الايدولوجية ولاعداد دراسات الجدوي الاقتصادية  المزمع اقامتها واعطاء القطاع الخاص دورا مكملا في الحياه الاقتصادية

وعلي المستوي العسكري فان الصين لم تنضم الي تشكيل تكتلات عسكرية ولعل البعض يفسر ذلك بأن الدولة عادة ما ترجح المصالح النفعية علي العامل الايدولوجي فالصين تغلب المصلحة علي التمسك بالايدولوجية التي لا تحقق اهدافها ومصالحها

علي الصعيد الاقتصادي : بدأت اولي خطوات عملية الاصلاح الاقتصادي في الصين في اوائل الثمانيات  من القرن الماضي وتحديدا في سبتمبر 1982 ابان انعقاد المؤتمر عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي اقر الاخذ بأليات  اقتصاد السوق بجانب اسلوب التخطيط المركزي في الاقتصاد وتطبيق بعض مبادئ الرأسمالية وتحاول الصين في المرحلة الحالية صياغة مفهوم جديد  ذي طابع صيني يجمع بين مفهوم الصين الاشتراكية والمفهوم الغربي للراسمالية ومن خلال دراسة تجربة الاصلاح الاقتصادي علي المستوي الداخلي في الصين يمكن تحديد بعض الخصائص والتمييز  عن العديد من التجارب الاخري

(-1التحول نحو اقتصاد السوق :

كانت نقطة التحول عندما تولي (deng Xiaoping ) السلطة وانعقدت الدورة التالتة للجنة المركزية الحادية عشر للحزب الشيوعي في ديسمبر 1978  والتي شهدت غلبة التيار الاصلاحي وبداية عصر الانفتاح فقد تم اعتماد سياسة الاصلاح والاخذ ببعض قواعد واليات السوق في محاولة لانعاش الاقتصاد الاشتراكي الصيني وذلك من خلال الحد من اسلوب الادارة المركزية والاخذ بنظام اللامركزية بشكل تدريجي  من خلال تفويض السلطة والادارة في المقاطعات الي الحكومات المحلية وتشجيع ظهور الملكية الخاصة والاستثمار الاجنبي وقد نجحت القيادة الصينية في تعميق اسس الاصلاح فقد تبنت القيادة مفهوم اقتصاد السوق الاشتراكي الذي وصفه دينج بثورة الاصلاح السياسي والاقتصادي  في العهد الجديد وقد اتسمت تلك الثورة بعدة خصاص اهمها : الاخذ بأليات الاقتصاد الكلي من حيث الضرائب والقروض والضرائب والقروض والتبادل التجاري وتعديل نظام التسعيرة في مجالات التجارة الخارجية والسكن والعمل والزاعة والغاء التعاونيات الزراعية والسماح للفلاحين باستغلال اراضيهم وتنشيط القطاع الصناعي  .

2-ارتفاع معدل النمو والناتج المحلي الاجمالي :

يعتبر اهم ما يميز تنامي قوة الصين هو المعدلات العالية للنمو في مختلف المجالات وفي فترة وجيزة نسبيا فمن المعروف ان جمهورية الصين الشعبية  ظلت معزولة عن النظام الدولي تقريبا منذ اندلاع الثورة وحتي عام 1971 بعد ان اصبحت الصين عضوا في منظمة الامم المتحدة كما تبوأت مقعدها كعظو دائم في مجلس الامن . فبداية واصل اقتصاد الصين  نموه السريع والهائل علي مدار العقود الثلاثة الاخيرة فقد تنامي الاقتصاد الصيني حوالي 10 اضعاف ما كان عليه قبل تلك العقود التلاته فبلغت معدلات النمو الاقتصادي نحو 9,8 % سنويا ووصلت في بعض السنوات  الي نحو 13% وفي عام 1978 كان الناتج المحلي للصين يسهم بنحو 1% فقط من الاقتصاد العالمي , واصبح نصيبه يجاوز5% بنهاية 2007 (). ويؤكد تلك الحقيقة ما اعلنه بنك التنمية الاسيوي في تقرير له صدر  في ابريل 2008 حيث اوضح ان معدل النمو الاقتصادي الصيني سوف يبلغ بنهاية 2008 حوالي10% بينما من المتوقع  ان يبلغ 9,8 % عام 2009 واوضح البنك ان معدلات التضخم بالصين انخفضت ويتوقع استمرارها في الانخفاض عام 2009  وقد وصل معدل التضخم الي 5,5 % عام 2008 بعد ان كان 8,4 % عام 2007 ويتوقع ان يبلغ 5% عام 2009 وهذا لا تختلف التوقعات الاخري كثيرا  عن سابقتها ففي احد التقارير ذكر المحااون ان معدل النمو للاقتصاد الصيني سوف يبلغ حوالي 10,9 % في 2008 وذلك بالرغم من من ظاهرة التباطؤ الاقتصادي التي سادت البلاد 2007  في حين يتوقعون ارتفاع الفائض التجاري العالمي للصين اي بمعدل 20% كما سينخفض معدل التضخم الي حوالي 4,5 % في عام 2008 من ناحية بلغ الاحتياطي النقدي الاجنبي للصين ما يعادل 800 مليون دولار كما تنامي  اجمالي الصادرات الصينية 8 اضعاف ليصل الي نحو 380 مليار دولار سنويا في الفترة من 1990 وحتي عام 2003 ويؤكد المراقبون انه لو استمرت معدلات النمو الاقتصادية علي ما هو عليه الان فسوف يصبح الاقتصاد الصيني في العالم بحلول عام 2030

3- ظهور المناطق الاقتصادية الخاصة :

شهد عام 1997 افتتاح اول منطقة خاصة بمدينة (chen Zhen )  جنوبي الصين وقد توالي انشاء تلك المناطق بعد ذلك بعد النجاح الذي حققته مناطق البدء () وكان الهدف  الاول هو تحويل هذه المناطق والاقاليم الي بؤر اقتصادية وصناعية تدفع بحركة الصادرات الي الامام , علي ان تقوم  هذه المناطق بمساعدة المناطق المناطق الداخلية الاخري وهكذا تنتقل التنمية الاقتصادية من منطقة لاخري ().

وقد دفعت الحكومة الصينية بثقلها وراء تعزيز  نجاح تلك المناطق الخاصة باعتبار ان نجاحها من شأنه تنشيط جذب الاستثمارات الخارجية وتحسين المناخ الاستثماري  والنهوض بالمناطق المجاورة وهو من الاهداف الاستراتيجية للقيادة الصينية حيث تري ان نجاح المناطق الخاصة وتحقيق فائضاً من الارباح يمكن ان يسهم في تحقيق  التنمية الشاملة في كافة المدن الصينية وهي الفلسفة التي قامت علي اساسها تلك المناطق ويؤكد بعض الباحثين ان طرق ادارة تلك المناطق بالشكل اللامركزي وانخفاض اجور العاملين بها  والمناخ الجانب للاستثمار الذي تتمتع به , وتوفير الامان لرؤس الاموال الاجنبية بها قد جعل تلك المناطق اكثر انفتاحا علي العالم الخارجي وهذا المؤشر يعد دليلا واضحا علي مدي التحول في الفكر القيادي  للنظام الصيني من السماح للافكار الديموقراطية واليات السوق بالتواجد علي الساحة الصينية.

غير ان مسألة انشاء مناطق اقتصادية لا تخلو من مساوئ  اولها واهمها هو بدء انتهاج تلك المناطق نهج التعتيم علي الانشطة التي تقوم بها واخفائها  علي الحكومة الصينية للتهرب من الضرائب العالية التي قد تفرض عليها وعليه فان ظهور المناطق الاقتصادية  الخاصة في الصين ليس بالدافع كله وانما هناك جوانب سلبية تؤخذ علي تلك المناطق .

ظهور القطاع الخاص ونمو الطبقة الرأسمالية :

ابان  انقاد الدورة الثالثة للجنة  المركزية للحزب الشيوعي عي عام 1984 تم  تحديد 5 اهداف رئيسية عاجلة لتفعيل الاصلاحات  لاالاقتصادية في القطاع الصناعي والمؤسسي للدولة وهي:

  • اللامركزية في صنع القرار داخل السلطة الادارية
  • اضطلاع السوق بدور رئيسي في التخطيط ورسم السياسات الاقتصادية
  • اصلاح نظام  التسعير طبقا لسوق السوق
  •  جذب الاستثمارات الاجنبية وتنشيط التجارة الخارجية
  • تحسين اوضاع  العاملين بالمؤسسات وتطوير  نظام توزيع المكافأت والحوافز

كذلك سار الرئيس الصيني السابق ” جيانج  زيمين ” علي نفس درب سلفه “دينج ” واقرفي المؤتمر الخامس عشر للحزب اهداف اصلاح المؤسسات الحكومية من خلال تقليص  دور اللجان الديموقراطية من حيث المشاركة في مراجعة القرارات الرئيسية للمؤسسة والاشراف علي تنفيذها وحماية حقوق العمال وتعديل نظام الاجور والحوافز ()

نجاح تجربة الصين في جذب الاستثمار الاجنبي :

في اطار عملية الدمج التدريجي للصين في الاقتصاد العالمي فان تجمعات  رجال الاعمال ذوي الاصول الصينية في شرقي وجنوب شرق اسيا فقد لعبت تايوان دورا رئيسيا في هذا الشأن   فعلي سبيل المثال تعد هونج كونج وماكاو المصدر الاول للاستثمارات المباشرة في الصين بالاضافة الي ظهور سنغافورة واليابان كمستثمر رئيسي  ومع عودة العلاقات الدبلوماسية مكوريا الجنوبية بدأت الاستثمارات الكورية في التزايد خلال حقبة تسعينات القرن المنصرم . وفيما يتعلق بالاستثمارات الاجنبية احتلت الصين المركز الاول بين دول العالم في جذب الاستثمارات الاجنبية  المباشرة في عام 2003 ولمنها تراجعت منذ ذلك الحين لتحتل المركز التاني بعد الولايات المتحدة وبلغ حجم الاستثمارات الصينية المباشرة خارج الصين 2,9 مليار دولار عام 2003 وقد تضاعف هذا الرقم حتي بلغ 26 مليار دولار في عام 2008()

زيمكن القول ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة قد لعبت دورا هاما ومتزايدا علي الصعيد الاقتصادي في الصين خلال حقبة التسعينات اذ ازداد تدفقها بشدة في  تلك الاونة , وذلك لارتفاع معدل العلئد علي الاستثمارات . ونظرا للسياسات الاقتصادية الجاذبة وتشجيع القطاع الخاص وتزايد عمليات الخصخصة فقد ساهم ذلك في تشجيغ التدفق لرؤؤس الاموال  الاجنبية من جهة وعودة جزء كبير من الاموال الهاربة من جهة اخري . ه من تراجع لاسعار الفائدة طويلة الاجل بهذه الاسواق ومن ثم محدودية العائد علي ااستثمارات الجديدة الامر الذي ادي الي خروج هذه الاموال  والبحث عن توظيفات تدر عوائد افضل لاسيما في الاسواق الناشئة .

التحول من الاعتماد علي الزراعة الي التصنيع :

يرصد المراقبون تضاؤل حصة الزراعة  في الصين فبعد ان كانت تقدر بنحو 28% عام 1978 اصبحت 21% عام 1995  ويتوقع ان تخصص 10% عام 2010 في ظل ارتفاع قطاع الخدمات التذي صعد من 24% الي 40% في نفس الفترة ,  وكذا في ظل ارتفاع قطاع الخدمات الذي صعد من 24% الي 40% في نفس الفترة , وكذا في ظل ثبات حصة قطاع الصناعة تقريبا عند 50% , وانخفاض حصة الصناعات الثقيلة  من 75%:45% , وهذ1 يؤكد ان هناك تحولات في عدة مجالات رئيسية قد حدثت في الصين .

ولقد لعبت قوة السوق دورا رئيسيا في تعديل العرض والطلب علي المنتجات الز المحاصيل الزراعية من خلال الغاء توحيد  شراء وبيع المنتجات الزراعية وحل محله في الوقت نفسه ادت هجرة الفلاحين من الريف الي المدن الي نقص انتاج الحبوب وهذا ما دفع الصين الي استيراد الحبوب عام 1996 بقدار 92,2 مليون طن وما دفعها  كذلك الي العرض علي البرازيل استئجار اراض زراعية بها لزراعتها . اضافة الي ذلك فانه من الاسباب التي دفعت الصين للتحول عن الزراعة الي الصناعة ما تهدد القطاع الزراعي من اخطار تقود الي تهميش الارباح الزراعية مثل اخطار التغذيو تلف المنتجات التي دائما ما تحدث نتيجة تعرض المحاصيل زراعية للامراض ,مما يحول دون تصديرها الي البلدان الخارجية .( )

وفيما يخص الاصلاح الاقتصادي علي المستوي الخارجي :فان ثمة توافقا بين الخبراء الصينيين علي ان استرتيجية  الصين الخارجية في القرن21تهدف الي تحقيق 3 اهداف كبري :

  • تعزيز التنمية الاقتصادية
  • ضمان امن الدولة
  • قيام  بتحمل اعباء دولية حقيقية .

كما ان المهمة او التحدي الاكبر هي التوفيق بين هذه الاهداف التلاته وضمان تحقيقها باعلي قدر  ممكن من التوازن والسلاسة والمخاطرعلي اقل تكلفة .

ومع توسع  الاقتصاد الصيني في الاتجاه الخارجي , فقد تزايد ارتباط الصين بالاقتصاد المعولم . فكما يتوقع البعض , فإن الاعتماد علي اسواق التصدير سوف يستمر في النمو بسرعة , ليس فقط في السلع كثيفة  الاستخدام للعمالة ولكن ايضا في السلع عالية التقنية والخدمات التي اصبحت تشكل نسبة كبيرة من انتاج البصين بصعودها اعلي سلم الانتاج . فيؤكد بعض المحللين والكتاب ان الصين تفوقت علي تايوان , بل واليابان , في انها باتت تمثل تاني اكبر منتج لمعاداة التقنيات المعلوماتية في العالم وانها تمتلك اكبر شبكة اتصالات سلكية ولا سلكية في العالم().

وكذلك تزايدت الواردات حتي يمكن زيادة معدلات التصنيع والتحديث وتلبية الطلب الاستهلاكي للصينيين( ) فقد ازداد نمو وردات الصين  بمعدل سنوي متوسط هو 16,7 % عام 1978 وباتت الصين تالت اكبر سوق للواردات في العالم  واكبر سوق للواردات في العالم واكبر سوق للواردات في اسيا وتسهم الصين حاليا بما يزيد عن 10 % من النمو الاقتصادي العالمي , واكثر من 12 % من توسع التجارة العالمية , وبلغ لاحجم متوسط الواردات الصينية السنوية ما يقارب 560 مليار دولار منذ عام 2001 مما  وفر 10 ملايين للشركاء التجاريين للصين خلال هذه الفترة . ولكن ينبغي الاشاره الي ان هناك مخاوف يطلقها البعض من خطورة النمو الاقتصادي الصيني الهائل خاصة ما يتعلق منه بحجم التجارة الخارجية وما قد يمثله من تهديد لمصالح القوة الاقتصادية الرئيسية في العالم , خاصة الاتحاد الاروبي والولايات المتحدة الامريكية  , وقد ابرزت العديد من المواقف للمسؤلين في الولايات المتحدة والاتحاد الاروبي هذه التخوفات ففي مارس 2007 اشتكي المفوض التجاري الاروبيس اثناء زيارته للصين من الحجم الضخم للسلع الصينية المتجهة الي اروبا ودلل علي ذلك بما لاحظه اثناء زيارته لمحطة الحاويات في ميناء (chen zhen) بان ثلاثا من كل اربع حاويات تنطلق من هذا الميناء الي الاتحاد الاروبي تعود الي الصين فارغة .

كما ان الامريكيين دائماً ما يؤكدون عدم رضاهم  عن السياسات التجارية الصينية متهميين الصين باتباع سياسات تقوم علي المنافسة الغير عادلة , وان هذا السبب الرئيسي للعجز التجاري الضخم  المتراكم في الميزان التجاري الامريكي مع الصين وتعتبر قضية العجز في الميزان التجاري الامريكي لصالح الصين احدي ابرز القضايا الخلافية بين الجانبين فقد وصل ذلك العجز الي نحو 84 مليار  دولار عام 2000 ويعتبر المرة الاولي التي يتجاوز فيها العجز الامريكي مع الصين نظيره الامريكي مع اليابان

بيد انه  في الوقت نفسه يري بعض المراقبين ان تلك المخاوف المعلنة من جانب القوي الاقتصادية الكبري في العالم في تنامي الاقتصاد الصيني ليس ذات اساس متين علي اعتبار ان تلك القوة  الاقتصادية هي اولي المستفيدين من انتعاش الاقتصاد الصيني ويدللون علي ذلك من خلال :

  •  ان نمو الاقتصاد الصيني المتسارع قد فتح سوقا ضخمة لراس المال العالمي  حيث اجتذبت الصين ما يربو علي 870 مليار دولار من صافي الاستثمارات الاجنبية  علي مدار التلاتين عاما الماضية وذلك في مقابل ما حققته الاستثمارات الاجنبية المباشرة للشركات الصينية من نمو جوهري.
  • ان الصين قد انشأت أكتر من 12 منطقة تجارة حرة مع 29 دولة واصبح حجم التجارة بها يمثل ربع اجمالي التجارة الخارجية للصين.
  •  ان اجمالي الاستثمارات الصينية في دول العالم قد بلغ نحو 100 مليار دولار بنهاية  عام 2007 وهذه الاستثمارات تتم في الواقع من خلال 10 الاف شركة موزعة علي 172 دولة ومن ثم فإن الانتعاش الاقتصادي الصيني يعود بالنفع  علي هذه الدول نتيجة لارتباط تجارة الصين بشكل ما بهذه الشركات المتواجدة بتلك الدول . وعليه يمكن القول ان اي تباطؤ يحدث في الاقتصاد  الصيني سيؤدي الي فقدان ملايين العمال لوظائفهم في بلدان كثيرة من العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الامريكية .

عللي صعيد اخر تحرص الصين في  اطارعولمة اقتصادها _علي الحفاظ علي اطر التعاون الاقتصادي مع  دول الجوار لاسيما دول النمور الاسيوية التي تعد اهم مصادر تدفق الاستثمارات الخارجية  لبكين فعلي سبيل المثال الوزير الخارجية الصيني في الاجتماع السابع لوزراء التجارة والاقتصاد لدول منظمة شنغهاي الذي عقد في بكين في 2008 بأنه تم  تحقيق تقدم مرحلي تقدم بفضل جهود الاطراف منذ تأسيس شنغهاي للتعاون قبل 5 سنوات .

وقال الوزير الصيني ان النمو الاقتصادي في الدول الاعضاء قد استفاد من التعاون الاقتصادي الاقليمي مما ادي الي تقوية تأثير  المنطقة علي اداء الاقتصاد العالمي بشكل عام .

وقد تم اتخاذ اجراءات   لمتابعة العمال اتفاقية  التعاون التجاري متعدد الاطراف  اضافة الي بناء عدد من المشروعات بين الدول الاعضاء من خلال استخدام القروض الصينية . ومما يدلل علي صحة ما قاله الوزير الصيني  ان حجم التجارة بين الصين والدول الخمس الاخري الاعضاء بالمنظمة ارتفع من 1,12 مليار دولار عام 2001
الي نحو 67,5 مليار دولار عام 2007 اي بزيادة قدرها 30% سنوياً. وبناء علي ما سبق فانه يلاحظ ان الصين تقوم بمزيد من الجهود لتحسين  نوعية ادوات القوة الناعمة لديها وصورتها الدبلوماسية والاقتصادية عند دول جنوب شرقي اسيا ففي مثال زرد في جريدة (سيرفيفال )الامريكية , وكذا ملخص سياسي نُشر في مركز كارنيجي للسلام   العالمي اظهرا نجاح التطور الاقتصادي الصيني في الظهور اسي واقتصادي بمظهر القائد لدول جنوب شرقي اسيا ومناطق اخري مشجعاً اياها علي تبني نفس الاصلاحات من خلال الحوافز الموجودة في اقتصاد السوق ولكن في ظل نظام سياسي سلطوي مع وجود بعض مظاهر الاقتصاد المخطط  ان الفترة الصينية علي تقديم نموذج سياسي واقتصادي بديل يُعد مؤشرا واضحا علي التأثير الايدولوجي الصيني المتنامي والمضاد للرؤي الغربية التي تري ضرورة توفر المبادئ الديموقراطية كشروط مسبقة لتحقيق اي رفاهية اقتصادية .

المبحث التاني: مؤشرات القوة الناعمة في الصين
كما سبق القول فان (Joseph Nye) يعد من اوائل الذين  من اشاروا الي مصطلح القوة الناعمة في عمله واشار ناي الي ان القوة الناعمة قوة موجهه وجاذبة مستقاه من المقام الاول  من موارد غير مادية وغير محسوسة مثل التماسك القومي , الثقافة والايدولوجية والأثير في المؤسسات الدولية ()

اذن القوة الناعمة تشير الي ممارسة دولة لتأثير  ونفوذ خارجي من خلال الاقناع والقبول اكثر منه من خلال التهديدات والقوة المسلحة وتقول البروفيسور ((Elizabeth Economy الناس عادة ما يخلطون  بين القوة الناعمة والاستثمار والتنمية الاقتصادية . وولكني احددهما في الدوبلوماسيةوالثقافة ويقول ناي انم عناصر القوة المتعددة لابد وان تكون جزءا من اية سياسة خارجية للدولة فأكثر من كونها القدرة علي التأثير والاقناع فإن القوة الناعمة هي القدرة علي اجتذاب الاخرين بالشكل الذي ربما يقود الي الاذعان والتقليد وتطهير الجهود من اجل الوصول الي القيادة الدولية (.) ويذكر ناي ان اهم الادوات ومكانات القوة الناعمة تتمثل في :الدبلوماسية العامة  وتهدف ليس فقط علي التأثير علي الحكومات الاجنبية وانما كذلك وبالنقام الاول الافراد والمنظمات الغير حكومية.

القوة الناعمة عند الصينيين :

يذكر ناي من ان صعود القوة الناعمة للصين علي حساب نظيرتها لامريكية هو امر يحتاج الي وقفة جادة وخطيرة  في عناصر القوة الصينية لا تقتصر علي تلك المتعلقة بالقوة الصلبة وانما تزداد قوتها الناعمة بشكل مستمر . فالحضور الصيني الدائم علي الساحة الباقليمية والعالمية يرتكز علي اساس من سرعة التنامي الاقتصادي , والانفصال المطرد في الاقتصاد العالمي وكذلك الدور السياسي الذي تلعبه الصين سواءاً في اسيا او في الاطار الدولي بشكل  متسارع في الاعوام الاخيرة اضافة الي التواجد الثقافي علي المسرح الدولي . من غير ان البعض يري انه علي الرغم من عدم وجود شعبية كبيرة عالمياً لعناصر القوة الايدولوجية والثقافية والاجتماعية للصين فإن تلك العناصر تدعم م من الاصدقاء ومن الجهود الصينية لكسب المزيد من الاصدقاء والتأثير  في اتجاهات الرأي داخل المنطقة الاسيوية القريبة منها ()

مصادر القوة الناعمة لدي الصين:

التقنية الحديثة :

نتنشر العديد من الدراسات القدرات الصينية التكنولوجية وذلك من خلال الالتزام بسياسة واضحة تشجع نقل وانتاج التكنولوجيا فمثلا في عام 32 منطقة لتنمية الاقتصاد والتكنولوجيا و 52  منطقة لصناعة التكنولوجيا المتطورة كما يوجد بالصين الاف الشركات الاجنبية والمشتركة التي تقوم بنقل التكنولوجيا الي البلاد .اضف الي ذلك فقد اطلقت الصين تاني قمرصناعي ضمن سلسلة من اقمار البحث  العلمي التي طورتها بالاشتراك مع البرازيل كما اصبحت الصين تالت دولة بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي تنجح في ارسال رجل الي الفضاء واعادته بعد 21 ساعة هذا فضلا عن ان لدي الصين صواريخ قادرة علي اسقاط الاقمار الاصطناعية وبذلك تكون الصين قد كسرت احتكار التقنية الفضائية بالغة التعقيد .()

وفي هذا الصدد يشير بعض المحللين بالشأن الصيني من امثال ريتشارد بيرنشتاين في كتابه (الصراع القادم مع الصين )الي ان الاستراتيجية الصينية تهدف الي الاسراع في الحصول علي التكنولوجيا الغربية واكثرها  تقدما بما في ذلك التكنولوجيا التي يمكن استخدامها في الاغراض المدنية والعسكرية .

ووفقا لبعض المصادر الصينية  فإن دخول الصين الي مجال التكنولوجيا عالية المستوي بدءا من 1988 بإنشاء  منطقة للتكنولوجيا المتطورة في بكين وقد كان لتلك المنطقة إنجازها الكبير  وفي اواخر عقد التسعينات من االقرن الماضي كان نصيب تلك المنطقة من دخل تجارة الصناعة التكنولوجيا  51 مليار يوان وقدمت للناتج القومي الاجمالي 16 مليار يوان وقيمتها المضافة 33,25 مليار يوان وصادراتها  مليون دولار امريكي وقد معدلات نموها بالنسبة لهذه المسائل 35,7 %,20,9%40,4% علي التوالي وفيما يتعلق بتطور التقنية الصينية في مجال الفضاء الخارجي وصفت  بعض وكالات الانباء الصينية برنامج الفضاء الصيني المأهول الذي بدأ منذ ستة عشر عاما بأنه وصل  الي قمة جديدة وذلك بالهبوط الناجح لسفينة الفضاء “شنتشو -7″علي سطح القمر وئؤكد علماء الفضاء ان هذا الهبوط يمثل انجازا لاحدي مراحل البرنامج الفضائي الذي يتكون من مراحل  ثلاث يتوقع لها ان تكتمل بحلول عام 2020 وذلك عند اتمام بناء محطة الفضاء الصينية وقد طور علماء الصين صواريخ حاملة بقدرة وسلامة عاليتين وكذا سفن فضاء تماثل نظيرتها في دول الغرب المتقدمة كما نجحت الصين في تصنيع نموذجا جديداً لاطلاق الصواريخ وهندسة فضاء طيبة واقامة شبكة للمراقبة والتحكم تضم  قواعد ساحلية وبعيدة عن الساحل يصنفها المختصون من بين افضل القواعد في العالم ,ولكن مع  هذا فإن التقدم الذي احرزته الصين فيما يتعلق بالتطور التقني والصناعي فإن البعض يري ان هذا التقدم  مازال بعيدا بشكل كبير عن الدخول في منافسة مع الدول الكبري الغربية والولايات المتحدة في هذ المجال فقد اظهر تقرير اعدته المعلومات الاقتصادية  وجمعية منتجي برامج الكمبيوتر التجارية العالمية بشكل مشترك _بعد تقييم صناعة المعلومات والتكنولوجيا في 66 دولة ومنطقة للعالم _ ان تضيف القدرة التنافسية  للصين في صناعة المعلزمات والتكنولوجية العالمية يحتل المرتبة الخمسين عام 2008 كما اظهر التقرير ان القدرة التنافسية للولايات المتحدة في صناعة المعلومات والتكنولوجيا العالمية  العالية التقنية لا تزال في المقام الاول وتليها منطقة تايوان الصينية ثم بريطانيا والسويد.

تكنولوجيا المعلومات :شهد الاقتصاد الصيني اعتباراً من عام 1979 نموا سريعا بفضل الاعتماد علي التكنولوجيا باعتبارها  العنصر الجوهري والمقوم الاول للنمو وظهر ذلك في التنسيق والتكاملب بين قري ووديان التكنولوجيا مثل (chen zgeb)ولتعميم الوعي التكنولوجي انتشرت في الصين  التقنيات بصورة واسعة واسست جيلا من المثقفين المستخدمين للتكنولوجيا الحديثة وشرعت الصين في اقامة برامج تكنولوجية متعددة مثل :

  • برنامج (863) لمعرفة اخر التطورات العلمية في المجال التقني.
  • برنامج (سبارك ) الذي يهدف لرفع القدرات التنافسية للصين في الاسواق الدولية , وتحسين المستوي التقني داخل المؤسسات الريفية.

ويندرج تحت بند تكنولوجيا المعلومات التقنيات المعلوماتية وفي مقدمتها  شبكة الاتصالات العنكبوتية ,وقد تأثرت تساؤلات حول سبب قيام الصين بتطوير تقنيات الانترنت فيري بعض الباحثين ان هذا القرار قد اتخذ  في عام 1978 عندما قرر (ding Xiaoping ) تغيير الايدولوجية الصينية واعتبار التقدم الاقتصادي حجر الزاوية لمستقبل شرعية الحزب .كما ان قطاع تقنيات الانترنت قطاع واعد بجذب المزيد من رأس المال الاجنبي  الهام وما يصاحبه من اساليب تقنية حديثة ولذا فقد تنامي قطاع تكنولوجيا المعلومات في الصين بمقدار ثلاثة اضعاف معدل النمو الكلي في الاقتصاد الصيني وبشكل اسرع من نمو اية صناعة والمسؤلون في الصين يدعمون تكنولوجيا المعلومات  لانهم يرون انها تمثل فرصة لتحقيق الثراء الشخصي والثراء القومي فحصيلة صناعة الاتصالات تتزايد بشكل كبير لصالح الدولة وقدرة الانترنت علي تقديم دفعات من الافكار تضع تحدياً علي عائق الدولة وتمثل المصدر الرئيس لقوتها وهو الامر الذي مارسته الحكومات الصينية  علي عائق عقود متتالية :قوة تشكيل الرأي العام في الصين يقود المواطنين الي قبول شرعية الحزب الحاكم .

وحول ما يتعلق بالتقنية الامريكية فيري بعض المحللين الامريكين ان الولايات المتحدة   لا تزال قوية في مجال ايجاد مجال ايجاد الابتكارات والمخترعات الجديدة الناجمة عن الابحاث  المتعسفة وكذا تحويل تلك المخترعات والابتكارات الي منتجات تجاريثة يتم التسويق لها بكفاءة

الابداع الفكري والعقلي :

يعتقد بعض دارسي العلوم السياسية الامريكيين ان الصين تعمل علي زيادة وتقوية دعمها للتبادل الثقافي بينها وبين الدول الاخري بشكل مستمر فهي توصل الاطباء  والمدرسيين للعمل بالخارج وتستقبل الطلاب من البلدان الاخري للدراسة في الصين وتقوم بالانفاق علي برامج تعليم اللغة الصينية بالخارج علي سبيل المثال اعلنت وزارة التعليم الصينية عام2005 عن مبادرة جديدة للتوسع في تعليم اللغة الصينية  في الجامعات ومعاهد اللغات الامريكية حول العالم كما اعلنت جامعة بكين عن تمويلها لمنح دراسية لطلاب الدكتوراة الاجانب للدراسة في الصين ويدرك بعض الخبراء ان بكين تحاول من خلال استخدام عناصر قوتها الناعمة اقناع العالم بتوجهاتها السلمية وتأمين الموارد التي تحتاج اليها لاستمرار عملية النمو الاقتصادي ولعزل تايوان والصين هذه الايام تحاول بناء اكثر من 100 معهد  تعليم كونفوشي حول العالم ,وفي هذه المعاهد يتعلم طلاب اللغة الصينية لسمات الشخصية التي يتسم بها المواطنون في الصين .

معوقات القوة الناعمة الصينية :

مشكلة الشرعية : ويري بعض المحللين ان عدم وجود عملية اصلاح سياسي حقيقي بالصين ,ناهيك عن الصداقة التي تجمع بين بكين والحكام الديكتاتوريين في معظم البلدان النامية توجد مشكلة عدم المشروعية للنظام الصيني الحاكم فكما اوضح ناي فإن الدول الاكثر ميلا لاستغلال مصادر القوة الناعمة في عالم المعلومات الذي نعيش فيه هي الدول ذات الافكار والقيم الشبيهة لنظيرتها العالمية والتي تتمثل الان في الليبرالية والاستقلالية والتعددية الوظيفية
عدم تماسك السياسة الخارجية الصينية فقدرة بكين علي اتباع سياسة خارجية متماسكة ومتسقة مع بعضها البعض يعد امرا ضروريا لكي ترسم صورة جذابة لنفسها امام جيرانها وحول العالم ولذلك فان مشكلة عدم التماسك والتوافق الداخلي حول السياسة الخارجية في الصين يفسر سبب عدم استطاعة بكين جني  ثمار السياسة كما هي في الديموقراطيات الليبرالية حتي في الوقت الذي بدأت فيه المكانة الامريكية عند الدول في الذبول والتراجع

الفصل التالت :  الجذور الحضارية والخصائص العرقية والاثنية لجمهورية الصين الشعبية:

المبحث الاول:الثقافة الصينية التقليدية : الكونفوشيوسية/الطاوية/البوذية:

ان وصف جمهورية الصين الشعبية بأنها “دولة قومية “ينطوي علي مغالطة كبيرة حسب قول باي  احد الكتاب الصينيين “ان الصين حضارة تتظاهر بأنها دولة قومية وعلي هذا الاساس تولدت سياسة مختلفة  عن سياسة الدولة القومية التقليدية فمنطلق الكتابة منم اعلي الي اسفل ومن اليسار الي اليمين منطلق مزدوج  يساير الفلسفة الصينية في ثنائية الاصداد بين الين”(الذي تمثل الانوثة والرطوبة والنور )واليانغ ( الذي يمثل الرجولة والجفاف والظلام ) حيث يعتقد الصسنيون ان الاصداد لا تتنافر وانما تتعايش ويتفاعل بعضها مع بعض

وهو ما يعرف بمبدأ ” وحدة الاصداد “ومنه ما جاءت تسميته الصين بحضارة الوسط ” وهذه هي الحكمة  التي بنيت عليها الفلسفة الكونفوشيوسية القديمة التي انضمت اليها الفلسفة البوذية الوافدة من الهند برداء صيني. ثم وفدت علي الصين النصرانية والحضارة الاسلامية في بعض المناطق  وعاش الجميع في شبه وئام حتي جاءت الماركسية وحاولت القضاء علي هذه الفلسفة العريقة ومحو قيم الحضارات علي ارض الصين ولكنها لم تستطع القضاء عليها حتي جاء الانفتاح والاصلاح في عهد دينغ شيار بينغ فعادت العقائد الدينية  للظهور علي استحياء مسترجعة مواقفها السابقة. بالرغم من ان الصين من اقدم الحضارات فإن ذاكرة  هذه الحضارات لا تزال حاضرة ونشطة ومؤثرة وفعالة حتي الان فهي اقدم بلد استمر  موجودا في العالم حيث من المؤكد ان تاريخه يرجع الي عام 221 ق.م فحينما يستخدم الصينيون مصطلح الصين فهم لا يشيرون بذلك الي بلد او امة في غالبية الاحيان  الي الحضارة الصينية ,.فالصينيون يعيشون في تاريخهم ومن خلاله متشبثون بتاريخهم بقوة ويرون ان قوتهم تكمن في المحافظة علي ارائهم الحضاري وفي هذا الصدد يري الباحث الصيني (جين جوانتار )  ان الاسلوب الوحيد لوجود الصين هو ان تعيش ماضيها مرة اخري وليس هناك الية مقبولة في الثقافة تمكن الصينيين من مواجهة الحاضر سوي ان يلوذو بقوة الي ارائهم ويستلهموه ولعل التفسير الذي جاء يه مالك بن نبي  اقدر علي تفسير تفوق الصين القديم والحالي , فهو يعتقد بأن كل الحضارات في التاريخ تتكون من 3 عناصر وهي : الانسان والتراب والزمن , اما الفكر بل الثقافة فهي مثل البلازما  التي تمنح الحياه والحيوية للخلية ومنها الفكرة الدينية عندما تكون حية دائماً , فالدين او الثقافة كان علي مر العصور هو “(مركب الحضارة )اي العامل الذي يؤثر في مزج العناصر التلاته بعضها ببعض.ولا طائل من الخوض في جدال حول صدقية الفكرة الدينية , فيكفي ان توجد فكرة حية تحفز وتدفع  الانسان الي البلاد او السعي والاجتهاد في بناء الحضارة وهو ما يظهر حاليا عند استعراض تاريخ الصين بمراحله المختلفة والثقافة الصينية بتنوعها  التي تشكل في مجملها قوة خفية محركة للانسان الصيني ,رغم لعرضه من فترات من الاقوال , لعل السبب كان تشوه الفكرة الدينية واختلال التدين لدي البشر ومنه يفترض انه لكي يحافظ الصينيون علي نضارة حضاراتهم  عليهم ان يعملو علي الابقاء علي حذوة الدين .وتمكن الاشارة فيمايلي الي اهم 3 ديانات او فلسفات تعاقبت علي الصين منذ مئات السنين قد اسهمت كل بمقدر علي بلورة الفكر الصيني المعاصر وهي لا تزال تعيش وتزدهر حتي يومنا هذا وهي (الكونفوشيوسية ,الطاوية , البوذية )

الكونفوسيوسية :تعتبر الكونفوشيوسية وبلا جدل التعاليم الاخلاقية والحكيمة الاكثر تأثيرا في المجتمع الصيني , والتي شكلت  اساس التقاليد الصينية وعند الحديث عن الثقافة التقليدية الصينية لابد من ذكر الشخص الذي أثر بشكل كبير وهو كونفيشيوس زعيم حكماء الصين القدامي فقد كان له دور كبير  وبالغ الاهمية والفعالية في خلق المدينة الصينية حيث اعلي من شأن القيم الاخلاقية والفكرية   فيها وربط الاستقامة بالمعرفة , واقام قواعد الاسرة علي الفلسفة الواضحة , وهو الذي أنشأ نظام الحكم الكامل الذي يحقق للبشرية السعادة والرفاهية  ولقد تأثر كل صيني بالكونفوشيوسية بدرجات مختلفة وحسب حاجته , الامر الذي ادي الي تشكيل النسيج العقائدي  الموحد للصينيين واسهم في صياغة وحدة دينية وقومية جعلت من المجتمع الصيني مجتمعاً متماسكاً في مختلف الظروف وامام كل التحديات .

والكونفوشيوسية كعقيدة تحترم العادات والتقاليد الموروثة وتقدس العلم والامانة  وتحترم المعاملة اللينة والملكية الفردية وتعمل علي تنمية روح المحبة بين الاغنياء والفقراء  كما ان اتباعها يعترفون يالفوارق بين الطبقات ويدعون الي احترامها والنظام الطبقي لديهم مفتوح اذ بإمكان  اي شخص ان ينتقل من طبقته الي اي طبقة اجتماعية اخري اذا كانت امكاناته تؤهله لذلك كما تدعو الحاكم الي الالتزام بالاخلاق في حكمه وفي احترام الافراد الجديرين باحترامه .

الطاوية :تعتبر الطاوية التعاليم الدينية الثانية من حيث التأثير  علي المجتمع الصيني بعد الكونفوشيوسية او علي الاقل مساوية لها في الاهمية  وهي لا تزال حتي الان تشغل حيزا كبيرا في فكر الصينيين وتعاليمها  تعود الي الاستاذ لاوتري المعاصر لكونفوشيوس. والطاوية فلسفة فردية تعتقد ان سبب الشر يكمن في المدينة ابتعاد الانسان عن الطبيعة التي كان يعيش داخلها   في الماضي بانسجام , حيث يجب علي الفرد المحافظة علي حياته ورعايتها والعناية بها بتخليه عمن الماضي وتحقيق نقاء النفس بالابتعاد عن الطموحات . والطاوية تخاطب العواطف وتدعو الي التأمل الصوفي . فالهدف الاساسي من وجود الامنسانم حسب هذه الفلسفة ومبادئها هو التناغم مع المبادئ المؤسسة للكون , حيث يجب علي الانسان لان يهمل متطلبات المجتمع المحيط وان يبحث فقط عن الاشياء التي تمكنه من ان يتناغم مع الطاو وحتي يكون الانسان في حالة تناغم معه ويجب عليه ان يمارس االافعل او علي الاقل اجتناب كل الافعال الناتجة عن الاجبار اوو التكلف او الغير الخاضعة للطبيعة  عن طريق التناغم التلقائي مع نزوات طبيعته الذاتية الاساسية وتلقي كل المعارف العلمية المكتسبة حيث يتحد الانسان مع الطاو ويستخلص منه قوة غامضة وقد كانت الطاوية في البداية فلسفة خالصة ثم تحولت الي دين له طقوسه ومضحوبه بالفلسفة والتصوف وذلك مقابل الدين الجماعي المتمثل في  الكونفوشيوسية الذي يتميز بقرابينه وطقوسه المفرطة التي لم يستطيع الصينيون القيام بها

البوذية :

دخلت البوذية  الي الصين في القرن الاول الميلادي ومنذ القرن الرابع اصبحت تدريجيا الدين  الاوسع تأثيرا في الصين وبسبب امتزاجها بالثقافة الصينية ادي الي ظهور شكل جديد من البوذية بطابع صيني بالرغم من كونها ليست صينية  الا انها تفوقت علي الطاوية الاصلية فيها من حيث عدد المعتنقين حيث ان الكثير من الجبال الشهيرة في مختلف ارجائها امست امكنة مقدسة لهم . وفيها يتعلق بالجانب الاخلاقي للبوذية فإن تعاليم بوذا دعوة الي المحبة والتسامح والتعامل بالحسني والتصدق علي الفقراء وترك الغني والطرف وحمل النفس علي التقشف والخشةنه وفيها تحذير من النساء والمال  والترغيب في البعد\ عن الزواج والناس في نظرها سواسية لا فضل لاحد علي احد الا بالمعرفة والسيطرة علي الشهوات فقد كانت تدعو الي خلاص روح الانسان مما جعلها لا تهم بتحمل الواجبات المنزلية الامر الذي يتناقض مع تقاليد الصين الاساسية مما عرضها للمجاهه من طرف الدولة , حيث صدر امبراطور يؤمر بإبادة البوذية وذلك لما سببته من تعطيل الانتاج وتشويش لعقائد الناس وهدر لتروات البلاد في بيناء المعابيد الخاصة بطقوسها وتخلص هنا الي انه ومن دون ان تأتي علي تناول مجموع العقائد التي يعتنقها الصينيون المعاصرون , فاننا نخلص الي ان تاريخ الصين شهد جدلا عقائديا واخلاقيا فلسفيا واسعا بينه اتباع التعاليم الكونفوشيوسية والبوذيو والطاوية وكانت البوذية تعرف جيدا ان الكونفوشبوسية هي الايدولوجية الرسمية لذلك حاولت ان تحقق مكانة شرعية لها في الجدال بينها وبين الكونفوشيوسية اما في جدالها مع الطاوية فحاولت ان تجعل مكانتها قبل مكانة الطاوية وان يتعرف المجتمع بأن عقيدتها افضل من الطاوية , اما الطاوية فكانت تتواصل  وقائها للبلاط الامبراطوري وتعنمد علي تالكونفوشيوسية وتستفيد من النظرية والمراسم البوذية اما موقف الحكام من هذا الجدال فعملو علي الحمع وةالاستفادة من هذه المدارس الفكرية المختلف كما اتخذوا موقف الجياد في المراهعاة بين الاديان بل كانو وسطا للمراعاة بين الاديان ويمكن قوة الثقافة التقليدية اما وفرت الاساس المادي للتماسك المجتمعي الصيني وتشكيل ثقافة مشتركة مستمدة من ثالوت ثقافي تاريخي هذا المثلث جمع بين القيم الروحية والمادية في ان واحد وعمل علي الربط الموضوعي بين المسائل المجتمعية والحياه الانسانية بشكل عقلاني وكان لذلك اثر واضح في ترسيخ التعايش السلمي والتعاون داخل المجتمع الصيني الذي كان يعاني من اضطرابات اجتماعية ومجازر رهيبة , ومن نسبة عالية من الامية

الفكر الشيوعي واثره علي تطور الصين الشعبية  المعاصرة :يعتبر صعود الماركسية الشيوعية في الصين واحدة من اهم الاحداث في القرن العشرين   حيث بدأت كحركة مهدت الطريق لتحرير البروليتارية وكانت الفلسفة الماركسية تقوم علي انصار الحزب الشيوعي يجب ان يكونو من العمال  في المدن غير ان واقع الصين رفض تبني مبدا اخر يتناسب مع هذا الواقع ,فاعتمد ماوتسي تونغ علي الفلاحين الفقراء فوجه كل تركيزه علي التنمية الزراعية لذا يُعد ماوتسي تونغ ابو الصين  المعاصرة حيث عمل علي تطوير مفهوم جديد للشيوعية الماركسية تسمي بالماوية وكان مزيجا من افكار ماركس ولينين ينطبق علي واقع النظام الاقطاعي وعبودية ملايين الفلاحين الفقراء علي عكس  الشيوعية الماركسية –اللينية الستالينية التي تجاهلت الدور الثوري للفلاحين والارياف في بداية الامر فقد استطاعت تعاليم الفلسفة الشيوعية التي تحرر البلاد من خطرين عظيمين عملا علي اضعاف البلاد وتخلفها وهما النظام الاقطاعي والاحتلال الاجنبي  وذلك باعتمادها علي الفلاحين كقوة محركة للثورة والتغير الاجتماعي ويعزي نجاح الشيوعية  في الصين ولوحرثنا الي حقيقة ان الايدولوجيات لها مشابهة لتلك التي في الكونفوشيوسية  مما سهل علي الشعب الصيني قبولها كما انها في المقابل جاءت ببعض الافكار التي كانت تتناقض مع الكونفوشيوسية والتي سئم منها الشعب الصيني كتكريس الطبقية كما ان تطبيق اسرة تشييع (اخر سلالة حاكمة )للفلسفة الكونفوشيوسية  قد شوه روحها , قد حلت البلاد في حالة سيئة وانقلب الشعب علي النظام الامبراطوري وكل ما ارتبط بها وثار علي كل التقاليد الصينية القديمة وهو من الامور التي جاءت . وقد ادي هذا الفكرين الي احداث الثورة الثقافية التي جاءت نتيجة الصراع علي السلطة وتنامي السخط الجماهيري ضدها  وكان الهدف من ورائها تدمير كل اثر للثقافة والعادات والافكار القديمة من الوعي الوطني ونشر الفكر الشيوعي ولو بالقوة للقضاء علي الطبقات المجتمعية وبناء مجتمع قائم علي المساواه و وبالرغم من محاربة الشيوعية للديانات والفلسفات الاخري في بلدان اخري الا انها في الصين استطاعت ان تتعايش معها اخيرا ًوقد انطبعت الماركسية بالمنطق الثنائي البمكون للعقلية الثقافية الصينية :اليان واليانغ فهذه الفلسفات القديمة تُشكل جوهر الشخصية الصينية وهويتها وهو مالم تستطع الشيوعية طمسه في النهاية  بل انتهي هذا الامر الي ان تقبل هذه كجزء من الهوية الصينية بل ان تعاليم الطاوية التي تقوم علي مبدأ التعايش بين الاصداد انتصرت في نهاية المطاف وانتصرت الشيوعية بأن اخرجت البلاد من سطوة الاقطاعيين والاستعماريين بامتزاج الشيوعية مع الفلسفات القديمة انتج نظاماً واحدا برأسين فانتهجت الصين بعد وفاة ماوتسي تونغ الشيوعية في نظامها السياسي واقتصاد السوق في نظامها الاقتصادي والمتتبع للحالة الصينية  الحديثة والمعاصرة يدرج جيدا اثار الفكر الشيوعي في تطور الصين المعاصرة فباستعرض تاريخي للشيوعية تجد انها كفكر كانت انتاج القرن ال19 عندما اسسه (كارل ماركس ) ولكن تطبيقه كنظام كان مع الثورة البلشفية في روسيا 1917 واذا سلطنا الضوء علي الصين في هذه الفترة نجد انها كانت تعيش علي هامش التاريخ فقد انسحبت من الاحداث الدولية والاقليمية والمحلية ولم تعد تشارك فيها رغم ارثها الحضاري وعلي العكس من هذا فقد شهدت حملات استعمارية عديدة في هذه الفترة كما ان تغلغل الفكر الشيوعي الي الصين حتي وجد التربة المناسبة لينمو ويزدهر , ةولكن السؤال الذي كان لابد ان يُسأل : لماذاصمد الفكر الشيوعي ؟ في حين ان معظم الدول التي كانت  تتبني هذا الفكر قد تخلت عنه , ان القول بأن الشيوعية نجحت في الصين .

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=64890

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M