شبح الصين يطارد أهداف أوروبا المناخية.. ما علاقة الألواح الشمسية؟

حذّر باحثون من أن أهداف أوروبا المناخية في خطر، بسبب الاعتماد المفرط على واردات الطاقة الشمسية من الصين (خاصة الألواح)، وانخفاض قدرات التصنيع المحلية.

وأجرى علماء جامعة “روما تري” الإيطالية دراسة لتقييم وضع سلسلة التوريد العالمية لصناعة الطاقة الشمسية بين عامي 2007 و2021، مع التركيز على أسواق الصين والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.

ومن خلال دراسة الفوارق التجارية والتكنولوجية، رسمت الدراسة المنشورة في مجلة “كلينر برودكشن” (Journal of Cleaner Production) خريطة سلسلة توريد الطاقة الشمسية، وسلّطت الضوء على التطور طويل المدى للجانبين التجاري والتكنولوجي، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وتوصّل الباحثون إلى ضرورة تعزيز قدرات الإنتاج الأوروبية، عبر إرساء بنية أساسية مرنة ومستدامة، ووضع إستراتيجية خاصة لتعزيز التنافسية الأوروبية في إنتاج المكونات، والحد من التبعية للخارج.

ومن المتوقّع أن تؤدي الطاقة الشمسية دورًا كبيرًا في أهداف خفض الانبعاثات، مع وجود خطط لرفع مستهدفات قدرات التركيب الجديدة لتتراوح بين 325 و375 غيغاواط بحلول 2030؛ ما يتطلب نموًا يتراوح بين 3 و5 أضعاف سوق الطاقة الشمسية الأوروبية في 2019.

اعتمد الباحثون في الدراسة بعنوان “السيادة التكنولوجية والتبعيات الإستراتيجية: حالة سلسلة توريد الطاقة الشمسية” على قاعدة بيانات منصة “كوم تريد” التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وقاعدة بيانات براءات الاختراع التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

واردات الطاقة الشمسية الأوروبية

في ضوء التوترات داخل سلسلة القيمة العالمية، أصبح التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة هدفًا أكثر إلحاحًا من ذي قبل، رغم التحديات الناجمة عن التوزيع غير المتماثل للمعادن الأرضية النادرة وقدرات التصنيع والتكنولوجيا.

وأصبحت الصراعات العالمية تدور في فلك السيطرة على المعادن النادرة، كما سلطت الدراسة الضوء على معاني “السيادة التكنولوجية” و”التبعية الإستراتيجية”.

وعلى صعيد السياسات، تحوّل النقاش من الثناء على منافع العولمة إلى إعادة اكتشاف مبادئ تستهدف تقييم الاستقلالية الاقتصادية.

يقول الباحثون الإيطاليون إن تحقيق أهداف أوروبا المناخية عبر إستراتيجية “الشراء من الخارج” ستكون له عواقب على مسيرة التنمية المستدامة لقطاعي التكنولوجيا والإنتاج.

وتؤكد الدراسة الأهمية الإستراتيجية للاستثمار والقرارات السياسية في إرساء بنية طاقة أساسية تتميز بالمرونة والاستدامة من أجل المستقبل، بحسب تقرير نشرته منصة “بي في ماغازين” (pv-magazine).

وسلّط القائمون على الدراسة الضوء أيضًا على الحاجة الملحّة لوضع إستراتيجية مخصصة لتعزيز التنافسية الأوروبية في إنتاج مكونات صناعة الطاقة الشمسية، وضرورة الحد من التبعية الكبيرة لسلسلة التوريد العالمية.

التبعية للخارج

لا يُسهم إنتاج تقنيات الطاقة المتجددة وتطوير سلسلة توريد “أكثر اعتمادًا على النفس” في تحقيق أهداف أوروبا المناخية فحسب، بل سيعزز أمن الطاقة وسيحد من الاعتماد على الخارج وسيرتقي بالمعايير المناخية.

يقول الباحث فرانسيسكو كريسبي إنه على الرغم من جهود الاتحاد الأوروبي الأخيرة لاستئناف إنتاج مكونات صناعة الطاقة الشمسية في بعض الدول الأعضاء؛ فإنه ما زال عرضة للتبعية الإستراتيجية.

وأوضح: “في دراستنا، اعتمدنا نهجًا لتحديد القطاعات والمناطق الأكثر تبعية داخل سلاسل التوريد الشمسية في أوروبا، والتي تمتلك أيضًا بعض الميزات التنافسية”.

وأضاف: “على سبيل المثال، ترصد دراستنا ميزة تنافسية لأوروبا في إنتاج الآلات المستعملة في صناعة الطاقة الشمسية، لكنها تواجه خطر التضاؤل السريع في غياب إستراتيجية مخصصة لتعزيز التنافسية الأوروبية لهذا القطاع”.

وتابع: “على الناحية الأخرى نحدد إنتاج المحولات الكهربائية بوصفه قطاعًا تبدو تبعيته مشكلة خاصة؛ ما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة”.

وبحسب العلماء؛ فصناعة الطاقة الشمسية أحد أكثر المرشحين صلةً بتطبيق واختبار فاعلية نهج السياسة الجديدة التي تسير فيها أهداف أوروبا المناخية والسيادة التكنولوجية والاستقلال الإستراتيجي جنبًا إلى جنب من أجل تحقيق أقصى استفادة من فرص الاستدامة والأمن والنمو من أجل التحول الأخضر للاقتصاد.

صعود قوي للصين

تشير الدراسة الإيطالية إلى الفجوات المتزايدة في تكاليف إنتاج مكونات صناعة الطاقة الشمسية بين أوروبا والصين خلال المدة بين عامي 2022 و2023.

ولذلك، فمن الضروري في ظل الوضع الجيوسياسي الحالي تجنّب التحول من مصادر الوقود الأحفوري ومزوديها إلى مزودين خارجيين آخرين لمكونات صناعة الطاقة المتجددة، بحسب ما قاله كريسبي.

وأضاف: “بالتأكيد، ينبغي أن تكون العملية تدريجية، ولن تكون ممكنة دون إستراتيجية صناعية أوروبية تسمح بتعزيز التكامل بين التكنولوجيا والإنتاج ووفورات الإنتاج خاصة فيما يتعلق بتطوير وإنتاج مكونات الجيل المقبل من صناعة الطاقة الشمسية“.

وفي مواجهة الصعود القوي للواردات الصينية، كان هناك ضعف على جانب الولايات المتحدة وأوروبا.

وفي أواخر تسعينيات القرن الماضي، تمكّنت الشركات الأوروبية من اللحاق بركب التقدم الذي كان على رأسه الولايات المتحدة واليابان، لكن دخول الصين إلى حلبة المنافسة غيّر المشهد سريعًا، وخلال مدة السنوات الـ10 بين 2007 و2017 تراجعت حصة الاتحاد الأوروبي بالسوق العالمية من 30% إلى 3% فقط، وأفلس عدد كبير من شركات الطاقة الشمسية أو جرى الاستحواذ عليها.

وفي الصين، رفعت الشركات الصينية قدراتها الإنتاجية على حساب كل المنتجين الآخرين، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية.

عمال صينيون في أثناء تركيب ألواح شمسية
عمال صينيون في أثناء تركيب ألواح شمسية – الصورة من “atlanticcouncil”

ولم يكن الفائض من المعروض والأسعار الرخيصة السببين الرئيسين لنجاح الصين، بحسب الدراسة.

وعلى سبيل المثال، آل مصير الإعانات التي قدّمها الاتحاد الأوروبي بغرض توسيع رقعة القدرات المركبة، إلى زيادة حادّة في واردات الخلايا الشمسية من الصين.

في المقابل، شكّلت السياسة الصناعية الصينية المرتكزة على مزيج من الاستثمارات العامة، والبحوث والتطوير، والدعم المالي، عامل نجاح آخر.

وفي الصين أيضًا، ساعد استعمال المنشار السلكي الماسي في 2018 في خفض استهلاك السيليكون بصورة كبيرة خلال عملية تقطيع السبائك، وهو ما أثر في كفاءة عملية إنتاج الألواح الشمسية.

موضوعات متعلقة..

المصدر : https://attaqa.net/2024/01/13/%d8%b4%d8%a8%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%8a%d9%86-%d9%8a%d8%b7%d8%a7%d8%b1%d8%af-%d8%a3%d9%87%d8%af%d8%a7%d9%81-%d8%a3%d9%88%d8%b1%d9%88%d8%a8%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%ae%d9%8a%d8%a9/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M