حادثة صغيرة، وهواجِس كبيرة: أزمة المنطاد وآفاق العلاقات الصينية-الأمريكية

أثار دخول منطاد صيني المجالين الجويين للولايات المتحدة وكندا أزمة دبلوماسية جديدة بين واشنطن وبيجين. ووصف مسؤولون أمريكيون ووسائل إعلام المنطاد بأنه أداة «تجسس»، قبل إسقاطه بواسطة مقاتلة من طراز «إف 22» قبالة سواحل ساوث كارولينا. ونفت الصين الطابع الاستخباراتي للمنطاد، وأكدت أنه مصمم لرصد أحوال الطقس.

 

تتناول هذه الورقة أبعاد التصعيد الدبلوماسية والإعلامي الأمريكي بشأن المنطاد الصيني، ودوافع الطبقة السياسية الأمريكية، وحدود رد الصين، والآفاق المستقبلية للعلاقات بين واشنطن وبيجين في ضوء هذه الأزمة.

 

جدل يتجاوز حادث المنطاد

تعكس التجاذبات حول المنطاد الصيني تبدلاً عميقاً في أولويات النخب السياسية الأمريكية إزاء صياغة العلاقات مع الصين. وقد أدت الضغوط السياسية على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسقاط المنطاد، الذي اتهمته وكالات الاستخبارات بالتجسس على قواعد عسكرية ومنشآت أمريكية متصلة بالأمن القومي، في المحيط الأطلسي تجنباً لسقوط بقاياه على مناطق مأهولة.

 

وأنتج حادث المنطاد مواجهة حزبية بين الجمهوريين والديمقراطيين انعكست في سعي الجمهوريين لإحراز نقاط سياسية عبر اتهام الرئيس الأمريكي بالضعف والتأخر في حماية أمن الأراضي الأمريكية من “التهديد” الصيني، بينما حاول الديمقراطيون إلباس الإدارة ثوب الحسم والقدرة على ردع عمليات التجسس الصينية. وفي سياق التنازع السياسي، استهدف الديمقراطيون مصداقية الحزب الجمهوري من خلال الكشف عن تحليق مناطيد صينية مشابهة فوق الأراضي الأمريكية خلال رئاسة دونالد ترامب، وهو ما نفاه الجمهوريون.

 

وتتمسك الصين بأن المنطاد لا يعدو كونه مركبة مدنية غير مأهولة مخصصة لرصد أحوال الطقس انحرف عن مساره بفعل الرياح باتجاه شمال غرب أمريكا الشمالية، وأنها “تأسف” لحدوث ذلك. وقد حرصت الصين على تبادل المعلومات مع السلطات الأمريكية بخصوص المنطاد، قبل إسقاطه. واتهمت بيجين واشنطن بـ”المبالغة” في تبني أساليب عسكرية للتعامل مع منطاد مدني، وأكدت حقها تبني نفس الأسلوب مستقبلاً. وقد دان تشيه فنغ، نائب وزير الخارجية والسفير الصيني القادم في واشنطن، الحادث لدى السفارة الأمريكية في بيجين، واعتبره نكوصاً عن التقدم في العلاقات على خلفية قمة الرئيسين شي وبايدن في بالي، في نوفمبر الماضي.

 

ولا شك أن الصين تنفذ تكتيكات تجسس مكثفة على الولايات المتحدة تفوق، وفقاً لخبراء، تجسس الاتحاد السوفيتي في قمة الحرب الباردة، بنفس الأساليب التي تتبناها واشنطن للتجسس على كل من الخصوم والحلفاء على حد سواء. تشمل هذه الأساليب شبكة واسعة من العملاء على الأراضي الأمريكية، وأكثر من 500 قمر صناعي لديها إمكانات تجسسية متفاوتة (أُطلق أربعة منها العام الماضي فقط)، وتكنولوجيا تجسس سيبراني فائقة التطور.

 

لكن المواجهات والجدالات السياسية الداخلية، وضعف مصداقية البُعد الاستخباراتي للمنطاد، فضلاً عن التغطية الإعلامية المكثفة للحدث، أنتجت شكوكاً موضوعية بشأن الرواية الأمريكية الرسمية. وأهم عناصر التشكك في المسار الدعائي الأمريكي تتمثل بالآتي:

 

  1. كُبْر حجم المنطاد، وصعوبة حجبه عن الرؤية، وضعف القدرة على التحكم بمساره، إلى جانب تواضع منظومة الرصد التكنولوجي الملحقة به. وقد كان منطقياً استخدام مثل هذه المناطيد في أغراض التجسس منذ القرن التاسع عشر وحتى خمسينيات القرن الماضي، لكن منذ ذلك الحين تراجعت أهميتها بشكل كبير بالنسبة لجميع الدول المتقدمة، وأولها الولايات المتحدة. ومن ثم، فمن غير المنطقي لجوء الصين، التي تملك تكنولوجيا تجسس معقدة وفائقة التقدم، لمنطاد لتنفيذ عمليات استخباراتية مكلفة سياسياً ودبلوماسياً. وقد أكد مسؤول في البنتاغون هذه الافتراضات عبر تكرار أن حمولة المنطاد “لن تقدم الكثير فيما يتصل بالتجسس الذي لا تستطيع الصين تنفيذه من خلال أقمار التجسس الصناعية”.
  2. لاستعادة البيانات من المنطاد، ينبغي وجود منظومة بث معقدة تتطلب مصاحبة المنطاد لطائرة تجسس، أو اسقاط حمولته التكنولوجية وجمعها من قبل عملاء ميدانيين وإرسالها لبيجين، أو تلقيها بواسطة موجات راديو متصلة بقمر صناعي صيني أو للأراضي الصين مباشرة، وجميع هذه الإجراءات تنطوي على مخاطرة عالية.
  3. نجاح قيادة الدفاع الفضائي لأمريكا الشمالية في رصد المنطاد ومراقبته منذ خروجه من المجال الجوي الصيني وحتى وصوله للأجواء الأمريكية. وإذا كان المنطاد مُخصصاً لأغراض التجسس، قد يكون منطقياً إسقاطه قبل دخوله المجال الجوي لولاية ألاسكا، وهو ما لم يحدث.
  4. توقيت الأزمة التي جاءت عشية زيارة كانت مقررة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لبيجين، ولقاء غير اعتيادي (الأول منذ ستة أعوام) لوزير خارجية مع الرئيس شي جينبنغ. وقد عكس ذلك رغبة الصين في الوصول لظروف مناسبة لحدوث تهدئة في العلاقات المتوترة بين الجانبين. وقال بلينكن إن حادث المنطاد “يضر بالمناقشات الموضوعية التي كنا مُستعدين لها”.

 

الدوافع المحفِّزة لرد الفعل الأمريكي: احتمالات مُمكنة

 

1.  أجندة صينية متشددة

يفترض هذا لاحتمال/السيناريو وقوف أجنحة متشددة داخل الصين وراء الأزمة، عبر ارسال المنطاد إلى المجال الجوي الأمريكي في هذا التوقيت، لتعطيل مسار التهدئة وعرقلة خروج زيارة بلينكن بنتائج إيجابية، فضلا عن بناء نظام مناعي دبلوماسي يجنب القيادة الصينية الحاجة لتقديم تنازلات، فيما يتصل بالقضايا الحساسة كتايوان أو الحرب الأوكرانية، مقابل تحسين العلاقات مع واشنطن.

 

لكن يظل هذا الاحتمال غير مرجح، للأسباب الآتية:

أولاً، عدم اتساقه مع طبيعة النظام الصيني والقواعد الحاكمة للعمل داخل الحزب الشيوعي التي لا تسمح بتأثير الفصائلية ومراكز القوى الداخلية في رسم السياسة الخارجية، ومركزية القرار في يد شي، فضلاً عن الإجراءات العقابية المحتملة والحاسمة ضد الفاعلين الرئيسيين إذا ثبت ذلك.

 

ثانياً، يتناسب الدفع باتجاه التهدئة مع التحولات اللحظية الانتقالية التي تتبناها الصين في السياسة الداخلية والاقتصاد والسياسة الخارجية منذ التخلي عن سياسة “صفر-كوفيد“، وإعادة الانفتاح عن العالم. ويتناسب تحسين العلاقات أيضاً مع التوافق الصيني بأن “الوقت في صالح الصين”، أي أن بيجين في حاجة إلى كسب الوقت في تنافسها مع واشنطن.

 

ثالثاً، صعوبة التحكم بالمنطاد وتوجيهه في مسار محدد وإرساله للأجواء الأمريكية، من قبل القوى المعارضة المفترضة في الداخل الصيني، حتى لو أرادت ذلك.

 

2. الحسابات الأمريكية الداخلية

يتسق هذا السيناريو لأزمة المنطاد الصيني مع التحولات العميقة في بنية الحوافز الداخلية لرسم سياسات الولايات المتحدة تجاه الصين. فقد شهدت هذه الحوافز، منذ إدارة ترامب وإلى الآن، تحولات متسارعة باتجاه التشدد في التصورات التهديدية الأمريكية، ممزوجة باتساع دائرة الاستقطاب السياسي والانقسام الاجتماعي في شكل عام. وانسحبت تأثيرات هذه التحولات بوضوح على تعامل الإدارة الأمريكية والنخب السياسية في الكونغرس والخبراء ووسائل الإعلام مع الأزمة بمسار حمل طابعاً هيستيرياً أحياناً، ومتشدداً وبرغماتياً ضيقاً في أحيان أخرى.

 

وقد انبثق عن تزامن ظهور المنطاد فوق السواحل الشرقية مع توقيت زيارة بلينكن التي كانت مرتقبة لبيجين، وقرب إلقاء الرئيس الأمريكي خطاب حال الاتحاد، أهمية خاصة، قد تكون مبالغة، لتفسيرات تحيط بالمنطاد والغرض الحقيقي من ورائه. فضلاً عن وصول المسؤولين في الإدارة لاستنتاجات بأن زيارة بلينكن لم تكن كافية لتغيير مسار التصعيد، ومن ثمّ فهي لا تستحق الكلفة السياسية الداخلية. وعكس ذلك توافق قسم فاعل ومؤثر داخل الإدارة الديمقراطية مع الأغلبية الجمهورية في الكونغرس على معارضة حدوث الزيارة والتوصل إلى اتفاق تهدئة. بالإضافة إلى ذلك، قد ينطلق حرص المسؤولين المعارضين لتحسين العلاقات من قلق إزاء احتمال ظهور الإدارة، بالتزامن مع خطاب حال الاتحاد المهم الذي يحمل ضمنياً نوايا الرئيس للترشح في الانتخابات الرئاسية 2024، طرفاً ضعيفاً في مواجهة بيجين، خصوصاً أمام الجمهوريين والناخبين.

 

لذلك، فإن هذا الاحتمال هو الأكثر ترجيحاً إلى الآن كقاعدة تحليلية يمكن البناء عليها بشكل موضوعي لفهم دوافع الفاعلين السياسيين الأمريكيين وراء استغلال أزمة المنطاد لتصعيد المواجهة مع الصين.

 

وعلى مستوى الناخبين، تبدو الإدارة في حاجة لتضييق الهوة في التصور التهديدي المحلي بين النخبة السياسية في واشنطن والمصوتين الأمريكيين إزاء الصين. ويوضح هذا الهدف الاستراتيجي التغطية الإعلامية المكثفة (والسلبية في أغلب الأحيان) للصين. فعلى الصعيد الدبلوماسي والعسكري والأمني والتجاري، ثمة توافق متصاعد بين قادة الحزبين على اعتبار الصين “الدولة الوحيدة التي لديها نية لإعادة تشكيل النظام الدولي، وتمتلك بشكل متزايد القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية للقيام بذلك”.

 

على الصعيد الشعبي، لا تبدو أبعاد التنافس بهذا الوضوح. فقد أظهر استطلاع رأي في نوفمبر الماضي تراجُع التدخل المباشر لردع الصين في حال غزو تايوان، أو الاستثمار طويل المدى للتنافس مع الصين، على قائمة أولويات السياسة الخارجية للمشاركين. وفي حين دعمت أغلبية الدفاع عن تايوان، انحصر التدخل الأمريكي، وفقاً لرؤاهم، في بيع الأسلحة لتايوان وفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية على الصين (نفس فلسفة التدخل في الحرب الأوكرانية)، بينما وافقت أقلية على التدخل العسكري للدفاع عن تايوان. وقد دعم ثلث المشاركين فقط قيادة الولايات المتحدة لتحالف دولي لتقويض صعود الصين. فضلاً عن ذلك، عبر المشاركون عن قلقهم من التوسعات الحدودية للصين في آسيا، بينما جاءت قضايا، من قبيل الدفاع عن أراضي الولايات المتحدة، والتهديد الروسي، والإرهاب، والأمن السيبراني أولويات متقدمة على “التهديد” الصيني.

 

ومن أجل الوصول لنقطة التقاء في التصورات السياسية والشعبية، وجد السياسيون الأمريكيون في المنطاد الصيني رمزاً لزحف الصين إلى مجال قريب بشكل كاف لتشكيل تهديد مباشر لأمن الولايات المتحدة؛ أي أن المنطاد قام بدور التعبير الظاهري والملموس والقريب للتهديد الصيني بهدف إحداث تحول في الإدراك الجمعي للأمريكيين الثابت على اعتبار الصين تهديداً بعيداً، باتجاه رؤيتها تهديداً قريباً.

 

وتكمُن الاستفادة الأساسية من مضاعفة مخاوف الأمريكيين إزاء الصين في تبنّي تحول في السياسات وفك بعض القيود المتراكمة ومنح واشنطن حرية حركة وموارد أكبر في التنافس مع بيجين. فعلى سبيل المثال، لا تزال بعض العناصر التنافسية الأساسية في استراتيجية الإدارة الأمريكية تُقابل بعدم قبول شعبي، من قبيل زيادة الميزانية الدفاعية وإعادة توجيه الصناعة الوطنية وفرض تعريفات جمركية على السلع الاستراتيجية، كالرقائق، التي ينتجها الحلفاء، وتبني تحول عسكري شامل، وتقويض الحمائية وإعادة الانفتاح الاقتصادي والتجاري على العالم.

 

ورغم أن حادثة المنطاد الصيني أصغر كثيراً من حوادث تاريخية أحدثت تحولات في تصورات الأمريكيين التهديدية، مثل الحادي عشر من سبتمبر، فإنها مع ذلك، تظل مهمة للدفع في هذا الاتجاه.

 

آفاق العلاقات الصينية الأمريكية

ثمة إجماع على أن أحد أهم خصائص عمل الحكومة الصينية هي السرية، وصعوبة قراءة ديناميات صناعة القرار. ومن ثم، فإن حادث المنطاد أثار، كما كان متوقعاً، الكثير من التكهنات حول ملابسات إطلاق المنطاد في هذا التوقيت الحساس بالنسبة لبيجين من الناحية الدبلوماسية.

 

ومع استبعاد سيناريو سعي قوى داخلية، خصوصاً بين صفوف جيش التحرير الشعبي الصيني إلى تعطيل التقدم في العلاقات الثنائية (قوة الصواريخ هي المسؤولة عن تشغيل مناطيد رصد الأحوال الجوية عالمياً)، فقد انحسرت التفسيرات في احتمالين: أن إرسال المنطاد فوق أجواء أمريكا الشمالية لم يكن مقرراً وأنه انحرف عن مساره، أو أن اطلاقه جزء من خطط روتينية طويلة المدى وحصل دون الانتباه للأجندة الدبلوماسية والتبعات السياسية المحتملة.

 

وفي كلتا الحالتين، تتناقض نتائج هذه الحادثة مع الأولويات الاستراتيجية للقيادة الصينية، التي تتركز في هذه المرحلة على إعادة تنشيط الاقتصاد الصيني، بالتوازي مع إلغاء سياسة “صفر-كوفيد”، وإعادة الانفتاح على الأسواق الخارجية. وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة شرط أساسي لتحقيق ذلك عبر كسب الوقت، وتخفيف العقوبات على قطاع التكنولوجيا الصيني، وتحسين البيئة الاستراتيجية المحيطة بالصين في شرق آسيا.

 

وتُثبِت هذه الرؤية أنه بغض النظر عن دوافع المسؤولين عن عملية المنطاد، فإن القيادة الصينية العليا لم تكن، على ما يبدو، على علم مُسبق بها. ويخلق هذا الاستنتاج، إن صحّ، معضلتين بالنسبة للرئيس الصيني شي جينبينغ، أحدهما داخلية والأخرى دولية.

 

فاستناداً إلى الاستنتاج حول غياب الصورة المسبقة عن القيادة، تكمُن المشكلة الأولى في وجود خلل في التنسيق بين مكونات صنع القرار المتصل بالأمن القومي نابعة من فجوة بين المستويات الأعلى في هرم السلطة. وتنبني المعضلة الثانية على الأولى، إذ يُضفي هذا الواقع درجة من الشك حول كفاءة الجهاز البيروقراطي الصيني مترامي الأطراف، وحول طبيعة تعامل الصين مع أزمات أكبر وأكثر خطورة في المستقبل، من قبيل وقوع مواجهة غير مقصودة في خليج تايوان. وقد نجحت واشنطن في تعزيز هذا الإنطباع عن القيادة الصينية في الأوساط الدبلوماسية والشعبية خلال هذه الأزمة.

 

إلى جانب ذلك، فإن التصعيد الأمريكي يُلقي الكرة في ملعب القيادة الصينية وفقاً لحساباتها التصعيدية المقابلة، وتفاعلات الربح والخسارة على الصعيدين الخارجي والداخلي. ففيما يتعلق بالعلاقات الثنائية، يدرك المسؤولون الصينيون منذ البداية أن نظراءهم الأمريكيين لم يكونوا مستعدين لتقديم تنازلات جوهرية خلال زيارة بلينكن، التي تزامنت مع فرض حزمة جديدة من العقوبات على صناعة الرقائق الصينية، وتوقيع اتفاق جديد يسمح بوجود قوات أمريكية في أربع قواعد عسكرية فلبينية جديدة. أما على الصعيد الداخلي، فسيتوقف رد فعل شي على التقدم والتراجع في توقعات القوميين المتشددين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين يرون الزعيم الصيني في ذروة قوته بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي. كذلك، فإن تصديق البرلمان الصيني، بغرفتيه، على فترة شي الثالثة الاستثنائية في الحكم والتغييرات الواسعة في هيكل القيادة الشهر المقبل سيلقي بظلاله أيضاً على حسابات الزعيم الصيني المتصلة بالرد.

 

ومع ذلك، يتوقع ألا يتخطى الرد الصيني حدود الدبلوماسية، وألا يشمل تحركات ذات طابع عسكري ضد أهداف أمريكية قريبة، مثل طائرات التجسس المنتشرة في بحر الصين الجنوبي، أو السفن الحربية المبحرة في خليج تايوان.

 

يتوقع أيضاً توقُّف التصعيد الأمريكي عند هذا الحد، وعدم تمديد المواجهة لفترة طويلة في ما بعد خطاب حال الاتحاد. وينبع ذلك من رغبة الطرفين في تخطي هذه الحادثة وعدم تحولها إلى أزمة قابلة للتجدد. ومن ثم، ينتظر أن يوفر الطرفان الظروف الملاءمة للمضي قدماً في زيارة بلينكن للصين قريباً.

 

استنتاجات

نجمت حادثة المنطاد الصيني، على الأرجح، عن خطأ في الحسابات من قبل مسؤولين صغار وأقل منزلةٍ في القيادة الصينية، وليست نتاجاً لأجندة معاكسة لأولويات الرئيس الصيني حول الانفتاح وتحسين العلاقات مع واشنطن. لكن الأزمة الأخيرة تعكس اقتراب القلق الأمريكي من “التهديد” الصيني من بلوغ ذروته، وارتباطه المباشر بتفاعلات الانقسام الحزبي الداخلي في الولايات المتحدة، وهو ما يطرح أسئلة حول تأثير السياسة على الدبلوماسية وقدرة الإدارة الأمريكية على رسم السياسة الخارجية، ومستقبل هذا التأثير على إدارة الأزمات الكبرى والتي تكاد تكون حتمية في العلاقات الصينية الأمريكية.

 

.

رابط المصدر:

https://epc.ae/ar/details/scenario/azmat-almntad-wafaq-alalaqat-alsiynia-al-amrikia

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M