ثبات التركيبة السياسية.. دلالات نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التركية

مارى ماهر

 

شهدت تركيا، يوم الأحد 14 مايو، الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الثمانية والعشرين، وقد أظهرت نتائجها ثباتًا نسبيًا في التركيبة السياسية بالبلاد مع تمثيل أكثر قليلًا للمعارضة في البرلمان. ومع أن تركيا مقبلة على جولة ثانية لحسم المقعد الرئاسي فإن نتائج الجولة الأولى تقدم مؤشرات كافية لاستقراء المزاج الشعبي وتفضيلات الناخبين. ويناقش هذا الموضوع آلية احتساب الأصوات في الانتخابات بشقيها، ويقدم قراءة لنتائج الجولة الأولى واتجاهات التصويت فيها.

آلية احتساب الأصوات

يُمكننا العثور على آلية احتساب أصوات الناخبين لتحديد الفائزين في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في مواد الدستور التركي وقانون رقم 7393 بشأن تعديل قانون انتخاب أعضاء البرلمان، كالتالي:

• الانتخابات الرئاسية: يحتسب فوز المرشح الرئاسي في الانتخابات وفقًا للآلية المنصوص عليها في التعديل الدستوري لعام 2007 الذي يعتمد نظام الأغلبية المطلقة من الأصوات الصحيحة بمعنى حصول الفائز على 50%+1 من الأصوات، وحال عدم قدرة أحد المرشحين على حسم النتيجة من الجولة الأولى يتوجه الناخبون لجولة إعادة ثانية يخوضها المرشحان الحاصلان على أعلى عدد أصوات خلال الجولة الأولى، ويصبح الحاصل على الأغلبية المطلقة رئيسًا لمدة خمس سنوات. بينما حال وجود مرشح واحد فقط تجري الانتخابات على جولة واحدة، ويصبح المرشح رئيسًا حال جنى الأغلبية المطلقة من الأصوات الصحيحة. وفيما يتعلق بالانتخابات الحالية، يتنافس على المنصب 3 مرشحين لم يتمكن أحدهم من حسم الجولة الأولى، وبالتالي تذهب البلاد لجولة إعادة مقررة يوم 28 مايو.

• الانتخابات البرلمانية: تعتمد تركيا نظام هوندت للتمثيل النسبي لتوزيع المقاعد البرلمانية الـ600 على الأحزاب المرشحة، ويقوم على قسمة عدد الأصوات التي حصل عليها الحزب في الدائرة الانتخابية على الأرقام بشكل تصاعدي ابتداءً من 1 حتى الوصول لعدد النواب المحدد للدائرة، ثم توزيع المقاعد على الأحزاب السياسية باختيار الأرقام الأعلى الناتجة عن عملية القسمة، بحيث تحصل القائمة ذات أعلى متوسط تصويت على المقعد الأول، تليها القائمة الحاصلة على نسبة أقل من الأولى تحصل على المقعد الثاني، وهكذا حتى يتم تخصيص جميع المقاعد بالدائرة. مع مراعاة تجاوز الحزب العتبة الانتخابية المقررة بموجب القانون رقم 7393 بنسبة 7%، أما في حالة التحالفات فلا يتطلب الأمر اجتياز كل حزب منفردًا عتبة الـ7% وإنما يكفي تجاوزها بإجمالي أصوات التحالف، وفي هذه الحالة يتم احتساب عدد المقاعد للأحزاب المكونة للتحالف بقسمة إجمالي عدد المقاعد التي حصل عليه التحالف على نسبة الأصوات التي أحرزها كل حزب. أما الأحزاب أو التحالفات التي لم تستطع الحصول على نسبة 7% توزع أصواتها على الأحزاب والتحالفات الأخرى حسب نسبة التصويت التي حصلت عليها في نفس الدائرة الانتخابية.

دلالات النتائج

أعلن المجلس الأعلى للانتخابات النتائج النهائية للجولة الأولى التي أظهرت ثباتًا نسبيًا في تركيبة النظام السياسي الحاكم، وهو ما يُمكن تفصيله كالتالي:

• معدلات مشاركة مرتفعة: يحق لـ60 مليونًا و697 ألفًا مسجلين على قوائم الاقتراع المشاركة في العملية الانتخابية، بينهم 4 ملايين و904 آلاف يصوتون للمرة الأولى. وقد أظهرت نتائج الانتخابات نسبة مشاركة مرتفعة تقدر بـ 86.98%، وهي نسبة تقارب معدلات الانتخابات الماضية عام 2018 التي سجلت نسبة مشاركة قدرت بـ 88.19% بالنسبة لشقها الرئاسي و86.23% بالنسبة لشقها البرلماني. وتتميز الانتخابات التركية تقليديًا بنسب الإقبال العالية (الأعلى في أوروبا)، نظرًا لحالة الاستقطاب المستمرة التي تهيمن على الشارع التركي وفق أسس أيديولوجية ودينية وعرقية وغيرها، وهي حالة تصاحبها مواقف مستقطبة لدى أنصار الأحزاب الرئيسية تجاه الآخر السياسي، وتدفع الناخبين للتصويت لحزب أو تحالف أو مرشح بعينه رغم التحفظات على أدائه السياسي.

• أردوغان الرئيس الأطول حكمًا: جاءت نتائج الجولة الأولى لتدحض توقعات استطلاعات الرأي العديدة التي أُجريت قبيل الانتخابات وأظهر حساب متوسطاتها تصدر كمال كيليجدار أوغلو التصويت، فقد حل الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان أولًا بنسبة 49.5% (أقل بـ 0.5% من النسبة المطلوبة للفوز)، فيما حل المعارض الرئيسي كيليجدار أوغلو ثانيًا بـ 44.8%، يليه المرشح المستقل سنان أوغان بنسبة 5.17%.

ورغم انخفاض التأييد الشعبي الواضح لأردوغان (حصل على 27.13 مليون صوت) حيث سيضطر للمرة الأولى لدخول جولة إعادة، بينما فاز في انتخابات 2018 بنسبة 52.59% بحوالي 26.3 مليون صوت، وهذا يعني أن تصويته زاد بنحو 800 ألف صوت فقط رغم مشاركة 5 ملايين ناخب جديد، فإن لتلك النتيجة دلالات؛ أولها، نجاح استراتيجيته القائمة على تعزيز النعرات الأيديولوجية والقومية والهوياتية والدينية في حشد الناخبين، والحفاظ على قاعدة ناخبيه اليمينية المحافظة، كما نجحت الحملة الدعائية والإعلانية لأردوغان المتعلقة بالترويج لقيادته البلاد نحو “قرن تركيا” عبر الإسراع بافتتاح بعض المشروعات الصناعية والدفاعية والطاقوية الكبرى كافتتاح أول مفاعل للطاقة النووية “أكويو”، وتشغيل أول حاملة طائرات بدون طيار مسلحة في العالم “تي سي جي أناضول”، ودخول أول دبابة قتالية محلية “ألطاي” الخدمة، وإطلاق أول سيارة كهربائية محلية الصنع TOGG.

ثانيها، تأكيد حقيقة أن حالة الاقتصاد ليست العامل الرئيسي المحدد لسلوك الناخبين في تركيا، فالعامل الأول هو الدور الحاسم للانتماء الأيديولوجي في تفضيلات الأشخاص، فهذا التصويت جاء بعد مرحلة تراجع اقتصادي حاد ارتفعت معها معدلات التضخم والبطالة وتراجعت قيمة العملة، وعقب ثلاثة أشهر من الزلزال المدمر لحوالي 11 ولاية جنوبية، حيث أثار نقاشات واسعة بشأن فساد النخبة الرأسمالية المقربة للحكومة وانتقادات بشأن الاستجابة البطيئة للكارثة، لكن هذا لم ينعكس على تحولات دراماتيكية في اتجاهات التصويت. ثالثها، نجاح الآلة الدعائية في تأطير دعم حزب الشعوب الديمقراطي لكيليجدار أوغلو على أنه دعم للانفصالية والإرهاب، فلا تزال هذه قضية حساسة للقوميين والكماليين، ومجموع القوميين العلمانيين والقوميين المحافظين يشكلون أكثر من 50%، وبالتالي هم الذين يحددون من يحكم تركيا، وهم حساسون للمشاعر القومية حتى لو تغيرت تفضيلاتهم الحزبية. رابعها، فشل المعارضة في إقناع الناخبين ببرنامجها الاقتصادي والسياسي، وبقدرتها على إدارة التباينات الأيديولوجية بين مكوناتها. خامسها، تأكيد أن الخبرة السياسية والشخصية الكاريزمية التي تستطيع من خلال خطابها السياسي التسويق لفكرة جذابة (قرن تركيا – القومية – التنمية) عنصر هام لجذب الناخبين وتوجيه سلوكهم التصويتي.

• تصدر التحالف الحاكم رغم خسارة الأغلبية البرلمانية المطلقة: تصدر تحالف الشعب المكون من 6 أحزاب ذات ميول إسلامية ويمينية محافظة نتائج التصويت بحصوله على 49.47% من الأصوات تُترجم لـ323 مقعدًا من أصل 600 وبذلك تكون أصواته انخفضت عن انتخابات 2018 عندما حصل على 344 مقعدًا. يليه تحالف الأمة المعارض الرئيسي بـ 35.01% أي 212 مقعدًا أي بزيادة 24 مقعدًا عن الانتخابات السابقة، وربما يرجع ذلك لأصوات أحزاب المستقبل والديمقراطية والتقدم والحزب الاشتراكي الذين خاض مرشحوهم الانتخابات تحت قوائم حزب الشعب الجمهوري، ثم تحالف العمل والحرية اليساري بـ10.55% بمعنى 65 مقعدًا. أما تحالف الأجداد والتحالف الاشتراكي التعاوني فأحرزا 2.43% و0.29% على الترتيب، وبالتالي فإنهما لن يحصلا على مقاعد بالبرلمان المقبل نظرًا لعدم اجتيازهما نسبة الـ7% المقررة لدخول البرلمان، وسيتم توزيع أصواتهما على التحالفات والأحزاب الأخرى، وفق الآلية الموضحة سلفًا.

ورغم الطابع الرئاسي للنظام السياسي التركي فإن فقدان تحالف الشعب للأغلبية المريحة ربما يعرقل بعض القرارات والمراسيم الرئاسية؛ فلن يكون بمقدور الرئيس طرح فكرة إجراء تعديل دستوري دون موافقة ثلاثة أخماس المقاعد (360 نائبًا)، كما أن الموافقة على التعديل الدستوري تحتاج ثلثي النواب (400 نائب). كذلك هناك قرارات تحتاج للأغلبية مثل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، وفرض حالة الطوارئ، وهي قرارات تتطلب موافقة 360 عضوًا، وأيضًا جميع المذكرات الرئاسية تتطلب موافقة أغلبية الحضور في البرلمان، ومنها رفع الحصانة عن النواب، أو مذكرات تمديد مهام القوات المسلحة خارج حدود البلاد.

وبالنظر لنتائج الأحزاب منفردة فنجد أن حزب العدالة والتنمية حافظ على موقعه المتصدر بأكبر نسبة تصويت تقدر بـ35.58% بواقع 268 مقعدًا بالبرلمان منها 3 لحزب الهدى بار المرشح ضمن قوائمه. ويليه حزب الشعب الجمهوري المعارض بنسبة 25.33%، أي 169 مقعدًا، منها 38 مقعدًا ستذهب لصالح أحزاب المستقبل والديمقراطية والتقدم والديمقراطي والسعادة المرشحين ضمن قوائمه. ثم حزب الحركة القومية بـ10.07% بواقع 50 مقعدًا، وحزب الجيد بـ 9.69% يتم ترجمتها إلى 43 مقعدًا. وخامسًا حزب اليسار الأخضر الذي يضم أصوات حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، حيث حصل على 8.81% بواقع 61 مقعدًا.

وتُظهر هذه النتائج استمرار احتفاظ الأحزاب المذكورة بالمراكز الخمسة الأولى مقارنة بانتخابات 2018، وبينما احتفظ حزبا العدالة والتنمية والشعب الجمهوري بالمركزين الأولين، إلا أن الأول فقد بعض الأصوات حيث حصل عام 2018 على نسبة 42.56% من الأصوات، بينما ارتفعت نسبة التصويت للثاني من 22.64% عام 2018. فيما حافظ حزب الجيد على نسبة أصواته تقريبًا لكنه حل هذه المرة في المرتبة الرابعة. أما حزب الشعوب الديمقراطية (اليسار الأخضر) فتراجع بحوالي 2.8% نقطة وفقد 6 مقاعد برلمانية ليحل في المرتبة الخامسة بدلًا من الثالثة. وتُوعز بعض التقديرات ذلك إلى احتمالية فهم أنصاره دعم كمال كيليجدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية على أنه دعم لحزب الشعب الجمهوري في الانتخابات البرلمانية، وبالتالي تم تمرير الأصوات لهذا الحزب. وأخيرًا خسر حزب الحركة القومية حوالي نقطة مئوية واحدة، لكنه ارتفع إلى المرتبة الثالثة صعودًا من الرابعة عام 2018.

• تغيرات طفيفة في الاتجاهات التصويتية التقليدية: بالنظر لخريطة التصويت على امتداد الولايات التركية الـ81، نلاحظ ثبات الاتجاه التصويتي لبعض الولايات مقارنة بالانتخابات السابقة؛ فقد صوتت ولايات (أغادير، وأغري، وفان، وهكاري، وشرناق، وماردين، وديار بكر، وموش، وسيرت، وباطمان) لمرشح المعارضة، وهي ولايات تنتمي لإقليمي شرق الأناضول وجنوب شرق الأناضول وتصوت تقليديًا لحزب الشعوب الديمقراطية الكردي، ويُفسر تصويتها لصالح كيليجدار أوغلو نتيجة إعلان حزب الشعوب التصويت له. ومع ذلك، كان الإقبال في ولاية ديار بكر الكردية منخفضًا بشكل ملحوظ مقارنة بعام 2018 ربما لعدم وجود مرشح للرئاسة عن حزب الشعوب الديمقراطية، ورغم تصويت من ذهب للانتخابات لمرشح الشعب الجمهوري فإن لدى بعض الأكراد مآخذ تاريخية تجاه الحزب الذي حكم تركيا بين عامي 1923 و1950 بواسطة أيديولوجيا قومية تركية أنكرت حقوق الأكراد الثقافية واللغوية. كما أعطت ولايات (كيركلاريلي، وتكيرداغ، وأدرنة، وتشاناكالي، وإزمير، وأيدين، وموغلا) أصواتها لكيليجدار أوغلو أيضًا، وهي تنتمي إلى إقليمي بحر مرمرة وبحر إيجه، وهي ولايات تصوت تقليديًا للمعارضة نظرًا لطابعها الليبرالي المستمد من الانفتاح الثقافي الناتج عن انتشار الأوروبيين بها. وأيضًا استمرت ولاية تونجلي في إعطاء أصواتها لمرشح الشعب الجمهوري وهذه المرة هي مسقط رأس كيليجدار أوغلو (العلوي) والمحافظة الوحيدة ذات الأغلبية العلوية.

لكنّ هناك تحولًا لافتًا في تصويت بعض الولايات، أهمها إسطنبول بكل أهميتها ورمزيتها، فهي تعتبر خزانًا تصويتيًا كبيرًا بكثافة تصويتية تُجاوز 11 مليون نسمة، ويُعرف تقليديًا بأن الفائز بإسطنبول يحكم تركيا، كما أنها تشكل دلالة رمزية لأردوغان الذي عمل كرئيس بلديتها قبل الفوز برئاسة وزراء تركيا، وتكتسب هذه الجولة أهمية مضاعفة نظرًا لفقدانها خلال الانتخابات المحلية لعام 2019. وكانت المفارقة في تصدر الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان في سبع من الولايات الجنوبية المتضررة من زلزال 9 فبراير وهي (ملاطية، وأديامان، وشانلي أورفا، وغازي عنتاب، وكيليس، وعثمانية، وكارامان ماراش) رغم محاولات المعارضة توظيف الانتقادات الموجهة لجهود الاستجابة الحكومية للزلزال وما كشفه من انتشار الفساد في القطاع الذي تسيطر عليه طبقة الرأسماليين المقربين من الحكومة، بينما مالت (أضنة، وهاتاي) فقط لكيليجدار أوغلو بفارق ضئيل أيضًا وبالأخص بالنسبة لأضنة، أما ديار بكر فهي لا تذهب تقليديًا لأردوغان. وبالمثل على صعيد الانتخابات البرلمانية، فقد ذهبت أصوات جميع الولايات المذكورة عدا ديار بكر لصالح تحالف الشعب وبفارق كبير جدًا لكنه يتسق مع تصويتها خلال انتخابات 2018، ويُمكن إيعاز ذلك للمساعدات الحكومية والتعهدات الانتخابية بإعادة إعمار المناطق المتضررة خلال فترة زمنية قصيرة.

وتُظهر الخريطة المرفقة انتقال بعض الولايات أيضًا للون الأحمر رغم تصويتها سابقًا لأردوغان وهي أنقرة وأسكي شهير، وكلاهما ذهب لحزب الشعب الجمهوري في انتخابات البلدية لعام 2019، وولايتا مرسين وأنطاليا الجنوبيتان التابعتان لإقليم شرق البحر المتوسط اللتان كانتا تصوتان تقليديًا لحزب العدالة والتنمية وأردوغان، وكذلك ولايات بتليس في الجنوب الشرقي، وآردهان وكارس في أقصى الشمال الشرقي، ودنيزلي وبالكيسير في الغرب.

وعلى صعيد التصويت الإقليمي، ينبغي الإشارة بدايةً إلى انقسام تركيا إلى 7 أقاليم رئيسية (وسط الأناضول – شرق الأناضول – جنوب شرق الأناضول – البحر الأسود – بحر مرمرة – بحر إيجه – البحر المتوسط). وبالنظر لاتجاهات التصويت لكل منطقة يتبين التالي:

• وسط الأناضول (13 ولاية): تصوت تقليديًا للمحافظين، وتشكل ولايات قونية وأنقرة وقيصري وتشانكري وكيركالي ويوزغات وسواس ونيفشهير وأكسراي ونيغدا معاقل لحزب العدالة والتنمية والحركة القومية، بينما يتنافس العدالة والتنمية مع الشعب الجمهوري في الدائرة الأولى لأنقرة وإسكيشهير وكرشهير.

– شرق الأناضول (14 ولاية): تضم نسبة كبيرة من الأكراد، تُعد ولايات تونجلي وموش وأغري وفان وأغدير وهكاري معاقل لحزب الشعوب الديمقراطية، بينما ملاطية وإيلازيغ وبنغول وأرضروم معاقل للعدالة والتنمية. ويتنافس الأخير مع الحركة القومية في ولاية أرزينجان، ومع الشعوب الديمقراطية في كارس وبيتليس، ومع الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطية في أرضهان.

– جنوب شرق الأناضول (9 ولايات): تشكل ولايات شانلي أورفا وغازي عنتاب وكيليس وأديامان معاقل لحزب العدالة والتنمية، أما ولايات ديار بكر وماردين وباطمان وسيرت وشرناق معاقل لحزب الشعوب الديمقراطية.

– بحر مرمرة (11 ولاية): تعتبر ولايات سكاريا وبورصة وكوجالي والدائرة الثانية في إسطنبول معاقل لحزب العدالة والتنمية، بينما ولايات تكيرداغ وإدرنة وكيركلاريلي معاقل لحزب الشعب الجمهوري، فيما يتنافس الحزبان في ولايات جناق قلعة وبليكسير وبيلاجيك ويالوفا.

– البحر الأسود (18 ولاية): تشكل معظمها عدا ولايات غيرسون وبارطين وزنغولدوك معاقل لحزب العدالة والتنمية، لكن حزب الحركة القومية له وجود في ولايات دوزجه وكاستاموني وأرتفين وبايبورت، ولحزب الجيد أيضًا حضور في ولايات غومشهانه وغيرسون وتوكات وسامسون وأماسيا وكربوك. فيما يتنافس العدالة والتنمية والشعب الجمهوري في ولاية زنغولدوك.

– بحر إيجه (8 ولايات): تعد الولايات الساحلية مثل إزمير وموغلا وأيدين نعاقل لحزب الشعب الجمهوري، أما الولايات الداخلية مثل كوتاهيا وأفيون قرة ودنيزلي معاقل لحزب العدالة والتنمية. ويتنافس الحزبان في ولايات أوتشاك ومانيسا وآيدن. ويوجد حضور لحزبي الحركة القومية والجيد في ولايات كوتاهيا وأفيون ومانيسا.

– البحر المتوسط (8 ولايات): تشكل ولايات كارامان ماراش وإسبرطه وبوردور هاتاي معاقل لحزب العدالة والتنمية، وولايات أضنة وعثمانية ومارسين معاقل لحزب الحركة القومية وتصوت أيضًا للعدالة والتنمية. ويتنافس الأخير مع حزب الشعب الجمهوري في ولايتي أنطاليا وبوردور.

وبالنظر لنتائج الانتخابات الأخيرة نرى تصدر أردوغان التصويت في أقاليم بحر مرمرة ووسط الأناضول والبحر الأسود وشرق الأناضول، بينما تصدر كمال كيليجدار أوغلو في أقاليم بحر إيجه وجنوب شرق الأناضول والبحر المتوسط، وهذا يعني خسارة أردوغان جزءًا من أصواته مقارنة بانتخابات 2018 التي تصدر خلالها كافة الأقاليم عدا بحر إيجه، كما يُلاحظ انخفاض في نسبة التصويت الممنوحة له في الأقاليم الأربعة مقارنة بنتائج 2018. أما الوضع بالنسبة للانتخابات البرلمانية فأهون قليلًا؛ فبينما تصدر حزب العدالة والتنمية نتائج الأقاليم جميعها خلال جولة 2018 فإنه فقد إقليم بحر إيجه فقط خلال انتخابات 2023، ومع ذلك فإن نسبة الأصوات التي حصل عليها هذه المرة أقل مقارنة بالانتخابات السابقة في كافة الأقاليم ويتماشى هذا مع تراجع شعبيته بصفة عامة.

• قصور استطلاعات الرأي: كشفت نتائج الانتخابات عدم دقة استطلاعات الرأي التي أظهر حساب متوسطاتها تقدم كيليجدار أوغلو؛ فحتى الشركات التي أظهرت نتائجها تقاربًا كبيرًا للتصويت الفعلي خلال انتخابات 2018 مثل أورك وماك وميتروبول تجاوزت هذه المرة هامش الخطأ المتوقع، وكذلك الحال بالنسبة لتوقعات الوكالات البارزة مثل وكالة كوندا الأمريكية التي بينت تصدر كيليجدار أوغلو بأقل قليلًا من 50%، وتقرير تركيا التي توقعت في 12 مايو حصول المذكور على 50.5%. وأرجع رئيس مجلس إدارة شركة “ماك” خطأ التنبؤ إلى عوامل منها احتمالية وجود مشكلات في أسلوب المقابلات وتسبب هامش خطأ بمقدار +/- 2.9%، أو إجراء الاستطلاعات قبل 12-18 يومًا من الانتخابات، بينما أخذت الحملات الرئاسية منحى سريعًا خلال الأيام العشر السابقة على التصويت، أو عدم القدرة على التنبؤ بتوزيع أصوات اليمين القومي لكل من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فقد توقعت استطلاعات الرأي حصول حزب الحركة القومية على ما بين 7-9% من الأصوات بينما استطاع إحراز 10.07%، وبالمثل تجاوز سنان أوغان التوقعات المحصورة بين 2-4% ليسجل 5.17%، كما سيتم تمثيل حزب الرفاه الجديد بخمسة نواب في الجمعية الوطنية ضمن تحالف الشعب بعد حصوله على أكثر من 1.5 مليون صوت. ويعتقد بعض المحللين أن قضية صعوبة التكهن بأصوات اليمين القومي وقياسها ليست قاصرة على تركيا ولكنها تطال أيضًا البرازيل والمجر والولايات المتحدة، ففي البلدان الأربعة لم تنعكس أصواتهم في استطلاعات الرأي وإنما في صناديق الاقتراع.

ومع ذلك أظهرت بعض الشركات درجة عالية من الدقة هي: أوبتيمار وبيتيمار وسونار؛ حيث توقعت الأولى فوز أردوغان بنسبة 50.4% من الأصوات، وكيليجدار أوغلو بـ 44.7%. بينما توقعت الثانية حصول أردوغان على 49.1% وكيليجدار أوغلو على 45%. فيما تنبأت سونار أن يفوز أردوغان بنسبة 48.8% من الأصوات وكيليجدار أوغلو بنسبة 44.1%. كذلك فإن أحد استطلاعات شركة ميتروبول أجرته بين 4-7 مايو أظهر تصدر أردوغان بنسبة 49.5% وكيليجدار أوغلو بنسبة 44.7% وهي أقرب نسبة للنتيجة النهائية.

ختامًا، تتجه الأنظار ليوم الحسم في 28 مايو رغم غياب توقع أي مفاجآت، فنتيجة الجولة الأولى ستحمل تداعيات نفسية تحكم سلوك الناخبين خلال الجولة الثانية، حيث إن تفوق حزب العدالة والتنمية وفوز تحالف الشعب الحاكم بالعدد الأكبر من المقاعد وتصدر أردوغان التصويت الرئاسي سيفقد أمل المعارضة في فوز كيليجدار أوغلو، وربما سيطلب أردوغان من الناخبين التصويت له لجعل البرلمان والرئاسة من نفس الاتجاه السياسي لتسهيل إقرار القرارات والمراسيم والقوانين، بينما سيلجأ كيليجدار أوغلو إلى تبني خطاب أكثر تشددًا تجاه اللاجئين واليمين القومي لجذب الناخبين. وهنا يثور تساؤل بشأن مصير أصوات المرشح المستقل سنان أوغان، وحتى كتابة هذه السطور لم يُعلن أوغان دعمه لأي من المرشحين، لكن المسألة خاضعة للمفاوضات مع الطرفين، مع العلم أن أوغان أقرب لكيليجدار أوغلو بالنسبة لإخراج اللاجئين السوريين فورًا لكنه يبتعد كثيرًا من موقفه من حقوق الأكراد.

 

.

رابط المصدر:

https://ecss.com.eg/34258/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M