لماذا لا يلتزمُ كُثرٌ بالاشتراطات الصحية؟

حسن المصطفى

 

الجمعة، 5 يونيو الجاري، أعادت المملكة تشديد الإجراءات المتبعة في مواجهة فيروس كوفيد-19، على مدينة جدة، بعد مراجعة دورية للوضع الصحي. الخبر جعل العديد من الناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي يكتبون محذرين من “استهتار الناس”، وعدم أخذهم الحيطة الضرورية.. بعضهم ذهب إلى حد التقريع، واعتبار أن الجمهور العام يفتقد للوعي، ولذا لا بد من تشديد القوانين، منعا لحدوث موجة ثانية من الإصابات.

في ذات الوقت، كانت الأخبار القادمة من عدة دول أوروبية، والتي كانت نسبة الإصابات فيها عالية، تشير إلى عودة الحياة تدريجيا، رغم أن المملكة لم تصل للذروة وحالات الوفيات التي حدثت هناك.

وصلتني صور للمقاهي في باريس، مكتظة بالناس؛ اعتقدت في البداية أنها قديمة، ورحت مدفوعاً بحس الصحافي أتثبتُ من صحتها. وهو ما جعلني أذهب لـ”وكالة الأنباء الفرنسية”، وأتأكد، وإذا بالصور صحيحة!

قصر “فرساي” المعلمُ الفرنسي الشهير، ومتحف “البرادو” في العاصمة الإسبانية مدريد، حديقة الحيوانات في زيورخ السويسرية، وسواها الكثير من المعالم، فتحت أبوابها مجدداً. كل هذه الأخبار تصل إلى الناس، ويتداولونها بشكل مكثف في شبكات التواصل الاجتماعي، ما يجعلهم أمام مشهدين مختلفين: انفتاحٌ في مدنٍ، وإغلاقٌ في أخرى!

صحيح أن الناس في حالتها الطبيعية تميلُ إلى عدم الالتزام، وتنفر من القيود التي تفرض عليها. إنما البشرُ أيضاً يخشون الموت، ويتجنبون الأمراض، ويريدون أن يعيشوا أطول فترة ممكنة.

ما سبق يدفع إلى التساؤل: هل هنالك شريحة واسعة من الناس ترفض الالتزام بالاشتراطات الصحية، وهي غير مبالية بصحتها، أم ماذا؟

ليس هنالك مسح ميداني دقيق. كما أن التجارب السابقة تشير إلى وجود أفراد لا يعيرون السلامة العامة، عنايتهم. إنما الأهم أن نعرف نسبة هؤلاء، والدوافع التي تجعلهم وآخرون، لا يطبقون إرشادات وزارة الصحة.

أحد تلك الأسباب، أن هنالك نقصاً في المعلومات التي تعطى. بمعنى، لو تم تفصيل عدد الحالات الحرجة التي تخضع للعناية الفائقة، أو تحتاج لأجهزة تنفس اصطناعي، وأسباب وطرق إصابتها، ومدى إشغال ذلك من القدرة الاستيعابية للمستشفيات، وتأثير ذلك على الكادر الطبي، ستكون هذه المعلومات أكثر إقناعاً.

أمرٌ آخر؛ هنالك شريحة تعتقد أن فيروس كوفيد-19 يمكن التعايش معه، وأن الإجراءات التي اتخذتها الدول انحازت نحو التشدد. هؤلاء أيضاً، لا يمكن إقناعهم بالعبارات العاطفية، أو اللوم، وإنما عبر التفسير العلمي الذي يجعلهم يلتزمون من ذواتهم.

لا ننسى أيضاً، اختلاف مظاهر الحياة من دولة لأخرى. وهو اختلاف يجعل المتابع يقارنُ ويتساءل: لماذا لا نزال نحنُ في “إغلاق جزئي” فيما مدنٌ أخرى يدبُ فيها النشاط؟ هل ذلك عائد لاختلاف في البروتوكول العلاجي المتبع، أو عدد الفحوصات، أو نسبة إشغال وحدات العناية، أو المناعة التي تكونت.. أم هنالك عوامل أخرى.

الأرقام والمعلومات سيكون لها وقعها على أثر كبير من الناس. وهي ستُؤثِرُ سلامتها على أي شيء آخر. وعليه، عوض التوبيخ من بعض الناشطين، سيكون توفير المعلومات الأكثر دقة، تلازماً مع تطبيق القانون، هو السبيل الأنجع لعلاج مشكلة عدم الالتزام!

 

رابط المصدر:

http://www.alriyadh.com/1825393

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M