توقعات مستقبلية: غيانا وفنزويلا.. صراع من أجل النفط

وسط ضغط عالمي كبير على زيادة إنتاج النفط والاستثمار في تلك الصناعة الاستراتيجية، ظهرت غيانا بين عشية وضحاها كواحدة من أبرز الدول النفطية الجديدة، لتتحول الدولة التي عاشت عصورًا من الفقر، إلى واحدة من أغنى دول العالم بحسابات النفط. حيث حمل تقرير آفاق النمو، والذي صدر عن صندوق النقد الدولي، مفاجأة غريبة، إذ احتلت إحدى الدول الصغيرة في قارة أمريكا الجنوبية صدارة ترتيب دول العالم من حيث معدل النمو المتوقع للعام الماضي 2022، والذي بلغ حوالي 57.6% وذلك وفقًا للصندوق. يبلغ عدد سكان غيانا حوالي 800 ألف نسمة، وهي مستعمرة هولندية سابقة، وواحدة من أفقر دول أمريكا الجنوبية قبل أن يبتسم الحظ لسكانها. خلال السنوات السابقة تحولت نظرة العالم لها، مع الاكتشاف الأخير لرواسب النفط البحرية الغنية في منطقة تعرف باسم حوض غويانا سورينام.

تاريخيًا، تتنازع غيانا وفنزويلا على حدودهما منذ أواخر القرن التاسع عشر، حيث تطالب فنزويلا بجميع الأراضي الواقعة غرب نهر إيسيكويبو. في عام 1899، منحت لجنة تحكيم دولية بريطانيا تلك المنطقة، ولكن في عام 1962 ألغت فنزويلا ذلك القرار باعتباره باطلًا وطالبت بشكل دوري بتسليم المنطقة، حتى أنها هددت في بعض الحالات السابقة بعمل عسكري.

حيث كانت السيطرة على النفط تعني ضمان استمرار عمل الآلة الصناعية والعسكرية معًا، أي الرخاء والقوة، وكان بالإضافة إلى ذلك يمثل قطاعًا مهمًا للاستثمار الرأسمالي، وهكذا كان النفط محورًا لصراع الرأسماليات والشركات والدول.

وصل صراع النفط بين فنزويلا وغيانا إلى منعطف خطير قد يخرج معه عن السيطرة، في أعقاب التهديد الذي أصدرته كاراكاس لمطوري الخام العاملين في المنطقة الواقعة في المياه الإقليمية المتنازع عليها بين البلدين. حيث تبرز فنزويلا بصفتها أحد البلدان الغنية بالنفط، غير أن العقوبات الأمريكية المفروضة على كاراكاس أثرت سلبًا في الإنتاج وتسويقه، نتيجة إحجام الشركات العالمية عن الاستثمار والتعاون معها. وفي بداية ديسمبر الجاري، صوت شعب فنزويلا على ضم منطقة غنية بالنفط في غيانا إلى بلادهم؛ إذ جاءت النتيجة بالموافقة بأغلبية كاسحة، وهو الأمر الذي رد عليه رئيس غيانا بالقول إن الدولة مستعدة لكل الاحتمالات، كما موضح في الشكل التالي.

ولا تزال المنطقة البحرية قبالة ساحل غيانا بِكرًا (غير مُستكشفة) في معظمها، ولذلك تُشكل هذه الاكتشافات النفطية في حوض غيانا انتصارًا هائلًا، فهي تأتي في وقت يشهد اكتشاف احتياطيات قليلة حول العالم فيما تتصارع معظم شركات النفط الكبرى لإحلال إنتاجها عامًا وراء عام، والعمل على زيادة احتياطياتها المؤكدة من النفط الخام. ولكن ماذا يعني ذلك لغيانا؟ من جهة، يلزم أن تجلب لها هذه الحقول المكتشفة استثماراتٍ ووظائف وثروة. ومن جهة أخرى (تاريخيًا) يشير التاريخ إلى أن النفط يمكنه أن يجلب معه الفساد والصراع والعنف، لأنه لا يمكن إنكار أن النفط قد يأتي بالمتاعب، ومن السهل تذكر البلدان التي تضررت من اكتشافه، فهو بمقدوره أن يغذي الاستبداد كما حدث في العديد من الدول النفطية ويمكن أن يوجِد أموال النفط حروبًا أهلية أو تمولها.

منذ اكتشاف النفط في غيانا -قُبالة سواحلها- وذلك في عام 2015، ازداد الاهتمام العالمي بموارد البلاد النفطية، ولا سيما فيما يتعلق بإمكاناتها النفطية وإمكانات مختلف القطاعات النامية بها، وهو تطور مدفوع بالمكتسبات الممكنة من قطاع النفط والغاز في غيانا. حيث تقبع مخزونات هائلة من النفط في قاع مياه غيانا الإقليمية على ساحل البحر الكاريبي، كانت فرق شركة إكسون موبيل للتنقيب قد اكتشفت في 2015 ما اتضح أنه عبارة عن مليارات براميل النفط الخام على بعد 190 كيلومترًا تقريبًا من الشاطئ.

حيث يشهد قطاع النفط في غيانا تطورًا مُهمًا وذلك مع إعلان رسمي عن زيادة الإنتاج النفطي بالبلاد قبل نهاية العقد الجاري. ووفقًا لتقديرات صناعة النفط في غيانا، إنه من المُرجح وصول إنتاج النفط إلى حوالي 1.8 مليون برميل يوميًا وذلك بحلول عام 2035، ويوضح الشكل التالي تطور إنتاج النفط في تلك الدولة النامية خلال الفترة من عام 2019 إلى العام الحالي (يبلغ متوسط إنتاج النفط الخام الحالي حوالي 360 ألف برميل يوميًا).

واستكمالًا لما سبق، يبلغ إجمالي احتياطيات النفط القابلة للاستخراج في غيانا ما يزيد على أكثر من حوالي 11.5 مليار برميل من النفط الخام، حيث يحتل احتياطي النفط الخام بالبلاد المرتبة رقم 17 على مستوى العالم والثالثة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. حيث يُعد الاكتشاف النفطي في تلك الدولة بمثابة ثروة قلما تتكرر؛ حيث يقدر بنحو ثلث إجمالي اكتشافات النفط في جميع أنحاء العالم منذ 25 عامًا تقريبًا، وعلى سبيل المثال تُقدر الاحتياطيات المكتشفة في مياه غيانا بالاحتياطيات الممكنة نفسها لدولة مثل الصين.

وفي السياق ذاته أعلن رئيس غيانا، محمد عرفان، أنه من المتوقع بلوغ متوسط إنتاج النفط في مربع ستابروك بالبلاد نحو حوالي 1.3 مليون برميل من النفط يوميًا وذلك بحلول نهاية عام 2027.

وفي سياقٍ متصل، اكتمل مشروع بايارا -ثالث مشروع تطوير لشركة إكسون موبيل في مربع ستابروك البحري في غايانا- بنسبة 98%، حيث يستهدف المشروع، والذي تبلغ تكلفته حوالي 9 مليارات دولار، 600 مليون برميل من النفط المكافئ، وسيرتفع إنتاج مربع ستابروك إلى إجمالي حوالي 580 ألف برميل يوميًا، كما هو موضح في الشكل التالي.

وعليه يمكن القول، لقد أصبح اقتصاد غيانا الأسرع نموًا على مستوى العالم منذ حفر أولى بئر نفطية قبل أربع سنوات. غير أن ذلك النمو كشف عن بعض نقاط الضعف في بنية الدولة البترولية الجديدة، حيث يمنح عقد غيانا على سبيل المثال، مع إكسون موبيل مزايا غير عادية للأخيرة عبر زيادة حصتها من الإيرادات أكبر من المعتاد.

حيث تنتج غيانا حوالي 360 ألف برميل يوميًا، ويُتوقع أن يصل هذا الرقم إلى حوالي 580 ألف برميل العام المقبل، وربما إلى مليون برميل بحلول 2027. يتوقع أن يقفز الناتج المحلي الإجمالي في غيانا إلى حوالي 58.7% هذا العام، إذ يُشكل النفط بالفعل أكثر من حوالي 65% من صادرات البلاد، ليحل بذلك محل السكر والأرز، وهو ما سيجعل الاقتصاد ينمو خمسة أضعاف على مدى عقد.

والجدير بالذكر أن، هذا النصف من الكرة الأرضية غني جدًا بالموارد الطبيعية، حيث إن هذه المنطقة غنية بالموارد، كما أن هناك أيضًا موارد فنزويلية، النفط والنحاس والذهب، وتم اكتشاف احتياطيات من النفط الثقيل والنفط الخام والنفط الخفيف قبالة سواحل غيانا إضافة إلى المعادن الأرضية النادرة. حيث نجد أن حوالي 65% من إنتاج الليثيوم في العالم يقع في مثلث الليثيوم: الأرجنتين، بوليفيا، تشيلي، وهذه المنطقة مهمة بكل مواردها الغنية، كما تحتوي هذه المنطقة على حوالي 35% من المياه العذبة في العالم ناهيك عن النحاس والذهب وغيرهما.

انقلب الحال حين أدّت الاكتشافات النفطية الهائلة في ساحل غيانا ببحر الكاريبي، إلى إشعال فتيل القضية من جديد، وبالتحديد بعد أن تولت شركة الطاقة الأميركية العملاقة إكسون موبيل التنقيب والاستخراج النفطي التجاري تحت قاع البحر، وهي اكتشافات موصوفة بأنها الأكبر في أي مكان بالعالم خلال العقد الماضي، حيث جعلت غيانا تجلس على أكبر كمية من النفط للفرد في العالم.

على مدى عقود طويلة، تعلم تلاميذ المدارس الفنزويلية رسم خريطة لبلادهم مختلفة عن تلك المستخدمة في أي مكان آخر، إذ تضم خريطتهم منطقة متنازعًا عليها بمساحة صغيرة، تسيطر عليها دولة غيانا المجاورة. ولكن في أعقاب الاكتشافات النفطية البحرية الضخمة في تلك المنطقة من قبل شركة إكسون موبيل وغيرها، أثارت حكومة غيانا غضب مادورو في سبتمبر عندما صرحت أنها ستمنح مناطق جديدة لإنتاج النفط بحلول نهاية العام. وقالت حكومة مادورو إن بعض هذه المناطق تقع في مياه لم يتم ترسيم حدودها أو أنها تابعة لفنزويلا. ومع اقتراب الانتخابات، يسعى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لإشعال التوترات الإقليمية، وذلك من خلال إحياء النزاع الحدودي الخامل منذ فترة طويلة حول المنطقة المعروفة باسم إيسيكويبو.

وعليه صوت الفنزويليون الأسبوع الماضي على خمسة أسئلة في استفتاء حول ضرورة أن تخضع هذه المنطقة لحكم كراكاس، حيث شملت هذه الأسئلة: هل توافق على استخدام كل الوسائل القانونية لمواجهة تطلع غيانا وإصرارها من جانب واحد على استغلال البحر الذي لم يتم ترسيم حدوده، بشكل غير قانوني وفي انتهاك للقانون الدولي.

حيث بدأ ضخ أول نفط في 2019 تحديدًا، ومن وقتها ازدهر اقتصاد غيانا بمعدل نمو يزيد على حوالي 45% سنويًا، لمدة 3 أعوام متتالية، وسط زعم من فنزويلا، التي أصبحت صناعتها النفطية في حالة قريبة من الانهيار بسبب سنوات طويلة من الإدارة السيئة والفساد داخل قطاع النفط الفنزويلي لدولة هي الأكبر من حيث حجم الاحتياطيات المؤكدة من النفط الخام (حوالي أكثر من 302 مليار برميل من النفط الخام) كما هو موضح في الشكل التالي، بأن قسمًا كبيرًا من هذا النفط يتم استخراجه في منطقة بحرية، للفنزويليين حق فيه.

واستكمالًا لما سبق، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية على خط النزاع، حيث صرح إيفان هيل وزير خارجية فنزويلا أن الحكومة الأمريكية تعتزم عسكرة النزاع الإقليمي بين فنزويلا وغيانا حول منطقة إيسيكويبو المتنازع عليها من خلال إقامة قاعدة عسكرية هناك. وأضاف الوزير، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة “نحن ندين نية حكومة الولايات المتحدة عسكرة الوضع (في إيسيكويبو)، وتحاول القيادة الجنوبية الأمريكية إنشاء قاعدة عسكرية في المنطقة المتنازع عليها من أجل خلق رأس حربة لعدوانها على فنزويلا والاستيلاء على موارد الطاقة لدينا، لقد وافق البرلمان الفنزويلي على استفتاء لحماية الأراضي ذات السيادة من عدوان الإمبراطورية الأمريكية، فنزويلا تؤكد مجددًا التزامها بالسلام، فضلًا عن قرارها الثابت بالدفاع عن سيادتها وسلامتها”.

وتابع الوزير الفنزويلي القول، إن الحكومة الأمريكية، التي تعتبر نفسها صاحبة السيادة على القارة الأمريكية، تتدخل مرة أخرى في النزاع المستمر منذ 200 عام حول إقليم إيسيكويبو، وتعتزم الاستيلاء على النفط الفنزويلي بمساعدة شركة آكسون موبيل المسيطرة على حكومة غيانا التي تمنح امتيازات نفطية في البحر الإقليمي غير المقسم، وهو ما يشكل انتهاكًا كاملًا للقانون الدولي، ومن المستحيل التصرف في الأراضي المتنازع عليها من جانب واحد، لكن حكومة جمهورية غيانا التعاونية مستمرة في سلوكها غير القانوني. ومن جهتها علقت لورا ريتشاردسون رئيسة القيادة الجنوبية الأمريكية على اهتمام واشنطن بغيانا منطقة إيسيكويبو المتنازع عليها مع فنزويلا، وقالت يعجبني أن أسمي نصف الكرة الغربي منطقتنا.

تراجعت أهمية فنزويلا في سوق النفط العالمية بشكل حاد في السنوات الأخيرة، وذلك بفعل العقوبات التي أثرت سلبًا على الإنتاج والاستثمارات في القطاع النفطي، حيث تُعد الدولة اللاتينية إحدى الدول الـ 5 المؤسسة لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وذلك منذ تدشين المنظمة في عام 1960. بالإضافة إلى أنها تعد أكبر الدول امتلاكًا للاحتياطيات النفطية حول العالم بأكثر من حوالي 302 مليار برميل من النفط الخام (حوالي 19% من الاحتياطي العالمي)، كما هو موضح في الشكل التالي.

واستكمالًا لما سبق، يعتمد اقتصاد فنزويلا بشكل كبير على صادرات النفط الخام، ما يجعلها من الاقتصادات المعتمدة بشكل شبه كامل على صناعة النفط، حيث تُمثل صادرات النفط نحو حوالي 65% من الميزانية الحكومية العام الجاري والتي تُقدر بحوالي 15 مليار دولار. ونجد أن التراجع الحاد في مستويات إنتاج وتصدير النفط الخام الفنزويلي تسبب في انكماش كبير للاقتصاد بنحو حوالي 75% في الفترة بين 2014 و2021.

وذلك قبل عودته للنمو في العام الماضي 2022 بنحو حوالي 6%، وسط تقديرات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 6.5% في العام المقبل 2024، وفي المقابل، بلغ الطلب على النفط الخام في كاراكاس 268 ألف برميل يوميًا بنهاية عام 2022، مقارنة مع 226 ألف برميل يوميًا قبل عام واحد، وأقل من أعلى مستوى مسجل عند 835 ألفًا في عام 2013، حيث يوضح الشكل التالي حجم الاستهلاك النفطي في فنزويلا.

ويمكن أن يكتمل فهمنا لمعادلات الصراع على النفط في غيانا، إذا أدركنا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تملك سوى حوالي 21 مليار برميل احتياطي (مؤكد) وإنتاجها حاليًا حوالي 12.7 مليون برميل وهي تحتاج 20 مليون برميل يوميًا، وهكذا فإنها تستورد حوالي 7 ملايين برميل يوميًا. ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي استهلاك الولايات المتحدة الأمريكية من النفط الخام حوالي 200 ألف برميل يوميًا إلى حوالي 20.7 مليون من النفط الخام.

وعليه يمكن القول إن الإدارة الأمريكية ترغب في تعزيز وزيادة التدفقات النفطية العالمية، لخفض أسعار النفط الخام جرّاء نقص المعروض من الخام مع خفض أوبك بلس لمستويات الإنتاج، حيث تشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى وجود عجز في سوق النفط خلال العام المقبل، وذلك مع تفوق الطلب العالمي على الكميات النفطية المعروضة. ولذلك تحاول إدارة بايدن التدخل السريع لتهدئة أسعار الوقود قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

فمن المؤكد أن الإدارة الأمريكية ستفكر في احتياطي النفط الاستراتيجي، وعلى الرغم من أنه عند أدنى مستوى له منذ 40 عامًا، فإنه لا يزال به ما يكفي من النفط للتعامل مع أزمات أخرى، كما هو موضح في الشكل التالي.

ازدادت مسألة الإقليم تعقيدًا في الآونة الأخيرة بعد أن بدأت الشركات الأمريكية بزيادة عمليات البحث والاستكشاف عن النفط في غيانا، مما أثار حفيظة الحكومة الفنزويلية، كما بدأ الحديث في الأوساط الإعلامية عن احتمال إرسال البرازيل قواتها المسلحة إلى المنطقة لضمان الأمن والاستقرار فيها. ونجد أن التدخل الأمريكي في النزاع اليوم يرتبط بمصالح الشركات النفطية الكبرى التي تعمل في امتيازات التنقيب عن النفط في المنطقة، بالإضافة إلى سعيها لضمان الاستقرار المحلي واستقرار العرض والأسعار في أسواقها النفطية، إضافة إلى أن هناك محاولة لتعزيز الاستقرار عبر تحسين العلاقات مع فنزويلا للحد من نفوذ دول كبرى مثل الصين وروسيا في المنطقة.

وعن إمكانية تطور الأمر بين فنزويلا وغيانا إلى صدام عسكري، نجد أن هناك العديد من العوامل التي تتحكم في مستقبل الصراع الحالي والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • الوضع الداخلي في فنزويلا متهالك؛ حيث تواجه أسوأ أوضاعها تاريخيًا، ولذلك هناك محاولات من أجل تشتيت الانتباه بالتركيز على أمور أخرى بعيدة عن الحديث على الاقتصاد الفنزويلي.
  • الفنزويليون ليست لديهم القدرة على تطوير الأمر إلى الصراع العسكري، ولا غيانا لديها الجيش القوي الذي يمكنه أن يرد أو يصد.
  • الشركات الأمريكية مثل إكسون موبيل وشيفرون هي المسيطرة على حقول النفط في غيانا، ولا يُتوقع تسليمها إلى الحكومة الفنزويلية إطلاقًا.
  • إن الدستور الفنزويلي يتطلب أن تكون حقول النفط تحت سيطرة الحكومة، وتكون هناك عقود مختلفة عن العقود الموجودة حاليًا، فلا يمكن أن تسلمها الشركات إليها.
  • احتمال اندلاع صراع جديد على المسرح الدولي، قد يتطور إلى حروب بالوكالة، حيث تدعم الولايات المتحدة الأمريكية غيانا لمنع الحرب، وتحافظ على حليفتها، فيما تقدم روسيا والصين الدعم لحليفتهما فنزويلا، بما في ذلك مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة النشطة في البلاد، لفتح جبهة جديدة في الفناء الخلفي للولايات المتحدة، بالطريقة نفسها التي تدعم بها الولايات المتحدة خصوم بكين في بحر الصين الجنوبي وتعارض روسيا في أوكرانيا.
  • رغبة غيانا في نشر جنود أجانب على أراضيها، وإمكانية اعتبار فنزويلا نية إرسال قوات أمريكية إلى غيانا على أساس دائم أو إنشاء قاعدة عسكرية على الأراضي المتنازع عليها.
  • في حالة حدوث اشتباك مباشر بين الجيش الفنزويلي وغيانا دون تدخل دولة ثالثة، يمكن حل النزاع في غضون أيام قليلة، مع العلم أن قوام جيش غيانا يبلغ حوالي 3 ألف جندي وقوام الجيش الفنزويلي، والذي يعتبر من أقوى الجيوش في قارة أمريكا الجنوبية حوالي 123 ألف جندي.

مجمل القول، شكل النفط ولا يزال منذ اكتشافه في عام 1859 وحتى الآن أحد أهم أسباب الصراع في العالم، وقد شغل هذا الصراع على النفط مساحة كبيرة من خريطة الصراع العالمي طوال القرن الماضي، ومن المتوقع أن يستمر هذا الأمر لفترة طويلة قادمة في قرننا الحالي. وعليه يمكن القول إن النفط والصراع على النفط يفسر كثيرًا من معادلات الصراع والحروب والانتشار العسكري والسياسي، ولذلك تعتبر المشكلة بين غيانا وفنزويلا أكثر تعقيدًا وأقدم من كونها خلافًا أيديولوجيًا بين جارتين.

المصدر : https://ecss.com.eg/38991/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M