سوريا وهجوم “حماس”: هل تبرز جبهة أخرى محتملة مدعومة من إيران؟

يؤدي انتشار الميليشيات التي ترعاها إيران والقوات السورية فضلاً عن شن هجمات جديدة في الجولان إلى إحداث إرباكات أمنية مقلقة في الوقت الذي تتعامل فيه إسرائيل مع الأزمة على جبهتها الجنوبية.

في 10 تشرين الأول/أكتوبر، أطلقت قوات مجهولة الهوية قذائف هاون من سوريا نحو مرتفعات الجولان، مما استدعى رداً فورياً من الجانب الإسرائيلي الذي أطلق نيران المدفعية وقذائف الهاون على نقطة الإطلاق. ووقعت هذه الحادثة على طول هذه الحدود الهادئة عادةً وجاءت في أعقاب الهجوم الوحشيّ الذي شنّته حركة “حماس” في جنوب إسرائيل وزادت من حدّة التوترات المتصاعدة على طول الحدود الشمالية مع لبنان. وبينما يستعد جيش الدفاع الإسرائيلي للدخول إلى غزة، تزداد التوقعات بأن القوات الأخرى المدعومة من إيران مثل “حزب الله” قد تفتح جبهاتٍ أخرى في الحرب – وهو السيناريو الذي دفع الرئيس الأمريكي بايدن إلى إصدار تحذير عام إلى “أي جهة قد تفكر في استغلال هذا الوضع”، في حين تفيد بعض التقارير أن مسؤولين أمريكيين آخرين أرسلوا تحذيرات إلى “حزب الله” عبر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري. ونظراً إلى التقارير الحديثة عن إرسال الميليشيات السورية المدعومة من “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني مقاتلين إلى منطقة القنيطرة المجاورة للجولان، يجب أن تتوقع واشنطن تصعيداً محتملاً من الجانب السوري على إثر أحداث 10 تشرين الأول/أكتوبر، وأن تتخذ الإجراءات المناسبة للحد من الخيارات المتاحة أمام إيران في هذا السياق.

وعلى الرغم من عدم إعلان أي جماعة سورية مسؤوليتها عن الهجوم بقذائف الهاون حتى الآن، تشير التقارير مفتوحة المصدر إلى أنه تم إطلاقها من موقع للميليشيات الإيرانية بالقرب من منطقة البكار في ريف درعا الغربي. وأكّد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن إحدى الفصائل الفلسطينية قد نفّذت هذا الهجوم من الأراضي السورية. وفي هذا الإطار، أفاد جيش الدفاع الإسرائيلي بأن بعض القذائف وقعت داخل الأراضي الإسرائيلية ويُفترض أنها سقطت في مناطق مفتوحة. ووفقاً لبعض التقارير استهدف رد الجيش الإسرائيلي مواقع سورية وإيرانية في ريف القنيطرة الجنوبي وريف درعا.

وقبل أيام من عملية تبادل هذه القذائف، أفادت مصادر محلية بانتقال قوات نظام الأسد والميليشيات الموالية لإيران من شمال وشمال شرق سوريا إلى الجولان. وشمل ذلك وصول قادة وأعضاء من “حزب الله” في 8 تشرين الأول/أكتوبر إلى مواقع عسكرية في درعا والقنيطرة، مزوّدين بطائرات بدون طيار وبصواريخ “فجر” الإيرانية وبأسلحة متطورة أخرى. كما أشارت تقارير أخرى إلى أن وحدة “الرضوان” النخبوية في “حزب الله” والمتخصصة في عمليات التسلل إلى إسرائيل قد انتشرت بالقرب من الحدود إلى جانب وحدات الجيش السوري.

وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر أفادت التقارير بأن “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني نقل نحو خمسين من عناصر الميليشيات من مدينة البوكمال الواقعة بالقرب من الحدود العراقية إلى دمشق، وقد تدرب جميعهم على استخدام الصواريخ المضادة للطائرات وصواريخ الكاتيوشا وغيرها من الصواريخ المحمولة على الكتف. ووفقاً لبعض التقارير نشرت إيران أيضاً وحدة عسكرية من “لواء القدس” المرتبط بنظام الأسد على الحدود مع إسرائيل، فضلاً عن تعزيزات مجهزة بأنظمة صاروخية وأجهزة تشويش/مراقبة وطائرات بدون طيار. وفي نيسان/أبريل، أفادت بعض التقارير أن “لواء القدس” أطلق صواريخ باتجاه الجولان، مما دفع إسرائيل إلى الرد بضربة على مقر ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري وقائد “الفرقة الرابعة” في جيش النظام التي تعمل إلى جانب الجماعات المدعومة من إيران في سوريا أو تساندها.

وأفادت بعض التقارير أيضاً أن طهران أمرت قادة “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني في دير الزور بنقل ميليشياتهم إلى محافظة القنيطرة، إلا أن بعض أفراد الميليشيات رفضوا الانتقال (كما أكدت ذلك مصادر محلية). وتشير تقارير إضافية إلى أن الميليشيات الإيرانية تحاول إيجاد طرق مختلفة لنقل عناصرها من العراق إلى سوريا أو داخل الأراضي السورية دون أن يتعرضوا لغارات جوية إسرائيلية. وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر، تم استهداف قافلةً مدعومةً من إيران في مدينة البوكمال على يد طائرة مجهولة، يرجّح أنها إسرائيلية.

وتأتي هذه الحوادث وسط تدهور الوضع الأمني في جميع أنحاء غرب سوريا، بما في ذلك نشوب الاحتجاجات الدرزية المعارضة للنظام في محافظة السويداء جنوباً وتصاعد الاشتباكات العسكرية شمالاً. وفي الأسبوع الماضي، هاجمت طائرة بدون طيار تحمل متفجرات حفل تخرج في “الكلية الحربية” في حمص، مما أسفر عن مقتل 89 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 277 آخرين بجروح. وردّ الجيش السوري على هذا الهجوم بقصفٍ عشوائي على محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، والتي يشتبه ضلوعها في الهجوم، مما أدّى إلى مقتل 49 شخصاً وإصابة 279 آخرين بجروح حتى الآن. كما أفادت وسائل إعلام معارضة عن تنفيذ غارات جوية روسية في إدلب بعد أن استهدف عدد من الطائرات الانتحارية بدون طيار القوات الروسية خارج “قاعدة حميميم الجوية” في اللاذقية.

ولتقييد خيارات إيران وتفادي اتساع نطاق الأزمة الناجمة عن الصراع بين “حماس” وإسرائيل، يتعين على واشنطن أن توجّه تحذيراً مباشراً إلى الرئيس بشار الأسد بعدم دخول الحرب وكبح جماح الميليشيات المدعومة من إيران على طول حدود الجولان، مرددةً بذلك تحذيرات سابقة، والتي وفقاً لبعض التقارير نقلتها الإمارات العربية المتحدة له بناءً على طلب واشنطن. وفي الوقت نفسه، على المسؤولين الأمريكيين أن يراقبوا عن كثب التصعيد الجديد للنظام في إدلب.

ولطالما دعت الإمارات العربية المتحدة إلى ردّ اعتبار الأسد، لذلك من المرجح أن يستغل النظام وساطة أبوظبي في الأزمة الحالية للمطالبة بالمزيد من الأموال المسبقة من دول الخليج العربي، التي دفعت هذه الأموال في وقتٍ سابقٍ من هذا العام من خلال إعادة سوريا إلى “جامعة الدول العربية” وتطبيع العلاقات معها دون الحصول على أي شيء في المقابل. ومع ذلك، لا ينبغي تخفيف العقوبات على سوريا بأي شكلٍ من الأشكال دون الحصول على دليل واضح على أن الأسد يقيّد الخيارات المتاحة أمام إيران في مواجهة إسرائيل والأردن وغيرهما من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

 

.

رابط المصدر:

https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/swrya-whjwm-hmas-hl-tbrz-jbht-akhry-mhtmlt-mdwmt-mn-ayran

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M